Telegram Web Link
'Ramadan Nights' by Mohammed Racim (1896-1975)
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
Forwarded from 0/0 (Mohamed Ali)
Forwarded from 0/0 (Mohamed Ali)
ترجمة مقالة لصحيفة نيويورك تايمز بعنوان
" الجاسوس العراقي الذي إخترق د!عش "

Iraqi spy who infiltrated ISIS

عن الحكاية المنسيّة للشهيد حارث السوداني

مارغريت كوكر –12/8/2018

بغداد – كان سائق الشاحنة البيضاء من نوع Kia يتصببُ عرقًا وهو يقود مسرِعًا في إحدى طرق بغداد السريعة تحت المطر، بإتجاه سوق مفتوح
ونبضه يتسارع مع كل هزة وإنعطاف، لأن هيكل السيارة التي يقودها مملوء بـ498 كيلوغرام من المتفجرات

التي خطط تنظيم د!عش إستخدامها في هجوم عنيف على المتسوقين المدنيين عشيّة أعياد رأس السنة في العاصمة العراقية.

أيّ سائقِ متهور في شوارع العراق المعروفة بفوضويتها كان ليشعِل كرة نارية في وضح النهار، أو ربما خلاف في إحدى السيطرات الأمنية الذي أحيانًا يتطور الى نزاعِ بالأسلحة.

لكن كان هناك سببُ آخر ليشعُر بالخوف،
السائق، النقيب حارث السوداني كان جاسوسًا.

على مدى الـ16 شهرًا الماضية، كان يتظاهر بأنه مقاتل جهادي أمام أفراد تنظيم د!عش، بينما كان يسرّب معلومات الى فرع سرّي في جهاز المخابرات العراقي.

كان قد حقق رقمًا قياسيًا مذهلًا، أحبط 30 هجومًا بسيارات مفخخة و18 إنتحاري، حسب كلام أبو علي البصري مدير عام الإستخبارات. النقيب حارث تمكن من تزويد المخابرات بخطوط مباشرة للوصول الى قيادات التنظيم في الموصل.

"أعظم جاسوس في تاريخ العراق" هكذا قال أحد القيادات في جهاز المخابرات، فهو أحد القلائل في العالم ممن تمكنوا من إختراق الطبقة العليا من قيادات تنظيم الدولة الإسلامية.
بالعودة الى البداية، في آخر يوم من عام 2016، إجتاز حارث الطريق السريع بإتجاه هدفه المنشود، سوق بغداد الجديدة، حين ناوبه الشك بأن غطائه قد كشف من قِبل التنظيم، فقد كان يخاطر بحياته في كل يوم يقضيه مع أفراد التنظيم، إن لم تقتله نصف طن من المتفجرات، سيقتله التنظيم بلا شك إذا كشف أمره.

قبل أن يخرج في هذه المهمة، بعث رسالة إلى والده قائلًا: "إدعيلي".

وحدة مكافحة الإرهاب في جهاز المخابرات العراقي، المعروفة بخلية الصقور الإستخباراتية، هي إحدى أهم التشكيلات في الحرب ضد د!عش ويكاد لا يسمع عنها أحد.
وهنالك عمل النقيب حارث.

زرعت خلية الصقور عدة جواسيس داخل التنظيم، وساهمت في إنهاء وجوده في العام الماضي، ولا تزال تطارد زعيم التنظيم أبو بكر البغد!دي.

تَرك الجامعة

لم يرحب الكثيرون في حياته بجرأته وطموحه بأن يكون جاسوسًا،
بالتأكيد ليس والده، عابد السوداني، الرجل المنصبط الصارم الذي يطلب الطاعة المطلقة، والذي أجبر إبنه الأكبر وجعله يعمل بعد المدرسة في مطبعته الصغيرة

ولا أساتذته في جامعة بغداد، الذين طردوه، فأضاع فرصة الدراسة وإنشغل بمطاردة النساء

خيّره والده، بأن يخضع لرغبته أو يطرد من منزل العائلة

قال شقيقه الأصغر منذر: " كانت لحظة حاسمة له، كان محبطًا لأنه لا يستطيع العيش بالطريقة التي يريدها ".

إستقر حارث في زواج تقليدي، وعاد الى الدراسة، درس اللغة الإنگليزية، وثم الروسية، وعمل في أنظمة المراقبة للبنية التحتية للنفط في العراق.

في نفس الوقت، كانت الهجمات الإرهابية اليومية تمزق العراق، فإنتهى بهم الأمر الى منح حارث فرصة.
عام 2006، أسس البصري خلية الصقور، وبدأ إستقطاب نخبة القوات المسلحة العراقية لهدف محاربة الإرهاب، ويقول في ذلك: " بحثت عنم كما يبحث الرجل عن زوجة ".

أخوه الأكبر، مناف، كان أحد أوائل المتطوعين في خلية الصقور، وعاد الى البيت لإقناع أخيه الأصغر بالإنضمام، بعد أن كان قد ملٌ من عمله السابق، وقضائه أغلب وقته في المقاهي أو لعب ألعاب الفيديو، حاججه مناف بأن مهاراته في الكوبيوتر واللغات الأجنبية ستعطيه الأفضلية في التوظيف، فإقتنع حارث بحماس،

وحصل عام 2013 على عمل بمراقبة ورصد تحركات الإرهابيين والمشتبه بهم على الإنترنت والهواتف الخلوية.

"كان سعيدًا بحياته الجديدة، كلنا لاحظنا ذلك" يقول منذر.

العمل كجاسوس

في صيف 2014، مجموعة جديدة برزت الى القمة، تنظيم جهادي يدعو نفسه الدولة الإسلامية سيطر على مناطق واسعة في سوريا والعراق، معلنين إياها خلافة إسلامية.

أخذت خلية الصقور على عاتقها مهمة جديدة، إختراق هذا التنظيم بواسطة عملاء متخفين.

تطوّع السوداني للمهمة. وقال قائده اللواء سعد الفالح، أنه إندفع للمهمة تأثرًا بصور الأطفال المقتولين بسبب التنظيم.
"لم يكن ليسمح لهم بفعل ذلك، لقد كان هو نفسه أبًا"

تمت ترقية السوداني الى رتبة نقيب، وبدأ تدريبه لبصبح "جهاديًا".

عندما كان حارث صغيرًا، عاشت عائلته في الرمادي، معقل المسلمين السنة في العراق
الأقلية السنية في العراق حكمت البلاد بنظام صدام حسين الدكتاتوري، حتى أزاحه الإحتلال الأمريكي،
مما جعل المتطرفين السنة يستشيطون غضبًا على سلطتهم الزائلة، مما دفعهم لبناء فصائل مقاومة لتتطور في ما بعد وتصبح الدولة الإسلامية.

قدرة النقيب حارث على محاكاة لهجة شعب الرمادي عززت مصداقيته داخل التنظيم الإرهابي.

يتبع
Forwarded from 0/0 (Mohamed Ali)
لكنه كشيعي، لم يكن على إحاطة كافية بالطقوس والعبادات السنية، فإنغمس بقرائة القرآن، يحفظ الآيات المفضلة للجهاديين ويتعلم العبارات والهتافات التي يستخدموها في الصلاة، وفي القتل.

أصبح يعرف بـ أبو مصعب، رجل عاطل عن العمل من إحدى مناطق بغداد ذات الكثافة السنية العالية.
مهمته: التسلل الى إحدى خلايا تنظيم د!عش في منطقة الطارمية، التي أصبحت مرتعًا للهجمات الإنتحارية التي تستهدف العاصمة.

في إحدى ليالي سبتمبر، قبل أن يبدأ مهمته، جلس يشرب الشاي مع شقيقه مناف، بينما بدأ مناف بكلام حماسي لتحفيزه.

في اليوم التالي، دخل النقيب حارث الى مسجد في الطارمية كان قد إستخدمه التنظيم لعقد إجتماعاته، جلس فيه لفترة طويلة، أكثر مما كان مخططًا له.

كان مناف، ضمن فريق المراقبة المكلف بمراقبة شقيقه، قد أيقن أن خطأ كبير قد وقع.

عند الغسق، لمح ظلال أخيه تعود لمنطقة التسلل المتفق عليها سلفًا

أعلن حارث نجاح مهمته، الخلية الإرهابية رحبت بأبو صهيب، وهو ذاهب للعيش معهم في الطارمية

ساعي القنابل !

أيامه الأولى مع التنظيم كانت مليئة بالتدريب على العلوم الدينية، والمتفجرات.

بعد عدة أسابيع، وصل إتصال من أحد قيادات د!عش في الموصل، تأمر بإيكال مهمة التنظيم اللوجستي للهجمات الانتحارية في بغداد الى حارث، أو أبو مصعب كما يعرفونه، لكونه من مواليد بغداد وعارف بطبيعتها وقادر على إدخال المتفجرات عبر نقاط التفتيش فيها.

في إتصالات إسبوعية، كانت تصله أوامر من من أحد قيادات التنظيم بأن يستقبل الارهابيين الإنتحاريين في الطارمية، أو أن يستلم منهم شحنة المتفجرات.

وفي كل مرة، كان حارث يبلغ خلية الصقور، وكانت مهمتهم إعتراضه هو ومتفجراته ومنعه من الدخول الى بغداد.

وكانت تتبع سيارته سيارة أخرى من خلية الصقور، وظيفتها التشويش على الإشارات بواسطة هاتف أو ادوات أخرى لمنع تفجير القنبلة عن بعد
ويقتادوه الى مكان يمكنهم فيه تفكيك القنبلة، أو القبض على الإنتحاري الذي ينقله أو قتله.

وغالبًا ما كانت خلية الصقور تعلن لوسائل الإعلام عن حدوث إنفجار ، وأحيانًا يدّعون وجود خسائر جسيمة، كل هذا للمحافظة على سرية ومصداقية حارث أمام التنظيم.

أثرت كل تلك الضغوطات على صحته، إشتكى من آلام في الصدر، كان يعتقد أنها نوبات قلق، فقد كان يحمل في المرة الواحدة حوالي 300 كيلوغرام من المتفجرات، ويعيدها مرارًا وتكرارًا.

أثار غيابه الطويل عن المنزل توترات جديدة داخل العائلة، لم يكن أحد يعلم، ولا حتى زوجته، فقط أبوه وأخوه منذر عرفوا بحياته السرية.

إعتقدت زوجته رغد شلهوب أنه كان يهملها وأطفالهم الثلاثة، قالت لاحقًا: "يؤسفني أنه لم يخبرني، أعتقد أنه كان يعلم أنني لو علمت سأقلق كثيرًا، لا إمرة تريد لأولادها أن يكبروا بدون أب ".

شكوك وأكاذيب

كلنا طالت مدة تخفي النقيب حارث داخل التنظيم، كلما إزداد خطر كشفه وإفتضاح أمره.
لكنه إختار أن يكمل، وقد أخبر اللواء فالح أنه أخيرًا وجد هدفه في الحياة.
وأضاف اللواء فالح: "كانت تلك فترة ذهبية بالنسبة لنا "

كانت عمليات الصقور حاسمة في تحويل زخم المعركة ضد د!عش، أدت معلوماتها الإستخباراتية الى قتل 7 من قيادات التنظيم وعشرات الضربات الجوية للتحالف الدولي، بحسب المحلل الأمني هشام الهاشمي.

إزدادت عدد مهام النقيب حارث في تنظيم د!عش وإزداد عدد موظفيه، وبدأوا بإرساله لمهمات إستكشاف لأهداف جديدة كالأحياء والمقاهي في بغداد، حاول في إحدى المرات التسلل أثناء الواجب لزيارة سريعة لمنزله.

وأثناء وجوده هناك، إتصل به قائد التنظيم يسأله عن مكانه، فأجاب حارث بأنه في الحي المستهدف، أخبره القائد أنه يكذب، فقد تأكد من تحديد موقعه على الـ GPS بواسطة هاتفه.

وهذه كانت الإنتكاسة الأولى في مصداقيته أمام التنظيم.

أخبره مناف بأن الوقت قد حان لإنهاء مهمته، لكنه رفض.

بحلول ديسمبر، كان التنظيم يكافح للحفاظ على سيطرته على الموصل، بعد أن خسر العديد من الأراضي في سوريا والعراق، وكان ردها هو زيادة الهجمات الإنتحارية للتذكير بوجودها وتأثيرها الفوضوي في جميع أنحاء العالم.

يوم 31 ديسمبر إتصل القيادي الد!عشي بحارث لإخباره أنه تم إختياره للمشاركة بسلسلة تفجيرات منسقة ليلة رأس السنة في عدة مدن حول العالم.

إستلم النقيب حارث السيارة البيضاء من حي الخضراء، وكالعادة إتصل بخلية الصقور للإتفاق على المكان الذي سيعترضون فيه السيارة لغرض تفكيك القنبلة.

بدأت الخطة في الإنهيار عندما إنحرف حارث عن طريق الهدف المتفق عليه مع التنظيم بإتجاه منزل خلية الصقور الآمن، رن هاتفه، وكان أحد المنسقين الإرهابيين يسأل عن مكانه،
أكد حارث أنه في الطريق الى الهدف، فأجابه المنسق أنه يكذب، فإضطر حارث لإختلاق الأعذار.

قال لا بد أنه أخذ منعطفًا خاطئًا.

مرعوبًا، إتصل حارث بزملائه في خلية الصقور، وأخبرهم أنهم يحتاجون الى نقطة إلتقاء أقرب بكثير الى نقطة الهدف.

يتبع
Forwarded from 0/0 (Mohamed Ali)
وعاد حارث الى طريق بغداد الجديدة، موقع التنفيذ المتفق عليه،
كان شقيقه مناف من فريق السيارة التي تتبعه، إستخدم إشارات اليد لإعلامه بنطقة الإلتقاء الجديدة، عند وصولهم، قاموا بإزالة المفجر الإلكتروني، و26 كيسًا بلاستيكيًا من مادة C4 ونترات الأمونيوم والشضايا من بين ألواح أبواب السيارة وهيكلها.

وفي دقائق، أخذ حارث السيارة وركنها في سوق بغداد الجديدة كما أمره الإرهابيون.

قبل منتصف ليلة رأس السنة بقليل، نقلت وسائل إعلام عربية، نقلًا عن مسؤولين أمنيين عراقيين، أن شاحنة بيضاء قد إنفجرت مقابل السينما البيضاء في حي بغداد الجديدة دون وقوع إصابات.

مهمة النقيب حارث نجحت.

لكن ما لم يعلمه حارث وزملائه، أن الإرهابيين زرعوا جهازيّ تنصت في السيارة، مما مكنهم من الإستماع الى حديثه مع خلية الصقور.

" كان يعلم أنهم يشكون به، لكن لم نعلم الى أي مدى كانت شكوكهم حقيقية " يقول اللواء فالح.

في يناير 2017، دعاه التنظيم الى مهمة جديدة، وأصبحت مهمته الأخيرة.

تم إرساله الى مكان جديد، بيت في مزرعة خارج الطارمية، بعيد جداً عن المراقبة ودون إمكانية هروب سهلة.

قال له مناف ألا يخاطر، فتغير الظروف المفاجئ مثير للشك، لكن النقيب حارث قرر الذهاب.

يقول مناف: " من المستحيل أنه وثق بهم، لكن أعتقد أن حاجته لجعلنا فخورين به قد أعمته ".

في صباح يوم 17 يناير دخل حارث الى بيت المزرعة، وبحلول الظلام، نبّهت خلية الصقور اللواء فالح أن هنالك مشكلة.

إتصل مناف بوالده الصارم، الذي إنهار مباشرتًا.

يقول مناف: " لم أره يبكي من قبل، ضل يتوسل بي لإنقاذ إبنه، لكن لم يكن بوسعي فعل شيء ".

ولأن الطارمية كانت معقلًا لتنظيم د!عش، إستغرق الأمر ثلاثة أيام للقوات الأمنية العراقية للتخطيط وبدأ عملية إنقاذ، داهمت قوة مشتركة من الجيش والشرطة المزرعة وقتل فيها ضابط عراقي.

بعد تطهير المبنى، لم يجدوا ما يدل على حارث.

لمدة 6 أشهر، جمعت خلية الصقور الأدلة، إكتشفوا الخلل في السيارة الـKia البيضاء.

وتوصلوا إلى أن الإرهابيين نقلوا حارث الى القائم، وهي بلدة عراقية يسيطر عليها التنظيم تمامًا.

في أغسطس، نشر تنظيم د!عش فيديو بروباغاندا يروج لهم، ويظهر مسلحين يعدمون أشخاص معصوبي الأعين، كانت خلية الصقور متأكدة أن النقيب حارث واحد منهم.

قال مناف: " تربيت معه، وشاركته غرفة النوم، لم أكن بحاجة لرؤية وجهه لأعرف أنه أخي ".

بالموت، حقق النقيب حارث السوداني شهرة غير إعتيادية في عالم الجواسيس الخفي.

أصدرت قيادة العمليات المشتركة في العراق بيانًا حول تضحياته من أجل الوطن.

ونعته خلية الصقور الإستخباراتية لشجاعته.

في الطريق الترابي أمام منزل عائلته، صورته على لوحات كبيرة تزين سياج المنزل، وتمدح الإبن البطل.

لا تزال عائلة حارث تكافح من أجل ما يرونه الإحترام المناسب، لعدم حصولهم على جثته، لا يستطيعون الحصول على شهادة وفاة، وبالتالي لا يستطيعون الحصول على الإمتيازات المستحقة لعوائل الجنود الذين سقطوا، وهو شرط أساسي حسب القانون.

قال الأب عابد السوداني: " لدي جرح في قلبي، عاش ومات من أجل بلاده، على هذا الأمة أن تعتز به كما أفعل ".

بالنسبة للصقور، بطولات حارث ونجاحاته ساعدت بحصولهم على ميزانيات أكبر وتقدير أوسع بين حلفائهم وتدريب أفضل لرجالهم.

قال مسؤولون إستخباراتيون أن الأمريكان والروس يساعدون الآن في إختراق تنظيم الدولة الإسلامية.

وسيطرت القوات العراقية على بلدة القائم في نوفمبر 2017، أرسلت الصقور فريقًا لإستعادة جثة النقيب حارث
لم يجدوها أبدًا.

مارغريت كوكر – 12/8/2018

نيويورك تايمز
2025/07/04 09:31:13
Back to Top
HTML Embed Code: