لا تسخر، لا تستهجن، لا تكره، بل افهم.

- باروخ سبينوزا
Forwarded from Art is a way of survival
‏إن الفرد الذي تسيطر عليه شهوته إلى حد أنه لا يستطيع أن يرى أو يفعل ما تتطلبه مصلحته الحقيقية، يكون في أحط درجات العبودية، ولا يكون سيد نفسه، أما الحر فهو الذي يختار بمحض إرادته أن يعيش بهداية العقل وحده.

سبينوزا.

اللوحة (بنديكتوس دي سبينوزا Benedictus de Spinoza) للفنان الالماني (فرانز وولفهاغن Franz Wulfhagen).
لقد حرصت على أن لا اسخر أو أندب أو ألعن أو أكره الأعمال البشرية بل أفهمها، ولذلك نظرت إلى العواطف والمشاعر لا باعتبار كونها رذائل وشروراً في الطبيعة البشرية ولكن بوصفها خواص لازمة لها كتلازم الحرارة والبرودة والعواصف والرعد وماشبهها لطبيعة الجو.

باروخ سبينوزا
كتاب: علم الأخلاق
إن سبينوزا هو رائد الفهم " لا تضحك ،لا تبك ، لا تكره ، عليك أن تفهم " . يؤكد سبينوزا ان الدين يجب أن يخضع للقوانين العامة ، فحرية التفكير والرأي أمر مفيد ، انها شرط لإنهاء النزعات الدينية " لا أحد بامكانه التخلي عن حرية التفكير ، فكل سيد على افكاره " .

إدغار موران من كتابه " لحظة أخرى أيضاً "
الرضى بالذات هو الفرح الناجم عن اعتبار الانسان لقدرته الشخصية على الفعل . لكن قدرة الانسان الحقيقية على الفعل ،أ فضيلته ، هي العقل ذاته . وعليه فان الرضا بالذات يتولد من العقل .. يتفق البشر بطبعهم دائما وبالضرورة، شريطة أن يكون عيشهم على مقتضى العقل.


باروخ سبينوزا " علم الاخلاق "
عندما يكون الرجل فريسةً لمشاعره، فهو ليس سيُّد نفسه.

- باروخ سبينوزا
يقول اسبينوزا
"لا أحد يؤثر فيه المدح كالمتكبرين، الذين يرغبون في أن يكونوا الأوائل، ولكنهم ليسوا كذلك"
باروخ سبينوزا
علم الأخلاق _ باروخ سبينوزا.pdf
✍️ ملخص و قراءة في كتاب " علم الأخلاق" للفيلسوف الهولندي سبينوزا:

"الأخلاق ethics " لباروخ سبينوزا هو تحفة فلسفية اعتبرت واحدة من أهم الأعمال في تاريخ الفلسفة الغربية. الكتاب هو عرض منهجي لفلسفة سبينوزا الأخلاقية ، والتي تقوم على نظامه الميتافيزيقي للوحدة.

تنقسم "الأخلاق" لسبينوزا إلى خمسة أجزاء ، كل منها يناقش جانبًا مختلفًا من فلسفته الأخلاقية. في الجزء الأول ، يؤسس سبينوزا نظامه الميتافيزيقي ، الذي يشير إليه الجوهر. ميتافيزيقيا سبينوزا أحادية ، بمعنى أنه يتصور الواقع على يتكون من مادة واحدة فقط ، والتي يسميها الإله أو الطبيعة. يجادل سبينوزا بأن الكون هو نظام مترابط ، حيث كل ما هو موجود هو تعديل أو تعبير عن هذه المادة الواحدة.
يتصور إسبينوزا هذا الجوهر أو الإله أو الطبيعة على نمطين الطبيعة الطابعة ( الفكر أو العقل و القوانين) و الطبيعة المطبوعة ( الإمتداد و هو تجسيد للفكر أو القوانين)
يمكن ضرب مثلا بالثورة الصناعية و علاقاتها بالقوانين الفيزيائية النيوتينية.

في الجزء الثاني ، يناقش سبينوزا العقل البشري وعلاقته بالجسد. يجادل بأن العقل والجسد وجهان لنفس المادة ، وأنهما يتفاعلان مع بعضهما البعض بطريقة حتمية. يؤكد سبينوزا أن البشر ليسوا أحرارًا بمعنى أنه يمكنهم اختيار أفعالهم ، بل بالأحرى أن جميع أفعالهم محددة سلفًا بقوانين الطبيعة. فلسفة سبينوزا حتمية ، لكنها ليست قدرية ، لأنه يعتقد أن الناس يمكن أن يفهموا قوانين الطبيعة ويعيشوا وفقًا لها.

و بهذا يكون إسبينوزا في الجزءين السابقين يعبر عن نوع من الديكارتية المتطرفة و كما يجب أن ننوه إلى إعتقاد مغلوط عن فلسفة إسبينوزا على أنها وحدة الوجود أو الحلولية و الحال أنها ليست كذلك

في الجزأين الثالث والرابع من كتاب "الأخلاق" ، يناقش سبينوزا الأخلاق الصحيحة. يجادل بأن الأخلاق تقوم على العقل ، وأن أفضل خير هو الحب الفكري للإله أو معرفة الإله. بالنسبة لسبينوزا ، فإن معرفة الإله ليست تجربة صوفية ، بل هي فهم عقلاني لقوانين الطبيعة . وبالتالي ، فإن الأخلاق تدور حول العيش وفقًا للطبيعة ، والتصرف بطريقة تتماشى مع العقل.

في الجزء الخامس والأخير من كتاب "الأخلاق" ، يناقش سبينوزا طبيعة المشاعر. يجادل بأن العواطف لا تتعارض مع العقل ، بل هي جزء منه. العواطف ، وفقًا لسبينوزا ، هي أفكار معقدة تستند إلى حالتنا الجسدية وتفاعلاتنا مع العالم من حولنا. يؤكد سبينوزا أنه يمكننا فهم مشاعرنا والتحكم فيها من خلال التفكير العقلاني.
يعتقد سبينوزا أن العواطف جزء طبيعي من الوجود البشري وأنها ليست جيدة أو سيئة بطبيعتها. بدلاً من ذلك ، يمكن اعتبارها إما إيجابية أو سلبية اعتمادًا على كيفية تأثيرها على قدرتنا على التفكير. على سبيل المثال ، الحب يمكن أن يكون عاطفة إيجابية ، لأنه يمكن أن يلهمنا للتصرف بلطف وتعاطف مع الآخرين. في المقابل ، يمكن أن تكون الكراهية عاطفة سلبية ، حيث يمكن أن تؤدي إلى سلوك هدام.
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
في ذكرى ميلاد الفيلسوف التنويري سبينوزا - تشرين الثاني عام 1632


كتب سبينوزا غي كتابه رسالة في اللاهوت والسياسة :" ( ليس هناك وسيلة أكثر فعالية لحكم الجماهير من الخرافات. السبب الذي يؤدي إلى الخرافات ويحافظ عليها ويشجعها هو الخوف ..إن حرية الفكر لا تمثل خطرا على الإيمان، إن العقل هو أساس الإيمان فإن غاب ظهرت الخرافة وإذا سادت الخرافة ضاع العقل )

يكتب الفيلسوف الفرنسي إدغار موران في كتابه لحظة أخرى أيضاً :" إن سبينوزا هو رائد الفهم " لا تضحك ،لا تبك ، لا تكره ، عليك أن تفهم " . يؤكد سبينوزا ان الدين يجب أن يخضع للقوانين العامة ، فحرية التفكير والرأي أمر مفيد ، انها شرط لإنهاء النزعات الدينية " لا أحد بامكانه التخلي عن حرية التفكير ، فكل سيد على افكاره " .

وترى ريبيكا غولدشتاين في كتابها خيانة سبينوزا :" يقول سبينوزا " إن الافتراءات الخادعة للذات تنبع من نقطتي الضعف هاتين في طبيعتنا البشرية - وهما التعظيم الذاتي ورهاب الموت ، وكلاهما جوانب من عقلنا المخيف وغير القابل للشفاء - التي تفسر القوة المخيفة لأشكال الدين الخرافية " . كما يلاحظ سبينوزا في مقدمة كتابه ( رسالة في اللاهوت والسياسة ) : " .. إنه الخوف ، إذن ، فهو الذي يلد الخرافة ويحفظها ويعززها " .
ويكتب جاستن شتاينبيرغ في كتابه سبينوزا :" يريد سبينوزا أن يثبت أن الإيمان والعقل ليسا في صراع ، فإن ما يظهره في الواقع هو أن الكتاب المقدس هو مستودع للحكايات والمبادئ الأخلاقية . وبما ان الحقائق الأخلاقية للكتاب المقدس واضحة مباشرة لجميع القراء ، فلا يوجد حاجة لطائفة كهنوتية ضليعة في فنون التأويل لتفسير مزاعم النص للجماهير " .
وفي كتابه سبينوزا كيف نحيا وكيف نموت يؤكد ستيفن نادلر ان سبينوزا يصر على ان " الذين يقودهم العقل ، لا يرغبون في شيء لانفسهم إلا ويرغبونه لغيرهم ، ولذلك فهم عادلون وحسنو النية ونزهاء " . الانسان الحر ايضا مبتهج ، ولطيف ، ومتسامح .وهو ، في مزاجه ، ليس عرضة للعديد من احوال النفس التي تشكل مصدرا للصراع بين الاشخاص : الكراهية ، والحسد ، والاستهزاء ، والإزدراء ، والغضب ، والانتقام ، وغير ذلك من الانفعالات الضارة .
في روايته مشكلة سبينوزا يكتب عالم النفس الشهير إرفين د. يالوم هذا الحوار : قال سبيتوزا : لو بحثت في العالم كله فلن تجد قوماً أو ديناً لا يؤمن بالخرافات ، فما دام هناك جهل ، فإن البعض سيتمسكون بالخرافات ، إن التخلص من الجهل هو الحل الوحيد .
فاجاب بنتو " أشعر انّها معركة خاسرة ، فالجهل والإيمان بالخرافات ينتشران كالنار في الهشيم ، وأعتقد أنّ رجال الدين يغذون هذه النار ليضمنوا مراكزهم .ولهذا أصبحت على قناعة بأنني يجب أن أكون حراً .وإذا لم تكن تلك الطائفة موجودة ، فعليّ أن أعيش دون طائفة "

يطرح الفيلسوف الفرنسي المعاصر فريدريك لونوار في كتابه المعجزة السبيونزية سؤالا : " كيف يمكن للفرد العادي ، أن يكون سبينوزيا، حتى لو لم يكن مختصا في الدراسات الفلسفية ؟ أو كيف يستطيع الإنسان أن يتسلح برؤية سبينوزا وفلسفته في الحياة ، ويرى في كتابه " المعجزة السبينوزية " ، ان فيلسوفنا يحاول من خلال كتبه أن يقدم لنا " أفضلَ طريق ممكن إلى الخلاص، لكل أفراد المجتمع في هذا العالم الذي يقف على حافة الانهيار، إذ تهتز الديمقراطيات العريقة، وتنتشر النزاعات الطائفية ونزاعات الهوية والحزبية في كل أرجاء العالم" . يخبرنا لونوار أن رسالة سبينوزا الفلسفية تبرز من خلال رحلته الحياتية : " فإذا أردنا أن نعرف معنى المعجزة السبينوزية، يكفي أن ندرك أننا أمام شخص له سمات خاصة، شخص ظل وفيا لحب الحقيقة، مفضلا حرية التفكيرِ على طمأنينةِ العائلة والطائفة، وعلى الاِنسياق للفكرِ السائدِ. لقد كانَ ضحية أبشعِ الانتهاكات، تم التنكر له من قبل أَهله وعاشَ تحْت التهديد المتواصل، ولكنه بقي وفيا دائما للخط الموجه لمسيرته. كان عُرضة للكراهية ولكنه لم يكره أبدا. تعرضَ للغدرِ ولكنه لم يغدر أَدا. تَعرضَ للسخريَة ولكنه لم يستخف بأحد قط. تم شتمه ، ولكن رده كان دائما هو الاحترام . عاش دائما باعتدال وكرامة وفي انسجام مع أفكاره" .

وختامنا مع المفكر العربي فؤاد زكريا وكتابه الشهير إسبينوزا حيث يكتب :" الرأي الحقيقي الذي يؤمن به اسپينوزا في هذا الصدد هو الرأي القائل إننا إذا شئنا أن نهتدي إلى دليل على القدرة الإلهية، وأن نكون متسقين مع أنفسنا في الوقت ذاته، فلدينا في عقلنا البشري نفسه أعظم دليل. فليس ثمة داعٍ لافتراض معرفة غير مألوفة، خارجة على قوانين الطبيعة، لتكون هي مظهر هذه القدرة الإلهية. بل إن عقلنا ذاته معجزة، وكفاحنا من أجل فهم الطبيعة والسيطرة عليها معجزة، ولا معنى — في نظره — لافتراض معجزات ونبوءات تتحدى العقل وتخرج عن نطاق الطبيعة من أجل إثبات هذه القدرة "
" بعد أن علمتني التجارب أن جميع الأشياء التي تقع في الحياة العادية عبث وباطل، ورأيت أن جميع الأشياء التي كنت أخشاها وتخشاني لا خير فيها أو شر إلا بمقدار ما يتأثر به العقل، عقدت النية أخيراً أن أبحث عما إذا كان هناك شيء يمكن أن يكون خيراً حقاً وقادر على إيصال خيره ويمكن أن يتأثر به العقل إلى حد أن يستغني به عن جميع الأشياء الأخرى.
أقول أنني عزمت أن أبحث عما إذا كان في مقدوري أن أكشف وأبلغ المقدرة علي التمتع بسعادة سامية دائماً.
لقد رأيت في الجاه والثراء فوائد كثيرة وإنني سأُحرم من الحصول عليها إذا أردت البحث بإهتمام عن مسألة جديدة. وإنه كلما ازداد حظ الإنسان من الثروة والجاه إزدادت سعادته وازداد تبعاً لذلك تحمساً لزيادتهما، ولكن إذا خاب أملنا وفشلنا في جمع المال وبلوغ المراتب العليا فإن هذا يبعث في نفوسنا أشد الألم.
وفي الشهرة أيضاً مثل هذا النقص الكبير ، فإذا أردنا الشهرة وجب علينا أن نوجه حياتنا بطريقة تبعث السرور والرضى في الناس وأن نتجنب ما يكرهونه وأن نبحث عما يبعث السرور في نفوسهم.
ولكن التوجه بحبنا إلى شيء أبدي خالد سيغذي نفوسنا بسعادة لا ألم فيها.
[...]فإذا كانت السعادة العظمى في الثراء والمجد، أكون قد تنازلت عنها؛ أما إذا لم تكن فيهما، فإن تعلقي بهذه المزايا دون غيرها سيجعلني أفقد السعادة المنشودة أيضاً
إن الخير الأعظم هو في معرفة الإتحاد الذي يربط العقل بالطبيعة كلها"

◼️باروخ سبينوزا / كتاب : رسالة في إصلاح العقل
« إن إرادة الله وقوانين الطبيعة، إسمان يُطلقان على حقيقة واحدة، ويتبع من ذلك ، أنّ كل الاحداث ، التي تقع في العالم ،
ما هي إلا آلية لقوانين الطبيعة الثابتة ،
وليست نزوة من نزوات حاكم مطلق، يجلس بين النجوم»
___
✍️باروخ اسبينوزا
📖كتاب : رسالة في اللاهوت والسياسة
كيف يُمكن أن تُصبح سبينوزيًا؟
كيف يمكن ان تُصبح سبينوزياً ؟
علي حسين

في كتابه رسالة في اللاهوت والسياسة يقول سبينوزا :" ليس هناك وسيلة أكثر فعالية لحكم الجماهير من الخرافات. السبب الذي يؤدي إلى الخرافات ويحافظ عليها ويشجعها هو الخوف ..إن حرية الفكر لا تمثل خطرا على الإيمان، إن العقل هو أساس الإيمان فإن غاب ظهرت الخرافة وإذا سادت الخرافة ضاع العقل "
يكتب الفيلسوف الفرنسي إدغار موران في كتابه لحظة أخرى أيضاً :" إن سبينوزا هو رائد الفهم " لا تضحك ،لا تبك ، لا تكره ، عليك أن تفهم " . يؤكد سبينوزا ان الدين يجب أن يخضع للقوانين العامة ، فحرية التفكير والرأي أمر مفيد ، انها شرط لإنهاء النزعات الدينية " لا أحد بامكانه التخلي عن حرية التفكير ، فكل سيد على افكاره " .
وترى ريبيكا غولدشتاين في كتابها خيانة سبينوزا " إن الافتراءات الخادعة للذات تنبع من نقطتي الضعف هاتين في طبيعتنا البشرية - وهما التعظيم الذاتي ورهاب الموت ، وكلاهما جوانب من عقلنا المخيف وغير القابل للشفاء - التي تفسر القوة المخيفة لأشكال الدين الخرافية " . كما يلاحظ سبينوزا في مقدمة كتابه ( رسالة في اللاهوت والسياسة ) : " .. إنه الخوف ، إذن ، فهو الذي يلد الخرافة ويحفظها ويعززها " .
ويكتب جاستن شتاينبيرغ في كتابه سبينوزا :" يريد سبينوزا أن يثبت أن الإيمان والعقل ليسا في صراع ، فإن ما يظهره في الواقع هو أن الكتاب المقدس هو مستودع للحكايات والمبادئ الأخلاقية . وبما ان الحقائق الأخلاقية للكتاب المقدس واضحة مباشرة لجميع القراء ، فلا يوجد حاجة لطائفة كهنوتية ضليعة في فنون التأويل لتفسير مزاعم النص للجماهير " .
وفي كتابه" سبينوزا كيف نحيا وكيف نموت " يؤكد ستيفن نادلر ان سبينوزا يصر على ان " الذين يقودهم العقل ، لا يرغبون في شيء لانفسهم إلا ويرغبونه لغيرهم ، ولذلك فهم عادلون وحسنو النية ونزهاء " . الانسان الحر ايضا مبتهج ، ولطيف ، ومتسامح .وهو ، في مزاجه ، ليس عرضة للعديد من احوال النفس التي تشكل مصدرا للصراع بين الاشخاص : الكراهية ، والحسد ، والاستهزاء ، والإزدراء ، والغضب ، والانتقام ، وغير ذلك من الانفعالات الضارة .
في روايته مشكلة سبينوزا يفدم لنا عالم النفس الشهير إرفين د. يالوم هذا الحوار : قال سبيتوزا : لو بحثت في العالم كله فلن تجد قوماً أو ديناً لا يؤمن بالخرافات ، فما دام هناك جهل ، فإن البعض سيتمسكون بالخرافات ، إن التخلص من الجهل هو الحل الوحيد .
فاجاب بنتو " أشعر انّها معركة خاسرة ، فالجهل والإيمان بالخرافات ينتشران كالنار في الهشيم ، وأعتقد أنّ رجال الدين يغذون هذه النار ليضمنوا مراكزهم .ولهذا أصبحت على قناعة بأنني يجب أن أكون حراً .وإذا لم تكن تلك الطائفة موجودة ، فعليّ أن أعيش دون طائفة "
يطرح الفيلسوف الفرنسي المعاصر فريدريك لونوار في كتابه المعجزة السبيونزية سؤالا : " كيف يمكن للفرد العادي ، أن يكون سبينوزيا، حتى لو لم يكن مختصا في الدراسات الفلسفية ؟ أو كيف يستطيع الإنسان أن يتسلح برؤية سبينوزا وفلسفته في الحياة ، ويرى في كتابه " المعجزة السبينوزية " ، ان فيلسوفنا يحاول من خلال كتبه أن يقدم لنا " أفضلَ طريق ممكن إلى الخلاص، لكل أفراد المجتمع في هذا العالم الذي يقف على حافة الانهيار، إذ تهتز الديمقراطيات العريقة، وتنتشر النزاعات الطائفية ونزاعات الهوية والحزبية في كل أرجاء العالم" . يخبرنا لونوار أن رسالة سبينوزا الفلسفية تبرز من خلال رحلته الحياتية : " فإذا أردنا أن نعرف معنى المعجزة السبينوزية، يكفي أن ندرك أننا أمام شخص له سمات خاصة، شخص ظل وفيا لحب الحقيقة، مفضلا حرية التفكيرِ على طمأنينةِ العائلة والطائفة، وعلى الاِنسياق للفكرِ السائدِ. لقد كانَ ضحية أبشعِ الانتهاكات، تم التنكر له من قبل أَهله وعاشَ تحْت التهديد المتواصل، ولكنه بقي وفيا دائما للخط الموجه لمسيرته. كان عُرضة للكراهية ولكنه لم يكره أبدا. تعرضَ للغدرِ ولكنه لم يغدر أَدا. تَعرضَ للسخريَة ولكنه لم يستخف بأحد قط. تم شتمه ، ولكن رده كان دائما هو الاحترام . عاش دائما باعتدال وكرامة وفي انسجام مع أفكاره" .
وفي واحدة من رسائله يكتب باروح سبينوزا :" لقد اعتبرتُ الإيمان بالمعجزات والجهل امرين متماثلين ، لسبب ممفاده ان اولئك الذين يزعمون اثبات وجود الله والذين يستندون الى المعجزات إنما يثبتون شيئا غامضا بشيء اكثر غموضا، ناهيك بكونهم يجهلونه جهلا تاما.
كان سبينوزا يصر انه من دون الذكاء لا توجد حياة عقلية ، لذا ، فإن الاشياء تكون خيرة فقط بقدر ما تساعد الإنسان على تمتعه بالحياة الفكرية التي يحددها الذكاء . وعلى العكس من ذلك فأياً كانت الاشياء التي تعوق كمال عقل الإنسان وقدرته على الاستمتاع بالحياة العقلانية ، فإنها تكون الشر بعينه .
وختامنا مع المفكر العربي فؤاد زكريا وكتابه الشهير إسبينوزا حيث يكتب :" الرأي الحقيقي الذي يؤمن به اسپينوزا في هذا الصدد هو الرأي القائل إننا إذا شئنا أن نهتدي إلى دليل على القدرة الإلهية، وأن نكون متسقين مع أنفسنا في الوقت ذاته، فلدينا في عقلنا البشري نفسه أعظم دليل. فليس ثمة داعٍ لافتراض معرفة غير مألوفة، خارجة على قوانين الطبيعة، لتكون هي مظهر هذه القدرة الإلهية. بل إن عقلنا ذاته معجزة، وكفاحنا من أجل فهم الطبيعة والسيطرة عليها معجزة، ولا معنى — في نظره — لافتراض معجزات ونبوءات تتحدى العقل وتخرج عن نطاق الطبيعة من أجل إثبات هذه القدرة ".
خلال رحلتي مع سبينوزا وكتبه وماكتب عنه تعلمت ان التفكير حاجة ضرورية ، وان السير على دروب الحقيقة لذة عقلية كبرى ، وأن الفكر هو الذي ينقل الانسان من مستوى " الهمجية " الى مستوى الانسانية " . يكتب الفرنسي العظيم باسكال :" انني استطيع ان اتصور انسانا بلا يدين ، او بلا رجلين ، لكنني لا استطيع ان اتصور انسانا بلا فكر ، لانه عندئذ سيكون مجرد صخرة " .، وتعلمت من هذا الصديق ان الحق فوق القسوة ، وان التسامح والرغبة في الحوار مع الآخرين هي الطريق الى الحرية ، وان الشر يقوم على التعصب وضيق الافق ، والجهل ، وان اختلاف الآراء ليس شرا ، بل منفعة للجميع ، وان الحوار هو الذي يخلق مجتمعا مستنيرا واعيا . وان مهمة المثقف ان يحارب السذاجة ، وان نضع جميع ارائنا الى البحث والحوار ، حتى يتسنى لنا بناء مجتمعنا على دعائم يقرها العقل ، تنتقل بالناس من عهد " الجهل " الى عهد " التفكير " ..

الصورة ( بيت سبينوزا في ضاحية أمستردام )
2025/06/27 09:46:32
Back to Top
HTML Embed Code: