﴿ وَلَأَجْرُ ٱلْءَاخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَكَانُوا۟ يَتَّقُونَ﴾

فبالتقوى تترك الأمور المحرمة من كبائر الذنوب وصغائرها، وبالإيمان التام يحصل تصديق القلب بما أمر الله بالتصديق به، وتتبعه أعمال القلوب، وأعمال الجوارح من الواجبات والمستحبات.
السعدي
﴿وَقالَ يا بَنِيَّ لا تَدخُلوا مِن بابٍ واحِدٍ وَادخُلوا مِن أَبوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ﴾

19489- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة: (وادخلوا من أبواب متفرقة) ، قال: كانوا قد أوتوا صورةً وجمالا فخشي عليهم أنفُسَ الناس.


(تفسير الطبري)
﴿وَقالَ يا بَنِيَّ لا تَدخُلوا مِن بابٍ واحِدٍ وَادخُلوا مِن أَبوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ﴾

فيها دليل على التحرز من العين، والعين حق، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن العين لتدخل الرجل القبر، والجمل القدر)، وفي تعوذه -عليه السلام-: (أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة) ما يدل على ذلك.

القرطبي
﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَنِى بِهِمْ جَمِيعًا ۚ﴾

ذكر الله الصبر الجميل، و الصفح الجميل، و الهجر الجميل؛ فالصبر الجميل: الذي لا شكوى معه، والهجر الجميل: الذي لا أذى معه، والصفح الجميل: الذي لا عتاب معه.

ابن تيمية
﴿ ٱذْهَبُوا۟ بِقَمِيصِى هَٰذَا فَأَلْقُوهُ عَلَىٰ وَجْهِ أَبِى يَأْتِ بَصِيرًا﴾

ولما كان مبدأ الهمِّ الذي أصابه من القميص الذي جاؤوا عليه بدم كذب؛ عَيَّنَ هذا القميص مبدأً للسرور -دون غيره من آثاره عليه السلام- ليُدخِل السرور عليه من الجهة التي دخل عليه الهَمُّ منها.

الألوسي
﴿قالَ سَوفَ أَستَغفِرُ لَكُم رَبّي إِنَّهُ هُوَ الغَفورُ الرَّحيمُ﴾

وقد قيل: إنه أخر الاستغفار لهم إلى وقت السحر الفاضل، ليكون أتمَّ للاستغفار، وأقرب للإجابة.

(تفسير السعدي)
﴿وَقَد أَحسَنَ بي إِذ أَخرَجَني مِنَ السِّجنِ وَجاءَ بِكُم مِنَ البَدوِ مِن بَعدِ أَن نَزَغَ الشَّيطانُ بَيني وَبَينَ إِخوَتي﴾

{ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي } إحسانا جسيما { إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ } وهذا من لطفه وحسن خطابه عليه السلام، حيث ذكر حاله في السجن، ولم يذكر حاله في الجب، لتمام عفوه عن إخوته، وأنه لا يذكر ذلك الذنب، وأن إتيانكم من البادية من إحسان الله إلي.
فلم يقل: جاء بكم من الجوع والنصب، ولا قال: "أحسن بكم" بل قال { أَحْسَنَ بِي } جعل الإحسان عائدا إليه، فتبارك من يختص برحمته من يشاء من عباده، ويهب لهم من لدنه رحمة إنه هو الوهاب. { مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي } فلم يقل "نزغ الشيطان إخوتي" بل كأن الذنب والجهل، صدر من الطرفين، فالحمد لله الذي أخزى الشيطان ودحره، وجمعنا بعد تلك الفرقة الشاقة.

(تفسير السعدي)
﴿ قُلْ هَٰذِهِۦ سَبِيلِىٓ أَدْعُوٓا۟ إِلَى ٱللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِى ۖ

قال عبد الله بن مسعود: من كان مستنا فليستن بمن قد مات؛ فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة. أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: كانوا خير هذه الأمة، وأبرها قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا؛ قوم اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، وإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوهم في آثارهم، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم وسيرهم؛ فإنهم كانوا على الهدى المستقيم.


البغوي
سورة الرعد
⁃ تبين وحدانية الله والرسالة والبعث والجزاء.
⁃ سُمِّيت هذه السورة بهذا الاسم؛ لأنها تناولتْ في آياتِها تلك الظاهرة العجيبة التي تتجلّى فيها عظمة الله تعالى وقدرتُهُ.
﴿اللَّهُ يَعلَمُ ما تَحمِلُ كُلُّ أُنثى وَما تَغيضُ الأَرحامُ وَما تَزدادُ وَكُلُّ شَيءٍ عِندَهُ بِمِقدارٍ﴾
أي : ما حملت من ذكر أو أنثى ، أو حسن أو قبيح ، أو شقي أو سعيد ، أو طويل العمر أو قصيره.

عن ابن عباس : ( وما تغيض الأرحام ) يعني : السقط ( وما تزداد ) يقول : ما زادت الرحم في الحمل على ما غاضت حتى ولدته تماما . وذلك أن من النساء من تحمل عشرة أشهر ، ومنهن من تحمل تسعة أشهر ، ومنهن من تزيد في الحمل ، ومنهن من تنقص ، فذلك الغيض والزيادة التي ذكر الله تعالى ، وكل ذلك بعلمه تعالى .

وقال الضحاك : وضعتني أمي وقد حملتني في بطنها سنتين ، وولدتني وقد نبتت ثنيتي .

(تفسير ابن كثير)
﴿لَهُ مُعَقِّباتٌ مِن بَينِ يَدَيهِ وَمِن خَلفِهِ يَحفَظونَهُ مِن أَمرِ اللَّهِ

جاء في الصحيح : " يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر ، فيصعد إليه الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بكم : كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون : أتيناهم وهم يصلون ، وتركناهم وهم يصلون " وفي الحديث الآخر : " إن معكم من لا يفارقكم إلا عند الخلاء وعند الجماع ، فاستحيوهم وأكرموهم " .

وعن ابن عباس : ( يحفظونه من أمر الله ) قال : ملائكة يحفظونه من بين يديه ومن خلفه ، فإذا جاء قدر الله خلوا عنه .
وقال بعضهم : ( يحفظونه من أمر الله ) بأمر الله ، كما جاء في الحديث أنهم قالوا : يا رسول الله ، أرأيت رقى نسترقي بها ، هل ترد من قدر الله شيئا ؟ فقال : " هي من قدر الله " .

(تفسير ابن كثير)
﴿وَيُسَبِّحُ الرَّعدُ بِحَمدِهِ وَالمَلائِكَةُ مِن خيفَتِهِ وَيُرسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصيبُ بِها مَن يَشاءُ وَهُم يُجادِلونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَديدُ المِحالِ﴾

كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سمع الرعد والصواعق قال : " اللهم ، لا تقتلنا بغضبك ، ولا تهلكنا بعذابك ، وعافنا قبل ذلك " .
رواه الترمذي

عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " قال ربكم عز وجل : لو أن عبيدي أطاعوني لأسقيتهم المطر بالليل ، وأطلعت عليهم الشمس بالنهار ، ولما أسمعتهم صوت الرعد " .

عن ابن عباس قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " إذا سمعتم الرعد فاذكروا الله ، فإنه لا يصيب ذاكرا " .

(تفسير ابن كثير)
﴿ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌۢ بِقَدَرِهَا فَٱحْتَمَلَ ٱلسَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا ۚ وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِى ٱلنَّارِ ٱبْتِغَآءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَٰعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُۥ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلْحَقَّ وَٱلْبَٰطِلَ ۚ﴾

فشبه العلم بالماء المنزل من السماء؛ لأن به حياة القلوب كما أن بالماء حياة الأبدان، وشبه القلوب بالأودية؛ لأنها محل العلم كما أن الأودية محل الماء، فقلب يسع علما كثيرا، وواد يسع ماء كثيرا، وقلب يسع علما قليلا، وواد يسع ماء قليلا.

ابن تيمية
﴿سَلامٌ عَلَيكُم بِما صَبَرتُم فَنِعمَ عُقبَى الدّارِ﴾

أي : وتدخل عليهم الملائكة من هاهنا وهاهنا للتهنئة بدخول الجنة ، فعند دخولهم إياها تفد عليهم الملائكة مسلمين مهنئين لهم بما حصل لهم من الله من التقريب والإنعام ، والإقامة في دار السلام ، في جوار الصديقين والأنبياء والرسل الكرام .

تفسير ابن كثير
﴿ ٱللَّهُ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ ۚ وَفَرِحُوا۟ بِٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَمَا ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا فِى ٱلْءَاخِرَةِ إِلَّا مَتَٰعٌ﴾

سعة رزقهم ليس تكريماً لهم، كما أن تضييق رزق بعض المؤمنين ليس لإهانة لهم، وإنما كل من الأمرين صادر منه تعالى لحِكَم إلهية يعلمها سبحانه، وربما وسع على الكافر إملاءً واستدراجاً له، وضيّق على المؤمن زيادة لأجره.
الألوسي
﴿مَثَلُ الجَنَّةِ الَّتي وُعِدَ المُتَّقونَ تَجري مِن تَحتِهَا الأَنهارُ أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها تِلكَ عُقبَى الَّذينَ اتَّقَوا وَعُقبَى الكافِرينَ النّارُ﴾

﴿أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها﴾

في الصحيحين ، من حديث ابن عباس في صلاة الكسوف ، وفيه قالوا : يا رسول الله ، رأيناك تناولت شيئا في مقامك هذا ، ثم رأيناك تكعكعت فقال : " إني رأيت الجنة - أو أريت الجنة - فتناولت منها عنقودا ، ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا " .

وعن عتبة بن عبد السلمي : أن أعرابيا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الجنة ، فقال : فيها عنب ؟ قال : " نعم " . قال : فما عظم العنقود ؟ قال : " مسيرة شهر للغراب الأبقع ولا يفتر " . رواه أحمد .

(تفسير ابن كثير)
- متشابهات 💡 -
- ﴿وَيَقولُ الَّذينَ كَفَروا لَولا أُنزِلَ عَلَيهِ آيَةٌ مِن رَبِّهِ إِنَّما أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَومٍ هادٍ﴾ [الرعد: ٧]

- ﴿وَيَقولُ الَّذينَ كَفَروا لَولا أُنزِلَ عَلَيهِ آيَةٌ مِن رَبِّهِ قُل إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشاءُ وَيَهدي إِلَيهِ مَن أَنابَ﴾ [الرعد: ٢٧]
- متشابهات 💡 -

﴿وَإِمّا نُرِيَنَّكَ بَعضَ الَّذي نَعِدُهُم أَو نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَينا مَرجِعُهُم ثُمَّ اللَّهُ شَهيدٌ عَلى ما يَفعَلونَ﴾ [يونس: ٤٦]

﴿وَإِن ما نُرِيَنَّكَ بَعضَ الَّذي نَعِدُهُم أَو نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيكَ البَلاغُ وَعَلَينَا الحِسابُ﴾ [الرعد: ٤٠]
﴿وَلَقَد أَرسَلنا رُسُلًا مِن قَبلِكَ وَجَعَلنا لَهُم أَزواجًا وَذُرِّيَّةً وَما كانَ لِرَسولٍ أَن يَأتِيَ بِآيَةٍ إِلّا بِإِذنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ﴾

وفي الصحيحين : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " أما أنا فأصوم وأفطر ، وأقوم وأنام ، وآكل الدسم وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني " .
2024/05/17 13:44:34
Back to Top
HTML Embed Code: