السعيد الموفق من حفِظَ آلاء الله وألطافه.

‏ليس هناك ارتباط حتميٌ بين علم الرجل وخُلُقه.. وإن كان المفترَض أن يحسن خلُق الإنسان كلما زاد علمه، لكن الحقيقة أن كثيراً من الناس لا يقوى على مجاهدة النفس وإصلاح عيوبها وتزكيتها بما تتلقّى من العلم وأخذها بالحزم حتى تستقيم.. فتراه مع سعة علمه عسِرَ النفس ضيّقاً بالناس شرسَ التعامل.. وقد تراه منغمساً في بعض الرذائل، فبين العلم والعمل، وبين العلم والخلُق الحسَن وزكاء النفس= عقبةٌ كؤود، هي: عقبةُ المجاهدة.

والعالِم الحقُّ هو الذي أخذ العلم بحقه، وحق العلم هو العمل والتخلُّق به.

وصلني هذا الكتاب الأنيق إهداءً من مؤلفه الشيخ الكريم طلال الجابري.. فتح الله عليه وزاده من فضله وتوفيقه، فتلقّيته بأكُفّ الشوق والامتنان، وسوف أقضي معه -بلا شك- أوقاتاً هي من أحلى الأوقات وأزكاها وأغناها للقلب والعقل.. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

حتى لو كانت قضيتك شريفة وحتى لو كنت ترى نفسك على الحق المبين، فليس في ذلك أي مسوغ لأن تُخطئ الأسلوب وتتحامل على المخالفين وتتهمهم في دينهم وتصِمهم بالخيانة.. فنصرة الحق لا تكون بالباطل، خاصةً إذا كان الموضوع سياسياً ويختلف فيه تقدير المواقف وتحديد الأولويات..
والخطأ في هذا الأصل هو من أعظم أسباب الشقاق الواقع في الأمة، وأكثر من يؤججه هم الشباب المدفوعون بالحمية والحماس دون أدنى وعي أو علم.

بعض الناس إذا كان يغلب على نشاطك وكتاباتك الجِدّ يستنكر منك الضحك والإضحاك، ويراه لا يليق بك.. كأنك قد خرجت عن إنسانيتك!

إي وربي
نسأل الله أن يغفر لنا ولكم ويرحمنا وإياكم

صبحكم الله بعفوه ورضوانه وكفاكم ما أهمكم.

أتعلم ما أخطر ما في الذنوب؟

أخطر ما في الذنوب: اعتيادُها..

أن يصبح المرءُ يتخوّض فيها دون أن يتمعّر وجهه ويضيق صدره، ودون أن يُحدِث لها توبة.

"قال عبدُ اللهِ ابنُ مسعودٍ رضي الله عنه:
إنَّ المؤمنَ يرَى ذنوبَه كأنه في أصلِ جبلٍ يخافُ أنْ يقعَ عليه وإنَّ الفاجرَ يرَى ذنوبَه كذبابٍ وقع على أنفِه قال به هكذا ، فطار ".

نعوذ بالله من الفجور.

..

..

‏كثير من الكرماء المتجمّلين لا يبحثون عن الشكر والثناء، لكنهم أيضاً لا يكرهونه! بل يسعدون به ويتحفّزون غاية التحفز.. والقوم الذين يضطرون الكريم إلى أن يقول: ألا تذكرون أني فعلتُ كذا وكذا، لا شك أنهم قومُ سوء ولؤم.

لحظات الضعف
والانكسار
هي الأخطر
والأقرب إلى هاوية الانحراف
أعاذنا الله وإياك.

صلاة الجمعة ويوم الجمعة نعمة عظيمة، لكنا ألفناها كما ألفنا كثيراً من النعم حتى لم نعد نشعر بوجودها..
اللهم ارزقنا ذكر نعمك وشكرها.

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد

الشعر الجدير حقاً بكلمة (شعر) هو صلة تصلنا بعالم الروح.. هو خطوة إلى المجهول المدهش الذي تتعلق به نفوسنا، نعجز عن تلك الخطوة فيخطوها الشاعر عن الإنسانية كلها، ويعود بالقصيدة فيُخبّرنا عما رأى!

تعمّد أن تُثني على أقرانك، وتدعو لهم، أمامهم وبظهر الغيب، وأن تعلن استفادتك منهم متى كان ذلك، وألّا تنازعهم القول في المجالس.. ففي هذا تربية للنفس، وأطْرٌ لها على التواضع والتجرد للحق وسلامة الصدر.

والله لكأننا صلينا الجمعة قبل يومين! كيف صار الزمن يُطوى بهذه السرعة طَيًّا؟!
اللهم بركةً في الأعمار وصلاحاً في الأعمال، أنت المستعان ولا حول ولا قوة إلا بك.

قد أستمع لكلامٍ في موضوع لا يعنيني كثيراً؛ ذلك لأني أعرف أن المتحدث عاقل، فأنا أقبس من عقله، وأرصد مخايل حكمته وفطنته من كلماته وإشاراته.

كثيراً ما يكون داؤك من البشر، ودواؤك أيضاً منهم..
تعاشر أحدهم فيُجرّعك المرارات ويعاملك بأصناف الجحود والأذى، وتُلاقي آخر فيَستَلُّ من صدرك كلَّ ألم، ويُنسيك ما كنت فيه من كروب.. هكذا جُبلت الدنيا، فالحمد لله أن جعلنا في هذا كلما أُصيبت منا رئةٌ تنفّسنا بالأخرى!

الذكريات حين تُروى كأن الراوي يعيشها مرةً أخرى، وكم نرى ذلك في كبارنا، فقد تذرف من عين الواحد منهم دمعة عند الذكرى الحزينة، أو تراه يضحك بملء فيه عند الذكرى الطريفة المبهجة.. ولا اعتبار لتطاول الزمن في هذا، خاصةً عند ذوي الأنفُس الحية الرقيقة.

في هذا النص يبتدئ الشيخ حمد الجاسر -رحمه الله- مقالةً حزينة بهذه الكلمات، وكأنه يتكلم عن حدثٍ كان بالأمس القريب، لا حدثٍ يفصله عنه أكثر من نصف قرنٍ من الزمان!

‏سليم الصدر -وإن كان له أدنى فطنة- فإن له حساسية عالية ضد الخبث والخبثاء.. حتى وإن ظنه غيره غافلاً لا يميّز.. لأن من طبيعته أنه لا يتكلم فيما لا يعنيه ولا يكثر الشكوى، لكن في الحقيقة ما أسرع ما يُعرِض عن كل خبيث وينفر منه.. كالجسم الصحيح ما أسرع ما يستشعر "الفيروسات" ويُحيِّدها ويحاربها.

‏القرآن نورٌ عظيم
‏يراه المؤمن فيستنير به
‏ويرى منه المنغمسُ في معاصيه بصيصاً أو وميضاً خافتاً، أو حتى لا يرى منه شيئاً، بحسب تكاثف ظلمة المعصية عليه.
‏والتوبة الصادقة تجلو عينَ البصيرة حتى ترى ذلك النور ساطعاً، وتنعم بهداياته.