Telegram Web Link
قناة: رامي بن محمد الدالي
الحمد لله على نعمه التي لا تحصى لا سيما نعمة الإيمان والثبات والأمن والأمان، الحمد لله الذي نصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده، والصلاة والسلام على من أقامه ربه أسوة للورى وجعل نطقه وحيا يوحى، أما بعد: فهنيئا ابتداء لكل من جاهد ورابط وضحى وثبت نسأل الله…
جاء في صحيح مسلم عن صلح الحديبيبة:
(فاشترطوا على النبي صلى الله عليه و سلم أن من جاء منكم لم نرده عليكم ومن جاءكم منا رددتموه علينا. فقالوا: يا رسول الله أنكتب هذا؟ قال: "نَعَمْ، إِنَّهُ مَنْ ذَهَبَ مِنَّا إِلَيْهِمْ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، وَمَنْ جَاءَنَا مِنْهُمْ سَيَجْعَلُ اللَّهُ لَهُ فَرَجًا وَمَخْرَجًا").
ونحن على يقين بأن الله سيجعل لنا فرجا ومخرجا بإذنه تعالى وأنا في صعود وعدونا في أفول وهبوط وإساءة وجهه التي هي أولى مراحل وعد الآخرة التي بدأت ولن تزول حتى فتح بيت المقدس بإذن الله تعالى وما ذلك على الله بعزيز.
وهذا يستدعي منا إذ توقعنا طبيعة المرحلة القادمة عدة أمور:
1. أن نستفرغ الجهد ونركز بكل قوة في الدعوة إلى الله تعالى ونشر العلم وفتح القلوب؛ لأن فتح القلوب بسبب الهدوء والتفرغ لنشر الدعوة الذي هيأه صلح الحديبية كان السبب في فتح مكة بعد ذلك، وكذلك فتح الأقصى إن شاء الله ففتح القلوب يجب أن يسبق فتح البلاد.
2. المحافظة على الإعداد الخفي بما يستطيعه المجاهدون من قوة وإعادة البناء حتى تحين الفرصة لقطف النصر الموعود بإذن الله، ولا بأس من الاستفادة من تجربة أبي بصير رضي الله عنه كما جاء في السيرة فإن الله تعالى لن يعدم الصادقين الوسيلة المناسبة للدعوة والإعداد الجهادي ولو في كيانات جديدة في مسمياتها فإن الأصل هو الارتباط بالمبدأ لا بالمسميات وتجربة أردوغان في تركيا قريبة من ذلك.
3. قمع الفساد والنفاق وسائر المنكرات، فإن شدة البلاء وطوله كما في الخندق أبرزت بلهيبها الصادقين ورفعتهم وأفرزت المنافقين لتنفي خبثهم ولذا أطال الله تعالى ذكرهم في سورة الأحزاب، وهذا النفي مقصود لذاته لسببين:
الأول: أنه لا بد عند الارتقاء من تساقط الحثالة ولا يمكن أن يرتقي الصف المؤمن المجاهد حتى ينقَّى المجتمع الذي هو ظهيره وحاضنته من معاول النفاق والمنافقين والمفسدين الهدامة المخرّبة ويكون لسان حاله ما قاله المقداد بن الأسود رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا لَا نَقُولُ لَكَ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: ﴿فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ﴾. وَلَكِنْ امْضِ وَنَحْنُ مَعَكَ. فَكَأَنَّهُ سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم" (صحيح البخاري).
الثاني: أن نور الله تعالى لا يتم إلا بإحقاق الحق وإبطال الباطل معا، وصدق الصادقين لا يكتمل إلا بإنكار المنكر ومحق الفساد جنبا إلى جنب مع الأمر بالمعروف والقيام به وهو من تمام الولاء والبراء اللذين هما من أوثق عرى الإيمان، ولذلك كان إنكار المنكر من أركان التمكين الأربعة {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج: 41].
وهذا الأمر يتأكد عندنا في غزة لسببين آخرين:
الأول: أن عدم تطبيق الشريعة ومنها إنكار المنكرات والقضاء على النفاق والفساد كان من أهم أسباب الإصابة بمصيبة هذه الحرب البشعة الضروس كما فصّلت في مبحث "بعد عام من الطوفان"، قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30]، وقال: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال: 25]، ولذا كان من أهم أسباب الخروج التام من هذه الحرب وتحقق الأمن والأمان الحقيقي هو علاج العلة بالنهي عن المنكر والقضاء على النفاق والفساد بكل صوره وأشكاله.
الثاني: أن النهي عن المنكر والقضاء على الفساد من أهم أسباب تحقق الأمن والأمان في المجتمع قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: 82]، وهذا ما لمسناه من فرحة الناس جميعا بحسم المفسدين الذي حصل في الآونة الأخيرة وهذا له دور كبير ومهم في إعادة الحاضنة الشعبية للمشروع الإسلامي، والأهم هو إعادة ثقتها به بعد أن تباعدت عنه بسبب ما ذاقته من ويلات الحرب ومحاولة كثير من المرجفين أن يعزوا سبب ذلك للمشروع الإسلامي نفسه لا لأخطاء شخصية قد تكون وقعت من بعض أفراده وانطلى ذلك على كثير من الناس مما أدى إلى تباعد بعضهم عن الإسلام نفسه، فالقضاء على الفساد والمفسدين بشتى صورهم يعيد الأمور إلى نصابها ويعيد ثقة الناس واعتزازهم بهذا المشروع وبهذا الدين العظيم
ولذلك كله ذكر الله تعالى مقصد محق المنافقين مقارنا لمقصد ارتقاء الصادقين في الأحزاب فقال: {لِّیَجۡزِیَ ٱللَّهُ ٱلصَّـٰدِقِینَ بِصِدۡقِهِمۡ وَیُعَذِّبَ ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ} [الأحزاب: ٢٤]، وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [التوبة: 73]
قناة: رامي بن محمد الدالي
الحمد لله على نعمه التي لا تحصى لا سيما نعمة الإيمان والثبات والأمن والأمان، الحمد لله الذي نصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده، والصلاة والسلام على من أقامه ربه أسوة للورى وجعل نطقه وحيا يوحى، أما بعد: فهنيئا ابتداء لكل من جاهد ورابط وضحى وثبت نسأل الله…
ولذلك أيضا كان أول عمل عمله النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأحزاب أن قضى على أذناب الخيانة ومنابع الفساد المتمثلة في يهود بني قريظة، فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَجَعَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَوَضَعَ السِّلَاحَ وَاغْتَسَلَ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ وَقَدْ عَصَبَ رَأْسَهُ الْغُبَارُ، فَقَالَ: وَضَعْتَ السِّلَاحَ؟ فَوَاللَّهِ مَا وَضَعْتُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَأَيْنَ؟". قَالَ: هَاهُنَا. وَأَوْمَأَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ. قَالَتْ: فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (صحيح البخاري).
وهو ما يجب أن يفعله المجاهدون اليوم بأذناب الخيانة وبسائر المنكرات ومظاهر الفساد في غزة الطهر والبطولة والإباء ومن أبرزها العملاء والمفسدون بالسلاح والإرهاب المحاربون لله ورسوله وسب الذات الإلهية وما شابهها من ألفاظ وأفعال كفرية فإن أعظم الفساد هو ذلك الذي يمس العقيدة والتوحيد ثم الذي يمس السلم المجتمعي ثم سائر المعاصي والمنكرات.
2025/10/20 03:48:57
Back to Top
HTML Embed Code: