Telegram Web Link
وغدًا سيُكتب هـٰهنا
أنِّي رحلتُ إلى هناك

وأخذتُ زادي أدمعًا
يا رب أرغب في رضاك

وتركتُ خلفي كلَّ ذنبٍ
ليس يعرفه عداك

وأتيتُ تحملني المُنى
ويتوق قلبي كي يراك

في جنَّةِ الخلد التي
أمّلتَها عبدًا رجاك

يا غاية المسرى ويا
أمل المُحبِّ إذا أتاك

حسبي وإن طال السرى
أنْ لم أؤمِل في سواك
‹ رُبَّ داعٍ لا يردُّ › 🤍
لو استشعر العبدُ ما يناله من تكرار ثناء الله عليه في ملكوت السماوات إذا صلى على النبي ﷺ؛ لطار قلبُه فرحًا وشوقًا ولكان ديدنه وهجيراه الصلاة عليه ﷺ

وكيف لا؟ وقد قال ﷺ: ‹ مَن صلى عَلَيَّ واحدةً، صلى اللهُ عليه بها عَشْرًا › وصلاةُ الله ثناء ورحمة.

ليس ثناء الله فقط (وكفى به)، بل كفاية الهم ومغفرة الذنب بوعد الصادق الذي لا ينطق عن الهوى.
فقد قال نبينا ﷺ لمن استغرق في الصلاة عليه: [تُكفى همك ويُغفر لك ذنبك]

ولا يزهد في هذا الفضل إلا محروم وخاصة يوم الجمعة وليلتها
يا فتى!
أعلم أنَّك تعِبت، وأخذتِ الدنيا شيئًا من ملامحك، وما عادت أنفاسك كما سبق! وبلغ الذبول منك أن كدتَ تقف.. أنِ اطمئن، الدنيا أقصَر من خطوتك، وأقلُّ من حُلمك، وأصغرُ من غايتك، أنتَ للآخرة فلا تنسَ مسيرك
أيامٌ تجري ووقتٌ يمضي وفتنٌ متفشِّية ونفسٌ داعية وإبليسُ يرسل سراياه سريَّةً سريَّة لإغواء القلوب واستدراج النفوس، كل هذا ثمَّ يمضي عليك اليوم والأسبوع والشهر وأنت لم تدعو ربك بثبات القلب وصلاح النفس! إذن كيف تُريد ثباتًا عزيزًا تُواجه به الحياة وأنت لم تتمسك بطوق النجاة ؟
إذا أحسست بالضيق لأن يومك يمضي دون إنجاز، فاشتغل بالذكر ماشيًا وراكبًا وجالسًا وعلى جنبك فذلك إنجاز الموفقين، ومن الإنجازات اليومية الكبيرة قول: "لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير" مئة مرة. لا يأتي أحد بأفضل مما جئت به، إلا أحد عمل أكثر من ذلك
أعلم أنك لست على ما يرام!
وأنك تقف وقوف العاجز، الذي ذابت محاولاته كلها دون أن تتقدم به خطوة واحدة، وقوفَ من أُسقط في يده، من تتداعي في لياليه دواعي اليأس لكنه لا يفعل.

أعلم أنك تقارع هذا وحدك، تقطع برفقته الطريق إلى أيامك ومهامك وأحبابك بمشقة، لم يصل ريحها لأحد، ولم يسعك إلى الآن أن تتشاطرها مع رفيق.

وأعلم أنك تستطعم الحياة بطعمٍ لم تعهده، هتافات الإنجاز لم تعد تُطربك، وبهجةُ الفجر الذي يهزم أزقة الظلام لم تعد تُبهجك، وأصواتُ الأحباب التي تضيء، أصبحت تمرك مرورًا عاديًا!

تفيء لفراشك كل ليلة، تطفئ أنوارك دون أن ينطفئ ضجيج الأسى في صدرك، وزحام المعاناة الذي تحس به يظلك، وهتافات الإستسلام التي لا تنفك تفارقك.

ولا تخف ولا تحزن، الليالي الصعبة وقود لأيام سعيدة في الطريق، إن لم تستظل ببركاتها في هذه الدنيا، ففي الآخرة عند ربٍ كريم.

لا تنقص حبال الصبر، ولا يخبو في قلبك طرقُ الباب، ولا يشع في روحك إلا الرضا، ولا تعتنق إلا الإيمان بأنه الخير مهما كان شاقًا، وأنَّ عاقبته لن تكون شيئًا معتادًا، ستكون فوق ما تأمل! وأكبر مما ترجو!

مهما كانت الصراعات في عمرك، ثمّةَ نعيم، ثمّة لحظات حريرية، ومقاعد صدق، وخالدين.

المهم أن تسعَ من أجل أن يحبّك، أن ترعَ رؤيته وإحاطته، ألا يهزمك الهوى فيضلك عن رضاه، ولا تهولنك الجراح فهو أهلُ المغفرة، أن تعود في كل مرة، ولو أفنيت العمر خطايا تلتهب روحك كلما تصفحتها في ذاكرتك، ثم حانت منك عودة صادقة لكنت محفوفًا بالحب والفرح: ﴿يحب التوابين

هذا هو المُعترك الذي يستحقّ معاركك إلى أن تُفضي إليه، وما سواه -يعدّي-
لن تجد كسماع القرآن في شفاء قلبك، وزوال
همك، وذهاب غمك، وارتياح نفسك، وثبات
روحك، وجلاء حُزنك
‏فسماع القرآن -بالتدبر- أشبه بإنقاذ القلب
عند زوال التدفّق

‏قال ابن القيم - رحمه الله -:
‏فآيات القرآن تُحيي القلوب كما تحيا الأرض
بالماء،
وتحرق خبثها، وشبهاتها، وشهواتها، كما
تُحرق النار ما يلقى فيها
‏ومُتعبون.. نجرُّ العزم في دَمِنا
‏يا ربِّ، إنَّا لما أَنزلتَهُ فُقَرَا ..
تُصبِح وقد ضاقت الأرض عليك بما رحُبت، فما تَلبث أن تدعو ربَّك وتُلِح عليه في المَسألة، فما يأتي المساء إلا وقد زال عنك ما تَجِد ..

‏ما أرحمَ الله !
‏ما ألطفه
‏ما أكرمهُ
‏وما أقْرَبه
أجولُ بفكري
وما كنتُ أدري
إذا طالَ أمري
بما قد يليهِ
فقد ضاقَ صدري
وقد قلَّ صبري
ولو كنتُ أدري
لما جلتُ فيهِ

فأخفي حنينًا
وصوتًا حزينًا
وجُرحًا دفينًا
وأمضي بتيهِ
فأطوي الظلامَ
وأبدي السلامَ
وما القلبُ نامَ
على راحتيهِ..

وحسبُ الفؤادِ
بليلِ السوادِ
إذا ما ينـادي
كريمًا عليهِ!
إلهًا عظيمًا
لطيفًا حليمًا
غفورًا رحيمًا..
ويمضي إليه
تضطرب بكَ الأحوال، وتتشعّث حولك الظروف، وتضيق عليك سعة الدّنيا حتى كأنك تتنفس من ثقب إبرة..
حينها.. حينما يضيق بك صدرك.. وتشتبك فيه حبال القَلق، ويعظُم في قلبك الفزع: اقتطع سويعة من ضجيج الدّنيا وعَذابها، لا تؤجّلها إلى حينٍ آخر، اجعلها ساعة مُقتطعة من بين الرّكام، واخلُ بنفسك في زاويتك المُعتمة الهادئة، حيث لا يَراك أحد، وارفع هذه الكفّ المتضرعة، واسكب هذه الدّموع الساخنة، وأفلِس نفسك بين يدي مولاك، واكسر نفسك كلّها وأرخِص قلبك، اشكُ إليه الحال، تفنّن في الافتقار إليه والتوسل بين يديه، وسَله سؤال المستهدي، الفقير، المُحتاج، المضطر الذي ليس له إلا سيّده..
مَالِي سوى فقري إِلَيْك وَسِيلَة
وبالافتقار إِلَيْك فقري أدفَع
مَالِي سوى قرعي لبابك حِيلَة
فلئن رددت فَأَيّ بَاب أَقرع..

لا تسأل حينها عن النعيم، لا أعني سرعة استجابة دعائك، بل ما فُتح عليك في هذه الأبواب العظيمة، الافتقار والذلّ والمحبة، التي هي غاية الدنيا وما فيها، وفي سبيلها ترخص كل الآلام، بل تعذُب، ويجد المرء جمالها وصفائها طوّاف في روحه..
قال بعض الشيوخ: إنه ليكون لي إلى الله حاجة، فأدعوه، فيفتح لي من لذيذ معرفته وحلاوة مناجاته ما لا أحب معه أن يعجِّلَ قضاء حاجتي؛ خشيةَ أن تنصرف نفسي عن ذلك؛ لأن النفس لا تريد إلا حظها فإذا قُضيَ انصرفت
قال رجلٌ لزهير بن نعيم:
يا أبا عبد الرحمن
توصي بشيء؟
قال: نعم؛ احذر أن يَأخذك الله وأنت
على غَفْلة

_ صفوة الصفوة لابن الجوزي
﴿ كُلُّ نَفسٍ ذائِقَةُ المَوتِ وَإِنَّما تُوَفَّونَ أُجورَكُم
يَومَ القِيامَةِ فَمَن زُحزِحَ عَنِ النّارِ وَأُدخِلَ الجَنَّةَ
فَقَد فازَ..﴾ [آل عمران: ١٨٥]
العبدُ من حين استقرَّت قدمه في هذه الدار فهو مسافر إلى ربِّه، ومدَّة سفره هي عمره الذي كتب له.

فالعمر هو مدَّة سفر الإنسان في هذه الدار إلى ربِّه تعالى، ثُمَّ قد جعلت الأيام والليالي مراحل لسفره، فكلُّ يوم وليلة مرحلةٌ من المراحل، فلا يزالُ يطويها مرحلةً بعد مرحلةٍ حتَّى ينتهي السفر.

فالكيّس الفطِن هو الذي يجعل كل مرحلة نصب عينيه، فيهتم بقطعها سالمًا غانمًا، فإذا قطعها جعل الأخرى نصب عينيه. ولا يطول عليه الأمد، فيقسو قلبه، ويمتد أمله، ويحضره التسويفُ والوعد والتأخير والمطل؛ بل يعدّ عمرَه تلك المرحة الواحدة، فيجتهد في قطعها بخير ما بحضرته فإنَّه إذا تيقن قِصَرَها وسرعة انقضائها هان عليه العمل، وطوَّعت له نفسه الانقياد إلى التزود؛ فإذا استقبل المرحلة الأخرى من عمره استقبلها كذلك.

ابن القيّم - رحمه الله -
"لا يألفنَّ أحدكم مُصاب أخيه وإن طال، ولا
يغفلنَّ عن الدعاء له متى بقيَ البلاء أو زال"

اللهمَّ أزل الغمّة عن هذه الأمّة، اللهم لا حول ولا قوة ولا نصر إلا بك، اللهم أنجِ المستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على اليهود وعلى أعداء الدين، وأرِنا فيهم آيات غضبك وقوتك وعزّتك يا عزيز يا جبار!
كتب عبدالله التويجري - رحمه الله - في إحدى
منشوراته قبل وفاته بثلاثة أشهر تقريبًا هذا النص:

في جلسة شتوية هادئة، شكوت لبعض الشيوخ تفلّت النية، وتشتت القلب، وتفرّق الهم.. نفسًا أحبّت المعالي وكرهت طلبها، تشتاق إلى الجنة وملّت طريقها! "تريد هيبة الشرفاء، وتحب عيش السفهاء"تتوق إلى المعاصي، تجدها أكبر المراد وغاية المنى، تشبثت في الدنيا كأنها دارٌ للخلود أو أبعد من ذلك تثاقلت الطاعة حتى طال عليها الأمد، فاستعصى زجرها وردّها.. فقال: هوِّن عليك.. أتظنك مجازى على الصلاح دون جزاءٍ للسعي إليه؟ والله يا عبدالله لأن ألقى الله مجاهدًا أسعى للصلاح -وإن لم أبلغه- أحب إليّ مما سواه.. ولعَودك بعد انقطاع، وسقوطٌ عقبه ارتفاع، غاية مراد الرب جلَّ وعلا منك
يومًا بعد يوم.. ستُدرك أنَّ استفتاح يومك بالقرآن، استماعًا أو تلاوةً، هو علامة فارقة لحصول البركة والسكينة ونشاط الروح والبدن!
2025/10/27 16:09:22
Back to Top
HTML Embed Code: