كان لافتــاً أن ترى مساحــة على كورنيش المدينة لا ركامَ فيها ولا خيام،
أن تُقابل البحــر وجــهاً دونَ حائلٍ من معجمِ الحرب،
ذلك مشهدٌ مدهشٌ مُلهِم ..

في ذاكرةِ كلِّ غزّيٍّ صورةٌ لا تُنسى، مناسبةٌ شخصيّة، حكايةٌ عاطفيّة،
أو ليلةُ حُزنٍ طويلةٌ لم يجد فيها رفيقاً سوى البحر وكورنيش شارع الرشيد،
المشوارُ الأولُ لعروسين، الملاذُ الأوحدُ لفاقد،

إنّه الشاهدُ وحوضُ المعمدانيّة الذي نغتسلُ أمامه إن امتلأنا فرحاً أو ترحاً ..
إنّه الكفُّ الذي ظلّ ممدوداً على حدٍّ سواء، للغنيّ والفقير، للمالكِ والغفير،
هو مرآتنا والحديقة، الفندقُ الذي لم يطلب يوماً تذكرة.

بشيكلٍ واحدٍ تشتري القهوةَ وتجلس، وبشيكلين تكتري سيارةً مضيئةً لطفلكَ يجوب بها الرصيفَ المكتظَّ بالأُنس.

كلُّ شيءٍ مضى،
وبقيت ملامحُنا المعتمةُ مع ما تجود به مصابيحُ المركباتِ العائدةِ إلى المدينة ليلاً،

لكن «أبو حمدي شرير»، الذي أمضى أياماً في تنظيف المكان،
يؤكّد أنّه سيُعيد شيئاً من الحياة، سيُضيء النخلاتِ المحترقات، سيفرشُ الأرضَ بالإنجيل الصناعي،
سيفعلُ ما يمكنُ ليصنعَ دَهشــةً فقــدناها.


تصوير: محمد محمود بعلوشة
الصحفي يوسف فارس
فلسطين المحتلة - قطاع غزة