#ابن_عثيمين_عالماً_مربياً (1)

عَرَفَ الناسُ شيخنا ابن عثيمين عالماً محققاً، ولكن قد يخفى على بعض الناس كيف وصل إلى هذه المرتبة؟

وما الجوانب الأخرى ذات التميز في حياته رحمه الله؟

في هذه السلسلة الأسبوعية نحاول الإجابة على هذا السؤال من خلال الوقفات التالية:

❶ أنه كان واضح الهدف: فقد كان الهدف الأكبر عنده - وهو طلبُ العلم وتعليمُه - واضحاً في نفسه من بواكير شبابه، ظهر ذلك في مواقف كثيرة، لعل من أشهرها:
• استعفاؤه من القضاء حين عُرِضَ عليه من قِبَلِ مفتي الديار السعودية في وقته الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ (1389هـ) ـ رحمه الله ـ وألحّ على شيخنا في ذلك، وبعد مراجعات واتصالات سَمح المفتي بإعفائه من منصب القضاء.
ولا أحسب هذا الموقف من شيخنا إلا لأنه يرى أن للقضاء ـ مع شرف مكانته ـ تبِعةً قد تشغله عن هدفه الذي رسمه لنفسه ـ وهو: تعليم العلمِ الذي بذل جهدَه في تحصيله ـ والعلم يحتاج تفرّغاً كثيراً، وصفاءً في الذهن، لا يتأتّى في الغالب للمنشغل بالقضاء.
• ومنْهَا: أنه لما ازدادت شهرتُه - خصوصاً بعد سنة 1400هـ - وكثر قاصدوه من الآفاق؛ تخفّف من إلقاء المحاضرات العامّة جداً ، وركّز على دروسه العلمية في الجامع، وصار لا يشارك إلا في حضور مناسبات تكريم حفّاظ القرآن في منطقته القصيم فقط، أو اجتماعات هيئة كبار العلماء، كل ذلك انجماعاً منه على دروسه، وتركيزاً على تحقيق هدفه الذي عاش من أجله.
هذا المعْلم في شخصية شيخنا ـ رحمه الله ـ قد يَغيب استحضارُه عن بعض طلاب العلم في بدايات حياته ونشاطه، فتذهب زهرةُ عمره في التنقل بين مجالاتٍ متنوعة، وإن كانت فاضلة؛ لكن تَذْهَبُ أيامُه وهو لم يبرز في سبيلٍ من هذه السُّبل، مع قدرته على التميّز.

والعِبرة من هذا المعْلَم في شخصية شيخنا ـ رحمه الله :أن يحدِّد الإنسانُ هدفَه مبكّراً، وينظر في المجالِ الذي يُتقنه ويبدعُ فيه، وليصحّح النيةَ في نفع نفسه وأمته، وليبشر بالتوفيق، وصدق الله: ﴿قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُم﴾[الأعراف: 160].


✍ د.عمر المقبل