سلامة الصدر (١٠)
الفائدة السادسة والثلاثون بعد الألف
من خبث القلوب، وظلام الأفئدة، وفساد السرائر، أن يكون في قلب المرء غل لخيار المؤمنين، وأهل العلم والفضل والإحسان، وأن يحمل في قلبه بغضاً وحسداً وحقداً عليهم.
ومتى فسد القلب بالغل والحقد والحسد، خبث اللسان، ونطق بمكنونات الفؤاد، لأن الألسن تغترف مما في القلوب، وتعبر عما فيها من خير أو شر، قال يحي بن معاذ: "القلوب كالقدور تغلي بما فيها، وألسنتها مغارفها، فانظر إلى الرجل حين يتكلم، فإن لسانه يغترف لك مما في قلبه، حلو وحامض، وعذب وأجاج، ويبين لك طعم قلبه اغتراف لسانه".
وقد أخبر النبي ﷺ أن صلاح الجوارح وفسادها بصلاح القلب وفساده، ففي الصحيحين: {ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب}.
ومن أضمر شيئاً أظهره الله على فلتات لسانه، وكتابات بنانه، ولو بعد حين، قال عثمان: "ما أسر أحد سريرة إلا أظهرها الله على صفحات وجهه، وفلتات لسانه".
وقد ندب الله أهل الإيمان للدعاء لإخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان، وأن لا يجعل في قلوبهم غلاً لهم، (والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا).
  الفائدة السادسة والثلاثون بعد الألف
من خبث القلوب، وظلام الأفئدة، وفساد السرائر، أن يكون في قلب المرء غل لخيار المؤمنين، وأهل العلم والفضل والإحسان، وأن يحمل في قلبه بغضاً وحسداً وحقداً عليهم.
ومتى فسد القلب بالغل والحقد والحسد، خبث اللسان، ونطق بمكنونات الفؤاد، لأن الألسن تغترف مما في القلوب، وتعبر عما فيها من خير أو شر، قال يحي بن معاذ: "القلوب كالقدور تغلي بما فيها، وألسنتها مغارفها، فانظر إلى الرجل حين يتكلم، فإن لسانه يغترف لك مما في قلبه، حلو وحامض، وعذب وأجاج، ويبين لك طعم قلبه اغتراف لسانه".
وقد أخبر النبي ﷺ أن صلاح الجوارح وفسادها بصلاح القلب وفساده، ففي الصحيحين: {ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب}.
ومن أضمر شيئاً أظهره الله على فلتات لسانه، وكتابات بنانه، ولو بعد حين، قال عثمان: "ما أسر أحد سريرة إلا أظهرها الله على صفحات وجهه، وفلتات لسانه".
وقد ندب الله أهل الإيمان للدعاء لإخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان، وأن لا يجعل في قلوبهم غلاً لهم، (والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا).
متفرقات ()
الفائدة السابعة والثلاثون بعد الألف
المرء في هذه الدنيا لا يسلم من أحداث ومواقف يضطرب فيه قلبه، وتنتابه الشكوك والوساوس، ويتسلط عليه الشيطان، ويتزلزل يقينه، وتضيق عليه الدنيا، وتحيط به الهموم والغموم.
والمؤمن مأمور بالإلتجاء إلى الله، والاعتصام به، ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم، ومما يدفع ما نزل به قراءة آيات السكينة، فهي توجب طمأنينة القلب، وسكون النفس، وانشراح الصدر، وزيادة الإيمان، والتعلق بالله، وذهاب الشدة.
والسكينة هي الطُّمأْنينة والثبات والسّكون الَّذى يُنزله الله في قلب العبد عند اضطرابه من شدّة المخاوف، وعظيم ما نزل به.
وقد ذكر الله السكينة في كتابه في ستة مواضع، وأخبر أنه أنزل السكينة على نبيه وعلى المؤمنين في مواضع الخوف، واضطراب القلوب، وشدة القلق؛ كيوم الغار حين أحاط بهم العدو، ويوم حنين حين وَلَّوا مُدبِرين من شدّة بأس الكفّار، ويوم الحديبية حين اضطربتْ قلوبهم من دخولهم تحت شروط الكفار.
  الفائدة السابعة والثلاثون بعد الألف
المرء في هذه الدنيا لا يسلم من أحداث ومواقف يضطرب فيه قلبه، وتنتابه الشكوك والوساوس، ويتسلط عليه الشيطان، ويتزلزل يقينه، وتضيق عليه الدنيا، وتحيط به الهموم والغموم.
والمؤمن مأمور بالإلتجاء إلى الله، والاعتصام به، ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم، ومما يدفع ما نزل به قراءة آيات السكينة، فهي توجب طمأنينة القلب، وسكون النفس، وانشراح الصدر، وزيادة الإيمان، والتعلق بالله، وذهاب الشدة.
والسكينة هي الطُّمأْنينة والثبات والسّكون الَّذى يُنزله الله في قلب العبد عند اضطرابه من شدّة المخاوف، وعظيم ما نزل به.
وقد ذكر الله السكينة في كتابه في ستة مواضع، وأخبر أنه أنزل السكينة على نبيه وعلى المؤمنين في مواضع الخوف، واضطراب القلوب، وشدة القلق؛ كيوم الغار حين أحاط بهم العدو، ويوم حنين حين وَلَّوا مُدبِرين من شدّة بأس الكفّار، ويوم الحديبية حين اضطربتْ قلوبهم من دخولهم تحت شروط الكفار.
متفرقات ()
الفائدة الثامنة والثلاثون بعد الألف
الشيخ تقي الدين مع ما عرف عنه من المقامات العظيمة، والأحوال الشريفة، والدفاع عن الشرع، وبيان انحراف الفرق المخالفة، ذكر عن نفسه في مرضه أنه ظهرت له أرواح شيطانية في حال ضعف قوته تعجز العقول عن حملها، فما كان منه عند اشتداد الأمر عليه إلا أنه أمر أقاربه ومن حوله أن يقرءوا عليه آيات السكينة، فأقلع عنه ذلك في الحال، وذهب عنه ما كان يجده.
وكان رحمه الله إذا اشتدت عليه الأمور قرأ آيات السكينة.
وحكى ابن القيم أيضاً عن نفسه: "وقد جربت أنا أيضاً قراءة هذه الآيات عند اضطراب القلب بما يرد عليه، فرأيت لها تأثيراً عظيماً في سكونه وطمأنينته".
  الفائدة الثامنة والثلاثون بعد الألف
الشيخ تقي الدين مع ما عرف عنه من المقامات العظيمة، والأحوال الشريفة، والدفاع عن الشرع، وبيان انحراف الفرق المخالفة، ذكر عن نفسه في مرضه أنه ظهرت له أرواح شيطانية في حال ضعف قوته تعجز العقول عن حملها، فما كان منه عند اشتداد الأمر عليه إلا أنه أمر أقاربه ومن حوله أن يقرءوا عليه آيات السكينة، فأقلع عنه ذلك في الحال، وذهب عنه ما كان يجده.
وكان رحمه الله إذا اشتدت عليه الأمور قرأ آيات السكينة.
وحكى ابن القيم أيضاً عن نفسه: "وقد جربت أنا أيضاً قراءة هذه الآيات عند اضطراب القلب بما يرد عليه، فرأيت لها تأثيراً عظيماً في سكونه وطمأنينته".
العلم (٢)
الفائدة التاسعة والثلاثون بعد الألف
طالب العلم يحتاج إلى الجد في طلب العلم وتحصيله، والمداومة على مراجعته ومدارسته، لئلا ينساه.
ولكل شيء آفة، وآفة العلم النسيان، ولا سبيل إلى السلامة منه إلا بمراجعة مسائل العلم، قال سعيد بن جبير: "لا يزال الرجل عالماً ما تعلم، فإذا ترك العلم وظن أنه قد استغنى واكتفى بما عنده فهو أجهل ما يكون".
وكان السلف يستعينون على حفظ العلم وتثبيته بالمذاكرة والمراجعة، قال أبو سعيد الخدري: "تذاكروا الحديث، فإن الحديث يهيج الحديث"، أخرجه الدارمي
وقال الحسن: "حادثوا هذه القلوب، فإنّها سريعة الدّثور".
وإحياء العلم مذاكرته، قال ابن عباس: "ردوا الحديث واستذكروه، فإنه إن لم تذكروه ذهب، ولا يقولن رجل لحديث قد حدثه: قد حدثته مرة، فإنه من كان سمعه يزداد به علماً، ويسمع من لم يسمع"، أخرجه الدارمي
ويغتنم طالب العلم وقت فراغه، وزمن عافيته، وقوة شبابه، وقلة شواغله، وخلو باله، وإقبال نفسه، وعلو همته، فإن لكل عامل شرة، ولكل شرة فترة، والقلوب لها إقبال وإدبار، والنفوس لها قوة وضعف، ونشاط وفتور.
الفائدة التاسعة والثلاثون بعد الألف
طالب العلم يحتاج إلى الجد في طلب العلم وتحصيله، والمداومة على مراجعته ومدارسته، لئلا ينساه.
ولكل شيء آفة، وآفة العلم النسيان، ولا سبيل إلى السلامة منه إلا بمراجعة مسائل العلم، قال سعيد بن جبير: "لا يزال الرجل عالماً ما تعلم، فإذا ترك العلم وظن أنه قد استغنى واكتفى بما عنده فهو أجهل ما يكون".
وكان السلف يستعينون على حفظ العلم وتثبيته بالمذاكرة والمراجعة، قال أبو سعيد الخدري: "تذاكروا الحديث، فإن الحديث يهيج الحديث"، أخرجه الدارمي
وقال الحسن: "حادثوا هذه القلوب، فإنّها سريعة الدّثور".
وإحياء العلم مذاكرته، قال ابن عباس: "ردوا الحديث واستذكروه، فإنه إن لم تذكروه ذهب، ولا يقولن رجل لحديث قد حدثه: قد حدثته مرة، فإنه من كان سمعه يزداد به علماً، ويسمع من لم يسمع"، أخرجه الدارمي
ويغتنم طالب العلم وقت فراغه، وزمن عافيته، وقوة شبابه، وقلة شواغله، وخلو باله، وإقبال نفسه، وعلو همته، فإن لكل عامل شرة، ولكل شرة فترة، والقلوب لها إقبال وإدبار، والنفوس لها قوة وضعف، ونشاط وفتور.
❤1
  المولد النبوي (١)
الفائدة الأربعون:
الصحابة هم أعلم الناس بالشرع، حيث شاهدوا التنزيل، وعرفوا التأويل، وأحق الخلق بالقيام بحقوق النبي ﷺ، وأشدهم تعظيماً له، وأكملهم محبة، وأسرعهم إلى فعل الخير، وهم الغاية في فعل الفضائل، ومع ذلك لم يحتفلوا بيوم مولده.
واليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول هو يوم كسائر الأيام في القرون الثلاثة المفضلة، ولم يكونوا يخصونه بذكر شيء من سيرته ﷺ، ولا شمائله، ولا ينشدون القصائد في مدحه.
وعلى هذا مضى سلف الأمة من الصحابة، والتابعين، ومن بعدهم ممن اقتفى أثرهم، واتبع سبيلهم، قال السخاوي: "عمل المولد الشريف لم ينقل عن أحد من السلف الصالح في القرون الثلاثة الفاضلة، وإنما حدث بعد".
ولو كان الاحتفال بالمولد مشروعاً لكان السلف أولى الناس بفعله، والخير كله في اتباعهم، فما فعلوه فعلناه، وما تركوه تركناه، وما وسعهم يسعنا، قال عمر بن عبد العزيز: "فارض لنفسك ما رضي به القوم لأنفسهم، فإنهم عن علم وقفوا، وببصر نافذ كفوا، ولهم على كشف الأمور كانوا أقوى، وبفضل ما كانوا فيه أولى، فإن كان الهدى ما أنتم عليه لقد سبقتموهم إليه، ولئن قلتم: إنما حدث بعدهم، ما أحدثه إلا من اتبع غير سبيلهم، ورغب بنفسه عنهم، فإنهم هم السابقون".
  الفائدة الأربعون:
الصحابة هم أعلم الناس بالشرع، حيث شاهدوا التنزيل، وعرفوا التأويل، وأحق الخلق بالقيام بحقوق النبي ﷺ، وأشدهم تعظيماً له، وأكملهم محبة، وأسرعهم إلى فعل الخير، وهم الغاية في فعل الفضائل، ومع ذلك لم يحتفلوا بيوم مولده.
واليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول هو يوم كسائر الأيام في القرون الثلاثة المفضلة، ولم يكونوا يخصونه بذكر شيء من سيرته ﷺ، ولا شمائله، ولا ينشدون القصائد في مدحه.
وعلى هذا مضى سلف الأمة من الصحابة، والتابعين، ومن بعدهم ممن اقتفى أثرهم، واتبع سبيلهم، قال السخاوي: "عمل المولد الشريف لم ينقل عن أحد من السلف الصالح في القرون الثلاثة الفاضلة، وإنما حدث بعد".
ولو كان الاحتفال بالمولد مشروعاً لكان السلف أولى الناس بفعله، والخير كله في اتباعهم، فما فعلوه فعلناه، وما تركوه تركناه، وما وسعهم يسعنا، قال عمر بن عبد العزيز: "فارض لنفسك ما رضي به القوم لأنفسهم، فإنهم عن علم وقفوا، وببصر نافذ كفوا، ولهم على كشف الأمور كانوا أقوى، وبفضل ما كانوا فيه أولى، فإن كان الهدى ما أنتم عليه لقد سبقتموهم إليه، ولئن قلتم: إنما حدث بعدهم، ما أحدثه إلا من اتبع غير سبيلهم، ورغب بنفسه عنهم، فإنهم هم السابقون".
المواد النبوي (٢)
الفائدة الواحدة والأربعون
أول من عرف عنه الاحتفال بالمولد هم العبيدون، وهم من الشيعة الباطنية، وكان ذلك في القرن الرابع الهجري، كما ذكر ذلك المؤرخون.
ولا دليل على الاحتفال بالمولد لا من الكتاب، ولا من السنة، ولا من عمل السلف، فهو من البدع، لأن ما قام المقتضي لفعله في زمن النبي ﷺ مع عدم المانع، ثم لم يفعل، ففعله بعد ذلك من البدع، ولو كان خيراً لكان السلف أحق به منا، قال الحافظ ابن حجر: "أصل عمل المولد بدعة لم تنقل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة".
ومها قيل عن محاسن المولد من بيان سيرة النبي ﷺ، وفضائله الشريفة، ومناقبه الجمة، وكثرة الصلاة والسلام عليه فهذا كله لا يكفي للقول بشرعيته إذ من شرط صحة العمل أن يكون موافقاً للشرع.
وكم من مريد للخير لن يناله، وكم من متقرب الى الله بما يباعده عنه، وقد قال ابن مسعود للذي أحدثوا في زمنه الذكر الجماعي: "وكم من مريد للخير لن يصيبه!".
ومجرد إرادة الخير لا تجعل ما ليس بمشروع مشروعاً.
  الفائدة الواحدة والأربعون
أول من عرف عنه الاحتفال بالمولد هم العبيدون، وهم من الشيعة الباطنية، وكان ذلك في القرن الرابع الهجري، كما ذكر ذلك المؤرخون.
ولا دليل على الاحتفال بالمولد لا من الكتاب، ولا من السنة، ولا من عمل السلف، فهو من البدع، لأن ما قام المقتضي لفعله في زمن النبي ﷺ مع عدم المانع، ثم لم يفعل، ففعله بعد ذلك من البدع، ولو كان خيراً لكان السلف أحق به منا، قال الحافظ ابن حجر: "أصل عمل المولد بدعة لم تنقل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة".
ومها قيل عن محاسن المولد من بيان سيرة النبي ﷺ، وفضائله الشريفة، ومناقبه الجمة، وكثرة الصلاة والسلام عليه فهذا كله لا يكفي للقول بشرعيته إذ من شرط صحة العمل أن يكون موافقاً للشرع.
وكم من مريد للخير لن يناله، وكم من متقرب الى الله بما يباعده عنه، وقد قال ابن مسعود للذي أحدثوا في زمنه الذكر الجماعي: "وكم من مريد للخير لن يصيبه!".
ومجرد إرادة الخير لا تجعل ما ليس بمشروع مشروعاً.
المولد النبوي (٣)
الفائدة الثانية والأربعون
لم يثبت أن النبي ﷺ ولد في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول، بل هو محل خلاف بين أهل العلم في تعيين الشهر الذي ولد فيه، فقيل: ولد في شهر صفر، وقيل: في ربيع الأول، وقيل: في ربيع الآخر، وقيل: في رجب، وقيل: في رمضان.
وكما اختلفوا في تعيين الشهر الذي ولد فيه، فقد اختلف في تعيين اليوم، فقيل: ولد لليلتين مضتا من ربيع الأول، وقيل: لثماني ليال مضين منه، وحكي إجماع أهل التأريخ عليه، وقيل: لاثنتي عشرة مضت منه، وقيل: غير ذلك.
والثابت أن النبي ﷺ ولد في يوم الاثنين، فقد سئل ﷺ عن صوم الاثنين؟ فقال: {ذاك يوم ولدت فيه}، أخرجه مسلم.
ولو كان لاحتفال بالمولد في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول من الدين لحفظ كما حفظ اليوم الذي ولد فيه، ولبين النبي ﷺ حكمه للأمة، أو فعله في حياته، أو فعله أصحابه، فلما لم يقع شيء من ذلك علم أنه ليس من الدين، بل هو من المحدثات.
  الفائدة الثانية والأربعون
لم يثبت أن النبي ﷺ ولد في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول، بل هو محل خلاف بين أهل العلم في تعيين الشهر الذي ولد فيه، فقيل: ولد في شهر صفر، وقيل: في ربيع الأول، وقيل: في ربيع الآخر، وقيل: في رجب، وقيل: في رمضان.
وكما اختلفوا في تعيين الشهر الذي ولد فيه، فقد اختلف في تعيين اليوم، فقيل: ولد لليلتين مضتا من ربيع الأول، وقيل: لثماني ليال مضين منه، وحكي إجماع أهل التأريخ عليه، وقيل: لاثنتي عشرة مضت منه، وقيل: غير ذلك.
والثابت أن النبي ﷺ ولد في يوم الاثنين، فقد سئل ﷺ عن صوم الاثنين؟ فقال: {ذاك يوم ولدت فيه}، أخرجه مسلم.
ولو كان لاحتفال بالمولد في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول من الدين لحفظ كما حفظ اليوم الذي ولد فيه، ولبين النبي ﷺ حكمه للأمة، أو فعله في حياته، أو فعله أصحابه، فلما لم يقع شيء من ذلك علم أنه ليس من الدين، بل هو من المحدثات.
المولد النبوي (٣)
الفائدة الثالثة والأربعون
لا يغتر المسلم بكثرة من يفعل المولد من الناس، فإن الحق لا يعرف بكثرة الفاعلين له، وإنما يعرف بالأدلة الشرعية، والشرع نقل مصدق عن قائل معصوم، والعبرة بالدليل لا بالقائل، ولا بالفاعل، وهذا هو الميزان الذي توزن به جميع الأقوال والأفعال، كما قال علي رضي الله عنه: "اعرف الحقَّ تعرف أهله، إِنَّ الحق لا يُعرف بالرجال، وإنما الرجال يعرفون بالحق".
ولا يغتر بمن يستحسنه، فهو استحسان محض لا دليل عليه، بل هو استدراك على الشرع، ونظر إليه بعين النقص لا بعين الكمال، واعتقاد لعدم كماله، قال الشاطبي: "المستحسن للبدع يلزمه عادة أن يكون الشرع عنده لم يكمل بعد، فلا يكون لقوله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم) معنى يعتبر به".
والعبادات مبناها على الشرع والاتباع، لا على الرأي والهوى والابتداع، قال ابن مسعود: "اتبعوا ولا تبتدعوا، فقد كفيتم، وكل بدعة ضلالة".
والتقرب إلى الله إنما يكون بما فعله السلف، لا بما ابتدعه الخلف، كما قال حذيفة: "كل عبادة لم يتعبدها أصحاب رسول الله ﷺ، فلا تعبدوها؛ فإن الأول لم يدع للآخر مقالاً".
  الفائدة الثالثة والأربعون
لا يغتر المسلم بكثرة من يفعل المولد من الناس، فإن الحق لا يعرف بكثرة الفاعلين له، وإنما يعرف بالأدلة الشرعية، والشرع نقل مصدق عن قائل معصوم، والعبرة بالدليل لا بالقائل، ولا بالفاعل، وهذا هو الميزان الذي توزن به جميع الأقوال والأفعال، كما قال علي رضي الله عنه: "اعرف الحقَّ تعرف أهله، إِنَّ الحق لا يُعرف بالرجال، وإنما الرجال يعرفون بالحق".
ولا يغتر بمن يستحسنه، فهو استحسان محض لا دليل عليه، بل هو استدراك على الشرع، ونظر إليه بعين النقص لا بعين الكمال، واعتقاد لعدم كماله، قال الشاطبي: "المستحسن للبدع يلزمه عادة أن يكون الشرع عنده لم يكمل بعد، فلا يكون لقوله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم) معنى يعتبر به".
والعبادات مبناها على الشرع والاتباع، لا على الرأي والهوى والابتداع، قال ابن مسعود: "اتبعوا ولا تبتدعوا، فقد كفيتم، وكل بدعة ضلالة".
والتقرب إلى الله إنما يكون بما فعله السلف، لا بما ابتدعه الخلف، كما قال حذيفة: "كل عبادة لم يتعبدها أصحاب رسول الله ﷺ، فلا تعبدوها؛ فإن الأول لم يدع للآخر مقالاً".
الكسوف والخسوف (١)
الفائدة الرابعة والأربعون
الكسوف، وإن كان يحدث وفق سنن معينة، وله أسباب معروفة عند أهل المعرفة، فهذا لا يخرجه عن كونه آية وعبرة، ليتعظ العباد، ويعتبروا، وينيبوا، ويرجعوا إلى ربهم.
وهو آية من آيات الرب، وقد أخبر تعالى أنه لا يرسل الآيات إلا تخويفاً للعباد، وتذكيراً لهم، فقال تعالى: (وما نرسل بالآيات إلا تخويفاً)، قال قتادة: "إن الله يخوف الناس بما شاء من آياته لعلهم يعتبرون ويذكرون ويرجعون".
وفي الحديث المتفق عليه: {إن الشَّمس والقمر آيتان من آيات الله، وإنهما لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكن الله يرسلهما يخوف بهما عباده}.
وما أخبر به النبي ﷺ من كون الكسوف آية من آيات الله للتخويف لا ينافي الحقيقة العلمية، وأن له أسباباً حسية لا يحدث إلا عند حصولها، والأدلة الشرعية لا تخالف الأدلة العقلية، بل يصدق بعضها بعضاً.
وطلب التفسير المادي لهذه الآيات الكونية، ومعرفة أسبابها ليس بمذموم، وإنما المذموم هو الركون إلى تفسيرها المادي، وربطها بمجرد أسبابها المادية، والغفلة عما فيها من العِظَة والذكرى، والإعراض عما فيها من التخويف من ذنوب العباد، وصرفها عما فيها الإيقاظ والاتعاظ، ونسيان الرب خالق السبب ومسببه، وأنه إذا أراد شيئاً أوجد سببه، ثم رتب عليه نتيجته ومقتضاه، والسبب لا يحدث بنفسه، ولا يستقل بالتأثير، وإنما يسير بأمر الله، ويقع أثره بتقديره.
  الفائدة الرابعة والأربعون
الكسوف، وإن كان يحدث وفق سنن معينة، وله أسباب معروفة عند أهل المعرفة، فهذا لا يخرجه عن كونه آية وعبرة، ليتعظ العباد، ويعتبروا، وينيبوا، ويرجعوا إلى ربهم.
وهو آية من آيات الرب، وقد أخبر تعالى أنه لا يرسل الآيات إلا تخويفاً للعباد، وتذكيراً لهم، فقال تعالى: (وما نرسل بالآيات إلا تخويفاً)، قال قتادة: "إن الله يخوف الناس بما شاء من آياته لعلهم يعتبرون ويذكرون ويرجعون".
وفي الحديث المتفق عليه: {إن الشَّمس والقمر آيتان من آيات الله، وإنهما لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكن الله يرسلهما يخوف بهما عباده}.
وما أخبر به النبي ﷺ من كون الكسوف آية من آيات الله للتخويف لا ينافي الحقيقة العلمية، وأن له أسباباً حسية لا يحدث إلا عند حصولها، والأدلة الشرعية لا تخالف الأدلة العقلية، بل يصدق بعضها بعضاً.
وطلب التفسير المادي لهذه الآيات الكونية، ومعرفة أسبابها ليس بمذموم، وإنما المذموم هو الركون إلى تفسيرها المادي، وربطها بمجرد أسبابها المادية، والغفلة عما فيها من العِظَة والذكرى، والإعراض عما فيها من التخويف من ذنوب العباد، وصرفها عما فيها الإيقاظ والاتعاظ، ونسيان الرب خالق السبب ومسببه، وأنه إذا أراد شيئاً أوجد سببه، ثم رتب عليه نتيجته ومقتضاه، والسبب لا يحدث بنفسه، ولا يستقل بالتأثير، وإنما يسير بأمر الله، ويقع أثره بتقديره.
الكسوف والخسوف (٢)
الفائدة الخامسة والأربعون
الكسوف آية من آيات الله الدالة على وحدانية الله، وعظيم قدرته، وقوة بأسه، وكمال حكمته، حيث إنَّه سبحانه قادرٌ على تغيير الأشياء، وتبديل الأمور، وتصريف المخلوقات مهما عظمت كيف شاء، ومن ذلك تغيير حال الشمس والقمر من الكمال والنور والوضاءة إلى النقص والسواد والظلمة، والله على كلِّ شيء قدير، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
والمحروم من تسلى بالنظر إلى هذه الآيات على أنها حدث عادي أو ظاهرة فلكية دون أن تحدث خوفاً في قلبه، وأثراً في نفسه، وتغييراً في حياته، ورجوعاً إلى ربه، ومحاسبة لنفسه، وإصلاحاً لحاله، ومراجعة لأموره، وتوبة فيما يستقبل، وقد ذم الله أقواماً، فقال: (وإذا ذكروا لا يذكرون وإذا رأوا آية يستسخرون).
فذم الله من إذا ذكر لا يتذكر، وإذا وعظ لا يتعظ، وإذا رأى آية من آيات الله سخر منها، قال قتادة: "لا ينتفعون ولا يبصرون".
والنبي ﷺ لما حدث الكسوف قام فزعاً يخشى أن تكون الساعة، وأخبر إنهما آيتان يخوف الله بهما عباده، والتخويف إنما يكون بانعقاد سبب الخوف.
  الفائدة الخامسة والأربعون
الكسوف آية من آيات الله الدالة على وحدانية الله، وعظيم قدرته، وقوة بأسه، وكمال حكمته، حيث إنَّه سبحانه قادرٌ على تغيير الأشياء، وتبديل الأمور، وتصريف المخلوقات مهما عظمت كيف شاء، ومن ذلك تغيير حال الشمس والقمر من الكمال والنور والوضاءة إلى النقص والسواد والظلمة، والله على كلِّ شيء قدير، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
والمحروم من تسلى بالنظر إلى هذه الآيات على أنها حدث عادي أو ظاهرة فلكية دون أن تحدث خوفاً في قلبه، وأثراً في نفسه، وتغييراً في حياته، ورجوعاً إلى ربه، ومحاسبة لنفسه، وإصلاحاً لحاله، ومراجعة لأموره، وتوبة فيما يستقبل، وقد ذم الله أقواماً، فقال: (وإذا ذكروا لا يذكرون وإذا رأوا آية يستسخرون).
فذم الله من إذا ذكر لا يتذكر، وإذا وعظ لا يتعظ، وإذا رأى آية من آيات الله سخر منها، قال قتادة: "لا ينتفعون ولا يبصرون".
والنبي ﷺ لما حدث الكسوف قام فزعاً يخشى أن تكون الساعة، وأخبر إنهما آيتان يخوف الله بهما عباده، والتخويف إنما يكون بانعقاد سبب الخوف.
