Telegram Web Link
يوسفيات
https://traof-store.com.sa/products/yosef
"في هذا الشهر الفضيل، دعونا نجعل فرحة الطفولة تملأ قلوبنا وقناتكم ( مجرد خالد ) . بالتبرع للأطفال الأيتام، نمنحهم الأمل والحب ونشارك في بناء مستقبلهم بعيدًا عن الحاجة واليتم. لنكن سببًا في ابتسامتهم، ولنمد يد العون لمن يحتاجون في هذا الشهر الكريم. اجعلوا هذا الرمضان فرصة للعطاء والإحسان، ولنملأ قلوبنا بالخير والبركة بالتبرع لأطفالنا الأيتام."

💡مع العلم ان التبرع عبر الرابط لجمعية تراؤف لرعاية الأيتام في حفرالباطن ومن خلال الر ابط تقدرون تشوفون المبلغ المتبقي لإكتمال الحالة ❤️❤️❤️
"يختلجُ في صدريهمَا الشعورُ ذاته، ويخفقُ قلباهمَا نفسَ الخفقات، يأنّ أحدُهما فيُسمعُ دَويّ الأنّةِ في الآخرِ في اللحظة ذاتها، وتتهلّلُ أساريرُ الأولِ، ليبتسمَ الثاني.

حاملو المآسي يسيرون معًا، يخطون لُجج الحياةِ بأكفٍّ معقودة، قد نبع اليأسُ من ملامحهمَا، وتشقّقت تجاعيدُ الصّبا لتنبئَ عن هِرَمٍ مفاجِئٍ إثرَ ما عاينَاه، قد علمَ أنّها حِملٌ ثقيلٌ وحمله، وقد علمَت أنه عصيٌّ مُتعِبٌ متعَبٌ ولبّت قُربَه.

وحيدَانِ في منفى، لا يسمعُ العالمُ لهما همسًا، يتحداثانِ ويتواصلانِ ويبكيَان، ويألمَان، يشعران بكلّ ما قد يصيب المرءَ العاديّ، ولكنهمَا لم يشبهَا العاديّ في شيءٍ.

حتى الآن لم أرَ مثلهمَا أو شبيهًا حتى، ثنائيٌّ غريب، متنافرانِ متعاكسانِ كُلًّا منهما يسيرُ في وجهَة، لا أعلمُ كيف جمعهما طريق! ولا كيف تصدّقت الحياةُ عليهم بشيءٍ واحدٍ يشتركانِ فيه.

لطالمَا كان اتّكاؤهُ عليها، سعيهُ إليهَا، كانت هدفهُ وملاذهُ وجمالهُ. وكانَ هو الوطَن، تلتمسُ فيهِ شعورَ الدفء، وتتحسّسُ فيهِ آثَار العائلَة، وتتنسّمُ برفقتهِ رائحةَ البيتِ كغريبٍ هجرَه وحنّ إليه.

كان الاختلافُ دومًا شِعارُ الفِراقِ بالنسبةِ إليّ، ما اجتمعَ مُختلفانِ إلا وافترقَا، ولكنّي بعد فَهمِهما تبيّن لي شعورٌ جديد، غريبٌ جميل، وهو التكَامُل.

لم يختلفَا، لكنّهم تكامَلا، كانَ يتحلّى بالشدةِ والحزمِ، بالتفكيرِ المنطقيّ العقلانيّ الجادّ، الشعورُ عندهُ مؤخرٌ لأجلٍ غير مسمّى، لا تُقابل بهِ عاصفةٌ ولا تحلّ به مشكلةٌ، ولا تُروّض بهِ النوائب.
وهي كانت شعوريّةٌ لأبعدِ حد، تساقُ بالحبّ، وتُزوّدُ بالفهمِ القلبِيّ، ويأتِها مددُ السماءِ باللين، فأضحت طيرَه، بجناحيّ من نورٍ وقلبٍ فراشةٍ مهيض ولكنّه مفعّمٌ بالوُدّ والرحمة، كانَ يعقلُ الأمورَ، يزنها بمكياله، وتتولّى هي أمرَ الشعور.

أكسبهمَا الحبّ فرصةً لا تأتي كثيرًا؛ أن يغترفَ الأولُ من الثاني ما يكملُ بهِ نقصه، وأن يأوي الثاني للأوَّلِ بالقدرِ الذي يؤمّن بهِ خوفَه."
يتأرجح الكائن البشري في حياته دومًا بين الألم والضجر، فهو يتألم إن لم ينل مُرادَه أو ما يلتذّ به، فيسعى جاهدًا إلى تحصيله، ثم إذا حصل مطلوبه وتنعّم به زمنًا يطول أو يقصر؛ لا يلبث أن يملّه ويضجر منه، بل ربما كرهته نفسه التي طالما تاقت إليه، ثم يعود إلى البحث عن مطلوبٍ آخر، ليدفع عن نفسه هذه السآمة السّامة¹.

فـ( الإنسان هو مِن التعاسة بحيث يسأم دونما أي سبب للسأم، بل بمجرد حاله مزاجه!)
وإلى هذا المعنى يشير چورچ برنارد شو في قوله:
"في الوجود كارثتان: تحدث الأولى عند عدم إشباع رغباتنا، وتحدث الثانية عند إشباعها."


فلا يزال المرء مُنغّص العيش ما دام حيًّا، وهذه الحال تدل على أنّ الغاية تقع وراء الحياة المادية المنظورة؛ فلو أنّ الحياة تمتلك أي قيمة إيجابية بحد ذاتها، لَمَا وُجِدَ شيئًا كالضجر أصلًا، ولكانَ مجرد الوجود يُرضينا بحد ذاته، فلا نحتاج شيئًا.
--------------

¹· وصف الله عز وجل الملائكة بعدم السأم، فقال تعالى ﴿فإنِ استكبَروا فالّذينَ عِندَ رَبِّكَ يُسبّحونَ له بالليل والنّهار وهم لا يَسئَمون﴾.
فعدم السأم مُطلقًا حالة ملائكية لا إنسانية، ولهذا ورد التشريع الإلهي مُراعيًا هذه النقيصة الإنسانية، يقول ابن عطاء الله السكندري:
«لَمّا عَلِمَ منك وجود الملل، لَوَّنَ لك الطاعات»


وهذا التنويع -كما يذكر العلامة زورق المالكي رحمه الله- فيه: " إعانة للمُوفَّق، وحُجّة على المخذول، وكرامة للمحقّق بتيسير أسباب العبودية"

كما أنّ من كمال نعيم الموعود في الجنة: انتفاء الملل.
كما في قوله تعالى واصفًا حال أصحاب الجنة: ﴿خالدين فيها لا يَبْغون عنها حِولًا﴾
فقد يُتَوهم أن طول الإقامة مِدعاة للسآمة والملل فنفىٰ سبحانه ذلك عنهم؛ لأنه لا مزيد على هذا النعيم.
.

[كتاب معنى الحياة في العالم الحديث | عبد الله الوهيبي]
أعتقد أن أكبر خطأ يدور في فلكه الإنسان هو محور فكرة أن هناك قراراتٍ مصيرية سيترتب عليها شكل حياته الدنيا، وأنَّ الأمر متروك له كليًّا في اختيارها.. ولذلك هو يُعتصَر قلقًا طوال الوقت، لأنه في خضم قرارٍ مصيري ما..

بينما، القدر هو قدر.. لأنه سيحدث على كل حال.. هو الأصل، وعليه تدور الأشياء وتترتب لتؤدي في النهاية لنهاية مكتوبة منذ الأزل.

واختيارك في حد ذاته من جُملة القدر.

والسعي والعمل.. تكليف، وجِبِّلَة، وأمرٌ لا تستطيع الانفكاك عنه.
وحيرة عقلك في هذا.. ليست جديدة..

اسمع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلّم يسألون:
«ففيمَ العمل؟»

واسمعه صلى الله عليه وسلّم يرد قطعًا:
«اعملوا فكلٌ ميسَّر لما خُلِق له.»

حرِّك يديك بما تملُك.. اعقلها وتوكّل.
فأنت مُحاسَب في الآخرة.. على كل حال.

واعلم أنَّ تكليف الإنسان الأكبر هو الانسياق لهذه الحقيقة.

واعلم أن شجاعة الإنسان الأكبر في الرضا.. بل والفرح بهذه الحقيقة.
.

[سلمى محمد رزق]
هل تُدرِك كم من الصعب ألا تقول شيئًا في حين أن كل الأشياء بداخلك تتحدث؟

ج/ نعم،
ولذلك أدرك بؤس مَن تاه عن الله!
لأنه يعلم ما في نفوسنا جميعًا قبل أن ننطق به، بل قبل أن نشعر به نحن!
مَنْ خنقته العَبَرات، ومَن تعجز الحروف عن وصف حاله، ومَن لا يستطيع إلا التأوه بين جنبات الليل!

ولهذا كم تأسرني تلك الضراعات الخفية التي تلهج بها ألسنة الأنبياء من غير سؤال ظاهر أو طلب!
كأن لسان حالهم يقول: يا رب.. أنت تعلم ما بي أكثر مني.. فقد أغناني واسع علمك عن قصور سؤالي!

كقول أيوب عليه السلام: "رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين"

وكقول موسى عليه السلام: "رب إني لما أنزلت إليّ من خير فقير"

وكقول يونس في ظلمات الغم: "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين"

وكقول إبراهيم وهو مُقبِل على النيران: "حسبنا الله ونعم الوكيل"

وكدعاء سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم عند رجوعه من الطائف: "اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس .."

بل الله أعلم بالمرء من نفسه، وأعلم بهمومه منه، أما تسمع قول ربنا "ونحن أقرب إليه من حبل الوريد"؟!

وإنك لتدخل على الرجل فتجد مهمومًا مغمومًا كئيبًا، فتسأله: ما بك؟!.. فيقول لك: لا أدري! .. والله سبحانه يدري!

-الشيخ كريم حلمي
"فأرَدّتُ أن أُعيبها
فأَرَدْنَا أن يُبْدِلَهُمَا
فأرَادَ ربُّكَ أن يَبْلُغا


ما أجمل أن تدرك أنها كُلها "إرادَة الله" ، أي أنّ الله أراد بنفسه هذا ورَغِب فيه، وهذه لُغَةٌ عُلويَّة، جيئت في آيات التأويل لإبداء حكمة الله في القصص الثلاث وإزالة الرَّيب من النفوس، لكأن الله يُريد أن يُخِبرنا أنّ إرادَته تعمل في تقرير الخير دائمًا، مهما بَدا ظاهِره شرًّا مُبينًا."
"عند استذكار ومراجعة لحظات ومواقف شخصية معينة، من الإنصاف تجاه أنفسنا ألا نقسو عليها حتى لا نصل لمرحلة نكرهها فيها. يجب ألا نتجاهل المرحلة العمرية والظروف والسياق والمجتمع الذي كنا نعيش فيه. يكفينا اكتشاف أننا لسنا بذلك الذكاء الذي كنا نعتقده، وأن العالم والأحداث والأسباب والمؤثرات أعقد بكثير من فهمنا البسيط.

رحمتنا بأنفسنا لا تعني إنكار أخطائنا أو التغاضي عنها، فإنكار الأخطاء يعني حتمية تكرارها وربما الوقوع في ما هو أسوأ منها.

عندما نتجاهل سياق ومؤثرات حدث ما (الصورة، الصوت، الجماهير، الشعور، عمر الشخص وحالته الاجتماعية، إلخ)، يصبح الحكم على رأي أي شخص في ذلك الحدث سطحيًا ومجحفًا، لأننا نعتبره رأيًا قيل في فراغ تام.

إذا تجاوزنا مرحلة الشباب والحماس الانفعالي، ندرك أنه من الظلم محاكمة الناس على لحظات معينة في ماضيهم إذا لم يعودوا يعتزون بها اليوم. فكرة الحكم على الآخرين بحد ذاتها فكرة غير حكيمة. لو أخبرت شخصًا بأنني أرغب في تقييمه والحكم عليه، وعلى آرائه، لقال لي: من أنت؟ ولماذا؟ وبأي حق؟

ومع ذلك، نجد أن هواية معظم الناس اليومية هي تقييم الآخرين وإصدار الأحكام عليهم، ليشعروا بالرضا عن أنفسهم.

ما يهم حقًا هو من أنت اليوم. ما يهم هو نظرتك إلى نفسك وطريقة حكمك على نفسك. ما يهم هو صدقك مع نفسك. هل تغيرت لأن الظروف اختلفت؟ أم تغيرت لأنك ترغب في التصالح مع نفسك، وتعيش مع ذاتٍ تحبها وتحترمها؟ هل هو تغيُّر الجبان؟ أم تغيُّر الشجاع الذي قرر أن يعيش مع نفسه بأقل قدر من التناقض؟ الشجاع الذي قرر التوقف عن تقمص شخصية لا تمثله، وعدم الانشغال بأمور يعرف أنها لا تتسق مع طبيعته وقدراته؟ لا يعلم صدق وحقيقة تغيرك إلا خالقك ونفسك.

الحقيقة الصادمة التي اكتشفناها هي أننا نضعف ونعيش مثل غيرنا تحت ظروف وسياقات نعرفها أو نجهلها. الجيد في هذا الاعتراف هو أنه يدفعنا للتواضع أكثر. وليس هناك برأيي حياة أجمل وأنقى من حياة الصادق، المتواضع، المتصالح مع نفسه، والذي يحاول أن يبقي عاطفته متقدة مهما كان."
هل بدأت الاستعداد ليوم عرفة؟!

إن ذنوب المرء تحرمه من التوفيق في مواسم الطاعات، وقريب منا أيامٌ أغلى من الذهب. لذلك، من الضروري الاستعداد الإيماني والنفسي والجسدي لها من خلال الصوم، وكثرة الاستغفار، والتخفف من الذنوب، والصدقة، والالتزام بالصلاة وأدائها في وقتها وعلى أكمل وجه، وملازمة الأذكار.

كل هذه الأمور تعينك على حُسن استثمار أيام العشر وتهيئ نفسك لها. فقد قيل عن العشر الأوائل من ذي الحجة: "هي رمضان آخر في عام واحد." وقال كعب الأحبار رحمه الله: "اختار الله عز وجلَّ البلاد، فأحبُّ البلدان إلى الله عز وجل البلد الحَرام، واختار الله الزَّمان فأحبُّ الزُّمان إلى الله الأشهر الحرم، وأحبُّ الأشهر إلى الله ذو الحجة، وأحبُّ ذي الحجة إلى الله تعالى العشر الأول منه."

وقال ابن تيمية رحمه الله: "واستيعاب عشر ذي الحجة بالعبادة ليلًا ونهارًا أفضل من جهاد لم يذهب فيه نفسه وماله."

وقال رسول الله ﷺ: "ما من يومٍ أكثر من أن يُعتِقَ الله فيه عبادًا من النار من يوم عرفة." (صحيح مسلم).

ومن وجد الله منه خيراً وفقه لطاعته ومرضاته. فلنستعد لهذه الأيام الفضيلة بكل ما نملك من قوة، ونحرص على أن نجعلها مليئة بالطاعات والعبادات.
"لماذا أهمُّ صفة ترتكِز عليها العلاقات عامةً والزواج خاصةً هي المرجعيَّة الدينيَّة؟

• لأنَّه إذا اضطربتْ العلاقة وغابَ عنصر الحبِّ لن يستر عيوبك إلا مَن يتقي الله.

• لأنَّه في وقت الشِّقاق لن يعدل ويؤثر الحقَّ على الانتصار لِنفسهِ إلا مَن يتقي الله.

• لأنَّه إذا وقعَ بينكم نفور وعزمتُم الفِصال لن يُمسِك بِمعروف أو يُسرِّح بِمعروف إلا مَن يتقي الله.

ركيزةُ العلاقاتِ تقوى الله، وأي علاقة لا تدور حول التقوى لن ترتقها المشاعر مهما بلغت"
يُعلّمكَ الجميع كيف تبدأ؟ كيف تبدأ مشروعًا؟ كيف تبدأ علاقة ناجحة؟ كيف تخطّط لعامك الجديد؟ كيف تستقبل شهر رمضان!

لكن لا يخبرك أحد عن النهايات، كيف تُنهي علاقةً؟ كيف تُنهي مشروعك؟ وكيف تحافظ على علاقتك مع ربّك حين ينتهي شهر رمضان!

يقوم جزء كبير من العلاج النفسي على إيجاد (النهايات اللائقة) Closure

مثلًا: يفضّل البشر عند رفع درجة صوت التلفاز، أن يتوقّفوا عند أرقام مغلقة نسبيًا (30 أو 50 أو 75) ونكره أن نضع درجة الصوت عند (39 أو 17)

مثلًا: يرغب النّاس الذين يفقدون أحباءهم في الخارج بحضور الدفن، برؤية جثة الميّت.. هذه كلّها ممارسات صحية للإغلاق والنهايات اللائقة!

ما الذي يحدث حين لا نحصل على خاتمة جيّدة أو نهاية لائقة؟ نظلّ عالقين في شِباك التوقّع!

ماذا لو لم يمت مَن فقدنا حقًّا؟ ماذا لو قرّر تغيير اسمه وهويّته وابتدأ حياةً جديدة!

ماذا لو لم تنتهي العلاقة حقًّا؟ ماذا لو كان لدى الآخر ما يريد قوله! ماذا لو كان الآخر ما زال يحبّنا ويعشقنا!

نرى كثيرًا في العيادة النفسية مُراجعين لا يستطيعون مواصلة حياتهم، لأنّهم ما زالوا عالقين عند تجربة ماضية مؤلمة
يظلّ الناس واقفين مكانهم، بحثًا عن:

- اعتذار عن الأذى
- تفسير لما حصل
- وداع أخير

تعلّق مَرَضيّ.. يتركك أسيرًا

على المستوى الإدراكي، نعرف تبعات هذه الظاهرة على المستوى اليومي، يُطلق الباحثون في علم النفس على هذه الظاهرة اسم: "تأثير زيجارنيك" Zeigarnik effect

وهي أنّ التجارب غير المكتملة والأعمال غير المُنجَزة تظلّ عالقة في الذاكرة وأشدّ حضورًا بالذهن، أكثر بكثير من تلك التجارب المنتهية والأعمال المُنجَزة!

والأسوأ هي أنّها تظلّ تقفز من خلفية العقل إلى شاشة الوعي بشكل متكرّر بين الحين والآخر وتقاطع تفكيرك وتفقدك من تركيزك، لأنّك لم تقم بإغلاق ما كان ينبغي إغلاقه منذ وقتٍ طويل.

يحضرني هذا العطب السيكولوجي الشائع لدى البشر في حياتهم اليومية على مستوى العلاقات، العمل، الإدراك، الموت.. وأنا أتذكّر كيف اعتنى الإسلام بخواتيم المراحل وخواتيم الأعمال!

حرصت الشريعة على الإغلاقات الصحيحة والخاتمة اللائقة في دقائق الأمور حدًّا مُذهلًا!

فالدعاء الذي يطلب منك أن تسأل الله (مداخل الصدق) هو نفسه الذي يطلب منك أن تسأله (مخارج الصدق)

إذ يحدث كثيرًا أن تبدأ بدايةً صحيحةً بنواياك ومقاصدك، ثمّ تنحرف بوصلتك خلال المسير فتخرج مخرجًا لا يليق بك ولا بنواياك!

كان الإسلام حسّاسًا جدًّا لأنصاف الوضعيات في العلاقات، فهو يكره أن (تذروها كالمُعلّقة)

وأخبرك أنّ أفضل ممارساتك بالعلاقات دائمًا: الوضوح (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)

كما يدهشني أنّ الإسلام جعل (الفجور في الخصومة) من آيات النفاق وعلاماته!

فإذا أردتَ أن تعرف الشخص الطيّب من الدنيء، فانظر إلى أخلاقه عند الخصومة!

أقول هذا وأنا أرى أشخاصًا يهيمون باندفاعية بكامل أزماتهم التي يحملونها من تجاربهم السابقة، تلكَ التي لَم يُقيموا عليها حِدادًا واعيًا يليق بها، فصاروا مدفوعين بشراهة وعبثية لأنّهم لم يحظوا بالخاتمة التدريجية كما كان ينبغي أن يكون.

يعتني الإسلام بالنهايات وبعد النهايات، ينتهي شهر رمضان لكنّ الإسلام لا يرميك للفوضى

يقول لك: فلتقم بخاتمة تليق بأدائك السابق في رمضان.. صُم ستًّا من شوال! بالاختيار والتدريج والتقطّع أو كما تشاء، لكن لا تنقطع فجأة!

ولمّا عَلِم الحقّ منك وجود الملل: لوّن لكَ الطاعات!

وما أبلغ الشريعة وما أكثر واقعيتها حين تعترف بفترات الرخاء الخاصّة بك، حين تعترف بأنّك إنسان يتعب ويضجر، فاحترم هذا الضعف الذي فيك (علم أنّ فيكم ضعفًا)

وما أجمل الشريعة حين تعترف أنّك تعتريكَ أحوالٌ من النشاط والفتور، والهمّة والرخاء، والإقبال والإدبار
فوفصفها الرسول ﷺ:

إنَ لكلّ عملٍ شِرَّة ولكلّ شِرَّة فَترَة، فمن كانت شِرَّتُه إلى سُنَّتي فقد أفلح، ومن كانت فَترَتُه إلى غيرِ ذلك فقد هلكَ!

حديث عظيم! صكّ قانونًا بشريًّا: لكلّ عمل مهما كان، إقبال وإدبار، شغف وفتور، نشاط وكسل!

لذلك هو لَم يُعب عليكَ الفتور، ولكن عاب عليكَ الانحراف!

وهو لم يؤاخذك بالراحة، لكنّه نبّهكَ إلى شكلها!

وهو لم يحاسبك على الاستراحة، لكنّه يؤاخذك على التساهل فيها!

فقال: من كانت فَترتَه إلى غير ذلك.. فقد هلك!

ملمَح عبقري من نبيٍّ حكيم أوتي الحكمة وجوامع الكلم! أقول هذا وأنا أذكر مبادئ عامّة في علم النفس الأخلاقي حول دراسات (الرخصة الأخلاقية) Moral Liscense

وهو المنزلق الذي يقع به الأخيار والفضلاء حين يقدّمون كثيرًا من الخير والأعمال الجيّدة، فيبيحون لأنفسهم عقبها أن يتجاوزوا بعض التجاوزات الأخلاقية هنا وهناك، ظنًّا منهم أنّ لديهم رصيد أخلاقي طويل سيعفيهم من المُساءلة وسيبرّر لهم الانحراف!

الّلهم مدخل الصدق الذي ترضى، ومخرج الصدق الذي تحبّ!
وأنت تستعدّ ليومٍ مهيب عظيم كيومِ عرفة، لا تنسَ أن يصحب هذا الاستعداد أمورٌ لا تغيب على مؤمن، أذكُرها هنا من باب: (وذكِّر فإنَّ
الذكرى تنفع المؤمنين
)

- "إن الله لا يستجيبُ دعاءً من قلبٍ غافلٍ لاه"
‏ربما تسردُ في ذلك اليوم دعوات بمثقالِ الجبال، لكنّك في قلبك تشعرُ بأن حاجتك في يد فلان من الناس، وتفريج كربتك عند أحد آخر، وشفاؤك بفعل الدواء!
‏تلهجُ بالدعاء وقلبك يطوف بعيدًا، والواجب أن يكون يقينك بالإجابة أعظم من يقينك بالسؤال.

- استحضر ذنوبك واستغفر الله منها، اعترف لله بتقصيرك وظلمك لنفسك، قد يكون بينك وبين تحقيق ما تطلبُه ووقوع ما تتمنّاه، ذنبٌ ينتظر منكَ (توبة).

- (وابتغِ فيما آتاكَ الله الدار الآخرةَ ولا تنسَ نصيبكَ من الدُّنيا)

‏الكثير منا يغرق في مسائل الدُنيا، وينسى أن يطلبَ لآخرته، وفي هذا يُخشى على الإنسان أن يكون يقينه في المُشاهد من الدّنيا أعظم من يقينه في الغيب، فاسأل الله لآخرتك بقدر ما تسأله لدُنياك.

- اجعل دُعاءَك محفوفًا بالرجاءِ وحسن الظنِّ بالله، وبأنَّ الله لا يعجزهُ أن يعطيكَ مسألتك كاملة، وتذكّر الحديث القدسِيّ: "لو أنَّ أوّلكم وآخِركم وإنسَكُم وجنّكم قاموا في صعيدٍ واحد فسألوني، فأعطيت كل واحدٍ منهم مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلّا كما ينقص المخيطُ إذا أُدخل البحر"

أخيرًا:
‏من بديع كلمات ابن القيِّم -رحمه الله- قوله:
‏"الله سبحانه كلما سألته كنتَ أقرب إليه وأحب إليه، وكلما ألْحَحْتَ عليه في الدعاء أحبَّكَ"
‏• جلاء الأفهام/ ٣٤٤.
المواقعُ لن تتبخّر، والأصدقاء -الذين لا يحادثونكم أصلًا- لن يحادثوكم الآن، والأجواء المضطربة في العالم لن تستقر بوجودكم، والحروبُ لن تعلن توقّفها إن ظللتم مسايرين أحداثها..
الكونُ كما هو، دورانُ الأحداثِ كما هي، ولكن أحداثك؟
ستنقلبُ رأسًا على عقب، لن يموتَ بدونِك أحدٌ في ليلةٍ ونهارها، لن تتقطّع آواصر الرحمِ في عدم سؤالك عنهم في ذلكَ الوقتِ، ولكن نياطك ستتقطّعُ ندمًا إن فرّطت.

اعتزِل، ألقِ كل ذا وكل هؤلاءِ عرضَ الحائط، أغلق كلّ شيءٍ وتلحّف بثوبٍ من نورٍ الليلة، قُل لساعاتِ المزاج: قِفي! هو يومٌ، يومٌ واحدٌ فقط، وبعدها عُد للعالمِ الميؤوس منهُ ثانيةً لن يمنعكَ أحدٌ..

غدًا بدايةُ حلمٍ جديدٍ واقعهُ آتٍ -بحسنِ الظنّ- لا محالَة
{ادعونِي استَجِب}

لن يُطلقُ اللسانُ عبثًا، ولن يعرجَ القلبُ لأريجِ السماءِ هائمًا على وجههِ بلا قِبلة، ولن يُقذفَ الدعاءُ في كلّ جوارحكَ بلا فائدة.

اللهُ كريم، والكريمُ حينَ يُسألُ يعطِي، وحين يُسترجَىٰ يعفو، وحينَ يُطلبُ منهُ يلبّي!
اللهُ ودود، جعلَ ودّهُ للمؤمنين، وجعلَ محبّته لمَن أحبّه، وجعل تحنانهُ لمن لجأ إليهِ وعلمَ أنّ لهُ ربًا يأوي ويحمي وينصر ويرحم!
اللهُ غفُور، ومن يستغفره يُغفرُ له ولا يُبالي، وسعت رحمتهُ كلّ شيءٍ، غنيٌّ عنّا وعن عبادتنَا ولكنّه الحب!.. الحُبّ الإلهيّ،
ينادي ليغفر، يتودّدُ لعبادِه بالنفحاتِ وهو العزيزُ القويّ الذي لا يعجزهُ شيءٌ في الأرضِ ولا في السّماوات!

طُف بقلبِك في قيامٍ حول العرشِ، افترش بساطَ آيةٍ وتجوّل في عَرَض الرحمةِ والعزّة، تشَبّث بحبالِ النّورِ في {يغفرُ لمن يشَاء} مردّدًا [أنا يا ربّ! اجعلني ممن تشاء!]

سيقبلكَ بعيبك، بسوادكِ، بندوبكَ في القلبِ، بذنوبِ أعوامٍ مضَت، وبحملٍ ثقيلٍ، وبوجهٍ شاحبٍ ومقلتينِ شاخصتينِ من شدةِ النظرِ إلى ما حرّم، وروحٍ مُزهقةٍ من قِبلِ شهوةٍ تلو أخرىٰ
سيقبلكَ إن أبتَ وتُبت {نِعم العبدُ إنّهُ أوَّاب}

لا يقعدّنّك عن الإغترافِ يأسٌ، واللهِ ما أقعدَ اليأسُ عبدًا وفلحَ، ولا غلبَ اليأسَ عبدٌ إلا وفازَ فوزًا عظيمًا.

{الشيطانُ يعدُكم الفقرَ ويأمركُم بالفحشاءِ واللهُ يعدكُم مغفرةً منهُ وفضلًا}

لا تبرَح حتّى تبلُغ، ما نالَ المكارِمَ نائمٌ، ولا يستوي قائمٌ -في الدّجىٰ- وراقد!
.

-[رهام أشرف]
ومع بداية هذا اليوم المُبارك:

"ضُمّوا الأحبّة بالدُعاءِ لطالما
‏أغنى عن الوصلِ الكثيرِ دُعاءُ."
2024/06/16 07:54:11
Back to Top
HTML Embed Code: