Telegram Web Link
لقد كان من الدجالين لا أكثر ،ثم ذهبنا بها إلى شيخ آخر ذاع صيته بين الناس، ولقد ظهر ذلك في أخلاقه وصرامة حديثه فيما يتعلق من مساعدته لطفلتي

بدأ يتلو آيات قرآنية؛ إلا أنه ظهر على ملامحها، ملامحٌ شيطانية وعيناها تحولت إلى اللون الأحمر، ومقلتيها تتوارى ببطىء، زمجرت وأصدرت صوتاً لا يشبه صوتها الرقيق، كان غليظ وبشعا، حاولت التملّص والهروب، قمنا بإمساكها لكن قوتنا لا تكفي أمام قوة ذلك الشيطان اللعين، قام الشيخ برمي الماء من يده على وجهها،
حتى هدأت وعادت ملامحها الملائكية إليها، وبدت دموعها بنحيبٍ شديد، وبعد دقائق وجدتها في سُبات عميق.

قيدناها بالحبالٍ على سريرها، ومضت كثيرا من الأيام؛ وهي ملقاة في سريرها لا تفارق غرفتها، وكان الشيخ يأتي بين كل حين وآخر، ولم تنجح الجلسات على الإطلاق! وكما اعتدنا على ملامحها التي تظهر عند سماعها تلك الآيات القرانية؛
إلاّ أن مرضها تفاقم.
ففي كل جلسة وأخرى كان ظهرها يقوس ويشتد، وتحاول فك القيود وإيذاء كل من يقف أمامها، لقد قام الشيخ بفعل كل الأمور التي تطرد الجن بقراءة الرقية الشرعية، و سدر وماء زمزم، مسك وغيره، لكن اجتهاد الشيخ في معالجتها والصبر قد بلغ مبلغه..
ثم قال لنا بصوتٍ يغمره الأسى: إن الجن تمكّن منها غاية التمكين، ولم يعد بمقدورنا سوى الدعاء لها بالشفاء..

لم يعد بوسعنا حتى الحديث معها، لقد كانت تُغير شخصيتها بين كل حينٍ وحين.

لم يكن منا سوى أن نذهب بها إلى طبيب نفسي كما اقترح علينا بعض الناس، زاعمين أنه مرض نفسي وأن غياب الوعي والثقة في الطب يقودنا إلى بعض الشيوخ الدجالين.
بالرغم من رفض عمها الشديد لذهابنا بها إلى هنالك؛ بحجة أنها ستسبب وصمةٌ اجتماعية لنا جميعاً.
ذهبنا إلى طبيب النفسي وأخبرناه بتفاصيل قليلة عنها، كان يدّعي أن مرضها يسمى "ثنائي القطب" فأعراض المرض بدت على طفلتي كما يقول..

تناولت الكثير من الأدوية مجبرةٌ من قبل والدتها التي لاحيله لها، ضعيفة الحال مكسورة، استمر علاجها لثلاثة أشهر لكن لا جدوى من ذلك؛ فقد كان الأمر يزداد سوءاً، ثمّ قام الطبيب بعمل صدمة كهربائية لها، ولم يكن منها إلاّ أن تفك القيود المكبلة...
صفعةٌ حادة نزلت على وجه الطبيب
كانت صدمة بالغة! ففعل كهذا لا يخرج من فتاة لا تتصف بتلك القوة، فأمرنا بأخذها إلى راقٍ شرعي، كان يهذي لم يستطع أن يداويها، لقد مضى ثلاثة أشهر وهي تتناول الأدوية، ثم بعد ذلك ليخبرنا وقد كان بمقدوره تشخيص مرضها منذ الوهلة الأولى.


.
صمتت قليلا، ثم أكملت
مرض طفلتي أدى إلى تراكم الحزن على صدر والدتها وفارقت الحياة؛ بسبب سكتة قلبية، ولم يكن من عمها إلاّ أن يغادر القرية طالبا مني الذهاب معه وترك طفلتي هنا بمفردها، لكنّ قلبي أبى الرحيل.
وقفت قائلة لها:
مهلا..
عمّا تتحدثين أنتِ أما كان هنالك أمرٌ مريب قد تسبب وراء حالتها تلك، ألم تقولي أنها كانت على ما يرام ما الذي حدث قبل تغيييرها!

نظرت إلى بقايا امرأة غير تلك التي تحدثت إليها قبل الآن، ملامحها الشاحبة، دموع عينيها
وصوتها الشاحب أدمى قلبي.
تحدثت بنبرات حزن شديد وهيا تقول:
لقد تلمكتني مشاعر الحسرة يا عزيزتي،
كان بمقدوري أن أفعل كل ما بوسعي لها
لكن! رأي الرجل يفرض بكل صرامة في قريتنا، لم يكن مني سوى أن أرضخ لواقعها..
فوالدتها لم تعش معها، وأباها قد فاضت روحه منذو ولادتها.

عقد قران طفلتي من رجل يبلغ من العمر ثلاثون عاما، وهيا بعمر الثامنة، وما إن بلغت من العمر الرابعة عشر؛ حتى أخبرها عمها بموضوع زواجها، وأن لا محال من الرفض فالرجل زوجها ...

لم تكن فتاة خاضعة أو ضعيفة، كانت قوية شامخة، رغم قلة حيلتها؛ لم ترضى بالأمر، وأخبرت الجميع أنها لا تزال قاصرة وتريد إكمال تعليمها، ولا ترغب بالزواج.
وأتذكر كلماتها تلك "مصير حياتي أنا من أقرره ليس أحداً، ولا بد من أن عقولكم مسطولة، كيف استطعتم أن تعقدوا قرآني به دون أن تنتظروا أن أنضج وأتخذ قرار حاسم في هذا الأمر، لا ولن أقبل؛ حتى وإن أغرقت خصلات شعري دما"
إلاّ أن عمها أسقطها أرضا؛ لتندثر دماؤها حول عنقها قائلاً: ليس لك قولا سوى الرضى، وطقوس زفافك الأسبوع القادم..

عانقتها وربَّتت على شعرها وطبطبت عليها بكلمات مواسية لا معنى لها "لقد تزوجت جدك وأنا أصغر منك" لا يسعني القول؛ إلاّ أنني كنت أميةٌ جاهلة مقيدة بأفكار قبلية لا معنى لها...
....
وكما اعتدت على رؤيتها في حديقة المنزل وهي مع صديقتها؛ يقمن بالاعتناء بتلك الورود، بعد مرور ساعة ريثما كنت منشغلة بعمل المنزل، أتتني صديقتها قائلة لي:
مارينا تخبرك أن تعتني بالورد الخاصة بها؛ فهيا ستذهب لزيارة والدتها وسيطول غيابها.

أخبرت عمها برحيلها في الحال
"أيا ليت بُتر لساني حينها" فزيارة أمها دون موافقة عمها؛ كان أشبه بارتكاب معصية في حق عبودية رأيه، وكما أن المكوث عند والدتها أكثر من يوم عارٌ بالنسبة لنا، بالرغم أن منزل والدتها ليس بعيدا عن منزلنا..
ذهب عمها لأخذها و لا أعلم مالذي حدث؛ سوى أن والدتها لم تستطع فعل شيء حيال ذلك! فكما أخبرتك ليس بمقدور امرأة أن تكسر حدود رأي رجل؛ حتى ولو فرض ظلم.
فوالد أمها قد أخبرها أن لا شأن لها بالفتاة وقد أصبحت شابة؛ لذا فالزواج خير قرار

أتى بها، ثم أبرحها ضربا أمام عيناي وأدمى بطفلتي، ثم أمسك برسغ يديها بقوة، واليد الأخرى تُمسك برأسها قائلاً: لن تذهب لأحدٍ بعد الآن! وستبقي تحت جدار هذه الغرفة مقيدة، إلى أن تعي أن زواجك منه محتم الوقوع، وزفافكِ سيقام على كل حالٍ شئتِ أم أبيتِ..

تُركت طفلتي بين جدران مظلمة ولا تزال في مقتبل العمر، وكأن عمها استخدم نوعاً من العقاب، بل لم يكن كذلك أبداً؛ لقد قتل زهرة حياتها ولم نستطع إحياؤها بعد، لو كان جدها على قيد الحياة لم يقبل حتما بما حلّ بها، ولم يمضي إلاّ أسبوع واحدا؛ حتى بدأت بالهلوسة والهذيان ولم تعد تهتم لأي حدث كان، لا ترغب بمضغ الطعام، لا تنام وبالكاد نستطع إجبارها على الطعام وإعطائها بعض المهدئات لتنام؛ خوفا من أن تفيض روحها...
لم تعد تلك الفتاة،أصبحت على غير شاكلتها، ثياب ممزقة وهالات سوداء تحجب جمال عينيها، ولم تعد ترغب بزيارة حديقتها كما اعتادت عليها، وتكتفي بالتحديق لها من نافذتها.

أنا لم أتركها أبداً طوال هذا الأسبوع، كنت آتي إليها بين كل حين وآخر، وأطبطب على جراحها، أوآسيها بتلك الكلمات الشحيحة، كانت لا تتحدث معي وتثرثر، فأنا لم أستطع حتى سرقة نظرة جميلة منها؛ وكأنها تُعاتبني بفعلها هذا، لم تكن
إلا ليلة واحدة، وفي الصباح أستيقظ وأرى شخصا آخر،
بل كانت فلذة كبدي، أصبحت مجنونة وتهذي بكلماتها المعتاد سماعها للآن"زفافي، رحيلي، صديقتي ورودي "
لم تكن إلا ليلة واحدة ؛كفيلة بتغيير طفلتي.
ليس عدلا أنا لم أفارقها؛ إلا في تلك الليلة فقط
لم أفارقها أنا ودعاء قلبي منذ سبعة أشهر و إلى الآن، أذهب لأقدم لها الطعام لمنزلها الذي صنعته منذ طفولتها، وأتوارى عنها؛ كي لا ترمقني عيناها وترمي الطعام، فهيا تمر بحالتين تارة أستطع معانقتها والحديث معها وإحضارها للمنزل، وتارة تعود لمنزلها مستاءة.
أجهشت بالبكاء الشديد وشهقات روحها تلك أدمى على قلبي حزنا..

حاولت جدتي أن تربت على ضهرها وتواسيها ببعض الكلمات

عُدت إلى المنزل والأفكار والحزن في آن واحد يتلاطم على جدار قلبي،

أمضيت تلك الليلة أفكر بطفلةٍ تُركت تتقيأ الألم بمفردها تحت جدار الخيبة والحزن، أيا لقسوة عمها؛ أليس واجبا عليه أن يكون أبا لها؟!
بل ماذا حدث في تلك الليلة حتى تغيرت بغته، أما كانت تأتي جدتها كما تزعم بين حين وحين

مكثت بضع أيامٍ أُخر وأنا أفتش هنا وهناك
عن شيخ وطبيب، وأعرف سبب هذيانهم بعدم وجود حلّ لها، جادلت بعضاً منهم قائلة: لو كان يسكنها شيطانٌ لعين وقد تمكن منها، ألم يذكر في القرآن أن كيده ضعيف، لابد بأن آيات القرآن كفيلة لتحرقه وتُهدم قوّته..
..
أما عن الطبيب؛ فأخبرته بأنني اطلعت على بعض الأمراض النفسية واضطرابها وكان تشخيصه ليس بجدير كما رأيت..
قائلة له: لربما أذية غيرها وتغييرها يسببه متلازمة "فريجولي وأوكوتار" ففي كل منهم علاقة وطيدة وأعراض وأسباب متعلقة بالفتاة، وأن إصابتها بهذا المرض؛ نتيجة لمّ مرّت به في الماضي، فالأحداث تتخلّد في الذاكرة وتغرس أثرا في القلب لا يمحى، أليس كذلك ؟!

قاطعني قائلاً: لستِ أهلّه بحمل أمانة الطب، ولستِ بطبيبة أغربي عن وجهي .

اشتعلت بجوفي نار الغضب، وأردت تلقينه درسا لكن!
لم يعد لدي الوقت الكافي، نفذت أيام عطلتي ووالديّ لن يقبلوا بأن أتوقف عن دراستي الجامعية؛ لأجل هذا الأمر.
ورغم إلحاحي الشديد برغبتي بالبقاء؛ إلا أنهم لم يتقبلوا قائلين: نحن سنرى لها حلّ اطمئني
...........
بالرغم من مغادرتي لتلك القرية، بقيت تلك التسؤلات تترك أثرها في عقلي، حاولت أن أنشغل بدراستي الجامعية،
فأنا أدرس طب بشري، ويحتاج ذلك التخصص وقتاً متاح وعقلا لا يشغله سوى التركيز.
وبينما روحي تكمن بين أزقة تلك الأماكن التي رأيت الفتاة فيها، لربما استهلكت طاقتي بالبحث والتفكير ومتابعة كل أخبارها وحالتها، بل كانت لا تفارق دعواتي كل يوم، وأنتظر معجزة ربانية؛ لتغير مجرى حياتها للأجمل.

أخبرني والدي محاولا أن يطمئنني بأنه استطاع الوصول لعمها، وأخبره عن أمرها، وأنه لا بد من وجود دواء، ووعده بأن يفكر بالأمر رغم قلّة حيلته، فقد عمل كل ما بوسعه لها مسبقا.
لم أطمئن فأنا أعلم أنه من تسبب في ذلك منذ البداية.
...
بعد مرور أيام قليلة!
كان خبر رحيلها فاجعة،
بل إن ما هو أشد؛ أنها من قامت بقتل نفسها شنقا
شهقات روحي ونحيبها
قوس قلبي حزنا وألم،
وزادت حيرتي في أمرها،
وموتها كان أشد غرابة
بل كيف أن العملية الانتحارية لا تتوافق مع مرضها! ليس الأمر كهذا
أخذت أفكر في الحدث،
بلهفة قلب مرتعب، أتسائل في وجل؛ ألن يكون عمها
من قتلها بحجة أن لا تكون عبء وعار عليه؟
بلا شك هو..
وما الذي أتى به للقرية؟
ليس لمساعدتها كما يشاع، أعلم ذلك.
أخبرت الجميع ولم يصدقني أحداً قائلين: تم تأكيد مقتلها من قبل البحث الجنائي
.......
في كل مرة حاولت أن أواسي نفسي بكلمات؛ لعلها تجدي نفعا قائلة: كان موتها أهون من أن تبقى أسيرة مجتمع لا يرحم براءة طفولتها، ولا يأبه بافتقاد روحها الآمان والحرية، ستذهب لخالقها؛ وسيعوضها بعوض يليق بعضمته، أثق بذلك.
والعدل إن لم يقام في الدنيا سيقام في الآخرة.
............
بعد عدة أشهر في عطلتي الجامعية، ذهبت إلى القرية!
جثيت على ركبتي أمام قبرها، وبعد نحيبي ودعائي لها، وقفت قائلة لها:
أعدك يا طفلتي أنني سأكمل تعليمي وأضع قانون في مجتمعي لا ينقضه بشرٌ قط، ولن أجعل غيركِ يمر بما مررت به، وستتقلص بعض عادات وتقاليد مجتمعي التي تنتهك حقوق المرأة، وأغرس بقلوبهم معنى حقوق الإنسان، وما ينص في قانوني "كن إنساناً وإن لم تستطع لا تستحق العيش"
........
مررت قبل رحيلي أمام منزلها؛ مودعة ذكرياتها.
لكن الأمر شدني للدخول؛ لأرى جدة الفتاة إن لم تكن قد سافرت مع ابنها،
تفاجأت ببقائها ودار بيننا الحوار:
إلى أن توصلت لمَّ كنت أريد الوصول إليه،
نعم إنني كنت على حق! عمها من تسبب بقتلها غضبا؛ لأنها الحقت العار به، وجدتها لا تستطيع إخبار أحد، فهي كما أخبرتني لم تستطع تعدي حدود حديث ابنها لها...
.....
حاولت إقناعها بكلمات العتاب وأنها ستكون مجرمة إن لم تتحدث حتى وافقت؛ لتدلي بأقوالها، وتم القبض على ابنها والقصاص،
وخفّ ما بجوفي من حزن.
....
لكن!
لا زلت إلى الآن أبحث عن أجوبة لقلبي الحائر
مالذي حدث في تلك الليلة؟ وما هو مرضها الحقيقي؟

لله ما كنتِ فيه يا طفلتي ولله حيرتي وقلة حيلتي....
الحنين…
ظل
يمشي
بلا
جسد…!



#تويتية👑
بعض العيون
لا تنام
هي تراوغ الألم
بالإغماض..!

#تويتية👑
قِمّة الوعي
أن يدرك المرء أين هو، وأين يضع نفسه،
كيف يكون، ومتى يكون،
وألّا يُحرّكه المحيط من حوله وكأنه دُمية ..
على المرء دائمًا أن يتصرف وفق مبادئه،
وأن يعرف كيف يتعامل وفق مبدأ الحياة الأساسي،
وفق مبدأ العلاقات — أيًّا كان نوعها،
ووفق مبدأ الثبات ..
مالم،
فهو هزيل، ضعيف الشخصية،
رَكيك… يسهل هَشُّه ونَشُّه وكسره ..

هذا لا يعني أن تكون مثاليًّا،
فقط كُن حقيقيًّا.
كُن أنت، لكن بشكل جيّد
جيّد للحد الذي يليق بك ..

جُهينة
لكلٍ منا لحظة عالقةٌ في أعمق مكانٍ في الذاكرة،
يحتضنها العقل بشدة خوفاً من فقدانها على حافةِ النسيان.

-إجلال الطيب-
سجن الخرافات

الخرافةُ صُنعٌ للوهم والخيال، فلا واقع عاش لها ولا حتى نصفُ اكتمال.
تتأرجحُ حبالُ الظلّ خلفَ ظلمة النّورِ لتصنعَ سجناً… ومتاهة.
نحنُ أسرى فكرةٍ لم نكتفِ بنحتِ الحقيقة على واقع الذكرى، ولا على جدرانِ الكذبة.
سُذّجٌ نحنُ… نفكّرُ، نصدّقُ الفكرةَ… هكذا بُنيَ البشر.

-أمل الأهفل
تيه الذكرى

نغادرُ الأماكنَ بحجة أنَّا لم نعُدْ نتكيّفُ، أو أنَّا نسينا مفاتيحَ اللحظةِ هناك.
لا نتمهَّلُ… لكنَّا في الحقيقةِ نتمهَّلُ في البحثِ عمَّا تبقّى من ذاكرة سقطَت سهواً من بين يدي القفل.
نغلقُ علبة السجائر مع النوافذ، ونعودُ من ذاتِ البابِ لكي نتذكّر وجهاً نسيناه… ربّما خُطِفَ من على ناصيةِ الشرفة.

صرخ السّارقِ على الطاولةِ… لم تكن إلا روحَ إنسانٍ في التيه.

-أمل الأهفل
لجج الروح

أنزوي في لجَّةِ نفسي البهية، وكأنّ نسياني لبعضٍ منِّي تفاهَةٌ عابِرَة.
كما لو أنَّ الاستدارةَ صفرٌ… لا أراه، لكنّ الروحَ تدورُ معه وتدور، حتى يتمدَّدَ صفرٌ عملاقٌ له عقلٌ ووجهٌ يلاحقني، وقد خرجَ عن حدودِ ذاته.
انطفأ اللهيبُ… فلفظت الكاميرا صورة، كانت مجازفَةٌ بحقّ الذكرى… بحقّ البحثِ العميق في داخلي.

-أمل الأهفل
بعض الرسائل تأخذك من تلابيب قلبك
كيف ..؟ لاتدري
أين ..؟ حيث الذاكرة
متى ..؟ على حين غفلة
سطور كتبت بمداد الحنين
وختمت بأنين الغياب

ص ✍🏻
إلى الحاضر الغائب...

السلام عليك، وعلى الثرى الذي يحتضنك عوضًا عني...
ذهبت هذا الصباح إلى المشفى، إلى ذلك المكان الذي اختارك الله منه إلى جواره...
كنتُ أمشي بين الجدران كما يمشي العاشق بين أضلاع حبيبٍ غائب، أبحث عنك في الوجوه، في نظرات الأطباء، في ممرّات الرحيل.
شعرت بك... والله شعرت بك.
لاحقت طيفك بين الممرات، تخيّلتك هناك، جالسًا كما كنت، تبتسم كأنك لم ترحل.
أردت أن أرسمك في خيالي، لكنّ الدمع سبقني، ولسع وجهي كما يلسع البُعد قلبًا مشتاقًا.
اليوم هو العاشر منذ رحيلك... عشرة أيام بلا دفء، بلا وجهك، بلا وجودك الآمن.
وفي قاعة الانتظار... رأيت طفلة تبكي بعد فحص الدم.
أكبر من ابنتنا بثلاث سنوات، أو يزيد قليلًا.
بكت، فهدأتها أمها بحنوٍّ مألوف،
ثم اقترب والدها، داعبها وضحك معها، ثم حملها بين ذراعيه كما يحمل الياسمين نسيمًا ناعمًا.
كنت أراقبهم... وأنا أغرق.
نظرت إلى ابنتنا لأول مرة بعين الشفقة، نعم... أشفقتُ عليها.
لأنها لن تعرف هذا العطف، هذا الحنان، هذا السند الذي يُرمّم انكسارات الروح.
أشفقتُ عليها... كما كنتُ أشفق على نفسي حين كنت صغيرة، حين لم أختبر عطف الأب ولا ظله.
لكني حزنت عليها أكثر، لأنها عرفت طعم الأبوة، ذاقت دلالك، وسكِنت تحت جناح قلبك... ثم خُذلت.
هي تذوقت النعيم ثم سُلب منها،
وأنا... ما ذقته أصلًا.
أيّ قسوةٍ هذه التي توزّع الفقد بنسبٍ مختلفة، لكنها كلها تنهش بالروح بلا رحمة؟
تراجعت سريعًا قبل أن ترى دمعي...
قلت لنفسي: لا تنظري إليها بعين الشفقة،
فالعالم حولها لن يرحم، ولن يمنحها عذرًا.
إن فعلتِ أنتِ ذلك، فسيفعل الجميع.
وهنا، عاهدت نفسي...
سأكون لها كل شيء.
سأكون أمها وأختها، وأباها وأخيها، ورفيقتها، ومرفأها، وظلّها حين يجفّ الظلّ من الدنيا.
سأكون لها الجدار الذي تتكئ عليه، والنبض الذي يهمس لها: "أبوكِ لم يرحل... بل يعيش فيّ."
فنامَ بسلامٍ يا وجه الحنان...
وابنتك في قلبي، في عيوني، في دمي...
كما أردتَ لها أن تكون.

#رملةـمحمد
"أحنُّ لما لا أذكره، وأتوقُ لما لا أراه..."

فهل أنا روحٌ عابرة، علقت في جسدٍ من طين،
تحاول أن تتذكّر من كانت، قبل أن تُلقَى في العتمة؟

أم أنني جسدٌ يرتجف، كلما مرّت به خيوط النور،
يحاول أن يفهم هذا الضيف الغريب الذي يسكنه —
هذا الشعور الذي لا اسم له،
ولا وجه،
ولا وطن.

كل شيء فيّ مؤقّت،
إلا ذاك الحنين...
ذاك الثقل الخفيف الذي يُشبه صلاة لم تُكتمل،
ونغمة لم تُعزَف.

أمشي في الأرض،
لكنّ شيئًا منّي يسبح في سماءٍ لا أراها.
فمن أنا؟
وهل أُخلَق كلّ يوم،
أم أنني ما زلت أحلم، وبأنني لم أسقط بعد من هناك؟

جُهينة
أيها الليل الطويل…
كلانا يحمل قلبًا واسعًا،
أنت تحتضن الحياة الدنيا،
وأنا — بصمتي — أحتضن الموت.
كلانا نعرف النهاية…
أنت تعرف أن ما في قلبك سينتهي ذات يوم،
وأنا أعرف أن ما في قلبي آتٍ لا محالة.
أنت تحضن كل الأصوات العابرة،
كل الذكريات المبعثرة في طرقات هذا العالم،
وأنا أحمل داخلي صمتًا ثقيلاً،
صمتَ من عرف أن النهاية قريبة،
وأن البداية لن تكون إلا هناك… في السماء.
أنت تستر الأرض بعباءتك…
وأنا أستر قلبي بالصبر.
أنت تمضي إلى الصباح،
وأنا أمضي إلى لقاء لا يُؤجل.
كلانا مسافر…
لكن طريقك إلى الضوء،
وطريقي إلى الغياب.
#رزنة_صالح
أشد الناس تعاسة؛ الباحثين عن ذواتهم في ممرات الآخرين.

#زينب_أحمد
إلى الحاضر الغائب...

السلام على عيناك العَسملِيّتان...
كلّما قلت لك "عيناك عسليتان"، كنتَ تضحك وتردّ بمزاحك اللذيذ:
"عَسملِيّتان!"
كنتَ تتظاهر بأنك لا تعرف هذا اللون، وأنا أعلم أنك تعرف...
لكنّك كنت تستلذّ بصوتي حين أعيده، بضحكتي حين أستغرب ردّك، بحبّي حين أتمادى في وصفك.
أحببتُ مزاحك، وبساطتك، وصفاء اللحظات التي كنا نعيشها حين "يروق جوّك"...
كنتَ إذا ابتسمت، ابتسم البيت كله، وإذا هدأت، سكنت الفوضى من حولنا.
أنا لا أنسى... لا التفاصيل، ولا النبضات الصغيرة التي صنعتك في قلبي كبيرًا.
لا أذكر أنني كتبت عنك كثيرًا، ولا تحدّثت عنك كثيرًا...
كنتَ نعمةً خفتُ عليها من الحسد، فخبّأتك في دعائي، وسجداتي، وفي قلبي.
كنتَ لي وحدي، وكان حبي لك سريًّا كأنه وردة نَمَت في الظلّ.
وفي يوم عرفة... دعوتُ لك كما لم أفعل من قبل.
بكيت وأنا أرفع يديّ، سجدتُ لله وقلبي يردّد اسمك أكثر من أي شيء.
عزيزي النائم طويلًا...
اليوم هو الثاني عشر من غيابك،
اثنا عشر كوكبًا من الحنين، ووجعًا لا يُحصى، وبحرًا من الغصة.
هذا الصباح تفقدت أوراقك... تقارير المستشفى...
عثرت على شيء أربكني، أحزنني... شعرتُ بإهمالٍ في رعايتك.
جلدتُ نفسي...
قلتُ: ليتني لم أُصرّ على ذهابك، ليتني أبقيتك بين يديّ، ليتني كنتُ طبيبك، ومسعفك، وسندك.
ثم همستُ لنفسي:
"كلّ نفسٍ تستوفي أجلها..."
وما كان لقلبي أن يمنع قضاء الله، وإن امتلأ بالدعاء، وإن احترق بالرجاء.
لكن العتاب لا يُغادرني...
ولا يزال قلبي يسأل:
هل تألمت؟ هل خفت؟ هل كنت وحدك؟
ثم أُسكته بالدعاء...
وأستودعك في كل سجدة، في كل ركعة، في كل نبض لا يزال ينبض باسمك.
سلامٌ عليك، يا من استودعتك الله ونمتَ،
وما استيقظت بعد...

#رملةـمحمد
امرأةٌ تفوحُ برائحةِ البنّ اليمنيّ الحزين،
من الطرازِ الأوّل... والفاخِر،
أنا هي،
وأظنُّ أنّني، بهذه الكلمات،
قد أعلنتُ عن هويّتي.

#ياسمين_الغفاري
خلفَ النوافذ
كم حكايا
قد تناولها القَدرْ

كُلنا
في البئرِ
غرقى
هكذا حالُ البشرْ

إنَّنا
في كُلِّ
قلبٍ
صورةٌ
تحوي
العِبرْ

هكذا
نمضي
بخوفٌ
بانصياعٍ
دونَ بر


دونَ أن ندري
ندواى
بينَ زخَّاتِ المطرْ

تمتماتُ العُمرِ
ثغرٌ
في تشقُّقِهِ ثمرْ


هذه الأحزانُ
وادٍ
قد تخلَّلها نَهَرْ

إنَّما الأقدار
دربٌ
من مضى
معهُ انتصرْ

#أولياء_ردمان
سلاحي
----------------
تتوق أناملي لتعانق ذاك السلاح، وتتلمس ذخيرته، وتبدأ بحشو الذخيرة في مخزنها؛ للفتك بالأرواح التي تسببت يومًا ما بالأذى لي ؛ انتقاما منهم .
يبدو هذا مخيفا حقا؛ ولكن لم أقصد ذاك السلاح المعدني، ولا ذاك العيار الناري بمختلف أنواعه .
لقد أقسمت يوما، أن أجعل العلم سلاحي الفتاك ، وقلمي عيار ناري؛ يصيب كل من تسول له نفسه بالمساس بكرامتي ومبادئي .
كل من حرص على وضع ندبة في فؤادي، أو خدشا في ذاكرتي.
أنا لن أصرف عليكم وقتا للانتقام؛ بل حرصت على الركض في دربي؛ حتى يكتب الله لي يوما وصولا للقمة فيعميكم نور نجاحي .
وضعتُ الصفحات ساحة إعدام للذكريات، قلمي حبل مشنقة ، الحبر كفن، وشيعت كل من سولت له نفسه بتكسير مجاديفي إلى مقبرة العلاقات .
حرصت على وضع خطواتي ثابتة رزينة.
عيناي نصب أهدافي ، عقلي نصب بحر العلم والمعرفة ، لا وقت لدي للالتفات إلى هوامش الحياة التي قد تستنزف طاقتي.
أيها القارئ : أوصيك أن تحمل سلاح العلم والمعرفة، فلا جثث فيه؛ بل إنجازات، ولا سجون فيه؛ بل حرية، ولك الخيار: إما تابع وضيع، أو قائد رفيع .
------------------
بقلم أصالة الأصيل
١٨ - ٦ - ٢٠٢٥
يمر الإنسان بفترات لا يكاد يعرف فيها نفسه!
يتخبط ما بين الخير والشر وهو شيء مؤكد في البشر جميعاً، ولكن هناك من يطغى فيه جانب الخير على جانب الشر وهناك العكس، لسنا ملائكة ولكننا نحاول إصلاح أنفسنا مهما فعلنا من ذنوب ومعاصي نلجأ لله تائبين مستغفرين طامعين بعفوه ومغغرته.
أتسأل دائماً لماذا يتأرجح الإنسان ما بين فعل الطاعات والفتور عنها؟! هل هو شيء طبيعي أم أن الذنوب تحيل بيننا وبين فعل الطاعات؟
كنت أتحدث مع أحد الصديقات ذات ليلة عن الفتور الذي يصيبنا من بعض الطاعات ونسياننا السريع للقرآن، فساقنا الحديث إلى قيام الليل وإذا بها تحدثني عن قصة ذاك الرجل الذي لم يستطيع قيام الليل لعدة سنوات فقال: تمنعني ذنوبي!
في تلك الليلة استرجعت كل شي حُرمِت منه، تلك المحاضرات التي لم أتمكن من الذهاب إليها، وتلك الحلقة التي خرجت منها، وتلك الأجزاء التي نسيتها، وتلك الليالي التي كنت مستيقظة فيها ولكن لم يوفقني الله لقيامها!
يا الله كيف لتلك الذنوب التي لا نلقي لها بالاً أن تحول بيننا وبين كل هذه الخيرات، وربما حالت بيننا وبين دعواتنا، وعرقلت طريق توفيقنا، نستغفرك ربي ونتوب إليك من جميع الخطايا والذنوب، دقها وجلها، وأولها وآخرها، وعلانيتها وسرها.
كلما رأيت نفسك تُحرِم من فعل الخير، وتنغمس في ضلال البعد عن الله وتبتعد أكثر فأكثر، راجع نفسك استغفر، تحرر من تلك ذنوب العالقة بك، طهر قلبك من سوادها، لا تمل التوبة والاستغفار، ومهما كثرت ذنوبك فلا تيأس.
أننا نحاول يا الله فأعنّا، ولا تجعلنا نتعثر بزلات الماضي، اهدنا صراطك المستقيم الذي لا عوج فيه ولا انحراف، وثبتنا على دروب الصالحين، وخذ بأيدينا إلى رحابك، ولا تخرجنا من هذه الدنيا إلا وأنت راضٍ عنا.

#صفاء_باعباد
2025/06/27 20:02:26
Back to Top
HTML Embed Code: