مفارقة محرجة بعض الشيء: الدول التي صرفت الأموال، واتَّبَعت استراتيجية واضحة لتتصدر العالم تعليميًّا (أمريكا مثلًا) لم تنل هذا اللقب، بينما الدول التي لم تسعَ للأفضلية يومًا، ولم ترفع ميزانيتها التعليمية، وإنما اكتفت ببعض التحسينات التي توفر عليها التكاليف الباهظة، هي التي تبوأت القمة (فنلندا طبعًا).
من توحيد التعليم إلى تفريد التعليم
دائمًا ما يركز التعليم التقليدي على معيار واحد للنجاح فقط: اختبارات، واجبات، مشروعات، وكلها مسطرة قياس موحدة للجميع، الطلاب والطالبات ملزمون بتحقيق هذا المعيار الوحيد لضمان عملية الترقي للمراحل التالية، بافتراض أن جميع البشر يتمتعون بنفس القدرات وذات الإمكانات، وما دام هناك طالب واحد استطاع أن يحقق هذا المعيار، فجميعهم قادر على ذلك. هذا هو «توحيد التعليم».
أما مرحلة «تفريد التعليم»، فتقوم على مبدأ الإقرار أولًا بأن الطلاب متفاوتون في قدراتهم وإمكانياتهم خلال عملية التعلم.
ففي مرحلة التفريد يوجَّه المدرس إلى وضع خطة فردية تتناسب مع الاختلافات الطبيعية بين طالب وآخر. وتتسم هذه الخطط الفردية بالمرونة العالية بحيث يتمكن المدرس من متابعة أداء كل تلميذ على حدة، وبحسب نقاط قوته وضعفه يحدد الأستاذ مدى تطور مستواه التعليمي: لا يقارَن تلميذ بآخر، كل تلميذ له مسار تقييمي خاص يدركه أستاذه جيدًا.
لا غرابة إن عرفنا أن المدرس الفنلندي يستمر في تدريس نفس الصف بنفس الطلبة لأكثر من خمس مراحل متتالية، وربما يعرف تلاميذه أكثر من ما يعرفهم آباؤهم.
كيف تلاشت نسب الرسوب في مدارس فنلندا؟
من حق كل طالب مهما يكن مستواه أن يتحصل على دعم شخصي من أستاذه داخل فصله، بهذا فقط تلاشت نسبة الرسوب في فنلندا.
هكذا يحدث الرسوب: شخص واحد يُملي دروسًا كثيفة على أدمغة كثيرة خلال ساعات قليلة. يضطر الطالب، المزدحم بسبع مواد وسبعة مدرسين وسبعة متطلبات، أن يلجأ إلى مساعدة من خارج الفصل (مدرس خاص، صديق أكبر، أم خارقة، رشوة، تسريب، غش، إلخ) كي يلحق بالمنهج، ومن لا يفعل سيستمر في كرسيه لعام إضافي.
المدرسة الفنلندية ترى رسوب الطالب نوعًا من الظلم الواقع عليه لأنه الوحيد الذي يتحمَّل فشل الإدارة والمناهج والمدرسين. الطالب يعيد السنة ويتأخر ويحبط ويُلام، بينما يظل المنهج مصانًا رغم عواره، والمدرس محميًا رغم التقصير.
رسوب الطالب فشل للأستاذ والمادة والمنهج وطاقم الإدارة جميعًا.
من حق كل طالب مهما يكن مستواه أن يتحصل على دعم شخصي من أستاذه داخل فصله، بهذا فقط تلاشت نسبة الرسوب في فنلندا.
يقولون في فنلندا 《 نحن لانملك ذهبا ولانفطا ولكن لدينا تعليم .》
#مقتطف من مقال ل. أحمد المشاري !
من توحيد التعليم إلى تفريد التعليم
دائمًا ما يركز التعليم التقليدي على معيار واحد للنجاح فقط: اختبارات، واجبات، مشروعات، وكلها مسطرة قياس موحدة للجميع، الطلاب والطالبات ملزمون بتحقيق هذا المعيار الوحيد لضمان عملية الترقي للمراحل التالية، بافتراض أن جميع البشر يتمتعون بنفس القدرات وذات الإمكانات، وما دام هناك طالب واحد استطاع أن يحقق هذا المعيار، فجميعهم قادر على ذلك. هذا هو «توحيد التعليم».
أما مرحلة «تفريد التعليم»، فتقوم على مبدأ الإقرار أولًا بأن الطلاب متفاوتون في قدراتهم وإمكانياتهم خلال عملية التعلم.
ففي مرحلة التفريد يوجَّه المدرس إلى وضع خطة فردية تتناسب مع الاختلافات الطبيعية بين طالب وآخر. وتتسم هذه الخطط الفردية بالمرونة العالية بحيث يتمكن المدرس من متابعة أداء كل تلميذ على حدة، وبحسب نقاط قوته وضعفه يحدد الأستاذ مدى تطور مستواه التعليمي: لا يقارَن تلميذ بآخر، كل تلميذ له مسار تقييمي خاص يدركه أستاذه جيدًا.
لا غرابة إن عرفنا أن المدرس الفنلندي يستمر في تدريس نفس الصف بنفس الطلبة لأكثر من خمس مراحل متتالية، وربما يعرف تلاميذه أكثر من ما يعرفهم آباؤهم.
كيف تلاشت نسب الرسوب في مدارس فنلندا؟
من حق كل طالب مهما يكن مستواه أن يتحصل على دعم شخصي من أستاذه داخل فصله، بهذا فقط تلاشت نسبة الرسوب في فنلندا.
هكذا يحدث الرسوب: شخص واحد يُملي دروسًا كثيفة على أدمغة كثيرة خلال ساعات قليلة. يضطر الطالب، المزدحم بسبع مواد وسبعة مدرسين وسبعة متطلبات، أن يلجأ إلى مساعدة من خارج الفصل (مدرس خاص، صديق أكبر، أم خارقة، رشوة، تسريب، غش، إلخ) كي يلحق بالمنهج، ومن لا يفعل سيستمر في كرسيه لعام إضافي.
المدرسة الفنلندية ترى رسوب الطالب نوعًا من الظلم الواقع عليه لأنه الوحيد الذي يتحمَّل فشل الإدارة والمناهج والمدرسين. الطالب يعيد السنة ويتأخر ويحبط ويُلام، بينما يظل المنهج مصانًا رغم عواره، والمدرس محميًا رغم التقصير.
رسوب الطالب فشل للأستاذ والمادة والمنهج وطاقم الإدارة جميعًا.
من حق كل طالب مهما يكن مستواه أن يتحصل على دعم شخصي من أستاذه داخل فصله، بهذا فقط تلاشت نسبة الرسوب في فنلندا.
يقولون في فنلندا 《 نحن لانملك ذهبا ولانفطا ولكن لدينا تعليم .》
#مقتطف من مقال ل. أحمد المشاري !
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
الأطفال يحتاجون الشعور بالحب