Telegram Web Link
Forwarded from عبدالله بن بلقاسم (عبدالله بلقاسم)
*الحبُّ الذي لا نَرَاه*

في ذروة الهجير وشدة الحر..
عامل يحمل على كتفه كيسا من الأسمنت..
هنا..
في أرض بعيدة بعيدة عن دياره..
حيث الاغتراب والوحدة والظروف..

في نهاية الشهر يقوم بتحويل كل الذي حصله إلى امرأة وأطفال خلف البحار، ويحزم بطنه على أقل القليل،..
يزاحم رفاقه في غرفة زهيدة الأجر.. ويلتحف ثوبا واحدا ممزقا لسنوات.. يغسله ويلبسه ويرقعه..

يتصل بالجوال.. لا يعرف الكثير من عبارات الحب..
ولا يحسن أن يقول قصيدة في الغزل..
يهاتف امرأته بنبرة جادة ويسأل عنهم باقتضاب ويغلق الهاتف..

في عالم الزيف..
لا يسمى هذا حبا ولا عشقا أو غراما..
في عصر الوردة الحمراء.. ولواصق الواتس وقلوبه النابضة.. وقصائد الغزل المسروقة.. ومقاطع الأغاني.. لا يسمى ما يفعله العامل الكادح ذو البشرة التي أحرقتها الشمس رومانسيا..

في بيوت كثيرة هناك حب عميق.. أسمى من كل القصائد.. وأطهر من كل الأغنيات.. وأصدق من كل رواية..
حب لا تراه العيون التي غشيها بريق الخداع..

صحيح أن الكلمة معبرة..
والهدية جميلة..
لكن هناك من عمره كله قصيدة حب حقيقي..
وحياته كلها هدية..

والحب الذي لا نراه..
حب امرأة كادحة.. ذبلت في رعاية بيتها وأطفالها وزوجها..
امراة لم تقل يوما يا حبيبي.. ولكن حياتها ملحمة غزل.. حروفها العمر والصحة والسهر والتعب..

الحب المتلعثم الذي لا يحسن التعبير ولا البوح..

الحب الذي لا نراه أعمق وأصدق من القدرة على التعبير عنه..

كل طعام يصنعه أهلك حب..
كل ثوب تلبسه..
كلما دخلت مكانا نظيفا..

وأنتِ..
كل يوم يعود فيه زوجك من الدوام.. قصيدة من الحب..
وكل زحام يعبره ليأتيكم بأغراض البيت جنون حب أعذب من جنون قيس..

أعيدوا النظر..
فتشوا عن الحب الذي يملأ بيوتكم ولا ترونه.. فضلا عن أن تروونه..

د. عبدالله بن بلقاسم.
2024/05/17 20:53:53
Back to Top
HTML Embed Code: