الكسوف والخسوف (٥)
الفائدة الثامنة والأربعون
إذا اجتمع صلاة الخسوف، وصلاة العشاء، فيبدأ بصلاة العشاء، لأن صلاة العشاء فريضة، وصلاة كسوف سنة، والفريضة مقدمة على السنة، ولأن صلاة العشاء لا تطول، بخلاف الخسوف، ولأن هذا هو الأرفق بالناس، لما في تقديم الخسوف من إلزام الناس بفعلها مع كونها ليست بواجبة، وانتظارهم للصلاة الواجبة.
وهذا هو اختيار الموفق ابن قدمة، فقال: "والصحيح عندي أن الصلوات الواجبة التي تصلى في الجماعة مقدمة على الكسوف بكل حال؛ لأن تقديم الكسوف عليها يفضى إلى المشقة، لإلزام الحاضرين بفعلها مع كونها ليست واجبة عليهم، وانتظارهم للصلاة الواجبة، مع أن فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة، وقد أمر النبي ﷺ بتخفيف الصلاة الواجبة، كيلا يشق على المأمومين، فإلحاق المشقة بهذه الصلاة الطويلة الشاقة، مع أنها غير واجبة، أولى".
الفائدة الثامنة والأربعون
إذا اجتمع صلاة الخسوف، وصلاة العشاء، فيبدأ بصلاة العشاء، لأن صلاة العشاء فريضة، وصلاة كسوف سنة، والفريضة مقدمة على السنة، ولأن صلاة العشاء لا تطول، بخلاف الخسوف، ولأن هذا هو الأرفق بالناس، لما في تقديم الخسوف من إلزام الناس بفعلها مع كونها ليست بواجبة، وانتظارهم للصلاة الواجبة.
وهذا هو اختيار الموفق ابن قدمة، فقال: "والصحيح عندي أن الصلوات الواجبة التي تصلى في الجماعة مقدمة على الكسوف بكل حال؛ لأن تقديم الكسوف عليها يفضى إلى المشقة، لإلزام الحاضرين بفعلها مع كونها ليست واجبة عليهم، وانتظارهم للصلاة الواجبة، مع أن فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة، وقد أمر النبي ﷺ بتخفيف الصلاة الواجبة، كيلا يشق على المأمومين، فإلحاق المشقة بهذه الصلاة الطويلة الشاقة، مع أنها غير واجبة، أولى".
الكسوف والخسوف(٦)
الفائدة التاسعة والأربعون
الوظائف الشرعية حين حدوث الكسوف هي: الصلاة، والذكر، والدعاء، والتكبير، والاستغفار، والصدقة، والعتق، والتقرب إلى الله تعالى بما استطاع من القرب؛ لحديث عائشة: {فإذا رأيتم ذلك فادعُوا اللهَ، وكبِّروا، وصلُّوا، وتصدَّقُوا} متفق عليه.
وفى خبر أبى موسى: {فافزعوا إلى ذكر الله تعالى، ودعائه، واستغفاره}، متفق عليه.
وروى عن أسماء، أنها قالت: "لقد أمر النبي ﷺ بالعتاقة في كسوف الشمس" رواه البخاري
فأمر النبي ﷺ عند الكسوف بالصلاة، والذكر، والاستغفار، والدعاء، والصدقة، والعتاقة، وهي من أعظم الأسباب في دفع البلاء، ورفع النقم، وكشف ما نزل بالعباد، كما جاء في الحديث: {إن البلاء والدعاء ليلتقيان بين السماء والأرض فيعتلجان إلى يوم القيامة}.
فالدعاء ونحوه من العمل الصالح يكشف العذاب، ويدفع البلاء النازل من السماء.
ولأن الخسوف تخويف من الله، فينبغي أن يبادر إلى طاعة الله، ليكشفه عن عباده.
وإن فرغ من الصلاة، والكسوف لا زال قائماً لم يصل مرة أخرى، لأن النبي ﷺ لم يزد على ركعتين، وإنما يشتغل بالذكر، والدعاء؛ والاستغفار حتى ينجلي.
الفائدة التاسعة والأربعون
الوظائف الشرعية حين حدوث الكسوف هي: الصلاة، والذكر، والدعاء، والتكبير، والاستغفار، والصدقة، والعتق، والتقرب إلى الله تعالى بما استطاع من القرب؛ لحديث عائشة: {فإذا رأيتم ذلك فادعُوا اللهَ، وكبِّروا، وصلُّوا، وتصدَّقُوا} متفق عليه.
وفى خبر أبى موسى: {فافزعوا إلى ذكر الله تعالى، ودعائه، واستغفاره}، متفق عليه.
وروى عن أسماء، أنها قالت: "لقد أمر النبي ﷺ بالعتاقة في كسوف الشمس" رواه البخاري
فأمر النبي ﷺ عند الكسوف بالصلاة، والذكر، والاستغفار، والدعاء، والصدقة، والعتاقة، وهي من أعظم الأسباب في دفع البلاء، ورفع النقم، وكشف ما نزل بالعباد، كما جاء في الحديث: {إن البلاء والدعاء ليلتقيان بين السماء والأرض فيعتلجان إلى يوم القيامة}.
فالدعاء ونحوه من العمل الصالح يكشف العذاب، ويدفع البلاء النازل من السماء.
ولأن الخسوف تخويف من الله، فينبغي أن يبادر إلى طاعة الله، ليكشفه عن عباده.
وإن فرغ من الصلاة، والكسوف لا زال قائماً لم يصل مرة أخرى، لأن النبي ﷺ لم يزد على ركعتين، وإنما يشتغل بالذكر، والدعاء؛ والاستغفار حتى ينجلي.
الدعاء ()
الفائدة الخمسون
من أجل المطالب، وأعظم المقاصد سؤال الله هداية الرشد، ووقاية شر النفس، فقد علم النبي ﷺ حصين الخزاعي هاتين الدعوتين عند إسلامه، فقال له: {يا حصين، أما إنك لو أسلمت، علمتك كلمتين تنفعانك، فلما أسلم حصين، قال: يا رسول الله، علمني الكلمتين اللتين وعدتني، فقال: قل: اللهم ألهمني رشدي، وأعذني من شر نفسي}، رواه الترمذي وأحمد وصححه الحافظ ابن حجر
وهذا الحديث من جوامع الأدعية النبوية، لأن طلب إلهام الرشد يكون به الهداية إلى الصراط المستقيم، والسلامة من كل ضلال وانحراف، والاستعاذة من شر النفس يكون به السلامة من الذنوب والمعاصي، والوقاية من شرور النفس، وأعمالها السيئة، فإن أكثرها من جهة النفس الأمارة بالسوء، كما قال تعالى: (إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم).
وكان من دعاءِ النبيّ ﷺ: {اللهمَّ آتِ نفسي تقواها، وزَكِّها أنتَ خيرُ من زكَّاها، أنتَ وليُّها ومولاها}. رواه مسلم
وهذا يجعل العبد يحرص على هذه الأدعية، ويكثر منها.
الفائدة الخمسون
من أجل المطالب، وأعظم المقاصد سؤال الله هداية الرشد، ووقاية شر النفس، فقد علم النبي ﷺ حصين الخزاعي هاتين الدعوتين عند إسلامه، فقال له: {يا حصين، أما إنك لو أسلمت، علمتك كلمتين تنفعانك، فلما أسلم حصين، قال: يا رسول الله، علمني الكلمتين اللتين وعدتني، فقال: قل: اللهم ألهمني رشدي، وأعذني من شر نفسي}، رواه الترمذي وأحمد وصححه الحافظ ابن حجر
وهذا الحديث من جوامع الأدعية النبوية، لأن طلب إلهام الرشد يكون به الهداية إلى الصراط المستقيم، والسلامة من كل ضلال وانحراف، والاستعاذة من شر النفس يكون به السلامة من الذنوب والمعاصي، والوقاية من شرور النفس، وأعمالها السيئة، فإن أكثرها من جهة النفس الأمارة بالسوء، كما قال تعالى: (إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم).
وكان من دعاءِ النبيّ ﷺ: {اللهمَّ آتِ نفسي تقواها، وزَكِّها أنتَ خيرُ من زكَّاها، أنتَ وليُّها ومولاها}. رواه مسلم
وهذا يجعل العبد يحرص على هذه الأدعية، ويكثر منها.
رحيل العلماء (٩)
الفائدة الواحدة والخمسون
حياة العلماء نعمة عظيمة، فأثرهم ظاهر، ودورهم كبير، ووظيفتهم أشرف الوظائف، ولذا كانت خسارة الأمة بموتهم كبيرة، والرزية بفقدهم شديدة، وموتهم مصيبة لا تجبر، وثلمة لا تسد، لأنهم يحيون معالم الدين، ويبينون أحكامه، ويعلمون الجاهل، ويذكرون الغافل، ويدعون الخلق على بصيرة، ويبلغون الدين، قال الحسن: "كانوا يقولون: موت العلماء ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار".
وموت العالم ليس موت فرد واحد، ولكنه بنيان قوم تهدما.
ولما عمّ خيرهم، وانتشر فضلهم، وانتفع الناس بعلمهم، عم هلاكهم.
وقبضهم إيذان بخراب العالم، وفساد أحوال أهله، وفشو الجهل، قال تعالى: (أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب).
قال ابن عباس -في معنى نقصان الأرض-: "ذهاب علمائها وفقهائها وخيار أهلها"، رواه ابن جرير
وقال مجاهد: "موت العلماء"، رواه ابن جرير.
الفائدة الواحدة والخمسون
حياة العلماء نعمة عظيمة، فأثرهم ظاهر، ودورهم كبير، ووظيفتهم أشرف الوظائف، ولذا كانت خسارة الأمة بموتهم كبيرة، والرزية بفقدهم شديدة، وموتهم مصيبة لا تجبر، وثلمة لا تسد، لأنهم يحيون معالم الدين، ويبينون أحكامه، ويعلمون الجاهل، ويذكرون الغافل، ويدعون الخلق على بصيرة، ويبلغون الدين، قال الحسن: "كانوا يقولون: موت العلماء ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار".
وموت العالم ليس موت فرد واحد، ولكنه بنيان قوم تهدما.
ولما عمّ خيرهم، وانتشر فضلهم، وانتفع الناس بعلمهم، عم هلاكهم.
وقبضهم إيذان بخراب العالم، وفساد أحوال أهله، وفشو الجهل، قال تعالى: (أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب).
قال ابن عباس -في معنى نقصان الأرض-: "ذهاب علمائها وفقهائها وخيار أهلها"، رواه ابن جرير
وقال مجاهد: "موت العلماء"، رواه ابن جرير.
رحيل العلماء (١٠)
الفائدة الثانية والخمسون
قبض العلماء مؤذن بفساد أحوال الناس، وانطماس معالم الدين، وخفاء السنن، وظهور البدع، سئل سعيد بن جبير: "ما علامة هلاك الناس؟ قال: إذا هلك علماؤهم".
وحاجة الناس إلى العلماء أشد من حاجتهم للطعام والشراب، كما قال الإمام أحمد: "الناسُ أحوَجُ إلى العلم منهم إلى الطعام والشراب؛ لأن الطعام والشراب يُحتاجُ إليه مرتين أو ثلاثًا، أما العلمُ فيُحتاجُ إليه في كل وقتٍ".
وقبضهم من علامات قرب قيام الساعة، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق، قال ﷺ: {من أشراط الساعة أن يرفع العلم، ويثبت الجهل، ويشرب الخمر، ويظهر الزنا} متفق عليه.
وقبض العلم يكون بقبض حملته، وهم العلماء، وهذا الحديث علم من أعلام نبوته، إذ فيه إخبار عن أمور ستقع، قال القرطبي: "وقد ظهر ذلك ووجد على نحو ما أخبر ﷺ، فكان ذلك دليلاً من أدلة نبوته، وخصوصاً في هذه الأزمان".
الفائدة الثانية والخمسون
قبض العلماء مؤذن بفساد أحوال الناس، وانطماس معالم الدين، وخفاء السنن، وظهور البدع، سئل سعيد بن جبير: "ما علامة هلاك الناس؟ قال: إذا هلك علماؤهم".
وحاجة الناس إلى العلماء أشد من حاجتهم للطعام والشراب، كما قال الإمام أحمد: "الناسُ أحوَجُ إلى العلم منهم إلى الطعام والشراب؛ لأن الطعام والشراب يُحتاجُ إليه مرتين أو ثلاثًا، أما العلمُ فيُحتاجُ إليه في كل وقتٍ".
وقبضهم من علامات قرب قيام الساعة، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق، قال ﷺ: {من أشراط الساعة أن يرفع العلم، ويثبت الجهل، ويشرب الخمر، ويظهر الزنا} متفق عليه.
وقبض العلم يكون بقبض حملته، وهم العلماء، وهذا الحديث علم من أعلام نبوته، إذ فيه إخبار عن أمور ستقع، قال القرطبي: "وقد ظهر ذلك ووجد على نحو ما أخبر ﷺ، فكان ذلك دليلاً من أدلة نبوته، وخصوصاً في هذه الأزمان".
الكتب (١)
الفائدة الثالثة والخمسون بعد الألف
يتميز هذه العصر بكثرة الكتب وتنوعها، وتعدد التحقيقات، وكل يوم يخرج الجديد من الكتب، وليس العبرة بكثرة شراء الكتب واقتنائها، وإنما العبرة بتحصيل أمهات المراجع في كل علم من علوم الشريعة، ثم الاشتغال بفهم مسائل هذا العلم، وحفظ ما يحتاج إلى حفظ، وضبط أصوله، وتحرير قواعده، وإدراك مقاصده، ومعرفة مآخذ أدلته، وبيان تقاسيمه، وحل مشكلاته، مع طول المطالعة، وتكرار النظر.
وصاحب الكتاب الواحد أضبط من صاحب الكتب الكثيرة، ومن لم يرزق الفهم فلا تغنيه كثرة الكتب شيئًا، قال الحافظ الخطيب البغدادي: "وليُعلم أن الإكثار من كتب الحديث وروايته، لا يصيرُ بها الرجل فقيهاً، إنما يتفقه باستنباط معانيه، وإنعام التفكر فيه".
وكثرة الكتب مظنة لتشتيت الذهن، والحيلولة دون ضبطه، وقد ذكر ابن خلدون أن ذلك من عوائق التحصيل، فقال: "اعلم أنّه ممّا أضرّ بالنّاس في تحصيل العلم، والوقوف على غاياته كثرة التّآليف، واختلاف الاصطلاحات في التّعاليم، وتعدّد طرقها".
الفائدة الثالثة والخمسون بعد الألف
يتميز هذه العصر بكثرة الكتب وتنوعها، وتعدد التحقيقات، وكل يوم يخرج الجديد من الكتب، وليس العبرة بكثرة شراء الكتب واقتنائها، وإنما العبرة بتحصيل أمهات المراجع في كل علم من علوم الشريعة، ثم الاشتغال بفهم مسائل هذا العلم، وحفظ ما يحتاج إلى حفظ، وضبط أصوله، وتحرير قواعده، وإدراك مقاصده، ومعرفة مآخذ أدلته، وبيان تقاسيمه، وحل مشكلاته، مع طول المطالعة، وتكرار النظر.
وصاحب الكتاب الواحد أضبط من صاحب الكتب الكثيرة، ومن لم يرزق الفهم فلا تغنيه كثرة الكتب شيئًا، قال الحافظ الخطيب البغدادي: "وليُعلم أن الإكثار من كتب الحديث وروايته، لا يصيرُ بها الرجل فقيهاً، إنما يتفقه باستنباط معانيه، وإنعام التفكر فيه".
وكثرة الكتب مظنة لتشتيت الذهن، والحيلولة دون ضبطه، وقد ذكر ابن خلدون أن ذلك من عوائق التحصيل، فقال: "اعلم أنّه ممّا أضرّ بالنّاس في تحصيل العلم، والوقوف على غاياته كثرة التّآليف، واختلاف الاصطلاحات في التّعاليم، وتعدّد طرقها".
❤1
الكتب (٢)
الفائدة الرابعة والخمسون
الكتب لها مكانة في القلوب، وإقبال للنفوس عليها، ولها لذة، لكن العمر قصير، والصوارف كثيرة، والشواغل متعددة، والرغبات قاصرة.
وليس الشأن في كثرة شراء الكتب، ولكن الشأن في العناية بالكتب بعد شرائها بقراءتها وفهمها، ومعرفة مقاصدها، وإدراك معانيها، ولا يجعل أكبر همه مجرد جمع الكتب دون الاستفادة منها، ولا يشتغل بالوسائل عن المقاصد، قال ابن الصلاح: "لا ينبغي لطالب الحديث أن يقتصر على مجرد سماعه وكتبه من غير فهمه ومعرفته".
وطالب العلم لا يعاني في هذا الزمن من قلة الكتب، بل يعاني من كثرتها، حتى صار لا يعرف بعض الكتب التي عنده، وتمر عليه السنون دون أن يتصفحه.
وضابط شراء الكتب هو ما يحتاج إليه، فلا يشتري إلا ما يحتاج إليه، لئلا يصير مشغلة له.
وكان من سبق من أهل العلم يقتصرون على أمهات المراجع، ويعتنون بها قراءة، وفهماً، وتعليقاً، وتلخيصاً، ومراجعة، ولا شك أن طريقتهم أضبط، وأدق، وأكثر فائدة.
وليعلم طالب العلم أن العمر قصير، وهو أقصر من أن يتسع للمؤلفات في العلم الواحد فضلاً عن العلوم الكثيرة، والعمر لا يفي بمعرفة ذلك كله، فيختار من الكتب أجمعها، وأنفعها، وأهمها، وقد قيل: "العمر قصير، والعلم كثير، فخذوا من كلّ شيء أحسنه".
الفائدة الرابعة والخمسون
الكتب لها مكانة في القلوب، وإقبال للنفوس عليها، ولها لذة، لكن العمر قصير، والصوارف كثيرة، والشواغل متعددة، والرغبات قاصرة.
وليس الشأن في كثرة شراء الكتب، ولكن الشأن في العناية بالكتب بعد شرائها بقراءتها وفهمها، ومعرفة مقاصدها، وإدراك معانيها، ولا يجعل أكبر همه مجرد جمع الكتب دون الاستفادة منها، ولا يشتغل بالوسائل عن المقاصد، قال ابن الصلاح: "لا ينبغي لطالب الحديث أن يقتصر على مجرد سماعه وكتبه من غير فهمه ومعرفته".
وطالب العلم لا يعاني في هذا الزمن من قلة الكتب، بل يعاني من كثرتها، حتى صار لا يعرف بعض الكتب التي عنده، وتمر عليه السنون دون أن يتصفحه.
وضابط شراء الكتب هو ما يحتاج إليه، فلا يشتري إلا ما يحتاج إليه، لئلا يصير مشغلة له.
وكان من سبق من أهل العلم يقتصرون على أمهات المراجع، ويعتنون بها قراءة، وفهماً، وتعليقاً، وتلخيصاً، ومراجعة، ولا شك أن طريقتهم أضبط، وأدق، وأكثر فائدة.
وليعلم طالب العلم أن العمر قصير، وهو أقصر من أن يتسع للمؤلفات في العلم الواحد فضلاً عن العلوم الكثيرة، والعمر لا يفي بمعرفة ذلك كله، فيختار من الكتب أجمعها، وأنفعها، وأهمها، وقد قيل: "العمر قصير، والعلم كثير، فخذوا من كلّ شيء أحسنه".
الكتب (٣)
الفائدة الخامسة والخمسون
هناك كتب في كل علم تتميز بأنها أصول جامعة، وهي في غاية الجودة والتحقيق، وتغني عما سواها، وقد أشار العز بن عبد السلام إلى ذلك،
فقال: "ما رأيت في كتب الإسلام في العلم مثل (المحلى) لابن حزم، وكتاب (المغني) للشيخ موفق الدين".
وأكد الذهبي على هذا الكلام، وزاد عليه، فقال: "لقد صدق الشيخ عز الدين، وثالثهما: (السنن الكبير) للبيهقي، ورابعها: (التمهيد) لابن عبد البر.
فمن حصل هذه الدواوين، وكان من أذكياء المفتين، وأدمن المطالعة فيها، فهو العالم حقاً".
وزاد الشيخ الدكتور بكر أبو زيد على ما ذكره الذهبي: " قلت: وخامسها، وسادسها: مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية، ومؤلفات ابن قيم الجوزية، وهما عندي في الكتب بمنزلة السمع والبصر، وصدق الشوكاني- رحمه الله تعالى- في قوله: لو أن رجلا في الإسلام ليس عنده من الكتب إلا كتب هذين الشيخين لكفتاه، وسابعها: فتح الباري، لابن حجر".
وثامنها وتاسعها: تفسير ابن جرير الطبري، وابن كثير.
وعاشرها: المجموع شرح المهذب للنووي.
فمن اعتنى بهذه الأصول، وداوم على النظر فيها مع الحفظ والفهم والذكاء ضبط العلم واتقنه، وحصل ما لم يحصله غيره.
الفائدة الخامسة والخمسون
هناك كتب في كل علم تتميز بأنها أصول جامعة، وهي في غاية الجودة والتحقيق، وتغني عما سواها، وقد أشار العز بن عبد السلام إلى ذلك،
فقال: "ما رأيت في كتب الإسلام في العلم مثل (المحلى) لابن حزم، وكتاب (المغني) للشيخ موفق الدين".
وأكد الذهبي على هذا الكلام، وزاد عليه، فقال: "لقد صدق الشيخ عز الدين، وثالثهما: (السنن الكبير) للبيهقي، ورابعها: (التمهيد) لابن عبد البر.
فمن حصل هذه الدواوين، وكان من أذكياء المفتين، وأدمن المطالعة فيها، فهو العالم حقاً".
وزاد الشيخ الدكتور بكر أبو زيد على ما ذكره الذهبي: " قلت: وخامسها، وسادسها: مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية، ومؤلفات ابن قيم الجوزية، وهما عندي في الكتب بمنزلة السمع والبصر، وصدق الشوكاني- رحمه الله تعالى- في قوله: لو أن رجلا في الإسلام ليس عنده من الكتب إلا كتب هذين الشيخين لكفتاه، وسابعها: فتح الباري، لابن حجر".
وثامنها وتاسعها: تفسير ابن جرير الطبري، وابن كثير.
وعاشرها: المجموع شرح المهذب للنووي.
فمن اعتنى بهذه الأصول، وداوم على النظر فيها مع الحفظ والفهم والذكاء ضبط العلم واتقنه، وحصل ما لم يحصله غيره.
الإنصاف (١)
الفائدة السادسة والخمسون بعد الألف
الإنصاف خلق عظيم، وأفضل حلية اتصف بها المرء، يحمل صاحبه على العدل مع الآخرين، وإعطاء كل ذي حق حقه، وإنزاله منزلته، وعدم بخسه حقه، والثناء عليه بما هو متصف به من الخلال الكريمة والسجايا الحسنة.
وهو دليل على حب الخير للآخرين، وعلو الهمة، وسمو النفس، وتحري الحق، وطلب براءة الذمة.
والإنصاف لا يكون إلا بالتّجرّد من حظوظ النفس، والانتصار لها، والبعد عن التشفي والانتقام، والتعصب المقيت، وتحرّي العدل، وعدم جحد ما عند الآخرين من الفضائل.
وهو خلق عزيز، لا يستطيعه كل أحد، ولا يلقاه إلا ذو حظ عظيم، ولاسيما مع من يخالفه، وكم ترى من إنسان صالح يطيق قيام الليل، وصيام النهار، وإنفاق الأموال، والقيام بأعمال البر، وكثير من الطاعات، لكنه يعجز عن إنصاف الآخرين، والعدل مع غيره، ومعاملتهم بمثل أن يحب أن يعاملوه به، قال ابن القيم: "والله تعالى يحبُّ الإنصاف، بل هو أفضل حلية تحلَّى بها الرجل، خصوصًا من نَصبَ نفسه حكمًا بين الأقوال والمذاهب".
الفائدة السادسة والخمسون بعد الألف
الإنصاف خلق عظيم، وأفضل حلية اتصف بها المرء، يحمل صاحبه على العدل مع الآخرين، وإعطاء كل ذي حق حقه، وإنزاله منزلته، وعدم بخسه حقه، والثناء عليه بما هو متصف به من الخلال الكريمة والسجايا الحسنة.
وهو دليل على حب الخير للآخرين، وعلو الهمة، وسمو النفس، وتحري الحق، وطلب براءة الذمة.
والإنصاف لا يكون إلا بالتّجرّد من حظوظ النفس، والانتصار لها، والبعد عن التشفي والانتقام، والتعصب المقيت، وتحرّي العدل، وعدم جحد ما عند الآخرين من الفضائل.
وهو خلق عزيز، لا يستطيعه كل أحد، ولا يلقاه إلا ذو حظ عظيم، ولاسيما مع من يخالفه، وكم ترى من إنسان صالح يطيق قيام الليل، وصيام النهار، وإنفاق الأموال، والقيام بأعمال البر، وكثير من الطاعات، لكنه يعجز عن إنصاف الآخرين، والعدل مع غيره، ومعاملتهم بمثل أن يحب أن يعاملوه به، قال ابن القيم: "والله تعالى يحبُّ الإنصاف، بل هو أفضل حلية تحلَّى بها الرجل، خصوصًا من نَصبَ نفسه حكمًا بين الأقوال والمذاهب".
الإنصاف (٢)
الفائدة السابعة والخمسون بعد الألف
خلق الإنصاف ظهر جلياً في الصحابة، ومن بعدهم من أهل العلم الذين تأدبوا بآدابه، فكانوا يعترفون بالفضل لأهله، ويعدلون في الأحكام، ويشهد بعضهم لبعض بالعلم، ولا تستفزهم الخصومة عن انتقاص من خالفهم، وبخسهم حقهم.
فقد شهد عمار لعائشة -رضي الله عنهما- بالفضل التام، والمنقبة العالية، والمنزلة الشريفة مع ما كان بينهما من الخلاف، فقال مثنياً عليها: "والله إنّها لزوجة نبيّكم صلى الله عليه وسلم في الدّنيا والآخرة، ولكنّ الله تبارك وتعالى ابتلاكم ليعلم إيّاه تطيعون أم هي"، رواه البخاري.
قال الحافظ ابن حجر-عن كلام عمار-: "فكان ذلك يعدّ من إنصاف عمّار، وشدّة ورعه، وتحرّيه قول الحقّ".
وأثنى الإمام أحمد على إسحاق بن راهويه مع أنه كان يخالفه في مسائل، فقال: "لم يعبر الجسر إلى خراسان مثل إسحاق، وإن كان يخالفنا في أشياء، فإن الناس لم يزل يخالف بعضهم بعضًا".
وشهد له بالفقه، فقال: "ما جاوز الجسر أفقه من إسحاق بن راهويه، ولا أحفظ من أبي زرعة".
الفائدة السابعة والخمسون بعد الألف
خلق الإنصاف ظهر جلياً في الصحابة، ومن بعدهم من أهل العلم الذين تأدبوا بآدابه، فكانوا يعترفون بالفضل لأهله، ويعدلون في الأحكام، ويشهد بعضهم لبعض بالعلم، ولا تستفزهم الخصومة عن انتقاص من خالفهم، وبخسهم حقهم.
فقد شهد عمار لعائشة -رضي الله عنهما- بالفضل التام، والمنقبة العالية، والمنزلة الشريفة مع ما كان بينهما من الخلاف، فقال مثنياً عليها: "والله إنّها لزوجة نبيّكم صلى الله عليه وسلم في الدّنيا والآخرة، ولكنّ الله تبارك وتعالى ابتلاكم ليعلم إيّاه تطيعون أم هي"، رواه البخاري.
قال الحافظ ابن حجر-عن كلام عمار-: "فكان ذلك يعدّ من إنصاف عمّار، وشدّة ورعه، وتحرّيه قول الحقّ".
وأثنى الإمام أحمد على إسحاق بن راهويه مع أنه كان يخالفه في مسائل، فقال: "لم يعبر الجسر إلى خراسان مثل إسحاق، وإن كان يخالفنا في أشياء، فإن الناس لم يزل يخالف بعضهم بعضًا".
وشهد له بالفقه، فقال: "ما جاوز الجسر أفقه من إسحاق بن راهويه، ولا أحفظ من أبي زرعة".
الإنصاف (٣)
الفائدة الثامنة والخمسون بعد الألف
من الجور، وعدم الإنصاف: عدُّ سيئات المرء، وإظهار عيوبه، وإخفاء محاسنه، وكتم حسناته، قال محمّد بن سيرين: "ظلم لأخيك أن تذكر منه أسوأ ما رأيت، وتكتم خيره".
ومن لم يذكر عن الصالحين إلا ما ظهر من عيوبهم وزلاتهم فقد ظلمهم، ولم ينصفهم، قال سفيان الثّوريّ: "عند ذكر الصّالحين تنزل الرّحمة، ومن لم يحفظ من أخبارهم إلّا ما بدر من بعضهم في بعض على الحسد، والهفوات، والتّعصّب، والشّهوات دون أن يعي بفضائلهم، حرم التّوفيق، ودخل في الغيبة، وحاد عن الطّريق".
وأهل العلم والبصيرة ينصفون من وقعت منه الزلات والأخطاء من أهل العلم، ويقيمون العدل معه، فلا يهدرون حسناته، ولا يجحدون محاسنه، ولا ينكرون فضائله، ولا يتابعونه فيما أخطأ فيه، فقتادة بن دعامة السَّدوسي كان من أوعية العلم، ومن علماء التفسير، وممن يضرب به المثل في قوة الحفظ، وكان لا يسمع شيئاً إلا حفظه، إلا أنه كان يقول بالقدر، ومع هذا فقد ذكر الذهبي محاسنه، واعتذر له، وبين المنهج فيه وفي أمثاله، فقال في ترجمته: "ومع هذا فما توقّف أحد في صدقه، وعدالته، وحفظه، ولعلّ الله يعذر أمثاله ممّن تلبّس ببدعة يريد بها تعظيم الباري وتنزيهه، وبذل وسعه، والله حكم عدل لطيف بعباده، ولا يسأل عمّا يفعل، ثمّ إنّ الكبير من أئمّة العلم إذا كثر صوابه، وعلم تحرّيه للحقّ، واتّسع علمه، وظهر ذكاؤه، وعرف صلاحه وورعه واتّباعه، يُغفر له زلله، ولا نضلّله، ونطرحه، وننسى محاسنه، نعم، ولا نقتدي به في بدعته وخطئه، ونرجو له التّوبة من ذلك".
الفائدة الثامنة والخمسون بعد الألف
من الجور، وعدم الإنصاف: عدُّ سيئات المرء، وإظهار عيوبه، وإخفاء محاسنه، وكتم حسناته، قال محمّد بن سيرين: "ظلم لأخيك أن تذكر منه أسوأ ما رأيت، وتكتم خيره".
ومن لم يذكر عن الصالحين إلا ما ظهر من عيوبهم وزلاتهم فقد ظلمهم، ولم ينصفهم، قال سفيان الثّوريّ: "عند ذكر الصّالحين تنزل الرّحمة، ومن لم يحفظ من أخبارهم إلّا ما بدر من بعضهم في بعض على الحسد، والهفوات، والتّعصّب، والشّهوات دون أن يعي بفضائلهم، حرم التّوفيق، ودخل في الغيبة، وحاد عن الطّريق".
وأهل العلم والبصيرة ينصفون من وقعت منه الزلات والأخطاء من أهل العلم، ويقيمون العدل معه، فلا يهدرون حسناته، ولا يجحدون محاسنه، ولا ينكرون فضائله، ولا يتابعونه فيما أخطأ فيه، فقتادة بن دعامة السَّدوسي كان من أوعية العلم، ومن علماء التفسير، وممن يضرب به المثل في قوة الحفظ، وكان لا يسمع شيئاً إلا حفظه، إلا أنه كان يقول بالقدر، ومع هذا فقد ذكر الذهبي محاسنه، واعتذر له، وبين المنهج فيه وفي أمثاله، فقال في ترجمته: "ومع هذا فما توقّف أحد في صدقه، وعدالته، وحفظه، ولعلّ الله يعذر أمثاله ممّن تلبّس ببدعة يريد بها تعظيم الباري وتنزيهه، وبذل وسعه، والله حكم عدل لطيف بعباده، ولا يسأل عمّا يفعل، ثمّ إنّ الكبير من أئمّة العلم إذا كثر صوابه، وعلم تحرّيه للحقّ، واتّسع علمه، وظهر ذكاؤه، وعرف صلاحه وورعه واتّباعه، يُغفر له زلله، ولا نضلّله، ونطرحه، وننسى محاسنه، نعم، ولا نقتدي به في بدعته وخطئه، ونرجو له التّوبة من ذلك".
الإنصاف (٤)
الفائدة التاسعة والخمسون بعد الألف
الواجب في الكلام في الناس أن يكون بعلم وعدل وإنصاف، لا بجهل وظلم وهوى واعتساف، وإعطاء كل ذي حق حقه، وعدم بخسه حقه، وإقام ميزان القسط والعدل، وهذا حال أهل السنة والجماعة، لا حال أهل الفرقة والبدعة.
والمرء لا يسلم من الخطأ، ولا يأمن الزلل، مهما اتسع علمه، وعلا مقامه، وارتفعت منزلته، فليس من الإنصاف أن تهدر مكانته لزلة وقع فيها أو هفوة بدرت منه، قال ابن القيم: "ومن له علم بالشرع والواقع يعلم قطعاً أن الرجل الجليل الذي له في الإسلام قدم صالح، وآثار حسنة، وهو من الإسلام وأهله بمكان، قد تكون منه الهفوة والزلة هو فيها معذور، بل مأجور لاجتهاده، فلا يجوز أن يُتّبع فيها، ولا يجوز أن تهدر مكانته وإمامته ومنزلته من قلوب المسلمين".
ولو أن كل من أخطأ أو غلط في اجتهاده مع تحريه للحق، واتباعه له، تُرك، وهُجر، وأُهدرت محاسنه لم يبق أحد من أهل العلم، وليس من شرط العالم أن لا يخطئ، قال الذهبي: "ولو أنا كلما أخطأ إمام خطأ في اجتهاده في آحاد المسائل خطأ مغفورا له، قمنا عليه وبدعناه، وهجرناه، لما سلم معنا ابن نصر، ولا ابن منده، ولا من هو أكبر منهما، والله هو الهادي الخلق إلى الحق، وهو أرحم الراحمين، فنعوذ بالله من الهوى والفظاظة".
الفائدة التاسعة والخمسون بعد الألف
الواجب في الكلام في الناس أن يكون بعلم وعدل وإنصاف، لا بجهل وظلم وهوى واعتساف، وإعطاء كل ذي حق حقه، وعدم بخسه حقه، وإقام ميزان القسط والعدل، وهذا حال أهل السنة والجماعة، لا حال أهل الفرقة والبدعة.
والمرء لا يسلم من الخطأ، ولا يأمن الزلل، مهما اتسع علمه، وعلا مقامه، وارتفعت منزلته، فليس من الإنصاف أن تهدر مكانته لزلة وقع فيها أو هفوة بدرت منه، قال ابن القيم: "ومن له علم بالشرع والواقع يعلم قطعاً أن الرجل الجليل الذي له في الإسلام قدم صالح، وآثار حسنة، وهو من الإسلام وأهله بمكان، قد تكون منه الهفوة والزلة هو فيها معذور، بل مأجور لاجتهاده، فلا يجوز أن يُتّبع فيها، ولا يجوز أن تهدر مكانته وإمامته ومنزلته من قلوب المسلمين".
ولو أن كل من أخطأ أو غلط في اجتهاده مع تحريه للحق، واتباعه له، تُرك، وهُجر، وأُهدرت محاسنه لم يبق أحد من أهل العلم، وليس من شرط العالم أن لا يخطئ، قال الذهبي: "ولو أنا كلما أخطأ إمام خطأ في اجتهاده في آحاد المسائل خطأ مغفورا له، قمنا عليه وبدعناه، وهجرناه، لما سلم معنا ابن نصر، ولا ابن منده، ولا من هو أكبر منهما، والله هو الهادي الخلق إلى الحق، وهو أرحم الراحمين، فنعوذ بالله من الهوى والفظاظة".
الإنصاف (٥)
الفائدة الستون بعد الألف
إهدار منزلة العالم لخطأ وقع فيه إفساد لطرق التعلم بتنفير طلاب العلم عن الأخذ عنه، وإبعادهم عنه، قال ابن القيم: "لو كان كلُّ مَن أخطأ أو غَلِط تُرِك جملةً، وأُهْدِرَتْ محاسنُه لفسدتِ العلومُ والصناعاتُ والحكم، وتعطلتْ معالمها".
وحين حذر معاذ بن جبل من زيغة الحكيم نهى عن ترك الأخذ عنه بسببها، فقال: "ولا يثنينك ذلك عنه، فإنه لعله أن يراجع، وتلق الحق إذا سمعته فإن على الحق نوراً"، أخرجه أبو داود
والواجب عدم متابعته فيما أخطأ فيه، مع حفظ مكانته ومنزلته، كما قال عبد الله بن المبارك: "رب رجل في الإسلام له قدم حسن، وآثار صالحة كانت منه الهفوة والزلة لا يُقتدى به في هفوته وزلته".
ولا يصح اتخاذ هذه الزلة حجة، ولا موضعاً للحط عليه، والانتقاص من قدره، والقدح فيه بنسبته إلى التقصير والتفريط، أو الجهل، أو مخالفة الشرع، فإن هذا خلاف الإنصاف والعدل، قال الشاطبي: "زلة العالم لا يصح اعتمادها من جهة، ولا الأخذ بها تقليداً له، وذلك لأنها موضوعة على المخالفة للشرع، ولذلك عدت زلة، وإلا فلو كانت معتداً بها لم يجعل لها هذه الرتبة، ولا نسب إلى صاحبها الزلل فيها، كما أنه لا ينبغي أن ينسب صاحبها إلى التقصير، ولا أن يشنع عليه بها، ولا ينتقص من أجلها، أو يعتقد فيه الإقدام على المخالفة بحتاً، فإن هذا كله خلاف ما تقتضي رتبته في الدين".
الفائدة الستون بعد الألف
إهدار منزلة العالم لخطأ وقع فيه إفساد لطرق التعلم بتنفير طلاب العلم عن الأخذ عنه، وإبعادهم عنه، قال ابن القيم: "لو كان كلُّ مَن أخطأ أو غَلِط تُرِك جملةً، وأُهْدِرَتْ محاسنُه لفسدتِ العلومُ والصناعاتُ والحكم، وتعطلتْ معالمها".
وحين حذر معاذ بن جبل من زيغة الحكيم نهى عن ترك الأخذ عنه بسببها، فقال: "ولا يثنينك ذلك عنه، فإنه لعله أن يراجع، وتلق الحق إذا سمعته فإن على الحق نوراً"، أخرجه أبو داود
والواجب عدم متابعته فيما أخطأ فيه، مع حفظ مكانته ومنزلته، كما قال عبد الله بن المبارك: "رب رجل في الإسلام له قدم حسن، وآثار صالحة كانت منه الهفوة والزلة لا يُقتدى به في هفوته وزلته".
ولا يصح اتخاذ هذه الزلة حجة، ولا موضعاً للحط عليه، والانتقاص من قدره، والقدح فيه بنسبته إلى التقصير والتفريط، أو الجهل، أو مخالفة الشرع، فإن هذا خلاف الإنصاف والعدل، قال الشاطبي: "زلة العالم لا يصح اعتمادها من جهة، ولا الأخذ بها تقليداً له، وذلك لأنها موضوعة على المخالفة للشرع، ولذلك عدت زلة، وإلا فلو كانت معتداً بها لم يجعل لها هذه الرتبة، ولا نسب إلى صاحبها الزلل فيها، كما أنه لا ينبغي أن ينسب صاحبها إلى التقصير، ولا أن يشنع عليه بها، ولا ينتقص من أجلها، أو يعتقد فيه الإقدام على المخالفة بحتاً، فإن هذا كله خلاف ما تقتضي رتبته في الدين".
