Telegram Web Link
‏كلهم يعرفون في قرارة أنفسهم أن النظام ضعيف وأن جيشه متهالك وأن البلاد مهددة وأن العدو قادر على الاحتلال..

‏ولكنهم يتغنون بالوطنية وبالجيش و.. و.. إلى آخره.! بغرض قهر الناس وكبتهم وإذلالهم وإسكاتهم عن حقوقهم وانتهاك كرامتهم!!

‏وأما هذا الكلب فأهون وأدنى من أن أتكلف الرد عليه!!
كيف يقف ضد التهجير، وهو قد أزال رفح المصرية؟!

كيف يقف ضد التهجير، وقد نسف وأغرق الأنفاق التي تمدّ أهل غزة بالحياة وبالسلاح الذي يمنعون به التهجير؟!

كيف يقف ضد التهجير وهو يتواطأ ويعذب ويحاصر أولئك الذين يقاتلون بأنفسهم ويضحون بحياتهم لا لمنع التهجير فحسب بل للتحرير؟!

كيف يقف ضد التهجير، وهو يتعاون أمنيا وعسكريا مع الصهاينة ويهجِّر أهالي شمال سيناء من أراضيهم المغروسين فيها؟!

كيف يقف ضد التهجير، وقد شق قناة ثانية تضاعف المانع المائي الذي عبرناه بمعجزة عسكرية لتصير المعجزة مستحيلة؟!

كيف يقف ضد التهجير، وهو لم يحاول تعمير سيناء ولا ملأها بالسكان طوال 12 عاما؟!

كيف يقف ضد التهجير، وهو يسن القوانين التي تسمح للأجانب بتملك الأرض في سيناء.. أي: بالتفاف بسيط يمكن للصهاينة شراء الأراضي في سيناء؟

كيف يقف ضد التهجير، وهو يمول الخزانة الصهيونية بـ 35 مليار دولار ويرهن قطاع الطاقة المصرية لجيل قادم؟!

كيف يقف ضد التهجير، وهو قد تخلى عن كل أوراق الضغط التي يمكن أن يساوم بها الصهاينة:

- الجزيرتان في مدخل خليج العقبة اللتان تحبسان إسرائيل (تيران وصنافير) وتمسكان بخناقها.. هذه وحدها نقطة قوة لا يمكن أن يفرط فيها أي سياسي ولو كان نصف خائن!

- حقول غاز المتوسط!

- الأراضي الساحلية على البحر الأحمر التي صارت متاحة لمشاريع استثمارية، والتي لا تذهب في الواقع إلا لجيوب صهيونية ملتحفة بثياب عربية!!

كيف يقف ضد التهجير، وهو الذي قال بلسانه لسيده البرتقالي: "هتجدني وبقوة أيضا داعم وبشدة كل الجهود اللي هتبذل من أجل إيجاد حل لقضية القرن، صفقة القرن، اللي انا متأكد إن فخامة الرئيس هيستطيع إنه ينجزها"

كيف يقف ضد التهجير وهو يضعف القوة الطبيعية للبلد: نهر النيل، الأصول، الديون، التفريط في أمن الحدود الغربية والجنوبية التي صارت بيد تابعين لعملاء الصهاينة؟!!

لئن امتد بنا العمر، أو متنا قبل ذلك، فينبغي أن يحاكم هو بتهمة الخيانة.. وينبغي أن يحاكم كثيرون غيره بتهمة التخلف العقلي والتمكين للخيانة!!
بعض كتب أخيكم في معرض بغداد للكتاب

- خلاصة تاريخ الإسلام (3 مجلدات)
- في أروقة التاريخ (5 مجلدات)

تجدونها في ديوان الشناقطة c13
سارع البعض إلى إرجاع الفضل في فشل محاولة اغتيال القادة في الدوحة إلى الدولة الفلانية أو العلانية.. نعم، هؤلاء في العموم سذج ينبغي أن نتوجس منهم، وربما نشفق عليهم!!

ولكن أن يسارع بعض المحللين المهذبين والمتحفظين، إلى الحديث عن "انتظار ردة فعل عربية".. فهذا ينبغي أن نجعلنا أكثر توجسا وربما شفقة عليهم من الأولين!!

ردة فعل!!

أبعد عاميْن من الطوفان الفاضح الكاشف لم نعرف أن الأنظمة في هذا الشرق الأوسط، أحسن ما فيها عاجز، وأقوى ما فيها ضعيف.. والبقية خائن يعمل بجد ونشاط وفاعلية في تمكين الصهاينة؟!!

تعالوا نعترف ونقرر بالحقيقة المُرة، ولو لمَرّة واحدة.. حتى لو فعلنا هذا بيننا وبين أنفسنا، وحتى لو فعلناه على شبكات التواصل الاجتماعي وحدها.. فإن هذا الكلام ممنوع على القنوات والصحافة:

لن ينكسر الصهاينة حقا، ولن يرتدع الأمريكان، إلا بفعل "استشهادي" على نحو ما فعله أصحاب الطوفان..

وهذه النفسية يستحيل أن توجد عند رؤساء الدول والملوك والأمراء، فتلك نفسية لا يفهمها صاحب الدولة والحكم الملتصق بمنصبه، أو الذي يفكر في الكون من منظور "دولته".. فأولئك أبعد الناس عن التفكير بالآخرة والجنة والواجب نحو الأمة والدين والرسالة!

حسنا.. إن لم يستطع هؤلاء أن يكونوا بمثل تلك النفسية، فلن تتم لهم النجاة من مصير الذل في الدنيا، ومن مصير خيانة "حلفائهم" لهم.. إلا بالدعم المخلص العنيد لهذه الثلة القليلة "الاستشهادية" في هذه الأمة.. الحركة الخضراء ومثيلاتها.. وهم موجودون وإن لم يكونوا كثرة..

عندئذ فقط قد يشعر الصهيوني بالتهديد الحقيقي، وقد يشرع الأمريكان في إعادة حساباتهم وإعادة التفكير في طريقة معالجتهم للأمور.. لأن الأمور تنفلت من بين أيديهم.

ولكن هذا الخيار أيضا بحاجة إلى نفسية صلبة عنيدة، متجردة مخلصة، ترجو الله والدار الآخرة وتنظر إلى واجب الدين والأمة والرسالة.. وتحسب حسبة المصالح والمفاسد بعد أن تدخل في عناصر هذه الحسبة: الجنة والنار، ومصير الأمة المسلمة، ومصير المسجد الأقصى والكعبة المشرفة!!

وإنك إذا نظرت في حال الأنظمة القائمة لوجدتَ هذا أبعد شيء عنهم: عن عقولهم وعن نفوسهم وعن طبائعهم!!

إن كلاما كثيرا يمكن أن يُقال، ولكنه يُختصر في هذه الآية {وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون}

ولو أردتَ أن تختبر صحة هذا الكلام من خطئه، فتصوَّر معي عزيزي القارئ، لو أن هذه الحركة الخضراء وجدت دعما حقيقيا وصادقا ومخلصا من الأنظمة العربية منذ أن نشأت.. بل منذ أن بدأ الطوفان..

تأمل فقط، ماذا لو انقطعت أوجه الدعم العربي: الاقتصادية والإعلامية والسياسية عن الكيان.. وتُرِك وحده يواجه التفاعلات الطبيعية للشعوب، حتى دون أن تتدخل الأنظمة بفعل إيجابي في دعم الطوفان.. فقط: لو تركوا التفاعلات الطبيعية الشعبية، ورفعوا أيديهم عن دعم الكيان!!

هل كان يجرؤ الكيان -والحال هكذا- أن يبقى في الحرب إلى هذه اللحظة؟!!

فهل كان يجرؤ أن يطير بطائراته الحربية ليقصف البلد -وسيط التفاوض- بعد أن يمر على بلديْن آخريْن على الأقل؟!!

إن كل ما حصل وما يحصل إنما هو نتيجة أمريْن يتفاعلان معا: الخيانة والشلل.. الخيانة التي تجعل الصهاينة يضربون حيث شاؤوا وهم مطمئنين تماما.. والشلل الذي يجعل الآخرين يستميتون لتفويت الفرصة وسحب الذريعة وعبور المرحلة دون الانخراط في مواجهة!!

وكل تأخر لهم في الانخراط فيها، يؤدي إلى انخراطهم فيها وقد فقدوا كل أنواع المبادرة وكل أوراق القوة والمساومة..

فلا تتحدثوا الآن -يا أصدقاء- عن رد فعل مرتقب.. اللهم إلا إن كان رد الفعل المرتقب بيانات من مجلس الأمن والجمعية العمومية وأوراق سقفها: قرارات من محكمة دولية، لن يساوي الحبر الذي كتب به!!
قبل أن نخلد إلى النوم الخليّ من راحة البالِ.. نوجه تحية عاطرة للشعب النيبالي!!

ومن يدري.. لطالما تكلم المؤرخون عن تأثير الفراشة!

ولطالما تكلم المؤمنون عن جنود ربك التي لا يعلمها إلا هو!!
"كانت رعاية المعرفة عنوانا من أعظم عناوين المجد عند الحكام المسلمين في جميع الأجيال"

المستشرق الألماني الموسوعي كارل بروكلمان
تاريخ الشعوب الإسلامية، ص409.
- كلمة في شأن الضربة الإسرائيلية لقطر
- لماذا يعد الحسن بن علي معيارا فاصلا بين الإيمان والانحراف؟
- ما هي أحوال قريش السياسية والاقتصادية والدينية قبل غزوة أحد؟
- كيف سارت الأحداث نحو حرب جديدة بين المسلمين وقريش؟
- ما موقع غزوة أحد بين الغزوات في السيرة النبوية؟

https://youtu.be/Nqn2nxWS4f4
في مثل هذا اليوم (13 سبتمبر 1882م) هُزِم الجيش المصري بقيادة الزعيم الإسلامي والبطل الكبير أحمد عرابي.. وهو الأمر الذي ترتب عليه احتلال مصر لسبعين سنة..

وقد نزل الإنجليز لاحتلال مصر، بعد أن بدا أن الثورة العرابية المباركة ستطيح بنظام أسرة محمد علي، ذلك النظام الخائن التابع للأجانب، والذي أذلَّ المصريين وقهرهم واستصفى أموالهم واستباح كرامتهم، وجعل من هذا البلد الطيب دجاجة تبيض ذهبا للأجانب..

فجاء الاحتلال بنفسه، لما بدا أن النظام العميل على وشك السقوط..

وتلك كانت المرة الأولى في تاريخنا -ولم تكن الأخيرة- التي ترى فيها الأمة اتحاد الطغيان والاحتلال عليها.. وتستيقن بالتجربة والمعاناة أن الأنظمة الحاكمة هي أنظمة احتلال بالوكالة، وأنها مقدمة للاحتلال الأجنبي.. فالاحتلال هو سندها ودرعها وخط إمدادها..

وقد خاب قومٌ وتعسوا إذا اعتقدوا أن الأنظمة المعاصرة هي أنظمة وطنية ومستقلة.. وإن لم يستفيقوا قبل الاحتلال، فستأتيهم الاستفاقة بعد فوات الأوان.. ولو أني أقسم على الغيب لأقسمت أن منافقي الأنظمة اليوم، أولئك الذين يتحدثون عن الوطن والوطنية، هم الذين سيكونون منافقي الاحتلال غدا!!

في أسباب هزيمة الثورة العرابية وتداعياتها، وهل كان من أسبابها منشور العصيان الذي صدر عن السلطان العثماني.. يمكن إلقاء نظرة على هذه المقالات والمرئيات:

مقال | لهذا فشلت الثورة العرابية
https://melhamy.blogspot.com/2017/09/blog-post_6.html

مقالان | دروس من الثورة العرابية المهزومة

http://melhamy.blogspot.com.tr/2015/07/blog-post_4.html
http://melhamy.blogspot.com.tr/2015/07/blog-post_11.html

مقال | لماذا تخلى السلطان عبد الحميد عن أحمد عرابي ووصفه بالعاصي؟
melhamy.blogspot.com/2015/07/blog-post_21.html

دراسة | موقف السلطان عبد الحميد الثاني من الثورة العرابية
https://www.tg-me.com/kotob_elhamy/52 - المجلد 3/ 193 وما بعدها

مقال | مصانع الخيانة
https://melhamy.blogspot.com/2018/10/blog-post.html

مقال | رأي الغزالي في أحمد عرابي
http://melhamy.blogspot.com/2018/03/blog-post_7.html

مقال | معارك المصطلحات في الواقع الإسلامي
https://melhamy.blogspot.com/2015/09/blog-post_22.html

فيديو | ويبقى الأثر 2 | 15. مذكرات أحمد عرابي
https://youtu.be/aZWce3wLmJ0

- لماذا فكر أحمد عرابي في ردم قناة السويس.. هذه مقالات ودراسات في شؤم قناة السويس ولعنتها المستمرة منذ نحو قرنين حتى يومنا هذا

https://www.tg-me.com/kotob_elhamy/52 -
المجلد 1/ 261 وما بعدها
المجلد 3 / 387 وما بعدها.
#أوقفوا جميع أنشطتكم..
سلّطوا البوصلة على #غزة وعلى تفاصيل حرقها وسحقها وقهرها، وعلى تشريد وإخرج أهلها..
وجّهوا إليها #البوصلة بتركيز ونشاط..
#النّازلة الآن #تفريغ غزة مع كثرة النّوازل..
دعوكم من متابعة تفاصيل #ملهاة العلاقة والتعامل بين أمريكا وامتدادها العربي في المنطقة.
درس مهم في مستقبل أفغانستان

محمد إلهامي - مجلة الصمود - إمارة أفغانستان الإسلامية - عدد سبتمبر 2025م.

أبدأ هذا المقال باعتذار لإخواني في الإمارة الإسلامية بأفغانستان، فلقد شغلتنا المصائب القريبة في مصر وفلسطين ومنطقتنا العربية عن متابعة أحوالهم والعناية بها على النحو اللائق. على أن لهذا النسيان جانب طيب، وهو ما لدينا من الثقة في قيادة هذا البلد، تلك القيادة التي أنجزت التحرير، وأنجزت معه معركة التفاوض.. ومن طبيعة المرء أن ينشغل عن الأمر الذي يتولاه الكفء ثقة فيه، ثم يذهب للاعتناء بالأمر الذي لا يجد الأكفاء!!

وقد بدأت بهذا الاعتذار، لأنني سأذكر في هذا المقال أمورًا لستُ أدري ماذا تكون سياسة الإمارة الإسلامية فيها: هل هم يعرفونها ويقومون بها، أم ثمة قصور في المعرفة أو في التطبيق. فإن كان الأمر على ما يرام فالحمد لله رب العالمين، وإن كانت الحاجة إليه قائمة، فتلك السطور هي أهم ما يرى مثلي أنها أمور أحق بالعناية بها.

لقد احتفلنا –وحق لنا الاحتفال- بالتحرر الأفغاني من الاحتلال الأجنبي، وقد مضى من الوقت ما يكفي لأن ننتقل من مقالات الاحتفاء والاحتفال إلى مقامات النصح والبيان، فالدين النصيحة، وهو واجبٌ علينا في كل وقت.

وإن من أشد ما أخشاه للتجربة الأفغانية، بل ولكل تجربة إسلامية أخرى أدركت التحرر، أن تذهب في اتجاه: بناء دولة حديثة مركزية، كما هو النموذج الشائع في العالم كله، وإن نموذج "الدولة الحديثة" هو نموذج شديد الإغراء لكل منتصر وزعيم، وذلك أنه يوافق لذة نفسه في تمكين سلطته، وهو يوافق النظام العالمي القائم، وقد يرى المنتصر المُحَرِّر أن إقامة هذا النموذج هو الذي يحقق بالفعل مصلحة البلد ويقيها أخطار التمزق والتفرق! وقد يجد في علماء المسلمين من يتقبل نموذج الدولة الحديثة هذا ويرى له تخريجا إسلاميا يجعله غير مخالف للدين.. وهكذا.

أريد أن أقول هنا إن من أعظم مزايا الإسلام، ومن أعظم معجزاته في بنائه لنظامه السياسي أنه كان ضد فكرة الدولة الحديثة ومنطقها، حتى قبل أن توجد هذه الفكرة في واقع الناس!
لقد حرص الإسلام على بناء سلطة قوية نعم، لكنها سلطة محدودة الصلاحيات، تهتم بجوانب الأمن والدفاع وما يتعلق بهما، وأما بقية الجوانب والأنشطة من الاقتصاد والتعليم والثقافة وغيرها، فهي من شأن المجتمع الذي ينطلق لخدمتها وإشباعها، فالسلطة لا تهيمن عليها ولا تتحكم فيها، إنما تدعمها وتراقبها.

ومن هاهنا اهتم الإسلام كثيرا بتقوية المجتمع وتمتينه وتعميق روابطه: روابط الإسلام والأرحام والجوار، وكانت عبادات الإسلام وشعائره وأحكامه ميدانا خصبا لتنمية هذه العلاقات وتقويتها، بحيث ينشط المجتمع من تلقاء نفسه ولا يكون رهينا بالسلطة!
إن شرح هذا يطول، ولعل من أراد الاستزادة أن يرجع إلى كتابيّ "منهج الإسلام في بناء المجتمع" و"سبيل الرشاد".

ومن أهم ثمرات هذا الوضع أن الحضارة الإسلامية واصلت ازدهارها حتى في أوقات ضعف السلطة أو انهيارها، ومن أهم الثمرات أيضا أن السلطة إذا انهارت كان المجتمع قادرا على مقاومة المحتل الأجنبي واستئناف مقاومة شعبية، كما أنه كان قادرا على تدبير شؤون نفسه وإدارتها بمعزل عن سلطة الاحتلال أو سلطة العملاء.

وتلك كانت العقدة التي واجهت الأمريكان في احتلال أفغانستان، والتي عبَّر عنها صُنَّاع القرار عندهم، إن قوة المجتمع وضعف السلطة الأفغانية جعل الاحتلال الأجنبي لا يعرف كيف يقضي على المقاومة، ولا كيف يمسك بخناق هذا الشعب الباسل، إن المقاومة روح عامة سارية، والشعب يمكنه أن يدير نفسه دون احتياج إلى السلطة، وبذلك فشلت محاولاتهم في إنشاء سلطة مركزية على نمط الدولة الحديثة، تلك السلطة التي تستطيع أن تكبل المجتمع وتقيده.

سأذكر بعض تلك الأقوال التي سجلوها بأنفسهم في كتبهم، لكي يطِّلع إخواننا الأفغان على أهمية هذا الأمر، ومن خلاله يطَّلعون على خطورة أن يذهبوا باتجاه إقامة دولة حديثة ذات سلطة مركزية مهيمنة، وذلك كي تبقى مسيرة بناء الحكم الجديد متسقة مع الإسلام أولا، ونافعا للشعب الأفغاني ثانيا، ومخالفة لهوى الأعداء ثالثا..

أوردت كونداليزا رايس –وقد شغلت منصبي وزير الخارجية ومستشارة الأمن القومي الأمريكي- في مذكراتها أن بول وولفوتيز، معاون وزير الدفاع الأمريكي رامسفيلد، اقترح أن يكون البدء بضرب العراق لا أفغانستان، مع أن العراق لا علاقة له بأحداث سبتمبر، والسبب في ذلك أن مواجهة جيش نظامي في العراق سيكون أسهل كثيرا، مما يمكن معه تحقيق نصر سهل وسريع تحتاجه المعنويات الأمريكية! لم يؤخذ برأيه في نهاية الأمر لأسباب سياسية، لكن الرجل قد كشف عن السرِّ، وهو السر الذي تحقق بالفعل كما نراه جميعا[1].

لقد كان تركيز الأمريكان، كما يقول روبرت جيتس الذي تولى منصبي مدير المخابرات الأمريكية ثم وزير الدفاع بعد رامسفيلد، هو: "في إنشاء حكومة مركزية قوية في بلد لم يسبق له عمليا أن كانت فيه حكومة"[2].
والأمريكان يحبون تسمية الدولة غير المهيمنة على كل شيء باسم قبيح، "الدولة الفاشلة"، لا لكونها تفشل في خدمة شعبها، بل لكونها ثغرة في جدار النظام الأمني العالمي الذي يخدم أمريكا، تقول رايس: "تبين لنا أن الدول الضعيفة والفاشلة تشكل تهديدا أمنيا خطيرا على الولايات المتحدة. فهي لا تستطيع السيطرة على حدودها، وقد تصبح الملاذ الآمن للإرهابيين، لذلك فإن إعادة بنائها يشكل مهمة ضخمة وهامة في آن... ومع أن هذه الفرق (فرق الإعمار الإقليمي) كانت متنوعة التركيب والنشاط إلا أن لها جميعا هدفا واحدا، هو مد سلطة الحكومة الأفغانية المركزية"[3].

وهذه العبارة الأخيرة ذاتها يقولها أيضا روبرت جيتس، "كانت عشرات الدول والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية منخرطة في محاولة مساعدة الأفغان على تأسيس حكومة فاعلة"[4].

وقبيل الانسحاب الأمريكي من أفغانستان كان هنري كيسنجر متأسفا على الخطأ الذي قام به أوباما حين حدد مواعيد نهائية لانتهاء المهمة في أفغانستان، وذلك أن كيسنجر يرى أن هدفا مثل تأسيس حكومة مركزية في بيئة أفغانية هو شيء لا يمكن أن يُلتزَم فيه بالوقت، لكونه يحتاج أمدا طويلا.. والسبب في هذا أن أفغانستان لم تتعود على هذه الحكومة المركزية، يقول: "فقدنا التركيز الاستراتيجي. لقد أقنعنا أنفسنا أنه في نهاية المطاف، لا يمكن الحيلولة دون إعادة إنشاء القواعد الإرهابية إلا من خلال تحويل أفغانستان إلى دولة حديثة ذات مؤسسات ديمقراطية وحكومة تحكم البلاد بطريقة دستورية. ومثل هذا المشروع لا يمكن أن يكون له جدول زمني قابل للتوافق مع العمليات السياسية الأمريكية"، ويواصل قائلا: "إن بناء دولة ديمقراطية حديثة في أفغانستان، بحيث تسري أوامر الحكومة بشكل موحد في جميع أنحاء البلاد يعني ضمنا أن يكون هناك إطار زمني يمتد لسنوات عديدة، بل عقودا؛ وهذا ما يصطدم مع الطبيعة الجغرافية والعرقية الدينية لأفغانستان. لقد كان تناثر مناطق أفغانستان، وعدم إمكانية الوصول إليها وغياب السلطة المركزية هي على وجه التحديد التي جعلت منها قاعدة جذابة للشبكات الإرهابية في المقام الأول"[5].

وكان هنرى كيسنجر نفسه، حين بدا له الانسحاب الأمريكي وشيكا من أفغانستان، قد أراد تحريض سائر دول المنطقة ليكملوا هم ما فشل فيه الأمريكان، فنادى على باكستان وإيران وروسيا والصين، أن انهضوا للحفاظ على أمنكم بعد أن يرحل الأمريكان عن أفغانستان، فأنتم أشد حاجة من أمريكا إلى هذا الأمان[6].. وصدق الذي قال: برز الثعلب يوما في ثياب الواعظين!
تحتاج التجارب الإسلامية اليوم إلى اجتهاد ذكي ومنضبط، يراعي تنزيل الشرع الإسلامي على أرض الواقع غير الإسلامي، وفي بيئة المنظومة الدولية التي شكلتها الهيمنة الكُفرية على العالم، فإنه لن يمكننا الانخلاع من العالم ولا من تقاليد الحكم فيه مرة واحدة، كذلك لن يمكننا تطبيق الإسلام كما كان في عهد النبي والراشدين دفعة واحدة. يجب على الأقل أن نعرف ماذا نريد وأن نحث السير إليه، حتى لو كانت الظروف لا تسمح بتطبيق ما نريد على النحو الذي نريد.

وفق الله رجال الإمارة الإسلامية لما فيه خير البلاد والعباد.. وأسأل الله تعالى كما أيدهم بالنصر على أعدائه وأعدائهم أن يؤيدهم بالنصر على أنفسهم وأن يستعملهم في مرضاته وأن يُمَكِّن لهم خير ما يمكن به لعباده الصالحين.

-------

[1] كونداليزا رايس، أسمى مراتب الشرف، ص114، وما بعدها.
[2] روبرت جيتس، الواجب، ص238.
[3] كونداليزا رايس، أسمى مراتب الشرف، ص139.
[4] روبرت جيتس، الواجب، ص248.
[5] مقال هنري كيسنجر في الإيكونوميست بتاريخ 25 أغسطس 2021م.
[6] هنري كيسنجر، النظام العالمي، ص313، 314.
من بين بقية البلاد، لا يمكن لحكام العرب أن يكون لهم عذر في هذا العار المجلل الفاضح الذي يغشاهم ويلطخهم..

أكثرهم له في الحكم سنين طويلة، بعضهم يقارب ثلاثين سنة في كرسيه.. لو كان مخلصا لكان نقل بلاده نقلة هائلة!

يسيطرون على بلادهم بالحديد والنار، لا تؤرقهم معارضة سياسية ولا يعرقلهم برلمان حر، ولا يشوش عليهم إعلام مستقل.. الناس تحتهم بين ساكت ومسجون وطريد ومنافق يسبح بحمدهم.. فلو كان الواحد منهم يعمل حقا لمصلحة بلده لنقلها نقلة هائلة!

أكثر بلادهم بلاد غنية الموارد، نفط وماء ومعادن وثروات ومضايق بحرية مهمة وطرق برية حيوية.. فلو كان الواحد منهم وطنيا حقا لنقل بلاده نقلة هائلة!

أغلبهم ليس في محيطهم عدو تاريخي.. بل الكل جيران متحدون في الدين واللسان والثقافة والمذهب، بل القبيلة الواحدة شطرها هنا وشطرها هناك.. أي أن وسائل الوحدة والتحالف متوفرة، وعوامل الفتنة والتمزق قليلة.. فلو كان الوحد منهم وطنيا حقا لكنت تراه قد قام بطفرة في تقوية مكانه وعلاقاته وتحالفاته!

لا يشتكي الحاكم العربي من قلة العقول.. إن كانت عقول أبناء شعبه، أو عقول أمته العربية، أو من وراءهم من أمته الإسلامية.. لا يستنكف العربي أن يخدم في دولة أخرى بل يحرص أن يكون جزءا من نهضتها وصعودها، إن كان بعقله أو بماله أو بجهده.. فالناس في بلادنا ما زالوا يشعرون بالانتماء الواحد والدين الواحد.. وما منهم من يتأخر إذا وجد الحد الأدنى من التقدير أو من الحياة الكريمة.. فلو كان في هؤلاء الحكام مخلص لوجدته قد صار مغناطيسا عظيما يجذب الطاقات ويلتقط المواهب والإمكانيات ليصنع لنفسه ولشعبه مجدا عظيما..

إلى جوارهم جميعا عدو يتفق الجميع على عداوته وخسته وحقارته، ولشعوبهم معه عداوة تتلمظ وتثور وتفور.. فما من حاكم مخلص أتيح له هذا إلا واستطاع أن يتحد مع شعبه أو يوحدهم من خلفه واستثمار طاقتهم تجاه هذا العدو، وتقوية مكانه ووضعه.. ولكنهم لا يفعلون!!

فلماذا، والحال هكذا، نعيش ما نحن فيه من البؤس والتعس والذل والهزيمة؟!!

لماذا نتفرج على الشاشات على أهلنا، لحمنا ودمنا وأعراضنا وأطفالنا ونسائنا وشيوخنا، وهم يذوقون أصناف الذل وأنواع القتل وأشكال الطرد وألوان الألم؟!!

اذهب يمينا وشمالا، فوقا وتحتا، أماما وخلفا.. لن تجد إلا هذه الإجابة الوحيدة..

إنهم خونة.. خونة.. خونة..

ومهما حاولنا تجنب هذه الحقيقة المرة فإنها تكوينا وتلسعنا وتلدغنا..

بلادنا رغم كل هذه الإمكانيات إنما هي أرض فقر وقهر وقتل وذل وذبح وسجن وترويع وتخويف ومهانة..!!

أجواؤنا مستباحة.. بلادنا تملؤها القواعد العسكرية الأجنبية.. نفطنا يباع بسعر أقل من الماء.. أنهارنا يستولي عليها العدو.. تمزقنا وتفرقنا يزداد وينتشر.. وعجزنا قد صار مثالا سيعرفنا به التاريخ..

كل شيء معنا ولكن هؤلاء الحكام يصرون على أن يجعلوه ضدنا..

كل أدوات النهضة بأيدينا ولكنهم يدفنوننا تحت الأرض ويبيحوننا لعدونا ويُمَكِّنون الأجنبي منا..

لا تنجح في بلادنا إلا مسابقات التفاهة وحفلات والانحلال.. ولم يتضخم في بلادنا إلا قصور الحكام وثرواتهم ورفاهيتهم..

ألا لعنكم الله.. ولعن معكم من ينافقكم.. ألا أورثكم الله ذلا وخزيا لا ينتهي.. وأما الآخرة فحسبنا الله.. يوفيكم ما فعلتم فينا، وهو أحكم الحاكمين وأعدل العادلين..

وكلها أيام.. ثم تنقضي ونراكم حيث تستحقون..
قديما قال المعتمد بن عباد: "إن اجتماع المرضى لا يصنع قوة، إنما هو بيمارستان"

ولا أدري من الذي قال حديثا: "إن جمع الأصفار لا يساوي واحدا صحيحا"

ولكن ينبغي أن يضاف إلى هذا المعجم، قول آخر: "إن اجتماع المهرجين لا يصنع فرقا.. إنما هي تمثيلية"!!
لا ينسى النصَّاب الذي خدعه في 100 جنيه!!

لكنه مطمئن إلى من خدعه في مستقبله كله، ووعده بالسمن والعسل ومصر اللي هتبقى قد الدنيا، واصبروا علي 6 شهور بس، لازم أغني الناس الأول، كونوا مطمئنين تماما.. ثم لا يزداد الحال إلا فقرا وقهرا وتعاسة!!

هل نسيت وعود وأحلام: قناة السويس الجديدة، حقل زهر، اتفاق المبادئ الذي ضيع النيل. والكلمة الأثيرة الخالدة.. والله والله والله، لن نقوم بأي ضرر للمياه في مصر....؟!!

هذا الذي بلع كل هذه الخوازيق، لا يزال يتحدث عن "الموقف المصري القوي" في غزة، و"الجيش القوي" الذي لا تتجرأ عليه إسرائيل، والخطط الجهنمية التي أعدتها "الدولة المصرية" لمواجهة كل المواقف... إلخ!!

لو كان لدي متسع من الوقت لجمعتُ أسماء الذين ينخدعون ويفتنون في كل يوم مرة أو مرتين، ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون.. فإذا حصل تغيير في هذه البلد حُكِم عليهم بالخرس حتى آخر العمر!!

يفترض بالعاقل أن يكون أشد حرصا على عقله منه على ماله.. وبعد هذه السنين الطويلة الحافلة بالدروس والعبر، ينبغي لمن ثبت فساد رأيه أن يكون منبوذا وألا يُسمح له بإعادة تدوير نفسه!!
الشرح المصور لقول النبي صلى الله عليه وسلم:

"ولكن غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله المهابة من صدور عدوكم، وليقذفنّ في قلوبكم الوهن.

قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟

قال: حب الدنيا، وكراهية الموت".
2025/10/25 10:15:00
Back to Top
HTML Embed Code: