Telegram Web Link
{ إِنَّمَا ذَ ٰ⁠لِكُمُ ٱلشَّیۡطَـٰنُ یُخَوِّفُ أَوۡلِیَاۤءَهُۥ فَلَا تَخَافُوهُمۡ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ }

رابط الفيس/
https://www.facebook.com/share/p/15w8Y2UcdZ/
قناة: رامي بن محمد الدالي
المحتويات.pdf
تم جمع أغلب ما كتبه الشيخ حفظه الله بخصوص ما يتعلق بالحرب (باستثناء التعليق على عملية ردع العدوان وبعض الرسائل القصيرة) في ملف واحد 👇

☆ وجعلناه بعنوان الرسالة الأولى لأنها الأشمل والأطول
بعد_عام_من_الطوفان_ومجموعة_من_الرسائل.pdf
3 MB
رسالة (١) بعد عام من الطوفان "تأملات.. وحلول.. وتوقعات" (ج١ و٢ و٣ و٤)

+ رسالة (٢) التعليق على عملية جباليا الثالثة

+ رسالة (٣) لماذا طال أمد الحرب ١

+ رسالة (٤) لماذا طال أمد الحرب ٢

+ رسالة (٥) { إِنَّمَا ذَ ٰ⁠لِكُمُ ٱلشَّیۡطَـٰنُ یُخَوِّفُ أَوۡلِیَاۤءَهُۥ فَلَا تَخَافُوهُمۡ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ }

+ رسالة (٦) ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ}

لفضيلة الشيخ د. رامي بن محمد الدالي –حفظه الله ونفع بعلمه–

(سيتم تحديث الملف وإضافة الرسائل القادمة إن شاء الله تعالى)
﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ}

الحمد لله والصلاة والسلام على خير رسل الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد.

"إن هذه المرحلة الثانية من الحرب بعد الهدنة الطويلة نسبيّاً أشبه ما تكون بمعركة الأحزاب من حيث وجود الحصار وعدم الاشتباك المباشر في العمق فإن استمر الأمر كذلك -وهذا هو رجائي وظني بالله تعالى- ففيه بشارتان: الأولى: أن الله تعالى سيرد اليهود بغيظهم خائبين لن ينالوا خيرا كما رد الأحزاب وسينهي حربهم وينصر جنده ويهزم الأحزاب وحده بأمر من عنده ... الثانية: أن انصرافهم عنا سيكون آخر مسمار في نعش دولتهم إيذاناً بزوالها وتحقق وعد الآخرة بإذن الله تعالى بعد أن استنفذوا كل طاقتهم وقوتهم ...
التجرّد في أُحد بمثابة التَّخْلِية لقلوب المؤمنين المجاهدين، ثم جاءت الأحزاب فكانت بمثابة التَّحْلِية لقلوبهم، وذلك أن أهم الصفات التي أراد الله تعالى غرسها في المؤمنين في الأحزاب هي الصدق فلما كَمَل الإعداد الإيماني في قلوبهم تُوِّج ذلك بالنصر المبين والتمكين التام بفتح مكة بعد ذلك ببضع سنين ...
والمرحلة الأولى من هذه الحرب أشبهت غزوة أحد وكان فيها التخْلية والتجرّد وأما الثانية فهي أشبه بالأحزاب كما ذكرت ويُراد فيها التكميل والتحْلية للتهيّؤ للفتح المبين بعد ذلك بدخول المسجد الأقصى وتحقّق وعْد الآخرة الذي بدأت أُولى مراحله وهي مرحلة إساءة وجوه اليهود في معركة الطوفان وستستمر إلى دخول المسجد".

كانت هذه مقتطفات مما ذكرته في المقالات الثلاثة الأخيرة.

وأرى الأمور سائرة بهذا الاتجاه أي: الانفراج وردّ اليهود بغيظهم -والله أعلم-
بعد المحادثات الخاصّة بين المقاومة والإدارة الأمريكية، فإذا تم هذا الانفراج بإذن الله تعالى دلّ ذلك على صواب التّيَمُّن بغزوة الأحزاب وما ترتّب عليها من الفتح المبين بفتح مكة المشرفة بعد بضع سنين، وما في ذلك من البشارة بقرب تحرير الأقصى كما حُرّر المسجد الحرام بإذن الله تعالى.

ولكن الملاحظ أن الله تعالى ردّ الكفّار في الأحزاب بأمرين:
الأول: الملائكة والريح.
والثاني: التفريق بين اليهود والمشركين.


فإذا تمت الصفقة وردّ الله تعالى اليهود عنّا من خلال هذا المنعطف الجديد الذي تسير فيه المفاوضات أي: برفع الغطاء والدعم الأمريكي للإسرائيليين فإنّ هذا النمط يشبه النمط الثاني الذي ردّ الله تعالى به الكفار واليهود في الأحزاب أي الوقيعة بينهم، وذلك يشير -إن شاء الله- إلى أمرين:

الأول: بداية انقطاع حبل الناس عن اليهود اليوم كما حصل في الأحزاب، وذلك تمهيداً لإذلاهم وانكسارهم تحقيقاً لوعد الآخرة الذي بدأت أولى مراحله بإساءة الوجه
كما بينت من قبل؛ قال تعالى: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ} [آل عمران: 112]، وحبل الله تعالى قُطع عنهم بكفرهم وبقي حبل الناس الذي سينقطع عنهم حتماً ليتحقق وعد الآخرة بإذن الله تعالى، وهو ما التقطته الحركة الإسلامية اليوم وعملت عليه من خلال المفاوضات الأخيرة المباشرة مع الإدارة الأمريكية التي تُمثّل حبل الناس الأساسيّ بالنسبة للعدوّ، وقطْع هذا الحبل بكلّ السبل الممكنة التفاوضيّة والإعلاميّة وغيرها هو ما ننصح بالتركيز عليه في هذه المرحلة الفاصلة.
وقد كنت قلت في مقال (بعد عام من الطوفان): "سيرضخ الكيان لشروط المفاوض الفلسطينيّ المقاوم لأنّ هَوى أمريكا وترامب ومصالحها مع إنهاء الحرب، وعودة الأسرى الأمريكان، وتحقيق إنجازات سياسية واقتصادية باستقرار المنطقة وإنجاز التطبيع بين الكيان ودول الخليج وغيرها؛ لأن اليهود لا يمكنهم قطع حبل الناس عنهم فمصيرهم مرتبط بهذا الحبل بعد أن قطعوا حبل الله تعالى بكفرهم وقسوة قلوبهم"، ثم ذكرت أن هذا الحبل سينقطع عنهم قريباً لا محالة ليحِقّ عليهم وعد الآخرة فقلت: "قوله تعالى في أول قصة بني إسرائيل في الإسراء: {وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا (2) ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا}، فالله تعالى امتنَّ على بني إسرائيل أن آتاهم الكتاب والهدى، وأمرهم أن يشكروه باتباع الهدى وألّا يتّخذوا من دونه وكيلاً ... وفي ذلك إشارة إلهية إلى أنّ أساس الإفسادين الكبيرين الذين تحدث الله عنهما بعدُ قائم على سببين:
الأول: عدم اتباعهم للهدى الذي أُنزل عليهم في كتابهم بتحريفهم له وافترائهم على الله وعلى أنبيائهم الكذب.
والثاني: اتخاذهم وكلاء من دون الله، وهو حبل الناس الذي تمسّكوا به من دون حبل الله ...
وعليه: فإنهم كلما ازدادوا بُعداً عن الهدى وإيغالاً في الشرك واتخاذ الأولياء من دون الله والتمسك بحبل الناس دون حبله تعالى كلّما ازدادوا فساداً وإفساداً وقرب زوالهم، وهم قد وصلوا في ذلك الآن إلى أقصى الدرجات والله أعلم، فكفرهم وإجرامهم وبُعدهم عن الهدى اليوم أوضح ما يكون ... ومن عجيب قدَر الله تعالى واستدراجه لهم أن تكون حكومتهم في هذه الحرب أكثر حكوماتهم يمينيةً وتطرفاً على الإطلاق؛ ليزداد إجرامهم ويبلغ مداه، وأمّا تمسّكهم بحبل الناس واتخاذهم لهم أولياء ووكلاء دون الله تعالى فيظهر اليوم على أتمّ وجه بتوكّلهم على أمريكا -المسيحية الكافرة المشركة في نظرهم- من دون الله تعالى، والله يستدرجهم بانتخاب المجرم ترامب ليتكامل شركهم بتوكّلهم الكامل عليه ليحِقّ عليهم الزوال بإذن الله تعالى".

الثاني: أن اليهود في فلسطين سيُساقون إلى القتل قريباً بإذن الله تعالى كما حصل مع بني قُريظة كنتيجة من نتائج إجرامهم وغدرهم في الأحزاب حين حكم سعد بن معاذ رضي الله عنه على رجالهم بحكم الله تعالى من فوق سبع سماوات أي بالقتل، وكان ممّا حدث في ذلك الوقت ما روته أم المؤمنين صفيّة بنت حُيَيّ بن أخطب رضي الله عنها قالت: "فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- المَدِينَةَ، ونَزَلَ قبَاءَ، في بَنِي عَمْرِو بنِ عَوْفٍ، غَدَا عَلَيْهِ أَبِي، حُيَيُّ بنُ أخْطَبٍ، وعَمِّي أَبُو يَاسِرِ بن أَخْطَبٍ، مُغَلِّسَيْنِ. قَالَتْ: فَلَمْ يَرْجِعَا حَتَّى كَانَا مَعَ غُرُوبِ الشَّمْسِ. قَالَتْ: فَأَتَيَا كَالَّيْنِ كَسْلَانَيْنِ سَاقِطَيْنِ يَمْشِيَانِ الهُوَيْنَى. قَالَتْ: فَهَشَشْتُ إلَيْهِمَا كَمَا كُنْتُ أصْنَعُ، فَوَاللَّهِ مَا التَفَتَ إِلَيَّ واحد مِنْهُمَا، مَعَ مَا بِهِمَا مِنَ الغَمِّ. قَالَتْ: وسَمِعْتُ عَمِّي أبَا يَاسِرٍ، وهُوَ يَقُولُ لِأَبِي حييِّ بنِ أخْطَبٍ: أهُوَ هُو؟ قَالَ: نَعَمْ وَاللَّهِ، قَالَ: أتعْرِفه وتُثْبِتُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا في نَفْسِكَ مِنْهُ؟ قَالَ: عَدَاوَتُهُ وَاللَّهِ مَا بَقِيتُ"(السيرة النبوية لابن إسحاق (1/ 519)، وانظر: الصحيح من أحاديث السيرة النبوية لمحمد بن حمد الصوياني (ص170)).
وحُيَيّ هذا هو نفسه أُتي به مكتوفاً بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم عند قتله لبني قريظة فقال له: "أَمَا وَاللَّهِ مَا لُمْتُ نَفْسِي فِي عَدَاوَتِكَ، وَلَكِنَّهُ مَنْ يَخْذُلِ اللَّهَ يُخْذَلُ، فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ(مصنف عبد الرزاق (9737)، ودلائل النبوة للبيهقي (4/ 23))، فهؤلاء المغضوب عليهم كثير منهم اليوم يعلمون مصيرهم المحتوم بزوال دولتهم حتى إنّ رئيس وزرائهم هذا المجرم كان يُصرِّح أنّ أكثر ما يهمّه ويسعى إليه أن يتجاوز بهذه الدولة عَقَبة الثمانين سنة لِما استقر عندهم من قرب زوالهم ولكنّهم كما وصفهم ربّ العالمين {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا}.

وينبغي أخيراً التنبيه على أمرين:

الأول: أنّ التوكّل ينبغي أن يكون على الملك الحقّ سبحانه وحده الذي بيده ملكوت كل شيء ونواصي العباد كلّهم بيده لا على ترامب وغيره ممن لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضرّاً،
وإنّ من عجيب قدَر الله تعالى وقُدرته ولُطفه أنّه يأخذ بناصية الكافر العاتي فيجعله -رغماً عنه- سبباً لنصرة دين الحقّ الذي يعاديه كما قال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ ‌بِالرَّجُلِ ‌الْفَاجِرِ" (متفق عليه: صحيح البخاري (3062)، وصحيح مسلم (111))، وهو ما يفسّر ما قد يحصل مع ترامب من تحقيق لبعض مطالب المقاومة، ومن ذلك أيضاً أنّه تعالى يأتي المجرم من حيث لا يحتسب كما جعل هلاك فرعون من رَبِيبه الذي ربّاه في قصره موسى عليه الصلاة والسلام، واليوم يأتي الله تعالى عبده المجرم نتنياهو من قِبَل عبده المجرم ترامب الذي أيّده في الانتخابات وكان يظنّ أنّه الحليف الأعظم له وأنّه سينصره نصراً مطلقاً، فهذا كلّه مما ينبغي أن يزيد من توكلنا على الله تعالى وعدم الالتفات إلى سواه لأنّ كلّ ما خلا الله باطل كما جاء في الحديث الصحيح.
وكنت قد قلت في مقال سابق: "الله عز وجل يريد أن يعلّمنا التوكّل ولم يَزل من أول الحرب يُخوّفنا ثم يردّ عنّا ويزيدنا تخويفاً ليزيدنا توكّلاً ... ولذلك نلاحظ أنّ الله تعالى ما فتح على النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه من المؤمنين الخُلَّص الفتح الكبير فتح مكة إلا بعد أن غرس في قلوبهم التوكل غرساً حيث هزم المشركين في معركة الأحزاب وحده بعد أن جمعوا كلّ كيدهم وأخافوا المؤمنين خوفاً عظيماً ليرسّخ الله عند المؤمنين أنّ الأمر كله بيده وحده سبحانه ... فلمّا علموا أنّهم ليس لهم من الأمر شيء وأنّ الأمر كلّه لله ورسخت أقدامهم في مقام التوكل الكامل على الله تعالى والتبرّؤ التامّ مِن حَولهم وقوّتهم استحقّوا التمكين التامّ بفتح مكة. وفي هذه الحرب يتكرّر الشيء نفسه ...
تمهيداً لما وعدنا به من وعد الآخرة ودخول المسجد الأقصى الذي صار أقرب ما يكون خلال السنوات العشر القادمة بإذن الله تعالى".

الثاني: ضرورة التركيز على البناء والتأسيس الإيمانيّ العمليّ في هذه المرحلة على أساس الصدق والقوّة في الدين، لأنّ الصدق بمعناه الشامل للباطن والظاهر هو أعظم معنى تجلّى في الأحزاب مما ترتّب عليه ردّ الأعداء وكفاية الله تعالى للمؤمنين ثمّ تأهُّلهم للفتح المبين كما مر في المقالات الأخيرة، ولأنّ القوّة من أهمّ مظاهر الصدق ومعانيه اللغوية والشرعية وهي شرط الإمامة في الدّين ومنهاج النبوّة والخلافة الأولى الذي لن تقوم الثانية إلا به، ومعنى القوّة قائم على اتباع الأحسن والأرضى لله تعالى ويشمل ذلك القوة العلميّة والعمليّة كما بينت في مبحث: (بعد عام من الطوفان)، فليكن هذا البناء الشامل لكلّ مناحي الدّين والحياة هو الهَمّ الأكبر لكلّ صادق يبتغي رفع اللّواء على المستوى الشخصي والجماعي، وما الجهاد والقتال في سبيل الله تعالى إلا جزء من هذا البناء وإن كان يُمثّل ذِروة جماله وإحكامه.

والحمد لله رب العالمين.


الشيخ د. رامـي بن محـمد الـدالـي

15 ذو القعدة 1446هـ
الموافق 13/ 5/ 2025م
ومن_يتوكل_على_الله_فهو_حسبه_إن_الله_بالغ_أمره.pdf
1012.9 KB
{ وَمَن یَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسۡبُهُۥۤۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَـٰلِغُ أَمۡرِهِ }

الشيخ رامي بن محمد الدالي

الثلاثاء ١٥ ذو القعدة ١٤٤٦هـ
الموافق ١٣/ ٥/ ٢٠٢٥م
قناة: رامي بن محمد الدالي
بعد_عام_من_الطوفان_ومجموعة_من_الرسائل.pdf
تم إضافة الكلمة الأخيرة إلى هذا الملف
وما سيأتي سيكون على هذا النحو بإذن الله
يا رب مسنا الضر وأنت ارحم الراحمين

نسألك بقولك: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}

وبقول نبيك صلى الله عليه وسلم الذي هو وحيك الصادق الذي لا يتخلف: "إنّ الله تعالى يُنْزِلُ المعُونَةَ على قَدْرِ المَؤُونَةِ ويُنْزِلُ الصّبْرَ على قَدْرِ البَلاءِ"

ونحن نظن ظن السوء بأعدائك اليهود المجرمين وأنهم إن أمضوا وعيدهم بتوسيع الحرب فإن شعبنا الأعزل الذي تعلم ضعفه وفقره وعجزه وتخلي الناس عنه لن يطيق ذلك البلاء ولم يعد يطيق إفسادهم وإجرامهم
وقد أخبرتنا على لسان نبيك الكريم أنك عند ظن عبدك بك
ونحن يا مولانا وحبيبنا نظن بك أحسن الظن وأكمله ونوقن أنك لن تحملنا ما لا طاقة لنا به فلا تخيب رجاءنا بذنوبنا ومعاصينا وعاملنا بما أنت أهله لا بما نحن أهله فأنت أهل التقوى وأهل المغفرة

ربنا ومولانا نسألك في هذه الساعة المباركة بأنا نشهد أنك أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين البر الرحيم القدير الملك الجبار المنتقم يا ذا الجلال والإكرام أنت حسبنا ونعم الوكيل ليس لنا سواك ولا حول ولا قوة لنا إلا بك

يا حي يا قيوم برحمتك وحدها نستغيث أصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، تول أنت أمرنا ودبرنا فإنا لا نحسن التدبير، آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا ومرفقا
ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير
لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ونجنا برحمتك من القوم الكافرين

اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم

اللهم اكفناهم بما شئت وكف عنا بأسهم

اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا

اللهم أبطل كيدهم ومكرهم واجعل كيدهم في نحرهم وتدميرهم في تدبيرهم واصرفهم عنا وردهم خائبين كما رددت الأحزاب

اللهم منزل الكتاب ومجرى السحاب وهازم الاحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم برحمتك بنا وقدرتك عليهم يا رب العالمين.
Forwarded from قناة: محمد إلهامي (محمد إلهامي)
في ذكرى النكبة:

وقد صارت أيامنا الآن نكبة وحدها..

لكي لا تصير النكبة مستقبلنا أيضا.. لا بد أن نعرف قصة النكبة

هنا مجموعة مقالات تحكي لك قصة النكبة وشذرات من صفحة فلسطين الدامية والزاهية أيضا | https://www.tg-me.com/melhamy/7940

وهنا مجموعة مرئيات تحكي لك صفحات من الخيانة ومن الشجاعة أيضا | https://www.youtube.com/watch?v=u1MBVaLBTGM&list=PLnpknmCXt_N519ePs26pl6jBIDsZGvDeb

وهذه ثلاثون حلقة هي خلاصة قصة فلسطين منذ بداية فكرة عودة اليهود إلى فلسطين وحتى الطوفان | https://www.youtube.com/watch?v=Dk1w-C0sLGE&list=PLnpknmCXt_N5X0DDH4sEaD8iIGLSalWbW

وهذا رابط كتاب "خلاصة قصة فلسطين" بأربع لغات: العربية والإنجليزية والفرنسية والإندونيسية | https://www.tg-me.com/melhamy/8953
"نزل ترمب بلادنا، وأدى له حكامنا الجزية وهم صاغرون، بل وهم يطربون، يرجون رحمته ويخشون عذابه!! وتسعدهم منه اللفتة والإشارة والكلمة المعسولة التي يعرفون ونعرف ويعرف الناس كلهم أنها وسيلة استخلاص آلاف المليارات.. وما هذا العلج البرتقالي إلا تاجر، فما عليه لو قال كلمة -بل ألف كلمة- ثم رجع بعدها بألف مليار من الدولارات أو يزيد!!

دعنا الآن من حكامنا وسيدهم العلج البرتقالي.. وابق في نكبتنا في أولئك المنتسبين إلى العلم..

فلقد اندفع عدد منهم يريد أن يُلزم الناس بتسوية المواقف بين أحمد الشرع وبين غيره من الملوك.. فإما عذروهم جميعا ورأوا أن مواقفهم سياسة شرعية، وإما خونوهم جميعا ورأوا أن مواقفهم خيانة!!

وذا قياسٌ لا يكاد يتفق فيه وجهٌ واحدٌ حتى يصير سبيلا للتسوية بينه وبينهم!!..

وهذا أمرٌ لا علاقة له بتأييد أحمد الشرع أو بالإنكار عليه.. إنما الكلام الآن في باب العلم الذي يُنتهك ويُسفح على يد بعض المنتسبين إليه..
فلئن كانت ظواهر الأمر تدل على بواطنها، ولئن كان القياس ينعقد بأقل المشابهة، وإن كان الحكم يشمل الجميع بأقل صورة.. فهذا أمر يعرفه عوام الناس بل تعرفه البهائم العجماء!!
من في عموم الناس، ممن له أدنى مسكة من عقل يشبّه رجلا ليس له في سدة الحكم شهورا بأقوام ممكنين في بلادهم يحكمونها منذ عشر سنين أو عشرين سنة؟!!

بل هؤلاء الممكنون أنفسهم لا يشتبهون.. ومهما أنكرنا على أحد سياساته ومواقف له، لكن: من ذا الذي يمكنه أن يسوي بين رجل كأردوغان ورجل كابن زايد؟!! أو من يسوي رجلا كتميم برجل كعبد الله بن الحسين؟!!..

كاد العقل يطير.. إذ سيأتي من يسوي يوما ما بين أبي إبراهيم أو أبي العبد وبين محمود عباس، إذ تشابها في مهادنة العدو يوما ما!!

ولست أتحدث هنا عن قوم منافقين، قد عُرف نفاقهم.. هؤلاء أدنى وأحط من أن أنهض للرد عليهم.. إنما يحرقني ويكويني حقا أن يقول القائل بمثل هذا ممن طورد وهاجر، إلا أن بعض العصبية المشيخية أو المذهبية أو العدوات الشخصية لا تزال تعلق به!!

قد علم الله تعالى، وقد كتبتُ هذا قبل الثورة المصرية أصلا، أني كنت أتمنى أن يأتي لمصر حاكم من الإخوان، فيقبض على زمام البلد حقا، حتى لو عجز عن رفع حصار غزة، وحتى لو أمَّن مصالح إسرائيل والأمريكان في مصر.. فإن ذلك خير من بقاء واستمرار حكم حسني مبارك!!..

قد علم الله أني قلت هذا وكتبته منذ ذلك الوقت.. ولا أزال عليه الآن، فلو قد استطاع أحد أن يحكم مصر، ويكون باختيار حر من أهلها، أو يكون بعد كفاح صلب قد وصل به (لم تأت به دبابة الأجنبي ولا مؤامرات الخارج)، لهو خير من استمرار السيسي عدو الله هذا من كل وجه!

إن الأمة إذا حكمها أهلها وأبناؤها حقا استطاعت أن تغير الحال، لو لم يستطع أبناؤها أن يفعلوا ذلك في أول سنة أو في خامس سنة، لاستطاعوا أن يفعلوها بعد ذلك.. ولئن لم يستطيعوا فإن ما يحدث في المجتمع من انتشار الإسلام ومن الحركة الطبيعية للأمة الحرة لهو خير في كل وجه من بقائها تحت أمثال بشار والسيسي مكبلة مقيدة مقهورة عاجزة يائسة محطمة!!

الفارق ضخم بين أن يكون حاكم الأمة من أبنائها ثم هو يعجز عن المعسور، ويجتهد في المداراة وتسكين الأعداء وبذل الممكن لتوقي الأخطار.. وبين أن يكون حاكمها صنيعة أعدائها فهو مجتهد في إرضاء العدو وتكبيل الأمة وقهرها!!

وهذا الفارق رغم كونه ضخما إلا أنه قد يشتبه على من لا يهتم بشأن السياسة ولا يفهمها.. فقد تتشابه تصرفات وسياسات، ولكن لا يمكن فهمها إلا بقرائن الأحوال وتوسيع النظر وسبر الحقائق!!

ونظير هذا الفارق في الساسة، فارق آخر في المنتسبين إلى العلم والمشيخة، ففيهم من ينكر لأنه مخلص قد اشتبه عليه الأمر ويخشى أن تتكرر تجربة سوداء أخرى، وفيهم من يُنكر لأنه لم يُعْطَ -فإن أعطوا منها رضوا، وإن لم يعطوا إذا هم يسخطون-، وفيهم من يُنكر لأنه منافق عاملٌ في بلاط آخرين فهو وسيلتهم وصنيعتهم ولسانهم يمدح إن رضوا ويقدح إن سخطوا!.. ومن حُسْن السياسة والفهم التفريق بين هؤلاء أيضا!

إن أي تسوية بين أحمد الشرع وبين غيره من هؤلاء إنما تشير إلى ضعف عقل القائل وقلة فهمه.. وقد يجتمع قوم على لحم الخنزير فبعضهم معذور مأجور وبعضهم آثم مأزور.. إن هذا المثال قد تسمعه كثيرا في ساحة النظر، لكن قلَّ أن ترى من يحسن تطبيقه عمليا في واقع الحياة المعقدة هذه!!

ألا رحم الله القائل:
يا رجال العلم يا ملح البلد .. من يصلح الملحَ إذا الملحُ فسد؟!

إن أهل العلم هم طليعة الأمة، وعليهم مسؤولية ضخمة في فهم هذا الواقع ليحسنوا تنزيل الشرع عليه، وليحسنوا المقارنة والمقايسة في الأمور..

وأنا بعد ذلك كله لا أضمن الشرع ولا غيره، بل أنا لا أضمن نفسي.. ولكن إذا نزلنا بالسياط على تجاربنا الإسلامية الوليدة حتى نخمدها ونهدمها بأيدينا، فلماذا نبكي إذن على الفشل؟

في الصدر كلام كثير لا أحسن قوله.. ولكن أسأل الله أن يبلغ عني وأن يفتح القلوب لحمل هذا الكلام على أحسن محامله!"

من مقال للأستاذ المؤرخ محمد إلهامي
قال تعالى حاكيا عن نبيه يونس عليه السلام: ﴿فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأنبياء: 87–88]

وقال حاكيا عن نبينا صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴾ [آل عمران: 173–174].

وقال حاكيا عن مؤمن آل فرعون: ﴿فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44) فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ﴾ [غافر: 44–45]

وعن جعفر بن محمد الصادق قال:
"عَجِبْتُ لِمَنْ يُبْتَلَى بِالْهَمِّ كَيْفَ لَا يَقُولُ (لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ}
وَعَجِبْتُ لِمَنْ خَافَ شَيْئًا مِنَ السُّوءِ كَيْفَ لَا يَقُولُ: (حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ}
وَعَجِبْتُ لِمَنْ يَخَافُ مَكْرَ النَّاسِ كَيْفَ لَا يَقُولُ (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ)، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ}".

أكثروا من الدعاء بهذه الدعوات
"أعظم ما نحتاج إليه اليوم في ظل هذه الظروف العصيبة هو التحقق في مقامَي التوكل والتفويض، ففيهما الكفاية والمخرج والنجاة بإذن الله تعالى" 👇
قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ [الطلاق: من الآية 3]

وفي الصحيحين عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أتيْتَ مَضْجَعَكَ فتوَضَّأْ وَضُوْءَكَ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ اضْطَجعْ عَلَى شِقكَ الأَيْمَنِ، وَقُلْ: اللهُمَّ أَسْلَمْتُ نفسِيَ إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَألجَأتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةَ وَرَهْبَةَ إِلَيْكَ، لا مَلْجَأَ وَلا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، آمَنْتُ بَكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ".

أعظم ما نحتاج إليه اليوم في ظل هذه الظروف العصيبة هو التحقق في مقامي التوكل والتفويض، ففيهما الكفاية والمخرج والنجاة بإذن الله تعالى.

وقد جاء في مدارج السالكين لابن القيم عند الحديث عن هذين المقامين العظيمين من المعاني الجليلة واللفتات الجميلة ما يلي//

"(ملكة الحقِّ للأشياء ملكة عزَّةٍ) أي: ملكة امتناعٍ وقوَّةٍ وقهرٍ، تمنع أن يشاركه في ملكه لشيءٍ من الأشياء مشارِكٌ، فهو العزيز في ملكه، الذي لا يشاركه غيره في ذرَّةٍ منه، كما هو المتفرِّد بعزَّته التي لا يشاركه فيها مشاركٌ ...
فلسان الحال يقول لمن جعل الربَّ تعالى وكيله: في ماذا وكَّلتَ ربَّك؟ أفيما هو له وحده، أو لك وحدك، أو بينكما؟
فالثاني والثالث ممتنعٌ بتفرُّده بالملك وحده، والتَّوكيل في الأوَّل ممتنع، فكيف تُوكِّله فيما ليس لك منه شيءٌ البتَّة؟!

فيقال: هاهنا أمران: توكُّل وتوكيل.

فالتوكُّل: محض الاعتماد والثِّقة والسُّكون إلى من له الأمر كلُّه. وعلمُ العبد بتفرُّد الحقِّ سبحانه بملك الأشياء كلِّها، وأنَّه ليس له مشاركٌ في ذرَّةٍ من ذرَّات الكون من أقوى أسباب توكُّله وأعظمِ دواعيه.
فإذا تحقَّق ذلك علمًا ومعرفةً، وباشر قلبَه حالًا، لم يجد بدًّا من اعتماد قلبه على الحقِّ وحدَه، وثقته به، وسكونه إليه وحده، وطمأنينته به وحده؛ لعلمه أنَّ حاجاتِه وفاقاتِه وضروراتِه وجميعَ مصالحه بيده وحده، لا بيد غيره.
فأين يجد قلبُه مناصًا من التوكُّل بعد هذا؟
فعلَّة التوكُّل حينئدٍ: التفاتُ قلبه إلى من ليس له شِرْكةٌ في ملك الحقِّ، ولا يملك مثقالَ ذرَّةٍ في السّماوات ولا في الأرض. هذه علَّة توكُّله، فهو يعمل على خلاص توكُّله من هذه العلَّة ...

وأمَّا التوكيل: فليس المراد منه إلا مجرَّد التفويض، وهو من أخصِّ مقامات العارفين، كما كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهمَّ إنِّي أسلمتُ نفسي إليك، وفوَّضتُ أمري إليك». وقال تعالى عن مؤمن آل فرعون: {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} فكان جزاء هذا التّفويض قوله: {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا} ...

(والتفويض على ثلاث درجاتٍ:
الأولى: أن يعلم أنَّ العبد لا يملك قبل عمله استطاعةً، فلا يأمن من مكر، ولا ييأس من معونة، ولا يعوِّل على نيَّة)
أي: يتحقَّق أنَّ استطاعته بيد الله لا بيده، فهو مالكها دونه، فإن لم يعطه الاستطاعة فهو عاجز، فهو لا يتحرَّك إلَّا بالله لا بنفسه، فكيف يأمن المكر؟! وهو: أن لا يحرِّكَه مَن حركتُه بيده، بل يُثبِّطه ويُقعده مع القاعدين، كما قال فيمن منعه مِن هذا التوفيق: {وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ} ...
وقوله: (ولا ييأس من معونة) يعني إذا كان المحرِّك له هو الربُّ جل جلاله، وهو أقدر القادرين، وهو الذي تفرَّد بخلقه ورزقه، وهو أرحم الراحمين فكيف ييأس من معونته له؟
وقوله: (ولا يعوِّل على نية) أي لا يعتمد على نيَّته وعزمه ويثق بها، فإنَّ نيّته وعزمه بيد الله تعالى لا بيده، وهي إلى الله لا إليه، فلتكن ثقته بمن هي في يده حقًّا، لا بمن هي جاريةٌ عليه حكمًا.

‌‌(الدرجة الثانية: معاينة الاضطرار، فلا يرى عملًا منجيًا ... ولا سببًا حاملًا).
أي: يعاين فقره وفاقته وضرورته التامَّة إلى الله، بحيث يرى في كلِّ ذرَّةٍ من ذرَّاته الباطنة والظاهرة ضرورةً وفاقةً تامَّةً إلى الله، فنجاته إنَّما هي بالله لا بعمله ...
وقوله: (ولا سببًا حاملًا) أي يشهد أنَّ الحامل له هو الحقُّ تعالى، لا الأسباب التي يقوم بها، فإنَّه وإيَّاها محمولان بالله وحده.

‌‌(الدرجة الثالثة: شهود انفراد الحقِّ بملك الحركة والسُّكون، والقبض والبسط ...).
هذه الدرجة تتعلَّق بشهود وصف الله وشأنِه، والتي قبلها تتعلَّق بشهود حال العبد ووصفه.
أي: يشهد حركاتِ العالم وسكونَه صادرةً عن الحقِّ تعالى في كلِّ متحرِّك وساكن، فيشهد تعلُّق الحركة باسمه الباسط وتعلُّق السُّكون باسمه القابض، فيشهد تفرُّده سبحانه".
من مشاهد غزوة الأحزاب/

》عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:
رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ يَنْقُلُ مَعَنَا التُّرَابَ، حَتَّى اغْبَرَّ بَطْنُهُ، وَهُوَ يَقُولُ:
"وَاللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا .. وَلَا صُمْنَا وَلَا صَلَّيْنَا
فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا .. وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا
وَالْمُشْرِكُونَ قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا ... إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا"
وَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ: "أَبَيْنَا أَبَيْنَا".
[صحيح البخاري]


》وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
لَمَّا حَفَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ الْخَنْدَقَ أَصَابَهُمْ جَهْدٌ شَدِيدٌ، حَتَّى رَبَطَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَطْنِهِ حَجَرًا مِنَ الْجُوعِ.
[مسند أحمد، حديث صحيح]

》وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
إِنَّا يَوْمَ الْخَنْدَقِ نَحْفِرُ، فَعَرَضَتْ كُدْيَةٌ شَدِيدَةٌ (أي قطعة صلبة لا تؤثر فيها الفأس)
فَجَاءُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: هَذِهِ كُدْيَةٌ عَرَضَتْ فِي الْخَنْدَقِ.
فَقَالَ: " أَنَا نَازِلٌ ".
ثُمَّ قَامَ وَبَطْنُهُ مَعْصُوبٌ بِحَجَرٍ، وَلَبِثْنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا نَذُوقُ ذَوَاقًا.
فَأَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِعْوَلَ، فَضَرَبَ، فَعَادَ كَثِيبًا أَهْيَلَ (أي رملا سائلا).
[صحيح البخاري]

إدارة القناة
مَن تسلَّلَ اليأسُ إلى قلبه بسبب كثرة المصائب على الأمة وتأخُّرِ النصر عنها فليتفكر في السؤال التالي جيدا -وهو متعلق بقول الله سبحانه-: ﴿أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب﴾

السؤال: ما طبيعة الابتلاء وشدته ومدته التي جعلت (الرسول والذين آمنوا معه) يقولون (متى نصر الله)؟

وقِسْ على نفسك وأنت تتفكر في الجواب:

متى ستقول هذا السؤال؟ وكم ستصبر دون قول هذه الجملة؟ وما طبيعة البلاء ومدته التي يجعلك تقولها؟
أليس إذا استحكم الإغلاق وانتهت الأسباب وطالت المدة وعظمت الخطوب؟
حسناً إذا كان هذا في حالك؛ فكيف إذا كان القائل الرسول والذين آمنوا معه؟
ألا يعني هذا أنهم مروا بأشد من ذلك؟

ثم تأمل قوله سبحانه (ألا إن نصر الله قريب) حتى تعلم أن معيار الزمن مختلف عن حساباتنا القاصرة.

ومن يفقه هذا فإنه لن يسيء الظن بربه؛ لأنه أخبرنا بذلك، وبيّنه لنا قبل وقوعه، بل ودفع عنا ما قد يتوهم من خلافه فقال (أم حسبتم)..؟
وبين لنا أنها سنة ماضية فقال (مثل الذين خلوا من قبلكم)

وهذا إنما هو للمؤمنين العاملين، وليس للمفرطين الغافلين..

فاصبر أيها المؤمن وصابر ورابط على ثغرك واثبت واحتسب وتوكل على الحي الذي لا يموت، ولا تخش أحداً غيره، حتى يقضي الله ويفتح بالحق وهو خير الفاتحين.. سبحانه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تُصَالِحُونَ الرُّومَ صُلْحًا آمِنًا حَتَّى تَغْزُوا أَنْتُمْ وَهُمْ عَدُوًّا مِنْ وَرَائِهِمْ فَتُنْصَرُونَ وَتَغْنَمُونَ وَتَنْصَرِفُونَ حَتَّى تَنْزِلُوا بِمَرْجٍ ذِي تُلُولٍ، فَيَقُولُ قَائِلٌ مِنَ الرُّومِ: غَلَبَ الصَّلِيبُ، وَيَقُولُ قَائِلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: بَلِ اللَّهُ غَلَبَ، فَيَثُورُ الْمُسْلِمُ إِلَى صَلِيبِهِمْ وَهُوَ مِنْهُ غَيْرُ بَعِيدٍ فَيَدُقُّهُ، وَتَثُورُ الرُّومُ إِلَى كَاسِرِ صَلِيبِهِمْ، فَيَضْرِبُونَ عُنُقَهُ، وَيَثُورُ الْمُسْلِمُونَ إِلَى أَسْلِحَتِهِمْ فَيَقْتَتِلُونَ، فَيُكْرِمُ اللَّهُ تِلْكَ الْعِصَابَةَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِالشَّهَادَةِ، فَتَقُولُ الرُّومُ لِصَاحِبِ الرُّومِ: كَفَيْنَاكَ الْعَرَبَ، فَيَجْتَمِعُونَ لِلْمَلْحَمَةِ، فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا" (رواه ابن حبان في صحيحه، وصححه الألباني).

وقال: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ الرُّومُ بِالْأَعْمَاقِ أَوْ بِدَابِقٍ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ مِنَ الْمَدِينَةِ، مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ، فَإِذَا تَصَافُّوا، قَالَتِ الرُّومُ: خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الَّذِينَ سَبَوْا مِنَّا نُقَاتِلْهُمْ، فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ: لَا، وَاللهِ لَا نُخَلِّي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا، فَيُقَاتِلُونَهُمْ، فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لَا يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ أَبَدًا، وَيُقْتَلُ ثُلُثُهُمْ، أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللهِ، وَيَفْتَتِحُ الثُّلُثُ، لَا يُفْتَنُونَ أَبَدًا" (رواه مسلم في صحيحه).
وجاء في رواية عن هذه الملحمة: "إِنَّ فُسْطَاطَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ الْمَلْحَمَةِ ‌بِالْغُوطَةِ إِلَى جَانِبِ مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا دِمَشْقُ مِنْ خَيْرِ مَدَائِنِ الشَّامِ" (رواه أبو داود في سننه، وصححه الألباني والأرنؤوط).

والظاهر أن الحديث الثاني مُكمّل للأوّل حيث يذكر خبر الملحمة المشار إليها في الحديث الأول.

وأريد التنويه هنا إلى عِبرتين عظيمتين يمكن أن نستخلصهما من خبر الملحمة هذا بما يفيدنا في واقع حربنا الشديدة التي نحياها، وهما:

الأولى: ثبات المؤمنين في موقفهم في عدم تسليم إخوانهم برغم القوة المهولة التي يواجههم بها الروم ويُهدّدونهم بها فإنهم يأتونهم بقرابة المليون مقاتل بالإضافة إلى ما لا قِبَل للمسلمين به من العدة والعتاد ويطلبون منهم تسليم ثلة قليلة من المؤمنين مقابل وقف الحرب المدمرة فيأبون؛ لأن تسليم الأخ كتسليم النفس، وتسليم النفس يعني علو الصليب وهم يعلمون أن الدين مقدم على الأرواح وتبذل في سبيله الأموال والذّراري والمُهَج، ولذلك يقوم ذلك المسلم الغَيور من قَبل فيدُقّ الصليب ويبذل روحه هو وإخوانه في سبيل إعلاء كلمة الله تعالى.
واليوم ينبغي أن يثبُت المؤمنون ولا يرضَوا أبدا بتسليم سلاحهم؛ لأن تسليم السلاح لغادر شهد الله تعالى بغَدره ونَكْثه للعهود هو في الحقيقة تسليمٌ للنفس لمن لا يَأْلُو في مؤمن إلّاً ولا ذِمّةً وإسلامٌ لراية الدين.

الثانية: مع هذا الفارق الكبير في القوّة المفهوم من فحوى النصوص إلّا أنّ من يفِرّ لن يعذره الله تعالى ولن يغفر له، وذلك لأنّها حرب مصيريّة تُحدّد مصير الأمّة، والفِرار يعظُم خَطْبه وإثمه بقدر ما يترتّب عليه من خطر وضرر على الإسلام والمسلمين، وفي المقابل من يثبُت في مثل هذه الظروف العصِيبة فإنّ أجره لا مثيل له.
وهذه الحرب التي نمرّ بها مصيرية كذلك إذ هي دفاع عن الأمة بأسرها، فليحذر من يفرّ أو يحدّث نفسه بالفرار، وليهنأ وليستبشر من يثبت ويجاهد فإنّه إنْ قدَّر الله تعالى له الحياة فيُرجى ألّا تضرّه فتنة قط وإن قدَّر له الشهادة فيرجى أن يكون من خير الشهداء.
وما الثبات إلا من الله تعالى فيا مُقلِّب القلوب ثبّت قلوبنا على دينك وطاعتك والجهاد في سبيلك (١/ ٢) يتبع
قناة: رامي بن محمد الدالي
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تُصَالِحُونَ الرُّومَ صُلْحًا آمِنًا حَتَّى تَغْزُوا أَنْتُمْ وَهُمْ عَدُوًّا مِنْ وَرَائِهِمْ فَتُنْصَرُونَ وَتَغْنَمُونَ وَتَنْصَرِفُونَ حَتَّى تَنْزِلُوا بِمَرْجٍ ذِي تُلُولٍ، فَيَقُولُ قَائِلٌ مِنَ الرُّومِ: غَلَبَ الصَّلِيبُ،…
ومن أعظم صور الجهاد اليوم في غزة: الثبات والرباط؛ لقوله صلى الله عليه وسلم عن هذه الحقبة: "فَعَلَيْكُمْ بِالْجِهَادِ، وَإِنَّ أَفْضَلَ جهادِكُمُ الرِّبَاطُ، وَإِنَّ أَفْضَلَ رباطِكُمْ عَسْقَلانُ" (رواه الطبراني في المعجم الكبير، وصححه الألباني).
ومن أعظم صور الرباط الآن رباط أهل القطاع عامة وأهل شماله خاصة (وهم أقرب إلى عسقلان) في أماكنهم وعدم الاستجابة للعدو المجرم الماكر بالذهاب إلى مراكز توزيع المساعدات التي أعلن عن نيته لإنشائها في الجنوب والوسط وإفشال مخططه الخبيث المجرم في استخدام التجويع لتركيع شعبنا وتفريغ شمال القطاع من سكانه وإحلال قطعان مستوطنيه مكانه ليقيموا صلواتهم التلمودية الكفرية على أنقاض مساجدنا الطاهرة.
وإن ثبات الناس وصبرهم في هذا الأمر كفيل إن شاء الله بإفشال مخططهم كله في توسيع الحرب لأن المخطط كله قائم في الأساس على فكرة توزيع المساعدات هذه لتفريغ شمال القطاع وتخدير الرأي العالمي الشعبي والرسمي.

وأنا كلي يقين وثقة بالله تعالى أن مخططهم البائس هذا سيفشل كما فشلت كل مخططاتهم السابقة وسيبطل الله تعالى كيدهم وسيرده في نحورهم وسيثبّت ربنا الكريم شعبنا الأبيّ ويربط على قلبه ولن يضيع جهاده ورباطه وصبره العظيم بإذنه تعالى، لكن الأمر يحتاج منا إلى مزيد صبر وجهاد وصدق وتوجه لله تعالى وتوكل عليه وحده، قال صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنه في رواية من روايات الحديث العظيم المشهور: "يا غلامُ" قلت: لبَّيْكَ يا رسولَ الله، قال: "احفَظ الله يَحفَظْك، احفَظِ الله تَجِده أمامَك، تَعرَّف إلى الله في الرَّخاءِ يَعرِفْك في الشِّدّة، وإذا سألتَ فاسألِ الله، وإذا استعنتَ فاستَعِنْ بالله، قد مضى القلمُ بما هو كائنٌ، فلو جَهَدَ الناسُ أن يَنفَعوك بما لم يَقضِهِ اللهُ لك، لم يَقدِروا عليه، ولو جَهَدَ الناسُ أن يَضرُّوك بما لم يَكتبْه اللهُ عليك، لم يَقدِروا عليه، فإن استطعت أن تعملَ بالصَّبر مع ‌اليقين ‌فافعَلْ، فإن لم تستطعْ فاصبِرْ، فإنَّ في الصبر على ما تَكرهُه خيرًا كثيرًا، واعلمْ أنَّ مع الصبر النَّصْرَ، واعلمْ أنَّ مع الكَرْب الفَرَجَ، واعلم أنَّ مع العُسر اليُسر" (رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين، وحسنه عبد القادر الأرنؤوط). (٢/ ٢)

الشيخ رامي بن محمد الدالي –حفظه الله ونفع بعلمه–
2025/10/22 13:35:39
Back to Top
HTML Embed Code: