Telegram Web Link
|| جيهان عمر، لا تعيد السّمكات إلى البحر

أشبه الماء
أتدفّق دون أن أعلم إلى أين!
فكلّما وجدّت شقّاً أشقّ طريقي..
لا أستطيع التوقّف حينما يكون التوقّف ضرورياً
أجدني في أماكن غريبة
لم أكن أخطّط للذهاب إليها
فقط لأنّني قابلت منحدراً
أحياناً يكون الماء قوياً.. أحياناً بلا إرادة
لا يعرف خطوته القادمة
ولم يستطع أحدهم أن يقبض عليه بأصابعه
لذلك أفشل دائماً في الحب
كل رجل يعتقد أنني هنا
يجد يداً فارغة
يتعجّب من وجودي واستحالتي
بداية من رشفة واحدة تبلّل الظّمأ
وحتى الطّمع الذي يجلب الغرق
أعرف أنكم تموتون من دوني
ومع ذلك تهدرونني على العتبات ببساطة
تعودّت ألّا أتحدّث
صامتة مرّة
أو هادرة
أجرف الأشجار كهواية
وقد أدفن في طريقي بعض المدن
في لحظات الغضب يبتعدون
وفي لحظات السكون يتأمّلون صفحتي في شرود
أطفئ النار
ولكنني أخلّف وراءها رماداً لا يزول
لن يعرف أحد كيف يتنفّس بداخلي
السمكات فقط هي التي تلهو في قلبي
خياشيمها الداكنة لعبتي المفضلة
لا تنخدعوا بتلك الشفافية التي أتنكّر فيها
فقد أحيل صخرة عملاقة إلى حصاة ببعض الدأب
أتفجّر وسط الصحراء عيناً لا تحتاج إلى جفن
لا ترغب سوى بالعطشى العابرين
فتمنّ عليهم بحياة مؤقتة
يحلو لي أحياناً أن أتجمّد
أن أصبح مكعباً بحوافٍ حادة
لوقت قليل أنتظر مشروباً معتّقاً
ثم أترنّح
في وقت آخر
أبدأ في إزاحة كل شيء من مكانه
فتتحوّل حياتي لشلّال لا يرى
ثمّ
أغلي داخل الإناء..
حتى أن الفقّاعات نفسها تشفق عليّ
أتبخّر..
أتعلّق بغيمة
أنتظر الشّتاء
أسقط مع المطر
أسقط
قطرة.. قطرة
قطرة…
PAUL AUSTER, R. I. P.
1947_2024
John William Godward، "When the heart is young"، 1902.
|| مناهل السهوي، امرأةٌ جافة

الرجلُ الذي ملئني أفواهاً جائعة
استرسل في منحي انحناءً بطيئاً
نحو الرغبة الهشّة
سجل الأطباء في تقريرِ موتي
امرأةٌ جافة
وعشراتُ الأفواهِ على شكل جروحٍ
بطيئةٌ في حبك
كدودةٍ تأكلُ أحشاءَ جيفة
يا للحقول القاسية
كيف تسمع عراكَ الموت داخلَ امرأة
ولا تئن!
اطمأننتُ حين قبّلتَ عظمَ ترقوتي
حين استرسلتَ في القبل
وحفرت مكانَ فمكَ قبراً صغيراً
قبراً بحجم دودة تأكل أحشاء جيفة
لا أملكُ سوى صقلِ الجروح في طريقي
الجروحُ ليست أفواهاً مفتوحة
إنها أثرُ ليلةٍ طويلةٍ من ممارسة الحب القاسي..
The Chapel, 1898, by Arnold Böcklin.
|| ابراهيم مبارك، ذئاب أبي التي أعرف

كان أبي يروعنا بالذئاب
وعند حلول المساء
كان يرتبك
فيوصد النوافذ
خشية أن نتسرب مع الحلم
دون رجعة
وقبل أن نأوي لأحلامنا
يعدنا كالخراف
واحد، اثنان، أربعة
أمي تأنب أخطاءه
فوحدها كانت تحفظ أوجاعها
عن ظهر قلب
فيغتاظ ثم يوصد الباب
ذات مساء
أضعت الطريق إلى البيت
فلم أجد الذئب
ولا الساحرة ولا اللص
وفي الصباح كان أبي يشتاط غضباً
فقد كنت الوحيد الذي يعرف.
|| سامي سعد، أنا أعرفك جيداً

أنا أعرفك جيداً
وإن كنت لا أتحدث عنك
الجميع يرهبونك، ما عدا الحمقى
قوتك المفرطه، أنت جبار وقاسٍ
لأن أحداّ لم يلمسك
وقلبك في عزلة حصينة
أنا أعرفك
وأنت غضضت الطرف عني
لأنك مهموم بالعالم الكبير
العالم الذي صار ثوباّ مهترئاّ
حين تلد السماء الأخبار السوداء
وتفور الأرض من الحزن
أنا أعرفك
حين أنتهيت من المأدبه
لم تغسل يديك من الطين
ظللت عالقاّ بظفرك
أحياناّ يفيض مني الضياء
وقد أصير مخلباّ في صباح قريب
أنت الذي تشعر بالدوار
لأنني أُشبهك
وأن عزلتي الصغيره في أقبية الصمت
واحده من أسرارك الكبرى
وحين لا تخبر عني أشياعك
أنت تعرف، تعرف
أنني أعرفك.
Hugo Simberg, "The Garden of Death", 1896.
|| أحمد قطليش، خذ الباب بوجهك

تقولُ العائلة للغاضبِ: اخرج، اخرج وخذ الباب بوجك!
أخذَ الباب بوجهه ولم يعد، تركهم بلا باب، وظلّ الباب في وجهه بقفلٍ دون مفاتيح، بقبضةٍ مخلوعة.
لم يفتح وجهه لأحد فكانوا يكتبون عليه ما يكتبه التلاميذ في حمّامات المدارس، ما يكتبه السكارى على أبواب الحانات.
حجزه عن الكلام، وعن أسئلة قاعات الانتظار واللقاءات الأولى.
حجزه عن البرد، لكنه كان يحترق في الشمس. لم يبالِ، كان يمجّ نار الحريق كسيجارة، يراكم الدخان ولا يستطيع زفيره. كان على رئته أن تختنق، لكن قبيل أن يوصد عليها كان جوفه قد امتلأ بصراخ العائلة، وظل الصوت في الداخل يسلي وحشته.
لم يأبه أحدٌ قبلًا بوجهه القبيح. الآن، إذا ما أحبّ امرأةً فالباب حليفه، والنساءُ يحببن الأبواب ويخفن فتحها. أن يحب امرأةً وأن تحبه امرأةٌ وبينهما بابٌ موصد. هذا كفايته من الآخرين.
قريباً سيموت، بعد أن يجوّف الدخان جذعه ويصير صلصالاً. ولأن هناك باباً بوجهه، سيصير بيتا، بيتاً موصداً يحفظ صوت العائلة.
|| أحمد قطليش، قبو للكلمات الهاوية

نولد وفي داخل كلٍ منّا قبو
في القبو شجرةٌ
تبدأ الشجرة يباسها ما إن يقصّ الطبيب الحبل السرّي مع الأم
تجفّ الشجرة مع أول ارتجافٍ لليد بين الفخذين.
تتجوف الشجرة مع الكلمات التي تهوي إلى الأسفل كلما بلعنا ريقنا عليها
يجد رجلٌ امرأة
تجد امرأةٌ رجلاً
لكن أحداً لا يفتح شفتيه
يكز فكيه ويبلع ريقه
تهوي كلمة أحبك إلى الداخل
في الداخل قبو
في القبو برميل من حطب
هناك ترتاح كلمة أحبك
هناك تُنسى كلمة أحبك
يوما ما، سيفتح رجلٌ زجاجة نبيذٍ لامرأة
ستأخذ المرأة الزجاجة من يده وتضعها جانبا
– دع النبيذ يتنفس
تفتح القبو على كلمة أحبك
لكنك تضعها جانباً
– دع الكلمة تتنفس
دع الكلمة تتنفس قبل أن تبدأ معها غابةً
أو حقلاً
أو شجرة..
|| عبد الله البردوني، مدينة الغد
Forwarded from || Soif Des Morts ||
تفكر حين يلي نومك
صباحٌ مُشرق،
ماذا تفعل -وحيدًا- بالصباحات المشرقة؟
سعداء ومحظوظون
ينامون لكي يستأنفوا النهارات المشمسة
ويمتلئ نومُهم بالرّمل والموج والملح

تفكر حين يلي نهارَك
ليلٌ ثقيل
ماذا تفعل-وحيدًا-بالسكينة التي
تتقاسمها أنت والطاولة والجدران

سعداء ومحظوظون
حين يكتشفون في دعةٍ
أن الوقت تأخذه الحديقة والشمس
وبائعة الفستق على الأكشاك

تفكر حين يلي الأفكار
حزنٌ خفيف
ماذا تفعل -وحيدًا- بمثل هذه السعادة؟

(ليماسول 1988/4/25)

|| بسّام حجّار، مِهنُ القَسوَة
Forwarded from || Soif Des Morts ||
قالت الفتاة:

الأمُ وهمٌ نربيه في قلوبنا أعوامًا
ونحفظهُ كالحلية على صدورنا
ونذكرُه- إذا استذكرنا-
لكن الغسلَ محوٌ

قال الرجل
حارس التراب:

تحلقوا حول الضريح متلاصقين
فلا سعة في الأرض
ولا تتركوا أثرًا
إن غادرتم

وقال:

الأمّ ترابٌ ومن ترابٍ

وقال:

لا تحزنوا

تفاسير كثيرة للحزنِ
- بحسب الأبناء-
من بينها
اليد الرشيقة التي تسرح الشعر

الفم الدافئ الذي يحكي حكايات الإنس والجنّ

العينان اللامعتان أبدًا

والدعاء كلما سلك الأبناء دربًا

والدعاءُ إذا مكث الأبناء

والدعاءُ - ثانيةً- لكي يستجاب

والنوم عميقًا على الزند المُطمئِنّ
في كنفِ الرائحةِ الغريبة المسكرة

والنوم في العتمة
كأنما العتمة وساوس مضاءة
بمخلوقات أليفة
هي خلق الله
من بينها
الوحش والغول والسربيرس والتنين

ومن بينها
النارُ وممالك النبات والمعدن والحيوان

تفاسير كثيرة
ساذجة
ولكن
ليس من بينها
الموت

|| بسّام حجّار، تفسيرُ الرُّخام
|| نِن أندروز، ‏أن ننامَ لكافكا
| ترجمة: محمد السعيد

سمعتُ من الراديو هذا الصباح أن الدعاءَ شفاء. أظهرت التجارب أن مرضى السرطان الذين يُدعى لهم، ولو من مجهول، مآلهم أحسن من الذين لا دعاءَ لهم.

يُمكن أن يبتاع المرء الدعاء من كنيسة غريس في كانساس عند الاتصال على 1-800-دعاء. تُقبل بطاقات فيزا وماستركارد.

قرأتُ أن كافكا، المؤرِقُ المزمن، شعرَ بانتعاشٍ بعد تمعّنه في محبوبته وهي نائمة. أحيانًا يدعوها ليتأمل كيف تُسدِلُ نفسها على الأريكة، متدثِّرةً في مستراحٍ خالِص.

يتوقَّعُ البعض أنَّ أحلامَ محبوبته كانت ما كتَبَه.

الأفكارُ كالأحلام تتهادى من عقلٍ إلى عقل. بعضُها ثقيل وغارقٌ في القاع أو متوارٍ تحت المياه حيث يلتمع كالمرجان، أما الأخرى خفيفة وتتطاير إلى الأعلى مثل جزيئات الهيليوم.

عندما رأى يعقوب الملائكةَ يصعدون وينزلون سلَّمًا، لم يكونوا سوى في أثرِ أفكاره.

قال نيتشه القلائل يفكِّرون بأفكارهم. إلا أن يكونوا همُ الفكرة. الكثيرُ من الناس حلمٌ ودعاء. هم كالصَدَف تسكنها سرطانات هَرِمة.

ليس لأغلبنا أدنى فكرةٍ أيَّ حلمٍ نكون.
Forwarded from || Soif Des Morts ||
‏بلادُ الموتى
أتكلمُ
لا جواب
أنوحُ
لا إشفاق
أنظرُ
لا لون
أستمعُ
لا صوت
بلادُ الموتى

أصرخُ، يفجِّرُ الصدى
الصخرَ الأصم
أركلُ، يتشوَّه إصبعي
على جذعٍ جافٍّ
أنوحُ، لا إشفاق
بلادُ الموتى

بحثتُ عن المخرج
ولم أسمع البوم
ولا الببغاوات، والأمواج تلطمُ في البعيد
حطامَ السفن
الرملُ يحدِّق معي
في بلادِ الموتى.

|| جيرد أنجيرا
| ترجمة: محمد السعيد
ما الحياةُ التي تُنسيكم الأحياء؟




-




الساعةُ أشقى من كلمةٍ في كتابٍ مُغلق.






| آدم فتحي
2024/05/31 05:36:59
Back to Top
HTML Embed Code: