وكتاب آخر لطيف جدًا 👇🏼
معقد الصلاح ومفتاح الإصلاح في الصلاة والقرآن 🌱🌧️

الصلاةُ والقرآن ركيزتان عظيمتان يحرص الشيطانُ كلَّ الحِرص أن يقطع صِلةَ العبدِ بهما، أو يُضعِفَ أثرَهما في قلبه؛ فهما عالَمان يفرُّ منهما الشيطان كما يفرُّ الجبانُ من السيفِ المسلول، ولذا يُعمِل حِيلَه لصرف العبد عنهما بما أُوتي من مكرٍ وخديعة؛ لأنه يعلم أنهما معِينُ الهداية ومنبعُ الرُّشد والنور ومصبُّ الخير، وفيهما حياةُ القلوب ودوامُ الصلةِ بعلاّمِ الغيوب.

فالصلاةُ لبُّ الدينِ وروحُه، والبابُ المفتوحُ بين العبدِ وربِّه؛ فيها يفيضُ النور، ومنها تنبعُ الطمأنينة.
هي ساعةُ اللقاء التي يفتح فيها الملكُ الكريمُ أبوابَ السماء، وينظر إلى قلبِ عبدِه: أفيها خشوعُه أم غفلتُه؟ أفيها إخلاصُه أم صورتُه؟ فما سَعِدَ بصلاتِه إلا من عقلَها، وجعلها قُرَّةَ عينِه وراحةَ قلبِه، وأقبلَ عليها بكُلِّيَّتِه. ولذا يُلقي الشيطانُ وساوسَه فيها، ويلاحقُ المصلّي في محرابِه، ويشوِّشُ عليه، وينثر بين يديه همومَه؛ لئلّا يذوقَ طَعمَها ولا يقطفَ ثمرتَها؛ حتى يخرجَ منها بقلبٍ غافلٍ وجَنانٍ مشغول، فيفقدَ أثرَها وبركتَها. وقد قال الصادقُ المصدوقُ ﷺ: «ليس لك من صلاتِك إلا ما عقلتَ».
فما أعظم أن تكونَ الصلاةُ قُرَّةَ عينِك، وموعدَ أُنسِك، وموضعَ خشوعِك؛ ترفعُها إلى ربِّك طيّبةً مباركةً، فيرضى عنها ويُثيبك عليها.

وأمّا القرآنُ فهو حبلُ الله المتين، طَرَفُه عند الله، وطَرَفُه بين يدي العبد؛ من تمسّكَ به ارتفع، ومن أعرضَ عنه سقط. هو الميثاقُ المبين، الهادي إلى الكمال، والدالُّ على الرشاد، والجامعُ بين صلاحِ المعاشِ والمعاد.
آياتُه تُذيبُ القسوةَ من القلب كما تُذيبُ الشمسُ الجليدَ، وتنفخُ في الروحِ من أنوارِها ما يردُّها إلى فطرتِها الأولى. ومن تمسّك به وعمل به سعدَ في الدارين، وغمرتْه البركاتُ في كلِّ زمانٍ ومكان. ولذا يجتهدُ الشيطانُ أن يحولَ بينك وبين هذا الكتاب العظيم؛ فإذا قرأتَه شغَلك، وإن تدبَّرتَه لبَّس عليك، ليصُدَّك عن تدبّره؛ حتى لا ترى مرآتك فيه، ولا تسمع نداءَ الله من خلاله.

وإذا اجتمع القرآنُ والصلاةُ في جوفِ الليل، كانت أنوارُ الهدايةِ أتمَّ وأوضح؛ وكنتَ كمن أقام ساعةً في محرابِ الجنةِ على الأرض، يُبصِرُ عيوبَ نفسِه، ويغسلُها بآياتِ الله، ويستشعرُ أنَّه بين يدي مولاه في مقامِ تطهيرٍ واصطفاء. فقيامُ الليل مرآةُ المرءِ، تُبصِّرُه عيوبَه، وتعملُ آياتُ الكتاب في تطهيرِها وتهذيبِها حتى تعودَ إلى فطرتِها الأولى.

فأحسِن يا صاح صِلتك بالصلاةِ والقرآن، وأعطِهما من قلبِك وحضورِك ما يليقُ بهما، واجعلْ لهما في يومِك نصيبًا لا ينقطعُ وأثرًا لا يُمحى؛ وحينَها سترى قلبَك قد أزهَر، وحياتَك قد تغيَّرت، وأيامَك قد غمرَتها السكينةُ والبركة.

فيا أيُّها السائرُ إلى الله، إن شئتَ اختصارَ الطريق، فاعتنِ بهاتين الركيزتين، واجعلْ صلاتَك حياةَ قلبِك، وقرآنَك زادَ روحِك، ثم لا تُبالِ ما فاتكَ من الدنيا؛ فإنك معهما على وعدِ الله الحقّ: ﴿وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ﴾.
تحرير الشمائل في متن الصفة النبوية وحواشيه 📗📙

دراسة شمائل النبي ﷺ تعتبر مدخلًا مهمًا لمن أراد دراسة سيرته ﷺ الدراسة الواعية المؤثرة التي تحقق مقصودها في القلوب المؤمنة.

فمن قصد دراسة السيرة النبوية احتاج إلى مدخل قبلها يقف به على جانب من عظمة شخص النبي ﷺ وما حباه الله من الكمالات البشرية، وما خصّه به من الخصال الكاملة العظيمة.

وذلك لا يكون إلا بتعلّم شأن النبي ﷺ وهديه وصفاته الخَلْقية والخُلُقية وسائر تفاصيل خصوصياته ﷺ في شأنه كله، كل ذلك لتحقيق محبة أصدق واتباع أتم وطاعة أكمل للنبي ﷺ وذلك هو الهدف المقصود من معرفة الشمائل النبوية.

وكتب الشمائل النبوية هي الكتب التي اختصت بتناول دراسة أخلاق النبي ﷺ أو خِلقته، أو شيء من خصائصه.
هي
: الطباع والخصال والصفات النبوية التي كان موصوفًا بها.


وكلما زادت معرفتك بشمائله ﷺ وتعمّقت بها وأعطيتها حظًا وافرًا من الدرس والتأمل؛ قادك هذا إلى محبته ﷺ وإلى اتباعه.
وهذا الحب الذي ما أُشرب في قلب إلا صار صاحبه أكثر طاعة للنبي ﷺ واتباعًا له وتمسكًا بسنته.

ومحبته ﷺ مقصد كبير وهدف عظيم،
قال ﷺ: " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من والده وولده والناس أجمعين ".

ولا أنسى إجابة ذلك الشيخ الفاضل عندما سُئل عن أهم كتب التزكية، فقال على البديهة: (من أهم كتب التزكية كتب شمائل النبي ﷺ).
وصدق والله، فإذا كانت قراءتك لشمائل رجل من العظماء تؤثر فيك فما بالك بقراءة شمائل أكمل البشرية وأزكى البرية، المؤيد بالوحي من ربه، ومن قال الله عنه وهو أصدق القائلين: (وإنك لعلى خلق عظيم ).
وانظر كم مؤكدًا في هذه الآية.

فيا من أردت التزكية والهداية واليقين وزيادة الإيمان دونك كتب الشمائل.

وإني أرشّح لك أخي الغالي كتابًا لطيفًا ستعيش معه لحظات إيمانية فاخرة، وهو تحرير الشمائل في متن الصفة النبوية وحواشيه في صفة رسول الله ﷺ وأحوال بدنه وطعامه ولباسه، وسلاحه وركائبه وماله ونفقته وبيته ومتاعه وأزواجه وذريته ومرضه ووفاته وتجهيزه والصلاة عليه.

هذا الكتاب فيه إضافات وفوائد وتحريرات تعيننا على معرفة الهدي وكيفية الاقتداء به وتطبيقه في حياتنا وواقعنا.

اللهم ارزقنا صدق المحبة وحسن الاتباع للنبي ﷺ، واسلك بنا سبيله، ومنّ علينا بمرافقته في أعلى جنة الخلد.
الهدايات المكنونة في يومك، لو أبصرتَها 🌱🌧️

ما أبهى أن يكون للعبد روحٌ مرهفة شفّافة، تلتقط أنفاس الهداية التي يمنّ الله بها عليه، فلا يدعها تمضي سُدى، ولا يمرّ عليها غافلًا، وما أعظم أن يفتح الإنسان عينيه على يومه، فيجد أن ساعاته حبلى بهدايات متتابعة، وأنفاسٍ معطّرةٍ بالنِّعم الجليلة.

وهذه الهدايات والنعم لا تُحسّها إلا روحٌ استيقظت، ولا تتذوّقها إلا نفسٌ صافيةٌ من كدر الغفلة. فما أكثر ما يمضي على الإنسان من نعمٍ مطويةٍ في يومه، لو أنه تأمّلها لوجدها منثورة في طريقه، ولكن الغفلة سارقٌ خفيّ، تأتي على القلب فتُنسيه النّعم، وتتركه يحدّق في النقائص، فلا يرى إلا ما فاته، ولا يذكر إلا ما حرمه.

أجل، إن التفطّن لذلك بابٌ من أبواب السعادة، وسبيلٌ إلى مزيدِ الرشد والهداية. وأعظمُ ثمراته أن ينطلق اللسانُ والقلبُ بالشكر؛ فالشكر ـ في حقيقته ـ عينُ الهداية، فإذا انفتحت بصيرتك على ما أولاك الله، انطلقتَ بالشكر، ومن شكرَ زاده الله، وكان شكرُه سببًا لمزيد من الهداية والتوفيق ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾.
أمّا الغفلةُ ونسيانُ الشكر فهما مطيّةُ السلب والحرمان، وذلك ما يسعى إليه الشيطان بخيله ورَجِلِه، يذكّرك بما فاتك، ويُنسيك ما أُعطيت، حتى يُحيل النِّعَم الغامرة إلى شعورٍ بالحرمان والنقص!

أما سألتَ نفسك: أليس في استيقاظك لصلاة الفجر، وأنت في سترٍ وصحّة، آيةُ هدايةٍ تستحق أن تسجد لله شكرًا عليها؟
أليس في تلاوتك للقرآن، وفي خشوعك لأنواره، نعمةٌ لو غابت لكان قلبك قفرًا كالأرض الميتة؟
أليس في نفورك من المعصية، وانشغالك بما يحبّ الله، برهانٌ على أن لطفًا من الله يُحيط بك ولا يدعك تضلّ؟
أليس في برّك بوالديك، أو كلمةِ نفعٍ جرت على لسانك، أو خيرٍ هُديتَ إليه، دليلٌ على أن الله يتعهّدك بالفضل؟

جرّب أن تختلي بنفسك وتجلس جلسةً صافية، تُحصي ما أنتَ فيه من ألطاف، وتُسجّل فيها ما أسبغ الله عليك من هدايات؛ ستجد نفسك في بحرٍ زاخرٍ من العطاء، وفي زِحامٍ من النِّعَم قد نسج الشيطان حولها حجابًا من النسيان، ولفّها برداء الغفلة؛ حتى تغفل عن شكرها، وتظنَّها من طبائع الأشياء، وأنك أهلٌ لها، ثم تُسلبُها وأنت لا تشعر، ولا تدري أن الحرمان إنما يبدأ من الغفلة.

والموفّق حقًّا من جعل أُنسَه بعد كل عملٍ صالح، ودعاءَه بعد كل توفيقٍ ساقه الله إليه:
﴿الحَمدُ لِلَّهِ الَّذي هَدانا لِهذا وَما كُنّا لِنَهتَدِيَ لَولا أَن هَدانَا اللَّهُ﴾.
واذكر كلمةَ داود حين ناجى ربَّه فقال: «يا ربّ، كيف أشكرك وشكري لك نعمةٌ منك تستوجب الشكر؟» فأوحى الله إليه: «الآن شكرتني يا داود».
هداياتُك لو أبصرتَها 🌧️
القراءة .. عبور إلى النور أو انغماس في الظلمة 📚
دورة نافعة بإذن الله لفضيلة شيخنا الدكتور خالد بن حمد الجابر وفّقه الله.

والدكتور خالد يقوم على ثغر عظيم في مجال علم النفس الإسلامي وإيجاد المصطلحات البديلة، وبناء الأسرة انطلاقًا من النظرية النفسية الشاملة في علم النفس الإسلامي. وحين تسمع لمحاضراته ودوراته تجد فيها الحذق في التخصص والعلم الشرعي المؤصل والاعتزاز بالهوية الإسلامية وتعظيم الوحي والرجوع إليه والانطلاقة منه في جميع الأمور، وهذا ما أكسب خطاب الدكتور قوة ونفعًا وتأثيرًا.


وأنصح بهذه الدورة كثيرًا، فالمرأة في هذا الزمن بأمسّ الحاجة لتهيئتها معرفيًا ونفسيًا وعمليًا حتى تقوم بدورها في هذه الحياة لتكون أمًّا ناجحة.

ومن أهداف الدورة:
ـ تمكين المرأة من بناء أسري ونفسي دائم.
ـ تعزيز مهاراتها في إدارة العلاقة الزوجية وحل الخلافات.
ـ تأهيل الأمهات بأساليب تربوية متزنة، والمساهمة في بناء أُسر أكثر استقرارًا.

ويالها والله من أهداف عظيمة، فالمرأة بصلاحها تصلح البيوت وتستقيم الأسرة، ويُختصر طريق الإصلاح والتربية.



وهذه حلقة مباركة نفع الله بها سبق أن تكلم فيها الدكتور عن الأم الناجحة، فيها تسليط الضوء على هذا الموضوع ، لمن أراد أن يعرف أكثر عن الأم الناجحة.


https://youtu.be/MfvJMHmwG1k?si=qYDbYV8qSuzFgwDD
﴿رَبَّنَا آتِنَا مِن لَدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾

دعوة جامعة تنساب على القلب انسياب الغيث على الأرض الظمأى..

ما أكثر ما تُتلى، وما أعظم ما تَحوي من أسرارٍ وهدايات..

إنها دعوةٌ جامعة، اجتمع فيها خيرُ الدنيا والآخرة، ومَحطُّ أنظار الصالحين، ومهوى قلوب العابدين، إذ يسألون ربَّهم رحمةً تُغمر بها الأرواح، ورشدًا تُسَدَّد به الخطى.

وقد استوقفَتْني هذه الآية المباركة طويلاً، فوجدتُها أبلغَ ما يُلهَج به عند اشتباه الطرق واضطراب المسالك، فكانت هذه الخطبة شرحًا لها، ووقوفًا عند أنوارها، وتأملًا في مضامينها الرفيعة، علَّ الله أن يفتح بها بصائرَنا، ويهدي بها قلوبَنا إلى سواء السبيل.

https://youtu.be/339x-L6ApEc?si=8qyHGCEhJNjFEYR0
ولكن التوحيد لا بواكي له

يا صاحبي، إنّ التوحيدَ ليس فكرةً عابرةً تلوح في أفق الدين، ولا معنى يُكتفى بذكره في الدروس والخطب، بل هو جوهرُ دين الإسلام ولبابُ الشريعة، وهو النورُ الذي أنار الله به قلوب الموحّدين، والمقصدُ الأعظم الذي بعث الله به رسله وأنزل كتبه، قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾.

لقد كانت حياةُ نبينا ﷺ كلُّها نداءً للتوحيد، وصراعًا مع الشرك، وتحذيرًا من مسالكه ودقائقه، فما من موقفٍ إلا وشعّ فيه نورُ "لا إله إلا الله".
وما من تعليمٍ إلا وكان غايته تنقيةُ القلب من شوائب التعلّق بغير الله. ويكفيك أن تعلم أن أعظم ذنبٍ عُصي الله به هو الشرك، كما جاء في حديثه ﷺ حين سُئل: «أيّ الذنب أعظم؟» فقال: «أن تجعل لله ندًا وهو خلقك».

قال الشيخ السعدي رحمه الله، محدّدًا مكانة هذا الأصل العظيم وعمق أثره في الدين: " وهو الذي خلق الله الخلق لأجله، وشرع الجهاد لإقامته، وجعل الثواب الدنيوي والأخروي لمن قام به وحققه، والعقاب لمن تركه، وبه يحصل الفرق بين أهل السعادة القائمين به وأهل الشقاوة التاركين له، فعلى العبد أن يبذل جهده في معرفته وتحقيقه والتحقق به، ويعرف حدّه وتفسيره، ويعرف حكمه ومرتبته، ويعرف آثاره ومقتضياته، وشواهده وأدلته وما يقويه وما ينمّيه، وما ينقضه ويُنقصه، لأنه الأصل الأصيل لا تصح الأصول إلا به، فكيف بالفروع”.
الحق الواضح المبين (٥٧).

وكان نبينا ﷺ غيورًا على حمى التوحيد، حفيًّا بحفظ حدوده، دقيقَ النظر في الألفاظ والنيات، فلا يترك مجالًا للشرك أن يتسلّل إلى القلوب، ولا بابًا للرياء أن يُفتح على الناس. ومن ذلك ما كان مع الرجل الذي قال: ما شاء الله وشئت، فقال له ﷺ: «أجعلتني لله ندًا؟ بل ما شاء الله وحده». نعم، تلك دقّة النبي ﷺ في توجيه الأمة، ليبقى التوحيد صافياً من كلّ كدر، والعبودية خالصةً لا يشوبها شائبة.

وسار الصحابة رضي الله عنهم من بعده على هذا النهج المبارك، يحمون التوحيد كما تُحمى العيون من الرماد، ويخشون على الأمة من الشرك كما يخشى الطبيب على القلب من السمّ.
ثم طال الأمد على من بعدهم، وتتابعت الفتن، وعمّ الجهل وطمّ حتى عادت الجاهلية في ثوبٍ جديد؛ فُتنة تعظيم القبور، والدعاء عندها، والطواف بها، بل ودعاء أصحابها والاستغاثة بهم من دون الله، وسؤالهم كشف الكربات وتحقيق الرغبات.
فقولوا لي بربِّكم: ماذا بقي لله؟

نعم، ولكن التوحيد لا بواكي له

كأنّ النفوس غفلت عن جوهر دينها، ومالت إلى زخارف المظاهر، ونسيت أن النجاة في كلمةٍ واحدةٍ: لا إله إلا الله.

ألا وإنّ من أشرف ما يُشرّف الله به عبده، أن يستعمله في الدعوة إلى التوحيد، وتذكير الناس بهذا الأصل العظيم، ومجاهدة أهل الشرك، وبيان بطلان مسالكهم، ولو بكلمةٍ صادقة، أو رسالةٍ مخلصة، أو دلالةٍ على كتابٍ نافعٍ أو درسٍ مسموع، فإنّ الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً. فلا تحقرنّ من المعروف شيئًا، فكم من كلمةٍ أحيت قلبًا، وكم من تذكرةٍ أيقظت أمّة.

وقد وقفتُ على فصلٍ عظيمٍ في كتاب إغاثة اللهفان لابن القيم، ساق فيه ما يُدهش القلب من الأدلة، وما يُقيم الحجة البالغة على فساد الغلوّ في القبور وتعظيمها، وبيّن المباينة الشديدة بين ما كان عليه النبي ﷺ وأصحابه من بعده، وبين ما صار إليه أهل هذه البدع والقبور.
وإنّي كفيل ـ بإذن الله ـ أن من قرأ هذا المبحث بتجرّدٍ وإرادةٍ للهدى، تجلّى له الحقُّ جليًا لا غبش فيه، وانقشعت عنه سحابةُ الجهل والهوى.

فيا أخي الغالي، توحيدك هو أعزّ ما تملك، ورأس مالك الذي به سعادتك ونجاتك، فلا تُغامر به لأجل شيخٍ أو طريقةٍ أو عادة، وتأمّل قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾.

اللهم ارزقنا التوحيدَ الخالص والإيمان الصادق، واسلك بنا سبيل نبيّك ﷺ، واهدِ قلوبنا بهدى أصحابه من بعده، وجنّبنا مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، ونعوذ بك اللهم أن نشرك بك ونحن نعلم، ونستغفرك مما لا نعلم.

وها هو المبحث الجليل، أضعه بين يديك، علّ الله أن يفتح به بصيرتك، ويحيي به قلبك.
👇🏼👇🏼
2025/10/21 14:26:31
Back to Top
HTML Embed Code: