كل عام وأنتم بخير يا كرام.
أعاننا الله وإياكم على صيام وقيام الشهر الكريم.

رمضان كريم. ^^
صباح الخير
* يحرم على الحائض الصوم وتثاب على ترك الصوم، وإن صامت تأثم، ويوشك مستحل صيام الحائض أن يكفر.

* إذا طهرت الحائض قبل الفجر فإنها تصوم ولو أجلت الغسل لما بعد الفجر.

* إذا بدأت اليوم صائمةً ثم حاضت قبل المغرب فإن صومها ذلك اليوم يبطل ويجب قضاؤه مع بقية أيام الحيض، لكنها لا تُحرم الأجر والثواب بإذن الله.

* إذا استيقظ أو استيقظت جنبا لم يفطر ولا يؤثر ذلك في صيامه، فقط يغتسل ليصلي.

* إزالة شعر الإبط والعانة وتقليم الأظافر لا يفطر.

* وضع المكياج لا يفطر، مع كون من تضع المكياج أمام الرجال الأجانب آثمة.

* الكذب لا يفطر، مع كون الكذب حراما في الأصل.

* الشتم والسب لا يفطر، مع كون ذلك حراما.

* الصيام مع التبرج صحيح لا يُعاد، مع كون التبرج كبيرة من الكبائر.

* إذا أذن الفجر الأذان الذي هو الأذان الذي يصلي عليه الناس في الأيام العادية حرم الأكل والشرب ومن أكل أو شرب فقد أفطر.

* من أكل أو شرب وهو يظن عدم طلوع الفجر أو غروب الشمس ثم تبين أنه أخطأ فعليه قضاء هذا اليوم، وليس عليه إثم.

* السجائر مفطرة.

* مشاهدة الأفلام والمسلسلات لا تفطر، مع كون ذلك محرماً وينقص الأجر.

* الاستمناء = العادة السرية مع الإنزال مفطر.

* يباح الفطر عند سماع " الله أكبر " من مؤذن المغرب ولا يشترط الانتظار لقوله " أشهد أن لا إله إلا الله "

* الامتحانات ليست عذرا مبيحا للفطر إلا أن يكون طالبا يسافر إلى جامعة في غير بلده، فيباح الفطر لأجل السفر لا لأجل الامتحانات.

* بلع الريق لا يفطر.

* المضمضة والاستنشاق في الوضوء غير مفطرين، وتكره المبالغة فيهما في نهار رمضان.

* الأفضل ترك غسل الأسنان بالمعجون لما بعد الإفطار احتياطا للصوم.

* لا يفطر مع أذان الراديو أو التليفزيون ولكن مع أذان المساجد حولك.

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.
يا رب جئتك بنفسٍ مُثقلة، لا تُحسن دندنة فلان وفلان، ولا تحسن طول القيام، ولا تحسن جميل الاستكانة والافتقار بين يديك..

جئتك بها راجيًا أن تلين، وتستكين.
ولا حول ولا قوة إلا بك.
سبحان الله وبحمده.

أول ليلة جمعة في رمضان!
لا أرى وصفًا دقيقًا يبلغ شكر الله على ما نحن فيه هذه الأيام غير الصلاة والسلام على خير الأنام.. صلى الله عليه وسلم.

نفحات العتق+ وبركات الرحمة+ وأنفاس محبي رسول الله صلى الله عليه وسلم = كل ذلك كافٍ جدًا لذوبان الصدأ، وإزاحة الأثقال، وبدء الاطمئنان.

هِم بخيالك
وعش بقلبك
وردد بلسانك:
اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنّك حميد مجيد.
اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.

ثم
أخبرني عن عبراتك حينما يؤذن مغرب الجمعة.
سبحان الله وبحمده.

ها قد أوشك ربع الشهر أن ينصرم..
هل تحسست الرحمات!
هل تحسست ألطافه سبحانه وبحمده!
هل رقّ قلبُك فندمت على ما فات!
هل أوجعك البُعد بَعدُ فنويت اتخاذ القربات!
هل اقشعرّ قلبك في لحظة دعاء.. فأيقنت كم فات!

يا هداك الله
يا رعاك الله
أوشك الشهر على الزوال، وغدًا لا ينفع عضّ الأيادي ندمًا، ولا تُرجع العَبرات يومًا..

ارحم نفسك من الشتات، وأدرك نفسك قبل الفوات، وأيقظ قلبك من ذا الموات..
تريد الطريق؟
الزم كتاب ربّك.

تريد الكيفية؟
قل يا رب.

تريد الموعد؟
الآن.

الآن يا رحمك الله وأعتقك.. وأعتقك!
سبحان الله وبحمده.

تمرّ الأيام سريعًا؛ على مَن أتعب نفسه ومَن أراحها، مَن يقرأ ومَن لا يقرأ، مَن يقوم ومَن لا يقوم، مَن يبتهل ويدعو فينكسر ومَن لا يهمّه الأمر..

هذا عزاء بالغ اللطف لِمَن تحدّثه نفسه بالقعود، لمن تزيّن له نفسه أنْ يكفيك الليالي الأخيرة..

اشدد على قلبك، وأحكِم أمر نفسك، وقل لها:
إلّا تتعبي الآن فمتى!
إلّا تتعرضي للرحمات في أوان الرحمات.. فمتى!

يا نفس..
لأزحفنّ بك إلى الله حتى يكون الكلل منك لا مني.
ولا حول ولا قوة إلا بالله.
مَن يرحم مَن أجهدته نفسُه إلّاك!
سبحان الله وبحمده.

تُرى هذه الأفئدة التي يؤزّها الحبُّ إلى ودع الراحة والاستبشار بالجهد الذي يحفّونه بالوجل من عدم قبوله والرجاء في الثبوت عليه وحالٍ يُحبّه مولاهم سبحانه وبحمده، ثُمّ هم يقومون كمَن فاتَه الشيءُ الجلل يتحسّرون فيُعيدون الكرّةَ بقلبٍ أكثر حضورًا وأسرع وصولًا فيزدادون سرورًا..

الشاهد أنّه قد حان أوانُ القرب، وقد حانت لحظاتُ ترجمةِ الحُبّ إلى فعال، وحان وقتُ تخليل العبادات بالحُبّ الذي يفرّ من العين مع عبراتها، ويصدر من القلب مع أنّاته، ويتلحّفُ رداء الرجاء في وجل، ويُصبغ بصبغة المُحبّ الذي ترك كلَّ مالِهِ وما لَهُ حتى يلج باحات القرب!

يا كرام..
الليل ساكن نعم، لكنّ القلوب فيها ضجيجٌ يسمعه رب العالمين سبحانه وبحمده..
الليل مُظلم نعم، لكنّ عتمة القلوب أشد.. فأنيروا قلوبكم بمصابيح السجود وسُرج الترتيل بقلبٍ خاشع ذليل..
الليل لا تُخطيءُ فيه السهام، فجهّز حاجاتك وهلُمّ قُم بها بين يدي الملك..

ما فات عظيم، وما بقي أعظم
والله أجلُّ وأكرم
والحمد لله ربّ العالمين.. سبحانه وبحمده.
اللهم عبادك!
أنجهم وثبتهم واحفظ نساءهم واستر عوراتهم

يا رب عليك باليهود
يا رب عليك باليهود فإنهم لا يعجزونك

لا إله إلا أنت ندعوه ولا رب لنا سواك
ولا حول ولا قوة إلا بك.
سبحان الله وبحمده.

يا من أسرف على نفسه في المعاصي
يا من أردته نفسه حيث المهالك
يا من أثقلك الهم وأوجعك الذنب

قد أظلّتكم ليلة عظيمة؛ تستنير فيها الأنفس بعد طول ظلمة، وتضيء فيها الأرواح بعد بهوت..

كل ما عليك:
أكثر من الصلاة والسلام على خير الأنام محمد صلى الله عليه وسلم

وانظر إلى همومك وزد
انظر إلى ذنوبك وزد
وانظر إلى ءامالك ورجاءاتك.. وزد!

ثم
أخبرني عن عبراتك حينما يؤذن مغرب الجمعة.
الوقت الآن يُحسَب باللحظات، بالسكنات، بالأحرف، بالسكتات، بأقل وحدة قياس من كل شيء..

كل ما عليّ وعليك:
افتقار دائم
لجوء دائم
نيّة غالية يتبعها همّة عالية

أبشر
أنت تحتاج لحظة واحدة، ثانية واحدة، فكرة واحدة..
يا هنيئا للجادين، للمتقربين.

الله أكبر.
يا رب
بهذا الحزن في قلبي أنْ لم ءاتك بما جاءك به عبادك الصالحون، ولم أبكِ كبكاء عبادك الصالحين، ولم ترَ منّي وقوفًا يهوّن عليّ الوقوف هناك.. كوقوف عبادك الصالحين..

اللهم بهذا الحزن ارزقني ما تبقّى من رمضان؛ وفقني فيه لعمل تحبه منه وتغفر لي به وتعتقني، وترضاه مني..

نفسي تؤنّبني يا رب، وقلبي يبكي عليّ، وعبراتي اعتزلت مآقيّ، وحالي أنت تعلمه!

اللهم الخلاص من نفس تكبّلني، ودنيا تتزيّن لي، وقلب قسى وعين جمدت..

إلّا تغفر لي وترحمني لأكونن من الخاسرين.
لا حول ولا قوة إلا بك.
سبحان الله وبحمده.

تبيّن لك الأيام ما حملته أحشاؤها، وتوضح لك بالصبر ما خفي عنك في كثيرها.. وكأنّ الأمرَ عقدٌ ينفرط؛ ما إن وقعت حَبّة تلَتْها أختها، وإن التي تبيّنها لعلها قبلها أو بعدها بقليل أو كثير.. فقط قليل من الصبر يكفي!

صارَ ديدنُ الأيام وترياق سمّ الليالي: قليل من الصبر يكفي.

غابت عنك حكمة، أو توارى عنك في الحادثات مقصد، أو أتعبك التفكير في ماهية التفكير ومآله، أو أبكاك التسرع وأدمَتْ أطرافَك العجلةُ، عقلك يكاد يقف وقلبك يهرول وأنت ساكن ساكت..

كل هذا وأكثر تجد راحته بين طيّات كتاب الصبر، وتتلقّف الأمان من وريقاته، وتسكن في دواخل كلماته..

هناك، مكتوب بعبراتِ الصابرين المكتومة، وبأنين الراضين الذي لا يكاد يُسمع:
إنّما يُوَفّى الصابرون أجرهم بغير حساب.

ولعلك تقلّب في الصفحات حتى تجد الخطة العملية الواقعية، أبشر.. ستقرأ:
- استعن بالله، ولا تعجز.
- مَن يتصبّر يصبّره الله.

أما عن الخاتمة، ستجد فيها أحرفًا تؤول بك حيث الطمأنينة إذ العمل بمقتضى ما تعتقد، ستجد:

لعلّك لا تعرف معنى الاستعانة وكيفيتها، ولعلك لا تدرك كيفية الخروج من المآزق بالصبر، لا تحسن التصبر ولا تعرف ما الصبر، لعل المصائب حين تسقط يغيب الوعي ويفقد المرء آلية التفكير والاسترجاع.. لا بأس!
إذا ما حلّ بك بلاء، اسجد ونادِه؛ لا حول لي ولا قوة إلا بك يا ربنا، لا أعلم كيف أفعل وما أفعل..

اعلم أن:
التسليم التام + الضعف التام = يفتحان بوابة المعونة التي بها يسهل عليك الصبر إن شاء رب العالمين سبحانه وبحمده.

اللهم باسمك الصبور، وبحلمك على خلقك.. اجعلنا من الصابرين الراضين، واغفر لنا الزلل، والتقصير في العمل.. ءامين.
اللهم أناديك بنداء نبيّك يوسف: إلّا تصرف عني كيدهن أصبُ إليهنّ وأكن من الجاهلين..
فاللهم إلّا تصرف عني كيد شر خلقك أهلك وأضل، اللهم أعوذ بك أن أجهل أو يجهل عليّ..

وأناديك بنداء نبيك أيوب: مسّني الضر وأنت أرحم الراحمين..
فاستجب واكشف ما بي من ضر

وأناجيك بـ لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فاستجب يا رب ونجّني مما يلاحقني.

ولا حول ولا قوة لعبدك الضعيف إلا بك يا سيدي.
سبحان الله وبحمده.

ربما تاهت نفسك بعيدًا حيث لا تدري رُغم أنه من قريب كانت مع الساجدين تتأوّه، ومع الذاكرين تبكي، وتسمع أنينها بصداه عاليا ويكأنّها كثير وهي واحد..

ربما اعوجّت خطواتك رغم استقامتها عن قريب، وربما نال منك الكسل نواله رغم الهمة العالية والعزيمة القوية..

لا بأس
نُجدد العزم، ونعيد شحن الهمة، وننفض عن كواهلنا الكسل، ونبدأ في سلوك طريق القرب ونوال الأجر وسقيا الحب..

ليلة كهذه؛ أنسامها تكاد تشتمها القلوب المزكومة بالذنوب فتبرأ، وتتلقفها الأفئدة الملآنة بالهموم فتسكن.. أيكون اللسان أشقى ما في الجسد!

هيا بنا نستنزل الأنوار، ونستجلب الحب، ونستدعي طاقة القرب.. بالصلاة والسلام على خير الأنام صلى الله عليه وسلم.

تعال يا فقير
اقترب يا مسكين
تزود يا عطشان القرب والأمان
لا تدعن الليلة تمضي هكذا، ولا تدعنّ قلبك في هذا الحال

صل عليه وأكثر
وتضرّع بذاك لربك وأبشر

ثم
أخبرني عن عبراتك حينما يؤذن مغرب الجمعة.
اللهم إني وحدي..
سبحان الله وبحمده.

ما لك جرّبت كل سبيل وسلكت كل طريق غير طريق شفائك!

نصف التعب في كل هذه الطرق كان يكفي للوصول، ما لك تثقل نفسك بنفسك!

صل على الرسول
وأبشر بالوصول

اللهم صل على محمد وعلى ءال محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى ءال إبراهيم، إنك حميد مجيد.
اللهم بارك على محمد وعلى ءال محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى ءال إبراهيم، إنك حميد مجيد.

ثم
أخبرني عن عبراتك حينما يؤذن مغرب الجمعة.
يُعلّمكَ الجميع كيف تبدأ؟ كيف تبدأ مشروعًا؟ كيف تبدأ علاقة ناجحة؟ كيف تخطّط لعامك الجديد؟ كيف تستقبل شهر رمضان!

لكن لا يخبرك أحد عن النهايات، كيف تُنهي علاقةً؟ كيف تُنهي مشروعك؟ وكيف تحافظ على علاقتك مع ربّك حين ينتهي شهر رمضان!

يقوم جزء كبير من العلاج النفسي على إيجاد (النهايات اللائقة) Closure

مثلًا: يفضّل البشر عند رفع درجة صوت التلفاز، أن يتوقّفوا عند أرقام مغلقة نسبيًا (30 أو 50 أو 75) ونكره أن نضع درجة الصوت عند (39 أو 17)

مثلًا: يرغب النّاس الذين يفقدون أحباءهم في الخارج بحضور الدفن، برؤية جثة الميّت.. هذه كلّها ممارسات صحية للإغلاق والنهايات اللائقة!

ما الذي يحدث حين لا نحصل على خاتمة جيّدة أو نهاية لائقة؟ نظلّ عالقين في شِباك التوقّع!

ماذا لو لم يمت مَن فقدنا حقًّا؟ ماذا لو قرّر تغيير اسمه وهويّته وابتدأ حياةً جديدة!

ماذا لو لم تنتهي العلاقة حقًّا؟ ماذا لو كان لدى الآخر ما يريد قوله! ماذا لو كان الآخر ما زال يحبّنا ويعشقنا!

نرى كثيرًا في العيادة النفسية مُراجعين لا يستطيعون مواصلة حياتهم، لأنّهم ما زالوا عالقين عند تجربة ماضية مؤلمة
يظلّ الناس واقفين مكانهم، بحثًا عن:

- اعتذار عن الأذى
- تفسير لما حصل
- وداع أخير

تعلّق مَرَضيّ.. يتركك أسيرًا

على المستوى الإدراكي، نعرف تبعات هذه الظاهرة على المستوى اليومي، يُطلق الباحثون في علم النفس على هذه الظاهرة اسم: "تأثير زيجارنيك" Zeigarnik effect

وهي أنّ التجارب غير المكتملة والأعمال غير المُنجَزة تظلّ عالقة في الذاكرة وأشدّ حضورًا بالذهن، أكثر بكثير من تلك التجارب المنتهية والأعمال المُنجَزة!

والأسوأ هي أنّها تظلّ تقفز من خلفية العقل إلى شاشة الوعي بشكل متكرّر بين الحين والآخر وتقاطع تفكيرك وتفقدك من تركيزك، لأنّك لم تقم بإغلاق ما كان ينبغي إغلاقه منذ وقتٍ طويل.

يحضرني هذا العطب السيكولوجي الشائع لدى البشر في حياتهم اليومية على مستوى العلاقات، العمل، الإدراك، الموت.. وأنا أتذكّر كيف اعتنى الإسلام بخواتيم المراحل وخواتيم الأعمال!

حرصت الشريعة على الإغلاقات الصحيحة والخاتمة اللائقة في دقائق الأمور حدًّا مُذهلًا!

فالدعاء الذي يطلب منك أن تسأل الله (مداخل الصدق) هو نفسه الذي يطلب منك أن تسأله (مخارج الصدق)

إذ يحدث كثيرًا أن تبدأ بدايةً صحيحةً بنواياك ومقاصدك، ثمّ تنحرف بوصلتك خلال المسير فتخرج مخرجًا لا يليق بك ولا بنواياك!

كان الإسلام حسّاسًا جدًّا لأنصاف الوضعيات في العلاقات، فهو يكره أن (تذروها كالمُعلّقة)

وأخبرك أنّ أفضل ممارساتك بالعلاقات دائمًا: الوضوح (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)

كما يدهشني أنّ الإسلام جعل (الفجور في الخصومة) من آيات النفاق وعلاماته!

فإذا أردتَ أن تعرف الشخص الطيّب من الدنيء، فانظر إلى أخلاقه عند الخصومة!

أقول هذا وأنا أرى أشخاصًا يهيمون باندفاعية بكامل أزماتهم التي يحملونها من تجاربهم السابقة، تلكَ التي لَم يُقيموا عليها حِدادًا واعيًا يليق بها، فصاروا مدفوعين بشراهة وعبثية لأنّهم لم يحظوا بالخاتمة التدريجية كما كان ينبغي أن يكون.

يعتني الإسلام بالنهايات وبعد النهايات، ينتهي شهر رمضان لكنّ الإسلام لا يرميك للفوضى

يقول لك: فلتقم بخاتمة تليق بأدائك السابق في رمضان.. صُم ستًّا من شوال! بالاختيار والتدريج والتقطّع أو كما تشاء، لكن لا تنقطع فجأة!

ولمّا عَلِم الحقّ منك وجود الملل: لوّن لكَ الطاعات!

وما أبلغ الشريعة وما أكثر واقعيتها حين تعترف بفترات الرخاء الخاصّة بك، حين تعترف بأنّك إنسان يتعب ويضجر، فاحترم هذا الضعف الذي فيك (علم أنّ فيكم ضعفًا)

وما أجمل الشريعة حين تعترف أنّك تعتريكَ أحوالٌ من النشاط والفتور، والهمّة والرخاء، والإقبال والإدبار
فوفصفها الرسول ﷺ:

إنَ لكلّ عملٍ شِرَّة ولكلّ شِرَّة فَترَة، فمن كانت شِرَّتُه إلى سُنَّتي فقد أفلح، ومن كانت فَترَتُه إلى غيرِ ذلك فقد هلكَ!

حديث عظيم! صكّ قانونًا بشريًّا: لكلّ عمل مهما كان، إقبال وإدبار، شغف وفتور، نشاط وكسل!

لذلك هو لَم يُعب عليكَ الفتور، ولكن عاب عليكَ الانحراف!

وهو لم يؤاخذك بالراحة، لكنّه نبّهكَ إلى شكلها!

وهو لم يحاسبك على الاستراحة، لكنّه يؤاخذك على التساهل فيها!

فقال: من كانت فَترتَه إلى غير ذلك.. فقد هلك!

ملمَح عبقري من نبيٍّ حكيم أوتي الحكمة وجوامع الكلم! أقول هذا وأنا أذكر مبادئ عامّة في علم النفس الأخلاقي حول دراسات (الرخصة الأخلاقية) Moral Liscense

وهو المنزلق الذي يقع به الأخيار والفضلاء حين يقدّمون كثيرًا من الخير والأعمال الجيّدة، فيبيحون لأنفسهم عقبها أن يتجاوزوا بعض التجاوزات الأخلاقية هنا وهناك، ظنًّا منهم أنّ لديهم رصيد أخلاقي طويل سيعفيهم من المُساءلة وسيبرّر لهم الانحراف!

الّلهم مدخل الصدق الذي ترضى، ومخرج الصدق الذي تحبّ!
سبحان الله وبحمده.

لعلّك أصابك ما يتخلل النفس من نظر؛ فترى وكأنّ لك ولك.. وما لك شيء، وكأنّك فعلت وفعلت.. وما الفعل منك ابتداءً، وكأنّك تقدر تفعل وتمتنع.. وما لك حول ولا قوة.

كلّ أمرك ضعف، وكل شأنك وهن، وكل شيء فيك في صحته كلام.. أنت بالله كلًّا وجزءًا!

عقاب رؤية النفس شاق جدا، وطويل أمده إلى أن تنكسر، وثقيل حمله إلى أن تتخفف بين يدي الحي القيوم..

تأمل:
{وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ..}

تقوم السماء والأرض بأمره، ما بالك بك يا مسكين!

أمّا بعد..
لا أعلم لمَ العُجب وحده وددت إلفات النظر إليه اليوم..
ولكن
كل شيء ينجلي بأمر الله بأن ترجع إليه، وأن تنكسر، وأن تصدق الفكر والشعور والأوبة؛ أنْ يا رب، أنا عبدك الضعيف.. سامحني، وارحمني!

ثم
حُقّ لك في هذا المقام أن تتمسّح بباب الله لابسا ثوبا يحبه الله؛ لا تبرح عتبة الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم..

خلّل انكسارك بها، وامزج شعورك بها، واحزن على ما فاتك بها، وتب إلى الله بها، وأقبل عليه سبحانه وبحمده بها..
واصدق الله بها

وهنيئا ثم هنيئا ثم هنيئا

ثم
أخبرني عن عبراتك حينما يؤذن مغرب الجمعة.
يا رب جئتك نادمًا أشكو نفسي إليك وبين يديك، جئتك أشكو قساوة وجمودًا، وذبولا، وحسرة أبكي بها نفسي إليك..

اللهم جئتك طالبا رزقا أعلم أنك لا تمنعه، اعطني يا رب أحب الطرق للوصول إليك، وارزقني يا لطيف أحب ما يتقرّب به عبدٌ إليك، امنحني ما يتغشّى المحبين من سكينة تؤزهم نحو بابك، وأغدق عليّ من رحماتك ما يدفع المشتاقين إلى هجر أحب الملذات للتقرب منك.. اجعل أحب ما أحب قربك، وأيسر ما تتقنه نفسي مناجاتك، وأجمل ما يحسنه قلبي الانكسار بين يديك يا رب..

اللهم عصيتك وسترتني، وغفلت عن ذكرك فما رددتني، ولهوت وتركت بابك فما قنّطتني، توددتَ إليّ بأقدارك، وما ظني فيك يا رب أنّك ترفض المقبلين أو تطرد الراجين بعد طول ركود وشر مسير..

إنما ظني فيك ما قلته عن نفسك؛ لا تقنطوا من رحمة الله؛ إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم.

فها أنا ذا
أحاول أن أجمع شتات قلبي، وأبدي بين يديك ضعف نفسي.. ولا يخفى عليك ما أنا فيه وما أعانيه، يكفيني من الغفلة حرماني من قربك، ويكفيني عقابًا جمود عينيّ وعصيان قلبي..

اجعل يا رب هذا ءاخر عهدي بما لا تحب، أول عهدي بكل ما تحب، اجعلها توبة نصوحًا ترضيك، وترضى بها عني..

أنا الفقير إليك
المسكين بين يديك
ما لي إله غيرك أدعوه وأطمع فيما عنده
اقبلني يا رب؛ فلئن طردت فأي باب أقرع!

ولا حول ولا قوة إلا بك.
2024/05/04 12:23:46
Back to Top
HTML Embed Code: