اِبدأْ بقلبكَ أوَّلاً!
يروي الهنودُ في حكاياتهم الشَّعبيَّة:
أنَّ فأراً كان في محنةٍ مستمرَّةٍ بسبب خوفه من القطط، فأشفق عليه ساحرٌ وحوَّله إلى قطٍّ!
لكنَّه أصبح يخاف من الكلاب!
فحوَّله السَّاحرُ إلى كلبٍ!
فبدأ يخاف من النُّمور!
فحوَّله السَّاحر إلى نمرٍ!
عندئذٍ امتلأَ قلبه بالخوف من الصَّيادين.
عندها أعاده السَّاحرُ إلى صورته الأولى كفأرٍ، وقال له: لن يُساعِدكَ أيُّ شيءٍ أفعله، لأنَّكَ تمتلكُ قلب فأرٍ، إذا أردتَ أن تتغيَّر فابدأ بقلبكَ أوَّلاً!
والشَّيءُ بالشَّيءِ يُذكر، والمُتشابهاتُ يستدعي بعضُها بعضاً!
كان ابنُ تيمية يقول: الشَّجاعةُ ليست هي قوة البدن، فقد يكون الرجلُ قوي البدن ضعيف القلب، وإنما الشَّجاعة قوة القلب وثباته!
الأمرُ ببساطة، إذا أردتَ تغيير العالم عليكَ أن تتغيَّرَ أنتَ أوَّلاً!
غيِّر نظرتكَ للعالم، يتغيَّرُ العالم في نظرك!
عندما تبحثُ عن التغيير خارج قلبكَ، فستبقى تبحثُ عنه إلى الأبد!
وعندما تبحثُ عنه في قلبكَ، فستجد أنك قد عثرتَ عليه كما يتعثرُ المرءُ بضالته!
التغيير يبدأ منكَ أنت وليس من الآخرين!
صحيح أن الإنسان لا يعيشُ وحده على ظهر هذا الكوكب، وأن الناس لا يستغنون عن الناس، ولكن ما أعنيه أن تكون أنتَ سيد حياتكَ، تعيشُ لأجل مبادئك، ولو رآها الناس رثةً!
ولا تنحني أمام رياح التغيير، إن كنتَ تعرفُ أنها ستغيِّركَ للأسوأ!
أن تتغيَّر لا يعني أن تكون مجبراً على أن تتغير، هذا اسمه التَّكيّف ليس إلا! أما التَّغيرُ فهو اقتناعك التَّام بأنَّ ما أنتَ عليه لا يجب أن تبقى عليه، بغضِّ النَّظر عن شكل العالم في الخارج!
كانت الرَّاهبة الكاثوليكيّة الأم تريزا تزور مصنعًا في الهند، فلفتَ انتباهها عاملٌ في زاوية من زوايا المصنع ينشد الأهازيج وتعلو محياه علامات السعادة، فاقتربت منه فإذا هو يجمع البراغي ويضعها في عُلب خاصة شأنه شأن بعض رفاقه بالقرب منه، فزاد هذا الأمر استغرابها.. فسألته: ماذا تفعل؟
فقال: أنا أصنع طائرات!
فقالت له باستغراب: طائرات؟
فقال: أجل سيدتي طائرات، هذه الطلبية لشركة تصنيع طائرات، والطائرات العملاقة التي تركبينها لا يمكن أن تطير دون هذه البراغي الصغيرة!
نظرتنا لأنفسنا هي التي تُحدد قيمتنا في الحياة!
فرق كبير بين من يرى نفسه جامع البراغي في عُلب وبين من يرى نفسه شريكًا في صنع الطائرة!
فرق كبير بين من لا يرى من وظيفته إلا الأجر الذي يجنيه وبين من يرى الأثر الذي يتركه!
كل عمل مهما كان بسيطًا يترك أثرًا في هذا العالم، تحتاج فقط أن تنظر إلى هذا الأثر!
أنت لستَ مجرد كناسٍ للطريق أنتَ شخص يُجمّل وجه مدينة!
أنت لستَ مجرد نجار، أنتَ إنسان يحمي البيوت من الشمس والريح!
أنت لستَ مجرد خياط، أنتَ تهب الناس لمسة أناقة!
أنت لستَ مجرد خطيب على المنبر، أنتَ تُعبّد طريق الناس إلى الله!
أنت لستَ مجرد مُدرس صبيان أنتَ صانع رجال!
أنت لستَ مجرد مهندس وصانع جسور أنتَ منشئ الوصل بين الناس!
أنت لستَ مجرد طبيب، أنتَ مخفف آلام!
أنتِ لستِ مجرد ربة أسرة، أنتَ أهم شخص في العالم، أنتِ بأمر الله واهبة هذا الكوكب قاطنيه، أنتِ أول مُربٍّ وأهمُ مُربٍّ فليس هناك صناعة أعظم من صناعة الإنسان!
الذي لا يرى من عمله إلا الأجر الذي يتقاضاه فقط، هو إنسان أعمى لا يرى!
هناك أثر يجب ألا يغيب عن بالنا، وهو الذي يجعل العمل رسالة، ويهب الإنسان قيمته، وقيمة الإنسان الحقيقية هي بالطريقة التي ينظر بها إلى نفسه، لا بالطريقة التي ينظر بها إليه الآخرون، لا أحد يستطيع إذلالك ما لم تكن أنت تشعر بالإذلال في داخلك فعلًا، ولا أحد يستطيع رفع قيمتك ما لم تكن أنتَ تشعر بقيمة نفسك!
التغيّرُ لا يعني أن تُحقق إنجازاتٍ خارقة، بل أن تعي قيمة الأشياء من حولك، فتتعامل معها وفق قيمتها لا وفق أثمانها! كما تراها أنتَ بعين قلبك، لا كما يراها النَّاس بعيون رؤوسهم!
أشياء بسيطة تصنعُ السعادة فلا تستصغر نفسكَ!
في رضا أبويك سعادة لو تلذذت بها،
وفي استغفارك من الذنب سعادة لو تأملته،
وفي الطاعة سعادة لو عشتها بقلبك،
وفي الدمعة التي تمسحها، والخاطر الذي تجبره، واليد التي تمدها سعادة!
السعادة ليست معجزاتٍ وخوارق،
السعادة إنجازات صغيرة بحب، فأحبَّ نفسكَ!
ما ضرك انحناء الناس ما دمتَ ثابتاً، وما نفعكَ ثباتهم لو انحنيتَ!
احترامك لنفسك شأن شخصي، لا علاقة للآخرين به، وأن تعرف هذا، فقد عرفتَ أول خطوات التغيير، وبالتالي أول خطوات السعادة!
أدهم شرقاوي / سُطور
يروي الهنودُ في حكاياتهم الشَّعبيَّة:
أنَّ فأراً كان في محنةٍ مستمرَّةٍ بسبب خوفه من القطط، فأشفق عليه ساحرٌ وحوَّله إلى قطٍّ!
لكنَّه أصبح يخاف من الكلاب!
فحوَّله السَّاحرُ إلى كلبٍ!
فبدأ يخاف من النُّمور!
فحوَّله السَّاحر إلى نمرٍ!
عندئذٍ امتلأَ قلبه بالخوف من الصَّيادين.
عندها أعاده السَّاحرُ إلى صورته الأولى كفأرٍ، وقال له: لن يُساعِدكَ أيُّ شيءٍ أفعله، لأنَّكَ تمتلكُ قلب فأرٍ، إذا أردتَ أن تتغيَّر فابدأ بقلبكَ أوَّلاً!
والشَّيءُ بالشَّيءِ يُذكر، والمُتشابهاتُ يستدعي بعضُها بعضاً!
كان ابنُ تيمية يقول: الشَّجاعةُ ليست هي قوة البدن، فقد يكون الرجلُ قوي البدن ضعيف القلب، وإنما الشَّجاعة قوة القلب وثباته!
الأمرُ ببساطة، إذا أردتَ تغيير العالم عليكَ أن تتغيَّرَ أنتَ أوَّلاً!
غيِّر نظرتكَ للعالم، يتغيَّرُ العالم في نظرك!
عندما تبحثُ عن التغيير خارج قلبكَ، فستبقى تبحثُ عنه إلى الأبد!
وعندما تبحثُ عنه في قلبكَ، فستجد أنك قد عثرتَ عليه كما يتعثرُ المرءُ بضالته!
التغيير يبدأ منكَ أنت وليس من الآخرين!
صحيح أن الإنسان لا يعيشُ وحده على ظهر هذا الكوكب، وأن الناس لا يستغنون عن الناس، ولكن ما أعنيه أن تكون أنتَ سيد حياتكَ، تعيشُ لأجل مبادئك، ولو رآها الناس رثةً!
ولا تنحني أمام رياح التغيير، إن كنتَ تعرفُ أنها ستغيِّركَ للأسوأ!
أن تتغيَّر لا يعني أن تكون مجبراً على أن تتغير، هذا اسمه التَّكيّف ليس إلا! أما التَّغيرُ فهو اقتناعك التَّام بأنَّ ما أنتَ عليه لا يجب أن تبقى عليه، بغضِّ النَّظر عن شكل العالم في الخارج!
كانت الرَّاهبة الكاثوليكيّة الأم تريزا تزور مصنعًا في الهند، فلفتَ انتباهها عاملٌ في زاوية من زوايا المصنع ينشد الأهازيج وتعلو محياه علامات السعادة، فاقتربت منه فإذا هو يجمع البراغي ويضعها في عُلب خاصة شأنه شأن بعض رفاقه بالقرب منه، فزاد هذا الأمر استغرابها.. فسألته: ماذا تفعل؟
فقال: أنا أصنع طائرات!
فقالت له باستغراب: طائرات؟
فقال: أجل سيدتي طائرات، هذه الطلبية لشركة تصنيع طائرات، والطائرات العملاقة التي تركبينها لا يمكن أن تطير دون هذه البراغي الصغيرة!
نظرتنا لأنفسنا هي التي تُحدد قيمتنا في الحياة!
فرق كبير بين من يرى نفسه جامع البراغي في عُلب وبين من يرى نفسه شريكًا في صنع الطائرة!
فرق كبير بين من لا يرى من وظيفته إلا الأجر الذي يجنيه وبين من يرى الأثر الذي يتركه!
كل عمل مهما كان بسيطًا يترك أثرًا في هذا العالم، تحتاج فقط أن تنظر إلى هذا الأثر!
أنت لستَ مجرد كناسٍ للطريق أنتَ شخص يُجمّل وجه مدينة!
أنت لستَ مجرد نجار، أنتَ إنسان يحمي البيوت من الشمس والريح!
أنت لستَ مجرد خياط، أنتَ تهب الناس لمسة أناقة!
أنت لستَ مجرد خطيب على المنبر، أنتَ تُعبّد طريق الناس إلى الله!
أنت لستَ مجرد مُدرس صبيان أنتَ صانع رجال!
أنت لستَ مجرد مهندس وصانع جسور أنتَ منشئ الوصل بين الناس!
أنت لستَ مجرد طبيب، أنتَ مخفف آلام!
أنتِ لستِ مجرد ربة أسرة، أنتَ أهم شخص في العالم، أنتِ بأمر الله واهبة هذا الكوكب قاطنيه، أنتِ أول مُربٍّ وأهمُ مُربٍّ فليس هناك صناعة أعظم من صناعة الإنسان!
الذي لا يرى من عمله إلا الأجر الذي يتقاضاه فقط، هو إنسان أعمى لا يرى!
هناك أثر يجب ألا يغيب عن بالنا، وهو الذي يجعل العمل رسالة، ويهب الإنسان قيمته، وقيمة الإنسان الحقيقية هي بالطريقة التي ينظر بها إلى نفسه، لا بالطريقة التي ينظر بها إليه الآخرون، لا أحد يستطيع إذلالك ما لم تكن أنت تشعر بالإذلال في داخلك فعلًا، ولا أحد يستطيع رفع قيمتك ما لم تكن أنتَ تشعر بقيمة نفسك!
التغيّرُ لا يعني أن تُحقق إنجازاتٍ خارقة، بل أن تعي قيمة الأشياء من حولك، فتتعامل معها وفق قيمتها لا وفق أثمانها! كما تراها أنتَ بعين قلبك، لا كما يراها النَّاس بعيون رؤوسهم!
أشياء بسيطة تصنعُ السعادة فلا تستصغر نفسكَ!
في رضا أبويك سعادة لو تلذذت بها،
وفي استغفارك من الذنب سعادة لو تأملته،
وفي الطاعة سعادة لو عشتها بقلبك،
وفي الدمعة التي تمسحها، والخاطر الذي تجبره، واليد التي تمدها سعادة!
السعادة ليست معجزاتٍ وخوارق،
السعادة إنجازات صغيرة بحب، فأحبَّ نفسكَ!
ما ضرك انحناء الناس ما دمتَ ثابتاً، وما نفعكَ ثباتهم لو انحنيتَ!
احترامك لنفسك شأن شخصي، لا علاقة للآخرين به، وأن تعرف هذا، فقد عرفتَ أول خطوات التغيير، وبالتالي أول خطوات السعادة!
أدهم شرقاوي / سُطور
❤1
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
happy valentines day ❤️
أعلنَ قاطنو هذا الكوكبِ اليوم أنهم سيأخذون إجازةً طارئةً من ممارسةِ الكراهية ليحتفلوا بعيد الحُبّ قبل أن يعودوا إلى سيرتهم الأولى : مدينةٌ تُبادُ هنا، وحيٌّ يُسوّى بالأرض هناك ، مدرسةٌ تُهدمُ، ومقبرةٌ تُشيّدُ، وكأنًّ شيئاً لم يكن!
أمّا عن عيدِ الحُبّ، ففيه روايتان تاريخيّتان، تتفقان على الزّمان والمكان، وتختلفان في الأحداث ! فالمكانُ كان روما، والزّمانُ كان العام ٢٠٧ للميلاد. أمّا عن الأحداثِ فتقولُ الرّواية الأولى أنّ القسيس فالنتينو وقع بحب ابنه الامبراطور كلاوديوس وزنى بها لأنّ إيمانه الكنسيّ يُحرّم عليه الزّواج ! فما كان من كلاوديوس إلا أن أعدمه ثأراً لشرفه، وإن كان من بطل لهذه الرواية فهو كلاوديوس لا فالنتينو ، وكان على البشرية أن تحتفل بعيد الشّرف بدل عيد الحُبّ !
أمّا الرّواية الثّانية فتقول أنّ الامبراطوريّة الرّومانيّة زمن كلاوديوس كانتْ ما تزالُ تدين بالوثنيّة، وكانت النصرانيّة ديانة قلّة مضطهدة كحال الإسلام أوّل البعثة في مكة! وكان كلاوديوس قد منع الزّواج بين الجنود، غير أنّ القسيس فالنتينو كان يعقده لهم سرّاً، فلما علم به كلاوديوس قتله !
وبحسب هذه الرّواية فإنّ فالنتينو بطل حقاً، ويحقُّ للقوم هناك أن يُبجّلوه، ولكن نحن الذين نستورد كل شيء من الإبرة حتى الصاروخ، لماذا علينا أن نستورد العُشّاق أيضاً ؟!
يقولُ المثلُ العاميّ : “ عنز الشّعيب ما يحب إلا التّيس الغريب ! ”
والمثلُ يُضربُ للزاهد في قومه المفتون بالغرباء ! وحالنا مع عيد الحُبّ حال عنز الشّعيب مع التيس الغريب !
هل خلا تاريخنا من العشّاق حتى نستوردهم ؟!
ماذا عن قيس بن الملوّح وقد جاء يوم عرفة مناجياً ربّه :
تبتُ إليكَ يا رحمنُ من كل ذنبٍ
أمّا عن هوى ليلى فإنّي لا أتوبُ !
ماذا عن ابن بُردٍ يقولُ لحبيبته :
لو كنتُ أعلمُ أنّ الحُبّ يقتلني
لأعددتُ لي قبل أن ألقاكِ أكفاناً
ماذا عن الملك الضليل يقول لفاطمة :
أغرّكِ منّي أنّ حبّكِ قاتلي
وأنّكِ مهما تأمري القلب يفعلِ
ماذا عن جميل يهيمُ ببُثينة، وعن كُثيّر يُجنُّ بعزّة، وعن بني عذرة أرقّ العرب قلوباً، وأحنّهنّ أفئدة، ينام الفارس منهم طريحاً في فراشه ليس فيه مرضٌ إلا الحُبّ !
ماذا عن محمّد صلى الله عليه وسلم وقد كان عنده أقرباء كثر، وأصدقاء مخلصون، وقبيلة كبيرة، ولكنّه يوم نزل عليه الوحي، وأصابه الخوف والبرد، ذهبَ إلى حضن خديجة كأنما يقول لها : أنتِ قبيلتي !
ماذا عنه وقد بلغ الثّانية والسّتين، فيرى نسوةً قد شارفنَ على الثمانين، فيخلع رداءه ليجلسنَ عليه، ويقول لمن حوله يُزيل عنهم دهشتهم : هؤلاء صويحبات خديجة !
ماذا عنه تغار عائشة منها وهي في قبرها، وتقول له: أما زلتَ تذكر خديجة وقد أبدلك الله خيراً منها ؟! فيقول لها : والله ما أبدلني الله خيراً من خديجة ، هذه امرأة رُزقتُ حبّها !
عندنا من قصص العشق ما إن أردنا أن نجعل من كلّ قصّة عيداً للحُبّ ما كفتْ أيام العام، ولكن عنز الشّعيب ما يحب إلا التيس الغريب!
أعلنَ قاطنو هذا الكوكبِ اليوم أنهم سيأخذون إجازةً طارئةً من ممارسةِ الكراهية ليحتفلوا بعيد الحُبّ قبل أن يعودوا إلى سيرتهم الأولى : مدينةٌ تُبادُ هنا، وحيٌّ يُسوّى بالأرض هناك ، مدرسةٌ تُهدمُ، ومقبرةٌ تُشيّدُ، وكأنًّ شيئاً لم يكن!
أمّا عن عيدِ الحُبّ، ففيه روايتان تاريخيّتان، تتفقان على الزّمان والمكان، وتختلفان في الأحداث ! فالمكانُ كان روما، والزّمانُ كان العام ٢٠٧ للميلاد. أمّا عن الأحداثِ فتقولُ الرّواية الأولى أنّ القسيس فالنتينو وقع بحب ابنه الامبراطور كلاوديوس وزنى بها لأنّ إيمانه الكنسيّ يُحرّم عليه الزّواج ! فما كان من كلاوديوس إلا أن أعدمه ثأراً لشرفه، وإن كان من بطل لهذه الرواية فهو كلاوديوس لا فالنتينو ، وكان على البشرية أن تحتفل بعيد الشّرف بدل عيد الحُبّ !
أمّا الرّواية الثّانية فتقول أنّ الامبراطوريّة الرّومانيّة زمن كلاوديوس كانتْ ما تزالُ تدين بالوثنيّة، وكانت النصرانيّة ديانة قلّة مضطهدة كحال الإسلام أوّل البعثة في مكة! وكان كلاوديوس قد منع الزّواج بين الجنود، غير أنّ القسيس فالنتينو كان يعقده لهم سرّاً، فلما علم به كلاوديوس قتله !
وبحسب هذه الرّواية فإنّ فالنتينو بطل حقاً، ويحقُّ للقوم هناك أن يُبجّلوه، ولكن نحن الذين نستورد كل شيء من الإبرة حتى الصاروخ، لماذا علينا أن نستورد العُشّاق أيضاً ؟!
يقولُ المثلُ العاميّ : “ عنز الشّعيب ما يحب إلا التّيس الغريب ! ”
والمثلُ يُضربُ للزاهد في قومه المفتون بالغرباء ! وحالنا مع عيد الحُبّ حال عنز الشّعيب مع التيس الغريب !
هل خلا تاريخنا من العشّاق حتى نستوردهم ؟!
ماذا عن قيس بن الملوّح وقد جاء يوم عرفة مناجياً ربّه :
تبتُ إليكَ يا رحمنُ من كل ذنبٍ
أمّا عن هوى ليلى فإنّي لا أتوبُ !
ماذا عن ابن بُردٍ يقولُ لحبيبته :
لو كنتُ أعلمُ أنّ الحُبّ يقتلني
لأعددتُ لي قبل أن ألقاكِ أكفاناً
ماذا عن الملك الضليل يقول لفاطمة :
أغرّكِ منّي أنّ حبّكِ قاتلي
وأنّكِ مهما تأمري القلب يفعلِ
ماذا عن جميل يهيمُ ببُثينة، وعن كُثيّر يُجنُّ بعزّة، وعن بني عذرة أرقّ العرب قلوباً، وأحنّهنّ أفئدة، ينام الفارس منهم طريحاً في فراشه ليس فيه مرضٌ إلا الحُبّ !
ماذا عن محمّد صلى الله عليه وسلم وقد كان عنده أقرباء كثر، وأصدقاء مخلصون، وقبيلة كبيرة، ولكنّه يوم نزل عليه الوحي، وأصابه الخوف والبرد، ذهبَ إلى حضن خديجة كأنما يقول لها : أنتِ قبيلتي !
ماذا عنه وقد بلغ الثّانية والسّتين، فيرى نسوةً قد شارفنَ على الثمانين، فيخلع رداءه ليجلسنَ عليه، ويقول لمن حوله يُزيل عنهم دهشتهم : هؤلاء صويحبات خديجة !
ماذا عنه تغار عائشة منها وهي في قبرها، وتقول له: أما زلتَ تذكر خديجة وقد أبدلك الله خيراً منها ؟! فيقول لها : والله ما أبدلني الله خيراً من خديجة ، هذه امرأة رُزقتُ حبّها !
عندنا من قصص العشق ما إن أردنا أن نجعل من كلّ قصّة عيداً للحُبّ ما كفتْ أيام العام، ولكن عنز الشّعيب ما يحب إلا التيس الغريب!
قصة حقيقية ..
تقول فتاة : تقدّم أحدُهم لخطبتي وكان شرطه الوحيد للزواج هو الإعتناء بوالدته !!
أخبرني بأنه لن يطلب مني أكثر من ذلك ، فقط أن أُراعي أمه وقت غيابه ، فأُمه طريحة الفراش منذ عشرة أعوام ، وبعد وفاة والده لم يبقَ له سواها من الحياة .
قال لي : هذا شرطي فقط ( أمي )
أعرف بأنكِ لستٍ مُكّلفه برعايتها أو خدمتها ولكن إذا وافقتِ فستعملين ذلك من باب إنسانيتك وطاعةً لي ، هكذا أخبرني !
كانت أمه تعرضت لحادث سير مُرعب فقدت معه التحكم في جسمها بالكامل وشُلت أطرافها ، وكان هو القائم برعايتها ، ولكن نظراً لدراسته وعمله ، فهناك أوقات يغيب عنها وهي بحاجة إلى أدوية واهتمام !
فكّرت كثيراً وتحيّرت أكثر ، فهذا كأنه بحاجة إليّ خادمة وليس زوجة !
تكلّمت مع والدي الذي خفف من ضجيج تفكيري وقال لي : إسمعي يا ابنتي ، هذا مستقبلك وليس لي حق التأثير عليكِ ، ولكن طالما سألتيني رأيي فأنا أؤمن جيداً بأن (صنائع المعروف تقي مصارع السوء) .. وشخص كهذا حريص على والدته لن يُضيعك معه ولن يظلمك حقك !
إن أحبك أكرمك ، وإن كرهك لن يظلمك
فإذا كنتِ ستُراعي أمه ليس بشكل يُرضيه ولكن ستضعيها في مقام أمك فاقبلي يا ابنتي ، وإذا كان الشيطان سيجد بابه إلى قلبك فيحملك على ظُلمها فقولك( لا ) أسلم لكِ .
وتزّوجنا فعلاً ، وفي أول ليلة لي معه أخذني إلى غُرفتها ، صُعقت من منظر الغرفة ، كانت كقطعة من الجنة ، ألوانها ، ترتيبها ، وسائل التدفئة فيها ، مُختلفة تماماً عن باقي البيت !!!
تركني واقترب من سريرها ، كانت نائمة ، أخذ يهز كتفها برفق قائلاً : ماما ، لقد أحضرت هديتي لكِ ، هذه زوجتي ألا تريدين رؤيتها ؟!
فتحت عينيها برفق ونظرت له بابتسامة ثم حوّلت نظرها عليّ ، لا أستطيع وصف تلك اللحظة ، عيونها مليئة بألم ، وثغرها مبتسم بحُزن ، كان وجهها كالقمر في ليلة تمامه ، هادئ جداً لإمرأة في السبعين من عمرها !
قالت : مُبارك عليكِ بُنيتي زفافك ، وأدعو الله أن يهدي لكِ صغيري هذا ، وأن يرزُقك ولداً باراً مثله ، وألا تكوني ثقيلة عليه مثلي ، ثم ذرفت عينيها دموعاً أشبه بفيضان سُمح له بالجريان.
سارع لمسح دموعها بكُم بدلته وقال : هذا الكلام يُغضبني ، وأنتِ تعلمين ذلك ، أرجوكِ ماما لا تُعيديها !
واقتربت أنا منها وقبّلت يدها ورأسها وقلت : أمين ماما .
مرت أيامي في هذا البيت ودهشتي فيه تزيد يوماً بعد يوم ، كان هو من يُغير لها الحفّاض ، وكان يُحممها في مكانها بفرشاة الإستحمام ، وكان يُبلل لها شعرها ، ويُسرحه لها ، وعندما تألمت من المشط أحضر لها مشط غريب ، كان من الورق المقوى ، ناعم من أجل فروة رأسها ، كان قد رآه في أحد الإعلانات التجارية ، أحضره لها ..
سُرّت جداً بذلك المشط ، كان يُضفّر لها شعرها في جديلتين صغيرتين ، كانت تخجل عندما يفعل لها ذلك وتبتسم بحياء وتقول : لست صغيرة على هذا أيها الولد ، فلتُنهي ذلك !
كان يرد : عندما يُعجب أحدهم بكِ فستشكُريني ، عندها تغرق في ضحكٍ عميق ..
كنت أراه من خلف ذلك الضحك ينظر لها كطفل ما زال في السادسة من عمره !
حقاً كان يُحبها ، وجداً
لا أعرف ماذا قصد عندما أخبرني بأنه يريدني أن أعتني بها ؟!!
في الواقع هو يفعل كل شيء ، أخبرني بأن وقت خروجه وعمله يستثقله عليها بأن تكون فيه وحيدة
كنت أستغرب كيف يجد وقت لكل ذلك ، فقط كنت أنا أساعدها في تناول وجباتها وأخذ أدويتها ، هذا كل دوري.
أحببت علاقته بها جداً ، كان مُتعلق بها وهي أكثر ، كان يستيقظ في الليل على الأقل ثلاث مرات لينقلها من جانب لآخر ، حتى لا تُصاب بقُرح الفراش وليطمئن عليها.
كان مع كل مُناسبة يُحضر لها ملابس جديدة ، ويُشعرها بجو تلك المناسبة بمساعدة التكنولوجيا ..
وفي أحد المرات كان قد نسي إحضار حفاضاً لها ، وعندما استيقظ ليلاً للإطمئنان عليها شم رائحة غير جيدة ، فعرف أنها قد أطلقتها على نفسها !!
كانت تبكي جداً وتقول : آسفة ، حدث ذلك رغماً عني
كان مُنهمكاً في تنظيفها وهي تبكي وتقول : أنت لا تستحق مني ذلك ، هذا ليس جزاءً لائقاً بك ، أدعو الله أن يُعجّل بما بقي لي من أيام.
أخبرها قائلاً : أفعل ذلك يا أمي بنفس درجة الرضا التي كنتِ تفعليها بي في صغري !!
وبكيتُ ليلتها كثيراً جداً
هذا الرجل فعلاً رزق
أنجبت منه ولد ، تمنيت أن يكون مثله في كل شيء ، فحملته وذهبت به عند جدته ووضعته في حضنها وقلت لها : أريده مثل ابنكِ ؟
ابتسمت وقالت : صغيري هذا رزق لي ، والرزق بيد الله عزيزتي ، فادعِ الله أن يُربّيه لكِ .
كانت حياته كُلها بِرّ وبركة وخير ، لم يتذمر منها قط ، لا أمامي ولا أمام غيري ..
كانت رائحته تفوح بالبرِّ بأمه ، حتى ظننتُ أنها تكفي جميع العاقين
هذا الإبن البار هو : الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي
تقول فتاة : تقدّم أحدُهم لخطبتي وكان شرطه الوحيد للزواج هو الإعتناء بوالدته !!
أخبرني بأنه لن يطلب مني أكثر من ذلك ، فقط أن أُراعي أمه وقت غيابه ، فأُمه طريحة الفراش منذ عشرة أعوام ، وبعد وفاة والده لم يبقَ له سواها من الحياة .
قال لي : هذا شرطي فقط ( أمي )
أعرف بأنكِ لستٍ مُكّلفه برعايتها أو خدمتها ولكن إذا وافقتِ فستعملين ذلك من باب إنسانيتك وطاعةً لي ، هكذا أخبرني !
كانت أمه تعرضت لحادث سير مُرعب فقدت معه التحكم في جسمها بالكامل وشُلت أطرافها ، وكان هو القائم برعايتها ، ولكن نظراً لدراسته وعمله ، فهناك أوقات يغيب عنها وهي بحاجة إلى أدوية واهتمام !
فكّرت كثيراً وتحيّرت أكثر ، فهذا كأنه بحاجة إليّ خادمة وليس زوجة !
تكلّمت مع والدي الذي خفف من ضجيج تفكيري وقال لي : إسمعي يا ابنتي ، هذا مستقبلك وليس لي حق التأثير عليكِ ، ولكن طالما سألتيني رأيي فأنا أؤمن جيداً بأن (صنائع المعروف تقي مصارع السوء) .. وشخص كهذا حريص على والدته لن يُضيعك معه ولن يظلمك حقك !
إن أحبك أكرمك ، وإن كرهك لن يظلمك
فإذا كنتِ ستُراعي أمه ليس بشكل يُرضيه ولكن ستضعيها في مقام أمك فاقبلي يا ابنتي ، وإذا كان الشيطان سيجد بابه إلى قلبك فيحملك على ظُلمها فقولك( لا ) أسلم لكِ .
وتزّوجنا فعلاً ، وفي أول ليلة لي معه أخذني إلى غُرفتها ، صُعقت من منظر الغرفة ، كانت كقطعة من الجنة ، ألوانها ، ترتيبها ، وسائل التدفئة فيها ، مُختلفة تماماً عن باقي البيت !!!
تركني واقترب من سريرها ، كانت نائمة ، أخذ يهز كتفها برفق قائلاً : ماما ، لقد أحضرت هديتي لكِ ، هذه زوجتي ألا تريدين رؤيتها ؟!
فتحت عينيها برفق ونظرت له بابتسامة ثم حوّلت نظرها عليّ ، لا أستطيع وصف تلك اللحظة ، عيونها مليئة بألم ، وثغرها مبتسم بحُزن ، كان وجهها كالقمر في ليلة تمامه ، هادئ جداً لإمرأة في السبعين من عمرها !
قالت : مُبارك عليكِ بُنيتي زفافك ، وأدعو الله أن يهدي لكِ صغيري هذا ، وأن يرزُقك ولداً باراً مثله ، وألا تكوني ثقيلة عليه مثلي ، ثم ذرفت عينيها دموعاً أشبه بفيضان سُمح له بالجريان.
سارع لمسح دموعها بكُم بدلته وقال : هذا الكلام يُغضبني ، وأنتِ تعلمين ذلك ، أرجوكِ ماما لا تُعيديها !
واقتربت أنا منها وقبّلت يدها ورأسها وقلت : أمين ماما .
مرت أيامي في هذا البيت ودهشتي فيه تزيد يوماً بعد يوم ، كان هو من يُغير لها الحفّاض ، وكان يُحممها في مكانها بفرشاة الإستحمام ، وكان يُبلل لها شعرها ، ويُسرحه لها ، وعندما تألمت من المشط أحضر لها مشط غريب ، كان من الورق المقوى ، ناعم من أجل فروة رأسها ، كان قد رآه في أحد الإعلانات التجارية ، أحضره لها ..
سُرّت جداً بذلك المشط ، كان يُضفّر لها شعرها في جديلتين صغيرتين ، كانت تخجل عندما يفعل لها ذلك وتبتسم بحياء وتقول : لست صغيرة على هذا أيها الولد ، فلتُنهي ذلك !
كان يرد : عندما يُعجب أحدهم بكِ فستشكُريني ، عندها تغرق في ضحكٍ عميق ..
كنت أراه من خلف ذلك الضحك ينظر لها كطفل ما زال في السادسة من عمره !
حقاً كان يُحبها ، وجداً
لا أعرف ماذا قصد عندما أخبرني بأنه يريدني أن أعتني بها ؟!!
في الواقع هو يفعل كل شيء ، أخبرني بأن وقت خروجه وعمله يستثقله عليها بأن تكون فيه وحيدة
كنت أستغرب كيف يجد وقت لكل ذلك ، فقط كنت أنا أساعدها في تناول وجباتها وأخذ أدويتها ، هذا كل دوري.
أحببت علاقته بها جداً ، كان مُتعلق بها وهي أكثر ، كان يستيقظ في الليل على الأقل ثلاث مرات لينقلها من جانب لآخر ، حتى لا تُصاب بقُرح الفراش وليطمئن عليها.
كان مع كل مُناسبة يُحضر لها ملابس جديدة ، ويُشعرها بجو تلك المناسبة بمساعدة التكنولوجيا ..
وفي أحد المرات كان قد نسي إحضار حفاضاً لها ، وعندما استيقظ ليلاً للإطمئنان عليها شم رائحة غير جيدة ، فعرف أنها قد أطلقتها على نفسها !!
كانت تبكي جداً وتقول : آسفة ، حدث ذلك رغماً عني
كان مُنهمكاً في تنظيفها وهي تبكي وتقول : أنت لا تستحق مني ذلك ، هذا ليس جزاءً لائقاً بك ، أدعو الله أن يُعجّل بما بقي لي من أيام.
أخبرها قائلاً : أفعل ذلك يا أمي بنفس درجة الرضا التي كنتِ تفعليها بي في صغري !!
وبكيتُ ليلتها كثيراً جداً
هذا الرجل فعلاً رزق
أنجبت منه ولد ، تمنيت أن يكون مثله في كل شيء ، فحملته وذهبت به عند جدته ووضعته في حضنها وقلت لها : أريده مثل ابنكِ ؟
ابتسمت وقالت : صغيري هذا رزق لي ، والرزق بيد الله عزيزتي ، فادعِ الله أن يُربّيه لكِ .
كانت حياته كُلها بِرّ وبركة وخير ، لم يتذمر منها قط ، لا أمامي ولا أمام غيري ..
كانت رائحته تفوح بالبرِّ بأمه ، حتى ظننتُ أنها تكفي جميع العاقين
هذا الإبن البار هو : الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي
Forwarded from ❈⇩جبر الخواطر ⇩❈ (ﹷۣۗৡﻤۣۗﻠﮩٰۙۧﹷﮕﹷۣۗۃﹷৡ. ۦٰۙاۥل℘ۥﯿۥۦٰﹷۣۗﹷﺳﹷۣۗﹷۣۦٰۙﻤﹷۣۥۥۣۗﯿ℘ۦٰۙﻦ)
من أخرج هذه الزّهرة من صُلب الصّخر لا يعجزهُ سُبحانه أن يخرجك من كُل ضيـقٍ إلى أوسـع الطّريـق، ويُنبت في قلبـك الأمـل حتى تُزهـر رُوحك من جديد..!
Forwarded from ❈⇩جبر الخواطر ⇩❈ (ﹷۣۗৡﻤۣۗﻠﮩٰۙۧﹷﮕﹷۣۗۃﹷৡ. ۦٰۙاۥل℘ۥﯿۥۦٰﹷۣۗﹷﺳﹷۣۗﹷۣۦٰۙﻤﹷۣۥۥۣۗﯿ℘ۦٰۙﻦ)
بين الورد والود (راء)اللين
وبين القلب واللب (قاف)القرب
مارس الرحمه قدر طاقتك
فكلما تلطفت مع خلق الله .زاد لطف الله حوالك
وبين القلب واللب (قاف)القرب
مارس الرحمه قدر طاقتك
فكلما تلطفت مع خلق الله .زاد لطف الله حوالك