Forwarded from يا غفار - قناة حفظ ونشر آثار الاستاذ الغفاري (حفظه الله)
💎 أيّها السّالكون!
أنتم تحت رعاية صاحب العصر والزمان وعنايته الخاصّة،
أنتم السّالكون شئتم أم أبيتم من المُنتخَبين!
✨وطالما أنهم أوصلونا إلى هنا فإنهم لن يتركوا أيدينا،
يجب أن يكون لدينا يقينٌ بذلك أنهم لن يتركونا حتى يوصلونا،
إلا إذا اخترنا نحن بأنفسنا أن ننزل من تلك السفينة!
@ya8affar
أنتم تحت رعاية صاحب العصر والزمان وعنايته الخاصّة،
أنتم السّالكون شئتم أم أبيتم من المُنتخَبين!
✨وطالما أنهم أوصلونا إلى هنا فإنهم لن يتركوا أيدينا،
يجب أن يكون لدينا يقينٌ بذلك أنهم لن يتركونا حتى يوصلونا،
إلا إذا اخترنا نحن بأنفسنا أن ننزل من تلك السفينة!
@ya8affar
❤20🙏2👍1
  تقرير جلسة "جمال الشمس" للأستاذ غفاري (دام ظله)
التاريخ: 6 أكتوبر 2025 م
مقدمة: نداء العشق وبداية البلاء
افتُتحت الجلسة بحمد الله والثناء عليه مع تنبيه مهم: «عندما نلعن الأعداء، فلننتبه أيضًا إلى أعدائنا الداخليين (النفس)». بدأ الأستاذ البحث بهذا البيت العاشق الذي يمثل خلاصة بداية السلوك:
> تا جمالت عاشقان را زد به وصل خود صلا
> جان و دل افتادهاند از زلف و خالت در بلا
> (حين دعا جمالك العشاق إلى وصاله / سقطت الروح والقلب في بلاء خصلات شعرك وخالك)
وأشار إلى تجربته الشخصية في شبابه — حين كان في ذروة شهرته وفي مرحلة "التفاخر" الدنيوي — وبيّن أن المواجهة المفاجئة مع المعارف الإلهية جعلت كل تلك التجليات الدنيوية تتفتت وتفقد قيمتها في نظره. هذا هو "النداء" من جمال المعشوق الذي يغير حياة الإنسان. ولكن هذه مجرد بداية الطريق، ومصداقًا للمقولة الشعرية المعروفة:
> بدا العشق سهلاً في البداية، ولكن حلت الصعاب
فالمشكلة الأساسية بعد هذا الجذب الأولي هي الصراع الشديد والمضني مع النفس؛ صراع بين قول "نعم" لله وقول "لا" للرغبات الداخلية التي تهاجم الإنسان بكل الغرائز والميول.
سر كربلاء: تجلٍّ واحد، وتلقٍّ مختلف
بعد ذلك، طرح الأستاذ سؤالاً كلامياً عميقاً: إذا كان الإمام الحسين (ع) قد أرى أصحابه مقاماتهم في الجنة ليلة عاشوراء، فلماذا لم يحدث مثل هذا التجلي لأعدائه حتى يهتدوا هم أيضاً؟
وفي جوابه، صحح هذا التصور وقال:
إن تجلي الإمام (ع) في كربلاء لم يكن أمراً خاصاً بأصحابه، بل كان تجلياً عاماً وشاملاً. فالإمام (ع) بصفته «رحمة للعالمين»، قد أشرق بنور حقيقته على الجميع — الصديق والعدو على السواء. لم يكن الفرق في إشراق النور، بل في قابلية وسعة المتلقين.
وكان المانع الرئيسي لتلقي ذلك النور هو اللقمات الحرام والمشبوهة. وهذه "اللقمة" لا تشمل الطعام فقط، بل تشمل أيضاً لقمات العين والأذن واللسان والقلب والقلم. لقد أصيب جيش العدو بالعمى والصمم الروحي بسبب ارتكاب الحرام والتلوث الباطني، وفقدوا القدرة على رؤية تلك الحتيجة الجلية.
الإمام الحسين (ع) حي وتجليه مستمر
تم تعميم هذا البحث على الزمن الحاضر. وأكد الأستاذ: «حضرة أبي عبد الله الحسين (ع) حي؛ هذا التجلي ونظرته حية؛ ونداؤه "هل من ناصر ينصرني" لا يزال حياً وجارياً حتى الآن.»
فلماذا لا ندرك نحن هذا التجلي؟ الجواب هو بالضبط سر كربلاء: الحجب التي صنعناها نحن بأعمالنا.
فسوء الأخلاق، والنظرات الملوثة، والألسن غير الطاهرة، والقلوب المليئة بالخواطر الدنيوية، تصبح مانعاً وحجاباً. نور الإمام الحسين (ع) لا ينطفئ، ولكن أعمالنا هي التي تحرمنا من إدراك ذلك النور. أولياء الله يدركون هذه الحقيقة، لأنهم بالمراقبة والمجاهدة، حافظوا على طهارتهم ولم يبيعوا وجودهم الإلهي للدنيا ببساطة.
مسير السلوك: المجاهدة، الابتلاءات الشاملة، ودور الأستاذ
رفض الأستاذ بحزم التوجه الذي يبحث عن "الحلول الجاهزة" والطرق المختصرة في السلوك، وقال إن طريق السلوك هو طريق المجاهدة والجهد العملي. وفي هذا المسير، تكون الابتلاءات والمصاعب أمراً شاملاً، ولا ينبغي لأحد أن يعتبر نفسه الوحيد المبتلى في العالم. وقال: «بعض الأصدقاء يتحدثون وكأنهم وحدهم. لو أخبرتكم بمصاعب رفاقنا الآخرين، لبكيتم لحالهم ونسيتم ابتلاءكم.»
وفي غضون ذلك، فإن الأستاذ والمرشد هو نفسه جزء من هذه التحديات. فهو بسبب المسؤولية التي قبلها، يختبر السالك بأساليب مختلفة ليحرره من رؤية النفس. وضرب الأستاذ مثلاً: «المرشد يضعك في تحدٍ. قد يكتب على رسالة أحدهم عشر مرات "أحسنت"، ولا يجيب على رسالة آخر مئة مرة.» هذه التصرفات هي اختبار لكسر "الزهد المصطنع" والتعلقات النفسانية للسالك. وهذا هو المفهوم المعبر عنه في هذا البيت:
> ترک ما گر میکند رندی و مستی، جان من
> ترک مستوری و زهدت کرد باید اولا
> (إذا كان محبوبي يتركني بسبب عشقي وسكري، فيا روحي / يجب عليك أولاً أن تترك تظاهرك بالستر والزهد)
يجب على السالك أولاً أن يتخلى عن زهده الريائي وحجاب تقديسه الزائف ليتمكن من السير في طريق وصال الحبيب، وأن يغتنم فرصة وجود المرشد.
العودة إلى الذات: تذكر العشق الأزلي والاستعانة به
ذكّر الأستاذ بأن هذا العشق ليس أمراً مفروضاً، بل جذره في وجودنا نحن. في عالم الأزل، جعلنا الله عاشقين له بتجليه (ألست بربكم). وكل أدعية ومناجاة أهل البيت (ع) هي لمساعدة ذلك العشق الأزلي المغروس في فطرتنا على الظهور. ولكن في هذا الصراع بين الجمال (الجذبات الإلهية) والجلال (الصعاب والابتلاءات)، يقع الإنسان أسيراً للهوى، ولا سبيل له إلا الاستعانة بالمعشوق نفسه، كما نقرأ في الدعاء: «إِلَهِي... فَكُنْ أَنْتَ النَّصِيرَ لِي حَتَّى تَنْصُرَنِي وَتُبَصِّرَنِي».
النتيجة: نظرة الله المتساوية ومسؤوليتنا الكاملة
التاريخ: 6 أكتوبر 2025 م
مقدمة: نداء العشق وبداية البلاء
افتُتحت الجلسة بحمد الله والثناء عليه مع تنبيه مهم: «عندما نلعن الأعداء، فلننتبه أيضًا إلى أعدائنا الداخليين (النفس)». بدأ الأستاذ البحث بهذا البيت العاشق الذي يمثل خلاصة بداية السلوك:
> تا جمالت عاشقان را زد به وصل خود صلا
> جان و دل افتادهاند از زلف و خالت در بلا
> (حين دعا جمالك العشاق إلى وصاله / سقطت الروح والقلب في بلاء خصلات شعرك وخالك)
وأشار إلى تجربته الشخصية في شبابه — حين كان في ذروة شهرته وفي مرحلة "التفاخر" الدنيوي — وبيّن أن المواجهة المفاجئة مع المعارف الإلهية جعلت كل تلك التجليات الدنيوية تتفتت وتفقد قيمتها في نظره. هذا هو "النداء" من جمال المعشوق الذي يغير حياة الإنسان. ولكن هذه مجرد بداية الطريق، ومصداقًا للمقولة الشعرية المعروفة:
> بدا العشق سهلاً في البداية، ولكن حلت الصعاب
فالمشكلة الأساسية بعد هذا الجذب الأولي هي الصراع الشديد والمضني مع النفس؛ صراع بين قول "نعم" لله وقول "لا" للرغبات الداخلية التي تهاجم الإنسان بكل الغرائز والميول.
سر كربلاء: تجلٍّ واحد، وتلقٍّ مختلف
بعد ذلك، طرح الأستاذ سؤالاً كلامياً عميقاً: إذا كان الإمام الحسين (ع) قد أرى أصحابه مقاماتهم في الجنة ليلة عاشوراء، فلماذا لم يحدث مثل هذا التجلي لأعدائه حتى يهتدوا هم أيضاً؟
وفي جوابه، صحح هذا التصور وقال:
إن تجلي الإمام (ع) في كربلاء لم يكن أمراً خاصاً بأصحابه، بل كان تجلياً عاماً وشاملاً. فالإمام (ع) بصفته «رحمة للعالمين»، قد أشرق بنور حقيقته على الجميع — الصديق والعدو على السواء. لم يكن الفرق في إشراق النور، بل في قابلية وسعة المتلقين.
وكان المانع الرئيسي لتلقي ذلك النور هو اللقمات الحرام والمشبوهة. وهذه "اللقمة" لا تشمل الطعام فقط، بل تشمل أيضاً لقمات العين والأذن واللسان والقلب والقلم. لقد أصيب جيش العدو بالعمى والصمم الروحي بسبب ارتكاب الحرام والتلوث الباطني، وفقدوا القدرة على رؤية تلك الحتيجة الجلية.
الإمام الحسين (ع) حي وتجليه مستمر
تم تعميم هذا البحث على الزمن الحاضر. وأكد الأستاذ: «حضرة أبي عبد الله الحسين (ع) حي؛ هذا التجلي ونظرته حية؛ ونداؤه "هل من ناصر ينصرني" لا يزال حياً وجارياً حتى الآن.»
فلماذا لا ندرك نحن هذا التجلي؟ الجواب هو بالضبط سر كربلاء: الحجب التي صنعناها نحن بأعمالنا.
فسوء الأخلاق، والنظرات الملوثة، والألسن غير الطاهرة، والقلوب المليئة بالخواطر الدنيوية، تصبح مانعاً وحجاباً. نور الإمام الحسين (ع) لا ينطفئ، ولكن أعمالنا هي التي تحرمنا من إدراك ذلك النور. أولياء الله يدركون هذه الحقيقة، لأنهم بالمراقبة والمجاهدة، حافظوا على طهارتهم ولم يبيعوا وجودهم الإلهي للدنيا ببساطة.
مسير السلوك: المجاهدة، الابتلاءات الشاملة، ودور الأستاذ
رفض الأستاذ بحزم التوجه الذي يبحث عن "الحلول الجاهزة" والطرق المختصرة في السلوك، وقال إن طريق السلوك هو طريق المجاهدة والجهد العملي. وفي هذا المسير، تكون الابتلاءات والمصاعب أمراً شاملاً، ولا ينبغي لأحد أن يعتبر نفسه الوحيد المبتلى في العالم. وقال: «بعض الأصدقاء يتحدثون وكأنهم وحدهم. لو أخبرتكم بمصاعب رفاقنا الآخرين، لبكيتم لحالهم ونسيتم ابتلاءكم.»
وفي غضون ذلك، فإن الأستاذ والمرشد هو نفسه جزء من هذه التحديات. فهو بسبب المسؤولية التي قبلها، يختبر السالك بأساليب مختلفة ليحرره من رؤية النفس. وضرب الأستاذ مثلاً: «المرشد يضعك في تحدٍ. قد يكتب على رسالة أحدهم عشر مرات "أحسنت"، ولا يجيب على رسالة آخر مئة مرة.» هذه التصرفات هي اختبار لكسر "الزهد المصطنع" والتعلقات النفسانية للسالك. وهذا هو المفهوم المعبر عنه في هذا البيت:
> ترک ما گر میکند رندی و مستی، جان من
> ترک مستوری و زهدت کرد باید اولا
> (إذا كان محبوبي يتركني بسبب عشقي وسكري، فيا روحي / يجب عليك أولاً أن تترك تظاهرك بالستر والزهد)
يجب على السالك أولاً أن يتخلى عن زهده الريائي وحجاب تقديسه الزائف ليتمكن من السير في طريق وصال الحبيب، وأن يغتنم فرصة وجود المرشد.
العودة إلى الذات: تذكر العشق الأزلي والاستعانة به
ذكّر الأستاذ بأن هذا العشق ليس أمراً مفروضاً، بل جذره في وجودنا نحن. في عالم الأزل، جعلنا الله عاشقين له بتجليه (ألست بربكم). وكل أدعية ومناجاة أهل البيت (ع) هي لمساعدة ذلك العشق الأزلي المغروس في فطرتنا على الظهور. ولكن في هذا الصراع بين الجمال (الجذبات الإلهية) والجلال (الصعاب والابتلاءات)، يقع الإنسان أسيراً للهوى، ولا سبيل له إلا الاستعانة بالمعشوق نفسه، كما نقرأ في الدعاء: «إِلَهِي... فَكُنْ أَنْتَ النَّصِيرَ لِي حَتَّى تَنْصُرَنِي وَتُبَصِّرَنِي».
النتيجة: نظرة الله المتساوية ومسؤوليتنا الكاملة
❤7
  في الختام، أكد الأستاذ على هذا المبدأ الأساسي والحيوي:
«الله ينظر إلى عباده نظرة متساوية... ظله، عنايته، رحمته مبسوطة للجميع.»
والأئمة الأطهار (عليهم السلام)، الذين هم "عين الله"، هم كذلك، ولا يميزون في لطفهم ورحمتهم. الفرق في تلقي هذه الرحمة يعود إلينا. إذا كان شخص يدرك فيضاً ما ونحن لا ندركه، فلا ينبغي أن نقول إن الله قد فرق. بل الحقيقة هي: «هو راعى اللقمة الحلال والعين الطاهرة، وأنا لم أفعل. أنا وقعت في الحجاب، وهو تلقى الفيض. نحن السبب.» فمسؤولية هذا الفراق وهذا الحرمان تقع بالكامل على عاتقنا.
«الله ينظر إلى عباده نظرة متساوية... ظله، عنايته، رحمته مبسوطة للجميع.»
والأئمة الأطهار (عليهم السلام)، الذين هم "عين الله"، هم كذلك، ولا يميزون في لطفهم ورحمتهم. الفرق في تلقي هذه الرحمة يعود إلينا. إذا كان شخص يدرك فيضاً ما ونحن لا ندركه، فلا ينبغي أن نقول إن الله قد فرق. بل الحقيقة هي: «هو راعى اللقمة الحلال والعين الطاهرة، وأنا لم أفعل. أنا وقعت في الحجاب، وهو تلقى الفيض. نحن السبب.» فمسؤولية هذا الفراق وهذا الحرمان تقع بالكامل على عاتقنا.
❤7
  Forwarded from يا غفار - قناة حفظ ونشر آثار الاستاذ الغفاري (حفظه الله)
  
إنّكم مع كلّ عمل خير تقومون به ستتقدّمون خطوة للأمام نحو إمام الزّمان (عليه السّلام)، وبكل عمل صالح تقومون به تطبعون قبلة على قدم ويد إمام الزّمان (عليه السّلام)، فإن كانت أعمالكم أكثر صلاحًا فستطبعون تلك القبلة على جبهته المباركة. 
العارف بالله سماحة الأستاذ الغفّاري (حفظه الله )
ملكوت العشق الخفي
العارف بالله سماحة الأستاذ الغفّاري (حفظه الله )
ملكوت العشق الخفي
❤21😢2👍1
  تقرير جلسة الأستاذ غفاري (دام ظله) للأخوات حول موضوع "الحياة الطيبة"
التاريخ: 8 أكتوبر 2025 م
مقدمة: الحياة الطيبة، هدف الخلق في دار الامتحان
افتُتحت الجلسة بحمد الله والثناء عليه والصلاة على النبي الأكرم (ص) وآله الأطهار. استهل الأستاذ البحث بالتمحور حول الآية الشريفة ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا... فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾، وبيّن أن هذه الدنيا هي العالم نفسه الذي تساءلت الملائكة عن خلق الإنسان فيه بعد رؤية باطنه المليء بـ"سفك الدماء"، فقال الله: "إني أعلم ما لا تعلمون". لقد وُضعنا في "دار الامتحان" هذه لنصل إلى "الحياة الطيبة"؛ وهو المطلب العظيم الذي طلبناه نحن بأنفسنا من الله في العوالم السابقة.
الحياة الطيبة هي الظهور الكامل للفطرة التوحيدية وجميع الكمالات الإنسانية، والطريق الوحيد للوصول إليها هو "العمل الصالح". والعمل الصالح بدوره رهنٌ بالصبر على المكاره، وتحمل عدم الاحترام، والكلام الذي يُقال في الخلف والأمام، ومحاربة الرذائل النفسانية مثل الحسد. يجب على الإنسان أن يعلم أنه في وعاء ﴿لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ﴾ يُمتَحن، وبهذه النظرة يهدأ ويسكن أمام الصعاب.
***
المحبة الإلهية؛ المحرك الدافع للسلوك
بعد ذلك، تناول الأستاذ هذه النقطة الأساسية وهي أنه على الرغم من أن الإيمان ومعرفة النفس هما الأساسان الاعتقاديان والفكريان للسلوك، إلا أنهما لا يكفيان وحدهما للحركة. فالذي يدفع السالك بقوة إلى الأمام ويمهّد له صعوبات الطريق هو "المحبة الإلهية"، التي تعمل بمثابة محرك دافع قوي.
لهذا الغرض، قدّم الأستاذ "مناجاة المحبين" للإمام السجاد (ع) كحل منقطع النظير لتقوية هذه المحبة. فالمحبة كالنار التي تحرق كل ما سوى الله وكل رذيلة، ولا تتوقف حتى توصل السالك إلى المقصد. كانت هذه المحبة متقدة في وجود الأنبياء وأولياء الله لدرجة أنهم كانوا يتخلون عن كل شيء يملكونه بسهولة؛ مثل حضرة إبراهيم (ع) في تضحيته بإسماعيل، وحضرة أيوب (ع) في فقدانه لكل ما يملك وصحته، حيث لم يتأثر قيد أنملة، لأنه كان يملك المعشوق الحقيقي.
***
تحليل مناجاة المحبين: نحن نملك المحبة، ولكننا في خطر فقدانها
بشرح الفقرة الأولى من المناجاة، طرح الأستاذ سؤالاً وجواباً داخلياً للسالك:
﴿إِلَهِي مَنْ ذَا الَّذِي ذَاقَ حَلَاوَةَ مَحَبَّتِكَ فَرَامَ مِنْكَ بَدَلًا؟﴾
* هل تذوقنا حلاوة المحبة؟ لقد بشر الأستاذ قائلاً: نعم! كل الشيعة يملكون هذه المحبة في وجودهم. فتغير حالنا بسماع اسم السيدة الزهراء (س) والإمام الحسين (ع) هو دليل واضح على وجود هذه الحلاوة.
* فلماذا نختار غيره؟ إذا كنا نملك هذه المحبة، فلماذا نتجه أحياناً نحو "البَدَل" والبدائل التي لا يحبها محبوبنا؟ الجواب هو أن طينتنا الطاهرة والإلهية قد اختلطت بـ"طينة الكفار" وأدران هذه الدنيا الامتحانية. وهذا الاختلاط يجرنا نحو "الغير".
* ما هو الحل؟ الحل هو فصل هاتين الطينتين عن بعضهما. والخطوة الأولى والأهم في هذا الطريق هي تحديد وقطع "العوامل" الخارجية التي توقعنا في فخ الوسوسة؛ عوامل مثل الأماكن غير المناسبة، والأصدقاء ضعاف الإيمان، والاستخدام الخاطئ للفضاء الافتراضي... إلخ. إذا لم تُحذف هذه العوامل، فإن تلك المحبة الإلهية التي هي هدية ملكوتية، ستُفقد تدريجياً. وحذر بقلق من أن الإنسان قد يصل إلى درجة (نعوذ بالله) يأخذ فيها قرآنه ومفاتيحه إلى المسجد ويقول لم يعد لي شأن بها أو حتى يهينها.
***
من الحال إلى المقام: طريق تثبيت العنايات الروحية
بعد ذلك، تم الرد على السؤال الشائع: "كيف نحافظ على الأحوال الروحية الجيدة؟" وشرح الأستاذ الفرق بين "الحال" (وهو وضع روحي مؤقت وعابر) و"المقام" (وهو مكانة ثابتة ودائمة).
المقام هو حقيقة تصبح ملكاً للإنسان ويكون مفتاحها دائماً في يده. ولتحويل "الحال" إلى "مقام" يجب:
بعد تجربة حال روحي جيد (مثل الزيارة)، أن نُحدث تغييراً في عملنا وسلوكنا. فهل بعد العودة من الزيارة، يأخذ سلوكنا لون ورائحة الإمام (ع)؟ بالتمرين وتقوية الصفات الحسنة وإزالة الصفات السيئة، يتحول ذلك الحال الجيد تدريجياً إلى مقام ثابت. النبي (ص) وحضرة علي (ع) هما أبوا هذه الأمة والسيدة الزهراء (س) هي أم الأمة؛ فهل يعقل أن يسمع الأب والأم صوت ابنهما ولا يباليا؟ المشكلة منا نحن، حيث بقلة صبرنا ونقاط ضعفنا (الحسد، الحقد، الأنانية)، التي تنبع جميعها من ضعف النفس، نقطع هذا الاتصال.
***
الإجابة على الأسئلة: حلول عملية في تربية النفس
* الوعد الكاذب للنفس: هذه تقنية تربوية للسيطرة على النفس الأمارة. عندما تلح النفس على شيء ما (مثل فكرة غير لائقة في الصلاة)، قم بتأجيلها بوعد ("حسناً، سأفكر في الأمر بعد الصلاة"). بهذا العمل، يُحفظ حضور القلب، وتُنسى تلك الرغبة تدريجياً.
التاريخ: 8 أكتوبر 2025 م
مقدمة: الحياة الطيبة، هدف الخلق في دار الامتحان
افتُتحت الجلسة بحمد الله والثناء عليه والصلاة على النبي الأكرم (ص) وآله الأطهار. استهل الأستاذ البحث بالتمحور حول الآية الشريفة ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا... فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾، وبيّن أن هذه الدنيا هي العالم نفسه الذي تساءلت الملائكة عن خلق الإنسان فيه بعد رؤية باطنه المليء بـ"سفك الدماء"، فقال الله: "إني أعلم ما لا تعلمون". لقد وُضعنا في "دار الامتحان" هذه لنصل إلى "الحياة الطيبة"؛ وهو المطلب العظيم الذي طلبناه نحن بأنفسنا من الله في العوالم السابقة.
الحياة الطيبة هي الظهور الكامل للفطرة التوحيدية وجميع الكمالات الإنسانية، والطريق الوحيد للوصول إليها هو "العمل الصالح". والعمل الصالح بدوره رهنٌ بالصبر على المكاره، وتحمل عدم الاحترام، والكلام الذي يُقال في الخلف والأمام، ومحاربة الرذائل النفسانية مثل الحسد. يجب على الإنسان أن يعلم أنه في وعاء ﴿لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ﴾ يُمتَحن، وبهذه النظرة يهدأ ويسكن أمام الصعاب.
***
المحبة الإلهية؛ المحرك الدافع للسلوك
بعد ذلك، تناول الأستاذ هذه النقطة الأساسية وهي أنه على الرغم من أن الإيمان ومعرفة النفس هما الأساسان الاعتقاديان والفكريان للسلوك، إلا أنهما لا يكفيان وحدهما للحركة. فالذي يدفع السالك بقوة إلى الأمام ويمهّد له صعوبات الطريق هو "المحبة الإلهية"، التي تعمل بمثابة محرك دافع قوي.
لهذا الغرض، قدّم الأستاذ "مناجاة المحبين" للإمام السجاد (ع) كحل منقطع النظير لتقوية هذه المحبة. فالمحبة كالنار التي تحرق كل ما سوى الله وكل رذيلة، ولا تتوقف حتى توصل السالك إلى المقصد. كانت هذه المحبة متقدة في وجود الأنبياء وأولياء الله لدرجة أنهم كانوا يتخلون عن كل شيء يملكونه بسهولة؛ مثل حضرة إبراهيم (ع) في تضحيته بإسماعيل، وحضرة أيوب (ع) في فقدانه لكل ما يملك وصحته، حيث لم يتأثر قيد أنملة، لأنه كان يملك المعشوق الحقيقي.
***
تحليل مناجاة المحبين: نحن نملك المحبة، ولكننا في خطر فقدانها
بشرح الفقرة الأولى من المناجاة، طرح الأستاذ سؤالاً وجواباً داخلياً للسالك:
﴿إِلَهِي مَنْ ذَا الَّذِي ذَاقَ حَلَاوَةَ مَحَبَّتِكَ فَرَامَ مِنْكَ بَدَلًا؟﴾
* هل تذوقنا حلاوة المحبة؟ لقد بشر الأستاذ قائلاً: نعم! كل الشيعة يملكون هذه المحبة في وجودهم. فتغير حالنا بسماع اسم السيدة الزهراء (س) والإمام الحسين (ع) هو دليل واضح على وجود هذه الحلاوة.
* فلماذا نختار غيره؟ إذا كنا نملك هذه المحبة، فلماذا نتجه أحياناً نحو "البَدَل" والبدائل التي لا يحبها محبوبنا؟ الجواب هو أن طينتنا الطاهرة والإلهية قد اختلطت بـ"طينة الكفار" وأدران هذه الدنيا الامتحانية. وهذا الاختلاط يجرنا نحو "الغير".
* ما هو الحل؟ الحل هو فصل هاتين الطينتين عن بعضهما. والخطوة الأولى والأهم في هذا الطريق هي تحديد وقطع "العوامل" الخارجية التي توقعنا في فخ الوسوسة؛ عوامل مثل الأماكن غير المناسبة، والأصدقاء ضعاف الإيمان، والاستخدام الخاطئ للفضاء الافتراضي... إلخ. إذا لم تُحذف هذه العوامل، فإن تلك المحبة الإلهية التي هي هدية ملكوتية، ستُفقد تدريجياً. وحذر بقلق من أن الإنسان قد يصل إلى درجة (نعوذ بالله) يأخذ فيها قرآنه ومفاتيحه إلى المسجد ويقول لم يعد لي شأن بها أو حتى يهينها.
***
من الحال إلى المقام: طريق تثبيت العنايات الروحية
بعد ذلك، تم الرد على السؤال الشائع: "كيف نحافظ على الأحوال الروحية الجيدة؟" وشرح الأستاذ الفرق بين "الحال" (وهو وضع روحي مؤقت وعابر) و"المقام" (وهو مكانة ثابتة ودائمة).
المقام هو حقيقة تصبح ملكاً للإنسان ويكون مفتاحها دائماً في يده. ولتحويل "الحال" إلى "مقام" يجب:
بعد تجربة حال روحي جيد (مثل الزيارة)، أن نُحدث تغييراً في عملنا وسلوكنا. فهل بعد العودة من الزيارة، يأخذ سلوكنا لون ورائحة الإمام (ع)؟ بالتمرين وتقوية الصفات الحسنة وإزالة الصفات السيئة، يتحول ذلك الحال الجيد تدريجياً إلى مقام ثابت. النبي (ص) وحضرة علي (ع) هما أبوا هذه الأمة والسيدة الزهراء (س) هي أم الأمة؛ فهل يعقل أن يسمع الأب والأم صوت ابنهما ولا يباليا؟ المشكلة منا نحن، حيث بقلة صبرنا ونقاط ضعفنا (الحسد، الحقد، الأنانية)، التي تنبع جميعها من ضعف النفس، نقطع هذا الاتصال.
***
الإجابة على الأسئلة: حلول عملية في تربية النفس
* الوعد الكاذب للنفس: هذه تقنية تربوية للسيطرة على النفس الأمارة. عندما تلح النفس على شيء ما (مثل فكرة غير لائقة في الصلاة)، قم بتأجيلها بوعد ("حسناً، سأفكر في الأمر بعد الصلاة"). بهذا العمل، يُحفظ حضور القلب، وتُنسى تلك الرغبة تدريجياً.
❤7
  * عدم تطابق النية والعمل: هذا أمر طبيعي في بداية الطريق. فالإنسان بالاستمرار في الأعمال الصالحة الظاهرية، ينسجم نيته وقلبه معها تدريجياً. هذه العملية تستغرق وقتاً ولكنها ممكنة قطعاً.
* أجمل تجلٍّ للعبد: أن يرى الإنسان في كل شيء وفي كل أحد، حتى في ظاهر السيئين، مخلوق الله الجميل فقط ولا يلتفت إلى غيره.
* زوجي يلتفت إلى الأخريات، هل هذا حسد؟ طرح الأستاذ ثلاثة احتمالات: ١) قد تكون حساسية أو حسداً من جانبك. ٢) ربما يمزح زوجك ليختبرك. ٣) أو (لا سمح الله) هناك ميل حقيقي لأخرى، وفي هذه الحالة يجب البحث عن جذر المشكلة في علاقتكما.
التوسل والخاتمة
اختُتمت الجلسة بذكر المصيبة المؤلمة للإمام الرضا (عليه السلام) ولحظات شهادته.
* أجمل تجلٍّ للعبد: أن يرى الإنسان في كل شيء وفي كل أحد، حتى في ظاهر السيئين، مخلوق الله الجميل فقط ولا يلتفت إلى غيره.
* زوجي يلتفت إلى الأخريات، هل هذا حسد؟ طرح الأستاذ ثلاثة احتمالات: ١) قد تكون حساسية أو حسداً من جانبك. ٢) ربما يمزح زوجك ليختبرك. ٣) أو (لا سمح الله) هناك ميل حقيقي لأخرى، وفي هذه الحالة يجب البحث عن جذر المشكلة في علاقتكما.
التوسل والخاتمة
اختُتمت الجلسة بذكر المصيبة المؤلمة للإمام الرضا (عليه السلام) ولحظات شهادته.
❤12🙏3
  من الواضح أنه إذا لم يبتعد الأنسان عن الشرور. واكتفى بالمعرفة دون العمل، فلن يحقق نتيجة.
#الأستاذ_الغفاري حفظه الله🌸
📚زيارة العشق
@ya8affar
#الأستاذ_الغفاري حفظه الله🌸
📚زيارة العشق
@ya8affar
❤18👍4
  قلنا إعمل بأمر المولى ولأجله. إعمل بهذه القاعدة. أي إخلع التعلقات من نفسك منذ البداية وضعها جانبا. لا تعمل من أجل تهديد النار ولا من أجل رغبة في الجنة.
#الأستاذ_الغفاري حفظه الله 🌸
📚خلوة العشق ٣
@ya8affar
#الأستاذ_الغفاري حفظه الله 🌸
📚خلوة العشق ٣
@ya8affar
❤18👍3😢3
  تقرير جلسة "القرآن والفطرة" للأستاذ غفاري (دام ظله)
التاريخ: 9 أكتوبر 2025 م
مقدمة: صعوبة السلوك وحلاوة الاستعانة به
افتُتحت الجلسة بحمد الله والثناء عليه والصلاة على النبي الأكرم (ص) وآله الأطهار. استهل الأستاذ البحث بالإشارة إلى المبدأ الأساسي في تهذيب النفس وهو: أن صعوبة السلوك تكمن في قول "لا" للنفس. فبينما تكون وساوس الشيطان لذنوب مثل الرشوة والزنا والقمار موجودة دائمًا، فإن قول "لا" صعب للغاية. وذكر حكاية عن أحد السالكين شبّه فيها هذه الصعوبة بـ"حفر جبل بالمخالب". ولكن النقطة الأساسية هنا هي: "هل تريد أنت أن تحفر الجبل أم أن الله يريد أن يعينك؟ إذا كان هو معيننا، فلا همّ. أما إذا أردت أن تحفره بنفسك، فنعم، الأمر صعب."
السلوك هو مسير الاستقامة. إذا نظر السالك إلى نفسه، أصابه اليأس. أما إذا تعلق نظره بعون الله، فيمكنه المتابعة. وأشار الأستاذ إلى مثال النملة الذي نقله العرفاء؛ نملة حاولت حمل حبة ورفعها على جدار أربعمئة مرة وفي كل مرة كانت تسقط، لكنها لم تتخل عن المحاولة حتى نجحت في النهاية. فالله يطلب منا السعي، لا النجاح الحتمي. ورحمة الله الواسعة وأبواب التوبة مفتوحة دائمًا لجبر هذه الزلات. والسالك أيضًا لديه قوة خفية؛ فكما تحمل النملة حملاً يفوق وزنها عشر مرات، كذلك السالك، بمعرفته لعظمة الهدف، يكتسب قدرات هائلة.
***
المعاني الباطنية للصلاة والزكاة
استكمالاً لمباحث الأسابيع الماضية، شرح الأستاذ المعاني العميقة للصلاة والزكاة:
* الصلاة: كل أجزاء الصلاة، من الأذان إلى السلام، هي اتصال كامل بعالم الملكوت والكمالات الإنسانية المتصلة بالأسماء والصفات الإلهية. الصلاة هي رحلة في العوالم غير المادية وغوص في الحقائق الإلهية.
* الزكاة: بطرح هذا السؤال "هل المراد بالزكاة هو زكاة الأموال فقط؟"، قدّم الأستاذ ثلاث مراتب عميقة وباطنية للزكاة، نقلاً عن أستاذه:
1. المرتبة الأولى (الأعلى): شهود الملكوت بالأعضاء والجوارح: تعني هذه المرتبة أن أعضاء جسد الإنسان نفسها تتحول إلى أدوات لشهود حقائق عالم الملكوت. وفي هذا الصدد، نقل الأستاذ حكاية عن المرحوم السيد حسن إلهي الطباطبائي (شقيق العلامة الطباطبائي) أنه قال: "كنت قد سمعت أن الأعضاء تشهد أيضاً. تحت اللحاف، أخرجت إصبعي لأرى هل يرى؟ فرأيت أنه كما أرى أنا، فإن إصبعي أيضاً أصبح عيناً ويرى تلك الحقيقة."
2. المرتبة الثانية: زكاة المنزلة والمكانة المعنوية: يجب على السالك أن يؤدي زكاة المكانة التوحيدية والأخلاقية والعبادية التي منحه الله إياها. فأعماله لم تعد من أجل الثواب (كالتجار) أو خوفًا من العقاب (كالعبيد)، بل هي من منطلق العشق للمعشوق ولتنفيذ أمر المولى (كالأحرار).
3. المرتبة الثالثة (الأدنى): زكاة النعم الخارجية: هذا هو المعنى الشائع للزكاة، أي أداء الحقوق الشرعية للأموال والنعم المادية.
***
عظمة الإنسان ورسالة القرآن وأهل البيت (ع)
انتقد الأستاذ بلهجة حاسمة تلك النظرة التي تضع القرآن وأهل البيت (ع) في مكانة لا يمكن الوصول إليها ومجرد زينة، وذلك من خلال "تقديس جاهل"، وقال:
"حدودي أنا يعرّفها القرآن؛ وجود علي (ع) والإمام الحسين (ع) هو ما يعرّف حدودي. فمن أنت حتى تعرّف حداً للإنسان؟"
إن عظمة القرآن ووجود الأنبياء والأئمة ليست من أجل أن يوضعوا على الرفوف، بل من أجل أن يُظهروا للإنسان سعته وقابليته الوجودية. فهم أسوة ومرآة لنا نحن. ومن يعرف لنفسه هذه المكانة العظيمة، يخطو خطوات كبيرة في مسير تهذيب النفس ويصبح مقاومًا أمام الصعاب.
***
المراتب الأربع لـ"الكتاب" في مصطلح القرآن
في الجزء الرئيسي من هذه الجلسة، قدّم الأستاذ أربعة معانٍ ومراتب لـ"الكتاب" في القرآن الكريم:
1. الكتاب المكنون وأم الكتاب: وهي الحقيقة الغيبية، والذات الإلهية، ومنبع كل الحقائق.
2. كتاب التكوين والفطرة والملكوت: عالم الخلقة في مرتبته الباطنية والملكوتية.
3. كتاب التفصيل والخلقة: العالم المادي والخلقة الطبيعية التي نشأت من مرتبة الفطرة والملكوت.
4. الكتب المنزلة على الأنبياء: الكتب السماوية مثل القرآن التي وظيفتها دعوة الإنسان إلى تلك المراتب الأعلى (الفطرة والملكوت).
هذه المراتب هي في الواقع مراحل تنزل الحقيقة من "الكتاب المكنون" إلى "الكتاب المنزل". لقد تنزل كلام الله آلاف المرات حتى أصبح في صورة ألفاظ مفهومة لنا. وكل فرد يدرك مرتبة من هذا التنزل بقدر سعته الوجودية. ولتقريب الفكرة، نقل الأستاذ حكاية: "سمع شخص من عارف أن حضرة أبا الفضل العباس (ع) الذي يقضي الحوائج في الحرم، هو نفسه تنزل ألف مرة لحقيقة ذلك الإمام الأصلية المستقرة في وجود أبي عبد الله (ع) والمستغرقة في ذات الباري تعالى." ومسير السالك هو سير تصاعدي، يترك فيه المراتب الدنيا ويعود إلى أصله ومنشئه.
التوسل والخاتمة
التاريخ: 9 أكتوبر 2025 م
مقدمة: صعوبة السلوك وحلاوة الاستعانة به
افتُتحت الجلسة بحمد الله والثناء عليه والصلاة على النبي الأكرم (ص) وآله الأطهار. استهل الأستاذ البحث بالإشارة إلى المبدأ الأساسي في تهذيب النفس وهو: أن صعوبة السلوك تكمن في قول "لا" للنفس. فبينما تكون وساوس الشيطان لذنوب مثل الرشوة والزنا والقمار موجودة دائمًا، فإن قول "لا" صعب للغاية. وذكر حكاية عن أحد السالكين شبّه فيها هذه الصعوبة بـ"حفر جبل بالمخالب". ولكن النقطة الأساسية هنا هي: "هل تريد أنت أن تحفر الجبل أم أن الله يريد أن يعينك؟ إذا كان هو معيننا، فلا همّ. أما إذا أردت أن تحفره بنفسك، فنعم، الأمر صعب."
السلوك هو مسير الاستقامة. إذا نظر السالك إلى نفسه، أصابه اليأس. أما إذا تعلق نظره بعون الله، فيمكنه المتابعة. وأشار الأستاذ إلى مثال النملة الذي نقله العرفاء؛ نملة حاولت حمل حبة ورفعها على جدار أربعمئة مرة وفي كل مرة كانت تسقط، لكنها لم تتخل عن المحاولة حتى نجحت في النهاية. فالله يطلب منا السعي، لا النجاح الحتمي. ورحمة الله الواسعة وأبواب التوبة مفتوحة دائمًا لجبر هذه الزلات. والسالك أيضًا لديه قوة خفية؛ فكما تحمل النملة حملاً يفوق وزنها عشر مرات، كذلك السالك، بمعرفته لعظمة الهدف، يكتسب قدرات هائلة.
***
المعاني الباطنية للصلاة والزكاة
استكمالاً لمباحث الأسابيع الماضية، شرح الأستاذ المعاني العميقة للصلاة والزكاة:
* الصلاة: كل أجزاء الصلاة، من الأذان إلى السلام، هي اتصال كامل بعالم الملكوت والكمالات الإنسانية المتصلة بالأسماء والصفات الإلهية. الصلاة هي رحلة في العوالم غير المادية وغوص في الحقائق الإلهية.
* الزكاة: بطرح هذا السؤال "هل المراد بالزكاة هو زكاة الأموال فقط؟"، قدّم الأستاذ ثلاث مراتب عميقة وباطنية للزكاة، نقلاً عن أستاذه:
1. المرتبة الأولى (الأعلى): شهود الملكوت بالأعضاء والجوارح: تعني هذه المرتبة أن أعضاء جسد الإنسان نفسها تتحول إلى أدوات لشهود حقائق عالم الملكوت. وفي هذا الصدد، نقل الأستاذ حكاية عن المرحوم السيد حسن إلهي الطباطبائي (شقيق العلامة الطباطبائي) أنه قال: "كنت قد سمعت أن الأعضاء تشهد أيضاً. تحت اللحاف، أخرجت إصبعي لأرى هل يرى؟ فرأيت أنه كما أرى أنا، فإن إصبعي أيضاً أصبح عيناً ويرى تلك الحقيقة."
2. المرتبة الثانية: زكاة المنزلة والمكانة المعنوية: يجب على السالك أن يؤدي زكاة المكانة التوحيدية والأخلاقية والعبادية التي منحه الله إياها. فأعماله لم تعد من أجل الثواب (كالتجار) أو خوفًا من العقاب (كالعبيد)، بل هي من منطلق العشق للمعشوق ولتنفيذ أمر المولى (كالأحرار).
3. المرتبة الثالثة (الأدنى): زكاة النعم الخارجية: هذا هو المعنى الشائع للزكاة، أي أداء الحقوق الشرعية للأموال والنعم المادية.
***
عظمة الإنسان ورسالة القرآن وأهل البيت (ع)
انتقد الأستاذ بلهجة حاسمة تلك النظرة التي تضع القرآن وأهل البيت (ع) في مكانة لا يمكن الوصول إليها ومجرد زينة، وذلك من خلال "تقديس جاهل"، وقال:
"حدودي أنا يعرّفها القرآن؛ وجود علي (ع) والإمام الحسين (ع) هو ما يعرّف حدودي. فمن أنت حتى تعرّف حداً للإنسان؟"
إن عظمة القرآن ووجود الأنبياء والأئمة ليست من أجل أن يوضعوا على الرفوف، بل من أجل أن يُظهروا للإنسان سعته وقابليته الوجودية. فهم أسوة ومرآة لنا نحن. ومن يعرف لنفسه هذه المكانة العظيمة، يخطو خطوات كبيرة في مسير تهذيب النفس ويصبح مقاومًا أمام الصعاب.
***
المراتب الأربع لـ"الكتاب" في مصطلح القرآن
في الجزء الرئيسي من هذه الجلسة، قدّم الأستاذ أربعة معانٍ ومراتب لـ"الكتاب" في القرآن الكريم:
1. الكتاب المكنون وأم الكتاب: وهي الحقيقة الغيبية، والذات الإلهية، ومنبع كل الحقائق.
2. كتاب التكوين والفطرة والملكوت: عالم الخلقة في مرتبته الباطنية والملكوتية.
3. كتاب التفصيل والخلقة: العالم المادي والخلقة الطبيعية التي نشأت من مرتبة الفطرة والملكوت.
4. الكتب المنزلة على الأنبياء: الكتب السماوية مثل القرآن التي وظيفتها دعوة الإنسان إلى تلك المراتب الأعلى (الفطرة والملكوت).
هذه المراتب هي في الواقع مراحل تنزل الحقيقة من "الكتاب المكنون" إلى "الكتاب المنزل". لقد تنزل كلام الله آلاف المرات حتى أصبح في صورة ألفاظ مفهومة لنا. وكل فرد يدرك مرتبة من هذا التنزل بقدر سعته الوجودية. ولتقريب الفكرة، نقل الأستاذ حكاية: "سمع شخص من عارف أن حضرة أبا الفضل العباس (ع) الذي يقضي الحوائج في الحرم، هو نفسه تنزل ألف مرة لحقيقة ذلك الإمام الأصلية المستقرة في وجود أبي عبد الله (ع) والمستغرقة في ذات الباري تعالى." ومسير السالك هو سير تصاعدي، يترك فيه المراتب الدنيا ويعود إلى أصله ومنشئه.
التوسل والخاتمة
❤11👍1
  في الختام، ومع الإشارة إلى ثقل وصعوبة فهم هذه المعارف السامية ("مجرد لفظها ثقيل جدًا")، أنهى الأستاذ الجلسة بالدعوة إلى الدخول في بيت السيدة الزهراء الأطهر (عليها السلام) والتوسل بها لنيل توفيق إدراك هذه الحقائق.
❤13
  لا يمكن نيل المسير المعنوي بالبساطة وطلب الراحة وبالسهولة. صحيح بأنهم يشتروننا وينظرون لنا بذريعة ما، ولكن حفظ هذا الأمر يعتمد على استحقاقنا له فيجب أن تظهروا الإستقامة والثبات كي تخرجوا من الإمتحان مرفوعي الرأس.
#الأستاذ_الغفاري حفظه الله 🌸
📚الخطوات الثلاث للسالك العاشق ١١٩
@ya8affar
#الأستاذ_الغفاري حفظه الله 🌸
📚الخطوات الثلاث للسالك العاشق ١١٩
@ya8affar
❤15👍4😢3
  Forwarded from يا غفار - قناة حفظ ونشر آثار الاستاذ الغفاري (حفظه الله)
طرق عملية في مسير تقوية الإرادة:
1. مجالسة الأفراد ذوي الإرادة الجيدة، مثلاً مع الأفراد الموفقين جداً في المسائل العلميّة، المعنويّة، الزوجيّة، التربويّة، وادارة العائلة.
لنسعى أن نزيد التِجوال مع أمثال هؤلاء.
2. الإبتعاد عن الأشخاص الإنهزاميين: يجب تجنّب أهل الغفلة، فهؤلاء عادةً ما يُلقون بتأثيراتٍ سلبية في الإنسان.
3. اجتناب كثرة النوم وكثرة الأكل وطلب الراحة: فأول ما عليكم فعله هو تجنّب الإكثار من الطعام والنوم وطلب الراحة. بعض الأشخاص شغلهم فقط إمّا النوم أو اللعب بالجوال أو يقضون الوقت في أكل المكسرات أو يجلسون مع الجيران ويتحدّثون فقط. ولا يعرفون أيّ شيء آخر غير هذا.
4.كسب الملَكات مثل الإخلاص، هذه رابع طريقة للتحصيل العملي.
5.معرفة الأهداف والشجاعة في الإقدام والعمل. في ناحية علم النفس أيضا يذكرون أمور جيدة هذا المضمار. كل ما تشخّصونه على أنه أمر صحيح فقوموا به؛ دع إرادتك تصير أقوى. حتى لو التفت لاحقا أنه كان أمراً خاطئاً، لكن كل ما تشخّصونه بينكم وبين الله أنه صحيح فأقدموا عليه. وهذا يسمّونه الشجاعة في الإقدام والعمل.
6.التوكّل على الله في أمور الحياة: من أراد أن يكون صاحب إرادة قوية، فيجب أن يكون الإلتفات إلى الله والتوكّل على الله مأخوذاً بالحسبان لديه في جميع ميادين الحياة.
7.عدم الخوف من الإنكسار: لا المشكلة في أن يتعرّض الإنسان للكسر ويسقط أرضاً. فمن ذا الذي لم يذنب سابقاً؟ من الذي لم يخطئ؟ دلّوني على أحدٍ لم يفشل في التعلّم ولم يفشل في رفع الرذائل الأخلاقية!؟ من الذي وُفّق في كسب الفضائل الإلهية دفعة واحدة؟ بل كان لدى الجميع ضعف، ولكنّهم اتّخذوا القرار ولم يكن لديهم خوف من الانكسار، لذا يقول أيضاً حضرة العلامة في كتاب "لب اللباب" بأن هناك صفعات متعدّدة سيتلقّاها وجه السالك. لكن ليس لدى السالك خوف من الإنكسارات.
8.عدم الخمول في العمل بالقرارات في حال عدم تشجيع الناس: هناك البعض وكأنهم يعملون حتّى يشجّعهم الآخرون! إذا شخّصتَ بأن عملك صحيح فقم به، شجّعك الآخرون أو لم يشجعوك، قالوا لك أحسنتَ أحسنتَ أم لم يقولوا. كذلك في المسائل المعنوية أيضا. أصلاً لا تتوقعوا من أحدٍ أحسنتم إليه أن يرجع ويحسن إليكم! لا يكن لديكم أيّ توقّعٍ بأن يتم شكركم، التشكّر قد يسيء الوضع أحياناً وحتى قد يخرّب الأجر. فلا تحتاجوا إلى الشكر، بل وحتى لا تتوقّعوا أي مقابل من أحد أيضاً.
9.ان بدأتم بعمل ما، فلا تتركوه بمنتصفه: مثلا إنّ قررتم أن تتعلّموا الخِياطة، أو قررتم أن تتعلموا الأحكام، أو ان تدرّسوا القرآن، أو قررتم أن تهذّبوا النفس، فلا تتركوا الأمر إلى أن تحصلوا على نتيجة.
10.المداومة والإستقامة في الأعمال: هذه الطريقة قد قالها الإمام علي(ع): "الْعَمَلَ الْعَمَلَ، ثُمَّ النِّهَايَةَ النِّهَايَةَ، وَالِاسْتِقَامَةَ الِاسْتِقَامَةَ، ثُمَّ الصَّبْرَ الصَّبْرَ." فالاستقامة والمقاومة والمداومة في الأعمال.
#خطوات_السالك_العاشق_الثلاث ، ص: ٢٦٧-٢٦٨
@Ya8affar
1. مجالسة الأفراد ذوي الإرادة الجيدة، مثلاً مع الأفراد الموفقين جداً في المسائل العلميّة، المعنويّة، الزوجيّة، التربويّة، وادارة العائلة.
لنسعى أن نزيد التِجوال مع أمثال هؤلاء.
2. الإبتعاد عن الأشخاص الإنهزاميين: يجب تجنّب أهل الغفلة، فهؤلاء عادةً ما يُلقون بتأثيراتٍ سلبية في الإنسان.
3. اجتناب كثرة النوم وكثرة الأكل وطلب الراحة: فأول ما عليكم فعله هو تجنّب الإكثار من الطعام والنوم وطلب الراحة. بعض الأشخاص شغلهم فقط إمّا النوم أو اللعب بالجوال أو يقضون الوقت في أكل المكسرات أو يجلسون مع الجيران ويتحدّثون فقط. ولا يعرفون أيّ شيء آخر غير هذا.
4.كسب الملَكات مثل الإخلاص، هذه رابع طريقة للتحصيل العملي.
5.معرفة الأهداف والشجاعة في الإقدام والعمل. في ناحية علم النفس أيضا يذكرون أمور جيدة هذا المضمار. كل ما تشخّصونه على أنه أمر صحيح فقوموا به؛ دع إرادتك تصير أقوى. حتى لو التفت لاحقا أنه كان أمراً خاطئاً، لكن كل ما تشخّصونه بينكم وبين الله أنه صحيح فأقدموا عليه. وهذا يسمّونه الشجاعة في الإقدام والعمل.
6.التوكّل على الله في أمور الحياة: من أراد أن يكون صاحب إرادة قوية، فيجب أن يكون الإلتفات إلى الله والتوكّل على الله مأخوذاً بالحسبان لديه في جميع ميادين الحياة.
7.عدم الخوف من الإنكسار: لا المشكلة في أن يتعرّض الإنسان للكسر ويسقط أرضاً. فمن ذا الذي لم يذنب سابقاً؟ من الذي لم يخطئ؟ دلّوني على أحدٍ لم يفشل في التعلّم ولم يفشل في رفع الرذائل الأخلاقية!؟ من الذي وُفّق في كسب الفضائل الإلهية دفعة واحدة؟ بل كان لدى الجميع ضعف، ولكنّهم اتّخذوا القرار ولم يكن لديهم خوف من الانكسار، لذا يقول أيضاً حضرة العلامة في كتاب "لب اللباب" بأن هناك صفعات متعدّدة سيتلقّاها وجه السالك. لكن ليس لدى السالك خوف من الإنكسارات.
8.عدم الخمول في العمل بالقرارات في حال عدم تشجيع الناس: هناك البعض وكأنهم يعملون حتّى يشجّعهم الآخرون! إذا شخّصتَ بأن عملك صحيح فقم به، شجّعك الآخرون أو لم يشجعوك، قالوا لك أحسنتَ أحسنتَ أم لم يقولوا. كذلك في المسائل المعنوية أيضا. أصلاً لا تتوقعوا من أحدٍ أحسنتم إليه أن يرجع ويحسن إليكم! لا يكن لديكم أيّ توقّعٍ بأن يتم شكركم، التشكّر قد يسيء الوضع أحياناً وحتى قد يخرّب الأجر. فلا تحتاجوا إلى الشكر، بل وحتى لا تتوقّعوا أي مقابل من أحد أيضاً.
9.ان بدأتم بعمل ما، فلا تتركوه بمنتصفه: مثلا إنّ قررتم أن تتعلّموا الخِياطة، أو قررتم أن تتعلموا الأحكام، أو ان تدرّسوا القرآن، أو قررتم أن تهذّبوا النفس، فلا تتركوا الأمر إلى أن تحصلوا على نتيجة.
10.المداومة والإستقامة في الأعمال: هذه الطريقة قد قالها الإمام علي(ع): "الْعَمَلَ الْعَمَلَ، ثُمَّ النِّهَايَةَ النِّهَايَةَ، وَالِاسْتِقَامَةَ الِاسْتِقَامَةَ، ثُمَّ الصَّبْرَ الصَّبْرَ." فالاستقامة والمقاومة والمداومة في الأعمال.
#خطوات_السالك_العاشق_الثلاث ، ص: ٢٦٧-٢٦٨
@Ya8affar
❤16
  Forwarded from يا غفار - قناة حفظ ونشر آثار الاستاذ الغفاري (حفظه الله) (أبناء الإمام)
This media is not supported in your browser
    VIEW IN TELEGRAM
  الرشد السريع في المسير المعنوي 💌
"تلطيف الروح"
🔹استاذ السير والسلوك #الشيخ_الغفاري
🔸 قناة وصفحة "يا غفّار" بابٌ للسير والسلوك العملي الواقعي:
💠 T.me/Ya8affar
💠 Fb.com/Ya8affar
"تلطيف الروح"
🔹استاذ السير والسلوك #الشيخ_الغفاري
🔸 قناة وصفحة "يا غفّار" بابٌ للسير والسلوك العملي الواقعي:
💠 T.me/Ya8affar
💠 Fb.com/Ya8affar
❤14👍2
  تقرير جلسة "جمال الشمس" للأستاذ غفاري (دام ظله)
التاريخ: 13 أكتوبر 2025 م
مقدمة: افتتاح الخمارة وربيع الوصال
افتُتحت الجلسة بحمد الله والثناء عليه. استهل الأستاذ البحث بهذا المفهوم الأساسي وهو أن الدخول في مسير تهذيب النفس هو بمنزلة فتح باب الخمارة. هذه اللحظة هي "ربيع" حياة السالك؛ لا الربيع الفصلي، بل ربيع روحي يبدأ بـ"يقظة". وهذه اليقظة لها مراتب؛ أحيانًا تكون مجرد عودة بسيطة إلى الذات، وأحيانًا تجلٍّ من المعشوق، وفي حالات نادرة تكون "جذبة رحمانية" توصل السالك إلى المقصد في لحظة واحدة. هذه اليقظة هي "الوصال" الأولي، الذي وُصف بجمال في هذا البيت:
> در میخانه گشایید به رویم شب و روز
> که من از مسجد و از مدرسه بیزار شدم
> (افتحوا لي باب الخمارة ليلاً ونهاراً / فقد سئمت من المسجد والمدرسة)
هذا الوصال هو لحظة يرفع فيها الحبيب الستار عن وجهه، فيجلس السالك للمشاهدة، ويتذوق لذة لا يعود بعدها مستعداً لفقدانها.
***
حكاية العشق: من الخُمار إلى فناء الفراشة
بعد ذلك، وصف الأستاذ بجمال أحوال السالك بعد هذه التجربة الأولية. فهذا الوصال يشبه شرب جرعة من خمر روحي أو تلقي "غمزة" من المعشوق تجعل الإنسان مجنوناً. ولكن هذا هو دأب الحبيب؛ فبعد أن يذيقه لذة الوصال، يتركه في الهجران والخُمار "ليعصره" ويزيل شوائبه. وقد وُصفت الأحوال الداخلية لهذا العاشق المتألم في لغة الدعاء على هذا النحو:
> كَرْبِي (همي الشديد)، لا يكشفه إلا رحمتك...
> ضُرِّي (ألمي واضطرابي)، لا يزيله إلا رأفتك...
> لَوْعَتِي (نار اشتياقي)، لا يطفئها إلا لقاؤك...
> شَوْقِي إِلَيْكَ، لا يَبُلُّهُ إِلَّا النَّظَرُ إِلَى وَجْهِكَ...
هذه الآلام واللوعات هي علامة على حياة القلب وصدق العشق. ولشرح غاية هذا العشق، أشار الأستاذ إلى تمثيل الفراشة والشمعة من الرسائل العرفانية لآية الله سعادت پرور. فالفراشة في البداية تسكر بنور الشمعة من بعيد، وتتلذذ بهذا السكر الذي لا تزال ترى فيه "نفسها". ولكنها في النهاية تدرك أنه للوصول إلى الوصال الكامل، يجب أن ترمي بنفسها في النار و"تفنى" في نور الشمعة.
***
آفات الطريق: إضاعة الأصل والتهاون في العمل
بنظرة نقدية، أشار الأستاذ إلى آفتين شائعتين بين أهل السلوك:
١. التشبث بالظواهر: البعض يصرف كل همته في التردد المستمر على الأماكن المقدسة، ولكن هذه الأسفار تصبح بالنسبة لهم مجرد "رؤية للأبواب والجدران"، وأحياناً تكون هروباً من مواجهة نقاط ضعفهم الداخلية. وفي المقابل، فإن السالك الحقيقي هو من لم يضع الأصل، ويعلم أنه لو أنفق نفقات تلك الأسفار الظاهرية على عائلة محتاجة حقاً، فإن "صاحب مكة نفسه سيأتي باحثاً عن مثل هذا العبد".
٢. إهمال النفس: النفس الأمارة تشبه "حصاناً جامحاً شارداً". إذا أطلقت عنانه، قادك إلى الهلاك. وكما أن مدرب الخيل يضربه أحياناً بـ"السوط"، ويربطه، ويمنع عنه الطعام ليروضه، كذلك يجب على السالك أن يكبح جماح نفسه بحرمانها من رغباتها غير المشروعة. ولكن الأهم من ذلك هو تقديم "البديل". فعندما تريد أن تمنع النفس عن لهو محرم، يجب أن تملأ مكانها بالمطالعة، والعمل الثقافي، وخدمة المؤمنين، والأنس بالكتاب.
***
النتيجة: اغتنام الفرصة وأداء حق الملح
في الختام، طرح الأستاذ هذه الرسالة كخلاصة للبحث، وهي أن هذه اليقظات والنفحات الإلهية ليست دائمة، ويجب اغتنام هذه الفرص. يصل السالك الحقيقي إلى مكان يرى فيه جمال المحبوب في كل شيء، حتى في "أشواك جانب الطريق"، ويفهم أن كل تحولات العالم هي حديث الله معه.
وأشار الأستاذ إلى أنه قد انعقد بيننا وبين الحبيب، بفضل هذه العنايات وتذوق طعم المحبة، عهد، وأنهى الجلسة بهذا البيت:
> لب لعل تو را حقوق نمک
> هست بر جان سینههای کباب
> (لشفتيك الياقوتيتين حق الملح / على أرواح الصدور المشوية [بنار العشق])
هذا البيت يذكّر بذلك العهد والميثاق العاشق و"حق الملح" الذي يشعر به السالك في روحه بعد تذوق طعم محبة المعشوق، ويجب عليه أن يصونه إلى الأبد.
التاريخ: 13 أكتوبر 2025 م
مقدمة: افتتاح الخمارة وربيع الوصال
افتُتحت الجلسة بحمد الله والثناء عليه. استهل الأستاذ البحث بهذا المفهوم الأساسي وهو أن الدخول في مسير تهذيب النفس هو بمنزلة فتح باب الخمارة. هذه اللحظة هي "ربيع" حياة السالك؛ لا الربيع الفصلي، بل ربيع روحي يبدأ بـ"يقظة". وهذه اليقظة لها مراتب؛ أحيانًا تكون مجرد عودة بسيطة إلى الذات، وأحيانًا تجلٍّ من المعشوق، وفي حالات نادرة تكون "جذبة رحمانية" توصل السالك إلى المقصد في لحظة واحدة. هذه اليقظة هي "الوصال" الأولي، الذي وُصف بجمال في هذا البيت:
> در میخانه گشایید به رویم شب و روز
> که من از مسجد و از مدرسه بیزار شدم
> (افتحوا لي باب الخمارة ليلاً ونهاراً / فقد سئمت من المسجد والمدرسة)
هذا الوصال هو لحظة يرفع فيها الحبيب الستار عن وجهه، فيجلس السالك للمشاهدة، ويتذوق لذة لا يعود بعدها مستعداً لفقدانها.
***
حكاية العشق: من الخُمار إلى فناء الفراشة
بعد ذلك، وصف الأستاذ بجمال أحوال السالك بعد هذه التجربة الأولية. فهذا الوصال يشبه شرب جرعة من خمر روحي أو تلقي "غمزة" من المعشوق تجعل الإنسان مجنوناً. ولكن هذا هو دأب الحبيب؛ فبعد أن يذيقه لذة الوصال، يتركه في الهجران والخُمار "ليعصره" ويزيل شوائبه. وقد وُصفت الأحوال الداخلية لهذا العاشق المتألم في لغة الدعاء على هذا النحو:
> كَرْبِي (همي الشديد)، لا يكشفه إلا رحمتك...
> ضُرِّي (ألمي واضطرابي)، لا يزيله إلا رأفتك...
> لَوْعَتِي (نار اشتياقي)، لا يطفئها إلا لقاؤك...
> شَوْقِي إِلَيْكَ، لا يَبُلُّهُ إِلَّا النَّظَرُ إِلَى وَجْهِكَ...
هذه الآلام واللوعات هي علامة على حياة القلب وصدق العشق. ولشرح غاية هذا العشق، أشار الأستاذ إلى تمثيل الفراشة والشمعة من الرسائل العرفانية لآية الله سعادت پرور. فالفراشة في البداية تسكر بنور الشمعة من بعيد، وتتلذذ بهذا السكر الذي لا تزال ترى فيه "نفسها". ولكنها في النهاية تدرك أنه للوصول إلى الوصال الكامل، يجب أن ترمي بنفسها في النار و"تفنى" في نور الشمعة.
***
آفات الطريق: إضاعة الأصل والتهاون في العمل
بنظرة نقدية، أشار الأستاذ إلى آفتين شائعتين بين أهل السلوك:
١. التشبث بالظواهر: البعض يصرف كل همته في التردد المستمر على الأماكن المقدسة، ولكن هذه الأسفار تصبح بالنسبة لهم مجرد "رؤية للأبواب والجدران"، وأحياناً تكون هروباً من مواجهة نقاط ضعفهم الداخلية. وفي المقابل، فإن السالك الحقيقي هو من لم يضع الأصل، ويعلم أنه لو أنفق نفقات تلك الأسفار الظاهرية على عائلة محتاجة حقاً، فإن "صاحب مكة نفسه سيأتي باحثاً عن مثل هذا العبد".
٢. إهمال النفس: النفس الأمارة تشبه "حصاناً جامحاً شارداً". إذا أطلقت عنانه، قادك إلى الهلاك. وكما أن مدرب الخيل يضربه أحياناً بـ"السوط"، ويربطه، ويمنع عنه الطعام ليروضه، كذلك يجب على السالك أن يكبح جماح نفسه بحرمانها من رغباتها غير المشروعة. ولكن الأهم من ذلك هو تقديم "البديل". فعندما تريد أن تمنع النفس عن لهو محرم، يجب أن تملأ مكانها بالمطالعة، والعمل الثقافي، وخدمة المؤمنين، والأنس بالكتاب.
***
النتيجة: اغتنام الفرصة وأداء حق الملح
في الختام، طرح الأستاذ هذه الرسالة كخلاصة للبحث، وهي أن هذه اليقظات والنفحات الإلهية ليست دائمة، ويجب اغتنام هذه الفرص. يصل السالك الحقيقي إلى مكان يرى فيه جمال المحبوب في كل شيء، حتى في "أشواك جانب الطريق"، ويفهم أن كل تحولات العالم هي حديث الله معه.
وأشار الأستاذ إلى أنه قد انعقد بيننا وبين الحبيب، بفضل هذه العنايات وتذوق طعم المحبة، عهد، وأنهى الجلسة بهذا البيت:
> لب لعل تو را حقوق نمک
> هست بر جان سینههای کباب
> (لشفتيك الياقوتيتين حق الملح / على أرواح الصدور المشوية [بنار العشق])
هذا البيت يذكّر بذلك العهد والميثاق العاشق و"حق الملح" الذي يشعر به السالك في روحه بعد تذوق طعم محبة المعشوق، ويجب عليه أن يصونه إلى الأبد.
❤8🙏1
  إذا تم تربية عالِم، إذا تم إقامة حوزة، إذا تم تبلیغ دیني، إذا تم بناء مسجد، فكل هذا ببركة وجود إمام الزمان.
#الأستاذ_الغفاري حفظه الله 🌸
📚زيارة العشق
@Ya8affar
#الأستاذ_الغفاري حفظه الله 🌸
📚زيارة العشق
@Ya8affar
❤26👍3😢2
  Forwarded from يا غفار - قناة حفظ ونشر آثار الاستاذ الغفاري (حفظه الله) (أبناء الإمام)
Media is too big
    VIEW IN TELEGRAM
  🌔 محاضرة ملك الناس
في تفسير الآية الثانية من سورة الناس لجمعٍ من السالكين
💠 من المواضيع التي يتطرّق إليها الاستاذ الغفاري دام ظلّه في هذه المحاضرة:
- إشارة إلى يا ايها الذين آمنوا لما تقولون ما لا تفعلون وما لم تصلوا إليه..
- هل تدخل الأبدان الجنة؟
- لما لم يقم الامام علي (عليه السلام) بردة فعل عند اقتحام منزله؟
- ما هو الشيء الأعلى من بدن الزهراء والحسين عليهما السلام؟
- على السالك أن يهدأ روعه، فكيف نصل للهدوء التام ولا نضطرب في المشكلات؟
🌕 ويختم المحاضرة بمجلس عزاء لأبي الفضل العباس عليه السلام
#محاضرة_كاملة
❓❗لأسئلتكم واستفساراتكم وملاحظاتكم نرجو التواصل معنا على التلگرام في العنوان التالي:
T.me/Ya8affar
🎞 عنوان المحاضرة على اليوتيوب:
https://youtu.be/4YPzOKSuotI
في تفسير الآية الثانية من سورة الناس لجمعٍ من السالكين
💠 من المواضيع التي يتطرّق إليها الاستاذ الغفاري دام ظلّه في هذه المحاضرة:
- إشارة إلى يا ايها الذين آمنوا لما تقولون ما لا تفعلون وما لم تصلوا إليه..
- هل تدخل الأبدان الجنة؟
- لما لم يقم الامام علي (عليه السلام) بردة فعل عند اقتحام منزله؟
- ما هو الشيء الأعلى من بدن الزهراء والحسين عليهما السلام؟
- على السالك أن يهدأ روعه، فكيف نصل للهدوء التام ولا نضطرب في المشكلات؟
🌕 ويختم المحاضرة بمجلس عزاء لأبي الفضل العباس عليه السلام
#محاضرة_كاملة
❓❗لأسئلتكم واستفساراتكم وملاحظاتكم نرجو التواصل معنا على التلگرام في العنوان التالي:
T.me/Ya8affar
🎞 عنوان المحاضرة على اليوتيوب:
https://youtu.be/4YPzOKSuotI
❤5
  Audio
    
  ❤11👍2
  **تقرير جلسة الأستاذ غفاري (دام ظله) للأخوات حول موضوع "الحياة الطيبة والمحبة الإلهية"**
**التاريخ: 15 أكتوبر 2025 م**
**مقدمة: طلب الله أمر فطري لا اكتسابي**
افتُتحت الجلسة بحمد الله والثناء عليه والصلاة على النبي الأكرم (ص) وآله الأطهار. استهل الأستاذ البحث بهذا السؤال الأساسي: «لماذا يجب علينا أن نسعى وراء المعارف التوحيدية؟ هل هذا أمر اكتسابي وتحصيلي أم أمر ملكوتي مغروس في وجودنا؟»
وفي جوابه، أكد أن طلب الله هو أمر فطري تمامًا، قد غُرس في سريرة كل إنسان، بغض النظر عن دينه ومعتقده. وهذا الانجذاب الداخلي يظهر نفسه في اللحظات الحرجة، مثل حوادث السفن والطائرات التي يضرب بها القرآن مثلاً، حيث يلجأ الإنسان لا شعوريًا إلى قوة عليا. ولكن لا ينبغي الخلط بين هذا الطلب الفطري لله وبين الرغبات والغرائز الدنيوية العادية. فكل الرغبات والظواهر الدنيوية يجب أن تكون بمثابة "أسهم" وأدوات تشير إلى تلك الحقيقة الأسمى. فإذا أعطيناها استقلالية وظننا أن ذكرنا أو ميلنا أو محبتنا ستوصلنا بحد ذاتها إلى المقصد، فقد وقعنا في الخطأ وسننال العقاب.
***
**عالمان: عالم النفس المذموم وعالم آيات الله الجميل**
بعد ذلك، تناول الأستاذ التمييز بين نوعين من "الدنيا":
1. عالم النفس: هذا هو العالم المذموم الذي يكرهه الله وأولياؤه. عالم بُني على اللهو واللعب، والتفاخر والغرور الكاذب، ويجب على الإنسان أن يتجنب التعلق به.
2. العالم الخارجي: هذا العالم هو مَجلى لجماليات الرب ومليء بالآيات الإلهية. وكما يعلمنا الإمام الحسين (ع) في دعاء عرفة، يمكن رؤية الله في كل ظواهر الطبيعة — من الشلالات والبحار إلى المخلوقات — والتوجه إليه من خلالها.
المشكلة تبدأ من حيث يغفل الإنسان عن هذه الآيات بإعطائه الاستقلالية للرغبات، ويغرق في عالمه النفساني. لقد عبر أولياء الله هذه المرحلة ويريدون أن يروا الحقيقة نفسها، لا مجرد علاماتها.
***
**هدف الخلق والمكانة المتساوية للمرأة والرجل في السلوك**
بالتأكيد على الآية الشريفة ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾، أشار الأستاذ إلى عدة نقاط أساسية:
* الدنيا معبر: الدنيا أقصر بكثير مما نتصور. ونقلاً عن حضرة نوح (ع)، كان هذا العمر الممتد 900 أو 2000 عام كمثل العبور من باب والخروج من باب آخر. فالإنسان العاقل لا يبني بيتًا في "المعبر" ولا يتعلق قلبه به.
* مقام خليفة الله هو لـ "الإنسان": إن الوصول إلى الحياة الطيبة ومقام خليفة الله ليس حكرًا على الرجال. هذه المكانة هي لـ "روح الإنسان" التي ليست ذكرًا ولا أنثى؛ الروح التي نُفخت من النفخة الإلهية (نَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي). فالفروق الجنسية هي فقط من أجل بقاء النسل في هذا العالم الامتحاني، والتفاضل يكون بالتقوى والطاعة فقط. فالشيطان بوساوسه مثل "أنتِ امرأة وتحت سلطة رجل" أو "أنت رجل ولا تملك اللطافة"، يسعى لإيجاد الفرقة ومنع الإنسان من الكمال.
***
**المحبة؛ المفتاح الأساسي وحل الإمام السجاد (ع)**
لخص الأستاذ مسير السلوك كله في كلمة واحدة: المحبة (هَلِ الدِّينُ إِلَّا الْحُبُّ؟). هذه المحبة يجب أن تتجلى في جميع شؤون الحياة، خاصة في أداء الواجبات الأسرية والاجتماعية. لا ينبغي ربط عملنا بعمل الآخر ("هو لم يبدِ المحبة، وأنا لن أفعل"). بل يجب القيام بكل الأعمال لله فقط.
الإمام السجاد (ع) يعطينا المفتاح الأساسي في هذه الفقرة من مناجاة المحبين:
﴿إِلَهِي مَنْ ذَا الَّذِي ذَاقَ حَلَاوَةَ مَحَبَّتِكَ فَرَامَ مِنْكَ بَدَلًا؟﴾
وقد بشر الأستاذ بأننا جميعًا قد تذوقنا هذه الحلاوة. فعشقنا ومحبتنا لحضرة الزهراء (س) والإمام الحسين (ع) هو نفسه تذوق حلاوة المحبة الإلهية، لأن الله قد تجلى علينا بأوليائه. والعشق للشهداء مثل القائد سليماني والشهيد حججي هو من هذا الجنس أيضًا؛ لأن وجودهم أصبح إلهيًا ورؤيتهم تحيي محبة الله في القلب. والآن بعد أن أصبح لدينا هذه المحبة، لن نكون مستعدين أبدًا لمبادلتها بأي عطاء دنيوي. هذه المحبة هي أعظم أداة لحرق الرذائل مثل الحقد والحسد.
***
**الإجابة على الأسئلة: حلول عملية**
**التاريخ: 15 أكتوبر 2025 م**
**مقدمة: طلب الله أمر فطري لا اكتسابي**
افتُتحت الجلسة بحمد الله والثناء عليه والصلاة على النبي الأكرم (ص) وآله الأطهار. استهل الأستاذ البحث بهذا السؤال الأساسي: «لماذا يجب علينا أن نسعى وراء المعارف التوحيدية؟ هل هذا أمر اكتسابي وتحصيلي أم أمر ملكوتي مغروس في وجودنا؟»
وفي جوابه، أكد أن طلب الله هو أمر فطري تمامًا، قد غُرس في سريرة كل إنسان، بغض النظر عن دينه ومعتقده. وهذا الانجذاب الداخلي يظهر نفسه في اللحظات الحرجة، مثل حوادث السفن والطائرات التي يضرب بها القرآن مثلاً، حيث يلجأ الإنسان لا شعوريًا إلى قوة عليا. ولكن لا ينبغي الخلط بين هذا الطلب الفطري لله وبين الرغبات والغرائز الدنيوية العادية. فكل الرغبات والظواهر الدنيوية يجب أن تكون بمثابة "أسهم" وأدوات تشير إلى تلك الحقيقة الأسمى. فإذا أعطيناها استقلالية وظننا أن ذكرنا أو ميلنا أو محبتنا ستوصلنا بحد ذاتها إلى المقصد، فقد وقعنا في الخطأ وسننال العقاب.
***
**عالمان: عالم النفس المذموم وعالم آيات الله الجميل**
بعد ذلك، تناول الأستاذ التمييز بين نوعين من "الدنيا":
1. عالم النفس: هذا هو العالم المذموم الذي يكرهه الله وأولياؤه. عالم بُني على اللهو واللعب، والتفاخر والغرور الكاذب، ويجب على الإنسان أن يتجنب التعلق به.
2. العالم الخارجي: هذا العالم هو مَجلى لجماليات الرب ومليء بالآيات الإلهية. وكما يعلمنا الإمام الحسين (ع) في دعاء عرفة، يمكن رؤية الله في كل ظواهر الطبيعة — من الشلالات والبحار إلى المخلوقات — والتوجه إليه من خلالها.
المشكلة تبدأ من حيث يغفل الإنسان عن هذه الآيات بإعطائه الاستقلالية للرغبات، ويغرق في عالمه النفساني. لقد عبر أولياء الله هذه المرحلة ويريدون أن يروا الحقيقة نفسها، لا مجرد علاماتها.
***
**هدف الخلق والمكانة المتساوية للمرأة والرجل في السلوك**
بالتأكيد على الآية الشريفة ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾، أشار الأستاذ إلى عدة نقاط أساسية:
* الدنيا معبر: الدنيا أقصر بكثير مما نتصور. ونقلاً عن حضرة نوح (ع)، كان هذا العمر الممتد 900 أو 2000 عام كمثل العبور من باب والخروج من باب آخر. فالإنسان العاقل لا يبني بيتًا في "المعبر" ولا يتعلق قلبه به.
* مقام خليفة الله هو لـ "الإنسان": إن الوصول إلى الحياة الطيبة ومقام خليفة الله ليس حكرًا على الرجال. هذه المكانة هي لـ "روح الإنسان" التي ليست ذكرًا ولا أنثى؛ الروح التي نُفخت من النفخة الإلهية (نَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي). فالفروق الجنسية هي فقط من أجل بقاء النسل في هذا العالم الامتحاني، والتفاضل يكون بالتقوى والطاعة فقط. فالشيطان بوساوسه مثل "أنتِ امرأة وتحت سلطة رجل" أو "أنت رجل ولا تملك اللطافة"، يسعى لإيجاد الفرقة ومنع الإنسان من الكمال.
***
**المحبة؛ المفتاح الأساسي وحل الإمام السجاد (ع)**
لخص الأستاذ مسير السلوك كله في كلمة واحدة: المحبة (هَلِ الدِّينُ إِلَّا الْحُبُّ؟). هذه المحبة يجب أن تتجلى في جميع شؤون الحياة، خاصة في أداء الواجبات الأسرية والاجتماعية. لا ينبغي ربط عملنا بعمل الآخر ("هو لم يبدِ المحبة، وأنا لن أفعل"). بل يجب القيام بكل الأعمال لله فقط.
الإمام السجاد (ع) يعطينا المفتاح الأساسي في هذه الفقرة من مناجاة المحبين:
﴿إِلَهِي مَنْ ذَا الَّذِي ذَاقَ حَلَاوَةَ مَحَبَّتِكَ فَرَامَ مِنْكَ بَدَلًا؟﴾
وقد بشر الأستاذ بأننا جميعًا قد تذوقنا هذه الحلاوة. فعشقنا ومحبتنا لحضرة الزهراء (س) والإمام الحسين (ع) هو نفسه تذوق حلاوة المحبة الإلهية، لأن الله قد تجلى علينا بأوليائه. والعشق للشهداء مثل القائد سليماني والشهيد حججي هو من هذا الجنس أيضًا؛ لأن وجودهم أصبح إلهيًا ورؤيتهم تحيي محبة الله في القلب. والآن بعد أن أصبح لدينا هذه المحبة، لن نكون مستعدين أبدًا لمبادلتها بأي عطاء دنيوي. هذه المحبة هي أعظم أداة لحرق الرذائل مثل الحقد والحسد.
***
**الإجابة على الأسئلة: حلول عملية**
❤5
  * كيف نصبح عاشقين حقيقيين؟ بأداء الواجبات الإلهية والتوسل بالمفاتيح الكامنة في مناجاة وأدعية أهل البيت (ع).
* في المراقبة، هل نتوجه إلى الله أم إلى إمام الزمان (عج)؟ لا فرق بينهما (لَا فَرْقَ بَيْنَهُمْ). ولكن في هذا العالم، يحب الله أن نكثر من ذكر إمام الزمان (عج). ونقل الأستاذ قولًا عن السيدة الزهراء (س): «قولوا لشيعتنا أن يقللوا من إبكاء ولدي المهدي.»
* كيف لا نحمل هم الدنيا؟ بالنظر إلى عاقبتها ونتيجتها النهائية. فالدنيا تافهة وفارغة لدرجة أن الإنسان العاقل لا يصرف همه وغمه عليها. لقد كنا في الجنة ونحن من طلب المجيء إلى هذه الدنيا؛ فمن الجنون أن نبذل كل هذا الجهد لنعود إلى تلك الجنة نفسها. هدفنا أسمى من ذلك بكثير.
* كيف ندير الأفكار؟ ١) تحديد إطار فكري للنفس: "أنا من طيور الملكوت ولست من عالم التراب." ٢) الالتزام بالنظام والبرنامج الدقيق في الحياة. ٣) تجاهل الخواطر الذهنية وعدم الاكتراث بها.
* في المراقبة، هل نتوجه إلى الله أم إلى إمام الزمان (عج)؟ لا فرق بينهما (لَا فَرْقَ بَيْنَهُمْ). ولكن في هذا العالم، يحب الله أن نكثر من ذكر إمام الزمان (عج). ونقل الأستاذ قولًا عن السيدة الزهراء (س): «قولوا لشيعتنا أن يقللوا من إبكاء ولدي المهدي.»
* كيف لا نحمل هم الدنيا؟ بالنظر إلى عاقبتها ونتيجتها النهائية. فالدنيا تافهة وفارغة لدرجة أن الإنسان العاقل لا يصرف همه وغمه عليها. لقد كنا في الجنة ونحن من طلب المجيء إلى هذه الدنيا؛ فمن الجنون أن نبذل كل هذا الجهد لنعود إلى تلك الجنة نفسها. هدفنا أسمى من ذلك بكثير.
* كيف ندير الأفكار؟ ١) تحديد إطار فكري للنفس: "أنا من طيور الملكوت ولست من عالم التراب." ٢) الالتزام بالنظام والبرنامج الدقيق في الحياة. ٣) تجاهل الخواطر الذهنية وعدم الاكتراث بها.
❤11
  