#عميده_شعلان
آثار مزورة
التزوير هو نسخة من عمل فني أو عمل أصلي مصنوع على طراز فني من وقت أو مكان مختلف عن أصله الفعلي. غالبًا ما يتم تصنيع التزوير بقصد البيع ولتحقيق مكاسب مالية. في حين أن هذه القطع ليست أصلية للشرق الأدنى القديم، إلا أنها تُطلع العلماء على السوق والذوق العام خلال فترة تصنيعها. كما يمكنها أيضًا تقديم أدلة حول كيفية صنع القطع القديمة، وإظهار عناصر من الحرفية الماهرة في بعض الحالات.
وتنتمي هاتين اللوحتين إلى مجموعة من القطع المزورة التي صنعت في اليمن من أوائل القرن العشرين. كانت في السابق بحوزة (كارل إس. تويتشل) (1968)، Karl S. Twitchell، وهو مهندس تعدين أمريكي عمل في اليمن في أواخر عشرينيات القرن العشرين. وصلت بعض القطع إلى متحف مشهور في إمريكا مع قطعة أخرى عليها كتابة بخط المسند، ومصدر اقتنائها غير معروف حتى الآن.
كان العلماء على دراية بنشاط المزورين بشكل خاص في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين في اليمن، ولا سيما تزوير النقوش، وقد نُشرت لوحات من هذا النوع على أنها مزورة. تشبه المادة تلك الموجودة في القطع المرمرية الأصلية من اليمن بينما يحاكي النص الموجود في الأعلى نقوش سبئية التي عادةً ما تعطي اسم ونسب المتوفى. على اليمين توجد ثلاثة أشكال أدمية متماسكة الأيدي وعلى اليسار حيوانين وثعبان.
آثار مزورة
التزوير هو نسخة من عمل فني أو عمل أصلي مصنوع على طراز فني من وقت أو مكان مختلف عن أصله الفعلي. غالبًا ما يتم تصنيع التزوير بقصد البيع ولتحقيق مكاسب مالية. في حين أن هذه القطع ليست أصلية للشرق الأدنى القديم، إلا أنها تُطلع العلماء على السوق والذوق العام خلال فترة تصنيعها. كما يمكنها أيضًا تقديم أدلة حول كيفية صنع القطع القديمة، وإظهار عناصر من الحرفية الماهرة في بعض الحالات.
وتنتمي هاتين اللوحتين إلى مجموعة من القطع المزورة التي صنعت في اليمن من أوائل القرن العشرين. كانت في السابق بحوزة (كارل إس. تويتشل) (1968)، Karl S. Twitchell، وهو مهندس تعدين أمريكي عمل في اليمن في أواخر عشرينيات القرن العشرين. وصلت بعض القطع إلى متحف مشهور في إمريكا مع قطعة أخرى عليها كتابة بخط المسند، ومصدر اقتنائها غير معروف حتى الآن.
كان العلماء على دراية بنشاط المزورين بشكل خاص في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين في اليمن، ولا سيما تزوير النقوش، وقد نُشرت لوحات من هذا النوع على أنها مزورة. تشبه المادة تلك الموجودة في القطع المرمرية الأصلية من اليمن بينما يحاكي النص الموجود في الأعلى نقوش سبئية التي عادةً ما تعطي اسم ونسب المتوفى. على اليمين توجد ثلاثة أشكال أدمية متماسكة الأيدي وعلى اليسار حيوانين وثعبان.
#فهد_الظرافي
#ذكريات_تعز 🇾🇪🇾🇪🇾🇪
#مدينة_تعز_1959_1960
4 صور لـ #مدينة_تعز
مع النص من الكتاب الروسي
"عند مفترق طرق الشرق الأوسط" للمؤلف
د.أوليج جيراسيموفيتش جيراسيموف
Олег Герасимович Герасимов
الذي عمل مترجم في مبنى مفوضية الأتحاد السوفيتي بتعز الفترة 1959-1962
الصور :-
✨مدينة تعز القديمة
✨منارتي مسجد الأشرفية
✨مبنى مفوضية الاتحاد السوفيتي
✨ رجال واطفال من مدينة تعز
🇾🇪🇾🇪🇾🇪🇾🇪🇾🇪
في جبال جنوب شبه الجزيرة العربية
إلى جبل صبر من أجل "زهرة الجنة"
✨✨
في أكتوبر 1959، عُيّنتُ في اليمن، وهي دولة عربية صغيرة تقع جنوب غرب شبه الجزيرة العربية. وفي غضون أشهر قليلة، تعلّمتُ حرفتي وكوّنتُ صداقات في تعز، مقرّ إقامة ملك اليمن آنذاك، أحمد حميد الدين. كان المنزل الذي أسكن فيه يقع على تلة منخفضة، يُوصَل إليه عبر الطريق المُعبّد الوحيد في البلاد. بدأ الطريق من المطار لا يقبل إلا الطائرات ذات المحركين، ثمّ امتدّ عبر تلال صخرية مُغطّاة بشمعدانات الصبار، مارًّا بتعز، ثمّ صاعدًا إلى ثكنات العرضي، وبعد تجوّلٍ أكثر بين الجبال المنخفضة، انتهى عند البوابات الضخمة لقصر صاله الملكي السابق. بُنيت الطريق، التي يبلغ طولها 30 كيلومترًا فقط، عام 1952 من قِبَل شركة باتينيول الفرنسية، التي استقرّت في جيبوتي وتعهدت بإعادة بناء ميناء المخا وربطه بتعز. تمكن الفرنسيون من بناء ورصف جزء فقط من الطريق - من المطار إلى قصر السلام(صاله)، ثم غادروا اليمن، بعد أن تشاجروا مع الملك أحمد، الذي اعتبر من وقاحة لا تغتفر من جانبهم أن يطالبوا بالمال مقابل العمل المنجز.
تقع تعز على بُعد 180 كيلومترًا من عدن، حيث كانت تُنقل منها بضائع متنوعة إلى اليمن - من البنزين ومصابيح الكيروسين إلى الأسلحة والمشروبات الكحولية الممنوعة. في ذلك الوقت، لم تكن الشاحنات الضخمة تصل غالبًا إلى حصن تعز المسور، فكانت تسلك الطريق المؤدي إلى العاصمة صنعاء عبر مدينتي إب وذمار. كان عدد قليل منها، متجهًا إلى تعز، يتوقف عند الحاجز المخطط قرب قصر صالة، ويدفع الجمارك والصدقات لثري محلي يُدعى الجبلي، الذي تعاقد على تحصيل هذه الرسوم من الملك. وبعد أن وصل إلى سور المدينة، عبر بواباتها الواسعة، التي بدأ خلفها السوق الشرقي النابض بالحياة.
حتى عام 1948، عندما أصبح الأمير أحمد ملكًا وإمامًا ، كانت تعز قرية صغيرة يسكنها بضعة آلاف من السكان. أقسم الإمام أحمد ألا يسكن العاصمة صنعاء، التي قُتل والده الإمام يحيى بالقرب منها عام 1948. لذلك، أصبحت تعز، حيث كان نائبًا للملك قبل وفاة والده، مقر إقامته. حوّل نقل العاصمة إلى تعز هذه القرية إلى مدينة نابضة بالحياة يبلغ عدد سكانها ٤٠ ألف نسمة، تمتد خارج أسوار المدينة التي كانت تُقيّدها. خارج المدينة القديمة، شُيّد مستشفى ومحطة كهرباء ومكتب بريد ومبنى تلغراف (في الطابق الثاني منه كانت وزارة الخارجية)، وعدة منازل شاهقة من الحجر الوردي للبعثات الأجنبية. أيقظ بناء المباني الإدارية والسكنية ومطار وظهور الأجانب القرية الغارقة في سبات العصور الوسطى - وبشكل غير متوقع، بناءً على نزوة الملك، أصبحت العاصمة الجديدة للدولة.
تقع تعز على ارتفاع 1400 متر عند سفح جبل صبر، وتكتسي ببساتين وكروم، وترتفع 800 متر أخرى فوق المدينة. مناخها معتدل. رياح المحيط الهندي تجلب معها غيومًا في الصيف، تنحدر من قمة جبل صبر إلى المدينة، وتحيط بالقلعة المبنية على جرف شديد الانحدار، وتتساقط في منتصف النهار، في نفس الوقت دائمًا، أمطارًا غزيرة استوائية. تُمكّن الأمطار الغزيرة والجداول العديدة المتدفقة من جبل صبر من زراعة جميع محاصيل الخضراوات والحبوب المعروفة تقريبًا في تعز. في ذلك الوقت، كان القات يحتل المرتبة الأولى بين جميع نباتات اليمن، وهو شجيرة منخفضة دائمة الخضرة، يمضغ اليمنيون أوراقها الصغيرة وأغصانها، المحتوية على مواد مخدرة، بعد الغداء. القات باهظ الثمن، ولا يستطيع سوى الأغنياء تحمل لذة تناول أوراقه الرقيقة اللزجة وبراعمه الحمراء المرنة يوميًا.
في تعز، تُحضر القات فتياتٌ جبلياتٌ شابات. يرتدين فساتين داكنة أو ملونة، وتضع كلٌّ منهنّ وشاحًا يشبه العمامة على رؤوسهنّ، وعليه زهرةٌ صفراء عطرةٌ تُزيّن المعبد. لا يُغطّين وجوههنّ، ويساومهنّ الشباب، الذين يشترون باقات القات، بسعادة. نظم صديقي اليمني، الذي توقفتُ معه ذات مرة عند أبواب المدينة قرب امرأة جبلية جميلة تبيع القات، قصيدةً قصيرةً ارتجاليةً:
جبل الصبر مغطى بثلاث حلقات من الكروم،
حلقة واحدة هي كرمة العنب،
والاثنتان الأخريان فتاتان جميلتان.
#ذكريات_تعز 🇾🇪🇾🇪🇾🇪
#مدينة_تعز_1959_1960
4 صور لـ #مدينة_تعز
مع النص من الكتاب الروسي
"عند مفترق طرق الشرق الأوسط" للمؤلف
د.أوليج جيراسيموفيتش جيراسيموف
Олег Герасимович Герасимов
الذي عمل مترجم في مبنى مفوضية الأتحاد السوفيتي بتعز الفترة 1959-1962
الصور :-
✨مدينة تعز القديمة
✨منارتي مسجد الأشرفية
✨مبنى مفوضية الاتحاد السوفيتي
✨ رجال واطفال من مدينة تعز
🇾🇪🇾🇪🇾🇪🇾🇪🇾🇪
في جبال جنوب شبه الجزيرة العربية
إلى جبل صبر من أجل "زهرة الجنة"
✨✨
في أكتوبر 1959، عُيّنتُ في اليمن، وهي دولة عربية صغيرة تقع جنوب غرب شبه الجزيرة العربية. وفي غضون أشهر قليلة، تعلّمتُ حرفتي وكوّنتُ صداقات في تعز، مقرّ إقامة ملك اليمن آنذاك، أحمد حميد الدين. كان المنزل الذي أسكن فيه يقع على تلة منخفضة، يُوصَل إليه عبر الطريق المُعبّد الوحيد في البلاد. بدأ الطريق من المطار لا يقبل إلا الطائرات ذات المحركين، ثمّ امتدّ عبر تلال صخرية مُغطّاة بشمعدانات الصبار، مارًّا بتعز، ثمّ صاعدًا إلى ثكنات العرضي، وبعد تجوّلٍ أكثر بين الجبال المنخفضة، انتهى عند البوابات الضخمة لقصر صاله الملكي السابق. بُنيت الطريق، التي يبلغ طولها 30 كيلومترًا فقط، عام 1952 من قِبَل شركة باتينيول الفرنسية، التي استقرّت في جيبوتي وتعهدت بإعادة بناء ميناء المخا وربطه بتعز. تمكن الفرنسيون من بناء ورصف جزء فقط من الطريق - من المطار إلى قصر السلام(صاله)، ثم غادروا اليمن، بعد أن تشاجروا مع الملك أحمد، الذي اعتبر من وقاحة لا تغتفر من جانبهم أن يطالبوا بالمال مقابل العمل المنجز.
تقع تعز على بُعد 180 كيلومترًا من عدن، حيث كانت تُنقل منها بضائع متنوعة إلى اليمن - من البنزين ومصابيح الكيروسين إلى الأسلحة والمشروبات الكحولية الممنوعة. في ذلك الوقت، لم تكن الشاحنات الضخمة تصل غالبًا إلى حصن تعز المسور، فكانت تسلك الطريق المؤدي إلى العاصمة صنعاء عبر مدينتي إب وذمار. كان عدد قليل منها، متجهًا إلى تعز، يتوقف عند الحاجز المخطط قرب قصر صالة، ويدفع الجمارك والصدقات لثري محلي يُدعى الجبلي، الذي تعاقد على تحصيل هذه الرسوم من الملك. وبعد أن وصل إلى سور المدينة، عبر بواباتها الواسعة، التي بدأ خلفها السوق الشرقي النابض بالحياة.
حتى عام 1948، عندما أصبح الأمير أحمد ملكًا وإمامًا ، كانت تعز قرية صغيرة يسكنها بضعة آلاف من السكان. أقسم الإمام أحمد ألا يسكن العاصمة صنعاء، التي قُتل والده الإمام يحيى بالقرب منها عام 1948. لذلك، أصبحت تعز، حيث كان نائبًا للملك قبل وفاة والده، مقر إقامته. حوّل نقل العاصمة إلى تعز هذه القرية إلى مدينة نابضة بالحياة يبلغ عدد سكانها ٤٠ ألف نسمة، تمتد خارج أسوار المدينة التي كانت تُقيّدها. خارج المدينة القديمة، شُيّد مستشفى ومحطة كهرباء ومكتب بريد ومبنى تلغراف (في الطابق الثاني منه كانت وزارة الخارجية)، وعدة منازل شاهقة من الحجر الوردي للبعثات الأجنبية. أيقظ بناء المباني الإدارية والسكنية ومطار وظهور الأجانب القرية الغارقة في سبات العصور الوسطى - وبشكل غير متوقع، بناءً على نزوة الملك، أصبحت العاصمة الجديدة للدولة.
تقع تعز على ارتفاع 1400 متر عند سفح جبل صبر، وتكتسي ببساتين وكروم، وترتفع 800 متر أخرى فوق المدينة. مناخها معتدل. رياح المحيط الهندي تجلب معها غيومًا في الصيف، تنحدر من قمة جبل صبر إلى المدينة، وتحيط بالقلعة المبنية على جرف شديد الانحدار، وتتساقط في منتصف النهار، في نفس الوقت دائمًا، أمطارًا غزيرة استوائية. تُمكّن الأمطار الغزيرة والجداول العديدة المتدفقة من جبل صبر من زراعة جميع محاصيل الخضراوات والحبوب المعروفة تقريبًا في تعز. في ذلك الوقت، كان القات يحتل المرتبة الأولى بين جميع نباتات اليمن، وهو شجيرة منخفضة دائمة الخضرة، يمضغ اليمنيون أوراقها الصغيرة وأغصانها، المحتوية على مواد مخدرة، بعد الغداء. القات باهظ الثمن، ولا يستطيع سوى الأغنياء تحمل لذة تناول أوراقه الرقيقة اللزجة وبراعمه الحمراء المرنة يوميًا.
في تعز، تُحضر القات فتياتٌ جبلياتٌ شابات. يرتدين فساتين داكنة أو ملونة، وتضع كلٌّ منهنّ وشاحًا يشبه العمامة على رؤوسهنّ، وعليه زهرةٌ صفراء عطرةٌ تُزيّن المعبد. لا يُغطّين وجوههنّ، ويساومهنّ الشباب، الذين يشترون باقات القات، بسعادة. نظم صديقي اليمني، الذي توقفتُ معه ذات مرة عند أبواب المدينة قرب امرأة جبلية جميلة تبيع القات، قصيدةً قصيرةً ارتجاليةً:
جبل الصبر مغطى بثلاث حلقات من الكروم،
حلقة واحدة هي كرمة العنب،
والاثنتان الأخريان فتاتان جميلتان.
رفعت المرأة الجبلية عينيها الواسعتين المكحلتين إلينا وابتسمت ابتسامةً حانية. في اليمن، كما في سائر بلاد المشرق الإسلامي، تحظى القدرة على تأليف الشعر باحترام كبير من الجميع، من الفلاحين البسطاء إلى الملوك المتوّجين.
ثلاث بوابات تؤدي إلى المدينة، يحرسها ليلًا ونهارًا حراس مسلحون ببنادق قديمة وخناجر. عند غروب الشمس، تُغلق البوابات بعوارض خشبية سميكة من خشب الماهوجني، وحتى الصباح لا تدخل المدينة قافلة واحدة أو سيارة أو مسافر متأخر. وقد استمر هذا النظام منذ أن كان سكان الجبال الفقراء لا يعتبرون نهب أي مدينة غير محمية بسور حصين أمرًا مخجلًا.
خلف البوابات الرئيسية مباشرةً، تبدأ صفوف تجارة السوق، التي تُسمى "سوقًا" بالعربية. في الصف الأول، في أقفاص صغيرة مظلمة، يجلس الحدادون على الأرض مباشرةً، وبين أقدامهم درابزين ثقيل. يصنعون المعاول، والمجارف، والمجارف، ونصال المحاريث الخشبية، ومراجل النحاس والقصدير، وبنادق الإصلاح، وشفرات الطحن. جميع الأدوات التي يستخدمونها تُصنع هناك، في الموقع، باستثناء المنفاخ الميكانيكي الذي ينفخ أكوامًا برتقالية من الفحم في الفرن.
على الجانب الآخر من الصف، يبيع أصحاب الدكاكين هدايا الأرض اليمنية. تشمل هذه الهدايا ملحًا خشنًا من الصليف، وثومًا صغيرًا هشًا، وعناقيد فلفل أحمر، وقمحًا من الهضبة الوسطى، وذرة وذرة من المناطق الجنوبية، وخضراوات من الجبال المجاورة. هنا يمكنك أيضًا شراء حليب أوزبكي من الدنمارك، ولحوم معلبة أمريكية، ومعجون طماطم بلغاري، وأعواد ثقاب سوفيتية الصنع تحمل صورة ثلاثة سنابل، وهي علامة تجارية تُصنع حسب الطلب للتجار اليمنيين.
في الصف الثاني، الأوسع من المحلات، توجد أكشاك كبيرة يبيع فيها تجار محترمون بضائع جُلبت من عدن. على رفوف مُغبرة أو في واجهات عرض زجاجية، حسب حظ التاجر وحالته، تجد ساعات سويسرية، وأجهزة راديو ترانزستور يابانية، ونظارات صينية، وحلي خزفية، وأقمشة صوفية إنجليزية، ومعاطف مطر، ومظلات سوداء ضخمة من هونغ كونغ. المظلات مطلوبة بشدة. في أقصى بقاع البلاد، التقيت بيمني يختبئ تحت مظلة سوداء على شكل فطر، عائدًا مسرعًا إلى منزله على طول طريق جبلي.
تبيع محلات أخرى مراتب وأسرّة معدنية وبطانيات سميكة، تُصنع في الموقع من أقمشة ساتان وقطن زاهية الألوان مستوردة من تهامة (على الساحل اليمني). ينتهي هذا الصف الواسع من المخازن عند مكاتب تجار جملة محترمين لا ينحدرون إلى مستوى تجارة التجزئة الصغيرة في السوق. يبيعون السكر والزيت والسيارات والبطاريات والإطارات.
✨✨
✍️ النص من كتاب السفير الروسي د.أوليج جيراسيموفيتش جيراسيموف(عند مفترق طرق الشرق الأوسط)
🇾🇪🇾🇪🇾🇪🇾🇪🇾🇪
#تعز_قلب_اليمن_النابض
#فهد_الظرافي
#تعز_1959_1960
🇾🇪🇾🇪🇾🇪
ثلاث بوابات تؤدي إلى المدينة، يحرسها ليلًا ونهارًا حراس مسلحون ببنادق قديمة وخناجر. عند غروب الشمس، تُغلق البوابات بعوارض خشبية سميكة من خشب الماهوجني، وحتى الصباح لا تدخل المدينة قافلة واحدة أو سيارة أو مسافر متأخر. وقد استمر هذا النظام منذ أن كان سكان الجبال الفقراء لا يعتبرون نهب أي مدينة غير محمية بسور حصين أمرًا مخجلًا.
خلف البوابات الرئيسية مباشرةً، تبدأ صفوف تجارة السوق، التي تُسمى "سوقًا" بالعربية. في الصف الأول، في أقفاص صغيرة مظلمة، يجلس الحدادون على الأرض مباشرةً، وبين أقدامهم درابزين ثقيل. يصنعون المعاول، والمجارف، والمجارف، ونصال المحاريث الخشبية، ومراجل النحاس والقصدير، وبنادق الإصلاح، وشفرات الطحن. جميع الأدوات التي يستخدمونها تُصنع هناك، في الموقع، باستثناء المنفاخ الميكانيكي الذي ينفخ أكوامًا برتقالية من الفحم في الفرن.
على الجانب الآخر من الصف، يبيع أصحاب الدكاكين هدايا الأرض اليمنية. تشمل هذه الهدايا ملحًا خشنًا من الصليف، وثومًا صغيرًا هشًا، وعناقيد فلفل أحمر، وقمحًا من الهضبة الوسطى، وذرة وذرة من المناطق الجنوبية، وخضراوات من الجبال المجاورة. هنا يمكنك أيضًا شراء حليب أوزبكي من الدنمارك، ولحوم معلبة أمريكية، ومعجون طماطم بلغاري، وأعواد ثقاب سوفيتية الصنع تحمل صورة ثلاثة سنابل، وهي علامة تجارية تُصنع حسب الطلب للتجار اليمنيين.
في الصف الثاني، الأوسع من المحلات، توجد أكشاك كبيرة يبيع فيها تجار محترمون بضائع جُلبت من عدن. على رفوف مُغبرة أو في واجهات عرض زجاجية، حسب حظ التاجر وحالته، تجد ساعات سويسرية، وأجهزة راديو ترانزستور يابانية، ونظارات صينية، وحلي خزفية، وأقمشة صوفية إنجليزية، ومعاطف مطر، ومظلات سوداء ضخمة من هونغ كونغ. المظلات مطلوبة بشدة. في أقصى بقاع البلاد، التقيت بيمني يختبئ تحت مظلة سوداء على شكل فطر، عائدًا مسرعًا إلى منزله على طول طريق جبلي.
تبيع محلات أخرى مراتب وأسرّة معدنية وبطانيات سميكة، تُصنع في الموقع من أقمشة ساتان وقطن زاهية الألوان مستوردة من تهامة (على الساحل اليمني). ينتهي هذا الصف الواسع من المخازن عند مكاتب تجار جملة محترمين لا ينحدرون إلى مستوى تجارة التجزئة الصغيرة في السوق. يبيعون السكر والزيت والسيارات والبطاريات والإطارات.
✨✨
✍️ النص من كتاب السفير الروسي د.أوليج جيراسيموفيتش جيراسيموف(عند مفترق طرق الشرق الأوسط)
🇾🇪🇾🇪🇾🇪🇾🇪🇾🇪
#تعز_قلب_اليمن_النابض
#فهد_الظرافي
#تعز_1959_1960
🇾🇪🇾🇪🇾🇪
مَهدوا بمُظاهراتهم الصاخبة واعتصاماتهم المفتوحة لقيام الثورة
#طُلاب مَدارس #صنعاء و #تعز الأحرار
#بلال_الطيب
رغم أهميتها في مَسار الحركة الوطنية، ودَورها القوي والفاعل في التمهيد للثورة السبتمبرية، لم تحظَ الحركة الطلابية - في الداخل اليمني - بالدراسة والتحليل، وظلت مَناشطها الثورية المَائزة باهتة الحضور، بإلمامٍ مَحدود، ومَعلوماتٍ مُتضاربة، وقراءاتٍ مُقتضبة، وتأويلاتٍ جانبية ابتعدت - كل البعد - عن سياق تلك المَرحلة التاريخي، ومُعطياته الواضحة، وارتكزت على خطابٍ عَاطفي طغى في لحظةٍ ما، وكانت له مُبرراته وأهدافه الآنية.
كثيرةٌ هي الدراسات التي تَناولت تاريخ تلك المرحلة، إلا أنَّها، وبسبب تأثرها بذلك الخطاب الدعائي، لم تتوسع في نقل مَناشط الحركة الطلابية، على اعتبار أنَّ المدارس النظامية لم توجد في اليمن إلا بعد قيام الثورة، مُتجاهلةً - بشكلٍ مُستفز - أسباب قيام تلك الثورة، وأنَّ الضباط الأحرار - الذين قاموا بها - كانوا طُلابـًا.
بجهد كبير، حَاولت الغوص في تاريخ تلك الحركة، وتسجيل حُضورها الفاعل والمُناهض لحكم الإمامة المُزري. وعلى الرغم من وجود الكثير من الحلقات المفقودة، فإنَّ ما قدمته هنا، يُعتبر خُلاصةً هامة، وقاعدة انطلاق للبحث والتوسع أكثر.
شعارات قومية
خلال السنوات السبع الّتي سبقت قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م، قامت الحركة الطلابية بعددٍ من الاعتصامات والمظاهرات المُنظمة، وغير المُنظمة، وهي المناشط الثورية الّتي ضجّت بها شوارع مدينتي صنعاء وتعز، ومَهّدت - إلى حدٍّ كبير - لقيام تلك الثورة.
كــــان عدد طلاب مدينة صنعاء - خلال تلك الفترة - يتراوح ما بيـــن 400 إلى 500 طالب، يتوزعون على مَدارسها، ويعيش 90% منهم في أقسامٍ داخلية. وتلك المدارس:
- المدرسة العلمية: تأسست كمدرسة دينية في سبتمبر 1925م، وعُرفت أيضًا بـ (دار العلوم)، ومبناها في الأصل كان سكنًا للولاة العُثمانيين، وكان يُديرها الأستاذ يحيى النهاري.
- المدرسة الثانوية: تأسست عام 1955م، وكان يُديرها الأستاذ أحمد الشمسي، ثُمّ الأستاذ علي عبد الكريم الفضيل.
- المدرسة التحضيرية: كانت خاصة بأولاد العلويين والقضاة، وتحت إدارة الأستاذ علي الفضيل، وأُقفلت بعد سنوات قليلة من تأسيسها، وأدمجت مع المدرسة الثانوية.
- المدرسة المُتوسطة: هي في الأصل مَدرسة شيّدها الأتراك (العثمانيون) في حي بير العزب الراقي، حيث يقطن معظم أعيان ومسؤولي الدولة، وكانت تُعرف بـ (بيت بلاتون). وفي المرحلة الّتي نحن بصدد تناولها تحولت إلى مدرسة إعدادية، وأدارها الأستاذ عبد الله الذماري، ثُمّ الأستاذ علي أحمد العيني.
- المدرسة التحريرية: أمر الأمير محمد البدر بتأسيسها كملحق للمدرسة العلمية، وكانت الدراسة فيها تُوازي المَرحلة الإعدادية.
- مدرسة الأيتام: لها حضور كبير في أدبيات معظم مُناضلي تلك الحقبة، وقد تأسست كمدرسة ابتدائية عام 1935م، وكان طُلابها الأيتام وبعض طُلاب مَدارس صنعاء الابتدائية (الزُّمر، والإصلاح، ونصير) ينتقلون بعد تخرجهم من تلك المرحلة إلى المَدارس السابق ذكرها.
وإلى جَانب المُدرّسين اليمنيين، كان هُناك عددٌ من المُدرّسين المَصـريين، نذكر منهم: حسين زهير، وإبراهيم رشدي، ومحمد عباس سليمان، وجمال حمّاد، ومحمود خطاب، ومحمد عبد السلام رشوان. وكان هناك - أيضًا - مدرسين فلسطينيين، نذكر منهم: محمود دجاني، ومحمد سكتشه. استقدموا - كما قيل - عبر جامعة الدول العربية. وتولى جميعهم مهمة الإشـراف على معظم طُلاب تلك المَدارس، وتلقينهم العلوم الحديثة. ولم يصل تأثيرهم إلى طلاب المدرسة العلمية الّذين انحصـر تعليمهم على العلوم الدينية.
كانت مُظاهرة طُلاب تلك المدارس الأولى أثناء العدوان الثلاثي على مصـر أكتوبر 1956م، حيث رفعوا صورًا للرئيس جمال عبدالناصـر، ورَددوا بعض الشعارات القومية المُساندة، وقَدّموا أنفسهم إلى السفارة المصـرية مُتطوعين للدفاع عن مصـر، وعن الأمة العربية. وكان لهم - حينها - قيادات طلابية فاعلة، وكان علي عبد المغني أبرزها.
ولم يمضِ من الوقت الكثير، حتى خرج أولئك الطلاب في مُظاهرة ثانية مُتصلة، وبتوصيف أدق احتجاجًا على مُحاولة السُلطات الإمامية اعتقال طالب المدرسة الثانوية القيادي علي عبد المغني. ثم تطور الأمر إلى مُطالبتهم بتحسين مُستوى المعيشة في تلك المَدارس، والأوضاع السياسية في البلاد.
غادر أولئك الطلاب أسوار العاصمة صنعاء، واعتصموا ثلاثة أيام خارجها، ثم تَصالحوا مع الأمير الحسن بن علي (وزير المعارف)، ليأمر الأخير بحبس ثمانية منهم في سجن الرادع، وهم: علي عبدالمغني، وعلي الشيبة، وزيد الشامي (من المدرسة الثانوية). ومحمد السنحاني، وعبد الوارث سعد، ومهدي الترابي، وعلي الحجري (من المدرسة المتوسطة).وأحمد العمري (من المدرسة العلمية). وما هي إلا فترة وجيزة حتى تمّ الإفراج عنهم بكفالات من أولياء أمورهم.
#طُلاب مَدارس #صنعاء و #تعز الأحرار
#بلال_الطيب
رغم أهميتها في مَسار الحركة الوطنية، ودَورها القوي والفاعل في التمهيد للثورة السبتمبرية، لم تحظَ الحركة الطلابية - في الداخل اليمني - بالدراسة والتحليل، وظلت مَناشطها الثورية المَائزة باهتة الحضور، بإلمامٍ مَحدود، ومَعلوماتٍ مُتضاربة، وقراءاتٍ مُقتضبة، وتأويلاتٍ جانبية ابتعدت - كل البعد - عن سياق تلك المَرحلة التاريخي، ومُعطياته الواضحة، وارتكزت على خطابٍ عَاطفي طغى في لحظةٍ ما، وكانت له مُبرراته وأهدافه الآنية.
كثيرةٌ هي الدراسات التي تَناولت تاريخ تلك المرحلة، إلا أنَّها، وبسبب تأثرها بذلك الخطاب الدعائي، لم تتوسع في نقل مَناشط الحركة الطلابية، على اعتبار أنَّ المدارس النظامية لم توجد في اليمن إلا بعد قيام الثورة، مُتجاهلةً - بشكلٍ مُستفز - أسباب قيام تلك الثورة، وأنَّ الضباط الأحرار - الذين قاموا بها - كانوا طُلابـًا.
بجهد كبير، حَاولت الغوص في تاريخ تلك الحركة، وتسجيل حُضورها الفاعل والمُناهض لحكم الإمامة المُزري. وعلى الرغم من وجود الكثير من الحلقات المفقودة، فإنَّ ما قدمته هنا، يُعتبر خُلاصةً هامة، وقاعدة انطلاق للبحث والتوسع أكثر.
شعارات قومية
خلال السنوات السبع الّتي سبقت قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م، قامت الحركة الطلابية بعددٍ من الاعتصامات والمظاهرات المُنظمة، وغير المُنظمة، وهي المناشط الثورية الّتي ضجّت بها شوارع مدينتي صنعاء وتعز، ومَهّدت - إلى حدٍّ كبير - لقيام تلك الثورة.
كــــان عدد طلاب مدينة صنعاء - خلال تلك الفترة - يتراوح ما بيـــن 400 إلى 500 طالب، يتوزعون على مَدارسها، ويعيش 90% منهم في أقسامٍ داخلية. وتلك المدارس:
- المدرسة العلمية: تأسست كمدرسة دينية في سبتمبر 1925م، وعُرفت أيضًا بـ (دار العلوم)، ومبناها في الأصل كان سكنًا للولاة العُثمانيين، وكان يُديرها الأستاذ يحيى النهاري.
- المدرسة الثانوية: تأسست عام 1955م، وكان يُديرها الأستاذ أحمد الشمسي، ثُمّ الأستاذ علي عبد الكريم الفضيل.
- المدرسة التحضيرية: كانت خاصة بأولاد العلويين والقضاة، وتحت إدارة الأستاذ علي الفضيل، وأُقفلت بعد سنوات قليلة من تأسيسها، وأدمجت مع المدرسة الثانوية.
- المدرسة المُتوسطة: هي في الأصل مَدرسة شيّدها الأتراك (العثمانيون) في حي بير العزب الراقي، حيث يقطن معظم أعيان ومسؤولي الدولة، وكانت تُعرف بـ (بيت بلاتون). وفي المرحلة الّتي نحن بصدد تناولها تحولت إلى مدرسة إعدادية، وأدارها الأستاذ عبد الله الذماري، ثُمّ الأستاذ علي أحمد العيني.
- المدرسة التحريرية: أمر الأمير محمد البدر بتأسيسها كملحق للمدرسة العلمية، وكانت الدراسة فيها تُوازي المَرحلة الإعدادية.
- مدرسة الأيتام: لها حضور كبير في أدبيات معظم مُناضلي تلك الحقبة، وقد تأسست كمدرسة ابتدائية عام 1935م، وكان طُلابها الأيتام وبعض طُلاب مَدارس صنعاء الابتدائية (الزُّمر، والإصلاح، ونصير) ينتقلون بعد تخرجهم من تلك المرحلة إلى المَدارس السابق ذكرها.
وإلى جَانب المُدرّسين اليمنيين، كان هُناك عددٌ من المُدرّسين المَصـريين، نذكر منهم: حسين زهير، وإبراهيم رشدي، ومحمد عباس سليمان، وجمال حمّاد، ومحمود خطاب، ومحمد عبد السلام رشوان. وكان هناك - أيضًا - مدرسين فلسطينيين، نذكر منهم: محمود دجاني، ومحمد سكتشه. استقدموا - كما قيل - عبر جامعة الدول العربية. وتولى جميعهم مهمة الإشـراف على معظم طُلاب تلك المَدارس، وتلقينهم العلوم الحديثة. ولم يصل تأثيرهم إلى طلاب المدرسة العلمية الّذين انحصـر تعليمهم على العلوم الدينية.
كانت مُظاهرة طُلاب تلك المدارس الأولى أثناء العدوان الثلاثي على مصـر أكتوبر 1956م، حيث رفعوا صورًا للرئيس جمال عبدالناصـر، ورَددوا بعض الشعارات القومية المُساندة، وقَدّموا أنفسهم إلى السفارة المصـرية مُتطوعين للدفاع عن مصـر، وعن الأمة العربية. وكان لهم - حينها - قيادات طلابية فاعلة، وكان علي عبد المغني أبرزها.
ولم يمضِ من الوقت الكثير، حتى خرج أولئك الطلاب في مُظاهرة ثانية مُتصلة، وبتوصيف أدق احتجاجًا على مُحاولة السُلطات الإمامية اعتقال طالب المدرسة الثانوية القيادي علي عبد المغني. ثم تطور الأمر إلى مُطالبتهم بتحسين مُستوى المعيشة في تلك المَدارس، والأوضاع السياسية في البلاد.
غادر أولئك الطلاب أسوار العاصمة صنعاء، واعتصموا ثلاثة أيام خارجها، ثم تَصالحوا مع الأمير الحسن بن علي (وزير المعارف)، ليأمر الأخير بحبس ثمانية منهم في سجن الرادع، وهم: علي عبدالمغني، وعلي الشيبة، وزيد الشامي (من المدرسة الثانوية). ومحمد السنحاني، وعبد الوارث سعد، ومهدي الترابي، وعلي الحجري (من المدرسة المتوسطة).وأحمد العمري (من المدرسة العلمية). وما هي إلا فترة وجيزة حتى تمّ الإفراج عنهم بكفالات من أولياء أمورهم.
كـانت تلك المظاهـرة - كما أفاد اللـواء يحيى المتـوكل - ثمرة تواصل طلاب المدرسة التحضيـرية والثانوية، واجتماعهم في ميدان المدرسة الثانوية، الّتي كان أحد طلابها، وأكمل ذلك المشهد بقوله: «خرجنا جميع طلاب المدرستين في مُظاهرة احتجاج عَارمة، انتهت بنا إلى الاعتصام في منطقة زراعية خالية جوار الإذاعة، وبقينا مُعتصمين ثلاثة أيام». وأضاف: «كانت هذه المظاهرة واحدة من البدايات الأولى لمناهضة النظام الإمامي، وكانت أول تحرك سياسي للطلاب، والّذي كان له صدى كبير لدى المواطنين، ناهيك عما أثاره من انزعاج وقلق لدى سلطات الإمام».
المدرسة الأحمدية
وفي مدينة تعز، وبالقرب من الباب الكبير، أسس ولي العهد الأمير أحمد بن الإمام يحيى مدرسة ابتدائية سُمّيت باسمه (المدرسة الأحمدية)، وذلك أثناء زيارته لتلك المدينة 1935م (حلَّت مدرسة الثورة محلها لاحقًا). وقد تحولت - في الحقبة الّتي نحن بصدد تناولها - إلى مدرسة إعدادية، ثُمَّ ثانوية، وكان فيها مُدرِّسون مصـريين وفلسطينيين، وعلى رأسهم رئيس البعثة الأستاذ عبدالغـني مبروك.
كان طُلابها سبّاقين إلى مُعارضة سياسة حُكم الإمام أحمد التعسفية، وكان خُروجهم الأول بعد فشل حركة مارس 1955م. وهو التحرك الذي وصفه الشاعر عبدالله البردوني بـ «المظاهرة العنيفة»، وعدّه أول احتجاج شعبي على إعدام قادة تلك الحركة، وقال إنَّ المتظاهرين هتفوا: «لا إعـدام، لا إعدام، يحيا الشعب، يحيا الشعب».
البردوني اعتبر ذلك التحرّك أنصع صفحة في التاريخ الطلابي؛ لأنه - حد وصفه - انتقل من الهمس والإنشاد إلى التفجُّر الشامل بين غمار الملايين، وتحت الشمس. وأضاف: «لقد كانت هذه المُظاهرة أول نقاط التحول في التاريخ الطلابي؛ بل وفي التاريخ الشعبي، إذ لم يعتد شعبنا قبل هذه التظاهرة الطلابية ما يُسمى بالمُظاهرات الجماهيرية».
بصفته أحد طلاب تلك المدرسة، لم يتحدث الروائي زيد مطيع دماج في مُذكراته عن تلك المظاهرة، واكتفـى بالقـول: «كان المدير صوان يسوقنا.. إلى ميدان العرضي، لنُشاهد قطع رؤوس عشـرات المُعارضين والمشاركين في ثورة الجيش».
كان تحرك طلاب مدرسة الأحمدية الثاني أثناء العدوان الثلاثي على مصـر أكتوبر 1956م، حيث أرادوا حينها الخروج للتظاهر أسوةً بأقرانهم (طلاب مَدارس صنعاء)، إلا أنَّ مدير المدرسة (صوان) منعهم من ذلك، فما كان منهم إلا أنْ أضـربوا عن الطعام، وحاصـروا المدير، وكادوا أنْ يفتكوا به، وأجبروه أنْ يقفز من نافذة مكتبه؛ مما أدى إلى كسـر ساقه.
وبعد أيام معدودة، شكل الأمام أحمد لجنةً للتحقيق مع الطلاب المُتسببين في ذلك الحادث، برئاسة عبدالله عبدالكريم. وبصفته أحد الطلاب الذي خضعوا للتحقيق، قال المقدم محمد الكهالي: «تم حجز مجموعة من الطلبة، وتم التحقيق معنا.. وبعد فترة، أخذوا مننا تعهدًا بعدم الإضـرابات مرة أخرى».
الضباط الأحرار
وبالعودة إلى مَدارس صنعاء، فقد كان خروج طلابها الثاني عند إعلان قيام الاتحاد الفيدرالي بين مصـر وسوريا فبراير 1958م، حيث قَاموا بمظاهرة كبيرة، طَافت معظم شوارع المدينة. وما أنْ وصلوا إلى مقر مفوضية إحدى الدول، حتى رَددوا هذا الشعار: «يسقط الدولار، وعُملاء الـدولار»؛ وهو الأمر الّذي جعل مُفـوض تلك الدولة يتجه إلى تعز، ويُقدم احتجاجه إلى الإمام أحمد، ويتهم المصـريين بتسيير تلك المظاهرة. وفي تعز، خرجت مُظاهرة مُماثلة (الخروج الثالث)، هتفت للوحدة، وسُقوط الرجعية، وتَعرض عدد من المُشاركين فيها للاعتقال.
وفي مُنتصف ذات العام، أعيد افتتاح الكلية الحربية في ذات المدينة، وقد بلغ عدد طُلاب دفعتها الأولى حوالي 39 طالبًا، تم استقدام مُعظمهم من المدرسة التحضيرية 31 مايو 1958م، وبلغ عدد طُلاب دفعتها الثانية حوالي 59 طالبًا، تم استقدام معظمهم من المدرسة الثانوية، والمدرسة العلمية، والمدرسة المتوسطة 20 نوفمبر 1958م.
تولت البعثة العسكرية المصـرية مَهمّة تدريس وتدريب طلابها، وكان الطالب محمد مطهر زيد (أحد خريجي المدرسة التحضيرية) الأول على مستوى دُفعتها الأولى، وسميت تلك الدفعة باسمه، وصار - بعد ذلك - أحد أبرز قادة تنظيم الضباط الأحرار، وشغل بعد قيام الثورة منصب رئاسة أركان القوات المُسلحة، واستشهد أثناء مُطاردته الإمام المخلوع محمد البدر أغسطس 1964. في حين كان زميله الطالب علي عبدالمغني (أحد خريجي المدرسة الثانوية) الأول على مستوى دُفعتها الثانية، وسُميت تلك الدفعة باسمه، وتولى - بعد ذلك - قيادة تنظيم الضباط الأحرار، واستشهد أثناء قيادته إحدى مَعارك الدفاع عن الثورة 8 أكتوبر 1962م.
المدرسة الأحمدية
وفي مدينة تعز، وبالقرب من الباب الكبير، أسس ولي العهد الأمير أحمد بن الإمام يحيى مدرسة ابتدائية سُمّيت باسمه (المدرسة الأحمدية)، وذلك أثناء زيارته لتلك المدينة 1935م (حلَّت مدرسة الثورة محلها لاحقًا). وقد تحولت - في الحقبة الّتي نحن بصدد تناولها - إلى مدرسة إعدادية، ثُمَّ ثانوية، وكان فيها مُدرِّسون مصـريين وفلسطينيين، وعلى رأسهم رئيس البعثة الأستاذ عبدالغـني مبروك.
كان طُلابها سبّاقين إلى مُعارضة سياسة حُكم الإمام أحمد التعسفية، وكان خُروجهم الأول بعد فشل حركة مارس 1955م. وهو التحرك الذي وصفه الشاعر عبدالله البردوني بـ «المظاهرة العنيفة»، وعدّه أول احتجاج شعبي على إعدام قادة تلك الحركة، وقال إنَّ المتظاهرين هتفوا: «لا إعـدام، لا إعدام، يحيا الشعب، يحيا الشعب».
البردوني اعتبر ذلك التحرّك أنصع صفحة في التاريخ الطلابي؛ لأنه - حد وصفه - انتقل من الهمس والإنشاد إلى التفجُّر الشامل بين غمار الملايين، وتحت الشمس. وأضاف: «لقد كانت هذه المُظاهرة أول نقاط التحول في التاريخ الطلابي؛ بل وفي التاريخ الشعبي، إذ لم يعتد شعبنا قبل هذه التظاهرة الطلابية ما يُسمى بالمُظاهرات الجماهيرية».
بصفته أحد طلاب تلك المدرسة، لم يتحدث الروائي زيد مطيع دماج في مُذكراته عن تلك المظاهرة، واكتفـى بالقـول: «كان المدير صوان يسوقنا.. إلى ميدان العرضي، لنُشاهد قطع رؤوس عشـرات المُعارضين والمشاركين في ثورة الجيش».
كان تحرك طلاب مدرسة الأحمدية الثاني أثناء العدوان الثلاثي على مصـر أكتوبر 1956م، حيث أرادوا حينها الخروج للتظاهر أسوةً بأقرانهم (طلاب مَدارس صنعاء)، إلا أنَّ مدير المدرسة (صوان) منعهم من ذلك، فما كان منهم إلا أنْ أضـربوا عن الطعام، وحاصـروا المدير، وكادوا أنْ يفتكوا به، وأجبروه أنْ يقفز من نافذة مكتبه؛ مما أدى إلى كسـر ساقه.
وبعد أيام معدودة، شكل الأمام أحمد لجنةً للتحقيق مع الطلاب المُتسببين في ذلك الحادث، برئاسة عبدالله عبدالكريم. وبصفته أحد الطلاب الذي خضعوا للتحقيق، قال المقدم محمد الكهالي: «تم حجز مجموعة من الطلبة، وتم التحقيق معنا.. وبعد فترة، أخذوا مننا تعهدًا بعدم الإضـرابات مرة أخرى».
الضباط الأحرار
وبالعودة إلى مَدارس صنعاء، فقد كان خروج طلابها الثاني عند إعلان قيام الاتحاد الفيدرالي بين مصـر وسوريا فبراير 1958م، حيث قَاموا بمظاهرة كبيرة، طَافت معظم شوارع المدينة. وما أنْ وصلوا إلى مقر مفوضية إحدى الدول، حتى رَددوا هذا الشعار: «يسقط الدولار، وعُملاء الـدولار»؛ وهو الأمر الّذي جعل مُفـوض تلك الدولة يتجه إلى تعز، ويُقدم احتجاجه إلى الإمام أحمد، ويتهم المصـريين بتسيير تلك المظاهرة. وفي تعز، خرجت مُظاهرة مُماثلة (الخروج الثالث)، هتفت للوحدة، وسُقوط الرجعية، وتَعرض عدد من المُشاركين فيها للاعتقال.
وفي مُنتصف ذات العام، أعيد افتتاح الكلية الحربية في ذات المدينة، وقد بلغ عدد طُلاب دفعتها الأولى حوالي 39 طالبًا، تم استقدام مُعظمهم من المدرسة التحضيرية 31 مايو 1958م، وبلغ عدد طُلاب دفعتها الثانية حوالي 59 طالبًا، تم استقدام معظمهم من المدرسة الثانوية، والمدرسة العلمية، والمدرسة المتوسطة 20 نوفمبر 1958م.
تولت البعثة العسكرية المصـرية مَهمّة تدريس وتدريب طلابها، وكان الطالب محمد مطهر زيد (أحد خريجي المدرسة التحضيرية) الأول على مستوى دُفعتها الأولى، وسميت تلك الدفعة باسمه، وصار - بعد ذلك - أحد أبرز قادة تنظيم الضباط الأحرار، وشغل بعد قيام الثورة منصب رئاسة أركان القوات المُسلحة، واستشهد أثناء مُطاردته الإمام المخلوع محمد البدر أغسطس 1964. في حين كان زميله الطالب علي عبدالمغني (أحد خريجي المدرسة الثانوية) الأول على مستوى دُفعتها الثانية، وسُميت تلك الدفعة باسمه، وتولى - بعد ذلك - قيادة تنظيم الضباط الأحرار، واستشهد أثناء قيادته إحدى مَعارك الدفاع عن الثورة 8 أكتوبر 1962م.
وفي العام 1959م، خرج طُلاب مَدارس صنعاء إلى الشوارع غاضبين (الخروج الثالث أيضًا)، وطالبوا بإيجاد فُرص عمل لزملائهم الخريجين، طُلاب مدرسة دار العلوم. وبدلًا من أنْ يتجاوب الإمام أحمد معهم، أمر بفصل 200 طالب من زملائهم؛ فما كان منهم إلّا أنْ اعتصموا في مسجد قبة المُتوكل، وأجبروه على إلغاء ذلك القرار.
وفي شهر مايو 1961م، كان خروج طلاب مدرسة الأحمدية الرابع، بمظاهرة تنديدية؛ تَفرَّد المُناضل علي محمد صلاح بالحديث عنها، وقال إنَّها كانت ردًا على التعذيب الذي لاقاه المُلازم عبدالله اللقية (تم نقله - حينها - من الحديدة إلى تعز تمهيدًا لإعدامه) بعد فشله - مع زميلين له - بمحاوله اغتيال الإمام أحمد في مستشفى الحديدة.
خروج الطلاب الأبرز
وفي بداية شهر أغسطس 1962م، شهدّت مدينة صنعاء مُظاهرة طلابية عَارمة (الخُروج الرابع)، عمّ صداها الأرجاء، وتجاوزت إطارها المَطلبي، إلى رفع شعارات سياسية ثورية عشوائية ناقمة. جَابت مُعظم شَوارع مدينة صنعاء، بدءًا من نُقطة التجمع الأولى في مَيدان شَـرارة (التحرير حاليًا)، مُرور بدار البشائر، وباب اليمن، وباب شُعوب، وحَارة الزُمر، وحارة طَلحة، وصولًا إلى مبنى الإذاعة، وانضم إليها عددٌ من الأهالي الثائرين، ووصل عدد المُشاركين فيها - إجمالًا - إلى حوالي 3,000 مُتظاهر.
مع بِداية تَحركهم، فشل الطلاب المتظاهرين في اقتحام مبنى وزارة المعارف، واكتفوا بتهشيم سيارة الوزير. وفي منتصف تحركهم، قام بعضهم برفع صورة للزعيم جمال عبدالناصـر. وفي نهاية تحركهم، وذروة غضبهم، وضعوا صورة الإمام أحمد وعلم المملكة المتوكلية على الأرض، وداسوهما بأقدامهم.
بصفته أحد طُلاب المدرسة العلمية، وأحد المُشاركين في تلك المُظاهرة، قال المناضل جار الله عمر إنَّها بدأت كاحتجاج على تصـرفات مدير المدرسة الثانوية، الأستاذ علي الفضيل، الذي رفض مطالب الطلاب المُتعلقة بتحسين أوضاعهم. وأضاف: «لكن هذه المطالب كانت مُجرد ذريعة أو مظهرًا خارجيًا للغليان الّذي ساد في قطاع الطلاب، وكان هناك استعداد نفسي للاحتجاج على النظام السياسي بأكمله».
وما أنْ وصلت تلك المظاهرة إلى مبنى الإذاعة، حتى حصل اشتباك بين المُشاركين فيها وحراس ذلك المرفق، وسقط ضحايا من المُتظاهرين. هناك من قال إنَّهم قتيلان، وهناك من قال إنَّهم خمسة قتلى. والراجح ما أكده المناضل علي صلاح، حيث قال: «وقد أدى ذلك إلى إصابة عدد من الطلاب بإصابات مختلفة، منهم الأخ محمد الحيفي، ويحيى العماد، وعبد الله المؤيد.. وأصبت أنا..».
في طريق النصـر
وكرد فعل على ذلك التنكيل الإمامي، قام - في صباح اليوم التالي - طلاب المدرسة الأحمدية في تعز باعتصامٍ مفتوح، كرروا فيه مَطالبهم السابقة، بالإضافة إلى مطلب جديد تمثل في اعتراضهم على تغيير مدير مدرستهم السابق (لم تذكر المصادر اسمه، والراجح أنه ليس صوان)، وزَادوا على ذلك بالمطالبة بتخفيف الضغوط على زملائهم في صنعاء.
قَدّمَ الدبلوماسي الروسي أوليغ بير يسيبكين وصفًا دقيقًا لأحد المشاهد الثورية التي قام بها أولئك الطلاب، حيث قال: «رأيت بنفسي وأنا خارج من البيت (يقصد منزل محمد ثابت عبدالجليل المُجاور لمدرسة الأحمدية) كيف كان تلاميذ الصفوف العليا يقذفون من النوافذ صور الإمام أحمد وولي عهده».
بصفته أحد طلاب تلك المَدرسة، وأحد الساكنين في قسمها الداخلي، أكد الطالب صالح عبد الله الصبار ما سبق ذكره، وأضاف أنَّه وزملاءه تجمعوا في ساحة المدرسة، ورددوا هتافاتٍ مُنددةً بالحكم الإمامي والاستعمار. وأضاف: «كنا نعتقد بيقين أننا سننجح، وتُلبى مَطالبنا.. وما حدث كردِّ فعل علينا، كان غير متوقعٍ تمامًا، فقد قُطعت عنا الكهرباء والمياه، ومُنع علينا الطعام، وحوصـرت المدرسة بعناصـر الجيش النظامي من كل الجهات».
ساهم وجود عناصـر وطنية في صفوف القوات المُحاصِـرة، في التخفيف من بعض مُعاناة الطلاب المُعتصمين، وتمثل ذلك التخفيف في السماح لطلاب المدرسة الصغار بالذهاب إلى السوق المُجاور، والعودة بالماء والأكل لزملائهم المُحاصرين. ولم يمضِ وقتٌ طويل حتى توافد المُتعاطفون من سكان تلك المدينة، وعن ذلك قال الطالب الصبار: «استشعر الناس والأهالي قساوة ما نحن فيه، وراحوا يتوافدون صوب المدرسة، مُغدقين علينا الكثير من الطعام، والبسكويت، والحلوى».
وقبل انقضاء الأسبوع الأول من ذلك الاعتصام، أرسل الإمام أحمد المقدم علي حسين مانع (مدير الأمن العام) كوسيط، وبعد كثيرٍ من الأخذ والرد، رفض الطلاب إنهاء اعتصامهم؛ فما كان من الإمام إلا أنْ بعث إليهم برسالة زاجرة، قال فيها: «من يشتي يدرس يدرس، والا يروح عند أمه». خرج الطلاب عصـر اليوم التالي بزيهم المُوحد إلى منطقة الضـربة (الخروج الخامس)، وهم يُرددون شعاراتٍ وأشعارًا حماسية، منها:
وفي شهر مايو 1961م، كان خروج طلاب مدرسة الأحمدية الرابع، بمظاهرة تنديدية؛ تَفرَّد المُناضل علي محمد صلاح بالحديث عنها، وقال إنَّها كانت ردًا على التعذيب الذي لاقاه المُلازم عبدالله اللقية (تم نقله - حينها - من الحديدة إلى تعز تمهيدًا لإعدامه) بعد فشله - مع زميلين له - بمحاوله اغتيال الإمام أحمد في مستشفى الحديدة.
خروج الطلاب الأبرز
وفي بداية شهر أغسطس 1962م، شهدّت مدينة صنعاء مُظاهرة طلابية عَارمة (الخُروج الرابع)، عمّ صداها الأرجاء، وتجاوزت إطارها المَطلبي، إلى رفع شعارات سياسية ثورية عشوائية ناقمة. جَابت مُعظم شَوارع مدينة صنعاء، بدءًا من نُقطة التجمع الأولى في مَيدان شَـرارة (التحرير حاليًا)، مُرور بدار البشائر، وباب اليمن، وباب شُعوب، وحَارة الزُمر، وحارة طَلحة، وصولًا إلى مبنى الإذاعة، وانضم إليها عددٌ من الأهالي الثائرين، ووصل عدد المُشاركين فيها - إجمالًا - إلى حوالي 3,000 مُتظاهر.
مع بِداية تَحركهم، فشل الطلاب المتظاهرين في اقتحام مبنى وزارة المعارف، واكتفوا بتهشيم سيارة الوزير. وفي منتصف تحركهم، قام بعضهم برفع صورة للزعيم جمال عبدالناصـر. وفي نهاية تحركهم، وذروة غضبهم، وضعوا صورة الإمام أحمد وعلم المملكة المتوكلية على الأرض، وداسوهما بأقدامهم.
بصفته أحد طُلاب المدرسة العلمية، وأحد المُشاركين في تلك المُظاهرة، قال المناضل جار الله عمر إنَّها بدأت كاحتجاج على تصـرفات مدير المدرسة الثانوية، الأستاذ علي الفضيل، الذي رفض مطالب الطلاب المُتعلقة بتحسين أوضاعهم. وأضاف: «لكن هذه المطالب كانت مُجرد ذريعة أو مظهرًا خارجيًا للغليان الّذي ساد في قطاع الطلاب، وكان هناك استعداد نفسي للاحتجاج على النظام السياسي بأكمله».
وما أنْ وصلت تلك المظاهرة إلى مبنى الإذاعة، حتى حصل اشتباك بين المُشاركين فيها وحراس ذلك المرفق، وسقط ضحايا من المُتظاهرين. هناك من قال إنَّهم قتيلان، وهناك من قال إنَّهم خمسة قتلى. والراجح ما أكده المناضل علي صلاح، حيث قال: «وقد أدى ذلك إلى إصابة عدد من الطلاب بإصابات مختلفة، منهم الأخ محمد الحيفي، ويحيى العماد، وعبد الله المؤيد.. وأصبت أنا..».
في طريق النصـر
وكرد فعل على ذلك التنكيل الإمامي، قام - في صباح اليوم التالي - طلاب المدرسة الأحمدية في تعز باعتصامٍ مفتوح، كرروا فيه مَطالبهم السابقة، بالإضافة إلى مطلب جديد تمثل في اعتراضهم على تغيير مدير مدرستهم السابق (لم تذكر المصادر اسمه، والراجح أنه ليس صوان)، وزَادوا على ذلك بالمطالبة بتخفيف الضغوط على زملائهم في صنعاء.
قَدّمَ الدبلوماسي الروسي أوليغ بير يسيبكين وصفًا دقيقًا لأحد المشاهد الثورية التي قام بها أولئك الطلاب، حيث قال: «رأيت بنفسي وأنا خارج من البيت (يقصد منزل محمد ثابت عبدالجليل المُجاور لمدرسة الأحمدية) كيف كان تلاميذ الصفوف العليا يقذفون من النوافذ صور الإمام أحمد وولي عهده».
بصفته أحد طلاب تلك المَدرسة، وأحد الساكنين في قسمها الداخلي، أكد الطالب صالح عبد الله الصبار ما سبق ذكره، وأضاف أنَّه وزملاءه تجمعوا في ساحة المدرسة، ورددوا هتافاتٍ مُنددةً بالحكم الإمامي والاستعمار. وأضاف: «كنا نعتقد بيقين أننا سننجح، وتُلبى مَطالبنا.. وما حدث كردِّ فعل علينا، كان غير متوقعٍ تمامًا، فقد قُطعت عنا الكهرباء والمياه، ومُنع علينا الطعام، وحوصـرت المدرسة بعناصـر الجيش النظامي من كل الجهات».
ساهم وجود عناصـر وطنية في صفوف القوات المُحاصِـرة، في التخفيف من بعض مُعاناة الطلاب المُعتصمين، وتمثل ذلك التخفيف في السماح لطلاب المدرسة الصغار بالذهاب إلى السوق المُجاور، والعودة بالماء والأكل لزملائهم المُحاصرين. ولم يمضِ وقتٌ طويل حتى توافد المُتعاطفون من سكان تلك المدينة، وعن ذلك قال الطالب الصبار: «استشعر الناس والأهالي قساوة ما نحن فيه، وراحوا يتوافدون صوب المدرسة، مُغدقين علينا الكثير من الطعام، والبسكويت، والحلوى».
وقبل انقضاء الأسبوع الأول من ذلك الاعتصام، أرسل الإمام أحمد المقدم علي حسين مانع (مدير الأمن العام) كوسيط، وبعد كثيرٍ من الأخذ والرد، رفض الطلاب إنهاء اعتصامهم؛ فما كان من الإمام إلا أنْ بعث إليهم برسالة زاجرة، قال فيها: «من يشتي يدرس يدرس، والا يروح عند أمه». خرج الطلاب عصـر اليوم التالي بزيهم المُوحد إلى منطقة الضـربة (الخروج الخامس)، وهم يُرددون شعاراتٍ وأشعارًا حماسية، منها:
في طريق النصـر سيروا
بنظامٍ واتحاد
وعلى الأعداء ثوروا
ثورةً تمحو الفســاد
وغدًا يومُ الظفر
اقتربت عناصـر من الجيش إلى ذلك المكان، وكان بحوزتهم رشاشان، وإكمالًا لتفاصيل ذلك المشهد، أترككم مع ما قاله الطالب الصبار: «وجاء إلينا من يطلب إرضاء الإمام، وتحيته، وعدنا مغلوبين على أمرنا لتحية الإمام، ورددنا على مسامعه نداء (يحيا الإمام) ثلاث مرات، بصوتٍ عالٍ، لكن بنبرةٍ حزينة.. وبعدها انتهى كل شيء، وعاد إلى المدرسة من عاد منا، فيما غادر البعض ورحل عنها».
سَارعت السُلطات الإمامية في مدينتي صنعاء وتعز بإلقاء القبض على عددٍ كبيرٍ من قادة تلك التحركات الطلابية، وأودعتهم في سُجونها المُتباعدة، وتحديدًا في سجون صعدة ووشحة وحجّة، فيما فرَّ من نجا من الاعتقال إلى قُراهم، وإلى مدينة عدن على وجه الخصوص. وأفاد المناضل علي صلاح بأنَّ زملاءه الطلاب قاموا بمظاهرةٍ أخرى للمطالبة بالإفراج عن الطلاب المساجين في مدينتي صنعاء وتعز، وأكمل صلاح شهادته بالقول: «وكانت الحركة الطلابية في تلك الفترة قويةً ونشطةً ومتضامنةً، في صنعاء وفي تعز».
بصفته أحد طلاب المدرسة العلمية، وأحد قادة تلك التحركات الطلابية، تعرض المناضل صلاح للاعتقال، وكان واحدًا من الطلاب الـ 13 طالب الّذين تم إرسالهم إلى سجن السنارة في صعدة. تحدث في مُذكراته عن مُعاناته وزملائه، خاصةً عند مُرورهم بمدينة حوث، حيث قال: «كان وصولنا وقت خروج المصلين من صلاة الجمعة.. عندما علم المواطنون الخارجون من المسجد أننا المساجين المُرسلين إلى سجن السنارة.. قاموا برمينا بالأحجار، وبالبصق علينا، وبالسب والإهانة..».
وإلى سجن مدينة وشحة القريب من الحدود السعودية، تم إرسال 24 طالبًا، تحدث المناضل حسين عبد الله المقدمي عنهم، قال: «كان وصولهم إلى وشحة مدعاةً لتعليقات المسئولين هناك؛ لأنَّها مُظاهرة من طلاب بعضهم لم يبلغ الخامسة عشـرة سنة».
وما هي إلا أيام معدودة، حتى قامت ثورة 26 سبتمبر 1962م المجيدة، وتمّ الإفراج عن أولئك الطلاب. عادوا لإكمال دراستهم، وانخرطوا بعد تخرجهم في مَعارك الدفاع عن الثورة والجمهورية، مدنيًا وعسكريًا. منهم من انضم للحرس الوطني، ومنهم من واصل تعليمه في الكليات العسكرية. وكان لهم جميعًا الدور الأبرز في صدِّ الجحافل الإمامية المُتوثبة على العاصمة صنعاء، في ملحمة الـ 70 يومًا.
بنظامٍ واتحاد
وعلى الأعداء ثوروا
ثورةً تمحو الفســاد
وغدًا يومُ الظفر
اقتربت عناصـر من الجيش إلى ذلك المكان، وكان بحوزتهم رشاشان، وإكمالًا لتفاصيل ذلك المشهد، أترككم مع ما قاله الطالب الصبار: «وجاء إلينا من يطلب إرضاء الإمام، وتحيته، وعدنا مغلوبين على أمرنا لتحية الإمام، ورددنا على مسامعه نداء (يحيا الإمام) ثلاث مرات، بصوتٍ عالٍ، لكن بنبرةٍ حزينة.. وبعدها انتهى كل شيء، وعاد إلى المدرسة من عاد منا، فيما غادر البعض ورحل عنها».
سَارعت السُلطات الإمامية في مدينتي صنعاء وتعز بإلقاء القبض على عددٍ كبيرٍ من قادة تلك التحركات الطلابية، وأودعتهم في سُجونها المُتباعدة، وتحديدًا في سجون صعدة ووشحة وحجّة، فيما فرَّ من نجا من الاعتقال إلى قُراهم، وإلى مدينة عدن على وجه الخصوص. وأفاد المناضل علي صلاح بأنَّ زملاءه الطلاب قاموا بمظاهرةٍ أخرى للمطالبة بالإفراج عن الطلاب المساجين في مدينتي صنعاء وتعز، وأكمل صلاح شهادته بالقول: «وكانت الحركة الطلابية في تلك الفترة قويةً ونشطةً ومتضامنةً، في صنعاء وفي تعز».
بصفته أحد طلاب المدرسة العلمية، وأحد قادة تلك التحركات الطلابية، تعرض المناضل صلاح للاعتقال، وكان واحدًا من الطلاب الـ 13 طالب الّذين تم إرسالهم إلى سجن السنارة في صعدة. تحدث في مُذكراته عن مُعاناته وزملائه، خاصةً عند مُرورهم بمدينة حوث، حيث قال: «كان وصولنا وقت خروج المصلين من صلاة الجمعة.. عندما علم المواطنون الخارجون من المسجد أننا المساجين المُرسلين إلى سجن السنارة.. قاموا برمينا بالأحجار، وبالبصق علينا، وبالسب والإهانة..».
وإلى سجن مدينة وشحة القريب من الحدود السعودية، تم إرسال 24 طالبًا، تحدث المناضل حسين عبد الله المقدمي عنهم، قال: «كان وصولهم إلى وشحة مدعاةً لتعليقات المسئولين هناك؛ لأنَّها مُظاهرة من طلاب بعضهم لم يبلغ الخامسة عشـرة سنة».
وما هي إلا أيام معدودة، حتى قامت ثورة 26 سبتمبر 1962م المجيدة، وتمّ الإفراج عن أولئك الطلاب. عادوا لإكمال دراستهم، وانخرطوا بعد تخرجهم في مَعارك الدفاع عن الثورة والجمهورية، مدنيًا وعسكريًا. منهم من انضم للحرس الوطني، ومنهم من واصل تعليمه في الكليات العسكرية. وكان لهم جميعًا الدور الأبرز في صدِّ الجحافل الإمامية المُتوثبة على العاصمة صنعاء، في ملحمة الـ 70 يومًا.
#عبدالسلام_الوجيه
( الذكدى الثالثه لرحيل المورخ الكبير العلامه عبد السلام الوجيه )علم من اعلام اليمن المعاصرين الكبار إنه السيد العلامة الاديب الاريب المحقق المؤرخ الكاتب المفكر وجيه الإسلام عبد السلام بن عباس بن علي بن عباس الوجيه ولد بمحروس شهاره سنه 1957 م 1376هجريهنشا وترعرع في أسرة علم وصلاح ودرس على يد علما شهاره ثم انتقل إلى محروس صنعا وشمر لطلب العلم بإخلاص فأخذ على يد كبار العلما منهم السيد العلامه المجتهد محمد محمد المنصور والسيد العلامة المولى حمود عباس المزيد والسيد العلامة احمد محمد حجر والسيد المولى مجد الدين المويدي والسيد المجتهد بدر الدين الحوثي والسيد المجتهد محمد الحسن العجري والقاضي العلامة المحقق عبد الحميد معياد والقاضي العلامة المحقق حمود بن قايد حوات والسيد العلامة محمد إسماعيل المتوكل وقد حقق في جميع العلوم العقلية والنقليه ثم التحق بكلية الاقتصاد في جامعة صنعاء وحصل على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد والعلوم السياسيه سنه 1403 هجرية.1983م ثم عمل مديرا لمجلة الحرا.س ثم معدا للبحوث في العلاقات الخارجيه كما عمل رحمه الله مدرسا بارعا في الجامع الكبير بصنعاء وقد عرفته شخصيا ودرست لديه في مطلع التسعينات كان لبقا متواضعا كريما شجاعا يحب الخير. وطاقة هائلة في العطاء والسعي في الخير واصلاح ذات البين وكان يدرسنا في متن الأزهار منطوق مفهوم ثم عمل مدير قسم التحقيق في مؤسسة الإمام زيد.بن علي الثقافية كما كان له الدور البارز في تأسيس حزب الحق ورئيسا للإدارة الإعلامية فيه كما عمل صحفيا متمكنا في صحيفة الأمة ورئيسا لتحرير مجلة دراسات الزايد وعضوا في عدد من الجمعيات المهتمة بالتراث الفكري وقد عكف المترجم له في تأليف عدة مؤلفات وتحقيقها ومنها 1من اعلام النساء زينب الشهاريه صدر عن مكتبة دار التراث 2 معجم الرواة في آمالي المؤيد بالله صدر عن مكتبة دار التراث الإسلامي 3.اعلام المؤلفين الزيدية .وهو معجم ضخم ترجم فيه لألف ومائتين واربعين موالفا صدر عن مؤسسة الإمام زيد بن علي عليه السلام في الاردن عام 1999م 4 ِمعجم رجال الاعتبار وسلوكه العارفين صدر عن مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية عام2000م 5ِصدى الأمة مجموعة مقالات ومقامات أدبية 6 مصادر التراث في المكتبات الخاصة في اليمن ِوله عدة مؤلفات قام المترجم له بتحقيقها وكان رحمه الله رقيق يتذوق الشعر وله شعر جميل. منه ِأضحى المفتون تعلقه ..برشا يهواه ويعشقه ..قمرا ان لاح بطلعته ..اغرى الناسك تألقه إلى آخرها وقد توفي عن مرض عضال الم به في سنه 2022م 1443هجريه كتب الله آجره في الدارين وادخله في الفردوس الاعلى كتبه ؛
حافظ حسين #الاعرج
( الذكدى الثالثه لرحيل المورخ الكبير العلامه عبد السلام الوجيه )علم من اعلام اليمن المعاصرين الكبار إنه السيد العلامة الاديب الاريب المحقق المؤرخ الكاتب المفكر وجيه الإسلام عبد السلام بن عباس بن علي بن عباس الوجيه ولد بمحروس شهاره سنه 1957 م 1376هجريهنشا وترعرع في أسرة علم وصلاح ودرس على يد علما شهاره ثم انتقل إلى محروس صنعا وشمر لطلب العلم بإخلاص فأخذ على يد كبار العلما منهم السيد العلامه المجتهد محمد محمد المنصور والسيد العلامة المولى حمود عباس المزيد والسيد العلامة احمد محمد حجر والسيد المولى مجد الدين المويدي والسيد المجتهد بدر الدين الحوثي والسيد المجتهد محمد الحسن العجري والقاضي العلامة المحقق عبد الحميد معياد والقاضي العلامة المحقق حمود بن قايد حوات والسيد العلامة محمد إسماعيل المتوكل وقد حقق في جميع العلوم العقلية والنقليه ثم التحق بكلية الاقتصاد في جامعة صنعاء وحصل على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد والعلوم السياسيه سنه 1403 هجرية.1983م ثم عمل مديرا لمجلة الحرا.س ثم معدا للبحوث في العلاقات الخارجيه كما عمل رحمه الله مدرسا بارعا في الجامع الكبير بصنعاء وقد عرفته شخصيا ودرست لديه في مطلع التسعينات كان لبقا متواضعا كريما شجاعا يحب الخير. وطاقة هائلة في العطاء والسعي في الخير واصلاح ذات البين وكان يدرسنا في متن الأزهار منطوق مفهوم ثم عمل مدير قسم التحقيق في مؤسسة الإمام زيد.بن علي الثقافية كما كان له الدور البارز في تأسيس حزب الحق ورئيسا للإدارة الإعلامية فيه كما عمل صحفيا متمكنا في صحيفة الأمة ورئيسا لتحرير مجلة دراسات الزايد وعضوا في عدد من الجمعيات المهتمة بالتراث الفكري وقد عكف المترجم له في تأليف عدة مؤلفات وتحقيقها ومنها 1من اعلام النساء زينب الشهاريه صدر عن مكتبة دار التراث 2 معجم الرواة في آمالي المؤيد بالله صدر عن مكتبة دار التراث الإسلامي 3.اعلام المؤلفين الزيدية .وهو معجم ضخم ترجم فيه لألف ومائتين واربعين موالفا صدر عن مؤسسة الإمام زيد بن علي عليه السلام في الاردن عام 1999م 4 ِمعجم رجال الاعتبار وسلوكه العارفين صدر عن مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية عام2000م 5ِصدى الأمة مجموعة مقالات ومقامات أدبية 6 مصادر التراث في المكتبات الخاصة في اليمن ِوله عدة مؤلفات قام المترجم له بتحقيقها وكان رحمه الله رقيق يتذوق الشعر وله شعر جميل. منه ِأضحى المفتون تعلقه ..برشا يهواه ويعشقه ..قمرا ان لاح بطلعته ..اغرى الناسك تألقه إلى آخرها وقد توفي عن مرض عضال الم به في سنه 2022م 1443هجريه كتب الله آجره في الدارين وادخله في الفردوس الاعلى كتبه ؛
حافظ حسين #الاعرج