كيف حالكم مع قيام هذه الليالي؟
بالمناسبة، قيام هذه الليالي ولو بركعات يسيرة لا يكاد يقل أهمية عن قيام ليالي رمضان
368😢136👍46
الحمد لله.. وبعد،
تواترت نصوص الشريعة بتعظيم يوم الجمعة، واتفق العلماء على أنه أفضل أيام الأسبوع.
ثم جاءت الشريعة وتقريرات الفقهاء بتعظيم العشر من ذي الحجة لكونها أفضل أيام الدنيا وأحبها إلى الله.

ومن ثم إذا وقعت الجمعة في العشر= كانت تلك الجمعة أعظم من أي جمعة سواها..
بل وكان هذا اليوم من أعظم أيام الدنيا وأحبها إلى الله، اللهم إلا إذا كان يوم النحر أو القر - الذي يلي يوم النحر - فهو أعظم كما هو يوم العيد هذا العام إن شاء الله.
ما معنى هذا التأصيل؟
معناه أنك تعيش اليوم أحد أعظم أيام حياتك وأحبها إلى الله؛ بل ربما لن يتكرر ذلك اليوم في أيام عمرك الماضية والقابلة إلا مرات معدودة جدًا..
حاول أن تعقل هذا المعنى وتتفكر فيه جيدًا.. هذا أولًا.

ثانيًا.. اليوم تتزاحم الواجبات والسنن فيقع فيه:
التوبة وصلاة الجماعة واجتناب للمحرمات، ونوافل التكبير المطلق والذكر والصيام والصدقة والبر والدعاء خاصة في ساعة الإجابة وأخص منه الدعاء للمكروبين تحت القصف والتشريد..
كذا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهي من أعظم نوافل الجمعة..
فالمراد في هذه السويعات: محاولة الإصابة في كل عمل من هؤلاء بسهم.. وأصل ذلك التوفيق من الله، والتوفيق يُنال بالطلب وصدق الدعاء.
322👍39😢19
الحمد لله .. وبعد،
مضى ثلث العشر، لكنها عشر واحدة ليست شهرًا، فليس ثم تدارك بعدها.
فاللهم أيقظنا من سبات الغفلة ولا تجعلنا فيها من المغبونين
😢402159👍34
الحمد لله .. وبعد،
بعد صلاة مغرب اليوم مكثت برهة في المسجد إلى أن هدأت الأصوات وتفرق الناس وانتشر الصمت في جنبات المسجد، فلمحت رجلًا اتخذ جانبًا خافتًا ثم استفتح الصلاة.
راقبته حينًا فوجدته يطيل السجود ويتابع الركعات، ففهمت أنه يقيم ما بين العشائين.
ظل صاحبنا على هذا الحال لربما إلى قبيل العشاء يرتل ويسجد يتعبد الله عز وجل.

ذكرت من قبل أن ثمة أقوالًا في أفضلية ليل هذه العشر مقارنة بليل العشر الأواخر من رمضان؛ فمن الفقهاء من يرى أن ليل هذه العشر أفضل من ليالي العشر الأواخر باستثناء ليلة القدر، لكني أتخايل أن صاحبنا لم يلتفت كثيرًا إلى هذه الخلافات الفقهية وإنما أتى المسجد يعتكف ويصلي ويتعبد الله.
يذكرون في كتب المذهب مذاهب في صلاة ما بين العشائين، منها كونها قيامًا مطلقًا؛ فالقيام في المذهب يبدأ من غروب الشمس لكن يشترطون للوتر كونه بعد العشاء، أما مطلق القيام فيقع من بعد الغروب.

لا أعلم إن كان صاحبنا هذا استوعب هذه الأقوال أم لا، وهذا لا يهم كثيرًا.
الذي بدا لي أن صاحبنا يعي شرف هذا الزمان فأقبل على ربه وكأنه لم يفرق بين ليل ونهار.

ثمة معانٍ أيقظها هذا المشهد في قلبي، وقد أُدخل أناس قبورًا مظلمة فأقبلت عليهم هذه العشر وهم عنها محبوسون فربما تمنى أحدهم ساعة كتلك يلزم فيها المسجد يرتل ويصلي.

أحد أعظم الحقائق التي نغفل عنها وإن علمناها؛ أن خير أيام الدنيا هذه في حياتنا ساعات معدودة يدركها أحدنا ثم يغادر الدنيا، فلم يكسبه هذا العلم عملًا يكافئ فضل هذه الأيام ويليق بها.
فإذا ما دخل المرء قبره استفاق فيدرك كم فرط.
الله المستعان
421😢169👍38
الحمد لله .. وبعد،
منذ أسابيع قريبة انقضت العشر الأواخر من رمضان، ثم ها هي العشر من ذي الحجة تحزم حقائب الرحيل وما بين هذه وتلك تنقضي الأعمار وتُمحى أسماء وتغيب ذكريات وسنون العمر بما فيها من عمل أو تفريط؛ فإذا دخل الإنسان قبره أدرك شرف هذه الأزمنة التي ما قدرناها حق قدره.

ذهب من العشر أكثر وتبقى أفضلها وأعلاها منزلة؛ يوم التروية ثم يوم عرفة ثم يوم النحر؛ فمن فرط فيما سبق فأمامه أفضل أيام الدنيا وأكثرها خيرية فاستعينوا بالله واعملوا فإن القليل في هذه الأيام كثير
332😢113👍29
الحمد لله.. وبعد،
سأذكر في هذه السطور جملة من الأمور المختصرة المعينة بإذن الله على الانتفاع بيوم عرفة:

أولًا: تحديد الهدف الرئيسي من هذا اليوم؛ والذي يدور فيما أفهم حول ثلاثة أمور رئيسة:

01- العتق من النار:
وهو باب يغفل عنه كثير من الناس لاشتهار أمر الدعاء والصيام عنه وانصراف الأذهان إليهما، وأصل العتق حديث مسلم المشهور عن أم عبد الله عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة.

وثمة مسألة هاهنا: هل العتق خاص بأهل الموقف - أعني عرفات - أم للناس كافة؟
ألمح ابن رجب - رحمه الله - إلى عموم العتق وتصور وقوعه لغير حاج .. وعمومًا لعل هذا من الفقه الحسن.
فاجعل غاية المغفرة والعتق هذه نصب عينيك من بزوغ فجر ذاك اليوم العظيم.
وطريق تحصيل العتق فيما أفهم: الاجتهاد والعمل الصالح بأنواعه والإخلاص ورجاء ما عند الله وحسن الظن به والإلحاح في الدعاء.

02- تكفير سنة ماضية وأخرى قابلة:
وأصله حديث مسلم النيسابوري المشتهر: أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده .. قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم في صيام يوم عرفة.
وطريق هذا التكفير: الصيام؛ صيام القلب والجوارح، ومن ثم كان اجتهاد المرء في تجويد صيامه باجتناب المحرمات ظاهرًا وباطنًا والإتيان بالواجبات والمستحبات أثناء صومه وتجديد توبته= من طرائق تحصيل هذه المغفرة

03- تحقيق الحاجات وتفريج الكربات:
والحاجات هنا ثلاث:
* دين
* دنيا
* آخرة
وأصل ذلك في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي .. خرجه مسلم الإمام.
وطريق ذلك الإلحاح في الدعاء .. وسأفرد ذلك بمزيد بيان.

حسنًا، هاته أهداف ثلاثة واضحة الملامح تنطلق من خلالها في استقبال اليوم وتدندن حولها في ثناياه.
سأتعرض الآن للسبل المرجوة لتحصيل تلكم الغايات.

*

ثانيًا: لعل من أعظم ما يعين المرء على بلوغ هذه الأسباب والثمرات العلية= استقبال يومه بالتوبة النصوح؛ وهنا مسائل:
01- نصوص المغفرة الواردة في نصوص التكفير بالصيام منوطة بصغائر الذنوب دون كبائرها، وهذا مذهب جماهير أهل السنة، وثمرة هذا أن تستقبل يومك بتوبة خاصة تجعلها لعموم عمرك الذي مضى من سائر الذنوب وهذا من معاني تعميم التوبة التي يحث عليها السلف.
02- كما أن العمل لا يحبطه إلا الشرك، فإن الكبائر لا تكفرها إلا التوبة، وعليه جمهور السلف.
03-أحد أعظم ثمرات التوبة في موقفنا هذا= الخروج من دائرة الحرمان الملازم للمعصية؛ فالمعصية أحد أعظم أسباب الخذلان وحرمان التوفيق.
04- احذر الإصرار ودخول هذا اليوم بذنب خفي لم تتب منه، أو آخر تعزم العودة إليه بعد انقضاء اليوم.

*

ثالثًا:الدعاء! وهو أحد أعظم أعمال اليوم.
وإقرانه هنا بالتذلل والإنكسار= أرجى مداخلك إلى الله في هذا اليوم.
والشريعة جاءت في هذا اليوم بإفراد الدعاء بمزية خاصة للحاج وغيره، وأمر ذلك مشتهر متواتر.
ومداره كما ذكرت أعلاه: الدين والدنيا والآخرة.
وآدابه مستفيضة اشتهارًا من طهارة ووضوء واستقبال قبلة وحضور قلب وبداءة بحمد الله والصلاة على رسوله والتماس الوارد والأثر، وفي مسح الوجه بعد الدعاء خلاف سائغ مشهور.
وأنفع الدعاء وأعلاه ثمرة ما كان بخشوع وانكسار وحضور قلب؛ والناظر في كلام العارفين وأهل السلوك يجد أن ثمة جامعًا مشتركًا في مسألة الدعاء مرده إلى انكسار القلب تذللًا في محراب الدعاء والمبالغة في الثناء والإتيان بالمحامد لله عز وجل والاستكثار من استحضار أسماء الله وصفاته تمهيدًا للطلب من الله عز وجل.
والذي أعتقده أنه على قدر استفتاح المرء بحمد الله ومناجاته وإظهار المسكنة والفرج= يتحصل التوفيق في الدعاء؛ بخلاف من يدعو مباشرة بالسؤال والطلب.
وعمومًا الله كريم لا يرد من سأله ولو كان لا يحسن البيان؛ بل الأهم القلب وحضوره؛ فهذا موضع تكون العجمة فيه عجمة القلب لا عجمة اللغة والبيان.
وما إخال إذا ذّكر الدعاء أن أحتاج لتذكير نفسي وإياكم بتخصيص أهلنا المكروبين وإخواننا المجابهين لأعداء الله بالدعاء الصادق.

وبعيدًا عن الخلاف الفقهي، من بديع ما يذكره جماهير الفقهاء المبيحون لمسح الوجه بعد الدعاء أنهم يستأنسون بمعنى رقيق حذاء الأدلة الأثرية؛ وهو أن الله عز وجل أكرم من أن يرد يد عبد امتدت إليه بالمسألة، فلما كان الوجه أشرف أعضاء الجسد، استحبوا له أن يُمسح بتلك اليد التي رُفعت لله عز وجل فأصابها شيء من رحمته.


*
214👍22😢1
رابعًا: الذكر، وفيها مسائل:
الذي أفهمه من ظاهر كلام الأئمة أن القرآن أعلى الذكر وأفضله بإطلاق سواء يوم عرفة أو غيره وأن هذا لا يتعارض مع ما ورد من أذكار مخصوصة بيوم عرفة.
وعن مجاهد أنه سُئل عن قراءة القرآن أهي أفضل يوم عرفة أم الذكر، فقال: لا بل قراءة القرآن.
وقد يحتمل أن الانشغال بالذكر أولى في المأثور بوقت أو حال معين كما نبه عليه النووي بعد حكاية تفضيل قراءة القرآن كأصل عام.
وعمومًا لعل الجمع بين القرآن والذكر هو أقوم الطرق.
ومن الذكر ذلك اليوم: التكبير المطلق والمقيد بأدبار الصلوات من فجر يوم عرفة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
وفيه دعاء يوم عرفة: خير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير .
وفيه الباقيات الصالحات: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.
وفيه سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
وفيه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
كذا أذكار الصباح والمساء والصلوات والتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والاستغفار وعموم الذكر، وكل ذكر يُتعبد اللهٓ به.

*

خامسًا: العمل الصالح كافة:
وأعظمه التوحيد ومقتضياته من ولاء وبراءة وموالاة للمستضعفين وتوليهم ونصرتهم بكل سبيل ممكن والبراءة من الظلم وإنكار القلب للجور، ثم الصلوات والجماعات وأخص قيام الليلتين؛ ليلة عرفة التي تسبق يومها ثم ليلة العيد التي تلي عرفة وكذا صلاة العشاء في جماعة في الليلة التي عرفة ثم صلاة الجماعة سائر يوم عرفة مع المحافظةوعلى تكبيرة الأحرام والسنن الرواتب والضحى
ومن جملة العمل كذلك، الصدقة والبر والصلة والإحسان إلى الخلائق، وكل عمل صالح .. وركائز العمل ومبانيه تدور حول محورين:
- إخلاص الدين لله وإرادة وجه الله عز وجل بالعمل.
- متابعة النبي صلى الله عليه وسلم والتماس طرائقه وسننه في كل عمل.
وأصل ذلك كله: العلم.
ومن أعظم العمل كما لا يخفى عليكم؛ عمل القلب من انكسار لله عز وجل واستحضار الإنسان فجراته وغدراته وانكساره بها بين يدي ربه، ثم سلامة قلبه من الحقد والحسد، ثم سلامة قلبه للمسلمين واشتهاء الخير لهم.
وكذا استحضار حسن الظن بالله ورجاء رحمته ومعاني التوكل واليقين والاستبشار بالله والرضا به.

تلك جملة من الغايات العلية والأسباب والطرائق المفضية إليها وقد عجزت عن الإحاطة بها فضلًا عن جهلي بكثيرها، عسى أن ينفع بقليلها هذا على ما فيها من تقصير.
هداني الله وإياكم لخير يومنا هذا وجعلنا من المقبولين، وجعله يوم فرج وتمكين لعباده المستضعفين ورفع عن أهلنا الكرب والغمة .. آمين آمين
والحمد لله رب العالمين.
255👍30😢3
الحمد لله .. وبعد،
استجلاب التوفيق يوم غد يبدأ بعمل الليلة؛ ومن أعظمه القيام؛ وكأنه بوابة العبور ليوم عرفة؛ فاجعل لنفسك نصيبًا من قيام الليلة ولو بركعات يسيرة قبل النوم.
320👍32😢28
الحمد لله .. وبعد،
كثرة الكلام عن البرامج التعبدية يوم عرفة ورفع سقف المطالبات بفعل كذا وكذا وتسابق الناس في نشر المقاطع والكتيبات والتعامل بلغة الحسابات أحيانًا مع البرامج الصارمة وتحديد الساعات والدقائق= أمر حسن لكن قد يصيب بعض الناس بالتوتر أو الضغط النفسي أو استصعاب الأمر أو الشعور بالفشل.

لكن من تفكر في رحمة الله وواسع فضله؛ زال عنه هذا التوتر إن شاء الله، واشتهى رحمة الله وغلّب معاني الرجاء.
لذا أوصيك بعدم تشتيت نفسك بكثرة البرامج والمقترحات والكتيبات، تبقى ساعتان أو ثلاثة على انقضاء اليوم، فنصيحتي لك: اخل بنفسك في مسجد أو بيت أو أي مكان وأقبل على ربك ونوع ما بين قراءة وأذكار ثم فرغ نفسك للدعاء.
ولا تحمل هم تنميق العبارات وبلاغة الكلمات؛ ادع بما تحسن ولو بكلمات يسيرة، وتعرفون الرجل الذي جاء للنبي صلى الله عليه وسلم وكان يدعو بالجنة ويستعيذ من النار بأيسر عبارة وقال: يا رسول الله لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ، فطمأنه النبي صلى الله عليه وسلم قائلًا: حولها ندندن.
فاستعن بالله والأمر يسير إن شاء الله وتوكل على الكريم الذي لا يرد سائله.
470👍63😢26
تقبل الله مني ومنكم وكل عام وأنتم بخير، سامحوني قصرت معكم هذه العشر، عسى الله أن يفرج كرب أهلنا المكروبين ويهلك عدوهم
357😢26👍25
الحمد لله .. وبعد،
من العبادات التي تكاد تكون مستحبة عند جماهير الفقهاء وعامتهم؛ قيام ليلة العيد رغم ضعف الأحاديث الوارد فيها.
وبعيدًا عن قضية ضعف الحديث والصنعة الفقهية عند الأئمة؛ فإن قيام هذه الليلة تحديدًا له مزية لكونها من جملة ليالي العشر التي يقع العمل فيها من الله عز وجل منزلة علية من التفضيل، ولكونها الليلة التي تلي يوم عرفة وهي من جملة ساعات الموقف لمن فاته الوقوف بعرفة نهارًا ولكونها الليلة التي تسبق يوم النحر الذي هو أفضل أيام الدنيا عند جماعة من الفقهاء خاصة مع وقوعه يوم جمعة.

وبعيدًا عن عموم الجانب الفقهي، نستطيع أن نقول: إن من ثمرات دعاء يوم عرفة، اتباعه بعمل صالح ومنه قيام الليلة المقاربة لزمن الدعاء، وفيه معنى من معاني الشكر والوفاء أن يا رب أنا على عهدك أحاول وأجاهد وألزم بابك.
328👍40😢13
الحمد لله .. وبعد،
سويعات قليلة تفصلنا عن غروب شمس اليوم، وهذه الساعات يجتمع فيها فضائل ثلاث:
الأولى: كونها آخر لحظات يوم النحر الذي هو أفضل أيام الدنيا على الإطلاق على قول طوائف من الفقهاء؛ يعني يقدمونه على يوم عرفة على خلاف فيه مشهور.

الثانية: كونها آخر دقائق أيام العشر التي كان العمل فيها أفضل من غيرها بالاتفاق.
الثالثة: كونها صادفت يوم جمعة الذي هو أفضل أيام الزمن كتقرير عام باستثناء ما قدمه الدليل كالعشرة والنحر.
ومن ثم كان اجتماع الجمعة والنحر في يوم واحد= مزية فوق مزية ونور على نور ومظنة التفضيل بإطلاق على غيره.

فائدة هذا التأصيل؛ أن تعلم نفاسة هذه السويعات؛ فلا تفرط فيها.
طبعًا أنا متفهم طبيعة يوم العيد، وكما تعلمون أن مفهوم العبادة والعمل اليوم يُتوسع فيه نسبيًا حتى يدخل فيه الأكل والشرب لمن أحسن النية.
وتدخل فيها الفرحة بالعيد، وتعظيم شعائر الله ومنها تعظيم الأضحية، والبر والصلة وأعمال الخير عمومًا.
ثم يدخل فيها أعمال الجمعة كالصلاة على النبي والدعاء وساعة الإجابة، ثم سائر أعمال العشر من قراء وذكر وتكبير مقيد بعد الصلوات أيام العيد.
228👍30😢18
الحمد لله .. وبعد،
مقاطع الفيديو المنتشرة للنساء المصريات العجائز في الحج لأولاء الصابرات الراضيات الشاكرات= مشاهد تبعث دموع الغافلين أمثالنا من مراقدها.

أذكر أن حديثًا دار بيني وبين صديق لي من بلاد نجد ذات يوم، فذكر لي أن أحد الأشياخ من بلادهم من المنشغلين بالعلم رأى تأثر امرأة من العجائز وقد تتابع بكاؤها في إحدى زياراته للمسجد الحرام بصورة لم يشهدها من قبل على كثرة زيارة أهل تلك البلاد للحرم، فقال: خرجت من هذا الموقف وليس لي هم إلا معالجة نفسي من النفاق.

هؤلاء العجائز لربما لا تحسن إحداهن قراءة الفاتحة، بل ولربما كتابة اسمها، ومع ذلك ترى من وراء كلامهن حالة إيمانية من الأنس بالله والزهادة في الدنيا وصدق إرادة وجه الله عز وجل بعيدًا عن حب الظهور وجمع اللايكات وتصدر المنصات العنكبوتية وأمراض الدنيا بما لا تكاد تراه في أناس متصدرين للمشيخة ودعوة الناس.

بل وأستطيع أن أجزم أن منكم من شاهد هذه المقاطع فسالت عيناه تأثرًا بما يفوق تأثره بكلمات المواعظ من شيوخ كبار.

الأهم من ذلك أن مثل هذه المشاهد تجعل الإنسان يعرف حقيقة نفسه ويزدريها بجانب هؤلاء، ويعلم أن أمامه طريقًا بعيدًا لا يُقطع بحسن الكتابة ولا كثرة القراءة ولا امتلاك العلوم؛ وإنما يُقطع بالصدق والتوفيق وفضل الله الذي يؤتيه من يشاء.
457😢94👍61
الحمد لله .. وبعد،
كثيرًا ما أنخايل أن واحدة من أعظم الرحمات المبثوثة في جنبات هذه الشريعة: أن الله عز وجل جمع شتات المهمومبن والمبتلين بالذنوب وجعل لهم مخرجًا في ذكر واحد؛ وهو الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
يخامرني إذا ما أصابتني الهموم ومشاعر الإخفاق شعور ما؛ أن الإنسان المستغرق في أكدار هذه الحياة إذا اجتمع على قلبه هموم الدنيا، وجراحات الذنوب= كادت الدنيا أن تسود في وجهه وتضيق به نفسه وأنفاسه .. هاهنا يرحمه الله بالصلاة على رسوله ويبشره ساعتئذ بغفران ذنبه وكفاية همه في واحد من أعظم النصوص السرمدية المحفورة في كتب السنن والآثار بمداد من الرحمة والإحسان وتودد ربنا الرحمن إلى العصاة من عباده؛ وكأن ثم نداءُ من السماوات أن كما أن للمتقين ربًا يحببهم؛ فإن للمذنبين ربًا بهم رحيمًا. وهذه والله رحمة من رحمات الله بأمثالنا من المسرفين على أنفسهم.
بل وأحيانًا إذا ما أطبقت الهموم والسيئات على قلب أحدنا، لن تراه إلا وقد عجز عن تجويد الدعاء وجمع قلبه عليه؛ فيهرع إلى الصلاة على نبي الله فتتابع عليه رحمات الله؛ إن أتى الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم بخشوع قلب وتصديق لوعد الله.

ثم دونك رحمة ثانية تقترن بالأولى أن الله شرف يومًا وليلة دون سائر الأيام فأنزل الصلاة فيها على نبيه منزلة عليه بيد أننا ما قدرنا ليلتنا هذه ويوم غد حق قدرهما.
فاللهم صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين صلاة تغفر بها ذنوبنا وتفرج به كربات عبادك المهمومين.
325👍37😢19
الحمد لله.. وبعد،

الصبر على بلايا الدنيا= يورث الجنة.
الحافظ ابن حجر
________

منذ أمس وأنا أتفكر في كلمات الأم المكلومة بفقد ابنتها في الحادث وهي تقول بلهجة بسيطة: محدش يصوت على بنتي عشان هي بتخاف.
هيج ذلك مشاعري لذكر هذا الأثر الآن ولا أزال أجد غصة في قلبي، وأنا فعلًا أظن أن وقع المصيبة على قلبها جعلها تتحدث بلغة حادة حاسمة وكأنها ذهلت عن موت ابنتها فتخشى عليها فزع الصراخ وكأنها نائمة أو في غفوة.
الله المستعان
😢38472👍6
الحمد لله.. وبعد،
استوقفني اليوم الخبر المنتشر أن "حمو بيكا" المغني أوصى الناس بحذف أغاني رفيقه -عفا الله عنه- والذي فارق الحياة يومنا هذا لئلا يحمل أوزارًا فوق أوزار وهو حبيس قبره.

بيكا شخص عامي بسيط غالبًا محدود الفهم غارق في المجاهرة بمعصية الغناء المبتذل وما يتبعه، ومع ذلك أخرج ما في نفسه دون بحث عن تأويل أو مخارج شرعية يحسنها كثير منا؛ بل نطق بالحق الذي يعتقده.

لا أهوى التعليق على هذا الأمر لكني وددت الإلماح إلى معنى ما يراودني منذ زمن بعيد وأشرت إلى طرف منه قديمًا

ثمة شعور دومًا ما يخامرني أن ثمة حدًا فاصلًا بين منطقة التناوش ومدافعة هيمنة المعصية على النفس، ومنطقة الانتكاسة الحقيقية..
بمعنى أن الإنسان المستقيم في لحظات الضعف والتيه وتسلط الذنب يظل يدفع عن نفسه هاوية الانتكاسة رغم هيمنة الذنب عليه وإسرافه على نفسه..
ربما يمكث شيئًا من الدهر في مرحلة التناوش هذه إلى أن يسقط في تلك الحفرة السحيقة بعد تجاوز الحد الفاصل والحمى المنيع..

أتدرون ما هو الحمى المنيع ؟
إنه شرعنة الذنب، وإسباغ الحلال على محرمات الأمس القريب، وتواري قناعات الأمس في ظلمات ليل لا فجر له!

يظل المرء شاهرًا سيف المقاومة في مجابهة النفس والهوى والشياطين ما كان مقرًا بحرمة ذنبه ولو تغشاه ألف مرة؛ يظل على أثرةٍ من إيمانٍ وأملٍ من خلاصٍ= ما بقي على قولته: نعم أنا أفعل هذا الحرام لضعف نفسي وغلبة شهوتي لكن يا رب لا أحلل ما تحرمه ولا أكذب على ديني، ولن أقول فعلته لأنه حلال؛ بل أقول: هو حرام وأستغفر الله لذنبي!
تظل هذه المرحلة تحمل شيئًا من الحياة رغم مرارتها وتتابع أمواج الاحباط على النفس والفؤاد.

فإذا بدأ المرء في التبرير والبحث عن المخارج ورمي أمس الاستقامة بالغلو= ها هنا تُشهر الرايات البيضاء فتكتسي الانتكاسة بلباس التأويل!
التأويل والبحث عن المخارج والمسألة فيها خلاف!
ربما لم يدر في خلد الأخ "بيكا" أن كثيرًا من الجدر الزرقاء على هذا الموقع لإخوة وأخوات وأناس من أهل الاستقامة تعج بالمعازف ليل نهار تحت غطاء الخلاف الفقهي المتوهم.
بل ربما لو كان أحدنا اليوم في موقف "بيكا" لخرج قائلًا: لا تنكروا علينا فالمعازف مسألة خلافية بشهادة مستقيمين وأشياخ وطلبة علم، لكن لعل من حسن حظ صاحبنا أنه عامي لا يفقه هذه المسائل ولا يقرأ في الكتب.
المعازف التي أطبقت المذاهب الأربعة على تحريمها وحُكي فيها غير إجماع، ولو سلمنا بوجود خلاف فيها فهو ضعيف جدًا جدًا؛ صار اقترافها اليوم من علامات فقه المرء وإحاطته بالخلاف؛ حتى صار المستعلنون بنشرها وسماعها محل مدح وفقه وعلم، والمنكرون عليهم وهابية يجهلون الخلاف ولا يعرفون من الفقه إلا الأبيض والأسود.

من الحقائق المؤلمة، أننا أضحينا اليوم على هذا المواقع نقتحم ظلمات المحرمات تحررًا من ربقة السلفية القديمة التي ضيقت الواسع وجهلت الخلاف!
المسألة فيها خلاف= هذا شعار اليوم!
دعك من وهابية السلفيين وغلو شيوخ الأمس فالدين أوسع من ذلك والمسألة فيها خلاف!
إن أرادت إحداهن نقاب الزينة تركت سواد ملاحف الأمس؛ فالنقاب فيه خلاف وأنا أراه سنة لا غير!
إن أراد أحدهم التخلص من اللحية وتبعاتها؛ فثمة قول في بطون الكتب ومشتهر المذهب يجعل لك مخرجًا.
أردت استباحة الاستمناء لا عليك، فثمة أقوال بالترخص!
أردت ترك الجماعة والنوم عن المكتوبات، فعندنا لك قول هنا أو هناك والمسألة خلافية!
افعل ما شئت فأنت في زمان التحرر وهدم أسوار الحرام على عتبات الخلاف!

طبعًا أنا أتفهم أن قناعات المرء قد تتغير فيصير حرام الأمس مباحًا اليوم بعد شيء من النظر في الأدلة أو أقوال المذاهب بقناعة علمية لا إشكال فيها، لكن قل لي بربك هل المفارقون اليوم لأقوال اعتنقوها قديمًا يسيرون على نهج علمي؟!
بل أكاد أجزم أن أكثرنا أصلًا لا يملك شيئًا من أدوات العلم التي تؤهله لذلك المسلك الوعر! هو إذن التشهي والأماني!

أيها الرفاق!
نحن نفعل كثيرًا أسوأ مما فعله " بيكا " بيد أننا نفعله بعلم تحت سماء التأويل والعلم واختلاف الأئمة وطرائق التمذهب المتوهمة!
نمارس أزهى صور التحرر من مشقة التكاليف، لكنه التحرر المسبوغ بلباس العلم والمذهبية والخلاف العالي.

أما أنا: فأنا أرجو والله أني ما سطرت ذلك الحرف معتليًا به منابر المشيخة ولا مدعيًا البراءة مما أنكره ولا ظانًا في نفسي الورع والتقوى!
لا والله ماكان، وأنا أعلم بنفسي وحقيقتها.
بل تيك زفرات أبثها لنفسي علها تفيق من غفلتها مؤملًا أن ينتفع بها من كان في مثل حالي!
الله المستعان
278😢102👍79
الحمد لله.. وبعد،

لي تعقيب أسوقه مختصرًا بخصوص صيام غد بإذن الله تعالي:

01- خرَّج مسلم في صحيحه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في صيام يوم عاشوراء: أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله..
ومن ثم تقرر عند أهل العلم أن صيام العاشر يكفر ذنوب سنة مضت.

02- يوم عاشوراء له حرمة قديمة وصومه فيه فضل مشتهر ؛ قيل: صامه نوح وموسى عليهما السلام؛ لنجاة موسى وقومه من فرعون، وورد في بعض الآثار أنه هو اليوم الذي استوت فيه سفينة نوح على الجودي؛ بل ذكر ابن رجب أن قريشًا كانت تعظمه وتصومه في الجاهلية.
وفي مسند بقي عن النبي صلى الله عليه وسلم: يوم عاشوراء كانت تصومه الأنبياء فصوموه.

03- أكثر أهل العلم على استحباب صومه الآن وتكفير ذنوب عام بحصوله .. وكان أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم يصومونه؛ وكانت نساء الصحابة يُصومن صبيانهن الصفار تعظيمًا لهذا اليوم.

04- وهنا مسألة في ماهية الذنوب التي يكفرها صيام عاشوراء..
هل التكفير يشمل جميع ذنوب السنة؟
الإجابة: لا!
مذهب جمهور السلف والأئمة= أن التكفير مختص بالصغائر دون الكبائر ، والمتقرر عمومًا عند عامة أهل العلم أن الكبائر تكفرها التوبة خصوصًا.
حكاه غير واحد من الفقهاء، بل حكاه ابن عبد البر إجماعًا.

ومرد ذلك عندهم إلى أن نصوص الإطلاق الواردة في صيام عرفة وعاشوراء وغيرهما مقيدة بنصوص استثناء الكبائر من المغفرة كما في الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان.
ومن ثم فهم جمهور أئمة الإسلام أن المقصود هنا: مغفرة صغائر الذنوب.

05- فإن عُدِمت الصغائر، حكى النووي عن جماعة هنا رجاء تخفيف شيء من الكبائر لا محوها بالكلية.. فشرط محو الكبائر عندهم= التوبة الخاصة!

06- ليس معنى كلامي هذا تزهيد الناس في فضل اليوم ولا تضييق واسع رحمة الله عز وجل؛ بل المقصود أن نعبد الله على علم، فتعلم أن أفضل العمل هاهنا: إقران الصوم بعموم التوبة!
وبهما يحصل بإذن الله تكفير كل ذنوب السنة برحمة الله.
يعني أمثل وأكمل ما تفعله في يوم غد: أن تستقبله بالتوبة والصيام؛ فترجو محو ذنوب السنة بمافة أنواعها صغيرها وكبيرها إن شاء الله

07- طبعًا المقصود بالتوبة، التوبة بشروطها المشهورة على وجه شرعي صحيح، لا مجرد النطق بها دون عزم القلب وتصديقه .. وجماهير أهل العلم على قبول توبة التائب إذا استجمع شروطها.

08- ثمة مسألة يتكرر الحديث عنها وهي مسألة التوسعة على الأهل والعيال في هذا اليوم؛ وهي من مسائل الخلاف المعروفة.
جمهور الفقهاء خلافًا للشيخ تقي الدين على استحباب التوسعة بالنفقة فيه على الأهل والعيال اتكاءً على حديث التوسعة المعروف والحديث كما هو معلوم لا يخلو من كلام على تفصيل عندهم، ولعله من باب فعل بعض الصحابة وكونه أيضًا من المجربات.
قال سفيان بن عيبنه: جربناه منذ خمسين عامًا فما رأينا إلا خيرًا
يعني يستحبون أن يتوسع في هذا اليوم الرجل بالنفقة على أهله وأطفاله.
والخلاف في ذلك يسير أمره قريب من اختار العمل بقول الجمهور فحسن، ومن رأى تركه فلا إنكار عليه.

09- من تعذر عليه صوم التاسع، فليحرص على صيام العاشر ولو تعذر عليه صيام يوم قبله أو بعده، فله إفراد العاشر بالصيام دون كراهة إن شاء الله
203👍28😢5
الحمد لله .. وبعد،
إن الله عزوجل لم يذكر معاصي الأنبياء ليعيرهم بها، ولكنه ذكرها لئلا تيأسوا من التوبة.

الحسن البصري

***
من المعاني التي تأسرني في مسألة الذنوب عموما أن الله عز وجل لا يعير الناس بذنوبهم حتى يوم القيامة يدني عبده المؤمن ويقرره بذنبه دون فضيحة وهتك ستر ولا يعيرهم بذنوبهم.
وجاءت الشريعة برسوخ هذا المعنى في الدنيا أن لا يعير المؤمن المطيع العاصي بذنبه؛ بل يرحمه ويشفق عليه ويستر زلته ويحب له التوبة
536😢81👍54
الحمد لله .. وبعد،
رضي الله عن أمير المؤمنين صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم الملك العادل المؤمن التقي معاوية بن أبي سفيان وعن سائر أصحاب نبينا وقد قال فيهم نبينا صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبًا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه.

ومن أصول أهل السنة والجماعة المتفق عليها بين الأئمة: سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم في نهيه عن التعرض لهم بسوء.

فاللهم إنا نشهدك على سلامة قلوبنا وألسنتنا لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وطاعة نبينا فيهم والتزام أمره ونهيه ونشهدك على حبهم وموالاتهم ومعاداة من يعاديهم وبغضه فيك ثم الذب عنهم ضد كل خائض فيهم أو في أحد منهم تلميحًا أو تصريحًا لمزًا أو غمزًا بجهالة أو كره أو حقد أو سفه أو خفة عقل أو رقة دين

وارض اللهم عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن العشرة المبشرين وعن سائر أصحاب نبينا وأزواجه أمهات المؤمنين وآل بيته واجمعنا بهم في مستقر رحمتك غير مضلين ولا ضالين ولا مبدلين ولا محرفين.
433👍65😢6
الحمد لله .. وبعد،

قال المرُّوذي: أراد أبو عبد الله - يعني الإمام أحمد - أن يبول في مرضه الذي مات فيه، فدعا بطست، فجئت به، فبال دمًا .. فأريته عبد الرحمن المتطبب، فقال: هذا رجل قد فتت الحزن جوفه.
😢36017👍2
2025/10/24 01:55:13
Back to Top
HTML Embed Code: