Telegram Web Link
- لماذا هاجر إلى الحبشة بعضُ الذين لم يضطهدوا ولم يعذبوا في مكة؟
- شائعة دخول قريش في الإسلام.. كيف بدأت؟ ولماذا انتشرت؟
- كيف ظهرت قواعد السفارة والعمل الدبلوماسي في ذلك الوقت؟
- السفير المسلم في مواجهة حاسمة مع سفير قريش.. لمن كانت الغلبة؟

https://youtu.be/l6sR7Yd7Xbo
من أغرب الناس الذين تجدهم في مواقع التواصل الاجتماعي هذه الفئة التي تمارس "النهي عن النهي عن المنكر"!!

شعاره: دع الخلق للخالق، ولكنه لم يدع الخلق للخالق، بل سارع للإنكار.. الإنكار على من ينكر المنكر!! لا على من فعل المنكر!!

يقول لمن ينهى عن المنكر: ربما يكون صاحب هذا المنكر أحسن منك عند الله.. ولم يتذكر هو أن الذي ينكر المنكر ربما يكون أفضل منه هو عند الله، وأفضل منهما معًا!

وهذه الفئة الجديدة ليست هي الفئة التي حدثنا القرآن عنها في بني إسرائيل.. فبنو إسرائيل حين نهاهم الله عن الصيد يوم السبت، انقسموا ثلاثة فرق:

1. فرقة عصت أمر الله وتحيلت على ذلك وصادت
2. وفرقة أنكرت عليهم المعصية ونصحتهم
3. وفرقة ثالثة أنكرت على الذين أنكروا.. فصرفوا طاقتهم لا في النهي عن المنكر، بل في تثبيط الذين ينكرون المنكر، وقالوا لهم {لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا}

وهذه الفرقة الثالثة، هي أفضل من أولئك الذين نتكلم عنهم الآن.. فهذه الفرقة كانت تعرف من الذي على الحق ومن الذي على الباطل، ولكنها يئست من هداية المبطلين.

أما من نتكلم عنهم الآن، فلا يعرفون الحق من الباطل، بل يزيلون الحد بين الحق والباطل، بين المعروف والمنكر، فيجعلون المعروف منكرا والمنكر معروفا..

فالدياثة والتعري والرقص وأمثال ذلك من المحرمات التي لا شك فيها، تتحول عندهم إلى حريات شخصية، وحقوق إنسان، ويسفكون طاقتهم في إعذار أصحابها وفي التلبيس على أنها محرمة أصلا.

ضلال وإضلال معا.. ثم تخلف عقلي ونفسي معا!!

فلئن كنت ضالا، فكن ذا عقل، واجعل قواعدك في الحياة مفهومة ومنسجمة ومضطردة.. أما أن تنكر على من ينكر المنكر، بدعوى أن دعوا الخلق للخالق، ولست أنت من يحاسب... فهذا خطل وغباء معًا!

جيل أفسده التعليم المنهار في المدارس!!
- لماذا اتفق الحدادية والنواصب الجدد على الطعن في الإمام الذهبي؟
- ما حقيقة دعوى صابر مشهور عن دور الذهبي في نشر التشيع؟
- أمثلة تدل على أن صابر مشهور لا يفهم المكتوب فيقلب المدح ذما، وأمثلة تؤدي إلى شكوك قوية: هل صابر مشهور يكتب حلقاته بنفسه؟
- أمثلة من إنصاف الإمام الذهبي في تاريخه

https://youtu.be/6Oa4_oWhL20
Forwarded from شذرات معرفية
كتب (هنري الج) رئيس تحرير جريدة (جمهورية الجزائر: المتحدثة الرسمية باسم الحزب الشيوعي الجزائري) الذي كان من أصل فرنسي، وبالرغم من أوامر الحزب انضم إلى صفوف المجاهدين… كتب في السجن: في مثل هذا المكان من الحقارة أن أتحدث عن أنواع التعذيب التي ارتكبوها معي، فهنا يقذفون بأحد المجاهدين من غرف أحد الطوابق العليا إلى فناء السجن، وأرى هؤلاء أنهم بالرغم من أنهم تعرضوا لتعذيب طويل ومرعب، كانوا يغمغمون بأفواه محطمة دامية بكلمات غير مفهومة من دعاء مشهور لهم [كانوا ينطقون بالشهادتين، لكنها لم تكن مفهومة عنده، لأنه فرنسي]، ولست أفهم ما يقولون، لكن ما أعلمه الآن أنه من بين كل المدارس الفكرية والأيديولوجيات الموجودة في العالم فإن الشيء الوحيد الذي أؤمن به هو هذه الكلمات.
أما الشهيد فقد ذهب إلى الجنة، وهو الآن يتمتع في نعيمها، ولعله يجالس سيدنا محمدا وصحبه الشهداء الكرام.. فهو في لذة ونعيم متحقق ملموس..

ولكن الكلام في هذه الدنيا مبذول لمن أخر الله عنه الشهادة، فالمؤمنون الصادقون كما أخبرنا الله على قسمين: {منهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر}

هذا المجاهد الذي يعيش الآن في الدنيا، ولعله تتشرف كلماتي هذه إذا وقعت عليها عينُه، هو الذي أتوجه إليه بالقول:

آه لو تعلم أنك تصنع في هذه الحياة صنعا عظيما.. أنت تحيي قلوبا بعد موتها، وتحيي شعوبا من غفلتها، وتداوي عقولا من أوهامها، وتنزع أمراضا من شرايينها..

فالخطوة منك -ولو كنت حافيا- قفزة عظمى في حياة هذه الأمة.. والكلمة منك -مهما كانت تلقائية ومتعثرة- نور يشرق في النفوس لا تبلغه الخطب والأشعار.. والطلقة منك شهاب يحرق أكوام الكسل والعجز والخوف..

إنك لا تدري ماذا تصنع في النفوس، ولا تدري كم تمهد من طريق المستقبل!!

الأمر أعظم مما ترى ومما تشعر ومما تقدر.. كثير من الناس -مسلمين وغير مسلمين- يولدون الآن مولدا جديدا، وقد شاء الله أن يكون هذا المولد الجديد في ميزان حسناتك وفي صحيفة أعمالك.

ولعل الله غيَّب عنك هذا الأثر العظيم لكي تبذل ما تبذل ابتغاء مرضاته وحده، فيكون بذلك في غياب الثمرة أجرًا فوق الأجر، لما فيه من إخلاص النية وبُعْد الغنيمة..

ولا يخفى عليك -سيدي المجاهد- أجر من جاهدوا فغنموا، وأجر من جاهدوا فلم يغنموا!

وإنه وعد الله لعباده المؤمنين {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة، يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقتلون، وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن، ومن أوفى بعهده من الله، فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به}
العلم قواعد ومناهج، ليس فيه: أرى وأشعر وأحس... إلخ!

إذا كنت شغوفا بالعلم فالأمر واضح: تعلم على يد المشايخ واصبر على ذلك حتى يستقيم شأن العلم في نفسك.. هذا هو الطريق الوحيد الصحيح في أي تخصص علمي.

فإن كانت ظروفك وطاقتك لا تسمح بذلك فأنت في سعة، فاترك الخلاف كله، واستمسك بمن تثق بعلمه ودينه..

لست مجبرا ولا مضطرا أن تحشر نفسك في الخلاف ولا أن تبدي رأيك في القضايا والمسائل.

وأما اقتحام هذا الشأن، الذي هو دين، بلا علم.. فهذا ذنب وإثم يدخلك النار، وتحمل فيه وزرك، ووزر من ضلوا بسببك أيضا.

استسهال الكلام في الأمور الكبيرة، لا سيما لو كانت من الدين، هو أعظم خطرا وضررا من استسهال إجراء عملية قلب مفتوح بلا علم ولا خبرة.. هذه أمور لا تنفع فيها النوايا الحسنة ولا الغيرة على الدين.
الحرب الفاضحة الكاشفة في غزة أظهرت لنا حقيقة ساطعة تقول ببساطة: نحن مكبلون، محبوسون، نعيش في زنازين.

الكل يسأل: كيف السبيل؟ وكيف نتحرر؟

(طبعا من يرى أنه يعيش في ظل دولة وطنية تعمل لمصلحة الشعب، يحكمها حاكم وطني ونخبة وطنية تحافظ على مصالح الوطن.. من يعتنق هذه الفكرة، فالكلام هنا لا يناسبه، وحرصا على أعصابه وأعصابي، يمكنه أن ينصرف مشكورا أو مدحوار.. الخيار له)

ومع أني كتبت كثيرا خلاصة ما وصلت إليه في كيف يكون التحرر، حتى ظننتُ أني مللتُ وأمللت، لكن لا مانع في كتابة أخرى فيها اختصار كثيرة.

1. أصل العقدة والمشكلة أننا نعيش في نظام دولة تشكل بحيث يجعل السلطة تنفرد بالتحكم التام في المجتمع وتحتكر كل موارد قوته.. هذا النظام اسمه الدولة.. الدولة الحديثة.. إنه النموذج الذي ابتكره الغرب في عصر تفوقه وهيمنته، ثم فرضه على بقية الأمم.

هذه الدول تنفرد حقا بالتحكم في المجتمع بحيث أنها بالنسبة للمجتمع كإدارة السجن بالنسبة للمساجين.. كل شيء يتم وفق الإذن والتصريح والمعايير التي تضعها هي.. فهي تسيطر على التعليم والإعلام والاقتصاد والصحة والثقافة والعمران فضلا عن ملفات السلطة الأساسية: السياسة والأمن والدفاع.

هذه الدول فضلا عن نظامها الداخلي، فإن الغرب كوَّن فوقها نظاما عالميا، يجعل الدول نفسها بمثابة السجون ضمن مجمع السجون.. هذه حقيقة النظام العالمي.. أنشأ النظام العالمي مؤسسات للتحكم في كل شيء: الاقتصاد، الصحة، الثقافة، التراث، الاتصالات، الطاقة... إلخ! فضلا عن الملفات الكبرى: السياسة والأمن والدفاع.

وهو يحافظ على قوة النظام العالمي ويدعمه بأساطيل الجيوش والقنابل والصواريخ وجيوش معسكرة، وخلف هذا كله: جيوش من العملاء والجواسيس والخبراء والدبلوماسيين.. يستندون إلى قوتهم ليأخذوا بالسلم والخديعة والمكر ما يوفرون به رصاصهم وأرواحهم، فإن عجزوا وأفلت الأمر من أيديهم: استعملوا رصاصهم وضحوا بأرواحهم لإعادة السيطرة على الأوضاع والحفاظ على تفوقهم وغلبتهم.

إن الأمر فظيع جدا، وثقيل للغاية.. وهذا ليس هوسا لا بالمؤامرة ولا بنظرية المؤامرة.. هذا هو الواقع.. يدلك عليه عجز 2 مليار إنسان عن إنقاذ 2 مليون إنسان يذبحون أمامه يوميا على البث المباشر بأبشع المشاهد.

2. أرى القارئ الذي وصل معي إلى هذا السطر ولم ينصرف يقول: هذا كلام مكرر مملول.. ما الحل؟

الجواب كالآتي:

- جوهر الحل هو كسر نظام احتكار القوة.. كسر نظام الدولة الحديثة.. وطبعا كسر النظام العالمي.. يجب أن يتحرر المجتمع من الدولة الأخطبوطية المهيمنة على كل شيء.. ثم يجب أن تتحرر الدولة من النظام العالمي المتحكم في معظم الأشياء.

لكن تثور هنا أسئلة

السؤال الأول: ولكن هذا أمر عظيم كبير ثقيل لا يستطيعه الأفراد؟

نعم، هو كذلك.. إنه أمر لا يتم إلا بالجماعات والتنظيمات والحركات.. بل هو لن يتم للجماعات والحركات والتنظيمات إلا إن استطاعت أن تسيطر على الدول.. فلا أمل بل ولا شبه أمل في أن تستطيع الجماعات والتنظيمات فعل شيء قبل أن تستطيع الوصول إلى الحكم.

(تنبيه آخر: الوصول إلى الحكم حق طبيعي وليس عارا ولا مسبة ولا نقيصة.. إذا كانت لديك حساسية ممن يسعون إلى الوصول للحكم.. فانصرف الآن مشكورا مأجورا، فالكلام لا يناسبك)

(دعني أحاول تقريب الصورة..

هل ترى غزة؟

غزة لم تكن لتستطيع تحقيق هذا الإنجاز العسكري الضخم المذهل العجيب لولا أن الحركة الإسلامية هناك استطاعت أن تحررها وتحكمها.. نفس هذه الحركة في الضفة الغربية لم تستطع أن تفعل شيئا كثيرا.. وإخوان هذه الحركة في مصر والأردن لم تستطع أن تفعل شيئا على الإطلاق.

الوصول إلى الحكم قفزة في تاريخ كل حركة إصلاحية أو حركة إفسادية.. السلطة هي مفتاح التغيير: للأحسن أو للأسوأ)

السؤال الثاني: ولكن أين الجماعات والحركات والتنظيمات القادرة على أن تفعل شيئا الآن؟

إن الجماعات والحركات والتنظيمات لا تتكون إلا من أفراد تجمعها أفكار.. لدينا في واقعنا الآن إشكالان كبيران:

- أفراد يحبون أو لا يستطيعون إلا أن يعملوا منفردين
- أفكار مسمومة تعطل عمل الجماعات والأفراد معا

فأما الأفراد الذين يحبون أن يعملوا منفردين، فإن كانوا عبادا لله لا عبادا لأنفسهم وهواهم، فسيعرفون طريقهم بأنفسهم.. وقد يحتاج الأمر بعض اجتهاد، وقد قال تعالى {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا}

وأما إن كانوا لا يستطيعون العمل إلا منفردين، لطبيعة قدراتهم أو موهبتهم أو ظروف خاصة في زمانهم ومكانهم.. فهم أيضا -إذا صدقوا- أعلم وأعرف بأنفسهم وبماذا يستطيعون أن يخدموا الدين والأمة والتحرر.

(سأقرب لك الصورة مرة أخرى، ومن غزة..

في غزة كثير من الناس لم تضمهم الحركة، ولم ينخرطوا في المقاتلين المنتظمين.. ولكنهم لم يقعدوا متكاسلين، بل بحث كل منهم عما يستطيع أن يفعله.
أوضح من ذلك: هل رأيت الفيديو الذي يختلف فيه اثنان من المقاتلين أيهما يخرج إلى الدبابة فيضع عندها عبوة شواظ.. هذا هنا عمل أفراد لا عمل تنظيم وحركة.. هذه حمية الفرد في نفسه، هذا إقباله الذي في صدره، هذه همته التي تشتعل فيه.

فالفرد حتى في سياق الحركة أدرى بما يستطيع أن يفعل

أوضح من كل ذلك: ما من شك في أن الحركة نفسها حين كان يقودها فلان ليست كالحركة نفسها حين يقودها علان.. لا يستوي الجسور والمتردد، ولا بأس إذا قلت أيضا: لا يستوي المتهور والعاقل.. لا يهمني الآن إلا معنى أن الفرد حتى في داخل حركة قادر على أن يفعل ويغير من أمور كثيرة بحسب ما يستطيع)

هذا باختصار ما يخص الإشكال الأول: الأفراد

ثم إليك ما يخص الإشكال الثاني: الأفكار

بعد البحث الطويل والفحص الكثير والسعي المضني.. لن تجد فكرة تحررية ثورية قادرة على تثوير الملايين مثل الإسلام.

حتى لو كنت ملحدا أو علمانيا أو أي شيء.. لو أنك تطلب التحرر لهذه الأمة، أو تطلب إنقاذ المستضعفين في هذه الأرض، وكنت صادقا مع نفسك، فستصل إلى هذه النتيجة بوضوح شديد:

الإسلام نصوص مقدسة محفوظة لم تتبدل ولم تتغير، غير قابل للكسر ولا للتطويع ولا للتوظيف ولا للتدجين.. لا تخمد جذوته في مكان أو زمان، إلا وتنبثق في مكان أو زمان.. يحمل في نفسه عوامل قوته ونهضته..

ثم هو يتبعه ملايين الناس.. تثويرهم ممكن بما تنطوي عليه جوانحهم من انتماء ديني حار وملتهب.. ثوريون لديهم القدرة على التضحية بأنفسهم كما لم يستطع أي دين أو مذهب ثوري آخر.. فضلا عن العدد الكبير.

والإسلام متغلغل في حياة أتباعه، خمس صلوات يومية، صلاة جامعة أسبوعية، صيام سنوي، حج سنوي، عبادات كثيرة، معاملات، أخلاق.. ولا يمكن فصل شيء فيه عن الآخر.. لا يمكن فصل العبادة عن المعاملة عن الأخلاق.. لا يمكن فصل الإيمان عن السياسة عن الاقتصاد عن الاجتماع.. كل هذه الأمور موجودة في الآية الواحدة وفي الحديث الواحد وفي كتاب الفقه نفسه، وفي كتاب السيرة نفسها، وفي كتاب الرقائق نفسه.. إلخ!

والمسلمون يحفظون قرآنهم، وكثير منهم يحفظون كثيرا من سنة نبيهم، وكثير منهم متشربون لأصوله تشربا امتزج بعاداتهم وتقاليدهم ومجتمعاتهم.. فنحن أمام مستوى لا مثيل له من التغلغل في النفوس، بما يجعل هؤلاء جميعا قابلين للثورة ولخوض معارك التحرر.

وفوق ذلك فإن أفكار الإسلام تخالف وتناقض نظام الاحتكار الذي تأسست عليه الدولة الحديثة، وتأسس عليه النظام العالمي.. وأفكاره كامنة في نصوصه المحفوظة، وفي فقهه الأصيل المتوارث، وفي الحكم والأمثال التي يحفظها العامة والخاصة، العلماء والجهلاء معا.

(سأقرب لك الصورة:

إذا اقتنع علماني بخطورة النظام الاقتصادي العالمي وأنه نهب للشعوب، وأراد أن ينصح الناس.. سيتمنى العلماني -لو كان صادقا- أن يستخدم الدين في هذا، كيف ذلك؟

يكفي أن يقال للمسلم: فوائد البنوك هي الربا المحرم.. وأن تسرد عليه الآيات والأحاديث وأقوال العلماء في إثم الربا.. إن هذا الأمر يحقق على الأقل ثلاث فوائد خطيرة:

1. هذا الكلام يمكن أن يقوله ملايين الواعظين.. وليس عددا محدودا من خبراء الاقتصاد المتخصصين

2. هذا الكلام سيتأثر به مئات الملايين من البسطاء وعموم الناس.. وليس عددا محدودا من الشباب المثقفين النخبويين

3. هذا الكلام يتحول عند المتأثرين به إلى دين لا إلى مجرد اختيار فكري يمكن التراجع عنه والتحول إلى غيره.. فالمتأثرون به لا يسهل شراؤهم بالرغبة والإغراء، كما لا يسهل إجبارهم بالتهديد والوعيد)

وبهذا نصل إلى نتيجة واضحة تقول: إن كسر نظام احتكار القوة في السلطة، ذلك الذي تأسست عليه الدولة الحديثة، وكسر نظام الهيمنة الذي يفرضه النظام العالمي.. ليس أنسب له ولا أقدر عليه من الإسلام والمسلمين.

الإسلام يتأسس على فكرة التوحيد التي تجعل مرجعية التشريع لله.. وهذا افتراق خطير في مسألة الحلال والحرام والصواب والخطأ والحق والباطل، ومصدر المعرفة... إلخ!

وللإسلام نظام عظيم يكسر كل احتكار السلطة إن في العبادات أو في المعاملات أو في الأخلاق.. (وهذا أمر كتبت فيه كثيرا على المدونة وفي اليوتيوب، لمن أراد التوسع).. بل وضع لذلك بعض الأسس العظيمة مثل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ولهذا يسع المسلمين حقا أن يؤسسوا في كل مكان نموذجا مستقلا وبسهولة.. بداية من التعليم الإسلامي المستقل (الكتاتيب والمدارس الشرعية) وحتى التقاضي إلى الشريعة (ولو في مجالس عرفية).. وبعضها يحتاج مجهودا قليلا.. مثل إصدار عملة حقيقية تستند إلى الذهب أو الفضة.

طال مني الكلام جدا، وقد علم الله أني أردته مختصرا، ولو نشطتُ فيما بعد، فسأضع بعض الروابط التي فيها مزيد توسع.

واسمع مني فإن الذي أقوله لك: خلاصة عمر وجهد، وإن كان جهد المقل.
الطوائف الضالة من ملاحدة تكوين والحدادية الجدد والنواصب الجدد لهم فائدة مهمة، كما يكون في بعض السموم دواء، وفي بعض الضر النفع!

ومن هذه الفوائد أنه ينجذب إليهم ضعاف العلم والعقل والمروءة، وهذا أمرٌ نافع في الجملة، وإن كان مثيرا للحزن والغضب، فهو يساعدنا على إدراك مرارة الواقع، ومدى تفشي الجهل والضعف فيه بحيث ينطلي عليه الجهل بسهولة!..

ثم هو يعرفنا بأولئك الناس الذين يقعون في الفخ من أول مرة، فإما أن يساعد هذا في إنقاذهم، أو على الأقل في الحذر منهم!

وهذه الفئات الضالة تستهدف من الأصول ما يسقط معها الدين كله، وتسقط معها الأمة بالجملة.. ولذلك فعملهم يذهب بهم إلى مصيريْن قطعا:

1. أن يَكْفُرُوا.. فما منهم أحد إذا تشرب شبهة فصدق مع نفسه، ثم التزمها، ورتَّب عليها نتائجها، إلا وصل إلى الكفر أو ما قبله بقليل.

2. أن يُكَفِّروا.. فما منهم أحد إذا مشى مع أفكاره، ثم رأى الأمة كلها، أجيالها وقرونها وعلماءها على خلافه، إلا وسيصل إلى تكفيرهم! ويرى نفسه وطائفته وحدهم هم الفرقة الناجية.

وهم في هذا يلتقون مع الطوائف الضالة من قبلهم، فقد تشابهت قلوبهم..

فإن الرافضي حين اعتنق رأيا يقول بأن عليا كان أولى بالخلافة ممن سواه، جرَّه ذلك إلى سب أبي بكر وعمر وسائر الصحابة وأمهات المؤمنين لأنهم غصبوا عليا حقَّه.. ثم جرَّه ذلك إلى الطعن في البخاري ومسلم وسائر كتب السنة، لأن فيها ما يُثَبِّت حق هؤلاء، وأخذ الرافضي يرمي أصحاب الحديث في سائر طبقاتهم: من الصحابي والتابعي حتى مصنف الكتاب بمختلف التهم، كحب الدنيا وحب المال ونفاق الملوك.. إلخ!

وإن المستشرق ومن ورائه العلماني حين أرادوا التفلت من الإسلام ونبذه، استفادوا من عمل الشيعة وكتبهم التي تطعن في الصحابة ورواة الحديث وتلاميذهم حتى مصنفي كتب السنة.. ثم زادوا عليهم خطوة أخرى سهلة، بالطعن في النبي نفسه.. فإن نبيًّا خانه بعد وفاته كل أصحابه، وخانه كل زوجاته، لا بد أنه نبي سوء لم يحسن تربية أحد ولا تعليمه!!

ومثل ذلك تفعل هذه الطوائف الضالة.. إنها تمهد للملحدين والغربيين طرقا لم يعرفوها.. وهي تسهل عليهم القفزة الكبرى..

كيف ذلك؟

تأمل معي في هذه الحالة.. واستوعب معي هذه الأمثلة:

1. إن الطعن في علي بن أبي طالب -كما يفعل النواصب الجدد- وجَعْلِه هو المخطئ وهو الباغي وأنه لم يكن أهلا للخلافة، وأن معاوية كان خيرا منه وأجدر بالحكم.. إن هذا كله ليس مجرد طعن في علي وحده!

إنه الطعن الذي يجر إلى الطعن في عمر بن الخطاب، فقد عهد بالشورى لستة من الصحابة كان فيهم علي، ولم يكن فيهم معاوية.. وهو طعن بعد ذلك في سائر الصحابة الذين قبلوا الاختيار بين عثمان وعلي ولم ينادِ واحدٌ منهم أن معاوية أجدر من علي.

ثم هو يطعن في سائر من بايعوا عليا من الصحابة.. بمن في ذلك معاوية نفسه الذي ظل شطرا من خلافة علي لا يطعن في خلافته وإنما هو امتنع عن البيعة وشرطها بالقصاص من قتلة عثمان.. لم يقل معاوية: أنا أحق أو أنا أجدر، ولم ير نفسه في ذلك الموضع إلا بعد صفين لظروف تتعلق بتطورات الفتنة لا بجدارة علي وأهليته.

ثم هو بعد ذلك كله: طعن في سائر أهل السنة الذين جعلوا عليا الخليفة الرابع الراشد، وقالوا بأن معاوية وفرقته هم الفئة الباغية (وإن كان بغيهم باجتهاد وتأويل).

ويجرهم ذلك إلى رد أحاديث متواترة في البخاري ومسلم، بطرق متعددة كثيرة، ومجرد ردّ هذه الأحاديث يجردهم تماما من أي منهج علمي مضطرد.

ومع سائر ما ذكرتُ، إلا أن هذا ليس هو أخطر شيء في الموضوع.. بل الأخطر أن المرء إذا اعتنق قول النواصب هؤلاء فهو لا بد سيفقد الثقة بمصادر الدين: من تفسير القرآن وكتب السنة وجمهرة العلماء والفقهاء عبر القرون.

وهذا هو ما يفتح له باب الإلحاد والكفر.. أو يفتح له باب تكفير هؤلاء جميعا أو تضليلهم في أدنى الأحوال.

فإن هذه الجموع الكثيرة إذا كانت قد غفلت عن الحق فهم مغفلون، وإذا كانوا طمسوه عن عمد فهم مجرمون.. فماذا بقي من الثقة فيهم لكي نأخذ منهم الدين.. ألا يكون الإسلام كله أكذوبة كبرى إذا كان جمهرة علمائه وفقهائه ومحدثيه وعظماءه مجموعة من المغفلين والجهلة، أو من الخبثاء المجرمين الذين يكتمون الحق وهم يعلمون؟!

2. وخذ مثل هذا المثل أيضا في حالة عمر بن عبد العزيز الذي يطعن فيه النواصب الجدد أيضا..

الطعن في عمر بن عبد العزيز ليس مجرد طعن في شخصه.. بل هو طعن في اتفاق الأئمة والعلماء عليه، ليس اتفاقهم على صلاحه في نفسه، بل على صلاحه في الحكم، وأنه أشبه الخلفاء بالخلفاء الراشدين، وأنه جدد سنتهم في الحكم..

فإذا جاء ذلك الناصبي الغر الجاهل، فأخرج لنا صورة أخرى عن عمر بن عبد العزيز تقول بأنه كان زاهدا في نفسه لكن لا يصلح للحكم، ولا يفقه شيئا في السياسة، ولا يعرف كيف تكون الإدارة.. فإن هذه الصورة الجديدة تهدر الثقة في سائر الذين مدحوا عمر بن عبد العزيز وأفاضوا في مدحه..

ولا سبيل إلا أن يكونوا مجموعة من الجهلة والمغفلين أو مجموعة من الخبثاء والمتآمرين..
وإذا كانوا كذلك، أفلا يكون الإسلام نفسه أكذوبة كبرى، ألا يكون كل الفقه والحلال والحرام كذلك.. لماذا يكون هؤلاء العلماء صادقين موثوقين مؤتمنين وهم يتكلمون في الحلال والحرام وحده.. فلعلهم مثلما كانوا مغفلين في فهم شخصيات عصرهم، ومثلما كانوا مجرمين في كتم الحق وطمسه.. لعلهم كانوا كذلك أيضا فيما نقلوه لنا من الفقه والأخلاق والآداب!

(ترتكب الطوائف الضالة هنا معضلة لا ينتبهون لها، وهو أنهم يأخذون ما يستدلون به من ذات كتب أهل العلم هؤلاء.. فإنهم لم يكتشفوا مخطوطات جديدة مجهولة، ولا هم ركبوا آلة الزمن فحدثوا عن الماضي حديث مشاهدة عيان.. وهنا تجد هؤلاء الضالين لا يتوقفون ليسألوا أنفسهم: كيف روى هؤلاء القوم ما يدين مواقفهم ويناقضها؟ ولماذا جاز لهؤلاء الضالين أخذ بعض الكلام وترك بعضه؟)

3. قل مثل هذا أيضا عن أبي حنيفة.. الطعن في أبي حنيفة ليس مجرد طعن في شخصه.. بل هو في اتفاق الأمة على إمامته في الفقه.. ولا يقتصر هذا على الأحناف الذين اتبعوا مذهبه فحسب.. بل يمتد لسائر الأمة التي كانت ترى أن اتخاذ مذهب أبي حنيفة هو أمر سائغ وجائز.

4. وقل مثل هذا أيضا عن البخاري ومسلم.. وعن النووي والعز بن عبد السلام وابن دقيق العيد والذهبي وابن حجر والسيوطي وغيرهم..

الطعن في هؤلاء وتنقيصهم ليس مجرد طعن في أشخاصهم، بل هو مسح لجمهرة الأمة التي اتخذتهم أئمة، وتلقت العلم عنهم، وأرشدت إليهم، ودرست كتبهم..

وإذا كان هؤلاء جميعا مجموعة من الجهلة أو من الخبثاء، فالنتيجة اللازمة لهذا كله أن نكفر.. لأن ديننا منقول عبر هؤلاء، فمنهم فهمنا القرآن والسنة وعرفنا عمل الصحابة وأخذنا الحلال والحرام.

إليك أمثلة مباشرة تصطدم بواقعنا المعاصر مباشرة:

1. إذا فقدتَ الثقة في جمهرة الأمة وجمهرة علمائها طوال هذه القرون، فما أسهل أن يأتي إليك أحدهم فيقول: المسجد الأقصى ليس هو الذي في فلسطين، بل هو مسجد قريب من مكة (كما فعلها مستشرق يهودي، ورددها وراءه يوسف زيدان)..

تأمل: ما هي النتيجة الواقعية التي ستحصل لو تشككت الأمة أن المسجد الذي في فلسطين هو المسجد الأقصى؟.. إنها نتيجة أحلى من العسل على قلب الصهاينة والصليبيين.

2. إذا فقدتَ الثقة في كل هؤلاء، فما أسهل أن يقال لك: الحجاب ليس فريضة.. وسائر الذين قالوا بأنه فريضة اعتمدوا على أحاديث دسها فلان أو رواها علان أو أخرجها ترتان.. وفلان هذا كان منافقا، وفلان كان يحب بني أمية، وفلان كان يحب بني العباس، وفلان كان يحب المال والشهرة!

ولقد فعلها بعض الناس فعلا حين تحرجوا من أحكام إسلامية مثل حكم الردة أو الجزية أو غيرها.. فطفق يرد أحاديث البخاري بأن فيها فلان المدلس وفلان الذي كان يحب كذا وفلان الذي يروي عن فلان ما لا أصل له... وهكذا.

أراد هؤلاء أن يخرجوا من الحرج الذي سببته لهم الثقافة الغربية الغالبة، فأرادوا التخلص من الأدلة المحرجة، فنقبوا فيها وخبطوا خبط عشواء.. وما دروا أنهم إذا خلصت لهم المسألة، فقد هدموا الأصل كله!

فإن كان البخاري مغفلا روى عن فلان ما لا يصح، وإن كان جمهور الفقهاء مغفلين اتفقوا على حكم باطل.. فما هو هذا الدين الذي لم يعد إلا خديعة كبرى وأكذوبة طويلة؟!!

ملاحظة: هذا المنشور ليس ردا على الحدادية والنواصب وملاحدة تكوين.. إنما هو تنبيه -لمن لا زال لديه عقل- إلى أن هذه الفئات الضالة تفتح الباب إلى مصيريْن لا ثالث لهما، وكل امرئ على حسب ما سيصل:

إما أن تكفر بالدين الذين لم يكتشف أهله وعلماؤه طوال القرون ما هو الحق وما هو الباطل.. فهو خديعة وأكذوبة.

وإما أن تؤمن بما وصلت إليه من الرأي، ثم ترى أن كل هؤلاء قد ضلوا عنه أو كفروا به.. فهي أمة ضالة عن الحق.

ولا سبيل ثالث..

لا شك أنه من المؤسف أن مثل هذا النقاش يخاض في ساحات التواصل الاجتماعي، حيث يكثر فيه التعليقات والجمهور من يقتحم في الأمور وهو لم يفهمها ولم يعقلها.. وهو ما يزيد الأمر عسرا.. لكنها فتنة من فتن هذا العصر، ومحنة من محن هذا الزمن..

والله المستعان..
ما يستطيع كلب من حكام العرب أن يدّعي الضعف والعجز عن نصرة غزة، لاسيما من حولها، فهم مُمَكَّنون من الحكم، بلا منافسة ولا انتخابات ولا معارضة، ويتصرفون في موارد البلاد بلا رقيب ولا حسيب، وأقلهم جاوز فيه عشر سنوات، وبعضهم يلتصق به منذ ربع قرن!!

إنهم خونة، من أشر وأخس وأحط الخونة.. صهاينة القلب والهوى والنفس والمذهب والمشرب.. ولو كشف الزمان أنهم من نسل يهود لما تفاجأ أحدٌ، بل لاستقام المنسم!

بل حتى لو صحَّ أنهم ضعفوا وعجزوا لكان ذلك نفسه دليل على خيانتهم، فما من حاكم مخلص لبلاده وأمته يبقى في الحكم هذه الأزمان، مع كل هذا التمكين فلا يخرج من العجز والضعف إلى القدرة والتأثير.

أقسم بالله العلي العظيم إن سقوطهم خير لغزة ولفلسطين من سقوط نتنياهو نفسه!

ومن أراد شرف الدنيا وشرف الآخرة، فليعمل في هذا السبيل!!
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
في مشهد مؤثر محزن في ‎#غزة ..
قطة تودع صديقها الطفل الذي توفي إثر االقصف الإسرائيلي..
حتى الحيوانات تحركت ضمائرها، وبعض صهاينة العرب لا زالوا كأنّما يحملون قلوبًا من صخر أوحديد، وهي أبعد القلوب عن الله.
Forwarded from لمى خاطر
إن كان هناك من يستحقّ أن يُغبط على موقف في مثل هذه الأيام الثقيلة، فإنهم _ إلى جانب المجاهدين_ أولئك الذين ينجحون في اختبار الثبات حين تميد بهم الأرض ويفقدون الأهل والولد والمأوى، ثم يخرجون رافعي الهامات، مشحونين بطاقة عجيبة من الصبر والتحدي والإصرار..
هؤلاء هم تيجان رؤوسنا ووعّاظنا ومعلّمونا الحقيقيون..

وحسبهم أن الله تعالى قال فيهم:
(.. وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ. الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)
يظن بعض المغفلين المعتوهين أن حديثنا عن سقوط الأنظمة الحاكمة كشرط لتحرر فلسطين هو نوع من نزعة التطرف، أو من الثأر لجريمتهم في الربيع العربي، فهو نوع من الخصومة السياسية وليس حديثا مسلحا بحقائق التاريخ البعيدة والقريبة!

هذا التصريح مثلا كما تراه، يصدر عن ذات المسؤولين الذين قتلوا بالفعل في حوادث متعددة فلسطينني غزيين دخلوا إلى مصر إما بالخطأ (كما في حالة الشاب المعاق ذهنيا) أو ألقت بهم موجة بحر (كما في حال الصيادين الغزيين).. وقبل أسبوعين فقط شاهدنا جميع عسكر #السيسي_عدو_الله ينهالون بالضرب بلا رحمة على شاب غزي استطاع التسلل هربا من الجحيم!!

لسان حال المسؤول: نحن والصهاينة إخوة، لا تؤثر على علاقاتنا هذه الحوادث البسيطة!!

على كل حال، ما يهمني الآن قوله، أن أشير إلى حقيقة تاريخية تتوه ربما في دهاليز القضية المتكدسة بالخيانات، وهذه الحقيقة تقول: إن حركة المقاومة الفلسطينية لم تندلع أبدا إلا في ظل الأنظمة الضعيفة.. فأما الأنظمة العربية القوية، فقد استطاعت كبت المقاومة وإخمادها والتنكيل بأهلها.

ولا تسرح بخيالك بعيدا فتحسب أن هذه الأنظمة القوية استعملت قوتها يوما في حرب إسرائيل.. أبدا أبدا.. على العكس، ما كانت قوتها إلا لقهر شعبها، وأما عند إسرائيل فهي أهون من جناح بعوضة!

راجع معي التاريخ:

1. منذ أن تمكن عبد الناصر من الحكم في مصر، وكانت مصر تسيطر على غزة حتى 1967، لم تستطع حركة المقاومة الفلسطينية أن تتنفس، فما من مقاوم ولا مجموعة مقاومة إلا وعانى السجن والنفي والتعذيب وربما القتل..

وظلت الجبهة المصرية هادئة لا تعمل فيها مقاومة ولا تنشط فيها حركة.. بل كان الإعلام المصري -وعلى رأسه هيكل- يشوهون هؤلاء المقاوِمين بدعوى أنهم يجرون مصر إلى حرب لا طاقة لها بها الآن، وتلمح أو تصرح أحيانا بأن هذه المقاومة قد تكون مؤامرة صهيونية! (تأمل: كيف يكرر التاريخ نفسه).

2. وقل مثل هذا أيضا عن الجبهة السورية، فما إن تمكن حزب البعث من السلطة هناك حتى صارت جبهة الجولان باردة جامدة متجمدة، كأنه ليس فيها احتلال أصلا.. فليس فيها لا حركة مقاومة سورية ولا فلسطينية.. والجيش السوري ساكن ساكت خافت خامد هامد، لا تحس منهم من أحد أو تسمع له ركزا!

حتى فوجئنا جميعا لما اشتعلت الثورة السورية، كما فوجئ آباؤنا وأجدادنا في السبعينات والثمانينات، بأن الجيش يملك طائرات وبراميل متفجرة وأسلحة كيماوية وأنه قادر على قصف المدن وتحويلها ركاما!!.. قوة حصرية ضد الناس أبناء البلد!

لم تنشط المقاومة الفلسطينية إلا في ظل الأنظمة الضعيفة، مثلما هو الحال في الأردن قبل عام 1970، حيث كان نظام الأردن آنذاك يعاني من ظروف تجعله مضطرا لموازنات كثيرة، فكانت علاقته وعمالته للصهاينة غير معلنة ولا مكشوفة.. ثم ما لبث أن كشر النظام عن أنيابه وقضى على هذه المقاومة في أحداث أيلول الأسود.. لتتجمد جبهة الأردن! وما تزال متجمدة حتى الآن!

وأكثر من ذلك، لقد تنازلت الأردن نفسها عن الضفة الغربية كلها (بالمخالفة لدستور الأردن نفسه الذي كان يعتبر الضفة الغربية أرضا أردنية) لكي تهنأ بها إسرائيل، وزعموا أن هذا إنما هو "فك ارتباط"، وأنه مساعدة على استقلال "الدولة" الفلسطينية!

فأين ذهبت المقاومة الفلسطينية.. ذهبت إلى لبنان.. حيث نظام ضعيف آخر لا يستطيع السيطرة على الأرض والحدود كما هو حال النظام المصري والسوري.. وبقيت ساحة لبنان ساخنة حتى اجتاح الإسرائيليون لبنان وتعاونوا مع حلفائهم من المارونيين وغيرهم لإنهاء الوجود الفلسطيني هناك.

الشاهد هنا، دون الخوض في تفاصيل أكثر، أن المقاومة لم تستطع أن تعيش ولا أن تعمل إلا في ظل الأنظمة الضعيفة.. وهذه الأنظمة الضعيفة جاءها المدد الغربي والإسرائيلي لتكون أقوى وتتمكن من السيطرة على الأوضاع لتقوم بدورها في حماية إسرائيل!

وأما الأنظمة القوية، فلا هي قاومت، ولا تركت غيرها يُقاوم، بل تعقبتهم.

ثم خُتِمت القصة المريرة بنموذج السلطة الفلسطينية.. لقد كشفت الانتفاضة الأولى (1987م) أن هذا الشعب السائل صار خطرا، فجيئ له بقيادة تلجمه وتكبله وتقيده.. فجاء عرفات وسلطته، فضرب لنا المثل الأسطع والأوضح..

وها أنت ترى نموذجا منقسما يشعل في وجهك حقيقة "وبضدها تتميز الأشياء".. فحيث قويت السلطة الفلسطينية فأنت ترى نموذج الضفة الذي يعاني أهله معاناة عظيمة لتنفيذ عملية طعن أو شراء مسدس أو حتى الاختباء من عين العدوين: إسرائيل والسلطة.

وأما حيث ضعفت السلطة واستطاع أهل المقاومة التخلص منها، كما هو حال غزة، فها أنت ترى قلعة مقاومة عنيدة لم تسقط بعد ثمانية أشهر من صب النار عليها صبا، بل لا تزال تأسر وتقصف في معجزة عسكرية مذهلة ستظل أعجوبة مدى الدهر!

اسرح بخيالك وتأمل، ماذا كان يمكن أن يحدث لو كانت الأنظمة في مصر وسوريا والأردن ضعيفة، بحيث تستطيع الشعوب أن تجعل مناطق الحدود بؤر عمل ونشاط وإمداد وإعداد وتجهيز وتهريب؟؟

ترى، هل كانت إسرائيل لتقوى على البقاء والصمود؟!!
إن الحديث عن الحكومات والأنظمة ليس من قبيل المعارضة السياسية ولا الخصومة الحزبية.. هذه أنظمة عدائية أصيلة، لا تؤمن بالوطنية ولا لديها وطنية.. إنما هي شعارات يستعملونها لإحكام عملهم العدائي لا أكثر.
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
لقد كبر أطفالنا قبل أوانهم، ولقد حملوا على كواهلهم ما يعجز عن حمله رجالٌ، ولقد شابت قلوبهم الخضراء ولا زال أمثالهم يلعبون في العرائس والدمى، فماذا ينتظر العالم ممّن بقي منهم!!
منذ أمس، ينتفض المصريون غضبا وحزنا، وربما: رعبا أيضا، على وصف المتحدث العسكري المصري لما حدث على الحدود بأنه استشهاد "أحد العناصر المكلفة بالتأمين"..

هذا الوصف التحقيري الغبي الذي نطق به المتحدث العسكري دون أن يفكر فيه أصلا، كشف كيف ينظر الحكم العسكري لأبناء البلد..

وما في هذه البلد واحد يجهل هذه الحقيقة، فالعسكري في مصر يُعامل بأحط أشكال التحقير والإهانة والإذلال، وفي المقابل: لا يتعلمون أي مهارات قتالية حقيقية تفيدهم في الحروب الحقيقية.

ولقد كتب خبير عسكري يوما أن قادة الجيش جاءوا بالعساكر ذات يوم فأوقفوهم صفيّن ليصدوا الرياح الرملية الحارقة أن تصيب الوفد الأمريكي الزائر. (ابحث عن مقال بعنوان: لماذا يخسر العرب الحروب - كتبه: نورفيل دي أتكين)

أريد أن ألفت نظر الكثير من الغاضبين والمحزونين إلى شيء يغيب عن بالهم، بل إلى شيء كانوا بعضهم يعارضه ويهاجمه أشد الهجوم فيما مضى.

حين تكون أنظمة الحكم على هذا النحو من الفساد والخيانة والظلم، وحين يكون استعمالها لأبناء البلد في قهر الشعب والتنكيل به، ثم تسليمهم قرابين باردة لعدوهم الصهيوني المجرم، وحين يكون العسكري في هذا النظام ليس إلا آلة قتل للمظلوم، ومادة قتل للظالم..

إذا كان ذلك كذلك، فإن الدعوة إلى التهرب من التجنيد والامتناع عنه، هي عمل نبيل فاضل، هو من صميم حقوق الإنسان، ومن صميم مصلحة الوطن، ومن صميم الدفاع عن الشعب.

وحينئذ، تكون فتاوى تحريم الالتحاق بهذه الجيوش (جيش السيسي وبشار وعباس.. إلخ) هي من القربات العظيمة إلى الله، وهي حينئذ من وسائل حقن دماء المسلمين وكف يد الظالمين ومن معالي مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ومثل هذه الفتاوى سيؤيدها حتى العلماني والحقوقي والثوري ولو لم يكن إسلاميا ولا مسلما.. فقط لو صدق مع نفسه ومبدئه!

هل هو إنسان عاقل ذلك الذي يعترف بكل المظالم والفساد والخيانات، ثم يأتي فيعترض ويهاجم مثل هذه الدعوات والمبادرات، ويرى بذلك أنه يحافظ على الوطن والمؤسسات؟!!

يذكرني هذا بالنكتة التي تقول: وعد مدرسٌ تلاميذه -وكانوا من الحولان (جمع: أحول)- بأن الواحد منهم إذا استطاع أن يصفق، فسيعطيه حلوى مكافأة له. فلما استطاع أحدهم أن يصفق، أعطاه الحلوى، فوضعها التلميذ الأحول في فم صاحبه!!

هكذا يفعل فيروس "الوطنية" في كثير من الناس.. يعرفون المظالم والمفاسد والخيانات، ولكنهم يعيقون كل مبادرة حقيقية يمكنها أن تفكك جهاز الظلم والفساد والخيانة هذا.. صنم جديد يعبد من دون الله، اسمه "مؤسسات الدولة"..

ويا ليته كان صنما كالأوثان القديمة: لا ينفع ولا يضر.. إنما هو صنم يضر ولا ينفع!! ومع ذلك لا ينفك الكثيرون عن عبادته وتقديسه والولع بالحفاظ عليه، يقولون: وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك، وما نحن لك بمؤمنين!!

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
- في الهجرة إلى الحبشة السر الذي يحل ثلاثة أرباع الشبهات المعاصرة.. ما هو؟
- كيف ينهى النبي عن الإقامة في ديار المشركين، ثم هو من أذن لصحابته بالهجرة إلى الحبشة؟
- الفتنة في حياة المهاجرين في المهجر.. كيف ظهرت في المهاجرين إلى الحبشة؟
- لماذا نال المهاجرون إلى الحبشة لقب "أصحاب الهجرتين"؟

https://youtu.be/ESpMmnr0-W4
2024/05/28 16:32:45
Back to Top
HTML Embed Code: