إياك وأن يغلبك هواك، فالهوى عرض يصيب القلب وأثره في القلب بحسب عافيته، ولإن غلبك فلن تجد لدُنياك منفعة ولا في قلبك مرحمة وابتعد الطريق بينك وبين الله وقرب طريق الشيطان... والنفس إن لم تُجهد بالطاعة أجهدت بالحسرات.

يا مسكين خالف هواك واختصر الطريق إلى الله، فكل مَن دون الله بعيد!

وَاللَهُ قَد جَعَلَ الأَيّامَ دائِرَةً ..
فَلا تَرى راحَةً تَبقى وَلا تَعَبا ..

«إن التسليم لله هو الطريقة الإنسانية الوحيدة للخروج من ظروف الحياة المأساوية التي لا حل لها ولا معنى، إنه طريق للخروج بدون تمرد ولا قنوط ولا عدمية ولا انتحار.. إنه شعور بطولي (لا شعور بطل) بل شعور إنسان عادي قام بأداء واجبه وتقبل قدره».

علي عزت بيجوفيتش

‏اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على سيدنا رسول الله، شرف البشرية، وسيدها المُقَدَّم، وإمامها المعظم، من رفع الله ذكره، وأجلَّ قدره، وجعل شانئه هو الأبتر..
‏صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

"يا خَير من نَصَحَ الهُداةَ وأرشَدا
‏وأجَلَّ مَن صَلّى وأَعظَمَ مَن بَدا"

‏يَا أُمَّ مَعبَدَ كَرري أوْصَافَهُ
فَالضَّرعُ جَفَّ وَشَاتُنا عَجفَاءُ ﷺ

- لِقائله

"‏ربِّ اجعلني لك شكّارا، لك ذكّارا، لك رهّابا، لك مِطواعا، لك مُخبتًا، إليك أوّاهًا منيبًا".

من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم

إن الله دائماً يعلم، فلا يحزنك جهلك.. ولا يغرنك علمك، سلم لله تغنم، وارض بقضاء الله تسعد، اكتب رسالتك في الدنيا بقول الله اكبر من نفسي، واختمها بقول الحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله ولا راد لقضائه ولا مبدل لحاله.

اللهم اهدنا لسبيلك، واشرح صدورنا للثقة بك، ووفقنا لما يُبيِّض وجوهنا عندك، ويُطيل ألستننا في تحميدك وتمجيدك، يا نعم المولى ونعم النصير. والحمد لله ربِّ العالمين.

قال ‏عتبة بن الوليد: كانت امرأة من التّابعين تقول: سبحانك، ما أضيق الطّريق على من لم تكن دليله! سبحانك، ما أوحش الطّريق على من لم تكن أنيسه!

[عيون الأخبار: ٣١٧/٢]

‏عن بِشر الحافي أنّه كتب إلى منصور بن عمّار: أنِ اكتب إليَّ بما منَّ الله علينا؟

‏فكتب إليه: يا أخي، قد أصبحنا في نعمٍ لا نُحصيها في كثرة ما نعصي، فلا أدري كيف أشكره، بجميل ما نَشَرَ، أو قبيح ما سَتَر.

‏تاريخ الإسلام

لو تدبر العبد منا فضل ربه عليه وحفظه وكرمه وستره له لهان عليه كل تدبير، وصحت عبوديته، ولكن جهل العبد يورده المهالك ويشقيه، يُدبر في مكتوب، ويقنط على تدبير نافذ، ظلوم جهول.

الحمد لله الذي حَفظ علينا ما لو حَفِظه غيره لضاع، وستر علينا ما لو ستره غيره لشاع، وأعطانا ما لو أعطاه غيره لذاع، سبحانه وبحمده لا شريك له.

فما أسعدَ الدهرَ بالإنسانِ وما أشقى الإنسانَ به.

عن وهب بن منبه، قال: وجدت في زبور آل داود:

يا داود، هل تدري مَن أسرع الناس مرورا على الصراط = الذين يرضون بحكمي وألسنتهم رطبة من ذكري،

هل تدري أيّ الفقراء أفضل = الذين يرضون بحُكمي وبقسمي ويحمدونني على ما أنعمت عليهم،

هل تدري يا داود أي المؤمنين أعظم عندي منزلة = الذي هو بما أُعطَى أشد فرحا منه بما حُبس.

حلية الأولياء

ولتعلم أن أنين روحك ليس فقط على تقصيرك وعظيم ذنبك وحدك.. فلا تتناسَ أنين روحك لمن سكنوا قلبك ولكنهم بعيدون عن الطريق..

ابكِ كثيرًا وادعُ الله بقلبٍ راجٍ عفوَه وجميلَ رضاه لقلوبهم قبل قلبك أنت، فما تتمناه يكُن لك مثله لو تعلم، وإنك لن تدخل الجنّة وحدك.. بل ستدخلونها زُمرًا.

الحمد لله الذي لم يجعل الحزن عارا على يعقوب.

«لم تزل الخنساء تبكي على أخويها: صخرًا ومعاوية حتى أدركت الإسلام، فأقبل بها بنو عمها إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهي عجوز كبيرة فقالوا: يا أمير المؤمنين هذه الخنساء قد قرحت مآقيها من البكاء في الجاهلية والإسلام فلو نهيتها لرجونا أن تنتهي.

فقال لها عمر: اتقي الله وأيقني بالموت، فقالت: أنا أبكي أبي وخيري مضر: صخرًا ومعاوية، وإني لموقنة بالموت، فقال عمر: أتبكين عليهم وقد صاروا جمرةً في النار؟ فقالت: ذاك أشد لبكائي عليهم؛ فكأن عمر رق لها فقال: خلّوا عجوزكم لا أبا لكم، فكل امرئ يبكي شجوه ونام الخلي عن بكاء الشجي».

[صلاح الدين الصفدي، الوافي في الوفيات].

من أكرم نعم الله على عبده في تلك الدنيا، أن يرغّبه الله فيما يبقى فلا تذهب نفسه فراغا، وأن يزهّده فيما يفنى فلا يشقى في سبيل سراب، وأن لا يوحشه اللهُ من نعمة، ولا يفرّقَ بينه وبين عافيته.. ربنا الميسر لما أراد، والله لطيف بعباده.

اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد، نلوذ بك يا رافع السماء بلا عمد ويا خالق اللوح والقلم ويا خالق الخلق من عدم، يا عظيم البرهان وصاحب العظمة والكبرياء، سبحانك وبحمدك لا شريك لك.

"ولكن بشيء وقر في قلبه"

-قلبك ميزان حياتك وهو المكيال بين كل شيء وضده، فزن بما ينفع.. وترفع عن ما يضر.

ليست المشكلة في معالجة نفوس الناس صالحهم وطالحهم طيلة النهار وبعض الليل وإنما المشكلة في تلك الدقائق التي تسبق نومك إذ يتبين لك كم من الشوائب الصغيرة علقت بروحك.

لسنا مثل هؤلاء الذين كانوا شموساً في حياة الناس يملئونها نهاراً بالحياة فإذا جنّ الليل كانوا أقماراً يملئونهم بالسكينة، ثم هم وكأنهم سجود نهارهم وليلهم.

لعل الإعتراف بالعجز هذا يستجلب لنا دعوة صالحة.

في الدنيا، نجوب هنا وهناك، بين علو ودنو، الحال ليس واحد، ولكن مسبب الحال واحد، يهب لمن يشاء، ويمنع من يشاء، فالقنوط باب الشقاء، والرضا بوابة الراحة.. وما بينهما نتقرب لله بالأمل فيه سبحانه وبحمده.

فاللهم ارحم غربتي في الدنيا، وارحم مصرعي عند الموت، وارحم قيامي بين يديك.