Telegram Web Link
من يُذكِّر ترامب الذي يتوعد باحتلال قطاع غزة وتهجير سكانه:

- أنه هو صاحب صفقة القرن التي عمل عليها بكلِّ قوة، وبقي الشعب ورحل هو، ثم عاد دون أن يلتقط الدرس.

- وأنَّ معركة طوفان الأقصى كانت الولايات المتحدة شريكًا مركزيًّا فيها مع الكيان الصهيوني، وأن ألفي جندي أمريكي كانوا ضمن القوات الصهيونية، وأن طاقمًا إداريًّا كان يشارك في إدارة المعركة، وأن البوارج الأمريكية المُحَمَّلة بعشرات المقاتلات كانت رابضةً في البحر، وأن الصواريخ والقذائف التي كانت تنهمر علينا انهمار المطر هي صواريخ وقذائف أمريكية.

- وأن المعركة التي استمرت خمسة عشر شهرًا بقصفٍ بركانيٍّ مجنونٍ لم يتوقف يومًا واحدًا كان هدفه الأكبر ترحيل سكان قطاع غزة!

إنَّ فتنة القوة تخفي عن صاحبها رؤيةَ المشهد حتى يكون ضحيةً لقوته، وذلك بالقدر الذي يعلم معظم البشر نتيجة الغطرسة ونهاية المتغطرس ولا يكاد يجهل ذلك إلا الشخص المتغطرس نفسه، وهكذا يذل الله الجبابرة الظلمة، وهو سبحانه الغالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
لقد اشتدت الرياح، وطارت الخيام، وتناثرت الأمتعة، وعظمت الشدة، وزاد البرد، وحضرت الأمراض، وكانت اللأواء، وعشرات آلاف الخيام ما زالت محبوسةً عن أهل غزة لم يسمح بدخولها الظالمون.

يا أهل غزة:

إنَّ العلاقةَ متينةٌ بين الاصطفاء والابتلاء، وإن الفضل الذي يختص الله به بعض الأزمنة أو الأمكنة أو الأشخاص يقابله تشديدٌ في الابتلاء.

فمن ارتفع فضلًا واصطفاه الله وائتمنه على مقامات الدين كالعلم والدعوة والجهاد.. فالمؤاخذة في حقه أشد، والأجر المرصود له أكثر وأعظم.

والبلد الفاضل الذي يزيد قدرُ المرء بالمقام فيه تَعظُمُ فيه الشدائد، وتَكثُرُ فيه اللأواء، ولهذا جاء الربط بين الإمامة في الدين وبين الصبر واليقين كما قال سبحانه: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة: 24].

اللهم أنزل برد الصبر والرضا والشكر واليقين على أهل الابتلاء، وأنزل عونك وغوثك بهم، وتجاوز عنهم وتقبل منهم وارفع درجاتهم.
اللهم اجعل الواحد منهم على طريق نبيك أيوب الذي قلت عنه حين نزلت به أصناف الابتلاء: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: 44].
بصراحةٍ وبدون أيِّ مبالغة:

الذي أعلنته قيادة المقاومة من تعليق الإفراج عن أسرى العدو حتى يلتزم العدو ببنود اتفاق التهدئة ويقوم بتعويض استحقاق الأسابيع الماضية بأثرٍ رجعي شيءٌ استثنائيٌّ في لغة الخطاب مع الأعداء في هذا العصر، وفيه إشعارٌ للعدو بعدم الاكتراث بحربه المجنونة التي سحق فيها كلَّ شيء والتي استشهد فيها عددٌ كبيرٌ من قيادات المقاومة، وتهميشٌ مُذِلٌّ لترامب الذي يهدد ببيع غزة وترحيل سكانها في نفس الوقت الذي يصدر فيه الإعلان.

أحسب أن هذا التصرف والذي لا يخلو بالمنطق السياسي من مغامرةٍ سيكون من جملة المآثر التاريخية التي ستُذكر على امتداد السنين، ويتناقلها الناس، وتكون برهانًا على بركة الجهاد وعزة المسلم وأنه وإن ضعفت قوته إلا أنه قد يبقى ممتلكًا للبأس الشديد.
في عالم الواقع والسياسة تقلُّ مساحةُ غير ممكن الحصول، أريد بذلك أن العودة للقتال بعد المستجدات الأخيرة يمكن أن تحصل، لكن الظن الغالب القوي أنها لن تكون، وأنَّ شدة المعركة قد انتهت.

إلا أن العدو سيحرص في الأشهر القليلة القادمة على إبقاء حالةٍ من الاضطرابٍ فيما يدخل إلى البلد من متطلبات العيش وأساسياته؛ لئلا يكون الانفراج الاقتصادي كالمكافأة لمن قاتلوه وقاتلهم.

لكن الانفراج سيبقى في تصاعدٍ وزيادةٍ لا لكرمٍ فيهم؛ بل لأن غزة مهابة الجانب، وهم يخافون أن تتكرر هجمات السابع من أكتوبر لو زادوا من التضييق بأهل البلد، وهذا يؤذن بأنَّ ميزان الردع وإن كان لصالح العدو على الصعيد التكتيكي إلا أنه لصالح المقاومة على الصعيد الاستراتيجي.

والله غالبٌ على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
تهجير سكان غزة أمنية المحتلين الغزاة والجبابرة الطغاة، لكن هذه الشوكة الجهادية لن تُكسر بإذن الله؛ إذ لا يذل قومٌ جاهدوا في سبيل الله واستفرغوا الوُسعَ في ذلك، بل لهم الغلبة والظهور على من عاداهم بإذن الله وقوته وفضله، وستبقى هذه المدافعة قائمةً إلى ما شاء الله.

فقد روى أبو داود عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال" صححه الألباني.

وهذه الطائفة وإن تفرقت في الأمة إلا أنها تتركز في أرض الشام بشكلٍ عام وفي بيت المقدس وأكناف بيت المقدس بما فيها غزة بشكل خاص.
إخواني الكرماء:
كنت قد نوهت بكتاب (أنيس المتعبد) ليُقرأ بين يدي رمضان، وهنا أعيد نشره، وأضع رابط الحلقات التي نُشرت في مدارسة ما تيسر منه، وهي عشر، وهناك أربع حلقات سُجِّلت في المعتكف العلمي قبل الحرب لكنها لم تنشر.
وأزيد هنا بتنزيل نسخة صوتية لمن أحب أن يستمع للمحاضرات أنزلها شيئًا فشيئًا إن شاء الله.

ودونك رابط الحلقات المرئية:
https://www.youtube.com/watch?v=--E6QFjAlng&list=PLcLQwrUNTwBckWMWjDYSEAVMZdEbdMXCy

ودونك إعادة نشر الكتاب:
مدارسة كتاب "أنيس المتعبد" (1) الافتتاحية، مركزية تزكية النفس في التصور الإسلامي
مدارسة كتاب "أنيس المتعبد" (2)  سر العناية بالثغر التربوي في المواسم الفاضلة (1)
مدارسة كتاب "أنيس المتعبد" (3)  سر العناية بالثغر التربوي في المواسم الفاضلة (2)
مدارسة كتاب "أنيس المتعبد" (4) الأصول التربوية (1)
مدارسة كتاب "أنيس المتعبد" (5) الأصول التربوية (2)
مدارسة كتاب "أنيس المتعبد" (6) الأصول التربوية (3)
مدارسة كتاب "أنيس المتعبد" (7) الأصول التربوية (4)
2025/10/25 18:47:25
Back to Top
HTML Embed Code: