Telegram Web Link
🔺﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تُبطِلوا صَدَقاتِكُم بِالمَنِّ وَالأَذى كَالَّذي يُنفِقُ مالَهُ رِئَاءَ النّاسِ وَلا يُؤمِنُ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفوانٍ عَلَيهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلدًا لا يَقدِرونَ عَلى شَيءٍ مِمّا كَسَبوا وَاللَّهُ لا يَهدِي القَومَ الكافِرينَ﴾.


🌾 فوائد من هذا المثل:

١- أن هناك أعمالا تتسرب من أحوال الكافرين إلى المؤمنين، ولهذا كان علينا أن نراجع أعمالنا، وننتفع بإرشادات ربنا، ونتابع نبينا صلى الله عليه وسلم، وليعلم أن كثيرا من أحوال الكافرين قد تسربت بالفعل إلينا.

٢- أن مراعاة نفوس الناس-أقوياء و ضعفاء، أغنياء وفقراء- من القربى إلى الله، فإن كنت قد وهبت هذه الصفة الحسنة فاحتسبها على الله، وإن لم تكن فجاهد في اكتسابها، لاتقل مايؤذي الناس لا جادا ولا مازحا، وتذكر أن قولا معروفا ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى.

٣-أن على المؤمن أن يطالب نفسه بتوحيد المادح.
لاتتكفف الناس وتطلب المدح منهم، فإن أهم صفات أهل الكفر طلب المدح من الناس.
أنت أيها المؤمن مايميزك هو الإخلاص، لاتريد إلا ثناء الله، إخلاصك هو الأساس لكل أعمالك. 

٤- أن نتفكر في الأرض، ونرى أنواعها، وأحوالها، وقابليتها للزراعة.
التفكر في الأرض يفيد العبد في فهم النصوص الكثيرة التي وردت في كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم عنها.

الأرض فيها مشابهة كبيرة مع النفس، والمؤمن يتفكر كيف أن أرضا إذا وضع فيها بذرة أنبتت سبع سنابل، في كل سنبلة مئة حبة، و أرضا تغر ، تظنها  صالحة للزراعة وهي ليست كذلك، ومن هذا التفكر في الأرض ينفذ إلى النفوس، ليجد أن هناك من قلبه غليظ قاس بمنزلة الصفوان، وصدقته ونحوها من أعماله بمنزلة التراب الذي على الصفوان، إذا رآه الجاهل بحاله ظنه  أرضا زكية قابلة للنبات، فإذا انكشفت حقيقة حاله زال ذلك التراب وتبين أن عمله بمنزلة السراب، وأن قلبه غير صالح لنبات الزرع وزكائه عليه، بل الرياء الذي فيه والإرادات الخبيثة تمنع من انتفاعه بشيء من عمله.


الدروس التربوية من الأمثال.
🔺من الثوابت التي نربي عليها أبناءنا عداوة الشيطان، ربنا أخبرنا بأنه عدو، وأمرنا باتخاذه عدوا، فلا نقبل بغير هذه الحقيقة، وننقلها باستمرار لأبنائنا .
🔺انشغال الذهن بالمفاهيم الإيمانية يقلل مساحة الشيطان من ابن آدم، فهو سلاحه الدعوة، مساحته هي الأفكار، فإن شغلت محل الفكر بحقائق الإيمان فقد ضيقت مساحة الشيطان .

لأجل هذا يقال لك دائما: لا تترك نفسك فارغا، أشغلها بالعلم عن الله، أشغلها بحقائق الآخرة، أشغلها بما ينفعها ففي ذلك أكبر إعانة لك على عدوك الشيطان.
لتسمّه عدوا!

📌فائدة لطيفة من مقارنة ألفاظ القصة في القرآن:

(فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ) البقرة
(فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ) اﻷعراف

كان أبونا نبيا يقف وزوجه على أرض الجنة،
يأكلان رغدا حيث شاءا،
فوسوس لهما عدوهما، فأزلهما.

زلّت القدم رغم صلابة الأرض!


كان أبونا نبيا يعيش وزوجه في جنة عالية،
يأكلان حيث شاءا رغدا،
فوسوس لهما عدوهما، فدلاهما بغرور.

أقسم واجتهد حتى أنزلهما عن رتبتهما العالية !

(فأزلهما)، (فدلاهما):

هذان اللفظان لهما أثر كبير في فهم الوسوسة:

تكون على أرض صلبة في عقيدتك، وحسن ظنك بالله، وثقتك به، متأكدا أنه سيفرج عنك، وسيرزقك بغير حساب، وسيجبر كسرك؛ فيأتيك الشيطان بخيله ورجله، يذكرك بفلان الذي لم تُفَرَّج كربته، وفلان الذي لم يُشفَ من مرضه، وفلان الذي لم يُوسَّع ضيقه، ولا يتوقف عن وساوسه حتى تزل قدمك رغم صلابة أرضك،

وانت غافل أن هذه أفكار عدوك وليست أفكارك؛
بل أنت غافل أصلا عن وجود عدوك لإيمانك بقوة (عقيدتك) وثباتها!

وهناك نوع آخر من عداوته:
تكون محلقا في سماء إيمانك، قد زرت الحرم واعتمرت، أو أكثرت من تلاوة القرآن، أو تصدقت فأغثت بصدقتك ملهوفا، فرفرفت روحك عاليا في السماء -والسماء موطنها وهناك سكنها، وحُق لكل مخلوق أن يسكن في موطن سكنه- ثم فجأة وأنت في العلو تجد أن مزعجا من أبسط المزعجات (دلاك) إلى الأرض؛ فتلتفت مستغربا، تحاول أن تفهم الذي حصل.

وأنت غافل أن عدوك يقلقله ماكنت فيه من الطاعة؛ 
بل أنت غافل أصلا عن وجود عدوك لإيمانك بصلاح (عملك)!

هذا فعله فينا نحن أبناء عدوه، وهو الذي لاينسى العداوة أبدا، ولايغفل عنها طرفة عين، ولايرضيه إلا أن يجرنا معه إلى عذاب السعير!

سيبقى عدونا عدوا لنا،  لن يأتيه  يوم يسالمنا، وما العجب إلا من شدة سعيه في عدائنا، وشدة ركوننا إلى مسالمته!


الله سماه عدوا!

بقي أن تسميه أنت عدوا!

بقي أن تعرف أن سهامه مصوبة لك ظاهرا وباطنا، فيزلك ويدليك.

بقي أن تتيقظ تماما للحفاظ على عقيدتك وعملك.
🔺 ﴿إِنَّ ٱلشَّیۡطَـٰنَ لَكُمۡ عَدُوࣱّ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوًّاۚ }

{لكم عدو}: يعني متخصص بعداوتكم، ليس له عمل آخر، فلا تتجاهلوا وجوده، وعمله فيكم، ولا تخطئوا فتخرجوه من حساباتكم، وتفسير مايحصل معكم من أمور، فإن تذكر عداوة الشيطان يهون علاج مايقع على العبد من الأمور المؤلمة، بل يقطع نصف طريق العلاج، وكذلك يصحح تفسير كثير ما يمر به العبد من أفكار، ولتكن قصة يوسف عليه السلام لكم نموذجا في تفسيره وتفسير أبيه للحدث العظيم الذي حصل معه، حين قال له أبوه عليه السلام:

﴿یَـٰبُنَیَّ لَا تَقۡصُصۡ رُءۡیَاكَ عَلَىٰۤ إِخۡوَتِكَ فَیَكِیدُوا۟ لَكَ كَیۡدًاۖ إِنَّ ٱلشَّیۡطَـٰنَ لِلۡإِنسَـٰنِ عَدُوࣱّ مُّبِینࣱ﴾ [يوسف ٥]

ثم في نهاية القصة المؤلمة قال يوسف عليه السلام:
{ وَقَدۡ أَحۡسَنَ بِیۤ إِذۡ أَخۡرَجَنِی مِنَ ٱلسِّجۡنِ وَجَاۤءَ بِكُم مِّنَ ٱلۡبَدۡوِ مِنۢ بَعۡدِ أَن نَّزَغَ ٱلشَّیۡطَـٰنُ بَیۡنِی وَبَیۡنَ إِخۡوَتِیۤۚ}.
🔺{إِنَّمَا یَدۡعُوا۟ حِزۡبَهُۥ لِیَكُونُوا۟ مِنۡ أَصۡحَـٰبِ ٱلسَّعِیرِ﴾ [فاطر ٦]

تخيل لو أن رجلا يقف في طريق الناس، يتعرض لهم كي يسألوه عن الطريق، فيسألونه، فيجيبهم بأن الطريق من هنا، فيسيرون فيه، فيقعون في حفرة، فيضحك عليهم، ويستمتع بوقوعهم، وآلامهم،وخيبة آمالهم.

هذه بالضبط هي حالة الناس مع الشيطان، يدعوهم ليكونوا من أصحاب السعير، ويستمتع بوقوعهم، وآلامهم، وخيبة آمالهم.
🔺 مجرد فهم الإنسان لأثر الشيطان عليه ووسوسته له يوفر عليه نصف طريق العلاج من الأمراض الوسواسية.
🔺{إِنَّمَا یَدۡعُوا۟ حِزۡبَهُۥ لِیَكُونُوا۟ مِنۡ أَصۡحَـٰبِ ٱلسَّعِیرِ﴾ [فاطر ٦]

أخطر الرؤى الخاطئة التي تدخل علينا هي مايتحول أصحابها إلى (حزب)، وذلك لأنهم يتحولون إلى إبراز أنفسهم من خلال هذه الفكرة، مما يجعلهم يحاربون الحق لأجل ذلك.

ولهذا كن في أشد الحذر من أن تكون في حزب الشيطان، واعلم أن الإنسان يصبح من جند الباطل يحارب باسم الدين وهو لا يشعر .

كلمة (حزب) كلمة في غاية الأهمية، وقد ذكرها الله تعالى في القرآن مرة مع نفسه الكريمة فقال:  {حزب الله}، ومرة مع الشيطان فقال: {حزب الشيطان}، ووردت مقترنة مع الولاء والبراء، وهذا يعرفنا أنه إما ان تكون في حزب الله أو تكون في حزب الشيطان، ونقطة الارتكاز عند الشيطان هي أن يحول الإنسان من حزب الله إلى حزب الشيطان، وقد يصبح في كثير من الأحيان يظن نفسه ينصر الدين وهو في الحقيقة لاينصر الدين، بل ينصر نفسه وحزبه الذي تحزب معه على الفكرة،  ينصر مكان عمله وليس الهدف الذي دخل المكان من أجله.

والسبب الرئيسي لوقوعه في براثن الشيطان هو تركه لطلب الهداية من الله في أموره، يظن أن الصواب واضح، والخطأ واضح، وأنه يعرفهما لوحده، وينسى أنه بالأصل ضعيف، وعدوه متربص له، فيركن لنفسه وربه يقول له: { فاتخذوه عدوا} ، أي استفرغوا جهدكم في اتخاذه عدوا، تحرزوا منه غاية التحرز، وذلك بالاستعانة بربكم في شؤونكم، وطلب الهداية في صغيرها وكبيرها، والتعرف على عدوكم وخطواته وعاقبة اتباعه.
🔺 { إنَّمَا یَدۡعُوا۟ حِزۡبَهُۥ لِیَكُونُوا۟ مِنۡ أَصۡحَـٰبِ ٱلسَّعِیرِ﴾ [فاطر ٦]

هناك مسؤولية كبيرة تقع على عواتق المربين وهي: بيان الطرق التي يفتحها لهم الشيطان لأبنائهم، وبيان خطواته، وبيان أن اتباع خطواته مآلها حتما العقوبة، بأنواعها النفسية والبدنية والدينية، فهي توقعهم في أشد الخسارات.

وليلحظ المربون حديث النبي صلى الله عليه وسلم: " فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية" في أبنائهم وفيمن يربون.

ليلاحظوا انفرادهم في فكرة ما، أو في سلوك ما، فإن الخطر من الشيطان على من انفرد أكبر.
🔺﴿وَمَثَلُ ٱلَّذِینَ یُنفِقُونَ أَمۡوَ ٰ⁠لَهُمُ ٱبۡتِغَاۤءَ مَرۡضَاتِ ٱللَّهِ وَتَثۡبِیتࣰا مِّنۡ أَنفُسِهِمۡ}

هذا مثل ضربه الله تعالى للذين ينفقون أموالهم وهم يتمتعون بهاتين الصفتين: ابتغاء مرضاة الله، وتثبيتا من أنفسهم.

ولكي نفهم هاتين الصفتين جيدا نبدأ بما يقابلهما، فنقول:

هناك آفتان  يمكن أن تطرآ على الإنفاق:

•• إحداهما أن يطلب الإنسان بنفقته الثناء من الناس، أو أن يريد غرضا من أغراض الدنيا، ينفق كي يمدحه أحد، و يخرج اسمه في وسائل التواصل، ويشار إليه بالبنان، أو لأجل أن يعرف عنه أن هذا مسلكه فيرشح أن يمسك الأعمال و البرامج  فيستفيد غرضا من الدنيا، أو أمثال هذه الأغراض.

•• والآفة الثانية ضعف النفس وترددها، يتردد مابين أن ينفق أو لا ينفق.

ماعلاج هاتين الآفتين؟

رب العالمين أخبرنا أن الآفة الأولى تزول بأن تزكي نفسك بابتغاء مرضاة الله، وعلى هذا، وكي تكون نفقتك مقبولة راجع مقصدك دائما، من تريد بهذه الصدقة؟ تريد أن ترضي من؟ لا تفعل الأفعال كأنك آلة تقوم بعمل روتيني، حدث نفسك أنك تريد رضا الله، وإذا حدثتك نفسك عن غير الله ارجع عليها باللوم، وقل لها: من هم هؤلاء؟   ماذا يساوي مدحهم؟ قل لها: يا لخسارة من ينفق لأجل أن يكتب له سطر عند أهل الدنيا غدا يمحى، وبأقل شأن ينسى!
كن واضحا مع نفسك، لا تتركها تتلون وتتقلب داخلك دون أن تعترض عليها.
إذا أخرجت لك رأس طلب الثناء فاعلم أنها رأس أفعى قد سلطها الشيطان عليك، فبادر إلى قطعها، اذبح طلب الثناء من الخلق بطلب ثناء الله سبحانه وتعالى، لا تنس آية الكرسي وما فيها من كمال صفات من يستحق الإنفاق له، وأنه لا إله إلا هو، لا تنس أن له ملك السماوات والأرض، لا تنس أنه هو الحي القيوم والناس لا يقومون إلا بما يقيمهم الله، ناقش نفسك في عدم استحقاق الخلق للالتفات إليهم، وقد قيل فيما قيل من كلام السلف: من عرف الناس استراح، فلا يطرب لمدحهم، ولا يجزع لذمهم، فإنهم سريعو الرضا، سريعو الغضب، والهوى يحركهم.

فإذا نصرك الله بعد أن ناقشت نفسك وجادلتها وناجيت ربك واستعنت به على نفسك، فانظر إلى الآفة الثانية، وهي حصول التردد في الإنفاق، والتردد يحصل لأن الإنسان يحب ماله من جهة، ويحصل لأنه لايستحضر أنواع الثواب التي ذكرها الله ورغبنا بها. 

أما عن علاج هذه الآفة فيكون بتثبيت النفس، وتشجيعها وتقويتها.
أخبرها أن باب الصدقة باب لتزكية النفس فلا تترددي يانفس.

عرفها أن الناس في كل بذل ما بين شجاع و جبان؛ في بذل المال أو العلم أو الجهد أو النفس أو أي شيء، فلا ترضي بالجبن دون الشجاعة، لاترضي بالذي هو أدنى وتذري الذي هو خير.

عرفها أن الشجاعة والقوة تجعل الإنسان يقبل على البذل، وهذا هو صدقها، وأن طلب مرضاة الله وحده وإرادة وجهه هذا هو إخلاصها، فإذا أتى الإنفاق من نفس تريد وجه الله، وتقدم على الإنفاق إقدام الشجاع الذي لا يتردد ستكون صورتها صورة هذا الذي ضرب له المثل، وحينها فلتبشر هذه النفس أنها مع كل إنفاق تزكو وتطهر وتكون داخلة في هذه المضاعفة التي يضاعفها الله لمن يشاء.

الدروس التربوية من الأمثال.
تم بفضل الله رفع تفريغ دروس سورة الحشر

https://anaheedblogger.blogspot.com/2024/02/1445_28.html
🔺شهر رمضان كأنه تفرغ وجداني للقرآن، تسلم نفسك لحقائقه كي تؤدبك وحدها دون تخليط مع غيرها.
🔺{ الذين كفروا} و { الذين آمنوا}

الكفر في اللغة هو التغطية، فحين تسمع في القرآن: {الذين كفروا} تيقن أن هؤلاء كانت الحقائق تناديهم وهم غطوها، بعكس {الذين آمنوا}، فأهل الإيمان لايغطون الحقائق الإيمانية، إنما يؤمنون بها، ثم يبنون حياتهم على نظام تجديد العلاقة معها باستمرار، يجلون بها معادنهم، يغسلون بها غبار الأفكار وقاذورات النفوس، يسلمون أنفسهم لها دون غيرها كي تؤدبهم، وتنتج لهم زكاء الفكر والعمل، ولهذا يقترن مع وصف {الذين آمنوا} وصف {وعملوا الصالحات}، فهذه الأعمال الصالحة هي ناتج علاقتهم المستمرة مع حقائق الإيمان، وهي في نفس الوقت تجلي الغبار عن زجاجتهم التي يرون من خلالها العالم.
🔺﴿وَمَثَلُ ٱلَّذِینَ یُنفِقُونَ أَمۡوَ ٰ⁠لَهُمُ ٱبۡتِغَاۤءَ مَرۡضَاتِ ٱللَّهِ وَتَثۡبِیتࣰا مِّنۡ أَنفُسِهِمۡ كَمَثَلِ جَنَّةِۭ بِرَبۡوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلࣱ فَـَٔاتَتۡ أُكُلَهَا ضِعۡفَیۡنِ فَإِن لَّمۡ یُصِبۡهَا وَابِلࣱ فَطَلࣱّۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرٌ﴾ [البقرة ٢٦٥]


هذا مثل ضربه الله عز وجل لمن يبذلون أموالهم في وجوه الخير والبر دون منّ ولا أذى، إنما مقصودهم أن ينالوا مرضاة الله سبحانه وتعالى، وقد بذلوا أموالهم عن إيمان ويقين بوعد الله تعالى أنه يثيب المنفقين، وأنه الواسع العليم، وأنه الشكور. 

ضُرِب لنفقة هؤلاء مثل كبستان كثير الأشجار والظلال، وهو في مكان مرتفع - والمكان المرتفع تربته أخصب ونتاجه أفضل- وتسقى هذه الربوة من ماء السماء، فإما يصيبها مطر غزير فيتضاعف نتاجها، أو يصيبها مطر خفيف لكنه بسبب طيب منبتها يكفيها لتنتج ثمارها الطيبة.

  هذه هي الصورة الحسية للمثل، والذي يطلب منك بعد تصورها هو أن تنفذ منها إلى النفقة، فالنفقة التي مصدرها الإخلاص لله، وتخرج عن قوة من نفس المنفق، تخرج بانشراح صدر ليقينه بوعد الله، هذه تشبه البستان في ارتفاعه، وتشبه البستان في إنتاجه.

ما وجه الشبه؟

  وجه الشبه هو طيب المحل الذي أنتج طيب الثمرة، فقاعدة إنفاقه الإخلاص والصدق، وهذه القاعدة تطيِّب النفقة قليلة كانت أو كثيرة، فالنفقة مثل البذرة، ومقصدك من ورائها، وأخلاقك، وأوضاعك النفسية وقت الإنفاق مثل الأرض، إذا وضعت النفقة في أرض طيبة تكون طيبة، وإذا وضعت النفقة في أرض غير طيبة لاتكون طيبة، بل تكون كصفوان عليه تراب أقل مطر يتركه صلدا.

ومن هنا يتبين لك أن معالجاتك النفسية وقت القيام بالأعمال عموما وبالنفقة خصوصا تطيب أعمالك البدنية والمالية، فلا تعمل وكأنك آلة، بل اعمل وأنت تفكر في رضا الله، وتحرر مقصدك من أي إرادة لسواه، واعمل وأنت تقوي وتشجع وتثبت نفسك بنصوص الوعد ومضاعفة الأجور. 

الدروس التربوية من الأمثال
🔺 {وَمَثَلُ ٱلَّذِینَ یُنفِقُونَ أَمۡوَ ٰ⁠لَهُمُ ٱبۡتِغَاۤءَ مَرۡضَاتِ ٱللَّهِ وَتَثۡبِیتࣰا مِّنۡ أَنفُسِهِمۡ كَمَثَلِ جَنَّةِۭ بِرَبۡوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلࣱ فَـَٔاتَتۡ أُكُلَهَا ضِعۡفَیۡنِ فَإِن لَّمۡ یُصِبۡهَا وَابِلࣱ فَطَلࣱّۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرٌ﴾ [البقرة ٢٦٥]


من أهم فوائد هذا المثل معرفة أن معالجاتك النفسية وقت القيام بالنفقة تطيب نفقتك، لهذا لا تتصرف كأنك آلة مع الأعمال، وإنما تصدق وأنت تفكر في رضا الله، وتناقش نفسك كي لايكون لك مقصد سواه.

تصدق وأنت تفكر في مضاعفة الأجور كي تعالج تردد نفسك، ذكر نفسك بحديث أن "مَنْ تصدَّقَ بعدْلِ تمرَةٍ مِنْ كسبٍ طيِّبٍ، ولَا يقبَلُ اللهُ إلَّا الطيِّبَ، فإِنَّ اللهَ يتقبَّلُها بيمينِهِ، ثُمَّ يُرَبيها لصاحبِها كما يُرَبِّى أحدُكم فَلُوَّهُ، حتى تكونَ مثلَ الجبَلِ" فربك يربي لك ما أنفقته حتى يكون مثل الجبل حجما وثقلا يوم القيامة. 

  أخبر نفسك أن المال مال الله، وأننا نعطي القليل فيضاعفه الله.

ذكر نفسك بأننا نثق بعوض الله، وبأنه تعالى يسد لنا الحاجات.

أنفق في الخير كي لا تجد نفسك صارفا لهذا المال فيما يضرك، و لا تهمل أن تطلب من الله أن يزكي قلبك وأنت تنفق كي تصبح حديقتك غناء .

الدروس التربوية من الأمثال
🔺 { مودة بينكم}

الأحزاب مبنية على مودة شيء ما، يجتمع أصحاب الحزب عليه ويرونه حسنا، ولايقبلون النقد فيه، ولا نصح الناصحين.
🔺﴿أَیَوَدُّ أَحَدُكُمۡ أَن تَكُونَ لَهُۥ جَنَّةࣱ مِّن نَّخِیلࣲ وَأَعۡنَابࣲ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُ لَهُۥ فِیهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَ ٰ⁠تِ وَأَصَابَهُ ٱلۡكِبَرُ وَلَهُۥ ذُرِّیَّةࣱ ضُعَفَاۤءُ فَأَصَابَهَاۤ إِعۡصَارࣱ فِیهِ نَارࣱ فَٱحۡتَرَقَتۡۗ كَذَ ٰ⁠لِكَ یُبَیِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلۡـَٔایَـٰتِ لَعَلَّكُمۡ تَتَفَكَّرُونَ﴾ [البقرة ٢٦٦]


هذا المثل مضروب لمن عمل عملا لوجه الله تعالى من صدقة أو غيرها ثم عمل أعمالا تفسده، والصورة الحسية التي يراد منا تأملها أولا هي هذا البستان وصاحبه، وهي كالتالي:

شخص يملك جنة (بستانا) فيها من كل الثمرات،  وفيها الأنهار الجارية التي تسقيها من غير مؤنة، وكان صاحبها قد اغتبط بها وسرته، ثم إنه أصابه الكبر فضعف عن العمل وزاد حرصه، وكان له ذرية ضعفاء ما فيهم معاونة له، بل هم كلّ عليه، ونفقته ونفقتهم من تلك الجنة، فبينما هو كذلك إذ أصاب تلك الجنة إعصار، وفي ذلك الإعصار نار فاحترقت، فلا تسأل عما لقي ذلك الذي أصابه الكبر من الهم والغم والحزن، فلو قدر أن الحزن يقتل صاحبه لقتله الحزن.

هذه صورة المثل الحسية التي يراد منا أن نتصورها ثم ننفذ منها إلى الصورة المعنوية التي ضربت لأجلها، فما هي تلك الصورة؟

نمثل على الإنفاق، فنقول:

صاحب هذا البستان يمثل شخصا أنفق ابتغاء مرضاة الله، وتَرَجَّى المضاعفة من الله، وتأمل أن الله يربي له صدقته، ثم أتى بعد هذا بإعصار كإعصار المن والأذى فهدم به تلك الأجور وأفسدها، فحين يقدم على الله يوم القيامة، وفي الوقت الذي هو أحوج مايكون إلى الحسنة الواحدة، وهو عاجز أن يزيد في عمله لأن الميدان انتهى يفاجأ بأن حسناته قد تلاشت أمام عينيه، فما أعظم حسرته، وما أشد غبنه وحزنه!

  أمر في غاية الإخافة، ولو علم الإنسان وتصور هذه الحال وكان له أدنى مسكة من عقل لم يقدم على ما فيه مضرته ونهاية حسرته، ولكن ضعف الإيمان والعقل وقلة البصيرة يصير صاحبه إلى هذه الحالة، ولهذا أمرنا تعالى بالتفكر وحثَّ عليه، فقال: { كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون}

الدروس التربوية من الأمثال
🔺هناك ثلاثة أمور لابد أن نقررها حين نسمع عن أفعال الله المتعلقة بالمشيئة، مثل:  يهدي من يشاء، يضل من يشاء، يرزق من يشاء… الخ

١- أن نعتقد أن هذه المشيئة مقرونة بالعلم والحكمة دائما، فالله تعالى له كمال الصفات، وأفعاله ليست مجردة عن الحكمة، بل هو الحكيم الخبير سبحانه.

٢- بالنسبة لموضوع الهداية والضلال خاصة نقول:  لايناقش موضوع الهداية والضلال من جهة كونه قضاء وقدرا، فهذا سر عند الله لا أحد يعلمه حتى يحتج به، وإنما يناقش من جهة كونه اختيارا للعبد وكسبا، فالله سبحانه قد مكن العبد من اختيار الهداية، ومكنه من اختيار الضلالة.

٣-  أن من أقبل على الهداية فالله يهديه هداية التوفيق، فلا أحد يوفق لهذه الهداية إلا الله، ومن أعرض عن الهداية يضله الله، وذلك عدل منه سبحانه وحكمة، فهو سبحانه يضع الهداية في مكانها اللائق بها، ومن يقدم نحو الهداية ولو بمقدار ذرة ينفعه الله بها.

من مدارسة سورة فاطر اللقاء العاشر.
🔺 الفطرة قوة تمكن الإنسان من معرفة الحق، مثلما أن البصر قوة تمكن العين من الإبصار، والسمع قوة تمكن الأذن من السمع، لهذا لا بد من العناية الشديدة بالفطرة في كل أطروحة تربوية.
🔺من فضائل الصلاة على النبي في يوم الجمعة أن من صلى عليه صلاة صلى الله عليه بها عشرًا، وهذا ما جاء به الحديث، فعَنْ أَنَسٍ قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

"أَكْثِرُوا الصَّلَاةَ عَلَيَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةَ الْجُمُعَةِ؛ فَمَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ عَشْرًا".
2024/05/21 21:04:47
Back to Top
HTML Embed Code: