Telegram Web Link
جديدنا في مدونة علم ينتفع به💡
https://anaheedblogger.blogspot.com/?m=1
سلسلة تعظيم الأشهر الحرم 《١》

لقد اقتضت رحمة الله تعالى بعباده المؤمنين
-أن يربيهم فيحسن تربيتهم
-وأن يأخذ بأيديهم في طريقهم إليه  ؛
لعلمه بضعفهم والتواء نفوسهم ورضوخهم تحت نيرها،

فكان من حكمته سبحانه أن يخرجهم من مدرسة ويدخلهم في أخرى  يتروضون فيها على التحرر من ذل ذاك الرضوخ، ويعتادون الارتقاء إليه بقلوب مطهرة ، مستفيدين غاية الاستفادة مما يفرضه عليهم من أدوات تعينهم على تحقيق هذا المقصد العظيم،
وها أنت ترى أنهم ماكادوا يخرجون من مدرسة رمضان العظيمة قاطفين ثمرته الكبرى ألا وهي( التقوى ) والتدرب على التقوى  حتى أدخلهم سبحانه مدرسة الأشهر الحرم وأنبأهم بحرمتها وبمضاعفة الأجر فيها، وبتعظيم السيئات فيها; ليستطيع الواحد منهم شدّ إزاره، والاجتهاد فيها أكثر مايستطيع،
ثم ليكون ذلك دربة له في باقي الأشهر؛
فإذا اتقى الله تعالى ، وجاهد فيها وجد نفسه في سائر الشهور متقيا محترسا متيقظا قد صار له ذلك عادة وسجية .

قال الماوردي : ليكون كفهم فيها عن المعاصي ذريعة إلى استدامة الكف في غيرها توطئة للنفس على فراقها مصلحة منه في عباده ولطفا بهم .

فلتحذر أيها المسلم مِن أن تجد نفسك قد حملت من الآثام في أشهر قلائل، ما قد يحمله عتاة العصاة في سنوات لأجل  أنك فعلتها في هذه الأشهُر الحرم!

ولتحذر أيها المسلم من أن يكون حظك منها هو الاعتراض والتساؤل :

لم حُرِّمت هذه الأشهر دون غيرها ؟! لم مُيّزت هذه الشهور دون غيرها ؟!
فإن لله أن يصطفي من شهوره مايشاء، كما له أن يصطفي من خلقه مايشاء؛
فليكن همّك فيها همّ كل عاقل علم أن ربه حكيم فسلّم لحكمته، وجعل سؤاله عنها سؤال العقول السليمة التي تتعامل مع الأشياء النافعة بصورة الانتفاع لا بصورة الاعتراض;  فخاطب نفسه قائلا :

كيف أغتنم غنيمتها؟

كيف أقطف ثمرتها ؟

كيف أقبَل منّة ربي علي فيها ؟

ربك الذي جعلها لك  محلاًّ لمضاعفة الأجر، وخوّفك  فيها من عظم الوزر ؛ يقويك بذلك على نفسك، ويعلمك أنك تستطيع التقوى، والمتاجرة، والربح

فاجتهد في الطاعة كما ينبغي
وتخير من عظائم الأمور أكثرها أجرا؛ فاملأ بها وقتك، وأفرغ فيها جهدك
فلعلك أن تفوز بأجور السنين في قليل من الشهور  .

فإن قلت : قد تبين لي حرمة هذه الشهور وعظيم شأنها فكيف أفعل ؟

قيل لك:
أول ماينبغي عليك مراعاته والاعتناء به هو أن تكون معظما لما عظم الله، فإن تعظيمك له دليل تقواك،

قال تعالى :
(ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب).

وعلى القلوب مدار الأمر;  فإنك إن دخلت الشهر الحرام معظما، وجمعت إلى ذلك العمل الصالح;  فقد أعطيت نفسك حظها من الإنصاف والتكريم، وأخرجتها من الظلم الذي نهاك عنه مولاك قائلا لك:
(فلا تظلموا فيهن أنفسكم)!
يوصيك سبحانه بنفسك ؛  فلا تغفل عن وصاياه !

واعلم أن الظلم هنا له شقان :

* تظلم نفسك وتجني عليها حين تفوت العمل الصالح في الزمن الفاضل .

* وتظلم نفسك وتجني عليها حين تعمل المحرمات في زمن سماه ربك حراما، لعظم حرمته، وحرمة الذنب فيه.



https://www.tg-me.com/zadaltareq/1096
Forwarded from زاد الطريق
سلسلة تعظيم الأشهر الحرم《٢》

فإن قلت: قد تبين لي وجوب تعظيمها؛ فما هي صورة هذا التعظيم ؟

قيل لك:
لا يطلب منك أن تأتي بأمور جديدة؛ بل أظهر لربك اهتمامك بما يلي:

🔹(بفرائضه) عليك أولًا، وأهم ذلك : الصلاة :

* اعتن بتكبيرة إحرامها؛ فبتلك التكبيرة تنعقد صلاتك، ولك أن تتصور شأن ما به تنعقد الأمور.

* اعتن بفاتحتها، واستبشر بكلامك مع ربك فيها، ربك الذي علمك كيف تخاطبه وبم تخاطبه وماذا تطلب منه !

هو يعلم أنك بأمس الحاجة لهذا الطلب ؛ فاطلبه طلب المحتاج لا طلب المستغني !

* أطل ركوعك وعظم فيه معبودك كما أمرك نبيك صلى الله عليه وسلم.

* أطل سجودك، وأظهر فيه حاجتك لتقريبه لك، ولتعليمه لك ، ولتبصيره لك، ولفتحه الباب لك، ولقبوله لك.

🔹ثم سد خللها (بالنوافل) :

لاتستهن أبدا بالنوافل؛ فإنها سبب للولاية فيكون الله سمعك الذي تسمع به، وبصرك الذي تبصر به!
بهذا النظرة انظر إليها.

* ثم سبح بعد الصلوات؛ فإن للتسبيح شأن لو جئت تجمع ماقيل فيه في القرآن والسنة لثار منك العجب.

يتبع
Forwarded from زاد الطريق
سلسلة تعظيم الأشهر الحرم 《٣》

🔹 (اجتنب المحارم) :

تعظم الذنوب في هذه الأشهر من جهتين :
من جهة الذنب نفسه
ومن جهة عظمة الشهر

فعليك أن تستحضر هذا كلما لاحت لك المعاصي بصورتيها :

* المخطط لها (تفكر مليا وتخطط لها)
* وغير المخطط لها (تفجؤك فتقع فيها)
ولاشك أن الذنوب المخطط لها هي الأشد خطرا، والأصعب علاجا، وهي ناتج قسوة في القلب قد ترعرت وسقيت وغذيت، ولهذا ستحتاج منك إلى قوة استغاثة بالله، وقوة( تقوى) وحسن استفادة من تخويف الله لك حين عظم العقوبة عليك في هذه الأشهر ؛ فإن في هذا التخويف رحمة - وأي رحمة- لو وجدت منك قلبا مصغيا .

أما الذنوب غير المخطط لها فتوسل إلى الله أن يحميك منها، واعتصم به يمنعك.
ألم يخبرك أنه مولاك ؟
ألم يخبرك أنه  (نعم المولى ونعم النصير )؟!
ألم تنتبه أن من ولايته لك أن ينبهك ..أن يذكرك ...
فقد يرفع الأذان مثلا وأنت على ذنبك؛ فتنبه أنه تنبيه ..لاتهمله ..لاتتركه فيتركك..!
الله يحرك قلبك فتحرك له ..لاتجمد فليس الآن زمن الجمود.


سلسلة تعظيم الأشهر الحرم《٤》والأخير.

🔹(أد الحقوق) :
حقوق الزوج ...حقوق الأبناء..حقوق الأرحام...حقوق الجيران والمسلمين جميعا ..

ابتعد عن المظالم جميعها  ومن أعظم الظلم للنفس إطلاق الألسن في أعراض المسلمين لأن ذلك يوردها مهالك الدنيا والآخرة .

🔹  (انتبه لخواطرك) :

الخواطر مبدأ الأخطار ؛ فاحبس  نفسك عن إيرادها، وأكثر من الذكر يطردها، واعلم أن اللغو الفكري من أعظم أنواع اللغو الذي يؤثر على صلاتك وسائر حياتك  .

وإن طلبت جامعا لكل ما ذكر فعليك أن تعلم أنه يلزمك كي لاتقع في الظلم في الأشهر الحرم أن تكون معظما لها ،

وأن تعلم أن التعظيم يكون :

بزيادة التقوى ،

وبالاجتهاد في العمل الصالح  .

وفقنا الله وإياك لتعظيم مايعظم ربنا، وجعلنا ممن يعجلون ليرضى.
🔺 الأشهر الحرم

اجعلها مميزة في قلبك، مميزة في حياتك.

إن مجرد تعظيمها قربة إلى الله، ولو قضيت الوقت الأكبر منها في حبس نفسك على تعظيمها لكان في ذلك خير كثير.

كلنا مسافرون.. ومحطتنا الأخيرة عند رب العالمين، ومثل هذه المواسم تختصر الكثير الكثير من وعورة الطريق؛ فبادر وتلق هبات الله بالتعظيم فهي أهل للتعظيم.
🔺 سنوات التربية سنوات مرابطة للوالدين، ولذلك الأم وقيمتها الكبيرة وأجرها العظيم كثير منه إنما هو لأجل أنها مرابطة على أعظم الثغور، والمرابطة تستلزم منها أن تعرف ماذا ستقول، وكيف ستربي، وهذه المعرفة ليست كلاما تحفظه، بل هي معان تعيشها ثم تنقلها، ثم المتربي في لحظة إدراك سينتفع بها، فلا تستعجل أيها المربي، فالعجلة من أكبر أخطاء التربية.

🔺الخوف أهم مشاعر الطفولة فلابد من استثمار هذا الخوف لتخريج إنسان يشعر أن وليه الله تعالى، أيها المربي لابد أن تعد المتربي ليكون إنسانا وليه الله، ليكون عبدا يشعر بمعنى الألوهية.

التربية للغد.
بعض الناس يتهمنا بالوقوع تحت نظرية المؤامرة، ويوحي لنا أنه لا شيء عندنا يجعل أهل الكفر يشعرون بوجودنا، فضلا عن أن يلتفتوا لعداوتنا، وإلى هؤلاء نقول:

هذا كلام الله، لا كلامنا : 

{ كُنتُمْ (خَيْرَ أُمَّةٍ) أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ * لَن يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى}

أمة الإسلام خير أمة، شاء من شاء،  وأبى من أبى، فماذا يريد أهل الكتاب لخير أمة، وهل هم حقا غافلون عنها، وعن حسدها، وعن عداوتها؟

ننظر لكلام الله عن نياتهم ومشاعرهم تجاهنا:

🔸••🔸 أولا:  ننظر ماذا يود أهل الكتاب لنا، ومدى حبهم لنا : 

{ (ما يَوَدُّ) الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ولَا الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ }


{ (ودَّ) كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا (حَسَدًا) مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ }


{ (وَدَّت) طَّائِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (٦٩)}

{ ها أَنتُمْ أُولَاءِ (تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ) } !!!


🔸••🔸ثانيا:   ننظر على أي شيء يعض أهل الكتاب أناملهم :

{ ها أَنتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا

(عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ)!!!

قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (١١٩)}.


🔸••🔸ثالثا:  ننظر متى يفرح أهل الكتاب، ومتى يساؤون:

{ إن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ (تَسُؤْهُمْ) وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ (يَفْرَحُوا) بِهَا ۖ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ۗ إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ } !

هل بعد هذا البيان بيان؟!

من مدارسة سورة آل عمران
🔺 دور المربين مع الأطفال أن يلقنوهم منذ نعومة أظفارهم كلمة (لا إله إلا الله)، وأن يسقوهم ويكرروا عليهم معانيها، لأن أرض قلوبهم تكون لينة وسهلة، وفيها قدرة قوية على الإيمان بالغيب، وهذا يجعل (لا إله إلا الله) ثابتة في مكانها، فما إن يتعدوا سن البلوغ إلا و يبدؤون بحصاد ثمار هذه الكلمة، أما من يتأخر في غرس هذا التوحيد فسيتأخر في حصاد ثماره.
🔺 الله يغضب ممن ينازع الحق، فلا تكن يوما منازعا للحق.
🔺 أتعيش في أرض الله، وتأكل من خيرات الله؛ ثم تنازع رسل الله؟!!
جديد مدونة علم ينتفع به
https://anaheedblogger.blogspot.com/?m=1
🔺 وجودك في الحياة فرصة عظيمة، ووجود الفرص داخل الحياة نعمة عظيمة وفضل من الله تعالى، ومن أكثر  مايعين العبد على اغتنام الفرص مافي نفسه من تذكر لقاء الله، وتذكر الدار الآخرة، وقد مدح الله تعالى الكمل من خلقه بأن لهم هذه الصفة المهمة، وأثنى عليهم بهذا التذكر للدار الآخرة، وأمرنا بذكرهم لنقتدي بهم، فقال تعالى: 

. ﴿وَٱذۡكُرۡ عِبَـٰدَنَاۤ إِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ وَإِسۡحَـٰقَ وَیَعۡقُوبَ أُو۟لِی ٱلۡأَیۡدِی وَٱلۡأَبۡصَـٰرِ﴾

🌾 ﴿إِنَّاۤ أَخۡلَصۡنَـٰهُم بِخَالِصَةࣲ ذِكۡرَى ٱلدَّارِ﴾.

ذكرى الدار ١
🔺 أليست هذه نعمة عظيمة؟!


نحن قوم إذا نزلت عليهم النعماء وجدت قلوبا مؤمنة بأنها من الله، فنسبوها إليه، وتلقوها بالامتنان والشكر لمسديها،  واستعملوها فيما يرضيه ليبقيها،  ولو حصلت منهم غفلة أنستهم ذلك وجدوا حولهم من يذكرهم بأن النعم ابتلاء واختبار، وأنهم في النهاية  إلى الله راجعون، وعنده الجزاء واجدون .

أليست هذه نعمة عظيمة؟!

نحن قوم إذا نزلت عليهم المصائب وجدت قلوبا مؤمنة بأنها من الله، فتلقوها بالصبر وانتظار العوض من الله، ولو حصلت منهم غفلة أنستهم ذلك وجدوا حولهم من يذكرهم أن لا حول ولا قوة إلا بالله، وأن استعينوا بالله، وأن المصائب ابتلاء واختبار،  وأنهم في النهاية  إلى الله راجعون، وعنده الجزاء واجدون.

أليست هذه نعمة عظيمة؟!

نحن قوم إذا أتتهم مخاوف من الفقر أو المرض وجدت قلوبا متوكلة على الله، متيقنة أنه لا يصيبها إلا ما كتب الله لها، فتلقوها بالسكينة وانتظار الفرج من الله، ولو حصلت منهم غفلة أنستهم ذلك وجدوا حولهم من يذكرهم  أن لا رازق إلا الله، ولا حافظ إلا الله، ولا شافي إلا الله،  وأن المخاوف ابتلاء واختبار ، وأنهم في النهاية إلى الله راجعون، وعنده الجزاء واجدون .

أليست هذه نعمة عظيمة؟ !

لا يعرف غير المؤمنين في دنياهم من هذه النعم العظيمة التي نتمتع بها شيئا،  فإذا ما واجهتهم المشاكل رأوا أقرب طريق لحلها هو الانتحار،  أما {والَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۙ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} .

أليست هذه نعمة عظيمة؟!


من لقاءات من  أدعية الأنبياء

https://www.tg-me.com/zadaltareq/1056
🔺{ وَبَشِّرِ ٱلصَّـٰبِرِینَ۝  ٱلَّذِینَ إِذَاۤ أَصَـٰبَتۡهُم مُّصِیبَةࣱ قَالُوۤا۟ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّاۤ إِلَیۡهِ رَ ٰ⁠جِعُونَ ۝ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ عَلَیۡهِمۡ صَلَوَ ٰ⁠تࣱ مِّن رَّبِّهِمۡ وَرَحۡمَةࣱۖ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُهۡتَدُونَ﴾

{وبشر الصابرين}

{وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}

البشارة هي أنك أيها المصاب إذا صبرت اهتديت، فهذه الهدايات لا تحصل لكل من نزل عليهم المصاب، إنما تحصل على حسب صبر العبد، فالله تعالى جعل الصبر طريقا للهداية، والسؤال:

لأي شيء يهتدي المصاب إذا صبر؟

1- أول أمر يهتدي إليه المصاب الصابر هو أن يعرف عز ربوبية الله وقهره وسلطانه، وهذا من الأمور التي نغفل عنها كثيرا، خصوصا حين يعطي رب العالمين عبده ويعطيه؛ فيظن أنه مدبر لنفسه، وأن الأمر له، وأنه دائما سيجد ما يريد، فيأتي المصاب يعرفه عز الربوبية وقهرها، وهذه نعمة يبشر بها الصابرون؛ يبشرون بأنهم سيهتدون فيزدادون معرفة لعز الربوبية، ومعرفة لذل العبودية وكسرها، ولذلك يقولون:  {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}، فيعترفون بأنهم ملكه وعبيده، وأنهم راجعون إلى حكمة وتدبيره وقضائه وتقديره، لا مفر لهم منه، ولا محيد لهم عنه سبحانه وتعالى.

2- ثم هذا العبد الصابر الذي بُشِّر بأنه من المهتدين سيهتدي إلى الإخلاص لله، فيعلم أنه لا مرجع في رفع الشدائد إلا إليه، ولا معتمد في كشفها إلا عليه: {وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ}، فأبشروا أيها الصابرون أنكم ستهتدون إلى الإخلاص الذي يعجز الإنسان عن شرحه، ستهتدون لمعرفة كيف تخلص قلوبكم لله وحده، ستهتدون إلى معرفة كيف تنيب هذه النفس التي كانت شاردة إلى الله وتقبل عليه، ستهتدون إلى التضرع والدعاء، ستهتدون بإذن الله إلى طريق محبة الله.


3- ثم هذا العبد المصاب الصابر سيهتدي إلى أمر عجيب، لا يفهمه إلا من ذاقه، وهو الفرح بهذا المصاب الذي كان سببا لهذه الفوائد، وهذا كما يفرح من عظمت أمراضه بشرب الدواء الحاسم له مع مرارته الشديدة، فهو يحبه ويقبله لأن الأمل في الشفاء به يذهب الشعور بمرارته، وهكذا المصاب يفكر كيف أن مصابه سيمحص ذنوبه وخطاياه، وكيف سيرفعه عند الله فيفرح به.

4-  ثم هذا العبد المصاب الصابر سيهتدي إلى معرفة مقدار نعمة العافية، لأن النعم  تعرف أقدراها بعد فقدها، ومن ثم إذا عرف مقدارها اهتدى إلى نعمة الشكر.

5-  ثم هذا الصابر سيهتدي إلى ما في طيات هذه المحنة من منح وعطايا وفوائد خفية، ومثال هذا موقف إبراهيم عليه السلام لما أخذ الجبار منه زوجه سارة، كيف كان في طي تلك البلية أن وهبه هاجر، فولدت له إسماعيل عليه السلام، ثم كان من ذرية إسماعيل خاتم النبيين عليهم جميعا الصلاة والسلام، وإن كان في الظاهر أن المسألة شر، لكن ما أعظم ما في طياتها من خير، و قد قيل:
كَمْ نِعْمَةٍ مَطْوِيَّةٍ لَكَ   بَيْنَ أثْناءِ المَصائِبِ.

6- أيضا مما يبشر به الصابر أنه سيهتدي إلى التواضع، لأن المصائب تمنع من الأشر والبطر والفخر والخيلاء والتكبر والتجبر، فَإنَّ نَمْرُودَ لَوْ كانَ فَقِيرًا سَقِيمًا فاقِدَ السَّمْعِ والبَصَرِ لَما حاجَّ إبْراهِيمَ في رَبِّهِ، لَكِنْ حَمَلَهُ بَطَرُ المُلْكِ عَلى ذَلِكَ، وقَدْ عَلَّلَ اللَّهُ سُبْحانَهُ وتَعالى مُحاجَّتَهُ بِإتْيانِهِ المُلْكَ،

وفرعون أيضا لَوِ ابْتُلِيَ بِمِثْلِ ذَلِكَ لَما قالَ: ﴿أنا رَبُّكُمُ الأعْلى﴾، وقد قال تعالى: ﴿وما نَقَمُوا إلا أنْ أغْناهُمُ اللَّهُ ورَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ﴾، وقال تعالى: ﴿إنَّ الإنْسانَ لَيَطْغى﴾ ﴿أنْ رَآهُ اسْتَغْنى﴾ .

7- ثم هذا الصابر يهتدي إلى الرِّضا المُوجِبُ لِرِضْوانِ اللَّهِ تَعالى، فَإنَّ المَصائِبَ تَنْزِلُ بِالبَرِّ والفاجِرِ، فَمَن سَخَطَها فَلَهُ السُّخْطُ وخُسْرانُ الدُّنْيا والآخِرَةِ، ومَن رَضِيَها فَلَهُ الرِّضا، فالصابر يهتدي إلى أن يرضى؛ فيجلب عليه رضاه هذا أعظم مصلحة في حياته وفي أعماله وهي رضوان الله، و رضوان الله أكبر من جنات عدن، وأكبر من المساكن الطيبة، وأكبر من كل هذه العطايا، لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ورِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أكْبَرُ﴾، فما أعظم هذا الأمر الذي بُشِّر به الصابر!

هذا كله من هداية الله للعباد، كأن هذه الأيام العثِرة والصبر فيها مدرسة تخرِّج الإنسان مهتديا للطريق، قد تحسنت نظرته للحياة، و رأى الأمور كما ينبغي.
🔺 الذين لا يؤمنون بالآخرة هم في أردى أحوال الإنسانية، وليس في أعلى درجات الحرية، وذلك لأنهم عبيد الشياطين والشهوات، وقد قال تعالى:
{ بلِ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡـَٔاخِرَةِ فِی ٱلۡعَذَابِ وَٱلضَّلَـٰلِ ٱلۡبَعِیدِ﴾
وهذا الجزاء ليس فقط في الآخرة، إنما هو الدنيا والآخرة.
2025/10/22 04:30:07
Back to Top
HTML Embed Code: