رَفِيْـق.."

-
وِحدَة الظِّل |

في العِشرين من نوفمبر ألفين و أربعةٍ وعشرين، كانَ الٱحتلال ينادِي عبر مكبراتِ الصوتِ في شوارِع غزة، و يلقي المنشورات، و ينشر عبر وسائلِ الإعلام، أنَّ أي شخصٍ يعيد أحدَ الأسرى، فإنّ له خمسةَ ملايينِ دولار، و ممراً آمن للخروجِ من غزة !

خمسة ملايين دولار، يعني حوالي مِليارَي أوقية موريتانية قديمة !

الأسرى، كانوا بينَ يدي شبابٍ جَوعى، محاصرينَ، يعيشونَ في مدينةٍ مدمّرة، ليسَ عندهم أدنى مقوّمات الحياة، أحرى مقوماتِ الرفاهِية !

ومعَ ذلكَ، لَم تَخرج معلومةٌ واحدة، ولا وصل العدوّ إلى أسير واحد !

يرى النّاس في وحدةِ الظّل براعتها الأمنية، من سرّية و ٱنضباطٍ و حِرفية، و أرى فيها الجَانبَ العقدي، و الإخلاصَ الكامل !

هذهِ وحدةٌ، لا تُناسب من يحبّ الظّهور و الثّرثرة، و رأيتُ و سمعت و حضرت ..
بل تحرس جندياً أسيراً لسنواتٍ، ولا أحدَ يعرفك، ولا أحدَ يعرف حاله هوَ، وتجلس بين الناس كالمغفل، وأنتَ كنت قبل قليل بجوار الأسير !
حتى أهل بيتكَ، لا يعرف أحدٌ منهم طَبيعة عملكَ، بل ربما يرونكَ كأي شخص عادي، يخرج من بيتهِ ليعمل في بقالة أو منجرةٍ أو مزرعة، وهو ضابطٌ في وحدة الظّل !

ترجع لبيتكَ المتواضع، عملكَ المتعِب، تثقلكَ الديون و الهموم، وبين يديكَ معلوماتٌ، لو بعت إحداها للٱحتلال، لصرتَ من الأثرياء، ملايين الدولارات، حياة في الغرب .. ولكنّ عقيدتكَ تمنعكَ أن تبيعَ العدوّ نصراً، وتطعنَ أمتكَ في الظّهر !

مالذي تَدفعه المُقاومةُ لأمثالِ هؤلاء، حتى تضمنَ ولاءهم ؟
وهل تظنونَ أن من يُشترى ولاؤه بالمالِ، يثبتُ أمامَ زلزلةِ الإبادةِ و إغراء ملايين الدولارات !

هنا، تدرِك قيمةَ العقيدة التي قامَ عليها بنيان الجِهاد، و معايير ٱختيار الجُند، فلا مسابقات ٱكتتاب، ولا دخول بالواسطة، إنما يُختار الشباب من صفوف صلاة الفجر، و خيام الٱعتكاف، و حلقات التحفيظِ ..

هؤلاء الذينَ يثبتونَ، و هؤلاء الذينَ يضحّون، وهؤلاء الذينَ تصنفهم معايير جيوش العربِ متطرفينَ و إرهابيينَ، و تتخوف أن يحمل أحدهم بندقية أو يمسكَ مسدسا !

وِحدة الظّل، مثالٌ حيٌ لما يمكن للأمةِ أن تنجزه، وما يمكنُ لشبابها أن يحقِّقه، و كيفَ تبلغ العقيدة بأهلها، إخلاصاً و تضحية !

﴿هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ • وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ۚ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾

-يوسف محفوظ

❤58

1.56K views14:24