Forwarded from باروخ سبينوزا
في ذكرى ميلاد الفيلسوف التنويري سبينوزا - تشرين الثاني عام 1632
كتب سبينوزا غي كتابه رسالة في اللاهوت والسياسة :" ( ليس هناك وسيلة أكثر فعالية لحكم الجماهير من الخرافات. السبب الذي يؤدي إلى الخرافات ويحافظ عليها ويشجعها هو الخوف ..إن حرية الفكر لا تمثل خطرا على الإيمان، إن العقل هو أساس الإيمان فإن غاب ظهرت الخرافة وإذا سادت الخرافة ضاع العقل )
يكتب الفيلسوف الفرنسي إدغار موران في كتابه لحظة أخرى أيضاً :" إن سبينوزا هو رائد الفهم " لا تضحك ،لا تبك ، لا تكره ، عليك أن تفهم " . يؤكد سبينوزا ان الدين يجب أن يخضع للقوانين العامة ، فحرية التفكير والرأي أمر مفيد ، انها شرط لإنهاء النزعات الدينية " لا أحد بامكانه التخلي عن حرية التفكير ، فكل سيد على افكاره " .
وترى ريبيكا غولدشتاين في كتابها خيانة سبينوزا :" يقول سبينوزا " إن الافتراءات الخادعة للذات تنبع من نقطتي الضعف هاتين في طبيعتنا البشرية - وهما التعظيم الذاتي ورهاب الموت ، وكلاهما جوانب من عقلنا المخيف وغير القابل للشفاء - التي تفسر القوة المخيفة لأشكال الدين الخرافية " . كما يلاحظ سبينوزا في مقدمة كتابه ( رسالة في اللاهوت والسياسة ) : " .. إنه الخوف ، إذن ، فهو الذي يلد الخرافة ويحفظها ويعززها " .
ويكتب جاستن شتاينبيرغ في كتابه سبينوزا :" يريد سبينوزا أن يثبت أن الإيمان والعقل ليسا في صراع ، فإن ما يظهره في الواقع هو أن الكتاب المقدس هو مستودع للحكايات والمبادئ الأخلاقية . وبما ان الحقائق الأخلاقية للكتاب المقدس واضحة مباشرة لجميع القراء ، فلا يوجد حاجة لطائفة كهنوتية ضليعة في فنون التأويل لتفسير مزاعم النص للجماهير " .
وفي كتابه سبينوزا كيف نحيا وكيف نموت يؤكد ستيفن نادلر ان سبينوزا يصر على ان " الذين يقودهم العقل ، لا يرغبون في شيء لانفسهم إلا ويرغبونه لغيرهم ، ولذلك فهم عادلون وحسنو النية ونزهاء " . الانسان الحر ايضا مبتهج ، ولطيف ، ومتسامح .وهو ، في مزاجه ، ليس عرضة للعديد من احوال النفس التي تشكل مصدرا للصراع بين الاشخاص : الكراهية ، والحسد ، والاستهزاء ، والإزدراء ، والغضب ، والانتقام ، وغير ذلك من الانفعالات الضارة .
في روايته مشكلة سبينوزا يكتب عالم النفس الشهير إرفين د. يالوم هذا الحوار : قال سبيتوزا : لو بحثت في العالم كله فلن تجد قوماً أو ديناً لا يؤمن بالخرافات ، فما دام هناك جهل ، فإن البعض سيتمسكون بالخرافات ، إن التخلص من الجهل هو الحل الوحيد .
فاجاب بنتو " أشعر انّها معركة خاسرة ، فالجهل والإيمان بالخرافات ينتشران كالنار في الهشيم ، وأعتقد أنّ رجال الدين يغذون هذه النار ليضمنوا مراكزهم .ولهذا أصبحت على قناعة بأنني يجب أن أكون حراً .وإذا لم تكن تلك الطائفة موجودة ، فعليّ أن أعيش دون طائفة "
يطرح الفيلسوف الفرنسي المعاصر فريدريك لونوار في كتابه المعجزة السبيونزية سؤالا : " كيف يمكن للفرد العادي ، أن يكون سبينوزيا، حتى لو لم يكن مختصا في الدراسات الفلسفية ؟ أو كيف يستطيع الإنسان أن يتسلح برؤية سبينوزا وفلسفته في الحياة ، ويرى في كتابه " المعجزة السبينوزية " ، ان فيلسوفنا يحاول من خلال كتبه أن يقدم لنا " أفضلَ طريق ممكن إلى الخلاص، لكل أفراد المجتمع في هذا العالم الذي يقف على حافة الانهيار، إذ تهتز الديمقراطيات العريقة، وتنتشر النزاعات الطائفية ونزاعات الهوية والحزبية في كل أرجاء العالم" . يخبرنا لونوار أن رسالة سبينوزا الفلسفية تبرز من خلال رحلته الحياتية : " فإذا أردنا أن نعرف معنى المعجزة السبينوزية، يكفي أن ندرك أننا أمام شخص له سمات خاصة، شخص ظل وفيا لحب الحقيقة، مفضلا حرية التفكيرِ على طمأنينةِ العائلة والطائفة، وعلى الاِنسياق للفكرِ السائدِ. لقد كانَ ضحية أبشعِ الانتهاكات، تم التنكر له من قبل أَهله وعاشَ تحْت التهديد المتواصل، ولكنه بقي وفيا دائما للخط الموجه لمسيرته. كان عُرضة للكراهية ولكنه لم يكره أبدا. تعرضَ للغدرِ ولكنه لم يغدر أَدا. تَعرضَ للسخريَة ولكنه لم يستخف بأحد قط. تم شتمه ، ولكن رده كان دائما هو الاحترام . عاش دائما باعتدال وكرامة وفي انسجام مع أفكاره" .
وختامنا مع المفكر العربي فؤاد زكريا وكتابه الشهير إسبينوزا حيث يكتب :" الرأي الحقيقي الذي يؤمن به اسپينوزا في هذا الصدد هو الرأي القائل إننا إذا شئنا أن نهتدي إلى دليل على القدرة الإلهية، وأن نكون متسقين مع أنفسنا في الوقت ذاته، فلدينا في عقلنا البشري نفسه أعظم دليل. فليس ثمة داعٍ لافتراض معرفة غير مألوفة، خارجة على قوانين الطبيعة، لتكون هي مظهر هذه القدرة الإلهية. بل إن عقلنا ذاته معجزة، وكفاحنا من أجل فهم الطبيعة والسيطرة عليها معجزة، ولا معنى — في نظره — لافتراض معجزات ونبوءات تتحدى العقل وتخرج عن نطاق الطبيعة من أجل إثبات هذه القدرة "
كتب سبينوزا غي كتابه رسالة في اللاهوت والسياسة :" ( ليس هناك وسيلة أكثر فعالية لحكم الجماهير من الخرافات. السبب الذي يؤدي إلى الخرافات ويحافظ عليها ويشجعها هو الخوف ..إن حرية الفكر لا تمثل خطرا على الإيمان، إن العقل هو أساس الإيمان فإن غاب ظهرت الخرافة وإذا سادت الخرافة ضاع العقل )
يكتب الفيلسوف الفرنسي إدغار موران في كتابه لحظة أخرى أيضاً :" إن سبينوزا هو رائد الفهم " لا تضحك ،لا تبك ، لا تكره ، عليك أن تفهم " . يؤكد سبينوزا ان الدين يجب أن يخضع للقوانين العامة ، فحرية التفكير والرأي أمر مفيد ، انها شرط لإنهاء النزعات الدينية " لا أحد بامكانه التخلي عن حرية التفكير ، فكل سيد على افكاره " .
وترى ريبيكا غولدشتاين في كتابها خيانة سبينوزا :" يقول سبينوزا " إن الافتراءات الخادعة للذات تنبع من نقطتي الضعف هاتين في طبيعتنا البشرية - وهما التعظيم الذاتي ورهاب الموت ، وكلاهما جوانب من عقلنا المخيف وغير القابل للشفاء - التي تفسر القوة المخيفة لأشكال الدين الخرافية " . كما يلاحظ سبينوزا في مقدمة كتابه ( رسالة في اللاهوت والسياسة ) : " .. إنه الخوف ، إذن ، فهو الذي يلد الخرافة ويحفظها ويعززها " .
ويكتب جاستن شتاينبيرغ في كتابه سبينوزا :" يريد سبينوزا أن يثبت أن الإيمان والعقل ليسا في صراع ، فإن ما يظهره في الواقع هو أن الكتاب المقدس هو مستودع للحكايات والمبادئ الأخلاقية . وبما ان الحقائق الأخلاقية للكتاب المقدس واضحة مباشرة لجميع القراء ، فلا يوجد حاجة لطائفة كهنوتية ضليعة في فنون التأويل لتفسير مزاعم النص للجماهير " .
وفي كتابه سبينوزا كيف نحيا وكيف نموت يؤكد ستيفن نادلر ان سبينوزا يصر على ان " الذين يقودهم العقل ، لا يرغبون في شيء لانفسهم إلا ويرغبونه لغيرهم ، ولذلك فهم عادلون وحسنو النية ونزهاء " . الانسان الحر ايضا مبتهج ، ولطيف ، ومتسامح .وهو ، في مزاجه ، ليس عرضة للعديد من احوال النفس التي تشكل مصدرا للصراع بين الاشخاص : الكراهية ، والحسد ، والاستهزاء ، والإزدراء ، والغضب ، والانتقام ، وغير ذلك من الانفعالات الضارة .
في روايته مشكلة سبينوزا يكتب عالم النفس الشهير إرفين د. يالوم هذا الحوار : قال سبيتوزا : لو بحثت في العالم كله فلن تجد قوماً أو ديناً لا يؤمن بالخرافات ، فما دام هناك جهل ، فإن البعض سيتمسكون بالخرافات ، إن التخلص من الجهل هو الحل الوحيد .
فاجاب بنتو " أشعر انّها معركة خاسرة ، فالجهل والإيمان بالخرافات ينتشران كالنار في الهشيم ، وأعتقد أنّ رجال الدين يغذون هذه النار ليضمنوا مراكزهم .ولهذا أصبحت على قناعة بأنني يجب أن أكون حراً .وإذا لم تكن تلك الطائفة موجودة ، فعليّ أن أعيش دون طائفة "
يطرح الفيلسوف الفرنسي المعاصر فريدريك لونوار في كتابه المعجزة السبيونزية سؤالا : " كيف يمكن للفرد العادي ، أن يكون سبينوزيا، حتى لو لم يكن مختصا في الدراسات الفلسفية ؟ أو كيف يستطيع الإنسان أن يتسلح برؤية سبينوزا وفلسفته في الحياة ، ويرى في كتابه " المعجزة السبينوزية " ، ان فيلسوفنا يحاول من خلال كتبه أن يقدم لنا " أفضلَ طريق ممكن إلى الخلاص، لكل أفراد المجتمع في هذا العالم الذي يقف على حافة الانهيار، إذ تهتز الديمقراطيات العريقة، وتنتشر النزاعات الطائفية ونزاعات الهوية والحزبية في كل أرجاء العالم" . يخبرنا لونوار أن رسالة سبينوزا الفلسفية تبرز من خلال رحلته الحياتية : " فإذا أردنا أن نعرف معنى المعجزة السبينوزية، يكفي أن ندرك أننا أمام شخص له سمات خاصة، شخص ظل وفيا لحب الحقيقة، مفضلا حرية التفكيرِ على طمأنينةِ العائلة والطائفة، وعلى الاِنسياق للفكرِ السائدِ. لقد كانَ ضحية أبشعِ الانتهاكات، تم التنكر له من قبل أَهله وعاشَ تحْت التهديد المتواصل، ولكنه بقي وفيا دائما للخط الموجه لمسيرته. كان عُرضة للكراهية ولكنه لم يكره أبدا. تعرضَ للغدرِ ولكنه لم يغدر أَدا. تَعرضَ للسخريَة ولكنه لم يستخف بأحد قط. تم شتمه ، ولكن رده كان دائما هو الاحترام . عاش دائما باعتدال وكرامة وفي انسجام مع أفكاره" .
وختامنا مع المفكر العربي فؤاد زكريا وكتابه الشهير إسبينوزا حيث يكتب :" الرأي الحقيقي الذي يؤمن به اسپينوزا في هذا الصدد هو الرأي القائل إننا إذا شئنا أن نهتدي إلى دليل على القدرة الإلهية، وأن نكون متسقين مع أنفسنا في الوقت ذاته، فلدينا في عقلنا البشري نفسه أعظم دليل. فليس ثمة داعٍ لافتراض معرفة غير مألوفة، خارجة على قوانين الطبيعة، لتكون هي مظهر هذه القدرة الإلهية. بل إن عقلنا ذاته معجزة، وكفاحنا من أجل فهم الطبيعة والسيطرة عليها معجزة، ولا معنى — في نظره — لافتراض معجزات ونبوءات تتحدى العقل وتخرج عن نطاق الطبيعة من أجل إثبات هذه القدرة "
معجم مكيافللي(1)
كأي مفكر كبير، لا يمكن قراءة مكيافللي دون ضبطٍ للمفاهيم التي يستخدمها باستمرار وتشكل نواة فلسفته السياسية. في هذا المنشور تجدون معجما كاملا لأهم المصطلحات والمفاهيم التي تؤثث فضاء ميكافللي السياسي.
الطالع (fortuna)
ترتيب غير متوقع وخارج عن السيطرة للأشياء في الزمن، والذي يحدد تصرف الناس والمجتمعات الإنسانية. غالبا ما يشير إليه مكيافللي باستخدام تعبير "متطلبات الزمن"، بمعنى الظروف.
القوة (forza)
فضاء مكيافللي السياسي يتميز بالصراع وغياب الاستقرار، حيث أن القوة، التي تُختصر في القوة العسكرية، تُصبح عاملا أساسيا وحاسما. ومع ذلك فمكيافللي يدعو إلى الاقتصاد في استخدام العنف والقوة وعدم الإفراط في اللجوء إليهما، رغم أنه يفعل ذلك انطلاقا مع اعتبارات سياسية وليست أخلاقية.
الحرية (libertà)
يعني مكيافللي بالحرية ، استقلالية دولة أو جسم سياسي. لكن التبني الكامل بالنسبة له يتعلق بالحرية الفردية، النابع من التقليد الجمهوري. فبحسب هذا المفهوم، الحرية هي وضعية يُخولها التواجد ضمن شكل من الحكومات المختلف عن الإمارة، والذي يسمح بمساواة مادية وقانونية نسبية، وكذلك بمشاركة المواطنين في المؤسسات والجيش.
الضرورة (necessità)
بالنسبة لمكيافللي، الضرورة هي وضعية تُجبر على القيام بتصرف معين. يُمكن أن يتعلق الأمر بظاهرة طبيعية أو مفروضة من طرف قوانين أو أعراف أو مؤسسات. ففي حين يُخفي الطالع الطريق، تُظهر الضرورة وِجهة التصرف الذي يجب القيام به. الشخص الفاضل هو الذي يعرف كيف يتأقلم مع الظروف من أجل أن يخرج منتصرا من هذه الوضعية.
الفرصة (occasione)
هي هدية الطالع التي تُعلي من حظوظ نجاح التحرك. هي تتميز بصعوبة تحديدها وقدرتها على المراوغة والانفلات. استغلال الفرصة يستدعي معرفة تمييز المكان والتوقيت المناسبين للتحرك، وعقد العزم على التصرف بصرامة ودون تردد أو تأخر.
الإمارة الجديدة
الموضوع المركزي في كتاب "الأمير" هو تحليل إنشاء الامارات الجديدة (والمختلطة) والمحافظة عليها، والتي هي المقابل السياسي للإمارات الوراثية والدينية. شرعية الامارة الجديدة تنبع من الأثر النافع القادرة على إحداثه لاحقا.
الإمارة المدنية
فيها تتمركز السلطة أيضا في يد شخص واحد، لكنه شخص تم اختياره من طرف الشعب من أجل الدفاع عن الصالح العام. في هذا النوع من الامارات (الجمهورية)، صعود الأمير إلى سدة الحكم واستمراره فيها يستبعد اللجوء الى القوةوالانحراف. إنه النموذج الذي يروق الكاتب كما نلاحظ ذلك في كتابه "خطاب حول العشرية الأولى لتيت ليف".
الواقعية السياسية (verità affetuale)
يمكن تلخيص الملامح الكبرى للواقعية السياسية عند مكيافللي في :
أولا : التشاؤم الانتروبولوجي الذي يعتبر الأهواء التدميرية عند الانسان بمثابة الثابت الذي يجب على كل فعل سياسي أن ينطلق منه ويأخذه بالحسبان.
ثانيا : اعتبار المجتمع والدولة بمثابة حقل صراعات مستمرة، سواء على المستوى الداخلي او الخاجي.
ثالثا : القبول بالطبيعة التراتبية لعلاقات القوة.
رابعا : في ميدان السياسة يجب القبول بالحقيقة التي مفادها أن لا وجود للقرار المثالي الذي لا تشوبه شائبة، المنزه عن السلبيات والأخطاء، ما يعني في نهاية التحليل القبول بارتكاب أقل الشرور.
اللقاء (riscontro)
هو المواجهة بين البشر والطالع. ونجاحه يتوقف على مدى التوافق بين تصرف الانسان والتصرف الذي تمليه دائما وأبدا الظروف. أمام الحتمية الواضحة لعالم يُغير الطالع معالمه ويهزه هزا في كل مرة، نجد أن مكيافللي لا يستسلم ويدعو إلى المقاومة والتحرك. "اللقاء" هو انسجام الإنسان مع الطابع المتقلب للظروف.
الفضيلة (vertu)
القدرة على تغليب الغايات الإنسانية على الظروف، أي القدرة على القيام بما تضعه الفرصة و ويضعه الطالع بين يدي الإنسان. بخلاف المفاهيم الكلاسيكية والمسيحية، الفضيلة المكيافللي ليست شكلا من السيطرة على الذات أو النية الحسنة أو السلامة الأخلاقية، ولكنها ضرب من المهارة التقنية. يتعلق الأمر بمزيج من الاحتراس والشجاعة، وحتى الشدة.
الجمهورية (reppublica)
هي نظام سياسي يتعارض مع الملكية. يتعلق الأمر، بحسب مكيافللي ،بالنظام السياسي القادر على الدفاع على الصالح العام والحرية. ومع ذلك فمكيافللي ليس جمهوريا مغرقا في المثالية : الجمهورية الأكثر فعالية لا يمكن إلا أن تكون نظاما يجاور فيه العنصر الشعبي العنصر الارستقراطي ويعارضه، والعكس صحيح، وحيث النظام القانوني يسمح بتوزيع للسلطة، وأيضا تواجد نظام للقوى المضادة.
(1) تم الاعتماد هذا المقال على العدد المخصص لمكيافللي في مجلة لوموند (2016)
ترجمة: يوسف إسحيردة
كأي مفكر كبير، لا يمكن قراءة مكيافللي دون ضبطٍ للمفاهيم التي يستخدمها باستمرار وتشكل نواة فلسفته السياسية. في هذا المنشور تجدون معجما كاملا لأهم المصطلحات والمفاهيم التي تؤثث فضاء ميكافللي السياسي.
الطالع (fortuna)
ترتيب غير متوقع وخارج عن السيطرة للأشياء في الزمن، والذي يحدد تصرف الناس والمجتمعات الإنسانية. غالبا ما يشير إليه مكيافللي باستخدام تعبير "متطلبات الزمن"، بمعنى الظروف.
القوة (forza)
فضاء مكيافللي السياسي يتميز بالصراع وغياب الاستقرار، حيث أن القوة، التي تُختصر في القوة العسكرية، تُصبح عاملا أساسيا وحاسما. ومع ذلك فمكيافللي يدعو إلى الاقتصاد في استخدام العنف والقوة وعدم الإفراط في اللجوء إليهما، رغم أنه يفعل ذلك انطلاقا مع اعتبارات سياسية وليست أخلاقية.
الحرية (libertà)
يعني مكيافللي بالحرية ، استقلالية دولة أو جسم سياسي. لكن التبني الكامل بالنسبة له يتعلق بالحرية الفردية، النابع من التقليد الجمهوري. فبحسب هذا المفهوم، الحرية هي وضعية يُخولها التواجد ضمن شكل من الحكومات المختلف عن الإمارة، والذي يسمح بمساواة مادية وقانونية نسبية، وكذلك بمشاركة المواطنين في المؤسسات والجيش.
الضرورة (necessità)
بالنسبة لمكيافللي، الضرورة هي وضعية تُجبر على القيام بتصرف معين. يُمكن أن يتعلق الأمر بظاهرة طبيعية أو مفروضة من طرف قوانين أو أعراف أو مؤسسات. ففي حين يُخفي الطالع الطريق، تُظهر الضرورة وِجهة التصرف الذي يجب القيام به. الشخص الفاضل هو الذي يعرف كيف يتأقلم مع الظروف من أجل أن يخرج منتصرا من هذه الوضعية.
الفرصة (occasione)
هي هدية الطالع التي تُعلي من حظوظ نجاح التحرك. هي تتميز بصعوبة تحديدها وقدرتها على المراوغة والانفلات. استغلال الفرصة يستدعي معرفة تمييز المكان والتوقيت المناسبين للتحرك، وعقد العزم على التصرف بصرامة ودون تردد أو تأخر.
الإمارة الجديدة
الموضوع المركزي في كتاب "الأمير" هو تحليل إنشاء الامارات الجديدة (والمختلطة) والمحافظة عليها، والتي هي المقابل السياسي للإمارات الوراثية والدينية. شرعية الامارة الجديدة تنبع من الأثر النافع القادرة على إحداثه لاحقا.
الإمارة المدنية
فيها تتمركز السلطة أيضا في يد شخص واحد، لكنه شخص تم اختياره من طرف الشعب من أجل الدفاع عن الصالح العام. في هذا النوع من الامارات (الجمهورية)، صعود الأمير إلى سدة الحكم واستمراره فيها يستبعد اللجوء الى القوةوالانحراف. إنه النموذج الذي يروق الكاتب كما نلاحظ ذلك في كتابه "خطاب حول العشرية الأولى لتيت ليف".
الواقعية السياسية (verità affetuale)
يمكن تلخيص الملامح الكبرى للواقعية السياسية عند مكيافللي في :
أولا : التشاؤم الانتروبولوجي الذي يعتبر الأهواء التدميرية عند الانسان بمثابة الثابت الذي يجب على كل فعل سياسي أن ينطلق منه ويأخذه بالحسبان.
ثانيا : اعتبار المجتمع والدولة بمثابة حقل صراعات مستمرة، سواء على المستوى الداخلي او الخاجي.
ثالثا : القبول بالطبيعة التراتبية لعلاقات القوة.
رابعا : في ميدان السياسة يجب القبول بالحقيقة التي مفادها أن لا وجود للقرار المثالي الذي لا تشوبه شائبة، المنزه عن السلبيات والأخطاء، ما يعني في نهاية التحليل القبول بارتكاب أقل الشرور.
اللقاء (riscontro)
هو المواجهة بين البشر والطالع. ونجاحه يتوقف على مدى التوافق بين تصرف الانسان والتصرف الذي تمليه دائما وأبدا الظروف. أمام الحتمية الواضحة لعالم يُغير الطالع معالمه ويهزه هزا في كل مرة، نجد أن مكيافللي لا يستسلم ويدعو إلى المقاومة والتحرك. "اللقاء" هو انسجام الإنسان مع الطابع المتقلب للظروف.
الفضيلة (vertu)
القدرة على تغليب الغايات الإنسانية على الظروف، أي القدرة على القيام بما تضعه الفرصة و ويضعه الطالع بين يدي الإنسان. بخلاف المفاهيم الكلاسيكية والمسيحية، الفضيلة المكيافللي ليست شكلا من السيطرة على الذات أو النية الحسنة أو السلامة الأخلاقية، ولكنها ضرب من المهارة التقنية. يتعلق الأمر بمزيج من الاحتراس والشجاعة، وحتى الشدة.
الجمهورية (reppublica)
هي نظام سياسي يتعارض مع الملكية. يتعلق الأمر، بحسب مكيافللي ،بالنظام السياسي القادر على الدفاع على الصالح العام والحرية. ومع ذلك فمكيافللي ليس جمهوريا مغرقا في المثالية : الجمهورية الأكثر فعالية لا يمكن إلا أن تكون نظاما يجاور فيه العنصر الشعبي العنصر الارستقراطي ويعارضه، والعكس صحيح، وحيث النظام القانوني يسمح بتوزيع للسلطة، وأيضا تواجد نظام للقوى المضادة.
(1) تم الاعتماد هذا المقال على العدد المخصص لمكيافللي في مجلة لوموند (2016)
ترجمة: يوسف إسحيردة
وعند السؤال عن كيف يمكن أن تؤكد الإرادة وجودها - في الحياة وتكاثرها - أو كيف يمكن إيقافها - في نفي الرغبة، حيث يُلغى العالم أيضًا - وعما سيكون عليه البشر إذا لم يكونوا إرادة للعيش، يجيب شوبنهاور بأن، في مثل هذه الحالات، «ظلامًا يظللنا» لأن الطبيعة الجوهرية للعالم لا يمكن معرفتها.
«... ذلك الظلام في الحياة لا يمكن محاولة كشفه؛ كأننا نراه معزولين عن ضوء بدائي، أو أن أفقنا محدود بحاجز خارجي، أو أن قوة روحنا لا تكفي لملاقاة عظمة الكائن؛ في مثل هذه التوضيحات، لا يصبح الظلام إلا نسبيًا، موجودًا فقط في علاقتنا بنا وبأسلوب معرفتنا. لكن لا، هو ظلام مطلق وأصلي؛ وهذا أمر سهل الفهم، إذا أخذنا في الاعتبار أن جوهر العالم العميق والأصلي ليس المعرفة، بل هو فقط الإرادة، شيء لا واعٍ. المعرفة عمومًا هي شيء ثانوي، حادث وعرضي؛ لذا، فإن ذلك الظلام ليس مجرد ظل عابر في منطقة النور، بل المعرفة هي النور وسط الظلام الأصلي واللامحدود، الذي تضيع فيه تلك النور. ولذلك، فإن هذه الظلمات تصبح أكثر رعبًا كلما كان هناك ضوء، إذ يكتشف هذا النور المزيد من النقاط في حدود الظلام».
تجربة محاطة بالظلام، تتعلق بمعنى وجود العالم كإرادة، بطبيعته الأعمق، هي الحال التي يعيش فيها البشر ومعرفتهم. التمثيل، كعالم الظواهر المدركة، المُعطى للوعي، الذي ينمو من خلاله العلم، هو النور الذي يكشف، سلبًا، وجود ظلام غامض، مطلق وأصلي. مع شوبنهاور، يُماثل الظلام إلى حد ما الإرادة، لكن أيضًا بما هو أبعد منها، شيء لا يمكن معرفته بالمطلق. وبينما تنبع صورة الظلام في فلسفة شوبنهاور من حدود التمثيل والمعرفة، في أدب ليغوتي، تظهر الكائنات المسمّاة بالظل والظلام كقوة بدائية وعميقة لا تُقهر، تُمثل، مثل الإرادة، ما يُحيي جميع الأجسام العضوية وغير العضوية، وتستخدمها لتنمية نفسها. أما بالنسبة للبشر، فإن هذه الكائنات تحفزهم على أن يكونوا ويقوموا بما لم يكونوا ليقوموا به لو لم تؤثر عليهم تلك القوة الأولية؛ تحثهم على أن يصدقوا أنهم ذوات، وتدفعهم لوضع خطط ونيات تتعلق بوجودات شخصية مفترضة. يظهر وجود هذا الظلام من خلال تجربة المرض والإدراكات الجسدية الأكثر مباشرة. للبدء في توضيح وجود مفهوم الإرادة في قصة «الظل، الظلام»، يمكن الإشارة إلى قرب ليغوتي من فكر شوبنهاور:
«شوبنهاور هو متشائم عظيم، من بين أسباب عديدة، لأنه يكشف عن سمة مميزة للخيال المتشائم. كما أشرنا، فإن أفكاره العميقة ترتبط ببنية فلسفية مركزها الإرادة، أو الإرادة للعيش: قوة عمياء، صمّاء، وصامتة، تُحرك البشر على حسابهم. […] مثل دمى تتحرك بخيط يُعطى لها من قبل قوة ما — سواء كانت الإرادة، القوة الحيوية، anima mundi، العمليات الفسيولوجية أو النفسية، الطبيعة أو أي شيء آخر — يستمر الكائن الحي في العمل كما يُؤمر حتى تنفد الخيوط. في الفلسفات المتشائمة، القوة وحدها هي الحقيقية، وليس الأشياء التي تُفعّل بها. إنها مجرد دمى، وإذا كانت واعية، قد تظن أنها كائنات مستقلة تعمل بمحض إرادتها».
واقع القوة التي تحرك حركات الأجسام غير العضوية وسلوك الأجسام العضوية، التي تجعل هذه الأخيرة دمى معقدة، هو محور قصة «الظل، الظلام». تتدور أحداث القصة حول مجموعة من الفنانين والمثقفين الذين يعيشون فشلًا نسبيًا، والذين يزورون مدينة كرامبتون الميتة، وهي منطقة حضرية رمادية وخاوية، مكانها غير محدد، بهدف حضور «رحلة فيزيائية-ميتافيزيقية» ينظمها الفنان راينر غروسفوغل. وعندما يحين الوقت، يعرض هذا الفنان لهم في منشأة صغيرة وغير مستقرة سلسلة من التماثيل الغريبة والجديدة التي حصل بها على نجاح كبير واعتراف واسع، في الوقت نفسه الذي يروي لهم تجربته مع مرض عضوي خطير عانى منه، وشفائه منه. ومع ذلك، فإن هذا الانهيار الجسدي، الذي سبقته انهيارات نفسية وعاطفية، كشف لغروسفوغل عن وجود كائن يُسميه الظل، الظلام، الذي غيّر بشكل جذري تجربته للعالم. «الشفاء المتحول» هو المصطلح الذي يستخدمه الفنان للإشارة إلى عملية شفاء مرضه، وكذلك إلى تجربة الكشف عن الكائن الذي يغيره بالكامل. يشمل شهادته عن الانهيار، الممتزجة بالتأكيدات الميتافيزيقية، ما يلي:
«ولكن عندما وجدت نفسي منهارًا على أرضية هذهاالمعرض الفني، ولاحقًا في المستشفى، أواجه تلك الآلام البطنية القاسية، غمرني شعور أنني واعٍ تمامًا لعدم وجود عقل أو خيال يمكنني استخدامه، أنه لم يكن هناك شيء يمكنني تسميته روحًا أو ذاتًا... كانت تلك الأشياء كلها بلا معنى وأحلام. أصبحت واعيًا […] أن الشيء الوحيد الذي يمتلك وجودًا هو جسدي هذا […] وأدركت حينها أن هذا الجسد ليس لديه شيء آخر يفعله سوى تجربة الألم الجسدي، وأنه لا يوجد شيء يمكن أن يكون بخلاف ما هو عليه...
«... ذلك الظلام في الحياة لا يمكن محاولة كشفه؛ كأننا نراه معزولين عن ضوء بدائي، أو أن أفقنا محدود بحاجز خارجي، أو أن قوة روحنا لا تكفي لملاقاة عظمة الكائن؛ في مثل هذه التوضيحات، لا يصبح الظلام إلا نسبيًا، موجودًا فقط في علاقتنا بنا وبأسلوب معرفتنا. لكن لا، هو ظلام مطلق وأصلي؛ وهذا أمر سهل الفهم، إذا أخذنا في الاعتبار أن جوهر العالم العميق والأصلي ليس المعرفة، بل هو فقط الإرادة، شيء لا واعٍ. المعرفة عمومًا هي شيء ثانوي، حادث وعرضي؛ لذا، فإن ذلك الظلام ليس مجرد ظل عابر في منطقة النور، بل المعرفة هي النور وسط الظلام الأصلي واللامحدود، الذي تضيع فيه تلك النور. ولذلك، فإن هذه الظلمات تصبح أكثر رعبًا كلما كان هناك ضوء، إذ يكتشف هذا النور المزيد من النقاط في حدود الظلام».
تجربة محاطة بالظلام، تتعلق بمعنى وجود العالم كإرادة، بطبيعته الأعمق، هي الحال التي يعيش فيها البشر ومعرفتهم. التمثيل، كعالم الظواهر المدركة، المُعطى للوعي، الذي ينمو من خلاله العلم، هو النور الذي يكشف، سلبًا، وجود ظلام غامض، مطلق وأصلي. مع شوبنهاور، يُماثل الظلام إلى حد ما الإرادة، لكن أيضًا بما هو أبعد منها، شيء لا يمكن معرفته بالمطلق. وبينما تنبع صورة الظلام في فلسفة شوبنهاور من حدود التمثيل والمعرفة، في أدب ليغوتي، تظهر الكائنات المسمّاة بالظل والظلام كقوة بدائية وعميقة لا تُقهر، تُمثل، مثل الإرادة، ما يُحيي جميع الأجسام العضوية وغير العضوية، وتستخدمها لتنمية نفسها. أما بالنسبة للبشر، فإن هذه الكائنات تحفزهم على أن يكونوا ويقوموا بما لم يكونوا ليقوموا به لو لم تؤثر عليهم تلك القوة الأولية؛ تحثهم على أن يصدقوا أنهم ذوات، وتدفعهم لوضع خطط ونيات تتعلق بوجودات شخصية مفترضة. يظهر وجود هذا الظلام من خلال تجربة المرض والإدراكات الجسدية الأكثر مباشرة. للبدء في توضيح وجود مفهوم الإرادة في قصة «الظل، الظلام»، يمكن الإشارة إلى قرب ليغوتي من فكر شوبنهاور:
«شوبنهاور هو متشائم عظيم، من بين أسباب عديدة، لأنه يكشف عن سمة مميزة للخيال المتشائم. كما أشرنا، فإن أفكاره العميقة ترتبط ببنية فلسفية مركزها الإرادة، أو الإرادة للعيش: قوة عمياء، صمّاء، وصامتة، تُحرك البشر على حسابهم. […] مثل دمى تتحرك بخيط يُعطى لها من قبل قوة ما — سواء كانت الإرادة، القوة الحيوية، anima mundi، العمليات الفسيولوجية أو النفسية، الطبيعة أو أي شيء آخر — يستمر الكائن الحي في العمل كما يُؤمر حتى تنفد الخيوط. في الفلسفات المتشائمة، القوة وحدها هي الحقيقية، وليس الأشياء التي تُفعّل بها. إنها مجرد دمى، وإذا كانت واعية، قد تظن أنها كائنات مستقلة تعمل بمحض إرادتها».
واقع القوة التي تحرك حركات الأجسام غير العضوية وسلوك الأجسام العضوية، التي تجعل هذه الأخيرة دمى معقدة، هو محور قصة «الظل، الظلام». تتدور أحداث القصة حول مجموعة من الفنانين والمثقفين الذين يعيشون فشلًا نسبيًا، والذين يزورون مدينة كرامبتون الميتة، وهي منطقة حضرية رمادية وخاوية، مكانها غير محدد، بهدف حضور «رحلة فيزيائية-ميتافيزيقية» ينظمها الفنان راينر غروسفوغل. وعندما يحين الوقت، يعرض هذا الفنان لهم في منشأة صغيرة وغير مستقرة سلسلة من التماثيل الغريبة والجديدة التي حصل بها على نجاح كبير واعتراف واسع، في الوقت نفسه الذي يروي لهم تجربته مع مرض عضوي خطير عانى منه، وشفائه منه. ومع ذلك، فإن هذا الانهيار الجسدي، الذي سبقته انهيارات نفسية وعاطفية، كشف لغروسفوغل عن وجود كائن يُسميه الظل، الظلام، الذي غيّر بشكل جذري تجربته للعالم. «الشفاء المتحول» هو المصطلح الذي يستخدمه الفنان للإشارة إلى عملية شفاء مرضه، وكذلك إلى تجربة الكشف عن الكائن الذي يغيره بالكامل. يشمل شهادته عن الانهيار، الممتزجة بالتأكيدات الميتافيزيقية، ما يلي:
«ولكن عندما وجدت نفسي منهارًا على أرضية هذهاالمعرض الفني، ولاحقًا في المستشفى، أواجه تلك الآلام البطنية القاسية، غمرني شعور أنني واعٍ تمامًا لعدم وجود عقل أو خيال يمكنني استخدامه، أنه لم يكن هناك شيء يمكنني تسميته روحًا أو ذاتًا... كانت تلك الأشياء كلها بلا معنى وأحلام. أصبحت واعيًا […] أن الشيء الوحيد الذي يمتلك وجودًا هو جسدي هذا […] وأدركت حينها أن هذا الجسد ليس لديه شيء آخر يفعله سوى تجربة الألم الجسدي، وأنه لا يوجد شيء يمكن أن يكون بخلاف ما هو عليه...
لا فنان ولا مبدع من أي نوع، بل مجرد كتلة من اللحم، وشبكة من الأنسجة والعظام وما إلى ذلك، تعاني من آلام اضطراب في الجهاز الهضمي، وأن أي شيء لا ينبع من هذه الحقائق، خاصة إنتاج الأعمال الفنية، هو غير واقعي وعميقًا وخاطئًا. وفي الوقت نفسه، كنت أيضًا واعيًا بالقوة التي كانت وراء رغبتي القوية في أن أفعل شيئًا وأكون شيئًا، وبالتحديد، رغبتي في خلق أعمال فنية زائفة وغير واقعية. بمعنى آخر، أصبحت واعيًا بما كان في الواقع يُحرك جسدي. […] لقد تحقق هذا الوعي بالقوة التي كانت تُحرك جسدي ورغباته عبر الوسيلة الوحيدة الممكنة: عبر الجسد نفسه وأعضائه الحسية. هذه هي الطريقة الدقيقة التي يعمل بها عالم الأجسام غير البشرية دائمًا، ويفعل ذلك بشكل أفضل بكثير من عالم الأجسام البشرية، الذي دائمًا ما تعترضه كل تلك الخرافات التي نخترعها عن وجود عقول وأرواح وذوات».
فيما بعد، في السرد، يتم اكتشاف أن القوة المحركة، الظلام الذي يعبر كل شيء، هو سبب الإيمان بالذات: حيلة نشأت بالصدفة من جراء أفعال هذه الكائنات التي تستخدم جميع الأجسام لتكثيف نفسها. الإيمان بالذات يعتمد، بدوره، على العمل الفني النهائي الذي تخلقه الظلمة: الكلمات. تماشيًا مع الأطروحة المتشائمة حول واقع القوة المحركة ولامعقولية ما يُفعّل بها، يُعبّر في هذه القصة عن أن الذوات ليست حقائق في العالم، بل هي ستائر وأقنعة وأقنعة للظلام، «الذي هو داخل كل شيء ويغزو الأشياء من أعماقها… ظلام لا يُقهَر بلا جوهر […] الذي يحرك جميع الأشياء في هذا العالم، بما في ذلك تلك الأشياء التي نسميها أجسادنا».
أمام اكتشاف وجود الظلام، الذي يصبح تدريجيًا حاضرًا في مجموعة الفنانين والمثقفين الذين زاروا كرامبتون، يُكرر أحد هؤلاء الشخصيات، مؤلف المعاهدة الغريبة: «تحقيق في المؤامرة ضد النوع البشري» — وهو عنوان وهمي سيستخدمه ليغوتي لتسمية مقاله الشهير— أنه في دراساته، وجد استنتاجات تتفق مع تجارب غروسفوغل. يشرح هذا الشخص قائلاً:
«بسبب وجود الكلمات، نظن أن هناك عقلًا، وأن نوعًا من الروح أو الذات موجود. هذه هي ببساطة واحدة من طبقات التغطية اللانهائية. لا يوجد عقل كان قادرًا على كتابة 'تحقيق في المؤامرة ضد النوع البشري'… لا يوجد عقل يمكنه كتابة مثل هذا الكتاب، ولا عقل يمكنه قراءته. لا يوجد أحد على الإطلاق يمكنه قول أي شيء عن هذه الحقيقة الأساسية للوجود، ولا أحد يمكنه أن يخون هذه الحقيقة. ولا يوجد أحد يمكن التواصل معه».
هنا، نجد تأكيدًا ذا طابع إلغائي يعتمد على وجود الكائن المسمى بالظل، الظلام. يتكون هذا التأكيد من تسليط الضوء على لامعقولية الذات، وإلغاء وجودها، إذ لا يوجد عقل إلا كستار للقوة المحركة التي تتماشى مع مفهوم الإرادة في فلسفة شوبنهاور. إن غياب الذات الأنطولوجي، وهي أطروحة على الأقل متناقضة، والتي يعدها بعض الفلاسفة أمرًا لا يمكن التفكير فيه، تؤدي، في القصة، إلى وجود مستحيل لكتاب، من جهة، قادر على توضيح جوانب أساسية ومرعبة من الواقع، ومن جهة أخرى، لا يمكن أن يكون قد كُتب قط، لأن أحد هذه الجوانب هو أن الذوات التي كان يمكن أن تكتب هذا الكتاب هي مجرد أحلام وتفاهات تفتقر إلى التماسك.
وقد شرح الناقد الثقافي مارك فيشر أن «إحساس الرعب ينشأ إذا كان هناك وجود حيث لا ينبغي أن يكون هناك شيء، أو إذا لم يكن هناك وجود حيث يجب أن يكون هناك شيء». وفي هذا السياق، يظهر وجود الذات كوجود مخيف لأن القوة المحركة، الظلام، هي الوحيدة التي تمكن من ظهورها. لن تكون العقول هناك لو لم يكن النظام الطبيعي قد احتله الظلام. دون فعل هذه الكائنات، لن تظهر الذوات حتى كخرافات، حيث إنها «الظل الذي يغزو كل شيء (ويجعل الأشياء ما لم تكن لتكونه) والظلام الذي يحرك كل شيء (ويجعل الأشياء تفعل ما لم تكن لتفعله)».
بناءً على ما تم تطويره أعلاه، يمكن القول إن الإرادة، المرتبطة بفلسفة شوبنهاور، وكذلك الظلال، الظلام، المرتبطة بأدب ليغوتي، تتطابق للأسباب التالية: كلاً من الإرادة والظلام هما قوى بدائية تفتقر إلى غاية أو هدف يتجاوز تأكيدها البسيط؛ قوة هذه الواقعية هي بحيث لا يوجد جسم أو ظاهرة يمكن أن تقاوم فعلها. علاوة على ذلك، في حالة شوبنهاور، فإن الأجسام نفسها هي موضوعات الإرادة. وهكذا، تعمل الإرادة والظلام على البشر، متمثلة في رغبات لا تُشبع إلا نادرًا، وحتى عندما يتم تلبية هذه الرغبات، لا تنفد القوة التي تحركها. فإذا كان شوبنهاور يرى أن البشر هم دمى لرغباتهم، وبالتالي لإرادتهم؛ فإن ليغوتي، الذي يبالغ في هذه الفكرة، يرى أن الهوية الشخصية وغاياتها هي تمويهات تنتجها الظلمة القوية التي، في النهاية، تُغطى بأغطية ذاتية ضئيلة.
فيما بعد، في السرد، يتم اكتشاف أن القوة المحركة، الظلام الذي يعبر كل شيء، هو سبب الإيمان بالذات: حيلة نشأت بالصدفة من جراء أفعال هذه الكائنات التي تستخدم جميع الأجسام لتكثيف نفسها. الإيمان بالذات يعتمد، بدوره، على العمل الفني النهائي الذي تخلقه الظلمة: الكلمات. تماشيًا مع الأطروحة المتشائمة حول واقع القوة المحركة ولامعقولية ما يُفعّل بها، يُعبّر في هذه القصة عن أن الذوات ليست حقائق في العالم، بل هي ستائر وأقنعة وأقنعة للظلام، «الذي هو داخل كل شيء ويغزو الأشياء من أعماقها… ظلام لا يُقهَر بلا جوهر […] الذي يحرك جميع الأشياء في هذا العالم، بما في ذلك تلك الأشياء التي نسميها أجسادنا».
أمام اكتشاف وجود الظلام، الذي يصبح تدريجيًا حاضرًا في مجموعة الفنانين والمثقفين الذين زاروا كرامبتون، يُكرر أحد هؤلاء الشخصيات، مؤلف المعاهدة الغريبة: «تحقيق في المؤامرة ضد النوع البشري» — وهو عنوان وهمي سيستخدمه ليغوتي لتسمية مقاله الشهير— أنه في دراساته، وجد استنتاجات تتفق مع تجارب غروسفوغل. يشرح هذا الشخص قائلاً:
«بسبب وجود الكلمات، نظن أن هناك عقلًا، وأن نوعًا من الروح أو الذات موجود. هذه هي ببساطة واحدة من طبقات التغطية اللانهائية. لا يوجد عقل كان قادرًا على كتابة 'تحقيق في المؤامرة ضد النوع البشري'… لا يوجد عقل يمكنه كتابة مثل هذا الكتاب، ولا عقل يمكنه قراءته. لا يوجد أحد على الإطلاق يمكنه قول أي شيء عن هذه الحقيقة الأساسية للوجود، ولا أحد يمكنه أن يخون هذه الحقيقة. ولا يوجد أحد يمكن التواصل معه».
هنا، نجد تأكيدًا ذا طابع إلغائي يعتمد على وجود الكائن المسمى بالظل، الظلام. يتكون هذا التأكيد من تسليط الضوء على لامعقولية الذات، وإلغاء وجودها، إذ لا يوجد عقل إلا كستار للقوة المحركة التي تتماشى مع مفهوم الإرادة في فلسفة شوبنهاور. إن غياب الذات الأنطولوجي، وهي أطروحة على الأقل متناقضة، والتي يعدها بعض الفلاسفة أمرًا لا يمكن التفكير فيه، تؤدي، في القصة، إلى وجود مستحيل لكتاب، من جهة، قادر على توضيح جوانب أساسية ومرعبة من الواقع، ومن جهة أخرى، لا يمكن أن يكون قد كُتب قط، لأن أحد هذه الجوانب هو أن الذوات التي كان يمكن أن تكتب هذا الكتاب هي مجرد أحلام وتفاهات تفتقر إلى التماسك.
وقد شرح الناقد الثقافي مارك فيشر أن «إحساس الرعب ينشأ إذا كان هناك وجود حيث لا ينبغي أن يكون هناك شيء، أو إذا لم يكن هناك وجود حيث يجب أن يكون هناك شيء». وفي هذا السياق، يظهر وجود الذات كوجود مخيف لأن القوة المحركة، الظلام، هي الوحيدة التي تمكن من ظهورها. لن تكون العقول هناك لو لم يكن النظام الطبيعي قد احتله الظلام. دون فعل هذه الكائنات، لن تظهر الذوات حتى كخرافات، حيث إنها «الظل الذي يغزو كل شيء (ويجعل الأشياء ما لم تكن لتكونه) والظلام الذي يحرك كل شيء (ويجعل الأشياء تفعل ما لم تكن لتفعله)».
بناءً على ما تم تطويره أعلاه، يمكن القول إن الإرادة، المرتبطة بفلسفة شوبنهاور، وكذلك الظلال، الظلام، المرتبطة بأدب ليغوتي، تتطابق للأسباب التالية: كلاً من الإرادة والظلام هما قوى بدائية تفتقر إلى غاية أو هدف يتجاوز تأكيدها البسيط؛ قوة هذه الواقعية هي بحيث لا يوجد جسم أو ظاهرة يمكن أن تقاوم فعلها. علاوة على ذلك، في حالة شوبنهاور، فإن الأجسام نفسها هي موضوعات الإرادة. وهكذا، تعمل الإرادة والظلام على البشر، متمثلة في رغبات لا تُشبع إلا نادرًا، وحتى عندما يتم تلبية هذه الرغبات، لا تنفد القوة التي تحركها. فإذا كان شوبنهاور يرى أن البشر هم دمى لرغباتهم، وبالتالي لإرادتهم؛ فإن ليغوتي، الذي يبالغ في هذه الفكرة، يرى أن الهوية الشخصية وغاياتها هي تمويهات تنتجها الظلمة القوية التي، في النهاية، تُغطى بأغطية ذاتية ضئيلة.
ومع ذلك، فإن دمج الإرادة في قصة «الظل، الظلام» يعني أيضًا تعديلًا مفهوميًا. في فلسفة شوبنهاور، فإن الكشف عن وجود الإرادة لا يعني اختفاء الذات بشكل فوري. بل على العكس، يطلب المفكر الألماني، كأسمى مهمة أخلاقية، إنكار الذات بهدف إلغاء الإرادة، كوسيلة وحيدة لتهدئة رغباتها وبالتالي إنهاء المعاناة التي تعبر، بشكل عالمي، الحياة البشرية. ولكن، بمجرد إلغاء الإرادة، يُحذف العالم أيضًا. بكلمات شوبنهاور: «نعترف أن ما يبقى بعد الإلغاء الكامل للإرادة ليس […] سوى العدم. ولكن من الصحيح أيضًا أنه لأولئك الذين تحولت إرادتهم وتم إنكارها، فإن عالمنا هذا بكل شموسه ومجراته لا يعني أيضًا شيئًا سوى… العدم».
إن تعديل الإرادة، التي تحولت الآن إلى ظلام، يشير إلى أنه، بينما يقود اكتشاف شوبنهاور الإرادة الأصلية التي تحرك كل كائن إلى طلب نفيها — وهو النفي الذي، بمجرد تحقيقه، يقضي على العالم المعطى للذات — فإن في أدب ليغوتي، يؤدي اكتشاف وجود الظلام الذي تختبره الشخصيات، والذين في النهاية يغمرهم تمامًا هذا الكائن، إلى التأكيد، بشكل متناقض، على الطابع الوهمي لذاتهم. مع شوبنهاور، يُلغى العالم عندما تُمحى الإرادة من خلال النفي الجذري لرغبات الذات؛ أما مع ليغوتي، فإن العكس يحدث، ويُعدل الأمر: يتم القضاء على الذات عندما تظهر لاواقعيتها الأنطولوجية، بعد أن يتم اكتشاف الظلام وُيختبر، بطريقة فورية، من خلال الأعضاء الحسية. ليس أمام شخصيات «الظل، الظلام» إلا أن تتصرف، كخبرات بلا ذات، وفقًا للأوامر البيولوجية للكائن العضوي، مُحَكَّمة من قِبل دُمية خيطية، التي هي، في النهاية، ليست أكثر من قوة عمياء تتسع بلا تراجع.
هكذا، لا ينشأ الرعب في أدب ليغوتي من استحضار أحداث تاريخية كارثية، قادرة على تدمير معنى الحضارة نفسها، ولا من الإشارة إلى الأفعال العنيفة والشريرة لشخصيات معينة، كما أنه لا يكمن في وجود الوحوش اللاإنسانية، بل ينشأ من اكتشاف حقائق تشكل العالم والحياة البشرية أمامها والتي لا مفر منها. هذا الاكتشاف، في «الظل، الظلام»، يُسمى الكابوس المطلق: «تلك الظلمة اللامتناهية والآخذة في النمو التي كانت انتصارها الوحيد والأخير هو الاستمرار في الوجود […]، وهي جسد لا نهائي من الظلام الذي ينشط نفسه ويغذيه بنفسه بنجاح أبدي […]. لم يستطع غروسفوغل مقاومته أو خيانته، على الرغم من أنها كانت كابوسًا مطلقًا، الكابوس الفيزيائي-الميتافيزيقي النهائي».
إن تعديل الإرادة، التي تحولت الآن إلى ظلام، يشير إلى أنه، بينما يقود اكتشاف شوبنهاور الإرادة الأصلية التي تحرك كل كائن إلى طلب نفيها — وهو النفي الذي، بمجرد تحقيقه، يقضي على العالم المعطى للذات — فإن في أدب ليغوتي، يؤدي اكتشاف وجود الظلام الذي تختبره الشخصيات، والذين في النهاية يغمرهم تمامًا هذا الكائن، إلى التأكيد، بشكل متناقض، على الطابع الوهمي لذاتهم. مع شوبنهاور، يُلغى العالم عندما تُمحى الإرادة من خلال النفي الجذري لرغبات الذات؛ أما مع ليغوتي، فإن العكس يحدث، ويُعدل الأمر: يتم القضاء على الذات عندما تظهر لاواقعيتها الأنطولوجية، بعد أن يتم اكتشاف الظلام وُيختبر، بطريقة فورية، من خلال الأعضاء الحسية. ليس أمام شخصيات «الظل، الظلام» إلا أن تتصرف، كخبرات بلا ذات، وفقًا للأوامر البيولوجية للكائن العضوي، مُحَكَّمة من قِبل دُمية خيطية، التي هي، في النهاية، ليست أكثر من قوة عمياء تتسع بلا تراجع.
هكذا، لا ينشأ الرعب في أدب ليغوتي من استحضار أحداث تاريخية كارثية، قادرة على تدمير معنى الحضارة نفسها، ولا من الإشارة إلى الأفعال العنيفة والشريرة لشخصيات معينة، كما أنه لا يكمن في وجود الوحوش اللاإنسانية، بل ينشأ من اكتشاف حقائق تشكل العالم والحياة البشرية أمامها والتي لا مفر منها. هذا الاكتشاف، في «الظل، الظلام»، يُسمى الكابوس المطلق: «تلك الظلمة اللامتناهية والآخذة في النمو التي كانت انتصارها الوحيد والأخير هو الاستمرار في الوجود […]، وهي جسد لا نهائي من الظلام الذي ينشط نفسه ويغذيه بنفسه بنجاح أبدي […]. لم يستطع غروسفوغل مقاومته أو خيانته، على الرغم من أنها كانت كابوسًا مطلقًا، الكابوس الفيزيائي-الميتافيزيقي النهائي».
- المجلة : لقد اشتغلتَ كثيرا على مفهوم "المرونة". كيف يُمكن لعلاقة الأطفال بالعالم أن تتطور ، خصوصا إذا كانوا يفتقدون إلى أسس تابثة من أجل تكوين أنفسهم؟
- بوريس سيرولنيك : كل طفل يُطَوِّرُ أنواعا من التصرفات، تحت تأثير إكراه مزدوج. فنزوته الجينية تجعله يتجه نحو الآخر، غير أن استجابة الآخر هي التي تسند تطوره. إذا كان المسند ثابتا، عندما يطرأ حادث، فإن الطفل يتأقلم معه ويرد عليه بالاعتماد على قائمة التصرفات المكتسبة سابقا. عكس ذلك، فإن الأطفال الذين واجهوا صعوبات أعاقت تطورهم، يكونون غالبا منطوين على أنفسهم ومتمركزين. فهم يُطورون القليل من التعاطف. علاقتهم بالعالم محدودة.
تُوجد خدعة، معروفة لكن بليغة، تعرض الوضعية التالية : شخص بالغ يقوم بإعادة تركيب لعبة آلية - علما أن المُخْتَبِر قد تدبر أمره مسبقا حتى لا تعمل اللعبة. ماذا نلاحظ حين يبدأ الشخص البالغ بالتظاهر بالبكاء؟ أمام دموعه المُصطنعة تفاعل أغلب الأطفال من خلال ملاطفته، أو من خلال السعي أن تُصلَح اللعبة. بعض الأطفال ظلوا غير مُكترثين. أخيرا بعضهم قام بضربه! ذلك أن الطفل يُفسر أيضا العالم وفقا لنوع تَعَلُّقِه.
في الدراسات التي أُجريت حول التعلق، نعتقد أن الكائن يتطور بشكل مستمر من المهد إلى اللحد. ما نقوم بمَفْهَمَتِه تحت مصطلح المرونة هو عكس الحتمية المُقَدَّرة. قد يكون مصير علاقة أولى الفشل. لكن إذا كان الطفل يتوفر على العديد من أشكال التعلق (أجداد، مُدرسين، مؤسسات)، فإنه يجد مَسَاند أخرى للتطور. وبالتالي فإن علاقة جديدة بالعالم تنبثق وتُعبر عن نفسها.
Sciences humaines, HS, la psychlogie de l'enfant en 30 questions
(ترجمة يوسف اسحيردة)
- بوريس سيرولنيك : كل طفل يُطَوِّرُ أنواعا من التصرفات، تحت تأثير إكراه مزدوج. فنزوته الجينية تجعله يتجه نحو الآخر، غير أن استجابة الآخر هي التي تسند تطوره. إذا كان المسند ثابتا، عندما يطرأ حادث، فإن الطفل يتأقلم معه ويرد عليه بالاعتماد على قائمة التصرفات المكتسبة سابقا. عكس ذلك، فإن الأطفال الذين واجهوا صعوبات أعاقت تطورهم، يكونون غالبا منطوين على أنفسهم ومتمركزين. فهم يُطورون القليل من التعاطف. علاقتهم بالعالم محدودة.
تُوجد خدعة، معروفة لكن بليغة، تعرض الوضعية التالية : شخص بالغ يقوم بإعادة تركيب لعبة آلية - علما أن المُخْتَبِر قد تدبر أمره مسبقا حتى لا تعمل اللعبة. ماذا نلاحظ حين يبدأ الشخص البالغ بالتظاهر بالبكاء؟ أمام دموعه المُصطنعة تفاعل أغلب الأطفال من خلال ملاطفته، أو من خلال السعي أن تُصلَح اللعبة. بعض الأطفال ظلوا غير مُكترثين. أخيرا بعضهم قام بضربه! ذلك أن الطفل يُفسر أيضا العالم وفقا لنوع تَعَلُّقِه.
في الدراسات التي أُجريت حول التعلق، نعتقد أن الكائن يتطور بشكل مستمر من المهد إلى اللحد. ما نقوم بمَفْهَمَتِه تحت مصطلح المرونة هو عكس الحتمية المُقَدَّرة. قد يكون مصير علاقة أولى الفشل. لكن إذا كان الطفل يتوفر على العديد من أشكال التعلق (أجداد، مُدرسين، مؤسسات)، فإنه يجد مَسَاند أخرى للتطور. وبالتالي فإن علاقة جديدة بالعالم تنبثق وتُعبر عن نفسها.
Sciences humaines, HS, la psychlogie de l'enfant en 30 questions
(ترجمة يوسف اسحيردة)
- ماهيَّةُ الفلسفةِ عند أنطونيو غرامشي
عندما يتحدث غرامشي عن المعرفة، فهو يفرِّق بين ثلاث مستويات هي : الفلسفة ، الدّين ، الحسّ المشترك أو الفلكلور. و يرى بأن الفلسفة نظام فكري، أما الدّين و الحس المشترك ؛ فلا يمكن أن يكونا كذلك.
جعل غرامشي الحس المشترك عنواناً للفكر العامّي المكوَّن من خليط كثيف من الأفكار والشوائب التاريخية غير المرتبة.
في مقابل الفلسفة التي تُعتبَر "حسّ سليم" أعلى قيمة و أكثر تعقيداً.
لقد لعِب الدّين لفترة طويلة دور الإيديولوجيا الموحِّدة للحياة الاجتماعية، فالكنيسة الكاثوليكية مثلاً، لا تزال توحِّد الكتلة الاجتماعية للمؤمنين، بل حتى أنها منعت ظهور دين للنخبة وآخر للعامة، وأبقت على رؤية للعالم موحدة، يتشارك فيها أعلى الهرم مع أسفله وظل هناك دين رسمي واحد. ووجب على الفلسفة أن تنحى هذا المنحى الذي لا تنفصل فيه القاعدة عن القمة، وأن تجعل من نفسها خادمة للحياة الاجتماعية، بتخلصها من طابعها الفردي الخالص.
ولا يعني ذلك أن تتحول الفلسفة إلى "حسّ مشترك" بل أن تتخذ من النقد سبيلاً للوصول إلى "حسّ سليم" ذلك أن تاريخ الفلسفة حمل على الدوام مهمة النقد، والنقد ينبع من القدرة على التفكير بطرق مختلفة، ومن النظر للأمور بطريقة مغايرة، كما أن وعي الإنسان الذاتي وصراعه من أجل إثبات الذات، يعتبر جزء من العملية. فعبر النقد الذاتي تطمح الفلسفة لإخراج الجماهير من سلبية الحس المشترك، وترشدهم إلى رؤية أرقى للحياة.
لقد تصوَّر غرامشي الفلسفة كإمكانية مُتاحة لكل الناس وليست تأملاً ميتافيزيقياً، فطالبها بالانخراط في اليومي وتعقيداته ، وهو بذلك ينحو منحى الطرح الماركسي، الذي رأى النشاط الفلسفي تفكيراً نقدياً مرتبطاً بالواقع، له الصلة الوثيقة بالممارسة السياسية فيحرِّك الوعي العمالي نحو الثورة.
و هكذا فالفلسفة عند غرامشي مُعطى ممكن لكل إنسان وليست كما يظن الكثيرين أنها حِكراً على فئة معينة من النخب، فالفلسفة عنده تفكير عفوي موجود لدى كل الناس، مادام أن لكل إنسان رؤية للكون والحياة. وفي الوقت ذاته يعتبر غرامشي وجود الأرضية الفلسفية عند العامة، فاتحة إلى خطوة تحضيرية ثانية هي " الوعي النقدي".
____
📌 الفلسفة الغربية المعاصرة ( صناعة العقل الغربي ) ، مجموعة من الأكاديميين العرب ، منشورات الاختلاف.
عندما يتحدث غرامشي عن المعرفة، فهو يفرِّق بين ثلاث مستويات هي : الفلسفة ، الدّين ، الحسّ المشترك أو الفلكلور. و يرى بأن الفلسفة نظام فكري، أما الدّين و الحس المشترك ؛ فلا يمكن أن يكونا كذلك.
جعل غرامشي الحس المشترك عنواناً للفكر العامّي المكوَّن من خليط كثيف من الأفكار والشوائب التاريخية غير المرتبة.
في مقابل الفلسفة التي تُعتبَر "حسّ سليم" أعلى قيمة و أكثر تعقيداً.
لقد لعِب الدّين لفترة طويلة دور الإيديولوجيا الموحِّدة للحياة الاجتماعية، فالكنيسة الكاثوليكية مثلاً، لا تزال توحِّد الكتلة الاجتماعية للمؤمنين، بل حتى أنها منعت ظهور دين للنخبة وآخر للعامة، وأبقت على رؤية للعالم موحدة، يتشارك فيها أعلى الهرم مع أسفله وظل هناك دين رسمي واحد. ووجب على الفلسفة أن تنحى هذا المنحى الذي لا تنفصل فيه القاعدة عن القمة، وأن تجعل من نفسها خادمة للحياة الاجتماعية، بتخلصها من طابعها الفردي الخالص.
ولا يعني ذلك أن تتحول الفلسفة إلى "حسّ مشترك" بل أن تتخذ من النقد سبيلاً للوصول إلى "حسّ سليم" ذلك أن تاريخ الفلسفة حمل على الدوام مهمة النقد، والنقد ينبع من القدرة على التفكير بطرق مختلفة، ومن النظر للأمور بطريقة مغايرة، كما أن وعي الإنسان الذاتي وصراعه من أجل إثبات الذات، يعتبر جزء من العملية. فعبر النقد الذاتي تطمح الفلسفة لإخراج الجماهير من سلبية الحس المشترك، وترشدهم إلى رؤية أرقى للحياة.
لقد تصوَّر غرامشي الفلسفة كإمكانية مُتاحة لكل الناس وليست تأملاً ميتافيزيقياً، فطالبها بالانخراط في اليومي وتعقيداته ، وهو بذلك ينحو منحى الطرح الماركسي، الذي رأى النشاط الفلسفي تفكيراً نقدياً مرتبطاً بالواقع، له الصلة الوثيقة بالممارسة السياسية فيحرِّك الوعي العمالي نحو الثورة.
و هكذا فالفلسفة عند غرامشي مُعطى ممكن لكل إنسان وليست كما يظن الكثيرين أنها حِكراً على فئة معينة من النخب، فالفلسفة عنده تفكير عفوي موجود لدى كل الناس، مادام أن لكل إنسان رؤية للكون والحياة. وفي الوقت ذاته يعتبر غرامشي وجود الأرضية الفلسفية عند العامة، فاتحة إلى خطوة تحضيرية ثانية هي " الوعي النقدي".
____
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
الكثير منا يعرف شوبنهاور معلما لنيتشه ولكن كونه معلمًا لم يعصمه من مطرقة نيتشه، ففريدريك نيتشه قدّم نقدًا متنوعًا لفلسفة آرثر شوبنهاور، رغم تأثره الكبير به في بداياته. نيتشه كان معجبًا بشوبنهاور كفيلسوفٍ تشاؤمي، لكنه لاحقًا أخذ على عاتقه نقد بعض جوانب فلسفة شوبنهاور، خاصة تلك المتعلقة بالتشاؤم الميتافيزيقي وإرادة الحياة. النقاط الرئيسية لنقد نيتشه لشوبنهاور تشمل:
1. نقد التشاؤم الميتافيزيقي:
شوبنهاور رأى أن الإرادة هي جوهر الحياة وأن الحياة مليئة بالألم والمعاناة بسبب رغبات الإنسان التي لا تنتهي. نيتشه، في المقابل، رفض هذا التشاؤم المفرط واعتبره موقفًا سلبيًا وغير منتج. بدلاً من ذلك، دعا نيتشه إلى "تأكيد الحياة"، حيث يجب على الإنسان أن يقبل الحياة بجميع تناقضاتها، بما في ذلك الألم، كجزء من قوة الإرادة الخلاقة.
2. موقف نيتشه من الزهد:
شوبنهاور رأى أن الخلاص يكمن في نفي الإرادة عبر الزهد وإنكار الرغبات. نيتشه اعتبر هذا الموقف هروبًا من الحياة وقوّض قوة الإنسان الحيوية. بالنسبة لنيتشه، الزهد يعكس ضعفًا وليس قوة، وهو دليل على رفض الفرد لذاته وللحياة.
3. إرادة الحياة مقابل إرادة القوة:
شوبنهاور ركز على فكرة "إرادة الحياة" كمصدر للألم والمعاناة. نيتشه رفض هذه النظرة، وبدلاً من ذلك قدم مفهوم "إرادة القوة"، الذي يمثل دافعًا للإبداع، التفوق، وتجاوز الذات. نيتشه رأى أن إرادة القوة هي المحرك الأساسي للوجود، وليس إرادة الحياة كما قال شوبنهاور.
4. نقد موقف شوبنهاور من الفن:
شوبنهاور قدّر الفن باعتباره وسيلة للهروب المؤقت من معاناة الحياة، خصوصًا الموسيقى. نيتشه، رغم تقديره للفن، رفض النظر إلى الفن كوسيلة هروب. بالنسبة له، الفن هو تعبير عن إرادة القوة ويعكس تأكيدًا للحياة وليس هروبًا منها.
5. نقد النزعة الأخلاقية الشوبنهاورية:
شوبنهاور دافع عن أخلاق التعاطف والزهد. نيتشه، الذي كان معاديًا للأخلاق التقليدية، اعتبر أن مثل هذه القيم تمثل "أخلاق العبيد"، لأنها تعزز الضعف والإنكار الذاتي بدلاً من تعزيز القوة والارتقاء.
نيتشه نقد شوبنهاور بسبب ميله للتشاؤم والهروب من الحياة، ورأى أن فلسفة شوبنهاور تمثل استسلامًا أمام قسوة الوجود. في المقابل، نيتشه دعا إلى مواجهة الحياة بجرأة، وتأكيد قيم الإبداع، القوة، وتجاوز الذات. ورغم نقده، يبقى تأثير شوبنهاور واضحًا في فكر نيتشه، خاصة في بداياته.
1. نقد التشاؤم الميتافيزيقي:
شوبنهاور رأى أن الإرادة هي جوهر الحياة وأن الحياة مليئة بالألم والمعاناة بسبب رغبات الإنسان التي لا تنتهي. نيتشه، في المقابل، رفض هذا التشاؤم المفرط واعتبره موقفًا سلبيًا وغير منتج. بدلاً من ذلك، دعا نيتشه إلى "تأكيد الحياة"، حيث يجب على الإنسان أن يقبل الحياة بجميع تناقضاتها، بما في ذلك الألم، كجزء من قوة الإرادة الخلاقة.
2. موقف نيتشه من الزهد:
شوبنهاور رأى أن الخلاص يكمن في نفي الإرادة عبر الزهد وإنكار الرغبات. نيتشه اعتبر هذا الموقف هروبًا من الحياة وقوّض قوة الإنسان الحيوية. بالنسبة لنيتشه، الزهد يعكس ضعفًا وليس قوة، وهو دليل على رفض الفرد لذاته وللحياة.
3. إرادة الحياة مقابل إرادة القوة:
شوبنهاور ركز على فكرة "إرادة الحياة" كمصدر للألم والمعاناة. نيتشه رفض هذه النظرة، وبدلاً من ذلك قدم مفهوم "إرادة القوة"، الذي يمثل دافعًا للإبداع، التفوق، وتجاوز الذات. نيتشه رأى أن إرادة القوة هي المحرك الأساسي للوجود، وليس إرادة الحياة كما قال شوبنهاور.
4. نقد موقف شوبنهاور من الفن:
شوبنهاور قدّر الفن باعتباره وسيلة للهروب المؤقت من معاناة الحياة، خصوصًا الموسيقى. نيتشه، رغم تقديره للفن، رفض النظر إلى الفن كوسيلة هروب. بالنسبة له، الفن هو تعبير عن إرادة القوة ويعكس تأكيدًا للحياة وليس هروبًا منها.
5. نقد النزعة الأخلاقية الشوبنهاورية:
شوبنهاور دافع عن أخلاق التعاطف والزهد. نيتشه، الذي كان معاديًا للأخلاق التقليدية، اعتبر أن مثل هذه القيم تمثل "أخلاق العبيد"، لأنها تعزز الضعف والإنكار الذاتي بدلاً من تعزيز القوة والارتقاء.
نيتشه نقد شوبنهاور بسبب ميله للتشاؤم والهروب من الحياة، ورأى أن فلسفة شوبنهاور تمثل استسلامًا أمام قسوة الوجود. في المقابل، نيتشه دعا إلى مواجهة الحياة بجرأة، وتأكيد قيم الإبداع، القوة، وتجاوز الذات. ورغم نقده، يبقى تأثير شوبنهاور واضحًا في فكر نيتشه، خاصة في بداياته.
ما هو المذهب الأبيقوري؟
المذهب الأبيقوري هو فلسفة أخلاقية تأسست في القرن الرابع قبل الميلاد على يد الفيلسوف اليوناني أبيقور، وترتكز على البحث عن السعادة بوصفها الغاية العليا للحياة البشرية. غير أن السعادة، في نظر أبيقور، لا تكمن في الانغماس الأعمى في اللذات، بل في تحقيق الطمأنينة (أتاراكسيا)، والحرية من الألم الجسدي (أبونيا)، عبر حياة تتسم بالحكمة والاعتدال.
جوهر الفلسفة الأبيقورية
1. اللذة كغاية للحياة
اعتقد أبيقور أن الإنسان يسعى بطبيعته إلى اللذة ويتجنب الألم، لكنه ميز بين اللذات الحقيقية والمزيفة. فاللذة الحقيقية ليست في الإفراط، بل في التوازن والاعتدال، إذ إن اللذات المفرطة تؤدي في النهاية إلى الألم والمعاناة.
2. تقسيم اللذات
الطبيعية والضرورية: مثل الطعام والشراب والصحة والصداقة، وهذه لا غنى عنها للحياة السعيدة.
الطبيعية وغير الضرورية: مثل الطعام الفاخر، وهو ممتع لكن يمكن الاستغناء عنه دون ألم.
غير الطبيعية وغير الضرورية: مثل السلطة، الشهرة، والثروة، التي غالبًا ما تؤدي إلى القلق والخوف بدلًا من السعادة الحقيقية.
3. تحرير الإنسان من الخوف
كان أبيقور يرى أن هناك ثلاثة مخاوف رئيسية تعيق السعادة:
الخوف من الآلهة: فرفض فكرة أن الآلهة تتدخل في حياة البشر، معتبرًا أنها تعيش في سكينة ولا تبالي بشؤوننا.
الخوف من الموت: فقال إن الموت ليس شيئًا يجب أن نخافه، لأنه ببساطة غياب الشعور، وحيث لا يكون الشعور، لا يكون الألم.
الخوف من الألم: فرأى أن معظم الآلام يمكن تحملها أو علاجها، وأن الحكيم يتعلم كيف يواجهها بهدوء.
4. الاعتزال والبحث عن الصفاء
لم يكن أبيقور من دعاة الحياة العامة أو السياسية، بل فضّل حياة التأمل والعيش في جماعات صغيرة من الأصدقاء، حيث يكون الإنسان بعيدًا عن الصراعات والتوترات الاجتماعية، في بيئة تسودها المحبة والعقلانية.
أثر الفلسفة الأبيقورية
كان تأثير الأبيقورية واسعًا، فقد ألهمت العديد من الفلاسفة اللاحقين، وامتدت أفكارها إلى الرواقية والمدارس الفكرية الحديثة. كما أنها وجدت صدى في الفكر الإنساني الذي يدعو إلى التحرر من القلق، والعيش وفق مقتضيات الطبيعة والعقل، بدلًا من الجري وراء أوهام المجد والثروة.
الأبيقورية ليست مجرد فلسفة لذة، بل هي فن للعيش، قائم على ضبط النفس، والاعتدال، والبحث عن الطمأنينة. إنها دعوة لأن نعيش الحاضر دون خوف مما يحمله المستقبل، وأن نكتفي بما هو ضروري للسعادة الحقيقية، لا بما تمليه علينا الرغبات التي لا تنتهي.
المذهب الأبيقوري هو فلسفة أخلاقية تأسست في القرن الرابع قبل الميلاد على يد الفيلسوف اليوناني أبيقور، وترتكز على البحث عن السعادة بوصفها الغاية العليا للحياة البشرية. غير أن السعادة، في نظر أبيقور، لا تكمن في الانغماس الأعمى في اللذات، بل في تحقيق الطمأنينة (أتاراكسيا)، والحرية من الألم الجسدي (أبونيا)، عبر حياة تتسم بالحكمة والاعتدال.
جوهر الفلسفة الأبيقورية
1. اللذة كغاية للحياة
اعتقد أبيقور أن الإنسان يسعى بطبيعته إلى اللذة ويتجنب الألم، لكنه ميز بين اللذات الحقيقية والمزيفة. فاللذة الحقيقية ليست في الإفراط، بل في التوازن والاعتدال، إذ إن اللذات المفرطة تؤدي في النهاية إلى الألم والمعاناة.
2. تقسيم اللذات
الطبيعية والضرورية: مثل الطعام والشراب والصحة والصداقة، وهذه لا غنى عنها للحياة السعيدة.
الطبيعية وغير الضرورية: مثل الطعام الفاخر، وهو ممتع لكن يمكن الاستغناء عنه دون ألم.
غير الطبيعية وغير الضرورية: مثل السلطة، الشهرة، والثروة، التي غالبًا ما تؤدي إلى القلق والخوف بدلًا من السعادة الحقيقية.
3. تحرير الإنسان من الخوف
كان أبيقور يرى أن هناك ثلاثة مخاوف رئيسية تعيق السعادة:
الخوف من الآلهة: فرفض فكرة أن الآلهة تتدخل في حياة البشر، معتبرًا أنها تعيش في سكينة ولا تبالي بشؤوننا.
الخوف من الموت: فقال إن الموت ليس شيئًا يجب أن نخافه، لأنه ببساطة غياب الشعور، وحيث لا يكون الشعور، لا يكون الألم.
الخوف من الألم: فرأى أن معظم الآلام يمكن تحملها أو علاجها، وأن الحكيم يتعلم كيف يواجهها بهدوء.
4. الاعتزال والبحث عن الصفاء
لم يكن أبيقور من دعاة الحياة العامة أو السياسية، بل فضّل حياة التأمل والعيش في جماعات صغيرة من الأصدقاء، حيث يكون الإنسان بعيدًا عن الصراعات والتوترات الاجتماعية، في بيئة تسودها المحبة والعقلانية.
أثر الفلسفة الأبيقورية
كان تأثير الأبيقورية واسعًا، فقد ألهمت العديد من الفلاسفة اللاحقين، وامتدت أفكارها إلى الرواقية والمدارس الفكرية الحديثة. كما أنها وجدت صدى في الفكر الإنساني الذي يدعو إلى التحرر من القلق، والعيش وفق مقتضيات الطبيعة والعقل، بدلًا من الجري وراء أوهام المجد والثروة.
الأبيقورية ليست مجرد فلسفة لذة، بل هي فن للعيش، قائم على ضبط النفس، والاعتدال، والبحث عن الطمأنينة. إنها دعوة لأن نعيش الحاضر دون خوف مما يحمله المستقبل، وأن نكتفي بما هو ضروري للسعادة الحقيقية، لا بما تمليه علينا الرغبات التي لا تنتهي.
مارتن هايدغر (1889-1976) هو أحد أهم الفلاسفة في القرن العشرين، ويُعد من أبرز مفكري الفينومينولوجيا والوجودية. فكره معقد وعميق، لكنه يتمحور حول عدة أفكار رئيسية تتعلق بالوجود، والزمان، والحقيقة، والتقنية...
🟠 وهذه بعض أفكاره:
---
1. مشكلة الوجود (السؤال الأساسي للفلسفة)
يبدأ هايدغر فلسفته بالسؤال: "ما معنى الوجود؟"
يرى أن الفلسفة الغربية منذ أفلاطون أهملت السؤال عن "الوجود" وركزت على الموجودات (الكائنات المادية والأفكار). لذلك، يريد إعادة طرح السؤال الأساسي: ما معنى أن يكون شيءٌ ما موجودًا؟ وكيف نفهم الوجود نفسه؟
يستخدم مصطلح "الدازاين" (Dasein)، وهو تعبير ألماني يعني "الكينونة هناك"، للإشارة إلى الإنسان بوصفه الكائن الوحيد الذي يسأل عن وجوده. الدازاين ليس مجرد كائن حي، بل هو وجود واعٍ بذاته، يتفاعل مع العالم، ويواجه موته.
---
2. الزمان والوجود (كتابه "الكينونة والزمان")
في كتابه الأشهر الكينونة والزمان (1927)، يربط هايدغر بين الوجود والزمان.
يقول إننا لا نفهم وجودنا إلا عبر الزمن، لأننا كائنات تعيش في الزمن بثلاث طرق:
الماضي: نحن نُولد في سياق تاريخي وثقافي معين.
الحاضر: نحن نعيش ونواجه خياراتنا اليومية.
المستقبل: نحن متجهون دائمًا نحو الإمكانات والموت.
يرى هايدغر أن الإنسان كائن "ملقى في العالم" (Geworfenheit)، أي لم يختر ظروف ولادته لكنه يجد نفسه فيها، وعليه أن يقرر كيف يعيش حياته.
---
3. الوجود الأصيل والوجود الزائف
يميز هايدغر بين:
الوجود الأصيل (Eigentlichkeit): حين يعيش الإنسان وفقًا لحقيقته الخاصة، مدركًا موته، ومسؤولًا عن وجوده.
الوجود الزائف (Uneigentlichkeit): حين يضيع الإنسان في الحياة اليومية، مقلدًا الآخرين، ومتفاديًا مواجهة حقيقته.
يستخدم مفهوم "القلق" (Angst) للإشارة إلى الشعور الذي يدفع الإنسان إلى مواجهة وجوده الأصيل. القلق ليس مجرد خوف، بل إحساس بأن الحياة لا معنى لها إذا لم نصنعه بأنفسنا.
---
4. الحقيقة: كشف الحجاب (Aletheia)
لا يرى هايدغر الحقيقة على أنها مجرد تطابق بين الفكر والواقع، بل هي عملية كشفٍ للحجاب عن الأشياء.
بمعنى آخر، الحقيقة ليست مجرد "صحة المعلومات"، بل تتعلق بطريقة ظهور الأشياء لنا، أي كيف نختبر ونفهم العالم.
يستخدم مثال الفن ليشرح ذلك: العمل الفني لا يُعطي معلومة مباشرة، لكنه يكشف عن طريقة جديدة لرؤية الواقع.
---
5. نقد التقنية الحديثة
في كتابه السؤال عن التقنية، يرى هايدغر أن التقنية الحديثة ليست مجرد أدوات نستخدمها، بل طريقة تفكير تجعلنا نرى العالم كمجرد "مورد" يمكن استغلاله.
مثلاً: عندما ننظر إلى نهر بطريقة تقنية، لا نراه ككيان طبيعي، بل كفرصة لبناء سد وإنتاج طاقة.
يحذر من أن التقنية قد تجعلنا نفقد علاقتنا الأصيلة مع العالم، فنصبح مجرد أدوات داخل نظام إنتاجي، بدل أن نكون كائنات تعيش حياة ذات معنى.
---
6. اللغة والوجود
يعتقد هايدغر أن "اللغة بيت الوجود"، بمعنى أن اللغة ليست مجرد أداة تواصل، بل هي الوسيلة التي يظهر بها الوجود لنا.
كلماتنا تحدد كيف نفهم الأشياء، ولذلك فإن تغيير اللغة يمكن أن يغير فهمنا للحياة والواقع.
---
🟢 أهمية فلسفة هايدغر
هايدغر يُعيد طرح أسئلة الفلسفة بطريقة جديدة، مؤكدًا أن:
الإنسان كائنٌ واعٍ بوجوده ومصيره.
الزمن هو المفتاح لفهم الوجود.
الحياة يمكن أن تكون "أصيلة" أو "زائفة".
التقنية الحديثة قد تفقدنا اتصالنا بالحقيقة.
اللغة ليست مجرد أداة، بل طريقة لفهم العالم.
أفكاره أثرت في الفلسفة الوجودية (سارتر)، والتأويلية (غادامير)، والتفكيكية (دريدا)، وحتى في الفكر البيئي ونقد التكنولوجيا.
---
1. مشكلة الوجود (السؤال الأساسي للفلسفة)
يبدأ هايدغر فلسفته بالسؤال: "ما معنى الوجود؟"
يرى أن الفلسفة الغربية منذ أفلاطون أهملت السؤال عن "الوجود" وركزت على الموجودات (الكائنات المادية والأفكار). لذلك، يريد إعادة طرح السؤال الأساسي: ما معنى أن يكون شيءٌ ما موجودًا؟ وكيف نفهم الوجود نفسه؟
يستخدم مصطلح "الدازاين" (Dasein)، وهو تعبير ألماني يعني "الكينونة هناك"، للإشارة إلى الإنسان بوصفه الكائن الوحيد الذي يسأل عن وجوده. الدازاين ليس مجرد كائن حي، بل هو وجود واعٍ بذاته، يتفاعل مع العالم، ويواجه موته.
---
2. الزمان والوجود (كتابه "الكينونة والزمان")
في كتابه الأشهر الكينونة والزمان (1927)، يربط هايدغر بين الوجود والزمان.
يقول إننا لا نفهم وجودنا إلا عبر الزمن، لأننا كائنات تعيش في الزمن بثلاث طرق:
الماضي: نحن نُولد في سياق تاريخي وثقافي معين.
الحاضر: نحن نعيش ونواجه خياراتنا اليومية.
المستقبل: نحن متجهون دائمًا نحو الإمكانات والموت.
يرى هايدغر أن الإنسان كائن "ملقى في العالم" (Geworfenheit)، أي لم يختر ظروف ولادته لكنه يجد نفسه فيها، وعليه أن يقرر كيف يعيش حياته.
---
3. الوجود الأصيل والوجود الزائف
يميز هايدغر بين:
الوجود الأصيل (Eigentlichkeit): حين يعيش الإنسان وفقًا لحقيقته الخاصة، مدركًا موته، ومسؤولًا عن وجوده.
الوجود الزائف (Uneigentlichkeit): حين يضيع الإنسان في الحياة اليومية، مقلدًا الآخرين، ومتفاديًا مواجهة حقيقته.
يستخدم مفهوم "القلق" (Angst) للإشارة إلى الشعور الذي يدفع الإنسان إلى مواجهة وجوده الأصيل. القلق ليس مجرد خوف، بل إحساس بأن الحياة لا معنى لها إذا لم نصنعه بأنفسنا.
---
4. الحقيقة: كشف الحجاب (Aletheia)
لا يرى هايدغر الحقيقة على أنها مجرد تطابق بين الفكر والواقع، بل هي عملية كشفٍ للحجاب عن الأشياء.
بمعنى آخر، الحقيقة ليست مجرد "صحة المعلومات"، بل تتعلق بطريقة ظهور الأشياء لنا، أي كيف نختبر ونفهم العالم.
يستخدم مثال الفن ليشرح ذلك: العمل الفني لا يُعطي معلومة مباشرة، لكنه يكشف عن طريقة جديدة لرؤية الواقع.
---
5. نقد التقنية الحديثة
في كتابه السؤال عن التقنية، يرى هايدغر أن التقنية الحديثة ليست مجرد أدوات نستخدمها، بل طريقة تفكير تجعلنا نرى العالم كمجرد "مورد" يمكن استغلاله.
مثلاً: عندما ننظر إلى نهر بطريقة تقنية، لا نراه ككيان طبيعي، بل كفرصة لبناء سد وإنتاج طاقة.
يحذر من أن التقنية قد تجعلنا نفقد علاقتنا الأصيلة مع العالم، فنصبح مجرد أدوات داخل نظام إنتاجي، بدل أن نكون كائنات تعيش حياة ذات معنى.
---
6. اللغة والوجود
يعتقد هايدغر أن "اللغة بيت الوجود"، بمعنى أن اللغة ليست مجرد أداة تواصل، بل هي الوسيلة التي يظهر بها الوجود لنا.
كلماتنا تحدد كيف نفهم الأشياء، ولذلك فإن تغيير اللغة يمكن أن يغير فهمنا للحياة والواقع.
---
هايدغر يُعيد طرح أسئلة الفلسفة بطريقة جديدة، مؤكدًا أن:
الإنسان كائنٌ واعٍ بوجوده ومصيره.
الزمن هو المفتاح لفهم الوجود.
الحياة يمكن أن تكون "أصيلة" أو "زائفة".
التقنية الحديثة قد تفقدنا اتصالنا بالحقيقة.
اللغة ليست مجرد أداة، بل طريقة لفهم العالم.
أفكاره أثرت في الفلسفة الوجودية (سارتر)، والتأويلية (غادامير)، والتفكيكية (دريدا)، وحتى في الفكر البيئي ونقد التكنولوجيا.
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
• الحبُّ عند "آرثر شوبِّنهاور"
- نفى شوبنهاور عن إناث البشر أي سحر جسدي حقيقي ،
وأضاف أننا نخطئ حين نطلق لفظ "الجنس اللطيف" على تلك المخلوقات قصيرة القامة عريضة الأرداف.
و كما هو الحال عند الحيوانات ، فإن الذكر هو النوع الأكثر تميزاً في كل الأجناس. بينما تسمية "الجنس الضعيف" تلائمهن تماماً ، إلا أن خطورتهن تكمن في قلب هذا الضعف.
في خضم الصراع من أجل الحياة ، تختلط جميع الأجناس ، بينما يكون سلاح المرأة - بنظر شوبنهاور - هو الزواج. فتكتسب بهذه الوسيلة وحدها القوة الجسدية والعقلية التي تعوزها.
تمنحها الطبيعة لفترة معينة جمالاً مبهراً يمكِّنها من اجتذاب الرجل وإلهاب خياله وحواسه ، فتوقِعه في فخ مسؤوليتها هي وأطفالها لبقية الحياة.
وعلى الرغم من أن جمالها خائر لامحالة، إلا أن الدلال ورونق المظهر كافيان لإنجاز المهمة.
الحب وإن بدا نقياً ومزيناً بالنزعة الشاعرية، إلا أن جذوره تتأصَّل في الغريزة الجنسية.
بل والأسوأ من ذلك أن الحب لا يهدف إلا للحفاظ على الجنس البشري. لهذا فإن الحبيبين اللذين يظنان أنهما يتصرفان وفقاً للوهم العاطفي وللجاذبية المتبادلة ، و يهدفان إلى الإشباع الشخصي ، هما في الواقع خاضعان لعادات القطيع.
إذ أن الرضيع هو هدف الجنس البشري بأكمله. وحين يزول الوهم العاطفي ، لا يتبقى سوى تأمل هذا الرضيع ، الذي لا يكف عن تأريقهم و يصير هو القبر لزوجين كانا حبيبين.
- "لا ترغب النساء في فناء النوع البشري، ولهذا أكرههن"
هكذا يقول شوبنهاور. المرأة بنظره كائن تافه يستحق الكره ، ليس لها هدف سوى إطالة فترة عذاب البشرية ، ويستكمل قائلاً : "وسط هذا المشهد القاتم وكي تستطيع إكمال هذا الهدف ، فإنها ستضع يدها على مجنون مسكين ليتكفّل برعاية الأطفال الذين ستنجبهم هي رغماً عنه ، إنه يقدِّم الرجل كأبله مسكين. وطالما كانت هنالك امرأة واحدة على الأرض ، فإن الحلقة الجهنمية للحياة و الموت لن تتوقف".
"ينبغي تدمير المرأة" : ربما كان هو شعار حرب شوبنهاور ، لذا فلا بد من هدم إنتاجها بأي ثمن.
_____
الفلاسفة والحب ، ماري لومونييه - أود لانسولان ، ترجمة : دينا مندور ، دار التنوير ، لبنان ، 2015.
- نفى شوبنهاور عن إناث البشر أي سحر جسدي حقيقي ،
وأضاف أننا نخطئ حين نطلق لفظ "الجنس اللطيف" على تلك المخلوقات قصيرة القامة عريضة الأرداف.
و كما هو الحال عند الحيوانات ، فإن الذكر هو النوع الأكثر تميزاً في كل الأجناس. بينما تسمية "الجنس الضعيف" تلائمهن تماماً ، إلا أن خطورتهن تكمن في قلب هذا الضعف.
في خضم الصراع من أجل الحياة ، تختلط جميع الأجناس ، بينما يكون سلاح المرأة - بنظر شوبنهاور - هو الزواج. فتكتسب بهذه الوسيلة وحدها القوة الجسدية والعقلية التي تعوزها.
تمنحها الطبيعة لفترة معينة جمالاً مبهراً يمكِّنها من اجتذاب الرجل وإلهاب خياله وحواسه ، فتوقِعه في فخ مسؤوليتها هي وأطفالها لبقية الحياة.
وعلى الرغم من أن جمالها خائر لامحالة، إلا أن الدلال ورونق المظهر كافيان لإنجاز المهمة.
الحب وإن بدا نقياً ومزيناً بالنزعة الشاعرية، إلا أن جذوره تتأصَّل في الغريزة الجنسية.
بل والأسوأ من ذلك أن الحب لا يهدف إلا للحفاظ على الجنس البشري. لهذا فإن الحبيبين اللذين يظنان أنهما يتصرفان وفقاً للوهم العاطفي وللجاذبية المتبادلة ، و يهدفان إلى الإشباع الشخصي ، هما في الواقع خاضعان لعادات القطيع.
إذ أن الرضيع هو هدف الجنس البشري بأكمله. وحين يزول الوهم العاطفي ، لا يتبقى سوى تأمل هذا الرضيع ، الذي لا يكف عن تأريقهم و يصير هو القبر لزوجين كانا حبيبين.
- "لا ترغب النساء في فناء النوع البشري، ولهذا أكرههن"
هكذا يقول شوبنهاور. المرأة بنظره كائن تافه يستحق الكره ، ليس لها هدف سوى إطالة فترة عذاب البشرية ، ويستكمل قائلاً : "وسط هذا المشهد القاتم وكي تستطيع إكمال هذا الهدف ، فإنها ستضع يدها على مجنون مسكين ليتكفّل برعاية الأطفال الذين ستنجبهم هي رغماً عنه ، إنه يقدِّم الرجل كأبله مسكين. وطالما كانت هنالك امرأة واحدة على الأرض ، فإن الحلقة الجهنمية للحياة و الموت لن تتوقف".
"ينبغي تدمير المرأة" : ربما كان هو شعار حرب شوبنهاور ، لذا فلا بد من هدم إنتاجها بأي ثمن.
_____
الفلاسفة والحب ، ماري لومونييه - أود لانسولان ، ترجمة : دينا مندور ، دار التنوير ، لبنان ، 2015.
(كهف أفلاطون) أو أسطورة الكهف رمز ومثال فلسفي ضربه أفلاطون لإيضاح المعرفة والواقع وطبيعة الإنسان. يُستخدم هذا المثال لاستكشاف العلاقة بين الإدراك والوجود، حيث يفترض أن الناس محبوسة في سجن وهمي يعيشون فيه، لم يروا شيئًا خارجه؛ مما يؤدي إلى ضيق أفقهم وإدراكهم المحدود للحقيقة في إشارة إلى تأثير الجهل على معرفة الناس وإدراكهم؛ ويبرز أهمية التربية والفكر النقدي في تحرير العقول من قيود الوهم. أصبح كهف أفلاطون موضوعًا محوريًا في الفلسفة، بسبب انعكاسه على مجالات متعددة مثل التعليم والتربية وفهم الحقيقة. المثال ذكره أفلاطون في الباب السابع من كتاب الجمهورية.
يمثل كهف أفلاطون حالة الجهل والوهم، حيث يعتقد السجناء أن الظلال التي يرونها على الحائط هي الحقيقة الوحيدة. ترمز هذه الظلال إلى الأفكار والمعتقدات المتوهمة التي تسيطر على عقول الناس بسبب ظروف البيئة التي حُبسوا فيها. خروج السجين من الكهف إلى العالم الخارجي يرمز إلى رحلة البحث عن المعرفة والحقيقة وفهم الواقع كما هو، مما يعكس أهمية الخروج من القيود الفكرية وضرورة التفكير النقدي والتعلم. أن المَثل يرمز إلى ان النفس الانسانية في حالتها الحاضرة، أي خلال اتصالها بالبدن، اشبه شيء بسجين مقيد بالسلاسل، وضع في كهف، وخلفه نار ملتهبة تضيء الأشياء وتطرح ظلالها على جدار اقيم امامه، فهو لا يرى الأشياء الحقيقية بل يرى ظلالها المتحركة، ويظن بها حقائق.»
«فالكهف في هذه الاسطورة هو العالم المحسوس، والظلال هي المعرفة الحسية، والأشياء الحقيقية التي تحدث هذه الظلال هي المُثُل.
وعلى هذا فإن الفيلسوف حسب أفلاطون هو الذي يرتقي بنفسه ويفكر في المثل الجوهرية التي تكمن وراء المظاهر..
#أفلاطون
#كهف_أفلاطون
يمثل كهف أفلاطون حالة الجهل والوهم، حيث يعتقد السجناء أن الظلال التي يرونها على الحائط هي الحقيقة الوحيدة. ترمز هذه الظلال إلى الأفكار والمعتقدات المتوهمة التي تسيطر على عقول الناس بسبب ظروف البيئة التي حُبسوا فيها. خروج السجين من الكهف إلى العالم الخارجي يرمز إلى رحلة البحث عن المعرفة والحقيقة وفهم الواقع كما هو، مما يعكس أهمية الخروج من القيود الفكرية وضرورة التفكير النقدي والتعلم. أن المَثل يرمز إلى ان النفس الانسانية في حالتها الحاضرة، أي خلال اتصالها بالبدن، اشبه شيء بسجين مقيد بالسلاسل، وضع في كهف، وخلفه نار ملتهبة تضيء الأشياء وتطرح ظلالها على جدار اقيم امامه، فهو لا يرى الأشياء الحقيقية بل يرى ظلالها المتحركة، ويظن بها حقائق.»
«فالكهف في هذه الاسطورة هو العالم المحسوس، والظلال هي المعرفة الحسية، والأشياء الحقيقية التي تحدث هذه الظلال هي المُثُل.
وعلى هذا فإن الفيلسوف حسب أفلاطون هو الذي يرتقي بنفسه ويفكر في المثل الجوهرية التي تكمن وراء المظاهر..
#أفلاطون
#كهف_أفلاطون
كان الفيلسوف سينيكا يؤمن بأن مايدفعنا إلى الغضب والتألم والإحباط من الحياة، هو التفاؤل المبالغ فيه، تجاه الحياة والأشياء. “بحسب الرؤية السينيكية، إن ما يدفعنا إلى الغضب هي أفكارٌ تفاؤلية على نحو خطير بشأن ماهية العالم والناس.“
والنصيحة التي يسديها إلينا سينيكا تقول: “يجب أن تبقي في ذهننا احتمالية وقوع كارثة في أي لحظة!” حتى إنه وصف تفاؤلنا وحسن ظننا في الواقع، بأنه “براءة خطيرة“.
يقول سينيكا بوضوح:
“الطبيعة لم تَخلقْ مكانًا يتّسم بالثبات… لاشيء مستقر. مصائر البشر، ومصائر المدن، في دوّامة.” ويؤمن سينيكا بقوة، أن الإيمان بهذا اللاثبات في الحياة، يقلل إحباطنا أمام الأشياء لو ما حصلت مثل ما نتوقع.
#سينيكا
والنصيحة التي يسديها إلينا سينيكا تقول: “يجب أن تبقي في ذهننا احتمالية وقوع كارثة في أي لحظة!” حتى إنه وصف تفاؤلنا وحسن ظننا في الواقع، بأنه “براءة خطيرة“.
يقول سينيكا بوضوح:
“الطبيعة لم تَخلقْ مكانًا يتّسم بالثبات… لاشيء مستقر. مصائر البشر، ومصائر المدن، في دوّامة.” ويؤمن سينيكا بقوة، أن الإيمان بهذا اللاثبات في الحياة، يقلل إحباطنا أمام الأشياء لو ما حصلت مثل ما نتوقع.
#سينيكا
الفيلسوف الجديد
Photo
هل تورطت بقراءة هذا الكتاب ؟
علي حسين
" لا تهتما كثيراً ، اعلم انكما لن تفهما " بهذه الجملة انتهى في الثامن عشر من تموز 1929 في كامبريدج في انكلترا ، فحص الدكتوراه الشفهي الأكثر غرابة في تاريخ الفلسفة ، حيث وقف امام لجنة المناقشة التي تألفت من برتراند لرسل وجورج مور ، رجل في الاربعين من عمره ترك ثروة عائلته وامضى سنوات يعمل مدرسا في مدرسة ابتدائيةة كان يدعى لودفيغ فنغشتاين ، ولم يكن غريبا على الجامعة ، حيث كان من قبل يدرس على يد برتراند رسل ، وكان معروفا بين الطلبة بحدة ذكاءه وعبقريته .
كان فيتغنشتاين يطرح دائما سؤال : أي جدوى لدراسة الفلسفة ؟ " ويجد ان الفلسفة تتحول الى عبء عندما تمكنك من الحديث :" عن بعض المسائل العويصة في المنطق .. وإذا لم تُحَسن تفكيرك في المسائل الهامة للحياة اليومية " – الاستشارة الفلسفية ترجمة عادل مصطفى – .
العام 1922 يصدر فيتغنشتاين كتابه " رسالة منطقية فلسفية " ، قال لاحد اصدقاءه :" إن ما لا نستطيع التحدث عنه ينبغي ان نتركه للصمت ، وسنجده يغادر انكلترا ليعود الى مدينته فينا ، وخلال السنوات الفاصلة بين الحرب العالمية الاولى والثانية مارس العديد من الاعمال ، ولم يصغ لنداءات تلامذته للعودة الى الفلسفة ، حيث واجه بقرار مفاجئ وهو رغبته بأن يصبح معلماً في إحدى المدارس الابتدائية ، بعد ان قرر ان يمنح نصيبه الكبير من ثروة والده المتوفى الى اشقائه ، ولم يكن برتراند رسل معجبا بهذا الزهد والتخلي عن الثروة وقد قال له :" مليونير ويعمل معلما في قرية ، بالتاكيد مثل هذا الشخص اما منحرف او أحمق " . " اعتقد فيتغنشتاين بعد ان اصدر كتابه " رسالة منطقية للفلسفة " – ترجمه الى العربية عزمي اسلام – ان المشكلات الكبرى في الفلسفة قد حلت حيث كتب في مقدمة كتابه :" إن الافكار التي سيقت هنا يستحيل الشك في صدقها ، ولذا فإنني اعتقد ان كل ما هو اساسي في مشكلات الفلسفة قد تم حله نهائيا " . ولانه كان امينا مع نفسه فقد اكتشف عام 1929 خطأ بعض تصوراته وان عليه ان يعيد النظر في موقفه الفلسفي وان يبدأ من جديد وهذا ما فعله ، فقد عاد مرة اخرى الى كمبردج ليمارس عمله الفلسفي من جديد ، وهذه المرة سيكون مزودا بسؤال جديد عن الفلسفة واللغة ، معلنا ان السنوات التي قضاها في تدريس الاطفال منحته تصور جديد للفلسفة ، ولهذا نجده في كتابه " تحقيقات فلسفية " – ترجمه عبد الرزاق بنور – يكتشف ان افكاره في الرسالة المنطقية كانت افكارا خاطئة :" لقد اتيحت لي منذ اربع سنوات مضت ان اعيد قراءة كتابي الاول ) رسالة منطقية فلسفية ) لكي اشرح ما فيه من افكار الى شخص ما . وقد بدا لي فجأة انني يجب ان اطبع هذه الافكار القديمة والافكار الجديدة معا ، لأن هذه الافكار الاخيرة لا يمكن فهمها فهما صحيحا إلا إذا تمت المقابلة بينها وبين طريقتي القديمة في التفكير .. فمنذ ان بدأت اعود للاشتغال بالفلسفة مرة ثانية ، اضطررت ان اتبين أخطاء جسيمة فيما كتبته في الكتاب الاول " – لدفيج فتجنشتين تاليف عزمي اسلام –
يعود فنغشتاين ولكن هذه المرة ليطالب الفلاسفة نسيان تاريخ الفلسفة والالتفات الى الاشكال المعقدة لحياتنا من اجل ان يدركو ما هو الانسان ؟
كان فيتغنشتاين يتذكر دوما مقولة نيتشه: "أصل نفسك حربا لا هوادة فيها ولا تهتم بالخسائر والأرباح، فهذا من شأن الحقيقة لا من شأنك أنت. وإذا أردت الراحة فاعتقد وإن أردت أن تكون من حواريي الحقيقة فاسأل".
ولد لودفيغ فتغنشتاين في فيينا عام 1889 لعائلة تعشق الموسيقى ، كان بيتهم الكبير يضم سبع آلات بيانو ، جميع افراد العائلة عازفون مهرة ، ومن اجل شقيقه الاكبر سوف يؤلف الموسيقي الشهير موريس رافيل مقطوعته الشهيرة " بوليرو " ، وكان الموسيقار براهامز صديقا حميما لوالده مثله مثل العديد من الرسامين والموسيقيين والادباء ، الذين كان يعج بهم القصر كل مساء ، الاب كارل ثري جدا ، صاحب مصاهر للحديد
في الرابعة عشرة من عمره اخترع ماكنة خياطة تعمل بطريقة الدواليب ، كان احد زملائه في الصف واسمه ادلوف هتلر ، معجباً بأفكاره العلمية وطموحاته وذات يوم قال له : " أتمنى ان نصنع انا وانت سلاحا خارقا " ، بعد سنوات سيتذكر هذا التلميذ وهو يشاهده يخطب بالملايين ويعلن الحرب على اوروبا. في سن العشرين باشر دراساته في مجال الهندسة ، وسافر الى مانشستر ليدرس هندسة الطيران ، فبدأت الرياضيات تستهويه ، كما ستستهويه بعد حين مسائل المنطق والفلسفة ، وسوف يتابع في كمبردج دروس برتراند رسل ، تحول بعدهانحو الفلسفة ، فاقم الصراع مع والده الذي كان يجد فيها مهنة غير مفيدة للعائلة ، الامر الذي زاد من مرض العصاب الذي كان يلم به بين الحين والآخر ، وذات يوم سأل رسل تلميذه فتغنشتين عندما رآه بحالة دائمة من القلق : " هل تفكر بالمنطق ام بخطاياتك " ؟ وأجابه بكليهما عندها اصبح رسل قلقاً على تلميذه الذي كان يرى فيه خليفته له ، من ان يتجه نحو الجنون ،
علي حسين
" لا تهتما كثيراً ، اعلم انكما لن تفهما " بهذه الجملة انتهى في الثامن عشر من تموز 1929 في كامبريدج في انكلترا ، فحص الدكتوراه الشفهي الأكثر غرابة في تاريخ الفلسفة ، حيث وقف امام لجنة المناقشة التي تألفت من برتراند لرسل وجورج مور ، رجل في الاربعين من عمره ترك ثروة عائلته وامضى سنوات يعمل مدرسا في مدرسة ابتدائيةة كان يدعى لودفيغ فنغشتاين ، ولم يكن غريبا على الجامعة ، حيث كان من قبل يدرس على يد برتراند رسل ، وكان معروفا بين الطلبة بحدة ذكاءه وعبقريته .
كان فيتغنشتاين يطرح دائما سؤال : أي جدوى لدراسة الفلسفة ؟ " ويجد ان الفلسفة تتحول الى عبء عندما تمكنك من الحديث :" عن بعض المسائل العويصة في المنطق .. وإذا لم تُحَسن تفكيرك في المسائل الهامة للحياة اليومية " – الاستشارة الفلسفية ترجمة عادل مصطفى – .
العام 1922 يصدر فيتغنشتاين كتابه " رسالة منطقية فلسفية " ، قال لاحد اصدقاءه :" إن ما لا نستطيع التحدث عنه ينبغي ان نتركه للصمت ، وسنجده يغادر انكلترا ليعود الى مدينته فينا ، وخلال السنوات الفاصلة بين الحرب العالمية الاولى والثانية مارس العديد من الاعمال ، ولم يصغ لنداءات تلامذته للعودة الى الفلسفة ، حيث واجه بقرار مفاجئ وهو رغبته بأن يصبح معلماً في إحدى المدارس الابتدائية ، بعد ان قرر ان يمنح نصيبه الكبير من ثروة والده المتوفى الى اشقائه ، ولم يكن برتراند رسل معجبا بهذا الزهد والتخلي عن الثروة وقد قال له :" مليونير ويعمل معلما في قرية ، بالتاكيد مثل هذا الشخص اما منحرف او أحمق " . " اعتقد فيتغنشتاين بعد ان اصدر كتابه " رسالة منطقية للفلسفة " – ترجمه الى العربية عزمي اسلام – ان المشكلات الكبرى في الفلسفة قد حلت حيث كتب في مقدمة كتابه :" إن الافكار التي سيقت هنا يستحيل الشك في صدقها ، ولذا فإنني اعتقد ان كل ما هو اساسي في مشكلات الفلسفة قد تم حله نهائيا " . ولانه كان امينا مع نفسه فقد اكتشف عام 1929 خطأ بعض تصوراته وان عليه ان يعيد النظر في موقفه الفلسفي وان يبدأ من جديد وهذا ما فعله ، فقد عاد مرة اخرى الى كمبردج ليمارس عمله الفلسفي من جديد ، وهذه المرة سيكون مزودا بسؤال جديد عن الفلسفة واللغة ، معلنا ان السنوات التي قضاها في تدريس الاطفال منحته تصور جديد للفلسفة ، ولهذا نجده في كتابه " تحقيقات فلسفية " – ترجمه عبد الرزاق بنور – يكتشف ان افكاره في الرسالة المنطقية كانت افكارا خاطئة :" لقد اتيحت لي منذ اربع سنوات مضت ان اعيد قراءة كتابي الاول ) رسالة منطقية فلسفية ) لكي اشرح ما فيه من افكار الى شخص ما . وقد بدا لي فجأة انني يجب ان اطبع هذه الافكار القديمة والافكار الجديدة معا ، لأن هذه الافكار الاخيرة لا يمكن فهمها فهما صحيحا إلا إذا تمت المقابلة بينها وبين طريقتي القديمة في التفكير .. فمنذ ان بدأت اعود للاشتغال بالفلسفة مرة ثانية ، اضطررت ان اتبين أخطاء جسيمة فيما كتبته في الكتاب الاول " – لدفيج فتجنشتين تاليف عزمي اسلام –
يعود فنغشتاين ولكن هذه المرة ليطالب الفلاسفة نسيان تاريخ الفلسفة والالتفات الى الاشكال المعقدة لحياتنا من اجل ان يدركو ما هو الانسان ؟
كان فيتغنشتاين يتذكر دوما مقولة نيتشه: "أصل نفسك حربا لا هوادة فيها ولا تهتم بالخسائر والأرباح، فهذا من شأن الحقيقة لا من شأنك أنت. وإذا أردت الراحة فاعتقد وإن أردت أن تكون من حواريي الحقيقة فاسأل".
ولد لودفيغ فتغنشتاين في فيينا عام 1889 لعائلة تعشق الموسيقى ، كان بيتهم الكبير يضم سبع آلات بيانو ، جميع افراد العائلة عازفون مهرة ، ومن اجل شقيقه الاكبر سوف يؤلف الموسيقي الشهير موريس رافيل مقطوعته الشهيرة " بوليرو " ، وكان الموسيقار براهامز صديقا حميما لوالده مثله مثل العديد من الرسامين والموسيقيين والادباء ، الذين كان يعج بهم القصر كل مساء ، الاب كارل ثري جدا ، صاحب مصاهر للحديد
في الرابعة عشرة من عمره اخترع ماكنة خياطة تعمل بطريقة الدواليب ، كان احد زملائه في الصف واسمه ادلوف هتلر ، معجباً بأفكاره العلمية وطموحاته وذات يوم قال له : " أتمنى ان نصنع انا وانت سلاحا خارقا " ، بعد سنوات سيتذكر هذا التلميذ وهو يشاهده يخطب بالملايين ويعلن الحرب على اوروبا. في سن العشرين باشر دراساته في مجال الهندسة ، وسافر الى مانشستر ليدرس هندسة الطيران ، فبدأت الرياضيات تستهويه ، كما ستستهويه بعد حين مسائل المنطق والفلسفة ، وسوف يتابع في كمبردج دروس برتراند رسل ، تحول بعدهانحو الفلسفة ، فاقم الصراع مع والده الذي كان يجد فيها مهنة غير مفيدة للعائلة ، الامر الذي زاد من مرض العصاب الذي كان يلم به بين الحين والآخر ، وذات يوم سأل رسل تلميذه فتغنشتين عندما رآه بحالة دائمة من القلق : " هل تفكر بالمنطق ام بخطاياتك " ؟ وأجابه بكليهما عندها اصبح رسل قلقاً على تلميذه الذي كان يرى فيه خليفته له ، من ان يتجه نحو الجنون ،
الفيلسوف الجديد
Photo
ويكتب رسل في يومياته:" فتغنشتاين على حافة انهيار عصبي، وليس بعيدا عن الانتحار " .
كتب اول مؤلفاته في دفتر صغير ، وسط ضجيج الآلات والتعب وتقلبات الجو ، كانت غايته من الكتاب هو ايجاد حلاً لمشكلته مع الفلسفة ، التي أصرّ على ان الجوهري فيه هو علاقة اللغة بحل مسائل الفلسفة والمنطق ، فالجمل المجردة من المعنى وحدها تصف وقائع واحداثا تجري في العالم ، لكن على اي شيء يتركز العالم ذاته ، نسيجا وحضورا هذا هو ما يبقى التعبير عنه مستحيلا : " اذا كان لابدّ من ان أجيب على سؤال ما الأخضر الذي يطرحه شخص لا يعرف عن الأخضر شيئا فلا يمكنني الا ان اقول ، هو هذا وانا أشير الى شيء اخضر بامكاننا ان نشير بالبنان الى هذا الواقع الخارج عن اللغة وان نبرهنه لكننا لا نستطيع التعبير عنه " . يُسمي فيتغنشتاين هذا الواقع بالمجازي ، والخطأ الأكبر شيوعاً هو ارادة التعبير عن هذا المجازي الذي لا يوصف، لذا يضع مقابل هذا الوهم قاعدة تقول : " ينبغي اخفاء ما لانستطيع قوله" .
اعطى اندلاع الحرب العالمية الاولى في العام 1914 فتغنشتاين منفذا لرغبته في الموت ، لقد تطوع بسرعة في الجيش ، على الرغم من وضعه الصحي ، وتراه يكتب بعد سنوات : " ذهبت الى الحرب على امل ان يحميني الموت في المعارك من فكرة الانتحار " ، شارك في الحرب بكل قواه ، وكان من المرشحين لنيل الاوسمة عدة مرات ، ونراه يمجد الحرب في قصيدة قصيرة ، ويرسل الى استاذه برتراند رسل ، رسالة يسخر فيها من دعواته للسلم ، لكن نراه يكتب بعد سنوات :" وجدت نفسي مثل العديد
في الأسر ينتهي من كتابه الأطروحة ، وبعد اطلاق سراحه عام 1919 يعود الى اسرته في فيينا ، محملا بافكا شوبنهور المحبطة ، أمضى ست سنوات في وظيفة معلم القرية ، قطعها عام 1926 بشكل مفاجىء ، ليعود الى فيينا حيث احتفت به " الجمعية الفلسفية في فيينا " التي اعتبرت كتابه " الاطروحة " لوحاً فلسفيا مقدسا ، وكان اعضاء الجمعية ينتظرون بشغف حضور فيلسوفهم الكبير ، لكنه خيّب املهم حيث ذهب ليعمل بستانياً في احد الاديرة قرب فيينا ، كان يفكر بالالتحاق بالرهبان ، لكن رئيس الدير رفض طلبه ، لشكوكه بتصرفات فتغنشتاين التي كان يراى انها غربية وبعيدة عن الدين ، عام 1929 تقرر جامعة كمبردج اعادته اليها ، هناك استطاع بسهولة ان يؤثر باساتذته من جديد وقد وصف رسل الاطروحة بانها عمل شخص عبقري ، ومع حصوله على شهادة الدكتوراه حصل على منحة محاضر ، ظل فتغنشتاين في كمبريدج حتى عام 1936 ثم رحل الى النرويج حيث تفرغ لمدة عام في تاليف كتابه " ابحاث فلسفية " ثم عاد الى كمبردج ليخلف الفيلسوف مور على كرسي الفلسفة ، ولما نشبت الحرب العالمية الثانية شارك فيها فعمل في احد المعامل الطبية ، وعاوده القلق من جديد لنراه يعتزل كرسي الفلسفة عام 1947 ليستقر في مزرعة بالريف الايرلندي حيث عاش في وحدة تامة ، وهناك اكمل الجزء الثاني من كتابه ابحاث فلسفية.
مرض فتغنشتاين في تلك الفترة مرضا شديدا ، وتبين عام 1949 انه كان يعاني من مرض السرطان ليتوفى في 29 ايار عام 1951 وكان اخر عبارة قالها لممرضته :" قولي لهم انني قد عشت حياة رائعة ".
لماذا العودة الى فيلسوف صعب مثل فتغنشتاين ؟ ونحن نريد من الفلسفة ان تحُسن تفكيرنا في الحياة ، لان الفلسفة نفسها لم تتمكن من تجاوزه برغم صعوبة كتاباته ، حيث تستعد بريطانيا لاقامة ندوة فلسفية عالمية عنه ، فيما تفتتح فيينا معرضا عن اعماله وحياته ، في الوقت الذي ستصدر فيه عدد من الجامعات طبعة جديدة من كتابه " رسالة منطقية فلسفية " . كانت الرسالة قد نشرت للمرة الاولى باللغة الالمانية في المجلة الفلسفية ، لكنها لم تلق الاهتمام إلا ان قام برتراند رسل بتكليف بعض طلبته بترجمتها الى الانكليزية لتصدر في كتاب ، كتب المقدمة له رسل شرح فيها فلسفة فتغنشتاين مع تسليط الضوء على المصطلحات التي ضمتها الرسالة .. هكذا يعود فتغنشتاين من جديد ، ويتم تسليط الضوء على مهمة الفلسفة التي كان يراها على قدر من التعقيد يكفي لايقاع الحيرة والارتباك ما لم توجد بعض الخيوط التي يمكن تعقبها خلال متاهة الوجود البشري ، إن مراجعة للتاريخ الطبيعي للانسان يكشف لنا عما هو الانسان اليوم .
يوصينا فتغنشتاين ان نقترب من الفلسفة ليس من اجل ايجاد اجابة للاسئلة التي تشغلنا ، بل من أجل الأسئلة نفسها ، لأن هذه الأسئلة توسع تصورنا لما هو ممكن ، وتثري خيالنا الفكري .
.في نهاية المناقشة ستوصي اللجنة في تقريرها الموقع من قبل برتراند رسل وجورج مور بان اطروحة الدكتوره المقدمة من السيد فنغشتاين هي من صُنع عبقري " .
كتب اول مؤلفاته في دفتر صغير ، وسط ضجيج الآلات والتعب وتقلبات الجو ، كانت غايته من الكتاب هو ايجاد حلاً لمشكلته مع الفلسفة ، التي أصرّ على ان الجوهري فيه هو علاقة اللغة بحل مسائل الفلسفة والمنطق ، فالجمل المجردة من المعنى وحدها تصف وقائع واحداثا تجري في العالم ، لكن على اي شيء يتركز العالم ذاته ، نسيجا وحضورا هذا هو ما يبقى التعبير عنه مستحيلا : " اذا كان لابدّ من ان أجيب على سؤال ما الأخضر الذي يطرحه شخص لا يعرف عن الأخضر شيئا فلا يمكنني الا ان اقول ، هو هذا وانا أشير الى شيء اخضر بامكاننا ان نشير بالبنان الى هذا الواقع الخارج عن اللغة وان نبرهنه لكننا لا نستطيع التعبير عنه " . يُسمي فيتغنشتاين هذا الواقع بالمجازي ، والخطأ الأكبر شيوعاً هو ارادة التعبير عن هذا المجازي الذي لا يوصف، لذا يضع مقابل هذا الوهم قاعدة تقول : " ينبغي اخفاء ما لانستطيع قوله" .
اعطى اندلاع الحرب العالمية الاولى في العام 1914 فتغنشتاين منفذا لرغبته في الموت ، لقد تطوع بسرعة في الجيش ، على الرغم من وضعه الصحي ، وتراه يكتب بعد سنوات : " ذهبت الى الحرب على امل ان يحميني الموت في المعارك من فكرة الانتحار " ، شارك في الحرب بكل قواه ، وكان من المرشحين لنيل الاوسمة عدة مرات ، ونراه يمجد الحرب في قصيدة قصيرة ، ويرسل الى استاذه برتراند رسل ، رسالة يسخر فيها من دعواته للسلم ، لكن نراه يكتب بعد سنوات :" وجدت نفسي مثل العديد
في الأسر ينتهي من كتابه الأطروحة ، وبعد اطلاق سراحه عام 1919 يعود الى اسرته في فيينا ، محملا بافكا شوبنهور المحبطة ، أمضى ست سنوات في وظيفة معلم القرية ، قطعها عام 1926 بشكل مفاجىء ، ليعود الى فيينا حيث احتفت به " الجمعية الفلسفية في فيينا " التي اعتبرت كتابه " الاطروحة " لوحاً فلسفيا مقدسا ، وكان اعضاء الجمعية ينتظرون بشغف حضور فيلسوفهم الكبير ، لكنه خيّب املهم حيث ذهب ليعمل بستانياً في احد الاديرة قرب فيينا ، كان يفكر بالالتحاق بالرهبان ، لكن رئيس الدير رفض طلبه ، لشكوكه بتصرفات فتغنشتاين التي كان يراى انها غربية وبعيدة عن الدين ، عام 1929 تقرر جامعة كمبردج اعادته اليها ، هناك استطاع بسهولة ان يؤثر باساتذته من جديد وقد وصف رسل الاطروحة بانها عمل شخص عبقري ، ومع حصوله على شهادة الدكتوراه حصل على منحة محاضر ، ظل فتغنشتاين في كمبريدج حتى عام 1936 ثم رحل الى النرويج حيث تفرغ لمدة عام في تاليف كتابه " ابحاث فلسفية " ثم عاد الى كمبردج ليخلف الفيلسوف مور على كرسي الفلسفة ، ولما نشبت الحرب العالمية الثانية شارك فيها فعمل في احد المعامل الطبية ، وعاوده القلق من جديد لنراه يعتزل كرسي الفلسفة عام 1947 ليستقر في مزرعة بالريف الايرلندي حيث عاش في وحدة تامة ، وهناك اكمل الجزء الثاني من كتابه ابحاث فلسفية.
مرض فتغنشتاين في تلك الفترة مرضا شديدا ، وتبين عام 1949 انه كان يعاني من مرض السرطان ليتوفى في 29 ايار عام 1951 وكان اخر عبارة قالها لممرضته :" قولي لهم انني قد عشت حياة رائعة ".
لماذا العودة الى فيلسوف صعب مثل فتغنشتاين ؟ ونحن نريد من الفلسفة ان تحُسن تفكيرنا في الحياة ، لان الفلسفة نفسها لم تتمكن من تجاوزه برغم صعوبة كتاباته ، حيث تستعد بريطانيا لاقامة ندوة فلسفية عالمية عنه ، فيما تفتتح فيينا معرضا عن اعماله وحياته ، في الوقت الذي ستصدر فيه عدد من الجامعات طبعة جديدة من كتابه " رسالة منطقية فلسفية " . كانت الرسالة قد نشرت للمرة الاولى باللغة الالمانية في المجلة الفلسفية ، لكنها لم تلق الاهتمام إلا ان قام برتراند رسل بتكليف بعض طلبته بترجمتها الى الانكليزية لتصدر في كتاب ، كتب المقدمة له رسل شرح فيها فلسفة فتغنشتاين مع تسليط الضوء على المصطلحات التي ضمتها الرسالة .. هكذا يعود فتغنشتاين من جديد ، ويتم تسليط الضوء على مهمة الفلسفة التي كان يراها على قدر من التعقيد يكفي لايقاع الحيرة والارتباك ما لم توجد بعض الخيوط التي يمكن تعقبها خلال متاهة الوجود البشري ، إن مراجعة للتاريخ الطبيعي للانسان يكشف لنا عما هو الانسان اليوم .
يوصينا فتغنشتاين ان نقترب من الفلسفة ليس من اجل ايجاد اجابة للاسئلة التي تشغلنا ، بل من أجل الأسئلة نفسها ، لأن هذه الأسئلة توسع تصورنا لما هو ممكن ، وتثري خيالنا الفكري .
.في نهاية المناقشة ستوصي اللجنة في تقريرها الموقع من قبل برتراند رسل وجورج مور بان اطروحة الدكتوره المقدمة من السيد فنغشتاين هي من صُنع عبقري " .
الفيلسوف الجديد
Photo
هل تورطت مثلي وقررت قراءة كتاب " رسالة منطقية فلسفية " اسمح لي ان احدثك عن معاناتي ، في منتصف السبعينيات يقع بيدي كتاب بعنوان " لدفيج فتجنشتين " تاليف عزمي إسلام ، وهو الكتاب رقم " 19 " في سلسلة نوابغ الفكر الغربي التي كانت تصدر عن دار المعارف المصرية آنذاك . كان الاسم غريبا ومثيرا في نفس الوقت ، دفعني الفضول لاقتناء الكتاب ، وعندما وصلت الى البيت كنت متلهفا لمعرفة اسرار المدعو " فتجنشتين " ، في ذلك الوقت أدرجت لنفسي ، نظاما للقراءة كانت كتب الفلسفة جزء من هذا النظام ، اغوص في تاريخ اصحابها ، اتمتع بما يتيسر لي فهمه ، واصارع احيانا كتباً ملغزة بالمصطلحات ، وكنت أجد بعض الاصدقاء لا يقرأون كتب الفلسفة ، لأنها مملة حسب تعبيرهم ، لا يمكن متابعة قراءتها ، وتتعارض لغتها مع متعة القراءة التي يبحثون عنها ، في بعض الاحيان اوافقهم الرأي ، خصوصا عندما اجد نفسي مع كتب محيرة مثل هذا الكتاب الذي يخبرني مؤلفه عزمي إسلام ان صاحبنا " فتجنشتين " من جماعة الفلسفة للفلسفة ، وليس للفضوليين من امثالي ، فقد كان يصر على ان عمل الفيلسوف هو أن يكون فيلسوفا للفيلسوف . كانت هذه الجمل اشبه بالاحجية بالنسبة لي ، بعدها يوصيني مؤلف الكتاب ان اكون حذرا وانا ادخل عالم فيتغنشتاين الغريب الاطوار الذي ترك مدينته بعد ان تأثر عميقا بكتابات تولستوي عن الاخلاق والدين ، فقرر السكن في الريف .
#فتغنشتاين
#فتغنشتاين
أكثر الشخصيات جذباً في ملحمة طروادة، بالنسبة لي، بعد أخيل هي كاسندرا ابنة بريام ملك طروادة، كاسندرا الجميلة كما يؤكّد السرد الملحمي لمبالغة أثر مأساتها، كاسندرا التي منحها الإله أبولو القدرة على التنبؤ بالمستقبل ومع ذلك رفضت حبّه، في تناقض غريب عصيٌّ تفسيرُه، على اعتبار أننا لو سلّمنا أنها باتت تعرف ما هو المستقبل، فستعلم حتماً عواقب رفضها له.
في الأسطورة لم يقرّر أبولو الغاضب أن يسلك طريق زيوس باغتصاب كلّ النساء اللواتي رغب بهنّ ولم يطاوعنه، ولم يقرّر سحب هديّته بل قرّر أن يحوّلها إلى لعنة، فقد ترك القدرة على التنبّؤ ورؤية المستقبل، ولكنّه سلبَ منها القدرة على الكلام أو بشكل أدقّ القدرة على التواصل، تخيّلوا أن كاسندرا كانت تعلم فعلاً ما سيجري لأهلها وتُحاول إخبارهم، فلا يخرج منها غير تأتأة وكلام غير مفهوم، كلام يُشكّل عبئاً على الفرح العارم بوهم نهاية الحرب، ودخول حصان طروادة هديةَ استسلام ينهي سنوات من العنف ويثبت انتصار الطرواديّين، كانت تأتأة كاسندرا مجرّد "نقٍّ" مضجر، نعيق لابنة ملك لم يملك هو نفسه وقتاً للإصغاء إلى مخاوفها أو حتى لفهمها.
لقد كانت كاسندرا، هنا، شقيقةً للمسيح في نَصِّ الإغواء الأخير للمسيح بحسب كازانتزاكيس، المسيح الذي نزل عن الصليب وتزوّج من مريم المجدليّة، وعاد ليرى أحد تابعيه (بولس كما أذكر)، وهو يتحدّث عن الأهوال التي عانى منها المسيح ليفدي البشرية بدمه. تلك الأهوال التي يغسل تخيُّلُها نتوءات القلوب، وينير للناس طريقهم في وسط العماء.
تعبيرٌ عن عدم قدرة تواصل الشخص مع المحيط حوله
يرى المسيح تابعه (الأمين) ويُخبره بأنه سيكشف للناس زيف حكايته، فيسخر منه بولس ويقول فلتفعلْ، لن يصدّقك أحد لأن حكايتي أقوى من حكايتك. سينكفئ المسيح ويرمي رأسه الواهن على كتف كاسندرا ويُتأتِئ مثلها بكلامٍ لن يسمعه أحد. لا الريح ستُصغي ولا الطير. ستُحاول كاسندرا أن تُخبر المسيح اللطيف الوادع بأن أياكس سيغتصبها عند معبد أثينا، وأنها ستُسبَى وستأخذ الطُّرقُ شيئاً من لحمها، سيبكي المسيح المُتعب، ويصرخ هنا "إلهي لماذا شبقتنا". الحشود تحتفل حولهما بصخب وفرحٍ مدوٍّ يتردّد صداه في أماكن وأزمان أُخرى احتفالاً بسقوط دكتاتور مروّع وفتح سجون أولها "صيدنايا"، سيفكر المسيح بمعنى الاسم الآرامي "صيدنايا" أو "صيد الغزالة"، لعلّ الغزالة نفسها كانت تُتأتئ أيضاً.
سيبقى ورثة الرؤى في ذلك البلد متشائمين، يبثّون هواجس ناشزة عن ذلك الفرح المُفتقد، سيبقى شعراء البُوم وقاتلو البهجة يتأتئون بين أناس يحبّونهم، سيخبرونهم عن خطر حرب أهلية وخطر تبديل دكتاتور بآخر، وخطر تحويل البلد إلى شبح بلد آخر اسمه أفغانستان أو إيران، لن يفهمهم أحد، أو لن يرغبوا في الإصغاء وإفساد موجة الفرح، وسيطالبهم الجميع بالانتظار والتروي لرؤية ما سيأتي من أهوال، وأن شيئاً سيأتي أفضل من استمرار الحرب على أسوار طروادة، رغم أنّ طروادة هنا كانت سلفاً مرتعاً لجيوشٍ بالكاد تعرف بعضها بعضاً من كثرتها، لعلّها تتعرف بعضها إلى بعض بالرائحة، كجحافل نمل على جثة غزالة كانت في معتقل.
سيقول المحتفلون: الأهمّ الآن هو الوفاء للفرح والاستراحة، ودفن أرتال الشهداء، وإعطاء الوقت للحزن النقي، لتقطيره من عيون مغلقة وأُخرى لم تقدر أن تُغمض من هول ما رأت، سيُمسِّد البعض رؤوس المتشائمين، وسيسبُّهم البعض الآخر، ويوشّحهم بسواد الغربان أو حتى يخوّنهم بأنهم حريصون على عودة جيوش الإغريق. سيبقون وحيدين بدون كتف يسندون رأسهم عليها. وسيشخّصهم الأطبّاء النفسيّون بـ"متلازمة كاسندرا". أجل لقد دخل هذا التشخيص اللعين حقل الطبّ واستقر فيه كإعلان رسمي لهذه الطائفة في التاريخ.
طريقة أُخرى للدفاع تتقاطع مع التشاؤم وقد تُخفّف وطأته
كنت أعتقد دائماً أن التشاؤم وسيلة دفاعية، فأن تتوقّع الأسوأ يمنحك أولاً فرصةً للتفكير في كيفية التعامل معه - إن كانت هناك فرصة لذلك - والأهمّ أنه يحميك من الخيبة الطاعنة في حصول ما يتجاوز كوابيسك. الأسوأ، هنا، هو القعر الذي لن تغرق تحته.
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM