في حقيقتها مثل أمواج البحر التي لاتنتهي ، فلم يمض عام واحد الا وجاء محاربون صليبيون او حملات صليبية لقتال المسلمين سواء في الاندلس او في بلاد الشام ولعل ترقيم بعضها لشهرتها أو غرابتها وماقتله الغرب من المسلمين في تلك الحروب اكثر عددا من قتلاهم من الهنود الحمر ولكن المسلمين قتلوا منهم عددا مضاعفا ولذلك يصمتون في خزي وخجل .
كان خمسة رهبان مرافقين للحملة الاولى قد سجلوا كل تفاصيلها فيما كتبوه عنها وفي حديثهم عن المسلمين يصفونهم بالوثنيين مما يدل على الحقد المتوارث وقد روى أحد الرهبان الخمسة أن الصليبيين لما دخلوا المعرة قتلوا كل سكانها وطبخوا عددا من جثث الرجال المسلمين وشووا الاطفال على النار وأكلوهم ولما اقتحموا القدس قتلوا كل سكانها وعددهم 70ألفا وخاضوا في دماء المسلمين داخل المسجد الاقصى فوصلت الدماء الى ركبهم حسب رواية أولئك الرهبان .
وذكر احد أولئك الرهبان انهم لو بنوا من جماجم قتلاهم المسلمين سورا بجوار سور القدس لاصبح لديهم سور مساوي لسور القدس في الامتداد والارتفاع .
وذكر الرهبان ان الصليبيين قتلوا كل الكلاب والقطط التي وجدوها داخل القدس لانها ملك للمسلمين؛ فهل اتضح حجم الظلم والبغي الغربي تجاه امة الاسلام؟
وعاد كثير من الصليبيين الى اوربا واخبروا بأنتصارهم فأنتشرت الحماسة وتشكلت حملة جديدة من 300 ألف لو وصلت لتمكنت من احتلال الشام ومصر والعراق ولكن امة الاسلام أمة حية هنا يظهر بطل الانتصارات الاولى كمشتكين بن دانشمند ويدمر تلك الحشود بكاملها في اسيا الصغرى بخطط فريدة وغير مسبوقة.
وهذه الحملة التي دمرها بطلنا لم تحظ برقم في كتب التاريخ وجاءت بعد الاولى بسنتين في حين ان الثانية جاءت بعد الاولى ب 50 سنة وبينهما حملات كثيرة وتستمر هذه الحرب العالمية التي تسمي بالصليبية وبعد قرنين من الزمان نجح المسلمون في سحق الصليبيين في الشام وإزالة كل دولهم من تلك البلاد.
وتستمر تلك الحرب العالمية الصليبية فتهاجم حملات كثيرة الاسكندرية وانطالية وازمير وتونس اضافة الى الحروب القائمة ضد المسلمين في الاندلس .
وقامت الدولة العثمانية وبدأت تفتح اوربا وهنا جردت اوربا حملة كبيرة ضد الدولة العثمانية للقضاء عليها سنة 798هجرية فدمرها بايزيد الاول بكاملها وتوغلت الدولة العثمانية في اوربا بعد هزيمة الصليبيين واحاطت بدولة الروم ولكن الفرج يأتي للغرب الصليبي من جانب الرافضي المغولي تيمورلنك.
هاجم الرافضي تيمورلنك الدولة العثمانية من الخلف فعاد بايزيد من اوربا لمواجهته سنة 804 ووقع بايزيد في اسر الرافضي وانهزم الجيش العثماني وقد مدت هذه الهزيمة في عمر دولة الروم وعاصمتها القسطنطينية 50سنة أخرى واراحت اوربا من الضغط العثماني الى حين .
وفتحت الدولة العثمانية القسطنطينية سنة 857 هجرية وتوغلت بعمق في فتوحاتها في اوربا ولكن الفرج ياتي للغرب مرة اخرى من جانب طائفة الرافضة فقد ظهرت الدولة الصفوية الرافضية في ايران في اخر القرن التاسع واصبحت خنجرا مسموما في ظهر الدولة العثمانية واضطر السلطان سليم لترك فتح اوربا .
وقد صاحب الحروب الصليبية منذ بدايتها وحتى اليوم عدوان فكري شرس على الاسلام وعلى نبيه صلى الله عليه وسلم من جانب مئات الكتاب الاوربيين والحقيقة ان الحرب العالمية المسماة بالصليبية بدأت قبل اكثر من الف عام ومستمرة بأشكال مختلفة الى اليوم وهو بغي وظلم غربي لامثيل له ..
ومن مظاهر الظلم والبغي التنصير القسري لمسلمي الاندلس بعد احتلالها ولمسلمي صقلية وجنوب ايطاليا وكريت وغيرها وقتل الملايين الذين رفضوا التنصر
ومن مظاهر الظلم والبغي الغربي على امة الاسلام طرد الملايين من الاندلس بعد احتلالها وقتل ملايين اخرى من سكان الاندلس والاستيلاء على ممتلكاتهم.
ومن مظاهر ظلم وبغي الغرب على امة الاسلام حركة الاستخراب الغربية التي يسمونها الاستعمار ومافعلوه في كل البلاد التي احتلوها من قتل ونهب وخراب.
ومن مظاهر بغي الغرب على امة الاسلام مافعلوه بمسلمي غرب افريقيا من نقلهم بقوة السلاح ليعملوا عبيدا في مزارعهم في امريكا وتنصيرهم عبر الزمن .
ومن مظاهر البغي والظلم الغربي لإمة الاسلام تمزيق المسلمين الى دول صغيرة ونهب ثروات العالم الاسلامي وخيراته وافقارة ليكون تابعا ابديا للغرب .
ومن مظاهر بغي الغرب وظلمه لإمة الاسلام زرع دولة اليهود في قلب العالم الاسلامي في فلسطين وتشريد شعب فلسطين من أرضه ووطنه وتسليمها لليهود .
واخيرا العدوان الشامل الاخير تحت شعارات زائفة مثل نزع اسلحة الدمار الشامل ومحاربة الارهاب ونشر الديمقراطية ومؤازرة القتلة مثل بشار وغيره ، وأخيراً مساعدة الكيان الصهيوني الغاصب بحجة ” حق الدفاع عن النفس “.
كتبه. أ . د / علي بن محمد عودة الغامدي.
#غزوة_بحرية_رائعة_في_قلب#دولة_الروم_بقيادة#ليو_الطرابلسي#أحد_أبطال_البحرية_الإسلامية.
#في_رمضان_سنة_٢٨١_هجرية
ليو الطرابلسي ، ويُنطق اسمه أيضاً لاون وليون ، وهو غلام زرافة ، وزرافة كان حاجباً للخليفة العباسي المتوكل.
والراجح أن ليو الطرابلسي وقع في ايدي المسلمين حين كان صغيراً خلال غارة شنها الفضل بن قارن على ميناء أنطالية البيزنطي الواقع في جنوب آسيا الصغرى سنة ٢٤٦ هجرية ، واصبح ليو الطرابلسي من نصيب زرافة حاجب المتوكل ، فنشأ نشأة إسلامية ، ولكن الرواية البيزنطية تذكر انه نبذ النصرانية واعتنق الإسلام حين كان شاباً ، واستقر في طرابلس في الشام ولذلك عُرِفَ بالطرابلسي ، ولذلك تصفه المصادر البيزنطية وسائر الدراسات الغربية الحديثة عن الدولة البيزنطية بالمرتد ، وذلك من وجهة نظرهم الدينية الباطلة ، والحقيقة أنه باعتناقه الإسلام خرج من الظلمات إلى النور.
واصبح ليو ضمن المجاهدين في البحر ضد البيزنطيين ( الروم) ، وبخاصة من اهل طرسوس وطرابلس وكريت وغيرها.
وشن ليو الطرابلسي عدداً من الغزوات البحرية على سواحل آسيا الصغرى الجنوبية وفي عمق دولة الروم ، وشارك وقاد عدد من المعارك البحرية التي تصدت لغزوات بحرية قام بها الروم ضد إمارة كريت الإسلامية وغيرها . وقبل ان نتحدث عن أبرز غزواته ينبغي أن نشير ان تلك الغزوات كانت بجهوده الشخصية وبجهود من كان ينضم إليه من أهل طرسوس ومن مسلمي كريت ومن بعض موانئ الشام ومصر ، ولم يكن للخلافة العباسية أي دور في دعم غزواته لأنها كانت مشغولة حينذاك بفتن القرامطة وخطرهم وغاراتهم المتواصلة على بلاد الشام ، إضافة إلى أن مصر كانت قد انفصلت عن الخلافة زمن الدولة الطولونية التي دخلت بدورها في عصر الضعف والاضمحلال. وبهذا يمكن تقدير الغزوات الجريئة التي قادها ليو الطرابلسي ضد الدولة البيزنطية.
وسنعرض هنا أهم غزوتين قام بها ليو الطرابلسي ضد الدولة البيزنطية في سنة واحدة ، وأحرز فيهما انتصارين باهرين وكانت الغزوتان ضربتين موجعتين للدولة البيزنطية.
وحدثت الغزوة الاولى سنة ٢٩١ هجرية/٩٠٤م حيث انطلق ليو الطرابلسي من عروس الثغور الشامية مدينة ” طرسوس ” ومعه بعض المجاهدين الذين تمرسوا في الغزو في البحر واتجه في ساحل آسيا الصغرى غرباً وانقض على أكبر موانئ الروم على هذا الساحل وهو ميناء ” أنطالية ” ، وهي مسقط رأسه ، واقتحمها بالسيف عنوة وقتل من الروم نحو خمسة آلاف رجل وأسر نحواً من ذلك ، كما انقذ أربعة ألآف من الأسرى المسلمين الذين كانوا مسجونين في أنطالية. وتمكن من الإستيلاء على القاعدة البحرية البيزنطية في انطالية وغنم منها ستين مركباً ، فشحنها بكل ما غنمه من الذهب والفضة والمتاع والرقيق. واجمعت المصادر على انه قُدِّر نصيب كل رجل من اصحاب ليو الطرابلسي الذين شاركوا معه في هذه الغزوة بألف دينار ذهباً.
واستبشر المسلمون بهذا الفتح ، ووصلت الأخبار بهذا النصر المبين إلى بغداد في رمضان سنة ٢٩١ هجرية/ ٩٠٤م.
أما الغزوة الثانية وهي الأقوى والأخطر على الدولة البيزنطية (دولة الروم) فكانت في سنة ٢٩١ هجرية ، بعد الهجوم على أنطالية مباشرة. وهي غزوة سالونيك ، وكان الهدف من تلك الغزوة الانتقام من الدولة البيزنطية التي دأبت طوال نحو خمسين سنة سبقت الغزوة على شن غزوات بحرية عنيفة على إمارة كريت الإسلامية وعلى الولايات الإسلامية في صقلية وجنوب إيطاليا فضلا عن غاراتها البحرية على سواحل مصر والشام .
وكانت سالونيك في ذلك الحين قاعدة للأسطول البيزنطي ، وفيها ترسانة بحرية لصناعة السفن وإصلاحها ، وتلي سالونيك القسطنطينية في الأهمية ، وهي عاصمة إقليم مقدونيا ، وتُعتبر ملتقى طرق عديدة واهمها الطريق القديم الذي كان يربط بين روما العاصمة الرومانية القديمة وبين القسطنطينية وبلاد الشرق وتقع على راس خليج يمتد بعمق من بحر إيجه إلى داخل بلاد اليونان. وقد بُنيت سنة ٣١٥ ق.م ، وسُميت بإسم سالونيكي ابنة موحد بلاد الاغريق فيليب المقدوني ، وشقيقة ابنه الأسكندر الأكبر.
ولسالونيك أهمية دينية فقد ورد ذِكْرُها في الكتاب المقدس عند النصارى ، فقد وجَّه بولس الذي يسميه النصارى بالرسول رسالتين إلى أهل تسالونيكي ، الأولى : تقع في خمس اصحاحات وتستغرق خمس صفحات ، والثانية : تقع في ثلاث اصحاحات وتستغرق ثلاث صفحات. إضافة إلى أن ضريح المدعو ” القديس ديمتريوس ” يقع داخل هذه المدينة ، وكان الروم وبخاصة اهل تسالونيك يقدسونه إلى درجة العبادة له من دون الله ويلجأون إليه في الملمات والشدائد لينقذهم منها طبقاً لعقائدهم الباطلة. وكل هذا يشير إلى أهميتها الدينية في الوجدان الرومي ( البيزنطي ). كما كانت سالونيك مركزاً فكرياً وثقافياً وفنياً يضاهي العاصمة القسطنطينية.
ويمكن اعتبار سالونيك في ذلك الحين بمثابة العاصمة الاقتصادية للدولة البيزنطية ، فقد نمت فيها تجارة الاستيراد والتصدير بشكل كبير وأصبحت من أشهر الحواضر التجارية في الدولة البيزنطية وفي اوربا العصور الوسطى فكانت السفن التجارية تقصدها من كل مكان محملة بمنتجات الأقطار القادمة منها ، ويتم فيها تبادل السلع فتعود كل سفينة بسلع اخرى الى بلدانها غير تلك التي جاءت بها. وكان بها سوق سنوي كبير يستمر أسبوعاً ويقصده التجار من سائر ارجاء العالم يسمونه ” سوق القديس ديمتريوس ” حيث تزدحم سالونيك بالوافدين إلى ذلك السوق. وأصبحت تنافس وتضاهي العاصمة القسطنطينية في المكانة والسمعة. ومما ساعد سالونيك على الازدهار الاقتصادي انها لم تتعرض لتهديد مباشر خلال قرنين من الزمان قبل غزوة وليم الطرابلسي.
وقد خرج ليو الطرابلسي من طرسوس بعدد من السفن المحملة بالمجاهدين وانضم إليه عدد آخر من سفن إمارة كريت المسلمة أضافة الى سفن من موانئ الشام ومصر بحيث اصبح تحت إمرة ليو الطرابلسي اربعاً وخمسين سفينة تجمعت في كريت وأبحرت شمالاً صوب بحر إيجه.
وتذكر بعض المراجع الغربية ان الهدف الذي انتوى ليو الطرابلسي ان يتجه إليه هو العاصمة القسطنطينية ، لكن من الصعب التسليم بهذا الرأي ، إذا يبدو أن هؤلاء المؤرخين توهموا هذا الهدف من خط سير ليو الذي اقترب من القسطنطينية وهاجم بعض المناطق في بحر مرمرة كنوع من التضليل والتمويه على هدفه الحقيقي وهو سالونيك ، إضافة إلى أن القائد ليو الطرابلسي متمرس في الحروب البحرية ضد البيزنطيين ويعرف حصانة القسططنطينية وموقعها الفريد ، وأنه لا يمكنه ان يغزوها وينتصر عليها إلا بقوات بحرية وبرية كبيرة جداً ، وهذا غير متوفر له فليس تحت يده سوى أربع وخمسين سفينة برجالها لذلك فإن هدفه كان منذ البداية مدينة سالونيك الضعيفة التحصين والتي لا يحيط بها إلا أسوار ضعيفة وبعض أجزاء الاسوار منخفضة يسهل اقتحام المدينة منها.
وسار ليو الطرابلسي بسفنه في بحر إيجه ثم اتجه نحو مضيق الدردنيل، وأغار على مدينة أبيدوس الواقعة شرقي المضيق ، ونجح ليو الطرابلسي في خداع الروم فقد توهم الامبراطور البيزنطي ليو السادس ، المُلَقَّب بالحكيم ، أن هدف الطرابلسي هو القسطنطينية ، فامر قائد الاسطول البيزنطي إيستاثيوس Eustathius بالتصدي للطرابلسي ومنعه من الوصول للقسطنطينية، وأخذ القائد البيزنطي يراقب تحركات الطرابلسي الذي عبر الدردنيل وحاصر مدينة باريوم في جنوب بحر مرمرة ، ثم انسحب عنها وعاد أدراجه عبر مضيق الدردنيل واتجه في بحر إيجه صوب شبه جزيرة خلقدونية ، ودار حولها متجهاً إلى سالونيك ، وارتكب القائد البيزنطي خطأً فادحاً ، ولم يواجه الطرابلسي وعاد إلى القسطنطينية باسطوله ليخبر الإمبراطور بهدف الطرابلس الحقيقي. ويبدو أن الامبراطور غضب على قائده ، فعزله وأسند قيادة الأسطول لوزيره الاول هيميريوس Himerius ، لكن هيميريوس ادرك ان الطرابلسي قد فاته فعاد إلى القسطنطينية.
وحاول الامبراطور ، بعد ان ادرك ضعف تحصينات سالونيك ، تقوية تحصيناتها ، وقام بإرسال دفعات من القوات إلى سالونيك ، وعلى رأس كل دفعة قائد جديد ، فوقع الأضطراب بين أولئك القادة ، و أصبح كل قائد يضع خططه الخاصة بالدفاع ، ثم ياتي القائد الذي بعده فينقضها ويضع خطة جديدة ، وكان أولهم بتروناس Petronas الذي عدل عن تقوية الاسوار ، وأمر بإلقاء أحجار كبيرة حول رصيف الميناء لتعوق سفن المسلمين من الدخول ، وجاءت دفعة ثانية من القوات بقيادة قائد يُدعى ليون ، فامر بوقف إلقاء الأحجار في المياه المحيطة برصيف الميناء ، وشرع في ترميم الأسوار وتحصينها ، وجاءت الدفعة الثالثة من القوات بقيادة قائد يدعى نيقتاس Niketas فانضم إلى ليون وأثنا تفقدهما لأسوار سالونيك سقط ليون عن ظهر فرسه وأصيب بجروج شديدة ، فعمد نيقتاس الى تكوين جيش جديد من سكان المدينة غير المُدربين ، كما استقدم بعض الجنود الصقالبة من المناطق القريبة من سالونيك.
اما معظم سكان سالونيك فقد لاذوا بكنائسهم وبضريح ” قديسهم ديمتريوس ” يستغيثون به ويتضرعون إليه ان يحميهم من غزو المسلمين لمدينتهم.
وتقدّم ليو الطرابلسي برجاله وسفنه نحو سالونيك فوصلها يوم الاحد الثاني عشر من رمضان سنة ٢٩١ هجرية/الموافق ٢٩ يوليو ٩٠٤م. فساد الخوف والذعر بين أهالي سالونيك وانغمسوا في شركهم داخل كنائسهم يتضرعو ويستنجدون بقديسهم ديمتريوس.
وتقدم ليو الطرابلسي بقواته وشن هجمات سريعة بهدف اختبار قوة التحصينات عن سالونيك وقدرة المدافعين عنها. وفي الثالث عشر من رمضان ٢٩١ هجرية/ ٣٠ يوليو ٩٠٤م هاجم المسلمون أسوار سالونيك واستخدموا المنجنيقات والسهام وتمكن بعضهم من الوصول إلى الجزء الشرقي من الأسوار وهاجموا بوابة تُسمى بوابة روما ، وأسندوا بعض السلالم على السور للصعود إلى أعلى السور ، ولكن المدافعين تمكنوا من صد هذه المحاولة.
وطبق المسلمون في آخر اليوم خطة جديدة تتمثل في ملء قوارب صغيرة بالنفط والكبريت والحطب ونقلوها إلى جوار بوابة روما وبوابة أخرى قريبة منها وأضرموا النيران في القوارب ، فاحترقت بوابة روما والبوابة القريبة منها ، وحين انهارت البوابتان اتضح ان خلفهما بوابتان من الحجارة القوية.
وامضى المسلمون ليلتهم في الاستعداد للهجوم النهائي على سالونيك. وفي صبيحة الرابع عشر من رمضان ٢٩١ هجرية/٣١ يوليو شن المسلمون هجوماً عزوماً بالسهام والرماح وقوارير النفط الحارقة ، على المدافعين عن الأسوار فلم يستطع المدافعون الصمود فتقهقروا وهرب بعضهم ، فاندفع الابطال المسلمون وتسلقوا الأسوار ونزلوا إلى داخل سالونيك وفتحوا بقية البوابات ، ودارت معارك حامية الوطيس في شوارع سالونيك وأزقتها ، وتمكن المسلمون من القضاء على كل جيوب المقاومة وأحرزوا انتصاراً ساحقاً ، واصبحت سالونيك بكل ما فيها غنيمة سائغة لهم.
وقد مكث ليو الطرابلسي ورجاله في سالونيك عشرة أيام جمعوا فيها من الغنائم كل ما غلا ثمنه وسَهُل حمله في سفنهم وفي المراكب التي غنموها من ميناء سالونيك ، وأسروا من سالونيك اثنين وعشرين ألف أسير يشكلون عُشر سكان المدينة وكان ضمن الأسرى يوحنا كامينياتي الذي أرَخ تاريخ هذه الغزوة بالتفصيل ، ويمكن أن نستنتج من روايته – أنهم يشكلون عُشر سكان المدينة – ان المسلمين اختاروا اسراهم بعناية فلم يأخذوا إلا كل من يمكن مبادلته بأسرى مسلمين في ايدي الروم ، أو يمكن بيعه بسهولة في أسواق الرقيق.
ولم يكن هدف ليو الطرابلسي – منذ البداية – الفتح الدائم لسالونيك ، لأنه كان يُدرك أنه يصعب الاحتفاظ بهذه المدينة في قلب دولة الروم التي لن تسكت على ضياعها وسوف تحشد كل امكاناتها لاستعادتها ، وكان الهدف الرئيس لليو الطرابلسي تسديد ضربة موجعة للدولة البيزنطية رداً على غزواتها المتلاحقة على إمارة كريت الإسلامية وغيرها من بلاد المسلمين.
ثم أمر ليو الطرابلسي قواته بالرحيل بكل ما حازوه من غنائم وأسرى ، وأرسل الامبراطور ليو السادس بعض قطع الاسطول لمطاردة ليو ورجاله ، واستطاع ليو ان يتجنب الاشتباك مع السفن البيزنطية حفاظاً على الغنائم والاسرى التي بحوزته ، وتوقف للراحة في بعض جزائر بحر أيجه التي تخضع لإمارة كريت الإسلامية ، واخيراً وصل ليو ورجاله بغنائمهم وأسراهم الى مدينة الخندق عاصمة كريت الإسلامية فجرى لهم استقبال حافل من مسلمي كريت ، وجرى إرسال الغنائم والأسرى إلى طرسوس وبعض موانئ مصر والشام واستبقى أهل كريت جزءأً من تلك الغنائم والأسرى.
وقد اعتبر المؤرخون الغربيون غزوة سالونيك من أكبر الكوارث التي حلَّت بالدولة البيزنطية عبر تاريخها الطويل ، وقد أسقطت هيبتها في نظر جيرانها الآخرين مثل البلغار والروس وغيرهم وطمعوا في ممتلكاتها وحققوا بعض أطماعهم فيها.
كتبه. أ . د/ علي بن محمد عودة الغامدي
#المعتصم_وفتح_عمورية
#في_مضان_سنة_٢٢٣هجرية

انشغل المعتصم في بداية حكمه بمواجهة فتنة بابك الخرمي الذي أدرك عجزه عن الصمود أمام قوات المعتصم فاتصل بامبراطور الروم ثيوفيل ووعده باعتناق النصرانية والإنتما إليه إذا ساعده ، فطمع ثيوفيل سيما وان أرمينية وآذربيجان كانتا حينذاك من معاقل الخرمية ، فجاء ثيوفيل بقواته إلى أعالي الفرات واستولى على زبطرة وقتل الذكور من سكانها بعد ان سمل عيونهم وقطع أنوفهم وآذانهم ، وسبى نساءهم وأطفالهم.
ولما بلغ الخبر المعتصم استعظمه وكبُر لديه (وبلغه أن امرأة هاشمية صاحت وهي أسيرة في أيدي الروم : وامعتصماه ، فأجابها وهو على سريره : لبيك لبيك ، ونهض من ساعته وصاح في قصره النفير النفير ) كما قال ابن الأثير في تاريخه.
واخذ المعتصم في تجهيز جيشه لغزو الروم سيما وقد نجحت قواته في قتل بابك الخرمي وإخماد فتنته. واختار المعتصم امنع واكبر مدن الروم لتكون هدفه وهي عمورية مسقط رأس امبرطور الروم ثيوفيل وأسرته. وتوغل بجيوشه في قلب بلاد الروم والتقى بقوات ثيوفيل في ٢٥ شعبان سنة ٢٢٣ هجرية وأنزل بالروم هزيمة ساحقة وتمزقت قواتهم ، ثم سار الجيش الإسلامي الى أنقرة واستولى عليها بدون مقاومة. وارسل ثيوفيل الى المعتصم يطلب منه الصفح والعفو وتعهد بإعادة بناء زبطرة واطلاق سراح الاسرى من المسلمين ، لكن المعتصم رفض توسلات ثيوفيل وشيع رسله بالاحتقار والسخرية. عندئذ أدرك ثيوفيل أن الدمار ينتظر مدينته المفضلة عمورية.
وبعد تدمير انقره قاد المعتصم جيشه صوب عمورية فوصلها وفرض عليها حصاراً شديداً استمر اسبوعين ، ثم استسلمت في رمضان سنة ٢٢٣ هجرية وتم تدميرها انتقاماً لما فعله ثيوفيل بزبطرة ، ووقع في أيدي المسلمين عدداً كبيراً من الأسرى مع غنائم وفيرة. وعاد المعتصم منصوراً مظفراً.
وفي هذه الغزوة وما احرزه المعتصم من انتصار مدح ابو تمام الخليفة وجيشه بالقصيدة المشهورة التي مطلعها :
السيف أصدق أنباءً من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب.
وهي من غرر الشعر العربي وتقع في واحد سبعين بيتاً.
أهم المصادر والمراجع : تاريخ الطبري ؛ تاريخ ابن الأثير ؛ السيد الباز العريني ، الدولة البيزنطية ؛ حسنين ربيع ، دراسات في تاريخ الدولة البيزنطية ؛ فازلييف ، العرب والروم ؛ ديوان أبي تمام.
كتبه : أ.د/علي بن محمد عودة الغامدي.
#نصر_منتصف_رمضان
#سنة_559_هجرية

أكبر وأضخم نصر حققه نور الدين محمود زنكي في رمضان سنة 559 هجرية ضد الحلف الصليبي الرومي الأرمني فلولا هذا النصر الذي قدره الله تعالى على يد نور الدين لما قامت الجبهة الاسلامية المتحدة ولما تم القضاء على الدولة العبيدية وذيولها في مصر والشام.
وهذا النصر العظيم وقع في منتصف رمضان 559 في معركة حارم التي حدثت في وقت عصيب,ففي ذلك العام تدخل نور الدين في مصر بعد ان استخار الله شهراً .
فقد حدث النزاع بين شاور وضرغام داخل الدولة العبيدية على السلطة وهرب شاور بعد هزيمته الى نور الدين في الشام وطلب مساعدته لاسترداد السلطة !!! .
ولكن نور الدين خشي ان تقع مصر بيد الصليبيين خصوصا وانهم يسيطرون على فلسطين كلها ويفصلونه عنها وهم الاقرب اليها منه واطماعهم في احتلالها مشهورة منذ وقت مبكر ، وقد وعد شاور نور الدين ان يعطيه ثلث خراج مصر اذا ساعده وان يمنح عساكره ممتلكات وإقطاعات في مصر ولكن نور الدين تردد وظل يقدم رجلا ويؤخر اخرى.
وازاء هذا اللبس لجأ نورالدين الى ربه ومكث يقرأ القران ويستخير ربه شهراً كاملاً كما تقول المصادر.
فعقد الله له العزم واتخذ القرار بالتدخل في مصر.
واختار نور الدين خيرة عساكره وارسلها الى مصر بقيادة قائده الكردي المحنك اسد الدين شيركوه الذي كان معه في تلك الحملة ابن اخيه الشاب صلاح الدين .
وصل جيش نور الدين الى مصر وساعد شاور في القضاء على ضرغام .
ولما سيطر شاور على مصر تنكر لعهده لنور الدين وطلب من اسد الدين شيركوه مغادرة مصر , ورفض شيركوة الانسحاب وطالب شاور بتنفيذ وعده لنور الدين واستولى اسد الدين شيركوه على بلبيس شمال شرق القاهرة كي يضغط على شاور لتنفيذ وعوده .
وهنا لم يتورع شاور عن الخيانة فارسل يستنجد بملك مملكة القدس الصليبي عموري الاول ضد جيش نور الدين فجاء عموري وحاصر شيركوه وجيشه في بلبيس.
واستشعر نور الدين الخطر على جيشه المحصور في بلبيس فبدأ يضغط على الصليبيين في الشام وارسل يستنجد بالحكام المسلمين في الموصل وحصن كيفا وغيرها.
وكان يحكم حصن كيفا في اعالي نهر دجلة فخر الدين قرا أرسلان الارتقي الذي قال لما قرأ رسالة نور الدين قولاً يعتبر شهادة بالتقوى والعبادة لنور الدين قال : - لقد تحشف نور الدين من كثرة الصوم والصلاة فاصبح يرمي بنفسه في المعارك دون خوف. واخبر اصحابه انه لن ينجد نور الدين وسيبقي في بلاده بعيداً.
وفي صبيحة اليوم التالي سمع اصحابه مناديه ينادي بالخروج للجهاد مع نور الدين فجاءوا اليه وقالو : ماعدا مما بدا ، تركناك على حال بالامس نرى الان ضدها.
فقال ان نور الدين استعمل معي طريقا إن لم انجده خرجت البلاد من يدي فقد ارسل الى العلماء والعُبّاد يحثهم على الدعوة للجهاد فاصبحوا يدعون عليّ وتلقى نور الدين النجدات من هذا الامير ومن الموصل ومن دياربكر وغيرها من مناطق الجزيرة الواقعة بين نهري دجلة والفرات .
اما الصليبيون فتحالفوا مع الروم والارمن وشكلوا جيشا نصرانيا متحدا يزيد عن 30 ألف مقاتل وكان من أشهر قادة التحالف النصراني الامراء بوهمند الثالث أمير انطاكية, وريموند الثالث أمير طرابلس , والدوك قسطنطين كولومان قائد الروم في جنوب جبال طوروس وجوسلين الثالث أمير تل باشر ,وثوروس الارمني أمير الأرمن في قيليقة وغيرهم.
وتمكن نور الدين بفضل الخطة الرائعة التي وضعها من تطويق الجيوش النصرانية عند حارم في منتصف رمضان سنة 559 هجرية وانزل بها هزيمة ساحقة ماحقة وكان عدد قتلى النصارى يزيد عن 10 ألاف قتيل ووقع من بقي حياً في اسر المسلمين بما فيهم اميري أنطاكية وطرابلس وقائد الروم وجوسلين الثالث .
ولم ينج الا القليل من الفارين ومنهم الامير ثوروس الارمني الذي فر الى جبال قيليقة وغنم المسلمون بقيادة نور الدين كل ماكان مع العدو من اسلحة ومؤن واستغل نور الدين النصر على الفور وسار بقواته الى الجولان واسترد عاصمتها بانياس في اواخر رمضان سنة 559 هجرية وتعتبر بانياس مفتاح القدس.
ولما سمع عموري ملك بيت المقدس بهزيمة قومه امام نور الدين اتصل بشيركوه داخل بلبيس واتفق معه على فك الحصارعنه على ان ينسحب الجانبان عن مصر وعاد عموري الى الشام لترميم ما اصاب الصليبيين من دمار وافتداء الاسرى الذين وقعوا في اسر نور الدين. اما مصر فسوف يفوز بها نور الدين بعد 4 سنوات
ولم يطلق نورالدين الامراء الصليبيين وحلفائهم الا مقابل فدية ضخمة بلغت 600 ألف دينار ذهب. وكان نور الدين قد أبطل الضرائب التي تبلغ مليون درهم وكان ذلك الإلغاء للضرائب قبل معركة حارم بسنوات وذلك خوفا من الله وورعا.
وقد عوضه الله بأضعاف تلك المكوس التي ألغاها بهذا المبلغ الكبير الذي استغله على احسن وجه ، فقد بنى به عشرات المدارس في بلاد الشام لتعليم النشء العقيدة الصحيحة والقضاء على العقائد الباطنية التي عمت بلاد الشام زمن العبيديين ، وعيّن المدرسين في تلك المدارس على المذاهب السنية الأربعة : الشافعية والحنبلية والمالكية والحنفية. وهذا النصر الذي حققه نور الدين في
رمضان هو أكبر انتصاراته على الإطلاق.

كتبه. أ د / علي بن محمد عودة الغامدي.
الغزو الغولي دروس وعبر لا تقدر بثمن فأين الأمة التي تعتبر من تجارب تاريخها وتسترشد بها في حاضرها ومستقبلها؟؟
 
 
الغزو المغولي :– امضى المسلمون قرن وربع قرن من الزمان (615-490 هجرية) وهم يجاهدون ضد العدوان الصليبي عليهم عبر الحملات الصليبية التي لاتتوقف .
وفي الوقت الذي تعرضت فيه بلاد الشام ومصر لهجوم الحملة الصليبية الخامسة (618-614) بدأت جحافل المغول تدمر بقوة مروعة الجزء الشرقي من العالم الاسلامي وكأن جحافل المغول بقيادة جنكيزخان كانت على موعد مع الغرب الأوربي الصليبي للاطباق على العالم الاسلامي ومحو الاسلام من الوجود .
والحق ان الغزو المغولي ليس حادثة عادية ولاهجرة طبيعية من الهجرات التي عرفها تاريخ الانسان بل كان اعصارا مدمرا ابتليت به البشرية والمسلمون بخاصة وقد استطاع المغول خلال عامي (617-616) اجتياح بلاد ماوراء النهر وخوارزم وخراسان وغيرها ودمروا مدن بخارى وسمرقند وبلخ ومرو وغزنة ونيسابور وغزنة .
وقتل المغول الملايين من سكان تلك البلاد المسلمين في وحشية رهيبة لم يشهد لها تاريخ البشرية مثيلا، ودمروا الحضارةالاسلامية الزاهرة في تلك البلاد .
وكان جلال الدين الخوارزمي قد نجح في مقارعة المغول ردحا من الزمن، الا أنه استنفد قواه في صراع مرير مع الايوبيين والسلاجقة ثم انهار امام المغول .
وبعد اغتيال احد الاكراد لجلال الدين الخوارزمي سنة 628 هجرية اصبحت الطريق مفتوحة امام المغول للتقدم الى اسيا الصغرى والعراق وبلاد الشام ومصر .
وفي سنة 641 هجرية استولى المغول على اسيا الصغرى واخضعوا سلاجقتها لسيطرتهم بعد ان هزموهم . وطوقوا بلاد الخلافة العباسية من الشرق والشمال .
وفي سنة 651 جهز خان المغول منكو جيشا يزيد عن مئة ألف واسند قيادته الى اخيه الاصغر هولاكو وأمره بالاستيلاء على قلب بلاد الاسلام العراق والشام ومصر.
وتمكن هولاكو في سنة 654 من الاستيلاء على كل قلاع الاسماعيلية الباطنية في غرب ايران،
وعددها 50 قلعة ، وقضى على هذه الفرقة الملحدة قضاء مبرما ثم سار هولاكو بجيشه صوب بغداد وهزم جيش الخليفة العباسي المستعصم وحاصر بغداد فاستسلم الخليفة لهولاكو في صفر سنة 656 هـ بمشورة وزيره ابن العلقمي .
كان لوزير الخليفة الرافضي مؤيد الدين بن العلقمي اكبر الاثر في سقوط بغداد فهو الذي اقنع الخليفة بالاستسلام وتسريح معظم جيشه قبل وصول هولاكو .
وارتكب المغول مذبحة شنيعة في بغداد دامت اربعين يوما وراح ضحيتها أكثرمن 800 ألف نسمة من سكانها ونهبوها نهبا شنيعا ودمروا كنوز الحضارة الاسلامية.
الحق ان تخاذل ملوك و حكام المسلمين وتفرق كلمتهم وتنازعهم فيما بينهم بل وتقاتلهم قبل وصول المغول هو الذي مهد الطريق لنجاح الغزو المغولى.
وقد عبر احد هؤلاءالملوك عن هذه الحقيقة فقال:(والله ماخرجت البلاد من ايدينا الا بتخاذل بعضنا عن بعض فلو كانت الكلمة مجتمعة لم يجر علينا ما جرى).
ولايمكن الحديث عن غزو المغول دون الاشارة باختصار الى دور العدو الأبدي اللدود للإسلام والمسلمين وهو الغرب الصليبي الذي أدرك قوة وخطر المغول , فقرر الغرب الصليبي التحالف مع المغول والافادة منهم ضد المسلمين والاطباق عليهم من الشرق والغرب وتدميرهم وانتزاع البلاد المقدسة في فلسطين منهم.
وقد أوفدت البابوية ارساليتين الى المغول بهدف تنصيرهم والتحالف معهم ضد المسلمين كما أرسل ملك فرنسا لويس التاسع بعثتين الى المغول للهدف نفسه , ولكن العائق الذي افشل المخطط الغربي الصليبي ان خانات المغول اشترطوا حضور البابا بنفسه وكل ملوك الغرب لتقديم فروض الطاعة والولاء لملوك المغول .
اما نصارى الشرق مثل ملك الارمن هيثوم وامراء جورجيا وامير انطاكية فقد خضعوا للمغول وشاركوا في اقتحام بغداد وفاقوا المغول في التنكيل بالمسلمين.
وسار هولاكو بجيشه الى الشام واتجه لحصار مدينة حلب واستسلمت له في صفر سنة 658 هجرية فغدر بأهلها واسر منهم 100 ألف وباعهم في اسواق الرقيق .
وكان مع هولاكو في اقتحام حلب قوات امارة انطاكية الصليبية وجورجية وجيش الارمن بقيادة ملك الارمن هيثوم الذي احرق بيدية الاثمتين جامع حلب الكبير , وعاد هولاكو الى بلاده بمعظم جيشه بسبب موت اخيه منكو وليشارك في اختيار الخان الجديد وترك قائده كتبغا على رأس 12 ألف فارس ليحتل بقية الشام ومصر , وترك هولاكو زوجته دوقوز خاتون لتكون مستشارة لكتبغا .وكانت دوقوز نصرانية كما كان كتبغا نصرانيا واصبح الجيش المغولي في الشام تحت قيادة النصارى , وسلم اهل دمشق مدينتهم للمغول حقنا لدمائهم فدخلها القادة النصارى الثلاثة نائب هولاكو كتبغا وهيثوم ملك الارمن وبوهمند امير انطاكية الصليبي , وشهد سكان العاصمة الأموية دمشق ثلاثة امراء نصارى يرفعون شعار الصليب ويشقون بموكبهم المتغطرس شوارع دمشق منتصرين لأول مرة منذ ستة قرون ونصف .
وبسقوط المدن الكبرى الثلاث في ايدي المغول( بغداد وحلب ودمشق) بدت خسارة الاسلام فادحة , فأعلن النصارى من سكان دمشق الفرح واستظهروا على المسلمين , واقام النصارى في دمشق الاحتفالات لهزيمة المسلمين ورفعوا الصلبان واجبروا المسلمين على الوقوف احتراما لها ، وتعرضوا للمسلمين بالشتم والاهانة .
وتظاهر النصارى في دمشق بشرب الخمر علنا في نهار رمضان ورشوه على ثياب المسلمين في الطرقات وصبوه على ابواب المساجد بمافيها الجامع الاموي.
واخذ نصارى دمشق يرددون قائلين الان ظهر الدين الصحيح دين المسيح ولما شكى المسلمون لكتبغا ذلك ضربهم وأهانهم واخذ يزور الكنائس ويعظم كل النصارى.
واستقبل سلطان المماليك قطز رسل من المغول سلموه رسالة من هولاكو ملؤها التهديد والوعيد فعقد مجلس مشورة ضم كبار امراء المماليك للرد على الرسالة.
واستقر الرأى على ضرب اعناق رسل المغول وجرى تعليقها على باب زويلة،أحد ابواب القاهرة وكانت نيفا واربعين رأسا واعلن قطز النفير العام في كل مصر , وامكن حشد 40 ألف مقاتل وتم جمع الاموال لتموين الجيش الخارج لصد المغول بناء على فتوى الشيخ عبد العزيز بن عبد السلام وتم جمع 600 ألف دينار .
وسار الجيش نحو بلاد الشام ووصلت طليعته الى غزة بقيادة بيبرس واستردها من القائد المغولي بايدر بعد ان دمر قواته فكان ذلك فالا حسنا بانتصار المسلمين , وتقدمت قوات المسلمين نحو عين جالوت قرب نابلس واخفى قطز قواته خلف التلال القريبة من ساحة المعركة وتقدمت طليعة الجيش بقيادة بيبرس للقاء العدو .
وفي يوم 25 رمضان سنة 658 هجرية التقت قوات المسلمين بجيش المغول الذي تسانده عساكر ارمنية وجورجية وحمل كتبغا على طليعة المسلمين ظانا انها الجيش كله وتظاهرت الطليعة بالهزيمة وطاردها كتبغا ثم خرجت عليه كمائن المسلمين بقيادة قطز من خلف التلال وطوقت قواته ودارت معركة حامية من الفجر الى الظهر.
وابلى قطز في المعركة بلاء حسنا وصاح بأعلى صوته وا إسلاماه يالله انصر عبدك قطز على التتار وحلت الهزيمة الساحقة بالمغول وحلفائهم النصارى وأبيد معظمهم وقتل المسلمون قائد المغول النصراني كتبغا واستعادوا كل المدن والبلاد التي احتلها المغول في بلاد الشام وردوا خطرهم الى ماوراء نهر الفرات .
ولقد ترتب على معركة عين جالوت نتائج بعيدة المدى أهمها القضاء على خرافة الجيش الذي لايقهر فقد حلت بالمغول هزيمة لاتنجبر ابدا حسب قول بعض المؤرخين.
ونتج عن معركة عين جالوت وقف الزحف المغولي وانقاذ ماتبقى من تراث الحضارة الاسلامية وإعادة الوحدة بين مصر والشام وهو ما أدى الى القضاء على الصليبيين كما نتج عن معركة عين جالوت انتقال مركز القوة الاسلامية الى دولة المماليك لاكثر من قرنين من الزمان واكتسب المماليك بنصرهم الصبغة الشرعية لحكمهم.
وبعد هذا الاستعراض الموجز للغزو المغولي ومعركة عين جالوت ونتائجها .نقدم لكم الدروس والعبر المستفادة وما قرأناه وراء سطور ذلك الغزو. وهو:-
اولا:- ان الله تعالى لايقدر شرا محضا على الامة فالمماليك الذين هزموا المغول هم الايتام الذين فقدوا اسرهم في غزوات جنكيز خان وواخذهم تجار الرقيق وباعوهم في موانئ البحر الاسود واشترى السلطان الايوبي الصالح ايوب الالاف منهم ورباهم تربية عسكري ونشأهم تنشئة اسلامية ولما ضعفت الدولة الايوبية استولوا على الحكم وهزموا المغول في عين جالوت وفي معركة البستان سنة 675 وقصموا ظهر المغول في معركة حمص سنة 680 هجرية.
وهؤلاء المماليك الايتام الهاربين من سيوف المغول هم الذين هزموهم في نهاية المطاف وهم ايضا الذين ازالوا الامارات الصليبية من الشام ليس هذا فقط بل لقد هرب من المغول اعداد لاحصر لها من الترك الوثنين ولجأوا الى اسيا الصغرى فتلقفهم شيوخ مسلمون فأدخلوهم في الاسلام ولما قامت الدولة العثمانية في اواخر القرن السابع وجدت في هؤلاء الاتراك المسلمين الجدد المادة البشرية فجندتهم في جيشها وحمت الاسلام عدة قرون.
ثانيا:– اهمية الوحدة والتضامن بين المسلمين فلم يكن بمقدور المغول ولا النصارى التوغل في بلاد المسلمين و الانتصار عليهم لو انهم واجهوا امة متحدة , فقد ركن المسلمون الى الترف وفرقوا دينهم شيعا وانغمسوا في منازعات داخلية لاتنتهي الامر الذي جهز التربة الخصبة لنجاح عدوان الصليبيين والمغول .
ثالثا:- كلما طبق المسلمون الاسلام في واقع حياتهم على الوجه الصحيح واقاموا فريضة الجهاد تحقق لهم النصر على اعدائهم ونالوا العزة والكرامة والمجد , وكلما تقاعسوا عن تطبيق منهج الاسلام وتركوا الجهاد حلت بهم الهزيمة وطمع فيهم عدوهم وأنزل الله بهم الذل على أيدي اعدائهم حتى يعودوا الى دينهم .
رابعا:- لايجوز الركون الى النصارى أبدا فهم العدو الأبدي للإسلام منذ ظهوره والى قيام الساعة (ولن ترضى عنك اليهود ولاالنصارى حتى تتبع ملتهم ) .
خامسا:-يجب انفاق اموال المسلمين في وجوه الصرف الشرعية واعداد العدة وبناء الجيوش المقتدرة لمواجهة اعداء الدين (واعدوا لهم ماستطعتم من قوة…..) ولايحل لمن يلي أمور المسلمين اكتناز الأموال العامة لأنفسهم أو انفاقها في غير وجوه الصرف الشرعية لان ذلك سيكون وبالا عليهم في الدنيا والاخرة.
فهذا الخليفة العباسي المستعصم قد وقع في قبضة هولاكو فاجبره على ان يخرج كنوزه من باطن الارض فدله على احواض مملؤة بالذهب والجواهر فمنعه الطعام فلما جاع قدم له هولاكو طبقا مملؤا بالذهب والجوهر فقال الخليفة انه لايؤكل فسأله هولاكو لماذا احتفظت به ولم تنفقه على جندك ولماذا لم تصنع من هذه الابواب الحديدية سهام ورماح لجندك؟ ولماذا لم تسر بالجيوش الى نهر جيحون لتمنعني من عبوره؟ فاجاب الخليفة انها ارادة الله فرد عليه هولاكو ان ماسيقع عليك هو كذلك ارادة الله ثم امر بقتله فوضعوه في جولق(كيس سميك) كما هي عادتهم في قتل الملوك وداسوه بحوافر الخيل حتى مات .
سادسا:- انه لايجوز بأي حال من الاحوال التفريط في حقوق المسلمين ومقدسات الاسلام ومن يفعل ذلك فإن الله سينصر دينه (وان تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لايكونوا أمثالكم) وهذه السنة الالهية اجراها الله على هذه الامة مرات عديدة زمن الحروب الصليبية وغزو المغول .
وهناك العديد من الحكام الذين تذللوا للمغول مثل كيكاوس الثاني سلطان سلاجقة الاناضول الذي اهان نفسه في حضرة هولاكو بعد سقوط بغداد فجاء الى هولاكو بعد ان رسم صورته على زوج نعال وقدمها لهولاكو قائلا(عبدك يأمل ان تتفضل بتشريف رأس عبدك بوضع قدمك الشريفة عليها) واصبح كيكاوس في مزبلة التاريخ وقيض الله لهذه الامة قطز وبيبرس وقلاوون الذين سحقوا المغول في معارك عين جالوت والبستان وحمص ونالوا الشرف والعز .
كتبه . أ . د / علي بن محمد عودة الغامدي.
اعلان_مؤتمر_فلسطين_عبر_العصور_لعام_2024م.pdf
595.3 KB
اعلان مؤتمر فلسطين عبر العصور لعام 2024م.pdf
#ولاية_قسيم_الدولة
#آقسنقر_الحاجب
#على_حلب_وسياسته
#العادلة_فيها.
عَهِدَ السلطان السلجوقي ملكشاة سنة ٤٨٠ هجرية بولاية حلب لآقسنقر الحاجب ( وهو والد عماد الدين زنكي وجد نور الدين ؛ ولا يمت بصلة البتة لآقسنقر البرسقي حاكم الموصل الذي اغتاله الباطنية في جامع الموصل سنة ٥٢٠ هجرية والذي زعم الشنقيطي - كذباً أو وهماً - أنه والد عماد الدين زنكي وجد نور الدين ، وفسّر سياسة نور الدين ضد طوائف الباطنية بأنها سياسة ثأرية انتقامية لمقتل جده المزعوم ). وتوطدت الأمور في حلب لآقسنقر الحاجب كما قال ابن العديم : " وأقام الهيبة العظيمة التي لا يقدر عليها أحد من السلاطين ، وأظهر فيها من العدل والإنصاف مع تلك الهيبة ما يطول شرحه ، ورخصت الأسعار في أيامه الرخص الزائد عن الحد ، وقرّب الحلبيين وأحبهم الحبَّ المفرط ، وأحبوه أضعاف ذلك ، وأقام الحدود وأحيا أحكام الإسلام ، وعمّر الأطراف ، وأمَّن السُّبل ، وقتل قُطَّاع الطرقات وطلبهم في كل فجّ وشنق منهم خلقاً ، وكلما سمع بقاطع طريق في موضع قصده وأخذه وصلبه على أبواب المدينة.
وكثرت في أيامه الأمطار وتفجّرت العيون والأنهار ، وعامل أهل حلب من الجميل بما أحوجهم أن يتوارثوا الرحمة عليه إلى آخر الدهر.
المصدر : بغية الطلب في تاريخ حلب ، لإبن العديم.
#سبب_هذا_التحريف
#الذي_اقترفه_الشنقيطي
ومن عجب أن محمد المختار الشنقيطي زعم في كتابه " أثر الحروب الصليبية على العلاقات السُّنِّية الشيعية " أن آقسنقر البرسقي هو والد عماد الدين زنكي رغم أن عماد الدين زنكي أكبر سناً من آقسنقر البرسقي ، ذلك أن عماد الدين زنكي كان عمره حين قتل الملك تتش - شقيق السلطان ملكشاة - والده آقسنقر الحاجب سنة ٤٨٧ هجرية إحدى عشرة سنة فكفله كربوجا أمير الموصل ، ولما بلغ زنكي سن الرشد انخرط في عسكر الموصل وظل يعمل جندياً في هذا العسكر عشرات السنين قبل ولاية آقسنقر البرسقي على الموصل.
وعلى ضوء هذا الخطأ الذي اقترفه الشنقيطي فسَّر سياسة نور الدين محمود بن زنكي إزاء القوى الباطنية بأنها سياسة ثارية انتقامية لمقتل جده.
ومرد هذا الخطأ الفادح الذي اقترفه الشنقيطي أنه لم يستقص كل المصادر ، ولم ينخلها كما ينبغي ، وكما درج عليه الباحثون في تاريخ الحروب الصليبية. إنما كان هدفه البحث عما يمنح الخمينية الشرعية التاريخية ، وما يُعَمِّق دعوى المظلومية التاريخية التي تدَّعيها القوى الباطنية.
وهذا الخطأ هو واحد من عشرات الأخطاء الفادحة التي اقترفها الشنقيطي في كتابه. وقد تناولتها بالنقد والتصحيح في كتابي الموسوم ب " أباطيل وأخطاء تاريخية ، نظرات نقدية في كتاب ، أثر الحروب الصليبية على العلاقات السُّنٍّية الشيعية ، لمحمد بن المختار الشنقيطي. وهذا رابطه👇
https://twitter.com/AlghamdiProf/status/1288110652217651202?t=erz7QLt_zO9S7x0dbf8g_w&s=19
وهذا رابط آخر له. 👇
https://twitter.com/AlghamdiProf/status/1284784866249388032?t=z8FHpnh_SjpC9t9LkKnXqQ&s=19
#الصلح_الذي_أبكى_المسلمين. ------------------------------------
صُلح يافا بين السلطان الأيوبي محمد الكامل وامبراطور ألمانيا وصقلية فردريك الثاني وتسليم القدس لفردريك الثاني.
-------------------------------------------
إذ أثبت تاريخ الحروب الصليبية التي دارت رحاها على بلاد الشام لمدة قرنين من الزمان أن كل ما ترتب على المفاوضات بين المسلمين والصليبيين كانت في الغالب لصالح الصليبيين.
وقد تعاون الأخوة الثلاثة أبناء العادل ، السلطان الكامل محمد صاحب مصر مع أخويه المعظم عيسى ملك دمشق والقدس وما يتبعهما والأشرف موسى ملك الجزيرة الفراتية وخلاط. وترتب على تعاونهم هزيمتهم للحملة الصليبية الخامسة التي غزت مصر بعد أربع سنوات من القتال ، رغم أن أعداد جيوش الحملة زادت على مئة وستين الفاً. وكان ذلك النصر سنة ٦١٨ هجرية.
ولم يلبث الخلاف والنزاع أن دب بين الإخوة - وسبب الخلاف وتفاقمه موضوع يطول شرحه - فاتفق الكامل محمد مع أخيه الأشرف موسى ضد أخيهما المعظم عيسى الذي شعر أنه أصبح مطوقاً من جانب أخويه فراسل سلطان الدولة الخوارزمية جلال الدين منكبرتي وتحالف معه ضد أخويه. وبدأ جلال الدين يهاجم ممتلكات الاشرف في الجزيرة. عندئذ راسل الكامل محمد ملك المانيا وصقلية فردريك الثاني - حفيد فردريك بربرسا - وطلب مساعدته على أخيه المعظم ووعده بإعطائه القدس مقابل مساعدته له ، وكانت البابوية قد أصدرت قرار الحرمان ضد فردريك لتقاعسه عن القيام بحملة صليبية لاحتلال القدس مرة أخرى.
وقد وصل فردريك إلى عكا في شوال سنة ٦٢٥ هجرية بحملة صغيرة مكونة من مئات الفرسان. وكان الملك المعظم عيسى قد توفي قبيل وصوله وأعلن ابنه الناصر داوود طاعته لعمه السلطان الكامل. فوقع الكامل في موقف حرج مع فردريك ، فلم يعد في حاجة لمساعدته بعد موت أخيه. ولكنه هو الذي استدعاه ووعده ومنَّاه بالقدس. وقد جرت مفاوضات طويلة بين الجانبين وكان السفير المتنقل بين الكامل وفردريك هو فخر الدين بن شيخ الشيوخ وزير الكامل ، الذي انعقدت بينه وبين فردريك صداقة متينة ، وذكرت المصادر أن فردريك كان يبكي أحياناً خلال المفاوضات ويرجو أن ينعم عليه الكامل بالقدس ، وأنه ليس له هدف في القدس سوى حفظ مكانته في الغرب ورفع قرار الحرمان عنه...
وأخيرا ًتوصَّل الجانبان إلى اتفاقية صلح يافا في ٢٨ ربيع الأول سنة ٦٢٦ هجرية/ ١٨ فبراير سنة ١٢٢٩م
وكانت نصوصه كما يلي :
- مدة الهدنة " الصلح " بين الجانبين عشر سنوات.
- أن يأخذ الصليبين بيت المقدس وبيت لحم والناصرة.
- أن يبقى سور بيت المقدس خراباً فلا يُجَدَّد.
- تكون جميع القرى التابعة للقدس بأيدي المسلمين ويحكمها والٍ مسلم يُقيم بالبيرة شمال القدس.
أن يكون المسجد الأقصى وقبة الصخرة بأيدي المسلمين ولا يدخلها الفرنج إلا للزيارة فقط.
- حرية العبادة للمسلمين والمسيحيين على حد سواء.
- منحت الاتفاقية الصليبيين عدداً من القرى فيما بين عكا ويافا وبين اللد وبيت المقدس لضمان سلامتهم أثناء تنقلهم إلى المدينة المقدسة.
- تعهد الامبراطور فردريك الثاني من جانبه للسلطان الكامل بعدم الاشتراك أو المساعدة في أي حملة صليبية قادمة للهجوم على ممتلكات السلطان ، بل وعرقلة أي جُهد صليبي ضد ممتلكاته.
ولم يغفر المسلمون المعاصرون للسلطان الكامل هذه الفعلة الشنيعة ، حتى أن أحد قادة جيشه ويُدعى سيف الدين بن أبي زكري حذَّره من مغبة تسليم بيت المقدس والتفريط في حقوق المسلمين ونصحه قائلاً : ( ابق دمشق على ابن أخيك الناصر واطلبه واطلب أخاك الملك الأشرف ، وعسكر حلب ، ونقاتل هذا العدو فإما لنا وإما علينا ، ولا يُقال أن السلطان أعطى الفرنج القدس.) ولم يجد ابن أبي زكري من الكامل أذناً صاغية بل غضب عليه واعتقله " وسيره إلى مصر فحبسه بها ".
وحينما بعث الكامل ينادي في القدس بخروج المسلمين وتسليمه للصليبيين " وقع في أهل القدس الضجيج والبكاء وعظم ذلك على المسلمين وحزنوا لخروج القدس من أيديهم ، وأنكر وا على الكامل هذا الفعل واستشنعوه منه ، إذ كان فتح هذا البلد واستنقاذه من الكفار من أعظم مآثر عمه صلاح الدين ".
وعبَّر الأئمة والمؤذنون الذين في المسجد الأقصى والصخرة ، وبقية مساجد القدس عن سخطهم وسخط جميع المسلمين بصورة مدوية ومؤلمة ، فأخذوا ستائر المسجد وقناديله الفضية وآلاته وحضروا إلى باب خيمة السلطان " وأذَّنوا على بابه في غير وقت الأذان" فأمر بسلب ما معهم وزجرهم أعوانه وطردوهم خارج معسكره.
وعم السخط العارم بلاد المسلمين بسبب تسليم بيت المقدس للصليبيين " فقامت القيامة في جميع بلاد الإسلام واشتدت العظائم وأُقيمت المآتم ".
وفي دمشق خطب المؤرخ سبط بن الجوزي في الجماهير المحتشدة في الجامع الأموي وذكر مكانة بيت المقدس في نفوس المسلمين وفضائله وماجرى عليه ومما قاله : ( انقطعت عن البيت المقدس وفود الزائرين ، يا وحشة المجاورين ، كم كان لهم في تلك الأماكن من ركعة ، وكم جرت لهم على تلك المساجد من دمعة ، تالله لو صارت عيونهم عيوناً لما وفت ، ولو تقطعت قلوبهم أسفاً لما شفت ، أحسن الله عزاء المؤمنين ، يا خجلة ملوك المسلمين ".
كما ألقى قصيدة تائية جاء فيها قوله :
مدارس آيات خلت من تلاوة
ومنزل وحي مقفر العرصات
على قبة المعراج والصخرة التي
تفاخر ما في الأرض من صخرات.
كيف مات الامام البخاري؟!

تعرض الإمام البخاري لاضطهاد شديد في نهاية حياته من حكام المدن الإسلامية في شرق العالم الاسلامي..
و تحديدا نيسابور… بخارى… سمرقند.

لأسباب كثيرة منها :.

_ رفضه تعليم أولادهم في قصورهم.
فكان يقول : العلم يؤتى و لا يذهب به للابواب.

_حسد البعض من شهرته وسيرته.
و غيرها من الأسباب.

لما بلغ البخاري 62 سنة وصلته أوامر حاكم نيسابور ان يغادر المدينة و أنه غير مرغوب فيه..

فهاجر منها حتى وصل مسقط راسه بخارى.. فاستقبله الناس على أبواب المدينة و نثروا عليه الأموال والسكر ، والتفّ الناس وطلاب العلم والمحدّثون حوله حتى هجروا مجالس المحدّثين الآخرين مما كان سببا في إيغار صدور البعض عليه.

لكن سرعان ما غضب من شهرته حاكم بخارى ووصلت كذلك رسائل من حاكم نيسابور بضرورة طرد الامام من بخارى أيضا كما سبق وطرد من نيسابور.

فوصل مبعوث حاكم المدينة لبيت البخاري يطلب منه وبشكل عاجل ان يترك المدينة… وكانت الأوامر ان “الان” يترك المدينة.

لدرجة ان الإمام لم يمهل ان يجمع كتبه ويرتبها.. فخرج من المدينة ومكث على مشارفها في خيمة له ثلاثة أيام يضبط كتبه ويرتبها ولا يعرف أين يذهب؟!.

ثم تحرك البخاري ناحية مدينة سمرقند… لكنه لم يدخل المدينة نفسها بل اتجه نحو قرية من قراها اسمها خرتنك ليحل ضيفا على أقاربه هناك.
بمرافقة ابراهيم بن معقل.

ولم يمر وقت طويل حتى وصل الحرس لابواب البيت الذي نزل فيه الإمام…

وأوامرهم من حاكم سمرقند هذه المرة.. ان لابد أن يخرج الإمام البخاري من نواحي سمرقند وقراها.
وكانت هذه ليلة عيد الفطر.

لكن الأوامر ان يخرج “الان” وليس بعد العيد… فخشي الإمام ان يتسبب باي ضرر لاقاربه الذين اكرموه…

فرتب له ابراهيم بن معقل الكتب فوق دابته الأولى وجهز الثانية ليركب عليها الإمام.
ثم عاد ابن معقل للبيت وبدأ يخرج البخاري وهو يتحامل عليه… وهما يمشيان باتجاه دابة الركوب …

وبعد ما يقارب ال 20 خطوة..
شعر الإمام البخاري بالتعب اكثر فأكثر.. فطلب من ابن معقل ان يمهله دقائق ليستريح..

جلس الإمام البخاري بجانب الطريق.. ثم نام .
و ما هي إلا دقائق.. عندما أراد ابن معقل ان ييقظ الإمام وجده قد فاضت روحه الى الله…رحمه الله.

مات الإمام البخاري على جانب الطريق ليلة عيد الفطر يوم ١ شوال عام 256 هجريا …
و هو مطرود من مدينة و اخرى وثالثة و قد تجاوز عمره 62 سنة.

يجهل الناس اليوم اسماء حكام نسابور و بخارى و سمرقند ...لكن الجميع يعرف الامام البخاري .

رحم الله الامام البخاري و رفع درجته في عليين مع النبيين و الشهداء و الصالحين .

- الذهبي ؛ سير أعلام النبلاء ص 468 جزء 12 .
‏صورة من .
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
اسال اللهَ أن يديم المحبّة والتقدير والاحترام في الدُّنيا فما بعد الموت الا الدعاء بالمغفرة والرّحمة ،،،
#من_المواقف_العظيمة_المبكية
#التي_بكى_فيها_النبي
#صلى_الله_عليه_وسلم
#وأبكى_الأنصار_معه

كان صفوان بن أمية قد طلب مهلة شهرين حتى يسلم .. فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أشهر واستعار منه النبي صل الله عليه وسلم عدة المحارب .. وقد أعطاه مائة من الإبل كما أعطى زعماء مكة أيضاً.
ثم وجده صل الله عليه وسلم ما زال واقفاََ ينظر إلى أَحَد شِعاب حنين وقد شد انتباهه شِعبٌ وقد مُلئ إبلاً وشياهاً وقد بدت عليه علامات الانبهار بهذه الكميات الكبيرة من الأنعام.
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : أبا وهب .. أيعجبك هذا الشِعب؟؟
فقال صفوان: نعم
فقال: هو لك وما فيه
قال صفوان: لي ؟!
قال: نعم
يقول الصحابة: فأشرق وجه صفوان وقال: إن الملوك لا تطيب نفوسها بمثل هذا .. ما طابت نفس أحد قط بمثل هذا إلا نبي .. أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله
فأسلم صفوان رضي الله عنه وصدق إسلامه.
وعندما وجد الأنصار عطاء النبي صل الله عليه وسلم من خمسه (حصته) لسادة قريش مسلمها وكافرها عطاء ليس له حدود وجدوا في أنفسهم (أي تأثروا) .. فقال بعضهم لبعض: لقد لقي النبي قومه (أي رجع لأهله وفرح فيهم) .. غفر الله لرسول الله .. يعطي قريشاََ ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم بالأمس؟!!
فلما بلغت هذه المقالة النبي صلى الله عليه وسلم كان لها أثر في نفسه
وأرسل إلى سعد بن عبادة زعيم الخزرج وهو الباقي من سادة الأنصار
وقال النبي صل الله عليه وسلم لسعد: يا سعد ما مقالة بلغتني عن قومك؟؟
قال له: أجل يا رسول الله إن هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت قسمت في قومك وأعطيت عطايا عظيمة في قبائل العرب ولم يكن لهذا الحي من الأنصار منها شيء
فقال النبي صل الله عليه وسلم له: فأين أنت من ذلك يا سعد؟ (اي ما موقفك أنت)
فقال سعد: ما أنا إلا رجل من قومي!
فقال له النبي صل الله عليه وسلم: إذن فاجمع لي قومك لا يخالطكم غيركم
فخرج سعد فجمع الأنصار (الأوس والخزرج) في شِعبٍ لم يدخل فيه إلا أنصاري.
وأتاهم النبي صل الله عليه وسلم وحده لا يصحبه إلا الصديق أبو بكر فحياهم بتحية الإسلام .. ثم حمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا معشر الأنصار
ألم تكونوا كفاراََ فهداكم الله بي؟؟
ألم تكونوا عالة (أي فقراء) فأغناكم الله بي؟؟
ألم تكونوا أعداء فألف الله بين قلوبكم بي؟؟
ثم قال: ألا تجيبوني يا معشر الأنصار؟
قالوا: وبماذا نجيبك يا رسول الله .. ولله ولرسوله المنُّ والفضل؟
قال: أما والله لو شئتم لقلتم فلصَدَقتُم ولصُدِّقتُم
قولوا: ألم تأتِنا مكذباً فصدقناك؟؟
ألم تأتِنا مخذولاً فنصرناك؟؟
ألم تأتِنا طريداً فآويناك؟؟
ألم تأتِنا عائلاً فواسيناك؟؟
فارتفع صوت الأنصار بالبكاء وضج المكان وهم يقولون: المنة لله ورسوله يارسول الله
فقال لهم: ما مقالة بلغتني عنكم ووجدة وجدتموها في أنفسكم
تقولون: لقد لقي محمد اليوم قومه
يا معشر الأنصار
أوجدتم في أنفسكم لعاعة من الدنيا تألفت بها قلوب قومٍ ليسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم؟؟
ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يرجع الناس بالشاة والبعير وترجعوا برسول الله ﷺ في رحالكم؟؟
فقالوا: أَوَفاعل أنت يا رسول الله؟؟
(وكانوا قد غلبهم الظن أن النبي سيقيم في مكة فقد أصبحت دار إسلام وهي مسقط رأسه وهي بلد الله الحرام فظنوا أن النبي لن يرجع للمدينة معهم ففاجأهم بهذا الخبر المفرح)
قالوا: أَوَ فاعلٌ أنت يا رسول الله؟؟
قال: أجل المحيا محياكم والممات مماتكم أنتم الشعار والناس دثار
(الملابس الداخلية التي تلاصق الجسم تسمى شعاراََ لأنها تلامس شعر البدن أما القميص يسمى دثاراََ)
أنتم الشعار أي أنتم أقرب لجلدي أنتم أهلي وعشيرتي وأحبابي رضي الله عن الأنصار وباقي الناس دثار .. أنتم الشعار والناس دثار .. فوالذي نفس محمد بيده لو سلك الناس قاطبةً شِعباً وسلك الأنصار شِعباََ لسلكتُ مسلك الأنصار ولو لا الهجرة لكنت واحداً من الأنصار.
ثم بسط يديه وهو يقول: اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار.
يقول الأنصار: فظننا أنه لن يسكت حتى يعد مئة جيل من الأنصار.
وبكى ﷺ وقال: ألم أعهد إليكم يوم العقبة (الدم الدم والهدم الهدم) أسالم من سالمتم وأحارب من حاربتم
المحيا محياكم والممات مماتكم.
(أي سأعيش ما عشت معكم واذا مِتُ سأدفن بأرضكم)
فبكى الأنصار حتى اخضلّت لحاهم وهم يقولون: رضينا برسول الله صل الله عليه وسلم رضينا رضينا .. خذ ما بأيدينا من أموال وأعطها لأهل مكة.
الله الله على الأنصار .. فازوا بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم وهو لعمري فوز وأي فوز.

فضلاً يامن تقرأ هذا المنشور لاتدعه يقف عندك شارك المنشور ابتغاء وجه الله سبحانه وتعالى ليصل إلى أكبر عدد ممكن من الناس.
وصلوا علی أشرف الخلق سيدنا نبينا محمد ﷺ .
2024/05/10 11:16:09
Back to Top
HTML Embed Code: