Telegram Web Link
/////////////
السّؤال السّادس
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كمال إسماعيل خلف الجبوري
من العراق
فضيلة الشيخ أبو عاصم السمان حفظك الله
ما حكم السبحة الالكترونيه التي تكون على شكل خاتم و سبحة الخرز هل يجوز التسبيح بهما
وجزاك الله خيرا
ـــــــــــــــــــ
الجواب : الحمد لله والصلاة والسلام على النبي وآله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
خير التسبيح ما كان على الأصابع كما كان يسبح النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة، فقد ثبت في السنة الصحيحة أنه أمر بعقد المسلم التسبيح والتهليل .. بأنامله ؛ لما رواه أحمد (25841) وأبو داود (1501) عَنْ حُمَيْضَةَ بِنْتِ يَاسِرٍ عَنْ يُسَيْرَةَ أَخْبَرَتْهَا : " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُنَّ أَنْ يُرَاعِينَ بِالتَّكْبِيرِ وَالتَّقْدِيسِ وَالتَّهْلِيلِ وَأَنْ يَعْقِدْنَ بِالْأَنَامِلِ فَإِنَّهُنَّ مَسْئُولَاتٌ مُسْتَنْطَقَاتٌ " .وحسنه الألباني في " مشكاة المصابيح " برقم : (2316) .
وعليه فلا يجوز استعمال السبحة في التسبيح لأنها ليست من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه وكل ما روي عن الصحابة من ذلك كلها أحاديث إما موضوعة أو شديدة الضعف أو ضعيفة لم يثبت صحة أحدها ولا ترتقي في مجموعها إلى تحسين أحدها ، وهذا عذر من أباحها من مشايخنا فإنهم ظنوا أنها من فعل الصحابة رضي الله عنهم بل الثابت عن الصحابة خلاف ذلك وقد حقق شيخنا الألباني رحمه الله كل طرق هذه الأحاديث وتوصل إلى ضعفها
وإن قال بجوازها بعض المتأخرين من أهل العلم كالقاضي عياض وتابعه على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى والإمام القاري في "مرقاة المصابيح" وغيرهم من المتأخرين من أهل العلم استناداً إلى الأحاديث التي ظنوا صحتها وكل طرقها ضعيفة كما سيرد معنا في هذا البحث.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (22/187) : وربما تظاهر أحدهم بوضع السجادة على منكبه وإظهار المسابح في يده وجعله من شعار الدين والصلاة . وقد علم بالنقل المتواتر أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يكن هذا شعارهم وكانوا يسبحون ويعقدون على أصابعهم كما جاء في الحديث " اعقدن بالأصابع فإنهن مسؤولات ، مستنطقات " وربما عقد أحدهم التسبيح بحصى أو نوى . والتسبيح بالمسابح من الناس من كرهه ومنهم من رخّص فيه لكن لم يقل أحد : أن التسبيح به أفضل من التسبيح بالأصابع وغيرها .ا.هـ.
وإنما قال شيخ الإسلام رحمه الله بجواز التسبيح بالحصى أو النوى ظناً منه أن الأحاديث في ذلك صحيحة حيث قال في موضع آخر :
"... وأما عده بالنوى والحصى ونحو ذلك فحسن وكان من الصحابة رضى الله عنهم من يفعل ذلك وقد رأى النبي أم المؤمنين تسبح بالحصى وأقرها على ذلك ، وروى أن أبا هريرة كان يسبح به.وأما التسبيح بما يجعل في نظام من الخرز ونحوه : فمن الناس من كرهه ، ومنهم من لم يكرهه ؛ وإذا حسنت فيه النية : فهو حسن غير مكروه .
وأما اتخاذه من غير حاجة ، أو إظهاره للناس : مثل تعليقه في العنق ، أو جعله كالسوار في اليد ، أو نحو ذلك : فهذا إما رياء للناس ، أو مظنة المراءاة ؛ ومشابهة المرائين من غير حاجة: الأول محرم ، والثاني أقل أحواله الكراهة .." انتهى من "مجموع الفتاوى" (22/506).
وتابع شيخنا ابن عثيمين رحمه الله شيخ الإسلام في ذلك ،

قال شيخنا ابن عثيمين رحمه الله حين سئل في ( اللقاء المفتوح 3/30) عن التسبيح بالمسبحة هل هي بدعة فأجاب : التسبيح بالمسبحة تركه أولى وليس ببدعة لأن له أصلا وهو تسبيح بعض الصحابة بالحصى ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم أرشد إلى أن التسبيح بالأصابع أفضل وقال " اعقدن - يخاطب النساء - بالأنامل فإنهن مستنطقات " فالتسبيح بالمسبحة ليس حراما ولا بدعة لكن تركه أولى لأن الذي يسبح بالمسبحة ترك الأولى وربما يشوب تسبيحه شيء من الرياء لأننا نشاهد بعض الناس يتقلد مسبحة فيها ألف خرزة كأنما يقول للناس : انظروني إني أسبح ألف تسبيحة ، ثالثا : أن الذي يسبح بالمسبحة في الغالب يكون غافل القلب ولهذا تجده يسبح بالمسبحة وعيونه في السماء وعلى اليمين وعلى الشمال مما يدل على غفلة قلبه فالأولى أن يسبح الإنسان بأصابعه والأولى أن يسبح باليد اليمنى دون اليسرى لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعقد التسبيح بيمينه ولو سبح بيديه جميعا فلا بأس لكن الأفضل أن يسبح بيده اليمنى فقط .ا.هـ.

وسنبين للقارئ الكريم أنه لم يثبت في ذلك حديث صحيح، وأن أقل أحوال السبحة الكراهة لأنها ليست من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا هدي أصحابه، فأين استخدامهم للسبحة المستخدمة في هذا العصر في النصوص؟

ومن تبين له ضعف الأحاديث المنسوبة إلى الصحابة فلا يجوز له متابعة القاضي عياض ولا القاري ولا شيخ الإسلام رحمهما الله على ذلك لأنهم اعتمدوا في قولهم هذا على هذه الأحاديث فإن ثبت ضعف الحديث سقط الاستدلال به في الأحكام بلا خلاف بين أهل العلم إلا إن كان هناك ما يسنده من الأدلة غير هذه الأحاديث
فمن وجد نصاً صحيحاً عن النبي والصحابة فليأتنا به لنعمل به ونقتدي بهم في ذلك
سئل شيخنا ناصر الدين الألباني رحمه الله :
السائل : هل التسبيح بالمسبحة يعتبر من البدع إذا اعتقد المسبح أنه ليس فيها زيادة أجر ولا ثواب وهل ثبت عن شيخ الإسلام ابن تيمية القول بأنها ليست بدعة ؟
الشيخ : ثبت عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن السبحة ليست بدعة لكننا لا نقول بقوله في هذه المسألة وحسبنا أننا نتابعه في أكثر آرائه واجتهادته ولكننا لا نوافقه في كل ما ذهب إليه لأنه ليس نبيا معصوما يجب علينا اتباعه في كل كبير وصغير ثم نحن لسنا تيميين ولو أردنا أن ننتسب إلى رجل غير معصوم لبقي كل فرد منا على مذهبه القديم أنا شخصيا كنت حنفيا لبقيت حنفيا وزيد كان شافعيا لبقي شافعيا لأن هؤلاء الأئمة مشهود لهم بالإمامة وبالعلم والصلاح والتقوى إلى آخره فلو كنا نريد أن نظل متبعين لإمام لوحده لبقينا على ما كنا عليه متبعين في ذلك آباءنا وأجدادنا ولكن قد هدانا الله عز وجل إلى اتباع السنة وإلى عدم إيثار شيء يخالف هذه السنة .
ابن تيمية رحمه الله ككثير ممن يذهب إلى أن السبحة ليست بدعة إنما لاحظ شيئا واحدا وهو أنه وسيلة للعد وسيلة وليس غاية ولكنه رحمه الله قد فاته شيء بل أشياء طالما ذكرتها ونبهت عليها في بعض مؤلفاتي أو تعليقاتي أول ذلك مع الاعتراف من الجميع من ابن تيمية ومن تقدمه ومن تأخر عنه أن السبحة لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما كنت حققته في المجلد الأول من سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة تحت حديث ( نعم المذكر السبحة ) ووسعت ذلك بيانا في ردي على الشيخ عبدالله الحبشي فقد ذكرت أن السبحة لم تكن معروفة في عهد الصحابة بل لم تكن معروفة في لغة العرب لأن السبحة في لغة العرب هي النافلة أما إطلاق هذا اللفظ على هذا النظام على هذه السلسلة من الحبات المختلفة الأشكال والألوان فهذا اصطلاح حادث لغة كما أن السبحة نفسها أمر حادث ديانة لقد خفي على بعض الناس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ( ما تركت شيئا يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به وما تركت شيئا يبعدكم عن الله ويقربكم إلى النار إلا ونهيتكم عنه ) فإذا كانت نظرة ابن تيمية وغيره إلى السبحة من زواية أنها وسيلة للعد ترى ألم يأت الرسول عليه السلام للناس ولم يسن لهم سنة للعد للأذكار التي أمر أمته أو رغب أمته على إحصائها وعلى عدّها لا شك أنه قد جاء ذلك بطريقتين اثنتين بقوله عليه السلام وبفعله أما قوله فقد مر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ببعض النسوة فألوى إليهن بيده للسلام وقال ( يا نساء المسلمات أذكرن الله ولا تغفلن فتنسين الرحمة واعقدن بالأنامل فإنهن مسؤولات ومستنطقات يوم القيامة ) إذا هذا أمر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعقد الذكر وعدّه وإحصائه بالأنامل ولم يكتف أنه بيّن لهم هذا الحكم الشرعي بل قرن مع البيان الحكمة ونستطيع أن نقول العلة في الأمر بعقد الذكر والتسبيح بالأنامل قال عليه السلام ( فإنهن مسؤولات ومستنطقات يوم القيامة ) يشير عليه السلام بذلك إلى قوله تعالى (( اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون )) فهذه الأنامل تكون شاهدة على صاحبها يوم القيامة بأنها ذكرت الله وسبحت الله و و إلى آخره والناس غافلون أو معرضون عن هذه السنة هذا بيان رقم واحد من الرسول بالقول وبالفعل أيضا حيث روى أبو داود بإسناده الصحيح عن عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أو عن عبدالله بن عمر بن العاص والشك مني الآن ولعل الثاني هو الأقرب إلى الصواب أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( كان يعقد التسبيح بيمينه ) أو قال ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعقد التسبيح بيمينه ) فإذا إذا نظرنا إلى السبحة من جانب أنها وسيلة للعقد ولإحصاء العدد فهذا قد جاء الرسول عليه السلام بوسيلة خير منها تشهد هذه الوسيلة لصاحبها يوم القيامة شهادة زاكية طيبة فالإعراض عن هذه السنة التي ثبتت بقوله عليه السلام وبفعله مع بيان الحكمة بتلك الشهادة الإعراض عن هذا وهذا بأن السبحة مع الاعتراف أنها لم تكن في عهد الرسول فهي وسيلة نقول الوسائل كالغايات إذا كانت الوسائل وجد المقتضي للعمل بها ثم لم يعمل بها فهل كان السلف بعد أن وجدت السبحة كانوا يضعون تسابيحهم في جيوبهم فإذا ما انتهت الصلاة أخرجوها وجلسوا يعدون الذكر المشروع تعداده بالسبحة أم كانوا يعقدون التسبيح بأيمانهم لاشك أنهم هكذا كانوا يفعلون والسبحة هي من بدع الصوفية وكفى فمع مخالفة هذه البدعة للسنة لا نرى صواب قول ابن تيمية بجواز استعمالها وكذلك من وافقه على هذا القول فإن لنا غنية عن استعمالها بما بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الوسيلة الطيبة من العقد باليمنى قولا وفعلا إلى الآن نرى مظاهر هذه السبحة أنها تقليد من بعض المسلمين قديما للنصارى فالسبحة أصلها من النصارى تسربت إلى المسلمين النصارى أخذوها من البوذيين فهي بدعة قديمة من بعض أصحاب الأديان السابقة قبل الإسلام
تسربت إلى النصارى وابتدعوها كما ابتدعوا الرهبانية وغيرها ثم تسربت من النصارى إلى المسلمين فلا نرى نحن جواز العقد بالسبحة لأنها معارضة للسنة الصحيحة بالإضافة إلى ما سبق إن السبحة تجر على أصحابها انحرافات سلوكية فنحن نجد كثيرا من المتظاهرين بالزهد وبالصلاح والتقوى يعلقونها على أعناقهم نجد بعض القراء المصريين بخاصة يلف السبحة في معصمه ويرفع يده هكذا يقرأ القرآن تجده يفعل هكذا مرة وهكذا مرة ويلوح بها هكذا أشكال وألوان مما يدخل في الرياء وأنا أعرف بعض المشايخ في دمشق الشام كان يتظاهر بأنه ورع وتقي ومن ذلك أنه يدخل يده في جيب جبته والسبحة بيده والسبحة في يده لا يظهرها بل قد أخفاها بالجبة فإذا مر به المار وسلم عليه وإذا به يعمل هكذا وعليكم السلام طاحت السبحة في الهواء ما كان خافيا صار ظاهرا هذا ورع بارد وتكلف أبرد لماذا هذا كله ذلك من تسويل الشيطان لبني الإنسان ومصداق ذلك قوله عليه السلام ( خير الهدى هدى محمد ) فهل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بالسبحة إن من ضلال العامة أنهم يقولون إن الرسول عليه السلام لما مات خلّف كذا وكذا ومن جملة ما خلف السّبحة هذا من ضلالهم فكل هذه المفاسد تترتب من وراء الإعراض عن السنة والتمسك بالبدعة باختصار أقول إن النظر إلى السبحة كوسيلة فقط مع معارضة ذلك للوسيلة المشروعة وهي العقد بالأنامل فإنه يترتب من وراء استعمال السبحة مفاسد سلوكية كثيرة تفسد النوايا السليمة ولذلك فلا نرى جواز استعمال السبحة تفضل . انتهى كلامه رحمه الله . المصدر:https://www.alathar.net/home/esound/index.php?op=codevi&coid=88853

أبوعاصم السمان
/////////////////
السّؤال السّابع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخنا ابو عاصم السمان حفظه الله
أخوك خالدعباس من مصر
سؤالى شباب مغتربين داخل مصر فى عمل يعنى هم من الصعيد ويعلمون فى القاهرة
يصلون الفجر جماعة داخل مسكنهم فهل يحل لهم هذا بحكم أنهم على سفر فقد سألوا أحد مشايخنا فأجاز لهم هذا بحكم أنهم على سفر يرحلون عن بلادهم وهم أقرب ما يكون من مدة محددة شهر أو أكثر أو أقل حسب توافر المال لديهم أو تنظيم الاجازات داخل العمل للعودة إلى بلادهم ، فما الحكم تفصيلا فى هذه المسألة ، وجزاكم الله خيرا
ـــــــــــــــــــــ
الجواب : الحمد لله والصلاة والسلام على النبي وآله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
إذا كان هؤلاء الشباب يسمعون النداء في المسجد، والمسجد قريب منهم وليس بعيداً بحيث لا تلحقهم المشقة في الصلاة مع الجماعة لبعد المسافة فيجب عليهم صلاة الجماعة في المسجد مع المسلمين ولا تسقط عنهم الجماعة لما ذكرت من الأعذار
لحديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من سمعَ النِّداءَ فلم يأتِهِ فلا صلاةَ لَه إلَّا من عُذرٍ) أخرجه أبو داود (551) مطولاً، وابن ماجه (793) واللفظ له وصححه شيخنا الألباني رحمه الله في صحيح ابن ماجه (652)
ووجه الدلالة من الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: "مَن سمِعَ النِّداءَ"، أي: الأذانَ للصَّلاةِ والإعلامِ بدُخولِ وقتِها، "فلم يأْتِه"، أي: فلم يذهَبْ للصَّلاةِ في الجماعةِ مع عدَمِ وُجودِ عُذْرٍ شرعيٍّ، "فلا صلاةَ له إلَّا مِن عُذْرٍ" والعُذْرُ الشَّرعيُّ هو المانِعُ عن الذَّهابِ للصَّلاةِ؛ مِثل المرضِ، وعندَ أبي داودَ: "قالوا: وما العُذْرُ؟ قال: خوفٌ أو مَرَضٌ" فبيَّنَ العُذْرَ المقصودَ.

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قالَ: أَتَى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ رَجُلٌ أَعْمَى، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّه ليسَ لي قَائِدٌ يَقُودُنِي إلى المَسْجِدِ، فَسَأَلَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَنْ يُرَخِّصَ له، فيُصَلِّيَ في بَيْتِهِ، فَرَخَّصَ له، فَلَمَّا وَلَّى، دَعَاهُ، فَقالَ: هلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بالصَّلَاةِ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فأجِبْ). أخرجه مسلم (563)

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ، فَيُحْطَبَ، ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلاَةِ، فَيُؤَذَّنَ لَهَا، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ، ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ، أَنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا سَمِينًا، أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ، لَشَهِدَ العِشَاءَ .(أخرجه البخاري (644)، ومسلم (651)

ولو فتح هذا الباب وصلى كل جماعة في بيتهم لهجرت المساجد التي بنيت لذكر لله وإقامة شعيرة الصلاة التي هي الركن الثاني من أركان الإسلام الظاهرة،
ولا يسري على من ذكرت أحكام الجمع والقصر للمسافر فمن سافر ليقيم في بلد ليعمل فيها أو سافر للدراسة مثلا وله سكن في بلد السفر وله زاد مثله مثل المقيم، لا يسمى مسافر عرفاً بل هو في حكم المقيم كالطلاب المبتعثين للدراسة في الخارج أو الذين يسافرون من محافظة إلى محافظة ويسكنون في المدينة الجامعية أو في سكن خاص للعمل فهؤلاء يأخذون حكم المقيم ، ويطلق على هؤلاء أن لهم موطني إقامة فيقصرون ويجمعون وقت السفر بين المدينتين وإن أقاموا في أحد البلدين أتموا ولم يجمعوا ولم يقصروا ويصلوا النوافل كالمقيم ، مثل من سافر للعمل في السعودية مثلاً فبعض من نعرفهم معنا في الرياض لا يصلي مع الجماعة ويقصر الصلاة في بيته وقد يجمع بين الصلاتين وهو على هذا الحال منذ ما يزيد عن ثلاثين سنة ، وهذا خطأ فهو مقيم وتستخرج له رخصة إقامة، ومثلهم المقيمون في مخيمات اللاجئين فهؤلاء يتمون الصلاة ويصلون مع المسلمين إن سمعوا الأذان حتى يأذن الله لهم بالفرج لأنهم والحال هكذا لا يسمون مسافرين عرفاً.
أبوعاصم السمان
////////////////////
السّؤال الثّامن
السلام عليكم شيخنا ابا عاصم السمان
عطوي صلاح الدين من الجزائر
هل صحت هذه الفتوى عن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله؟؟؟

🔊 حكم قول اللهم بلغنا رمضان لا فاقدين ولا مفقودين⚠️
قال العلامة ابن العثيمين رَحِمَهُ اللّٰهُ ؛
▫️السؤال : ما حكم قول : اللـهم بلّـغنا رمـضان لافاقـدين وﻻ مفقـودين
📃الجواب ؛
إن كان القصد بقاء العمر لصيام رمضان بأكمله فالأولى أن يدعو بـ اللهـم سـلّمنا لرمـضان وسـلّم رمـضان لنا وتسلّمه منا متقبلًا يا رب العالمين .
👈🏻وعـبارة ﻻفاقدين ولا مفقودين لا تجوز لأن فيها تعدّي على حكم اللّٰه والموت حق على العباد ،وهي عـبارة مـا سمعنا بـها عـند السلف وﻻ في الأثـر وكأن الإنسان يرفـض أن يموت أو يموت أحد يُـحبّه.📕📒مجـموع الفـتاوى٢٠

ـــــــــــــــــــ
الجواب : الحمد لله والصلاة والسلام على النبي وآله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
لا أدري عن صحة نسبة هذه الفتوى لشيخنا ابن عثيمين ولم أجدها في كتبه ولا في موقعه
وقد ورد دعاء اللهم بلغنا رمضان في حديث (اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان) لكن الحديث ضعيف لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ضعفه النووي في "الأذكار" (ص189)، وابن رجب في "لطائف المعارف" (ص121) وكذا ضعفه شيخنا الألباني في "ضعيف الجامع" (4395)، وقال الهيثمي:" رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَفِيهِ زَائِدَةُ بْنُ أَبِي الرُّقَادِ قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَجَهَّلَهُ جَمَاعَةٌ ". "مجمع الزوائد" (2/ 165).

والدعاء الوارد في الفتوى المنسوبة لشيخنا ابن عثيمين رحمه الله وهو اللهـم سـلّمنا لرمـضان وسـلّم رمـضان لنا وتسلّمه منا متقبلًا يا رب العالمين فقد ورد أيضاً في أحاديث ضعيفة لم يصح منها طريق عن النبي صلى الله عليه وسلم لكن صح عن أحد التابعين وهو مَكْحُولٍ: "أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ: اللَّهُمَّ سَلِّمْنِي لِرَمَضَانَ، وَسَلِّمْ رَمَضَانَ لِي، وَتَسَلَّمْهُ مِنِّي مُتَقَبَّلًا ".رواه الطبراني في "الدعاء" (913)

أما قول "اللـهم بلّـغنا رمـضان لافاقـدين وﻻ مفقـودين فهو دعاء وليس اعتراضاً على الموت فمن قاله على سبيل ـالدعاء من غير اعتقاد أنه سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا بأس به وتركه أولى وخاصة عبارة لا فاقدين ولا مفقودين لأنها لا أصل لها من جهة وقد توهم معنى فاسداً يتعلق بسنن الله الكونية الماضية فلا يمكن أن يأتي رمضان وليس فيه مفقودين لأن الله سبحانه كتب الموت على ابن آدم ولا يمكن أن يخلو رمضان من الموت
ودعاء اللهم بلغنا رمضان يكفي ويدخل في عموم جواز الدعاء الذي هو مشروع ، أن يدعو المسلم بخيري الدنيا والآخرة ، وليس شرطاً في صحة الدعاء أن يكون بالمأثور وإن كان المأثور هو الأولى والأفضل لكن أي دعاء ليس فيه إثم ولا تعد ولا قطيعة رحم يدخل تحت عموم قول الله تعالى { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (60)
وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يَزَالُ يُسْتَجَابُ للعبدِ ما لم يَدْعُ بإثمٍ أو قَطِيعةِ رَحِمٍ ، ما لم يَسْتَعْجِلْ ، يقولُ : قد دَعَوْتُ وقد دَعَوْتُ فلم يُسْتَجَبْ لي ، فيَسْتَحْسِرُ عند ذلك ، ويَدَعُ الدعاءَ) أخرجه مسلم (2735)
ويدخل أيضاً تحت عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة بعد التشهد في حديث ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعاً: "ثم يتخير من الدعاء ما شاء" رواه مسلم، وفي لفظ: "ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو به" رواه البخاري والأفضل والأولى أن يكون بما ورد لكن لو لم يحفظه ودعا بغير المأثور فلا بأس
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله:
"قال معلى بن الفضل: كانوا يدعون الله تعالى ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ويدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم. وقال يحيى بن أبي كثير: كان من دعائهم: اللهم سلمني إلى رمضان، وسلم لي رمضان وتسلمه مني، متقبلا." انتهى من "لطائف المعارف" (ص 148)
ولكن قال ابن حجر في لسان الميزان في ترجمة معلى بن الفضل : قال ابن عَدِي: في بعض ما يرويه نكرة. وذَكَره ابن حِبَّان في الثقات وقال: يعتبر بحديثه من غير رواية الكديمي عنه.
فإن دعا المسلم بأن يبلغه الله عز وجل ومن يحب رمضان، وأن يوفقه وأهله وأحبابه لصيامه وقيامه، وأن يوفقهم لإدراك ليلة القدر، فيدعو أدعية مطلقة فهذا لا بأس به لكن الأولى ألا يداوم على ذلك بل يدعو بالأدعية المأثورة
ومن الأدعية الثابتة عند رؤية الهلال ودخول الشهر:
عن طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه-: (أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا رَأَى الهِلَالَ قَالَ: اللَّهُمَّ أهله عَلَيْنَا ‌بِاليُمْنِ ‌وَالإِيمَانِ، وَالسَّلَامَةِ وَالإِسْلَامِ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ).[أخرجه الترمذي (3451) وصححه شيخنا الألباني في صحيح الترمذي ]
وسئل فضيلة شيخنا عبدالعزيز آل الشيخ المفتي العام
سؤال: هل عبارة: اللهم بلغنا رمضان لا فاقدين ولا مفقودين ـ فيه تعد بالدعاء على الله؟
فأجاب سماحته: الدعاء ببلوغ رمضان ليس فيه شيء، وكان السلف الصالح يدعون بذلك، وأما: لا فاقدين ولا مفقودين ـ فتركه أحسن."
أبوعاصم السمان
/////////////////
السّؤال التّاسع
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته شيخنا ابو عاصم السمان عماد خضراوي من الجزائر
شخص يمنعه والده من حضور حلقات العلم مع الاخوة السلفين و يهجره اذا علم انه يحضرها
هل يستجيب للوالد ويكتفي بالتعلم بالهاتف ام يعصه و يقطع والده علاقته به ويصعب حين ذاك بره للوالد مع الوالدة التي تقيم معه .
جزاكم الله خيرا
ــــــــــــــــــــــ
الجواب : الحمد لله والصلاة والسلام على النبي وآله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
يطيع والديه لأن طاعة الوالدين من طاعة الله، وبرهما من الفرائض، وعقوقهما من الكبائر، ويطلب العلم بالهاتف، فيجمع بين الحسنيين، فقد رد النبي صلى الله عليه وسلم الشاب الذي ترك والديه يبكيان وجاء ليبايع النبي صلى الله عليه وسلم على الهجرة فأمره بطاعة والديه
عن عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو رَضِيَ اللهُ عنه، قال: جاء رجُلٌ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: جِئْتُ أُبايعُكَ على الهجرةِ، وترَكْتُ أَبَوَيَّ يبكيانِ، فقال: (ارجِعْ إليهما؛ فأَضْحِكْهما كما أبكَيْتَهما). أخرجه أبو داود (2528) وصححه شيخنا الألباني في صحيح أبي داود

وعن أبي سعيد الخدري أنَّ رجلًا هاجرَ إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ منَ اليمَنِ فقالَ : (هل لَكَ أحدٌ باليمَنِ ؟) ، قالَ : أبوايَ ، قالَ : (أذنا لَكَ ؟) قالَ : لا ، قالَ : (ارجِع إليهما فاستأْذِنْهما ، فإن أذنا لَكَ فجاهِدْ ، وإلَّا فبرَّهُما) . أخرجه أبو داود (2530) وصححه شيخنا في صحيح أبي داود
فطالما كان الجهاد أو طلب العلم فرض كفاية ولم يتعين عليه ولم يصبح فرض عين يقدم طاعة والديه إلا إن أمره الإمام فحينئذ يصير فرض عين عليه
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي ﷺ أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال: ( الصلاة على وقتها)، وقال: قلت: ثم أي؟ قال : (بر الوالدين)، قلت: ثم أي؟ قال) : الجهاد في سبيل الله) متفق عليه.
فقدم النبي صلى الله عليه وسلم بر الوالدين على الجهاد في سبيل الله إن كان الجهاد فرض كفاية كما تقدم وطلب العلم مثل الجهاد فرض كفاية إلى فيما تصح به عباداتك فطلب علم ما تصح به عبادتك كالصلاة والصيام هذا فرض عين أما ما زاد على ذلك من العلم فهو فرض كفاية
قال الله تعالى: ( وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ، وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) لقمان (14 – 15).

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى:" ( وَلِوَالِدَيْكَ ) بالإحسان إليهما بالقول اللين، والكلام اللطيف، والفعل الجميل، والتواضع لهما، وإكرامهما وإجلالهما، والقيام بمئونتهما ، واجتناب الإساءة إليهما من كل وجه، بالقول والفعل " انتهى، من "تفسير السعدي" (649).
قالَ أبو الدَّرداءِ سمعتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ (الوالدُ أوسَطُ أبوابِ الجنَّةِ فحافِظ علَى والديكَ أوِ اترُكْ) صحيح ابن ماجه للألباني 1712
قال الإمام أحمد : إذا رأى أباه على أمر يكرهه يعلمه بغير عنف ولا إساءة, ولا يغلظ له في الكلام، وإلا تركه، وليس الأب كالأجنبي. انتهى. من الآداب الشرعية لابن مفلح
وقال ابن عابدين الحنفي : إذا رأى منكرا من والديه يأمرهما مرة، فإن قبلا فبها، وإن كرها سكت عنهما، واشتغل بالدعاء والاستغفار لهما، فإن الله تعالى يكفيه ما أهمه من أمرهما . انتهى.من حاشية ابن عابدين (رد المحتار) (4/ 78).
فيجب عليك طاعتهما وإن أمراك بخلاف ما يأمر به الشرع لا تجب طاعتهما لأن الطاعة في المعروف ولا طاعة للمخلوق في معصية الخالق لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا طاعة في معصية إنما الطاعة في المعروف ) رواه البخاري (7257) ومسلم (1840)، وقوله : ( لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ) رواه أحمد (1098).
أبوعاصم السمان
//////////////////
السّؤال العاشر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شيخنا أبا عاصم السمان أخوكم عابد بودربالة من الجزائر ماهي الطريقة في معاملة الذين يسبون الله وما حكم الذي لا يكفر من يسب الله
ــــــــــــــــــــــــ
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على النبي وآله وصحبه ومن والاه، أما بعد،
يجب الإنكار على من سب الله أو دينه أو رسوله باللسان فتنتظر حتى يهدأ من غضبه وتعظه وتبين له الحكم إن كان عندك علم وإلا فتنكر قدر الوسع والطاقة وإقامة الحجة على ضلاله فتقول نعوذ بالله من سب الله، فإن سب الله كفر أكبر مخرج من الملة يجب على من وقع فيه أن يتوب ويغتسل ويشهد الشهادتين من جديد إن كنت تقدر على ذلك من غير وقوع فتنة ، فإن لم تستطع الإنكار بلسانك كرهت منكره بقلبك وهجرته إن نصحته فلم ينتصح
فسب الله كفر باتفاق أهل السنة والغضب لله محمود والغيرة على الله ودينه ورسوله والحب في الله والبغض في الله ، من أوثق عرى الإيمان ومن أعظم شُعَبِهِ.

فالمؤمن يَبغَض الكافر من كل وجه ويُحِبُ المؤمنَ من وجه على قدر ما عنده من الطاعات ويَبغَضه من وجه على قدر ما عنده من البدع والمعاصي.

وكذلك سب دين الله أو الاستهزاء بالدين أو بالله أو بالرسول ففاعل ذلك مجرم كما وصفه رب العالمين ، فلاشك أن من سب الله أو دينه أو رسوله أو سب مؤمناً لدينه سواء كان جاداً أو هازلاً فهذا يكفر كفراً أكبراً ويعد مرتداً لارتكابه أعظم ناقض من نواقض الإسلام ، إلا في حالة خاصة وهي أن يغضب غضباً يوصله إلى حد من فقد عقله فأصبح يهذي بما لا يدري حتى أنه إذا أفاق فَذُكِّر بما قال لم يتذكر وإن علم بما قاله ندم واستغفر وتاب وأناب، فهذا له حكم خاص أنه لا يكفر لأن الغضب صيره في حكم المجنون الذي سقط عنه التكليف في هذه الحال ومثل هذا الغضبان لا ينصح وقت غضبه لأنه قد يتعدى على الناصح ويزيد في السب.

ونقول لمن يتهاون في هذا الناقض للإسلام ويتساهل هل يستطيع أن يسب رئيس قسم الشرطة في وجهه وهو في قبضته ثم يقول له أنا لم أكن أقصد الإساءة إليك، لا يجرؤ أن يفعل ذلك لأنه يعلم أن رئيس الشرطة سيوقع به العقوبة، فيجبن أن يسب مخلوقاً مثله ثم يتجرأ على سب الله خالقه الذي بيده حياته وموته ورزقه ، هذا الفعل لا يصدر إلا من رجل خلا قلبه من الإيمان بالله وعظمته وقدرته وألوهيته واستحقاقه للعبادة والحب والتعظيم

فسب الله من أعظم الكبائر ومن أعظم المنكرات، ولا يخفى حكمه على من عاش في أوساط المسلمين ، فمن سب دين الله او الله او الرسول يصير مرتدًا عن الإسلام كافرًا يستتاب، فإن تاب وإلا قتل من جهة ولي الأمر في البلد،

وقال بعض أهل العلم: إنه لا يستتاب بل يقتل من قبل ولي الامر بدون استتابة؛ لأن جريمته عظيمة ولكن الأرجح أنه يستتاب من هذا الكفر ويؤمر بالدخول في الإسلام ويعزر على فعله بما يراه ولي الأمر من العقوبة المناسبة والرادعة له ولغيره عن الجرأة على سب الله أو دينه ، فينبغي أن يعزر بالجلد أو السجن أو بهما معاً حتى لا يعود لمثل هذا، وهكذا الاستهزاء بالله أو برسوله أو بالجنة أو بالنار أو بأوامر الله كالصلاة والزكاة، فالاستهزاء بهذه الأمور من نواقض الإسلام، قال الله سبحانه: قوله تعالى: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ﴾ [التوبة: 65، 66].
وقال ابن كثير: عن عبدالله بن عمر قال: قال رجل في غزوة تبوك في مجلسه: ما رأيت مثل قرائنا هؤلاء، أرغب بطونًا، ولا أكذب ألسنًا، ولا أجبن عند اللقاء، فقال رجل في المسجد: كذبت، ولكنك منافق، لأُخبرن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فبلغ ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونزل القرآن.
قال عبدالله بن عمر: وأنا رأيته متعلقًا بحقب ناقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تنكبه الحجارة وهو يقول: يا رسول الله، إنما كنا نخوض ونلعب، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون، لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم).

ولذلك نقل الإجماع على كفر الساب للدين عن كثير من أهل العلم
قال إسحاق بن راهوية رحمه الله: " قد أجمع العلماء على أن من سب الله عز وجل ، أو سب رسوله صلى الله عليه وسلم، أو دفع شيئا أنزله الله، أو قتل نبيا من أنبياء الله، وهو مع ذلك مقر بما أنزل الله أنه كافر" "الصارم المسلول"، (ص/9) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إنَّ من سبَّ الله أو سبَّ رسوله كفر ظاهراً وباطناً، سواءً كان السابُّ يعتقد أَنَّ ذلك محرَّم، أو كان مستحلًّا له، أو كان ذاهلاً عن اعتقاده، هذا مذهب الفقهاء وسائر أهل السنَّة القائلين بأنَّ الإيمانَ قولٌ وعمل " الصارم المسلول على شاتم الرسول لابن تيمية- 3/955
وقال ابن مفلح في " المبدع " (7/ 488):
" وَتَوْبَةُ الْمُرْتَدِّ وَكُلِّ كَافِرٍ : إِسْلَامُهُ، وَهُوَ أَنْ يَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ" انتهى .
فيجب على من سب الدين أن يتوب إلى الله توبة نصوحاً وينطق الشهادتين ليدخل الإسلام من جديد بعد خروجه منه بالردة

قال ابن قدامة: "إذَا ثَبَتَتْ رِدَّتُهُ بِالْبَيِّنَةِ ، أَوْ غَيْرِهَا ، فَشَهِدَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ : لَمْ يُكْشَفْ عَنْ صِحَّةِ مَا شُهِدَ عَلَيْهِ بِهِ ، وَخُلِّيَ سَبِيلُهُ ، وَلَا يُكَلَّفُ الْإِقْرَارَ بِمَا نُسِبَ إلَيْهِ ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا : لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ . فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . "المغني" (12/286- 289)

ومن المهم في هذا المقام التفريق بين سب " دين الإسلام" ، وسب " دين الشخص " ، فالأول كفر بلا خلاف .
وأما الثاني ، وهو سب " دين الإنسان " فمحتمل ، لأن الساب قد يقصد بهذا القول دين الإسلام ، فيكون كافراً ، وقد يقصد به : حال الشخص المعين ، وطريقته في التدين ، وما هو عليه من الخُلق ونحو ذلك ، وقد لا يقصد شيئا من ذلك أصلا ، وإنما هي كلمة ووصلة في كلام الجهال والسفهاء ، يتوصلون بها لتحقيق السب ، وتأكيده فلا يكفر الساب بشيء من ذلك .
وهذه حال كثير من العامة في البلدان ، أو أكثرهم .

جاء في " فتاوى البرزلي ": " نَزَلَتْ مَسْأَلَةٌ وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَزْدَرِي الصَّلَاةَ وَرُبَّمَا ازْدَرَى الْمُصَلِّينَ ، وَشَهِدَ عَلَيْهِ مَلَأٌ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ ... فَمَنْ حَمَلَهُ عَلَى الِازْدِرَاءِ بِالْمُصَلِّينَ لِقِلَّةِ اعْتِقَادِهِ فِيهِمْ : فَهُوَ مِنْ سِبَابِ الْمُسْلِمِ ، فَيَلْزَمُهُ الْأَدَبُ عَلَى قَدْرِ اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ ، وَمَنْ يَحْمِلْهُ عَلَى ازْدِرَاءِ الْعِبَادَةِ ، فَالْأَصْوَبُ أَنَّهُ رِدَّةٌ ا هـ .
قال شيخ المالكية في وقته : "الشيخ عليش " معلقاً : " قُلْت : يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا : الْحُكْمُ فِيمَنْ سَبَّ الدِّينَ ، أَوْ الْمِلَّةَ ، أَوْ الْمَذْهَبَ ، وَهُوَ يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ بَعْضِ سَفِلَةِ الْعَوَّام كَالْحَمَّارَةِ وَالْجَمَّالَةِ وَالْخَدَّامِينَ ، وَرُبَّمَا وَقَعَ مِنْ غَيْرِهِمْ .وَذَلِكَ أَنَّهُ : إنْ قَصَدَ الشَّرِيعَةَ الْمُطَهَّرَةَ ، وَالْأَحْكَامَ الَّتِي شَرَّعَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِعِبَادِهِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم : فَهُوَ كَافِرٌ قَطْعًا .
ثُمَّ إنْ أَظْهَرَ ذَلِكَ فَهُوَ مُرْتَدٌّ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَإِنْ لَمْ يُظْهِرْهُ فَهُوَ زِنْدِيقٌ يُقْتَلُ وَلَوْ تَابَ .
وَإِنْ قَصَدَ حَالَةَ شَخْصٍ وَتَدَيُّنَهُ : فَهُوَ سَبُّ الْمُسْلِمِ ؛ فَفِيهِ الْأَدَبُ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ .
وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْقَصْدَيْنِ : بِالْإِقْرَارِ ، وَالْقَرَائِنِ .وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُ الْقَصْدَ الثَّانِيَ كَالْأَوَّلِ فِي الْحُكْمِ " .
انتهى من " فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك" (5/252) .
ومن رأى من يسب الدين فعليه تغيير المنكر والنصيحة ببيان الحكم الشرعي في حكم الساب للدين فيجب عليه تذكيره بوجوب الرجوع إلى الإسلام ، وأنه إذا رجع وتاب تاب الله عليه فإن استجاب فقد أحسن ، وإن لم يستجب فلا يحل لك البقاء معه وهو يسب الدين فإن نصح وأصر أو عاد إلى سب الدين فلا شك أن مثل هذا يجب هجره والتحذير منه ولا يؤاكل ولا يشارب ولايصاحب ، وإن استطاع الإشهاد عليه ورفع أمره للقضاء إن أصر على ذلك حتى ينتهي ويكون عبرة لأمثاله فهذا الأولى والأفضل ، فيجب علينا أن نغار على ربنا وديننا ورسولنا، فحتى القوانين الوضعية تجرم سب الذات الإلهية وسب الدين وازدرائه فلا ينبغي التهاون مع مثل هؤلاء.
قال علماء اللجنة :
" سب الدين - والعياذ بالله - كفر بواح بالنص والإجماع ؛ لقوله سبحانه : ( أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) الآية ، وما ورد في معناها ، ويجب أن ينصح وينكر عليه ذلك ، فإن استجاب فالحمد لله ، وإلا فلا يجوز أن يبدأ من يسب الدين بالسلام ، ولا يرد عليه إن بدأ ، ولا تجاب دعوته ، ويجب هجره هجرا كاملا حتى يتوب أو ينفذ فيه حكم الله بالقتل من جهة ولي الأمر ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من بدل دينه فاقتلوه ) خرجه البخاري في صحيحه (3017) " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (2/12) .

ويقول شيخنا ابن عثيمين رحمه الله :
" إن الإنسان إذا تاب من أي ذنب ولو كان ذلك سب الدين فإن توبته تقبل إذا استوفت الشروط التي ذكرناها ، ولكن ليعلم أن الكلمة قد تكون كفراً وردة ولكن المتكلم بها قد لا يكفر بها لوجود مانع يمنع من الحكم بكفره ، فهذا الرجل الذي ذكر عن نفسه أنه سب الدين في حال غضب نقول له : إن كان غضبك شديداً بحيث لا تدري ما تقول ولا تدري حينئذ أنت في سماء أم في أرض وتكلمت بكلام لا تستحضره ولا تعرفه فإن هذا الكلام لا حكم له ولا يحكم عليك بالردة ؛ لأنه كلام حصل عن غير إرادة وقصد ، وكل كلام حصل عن غير إرادة وقصد فإن الله سبحانه وتعالى لا يؤاخذ به يقول الله تعالى في الأيمان (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) " انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (24/2) .
ومن لم يكفر ساب الله إن كان جاهلاً يعلم بهذه النصوص وتقام عليه الحجة فإن أصر على أن سب الله ليس بكفر فيلحق بالكافر، لكن هذه المسألة دقيقة فلا تأتي لعامي لا يعرف شيئاً وهو لا يظن فيك العلم فتقيم عليه الحجة وهو يراك لست من أهل العلم فلا يسمع لكلامك أصلاً ولا لما معك من العلم فمثل هذا يترك ويهجر ولا يناظر ولا يجادل حتى وإن كنت تعتقد كفره لأن التكفير يترتب عليه أحكام قضائية كالاستتابة والقتل فالأفضل رفع أمره للقضاء لينظر فيه
أبوعاصم السمان
///////////////////
السّؤال الأوّل
السلام عليكم شيخنا أبا عاصم السمان
محمد الزيني من مصر
ما هي الأذكار الصحيحة التي تقال بعد صلاة الجماعة
و هل هناك كتاب ينصح بقراءته و يشمل الأذكار النبوية بصفة عامة
ـــــــــــــــــــــ
الجواب : الحمد لله والصلاة والسلام على النبي وآله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
من كتب الأذكار : كتاب الأذكار من كلام سيد الأبرار للنووي، وكتاب الوابل الصيب من الكلم الطيب لابن القيم بتحقيق شيخنا الألباني
أما الأذكار الصحيحة الثابتة في السنة بعد الصلاة :
أوَّلًا: الاستغفار ثلاثاً ثم يقول : اللهمَّ أنتَ السَّلامُ، ومنك السَّلامُ، تبارَكْتَ يا ذا الجلالِ والإكرامِ.
عن ثوبانَ رضيَ اللهُ عنه مولَى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: "كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا انصرَفَ مِن صلاتِه، استغفَرَ ثلاثًا، وقال: اللهمَّ أنتَ السَّلامُ، ومنك السَّلامُ، تبارَكْتَ يا ذا الجلالِ والإكرامِ " أخرجه مسلم (591).
ثانيًا: عن المُغيرةِ بنِ شُعبةَ رضيَ اللهُ عنه، قال: (إنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يقولُ في دُبُرِ كلِّ صلاةٍ مكتوبةٍ: لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، له المُلكُ، وله الحمدُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، اللهمَّ لا مانعَ لِما أعطَيْتَ، ولا مُعْطيَ لِما منَعْتَ، ولا ينفَعُ ذا الجَدِّ منك الجَدُّ) أخرجه البخاري (844)، ومسلم (593)

ثالثًا: عن عبدِ اللهِ بنِ الزُّبَيرِ رضيَ اللهُ عنه: ((أنَّه كان يقولُ في دُبُرِ كلِّ صلاةٍ حين يُسلِّمُ: لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، له المُلكُ وله الحمدُ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، لا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ، لا إلهَ إلَّا اللهُ، ولا نعبُدُ إلَّا إياهُ، له النِّعمةُ وله الفضلُ، وله الثَّناءُ الحسَنُ، لا إلهَ إلَّا اللهُ مُخلِصينَ له الدِّينَ ولو كرِهَ الكافرونَ، وقال: كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُهلِّلُ بهنَّ دُبُرَ كلِّ صلاةٍ )
رابعًا: التَّسبيحُ والتَّحميدُ والتَّكبيرُ،
1- التَّسبيحُ والتَّحميدُ والتَّكبيرُ بعدَ الصَّلاة
عن أبي هريرةَ، عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:(من سَبَّحَ اللهَ في دبُرِ كُلِّ صلاةٍ ثلاثًا وثلاثينَ، وحَمِدَ الله ثلاثًا وثلاثينَ، وكبَّرَ اللهَ ثلاثًا وثلاثينَ، فتلك تسِعةٌ وتسعونَ، وقال تمامَ المائةِ: لا إلهَ إلَّا الله وحدَه لا شريكَ له، له الملكُ وله الحمدُ، وهو على كلِّ شَيءٍ قَديرٌ، غُفِرَت خطاياه وإن كانت مِثلَ زَبَدِ البَحرِ) أخرجه مسلم (597).

خامساً :قراء آية الكرسي
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ ) .أخرجه النسائي في " السنن الكبرى " (9848) ، وابن السني في " عمل اليوم والليلة " (124) من طريق محمد بن حمير به . قال ابن كثير : " إسناده على شرط البخاري " " تفسير القرآن العظيم " (1/677) . وصححه الألباني في " صحيح الجامع " (6464) .
وقال ابن القيم :
" وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ حَدِيثِ أبي أمامة ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، وَفِيهَا كُلِّهَا ضَعْفٌ ، وَلَكِنْ إِذَا انْضَمَّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ مَعَ تَبَايُنِ طُرُقِهَا وَاخْتِلَافِ مَخَارِجِهَا ، دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ لَهُ أَصْلٌ وَلَيْسَ بِمَوْضُوعٍ .وَبَلَغَنِي عَنْ شَيْخِنَا أبي العباس ابن تيمية قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ أَنَّهُ قَالَ : مَا تَرَكْتُهَا عَقِيبَ كُلِّ صَلَاةٍ " انتهى من " زاد المعاد " (1/ 294) .

سادساً : قراءة المعوذات
عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : ( أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، أَنْ أَقْرَأَ بِالْمُعَوِّذَاتِ ، فِي دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ ) أخرجه أحمد في "المسند" (4/155) وأبو داود في "السنن" (1523) ، والنسائي في "السنن" (رقم/1336) ، وصححه الحاكم وقال : على شرط مسلم . وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما ، والألباني في صحيح أبي داود
والمعوذات يحتمل أن تكون المعوذتين مع سورة الإخلاص ويحتمل أن تكون المعوذتين فقط وما رجحه الحافظ ابن حجر هو أن المعوذات تطلق على المعوذتين والإخلاص تغليباً
واستدل بحديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قالَ لي رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ قل قلتُ وما أقولُ (قالَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ فقرأَهنَّ رسولُ اللَّهِ ثمَّ قالَ لم يتعوَّذِ النَّاسُ بمثلِهنَّ أو لا يتعوَّذُ النَّاسُ بمثلِهنَّ) أخرجه النسائي وصححه شيخنا الألباني في صحيح النسائي (5446)

أبوعاصم السمان
////////////////////
السّؤال الثّاني
السلام عليكم
شيخنا ابو عاصم السمان
معك عبدالسلام عارف اللهيبي من العراق
عندنا جمعية لأهل الميت لكي نعينهم ببعض المال وهذا الجمع ع كل رجل من كل بيت. مبلغ ثابت ويجمع عند كل مصيبة جنبنا الله وإياكم المصائب. مع العلم ان الغاية من هذه الجمعية هي اعانة أهل الميت في تقديم الماء والشاي والاكل لمن يبقى عندهم طيلة فترة العزاء. وجزاكم الله خيراً
ــــــــــــــــــــــ
الجواب : الحمد لله والصلاة والسلام على النبي وآله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
لا يجوز المشاركة في مثل هذه الجمعية لأن هذا مخالف للسنة فالسنة أن يصنع الجيران والأٌقارب لأهل الميت طعاماً لمواساتهم في مصيبتهم، لا أن يصنع الطعام والشاي للمعزين ،
كما هي السنة في حديث عبدالله بن جعفر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:(اصْنَعُوا لآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا فَإِنَّهُ قَدْ أَتَاهُمْ أَمْرٌ شَغَلَهُمْ) أخرجه الإمام أحمد (1/175)، والترمذي (998) وحسنه شيخنا الألباني في أحكام الجنائز (ص:211).
قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله تعالى : إنما المستحب إذا مات الميت أن يُصنع لأهله طعاماً، كما قال - صلى الله عليه وسلم - لما جاء نعي جعفر بن أبي طالب- رضي الله عنه -:« اصْنَعُوا لآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا فَإِنَّهُ قَدْ أَتَاهُمْ أَمْرٌ شَغَلَهُمْ» مجموع الفتاوى (24/316).

ومن الصور الممنوعة في التعزية: اجتماع المعزين في البيت ويَصنَع لهم أهل الميت طعاماً ، وقد يرافق ذلك أن يأتوا بقارئ للقرآن ليقرأ وقد يقيمون أمام البيت سرادقاً أو يضعون الكراسي ليجتمع الناس لسماع القرآن.
فهاتان الصورتان مما اتفقت كلمة أهل العلم على كراهتهما ومنهم من ذهب إلى تحريمهما ، وينطبق عليهما الأثر الذي يعتبر أصلاً في منع الاجتماع للتعزية ، وهو أثر جرير بن عبد الله قَالَ : ( كُنَّا نَعُدُّ الِاجْتِمَاعَ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ ، وَصَنِيعَةَ الطَّعَامِ بَعْدَ دَفْنِهِ : مِنْ النِّيَاحَةِ ). رواه أحمد (6866) ، وابن ماجه (1612)
وهذا الأثر نعم ظاهره الصحة لأن رواته ثقات ، لكنه مما اختلفت في صحته أنظار المحققين من أهل العلم ، فصححه جمع من أهل العلم كالنووي في المجموع (5/320) ، وابن كثير في إرشاد الفقيه (1/241) ، والشيخ أحمد شاكر في تحقيق المسند (11/126) ، والألباني في "أحكام الجنائز" (ص/210) ،
وأعله بتدليس هشيم بن بشير الإمام أحمد والدار قطني في العلل ، فهو وإن كان ثقة ، لكنه كان كثير التدليس والإرسال ، وأحيانا عن الضعفاء والمجاهيل .
يقول الحافظ الذهبي في "تذكرة الحفاظ" (1/249) : " لا نزاع في أنه كان من الحفاظ الثقات ، إلا أنه كثير التدليس ، فقد روى عن جماعة لم يسمع منهم " انتهى.
وقال أبو داود : " ذَكَرْتُ لِأَحْمَدَ حَدِيثَ هُشَيْمٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ قَيْسٍ ، عَنْ جَرِيرٍ: " كُنَّا نَعُدُّ الِاجْتِمَاعَ عِنْدَ أَهْلِ الْمَيِّتِ وَصَنْعَةَ الطَّعَامِ لَهُمْ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ ".
قال : زعموا أنه سمعه من شريك ، قَالَ أَحْمَدُ: وَمَا أُرَى لِهَذَا الْحَدِيثِ أَصْلاً".
انتهى من "مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود السجستاني" (ص: 388).
وجاء في "العلل" (13/462) للدارقطني ما يشعر باحتمال تدليس هشيم له .
ومن أراد التوسع في ذلك فليراجع كتاب : " التجلية لحكم الجلوس للتعزية"
وممن قال بكراهية هاتين الصورتين الشافعية ، والرواية المنصوصة عن الإمام أحمد ، وهو قول في مذهب الإمام أبي حنيفة ، وقول كثير من أئمة المالكية .
قال ابن عابدين الحنفي : ( قال في الإمداد : وقال كثير من متأخري أئمتنا : يكره الاجتماع عند صاحب البيت ، ويكره الجلوس في بيته حتى يأتي إليه من يعزي ، بل إذا فرغ و رجع الناس من الدفن فليتفرقوا و يشتغل الناس بأمورهم ، وصاحب البيت بأمره ) .
رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين ( 2 / 149 )
و قال الإمام أبو داود : ( قلت لأحمد : أولياء الميت يقعدون في المسجد يُعزونَ ؟ قال : أما أنا فلا يُعجبني )
مسائل الإمام أحمد رواية الإمام أبي داود السجستاني صاحب السنن ( ص 189 رقم المسألة 922 )
وقال الإمام الشافعي: " وَأَكْرَهُ الْمَأْتَمَ ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بُكَاءٌ ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُجَدِّدُ الْحُزْنَ ، وَيُكَلِّفُ الْمُؤْنَةَ مَعَ مَا مَضَى فِيهِ مِنْ الْأَثَرِ" .انتهى من "الأم" (1/318).

وقال النووي الشافعي : " أَمَّا الْجُلُوسُ لِلتَّعْزِيَةِ ، فَنَصَّ الشَّافِعِيُّ وَالْمُصَنِّفُ وَسَائِرُ الْأَصْحَابِ عَلَى كَرَاهَتِهِ ... قَالُوا : بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَنْصَرِفُوا فِي حَوَائِجِهِمْ ، فَمَنْ صَادَفَهُمْ عَزَّاهُمْ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي كَرَاهَةِ الجلوس لها ..." .انتهى من "المجموع شرح المهذب" (5/306).
أبوعاصم السمان
/////////////////////
2024/05/29 07:57:07
Back to Top
HTML Embed Code: