Telegram Web Link
منة المنان/ السيد محمد الصدر
منة المنان في الدفاع عن القرآن، ج‏2، ص: 268 ـــــــــــــــــــــــــــــ قد عبدوا صنماً واحداً فلا يمكن أن نسمّي ذلك توحيداً، وإن كان ذلك أفضل من عبادة الأصنام المتعدّدة؛ من جهة التوجّه إلى أنَّ علّة الكون واحدةٌ لا متعدّدةٌ. فإن قلت: إنَّ السيّد الطباطبائي…
منة المنان في الدفاع عن القرآن، ج‏2، ص: 269
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إلى ما سبق فرعون فهذا مشكوكٌ فيه.
نعم، يشفع لذلك شي‏ءٌ واحدٌ، وهو أنَّه إذا كان عائداً إلى فرعون بالخصوص فلابدّ أن يكون مفرداً، فيقول: (الذي طغى في البلاد ..) ونحن ذكرنا فيما سبق: أنَّ ضمير الجمع يعود إلى فرعون فقط؛ لأنَّ فرعون معنىً كلّي، ولا حاجة إلى إرجاعه إلى عادٍ وثمود، فعادٌ وثمود خارجان عن هذا الاعتراض والإشكال، أي: الاعتراض القرآني، وهو أنَّهم طغوا في البلاد، وإن كانوا قد طغوا في الواقع، وأنا لا أنفي ذلك، لكن هذه الصفة في الآية غير راجعةٍ إليهم ضرورةً.

فإن قلت: إنَّ سياق هذه المجموعة من الآيات الكريمة التي نتحدّث عنها سياقٌ واحدٌ: الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ* فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ* فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ‏* إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ فهذا سياقٌ واحدٌ، وقوله: صَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ‏ يعني: على المجموع المتقدّم: عادٍ وثمود وفرعون، وليس على واحدٍ منهم، وكذلك قوله: طَغَوْا فِي الْبِلَادِ يعود إلى المجموع أيضاً ببركة وحدة السياق، وقد استشهدنا كثيراً بوحدة السياق في الفقه والأُصول، أي: لفظان أحدهما يقيني الدلالة والآخر مشكوك الدلالة، فنحمل الثاني على الأوّل، فقوله: الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ مشكوك الدلالة فرضاً، وأمّا قوله: صَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ‏ فهو يقيني الرجوع إلى المجموع، فنعيد المشكوك أيضاً إلى المجموع.

قلت: هذا الكلام له أكثر من جوابٍ واحدٍ:
أوّلًا: يمكن القول: إنَّ وحدة السياق هنا غير موجودةٍ، وإنَّ قوله: الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ* فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ وقع صلة موصولٍ، ولا نتجاوز

ـــــــــــــــــــــــــــــ
منة المنان في الدفاع عن القرآن، ج‏2، ص: 270
#السيد_الشهيد_محمد_الصدر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
#فريق_محبوا_حفيد_الإمام_الحسين_ع_
#تابع.. 👇🏻
هِيَّ زهرةٌ استشهدت تفوُحُ بِعُطرِها ،
كيفَ إستطاعت ضَمّها الاكفانُ ؟
دُفنت وكيفَ الدفءُ يُدفن يا تُرىٰ
أم كيفَ يُدفن في التُرابِ حنانُ !
ـــــــــــــــــــــــــــــ
#عظم_الله_لك_الأجر_ياصاحب_الزمان
عظم الله اجورنا وأجوركم
أحسن الله عزائكم بذكر استشهاد الصديقة الطاهرة سيدة نساء العالمين #فاطمة_الزهراء(عليها السلام)
#فريق_محبوا_حفيد_الإمام_الحسين_ع_
#نسألكم_الفاتحة_والدعاء للشهيدين الصدرين

( #بسم_الله_الرحمن_الرحيم ) ۞ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۞
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ۞ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ۞
إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ۞
اهدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ۞
صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ۞ …
( #صدق_الله_العلي_العظيم)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين وعجل فرجهم
#فريق_محبو_حفيد_الأمام_الحسين_ع_
2
منة المنان/ السيد محمد الصدر
منة المنان في الدفاع عن القرآن، ج‏2، ص: 269 ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى ما سبق فرعون فهذا مشكوكٌ فيه. نعم، يشفع لذلك شي‏ءٌ واحدٌ، وهو أنَّه إذا كان عائداً إلى فرعون بالخصوص فلابدّ أن يكون مفرداً، فيقول: (الذي طغى في البلاد ..) ونحن ذكرنا فيما سبق: أنَّ…
منة المنان في الدفاع عن القرآن، ج‏2، ص: 270
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ذلك.

وقوله: الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ معطوفٌ على الصلة فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ، وانقطع السياق، ثُمَّ يأتي بكلامٍ آخر جديدٍ كنتيجةٍ لما تقدّم: فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ وهو بيان سببٍ للعذاب، ثُمَّ يذكر النتيجة، وهي متكوّنةٌ من آيتين لا واحدةٍ: فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ‏* إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ.

فسياق المعلول شي‏ءٌ، وسياق العلّة شي‏ءٌ آخر، الذي هو الفساد والظلم ونحو ذلك من الأُمور، فليس هناك وحدة سياقٍ بالمعنى الذي يوجب حمل المشكوك على المتيقّن.

ثانياً: أن نسلّم بالعكس، فنثبت وحدة السياق تنزّلًا عن الوجه الأوّل، فوحدة السياق موجودةٌ، لكن نقلبها فنقول: إنَّ قوله: طَغَوْا فِي الْبِلَادِ* فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ راجعٌ إلى فرعون يقيناً، ونشكّ في قوله: فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ‏ من أنَّه راجعٌ إلى المجموع أو إلى فرعون فقط، فنحمل ما هو مشكوكٌ على ما هو متيقّنٌ.

وهذا يعني: أنَّ قوله: فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ‏ راجعٌ إلى فرعون خاصّةً، ويندفع بذلك أيضاً ما تقدّم في كلام السيّد الطباطبائي (قدس سره).

مضافاً إلى وجهٍ آخر يحسن الالتفات إليه، وإن كان يُفهم من مجموع ما قلته، وهو أنَّه لا ملازمة في الحقيقة بين مرجع‏ الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ وبين مرجع‏ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ‏؛ فالأوّل يعود إلى فرعون وحده، والثاني يعود إلى المجموع من عادٍ وثمود وفرعون، والتفكيك بين مرجع العبارتين ممكنٌ، ولا ملازمة بينهما.

ثُمَّ إنَّه لماذا وصف فرعون ب- ذِي الأَوْتَادِ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــ
منة المنان في الدفاع عن القرآن، ج‏2، ص: 271
#السيد_الشهيد_محمد_الصدر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
#فريق_محبوا_حفيد_الإمام_الحسين_ع_
#تابع.. 👇🏻
منة المنان في الدفاع عن القرآن، ج‏2، ص: 271
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وكأنَّ السيّد الطباطبائي (قدس سره) وكلّ متأملٍ في القرآن يواجه سؤالًا وهو: لماذا وصف فرعون بذي الأوتاد؟ ومهما فهمنا من فرعون فالمهمّ أن نعرف سبب هذا الوصف.

يجيب السيّد الطباطبائي (قدس سره) عن ذلك.

قال في (الميزان): وسمّي‏ ذِي الأَوْتَادِ على ما في بعض الروايات أنَّه إذا أراد أن يعذّب رجلًا بسطه على الأرض ووتّد يديه ورجليه بأربعة أوتادٍ في الأرض، وربما بسطه على خشبٍ وفعل ذلك به.

ويؤيّد ما حكاه الله من قوله عن السحرة الذين آمنوا بموسى (ع): وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ‏ فإنَّهم كانوا يوتّدون يدي المصلوب ورجليه على خشبة الصليب‏.

أقول: هو ينطلق من كلامه بأنَّ فرعون هو فرعون موسى، ولهذا يذكر الله سبحانه وتعالى أهمّ أنواع عذابه ويصفه بذي الأوتاد؛ لأنَّه كان يدقّ الوتد في هؤلاء الذين يصلبهم ويقتلهم.

وفي الحقيقة أنا الذي أفهمه أنَّ جذوع النخل لا تتحمّل الوتد؛ لأنَّها عريضةٌ بالشكل الذي لا يمكن أن يوتّد فيها إنسانٌ بيديه ورجليه. نعم، كانوا يشدّون يديه ورجليه ثُمَّ يشدون جسمه بسلسلةٍ أو بحبلٍ بجذع النخلة ويموت صبراً، أي: جوعاً وعطشاً، وإنَّما الصليب الخشبي يتحمّل أن يوتّد فيه إنسانٌ بيديه ورجليه، وخشبة الصليب ليست هي جذع النخلة، بل شكلها الهندسي معروفٌ، وهو لا ينطبق على جذوع النخل.

فإن قلت: إنَّ ذا الأوتاد هو فرعون موسى، وهذا يدعم كلام السيّد الطباطبائي (قدس سره) المتقدّم؛ لأنَّ غيره من الفراعنة لم يكن ذا الأوتاد.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
منة المنان في الدفاع عن القرآن، ج‏2، ص: 272
#السيد_الشهيد_محمد_الصدر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
#فريق_محبوا_حفيد_الإمام_الحسين_ع_
#تابع.. 👇🏻
منة المنان في الدفاع عن القرآن، ج‏2، ص: 272
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قلت‏- كأُطروحةٍ-: إنَّهم كلّهم كانوا من ذوي الأوتاد؛ لأنَّه كان هذا هو الأُسلوب المتعارف لقتل من يحكم بالإعدام، وهم يتوارثون هذه الطريقة جيلًا بعد جيلٍ، وليست المسألة خاصّةً بفرعونٍ واحدٍ، بل يكفينا أن نقول: إنَّ غالب الفراعنة هم ذووا الأوتاد، أو إنَّ القانون الأساسي عندهم هو القتل بهذه الطريقة: إمّا مكتوباً أو تقليداً متعارفاً عليه، فلا يتعيّن أنَّ ذا الأوتاد هو فرعون موسى.

وهناك قرينةٌ محتملةٌ أُخرى، وهي أنَّ الذي عُذّب هو فرعون موسى فقط دون غيره من الفراعنة، ولذا قال: فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ‏ وسنناقش هذه القرينة بعد ذلك.

إلى هنا كان القرآن الكريم يذكر عاداً وثمود وفرعون، ويذكر لكلّ واحدٍ منهم أهمّ صفاته أو صفةً واحدةً هي الأهمّ في حياته، فعادٌ أصحاب المدينة، وثمود الذين جابوا الصخر بالواد، وفرعون ذو الأوتاد.

فإن قلت: إنَّ هناك كبرىً تقول: إنَّ هذا السياق كلّه سياقٌ واحدٌ، وهو سياق اعتراضٍ وإشكالٍ على هؤلاء الناس والكفّار والمغضوب عليهم، مع العلم أنَّ الصغرى التي ذكرناها لا يمكن تطبيقها هنا، وهي أنَّنا قلنا بأنَّ القرآن لم يذكر لعادٍ وثمود ذنوباً أو عيوباً، وإنَّما ذكر فقط لفرعون ذي الأوتاد، وهي أنَّه طغى في البلاد وأكثر فيها الفساد.

قلت: إنَّ الكبرى صحيحةٌ ومسلّمةٌ، ومناقشتها لها بابٌ آخر، لكن الصغرى ليست صحيحةً، أي: إنَّنا ينبغي أن نحمل عاداً وثمود على السوء بالرغم من عدم صراحة القرآن بذلك في هذه السورة، والقرآن ذكر أسوء أعمالهم، وليس خير أعمالهم أو أهمّها؛ لأنَّ وحدة السياق تقتضي أن يكون هؤلاء قد عملوا سوءاً، كما يقال مشهوريّاً: إنَّ عاداً بنى إرم من أجل تحدّي‏

ـــــــــــــــــــــــــــــ
منة المنان في الدفاع عن القرآن، ج‏2، ص: 273
#السيد_الشهيد_محمد_الصدر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
#فريق_محبوا_حفيد_الإمام_الحسين_ع_
#تابع.. 👇🏻
3
منة المنان في الدفاع عن القرآن، ج‏2، ص: 273
ـــــــــــــــــــــــــــــ

الجنّة، وكما أنَّ ابرها الحبشي بنى كعبةً في اليمن، كذلك بنى عاد إرم في اليمن، وكأنَّ أرض اليمن أُختيرت لمثل هذه العصيانات، فبناء إرم هي أسوأ مساوئ عاد.

نعم، مجموع ذنوبه كثيرٌ، لكن تحدّيه لليوم الآخر وللجنّة يعتبر أشدّ ذنوبه.

وكذلك ثمود الذين جابوا الصخر بالواد، فربما كان ذلك لقتل الناس أو تعذيبهم وظلمهم، فيكون السياق كلّه سياق ذمٍّ واعتراضٍ على أعمال هؤلاء.

وفي الحقيقة يمكن المناقشة في الكبرى فنقول: إنَّ السياق ليس سياقاً واحداً، كما فهم المشهور ذلك أيضاً، لا السيّد الطباطبائي (قدس سره)، كما تقدّم؛ إذ فهم المشهور أنَّ قوله: فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ‏ مختصٌّ بفرعون لا بعادٍ أو ثمود، وعلى هذا الفهم من أذنب وظلم صبّ ربّك عليهم سوط عذابٍ، ومن لم يُذكر له ذنبٌ أو خطيئةٌ فلا حاجة لأن يصبّ عليه ربّك سوط عذابٍ، فإذا كان العذاب راجعاً إلى فرعون، فلنا أن نقول: إنَّ ما قبل فرعون خارجٌ عن العذاب ولا ذنب له، كما لا عذاب عليه، بل ذكره بصفةٍ إجماليّةٍ، ولا يتعيّن أن تكون ذنباً وسوءاً.

ولا أقلّ أنَّ أجيال عادٍ وثمود بعضهم رحموا الناس أو كانوا على مستوىً إنساني معتدٍّ به، والله العالم.

أقول: بل لعلّ الآية غير دالّةٍ على ذلك، وجذع النخلة لا يساعد عليه. كما لعلّ هذا العمل مستندٌ إلى كثيرٍ من أفراد الفراعنه، ثُمَّ هو واردٌ بالنسبة إلى الصليب، كما صلبوا عيسى أو شبيهه يهوذا) الآخريوطي) ووتّدوا يديه ورجليه وكتبوا عليه: (هذا ملك اليهود) بنحو السخرية، فلمّا اشتدّت عليه الآلام قال: لماذا أهملتني أو تخلّيت عنّي؟
المهمّ أنَّ القرآن يذكر أهمّ رذائل فرعون، كما ذكر أهمّ أعمال ثمود، بحيث تكون باقي الأعمال بالنسبة إليه ممّا لا يستحقّ الذكر.

ـــــــــــــــــــــــــــــ
منة المنان في الدفاع عن القرآن، ج‏2، ص: 274
#السيد_الشهيد_محمد_الصدر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
#فريق_محبوا_حفيد_الإمام_الحسين_ع_
#تابع.. 👇🏻
منة المنان في الدفاع عن القرآن، ج‏2، ص: 274
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فإن قلت: فإنَّه ذكر عمل ثمود جيّداً وعمل فرعون رديئاً، مع أنَّهما في سياقٍ واحدٍ.

قلت: أوّلًا: أنَّهما ليسا سواءً إذا أرجعنا العذاب إلى خصوص فرعون.

ثانياً: أنَّهما يمكن أن يكونا سواءً. نعم، على الفهم المشهور لا يكونون سواءً، ولكن يمكن أن نفهم من ثقل الصخر شيئاً رديئاً كالثقل به، كما يمكن أن نفهم من الأوتاد شيئاً جيّداً بالبناء به، فيتّحد الوصف بهما.

قال العكبري: الَّذِينَ طَغَوْا في الجمع وجهان: أحدهما: أنَّه صفةٌ للجمع (ولم يذكر الجمع الموصوف) والثاني: هو صفةٌ لفرعون وأتباعه، واكتفى بذكره عن ذكرهم‏.

أقول: سبق وجهٌ ثالثٌ، وهو أنَّ فرعون اسم جنسٍ على معنى الجمع، فيمكن إعادة الضمير إليه مجموعاً.

إذن لقد ذكر العكبري الوجهين: أنَّه إمّا صفةٌ للجمع، أو صفةٌ لفرعون وأتباعه، واكتفى بذكره عن ذكرهم. وهذا دفع دخل مقدّر؛ لأنَّ أتباعه لم تذكرهم الآية الكريمة، فكيف يرجع الضمير عليهم؟
أجاب: أنَّ ذكر فرعون يكفي؛ لأنَّ له أتباعاً، فالمجموع هو الذي طغى في البلاد وأكثروا فيها الفساد، وهذا جواب المشهور.

وفي الحقيقة تحصّل عندنا أكثر من جوابٍ عن ذلك غير الجواب المشهور:
منها: ما قلته سابقاً من أنَّ فرعون لا يُراد به شخص فرعون، وإنَّما مجموع الفراعنة أو حكم الفراعنة على طول الأجيال.


ـــــــــــــــــــــــــــــ
منة المنان في الدفاع عن القرآن، ج‏2، ص: 275
#السيد_الشهيد_محمد_الصدر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
#فريق_محبوا_حفيد_الإمام_الحسين_ع_
#تابع.. 👇🏻
منة المنان في الدفاع عن القرآن، ج‏2، ص: 275
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ومنها: جواب السيّد الطباطبائي (قدس سره) وإن كنا ناقشناه في الجملة على نحو الاحتمال، وحاصله أنَّ ضمير الجمع يعود إلى عادٍ وثمود وفرعون، وهو واضح قرآنيّاً، وإن لم يلتفت إليه العكبري.

****

قوله تعالى: فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ‏:
قال في (المفردات): السوط الجلد المضفور الذي يُضرب به، وأصل السوط خلط الشي‏ء بعضه ببعضٍ.

يُقال: سُطتَه وسَوَطّته.
فالسوط يُسمّى به لكونه مخلوط الطاقات بعضها ببعضٍ.

وقوله‏ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ‏ تشبيهاً بما يكون في الدنيا من العذاب بالسوط.

وقيل: إشارةٌ إلى ما خلط لهم من أنواع العذاب المشار إليه بقوله: حَمِيمًا وَغَسَّاقًا.

أقول: بل الصحيح: أنَّ المراد هو العذاب الدنيوي لا الأُخروي، فصبّ عليهم سوط عذابٍ في الدنيا؛ لأنَّ الأُمم قبل الإسلام ينزل عليها العذاب في الدنيا: كالخسف والصيحة مثلًا، وهذا العذاب الدنيوي يشبّه بضرب السوط، وليس المقصود أنَّه عذاب جهنّم، مضافاً إلى أنَّ قوله: سَوْطَ عَذَابٍ‏ يُراد به سوطٌ واحدٌ، أي: ضربةٌ واحدةٌ، مع أنَّ جهنّم فيها ضرباتٌ متعدّدةٌ، فلا يصدق على جهنّم أنَّها سوط عذابٍ، وإنَّما يصدق ذلك على عذاب الدنيا؛ لأنَّه يقع دفعةً واحدةً تنتج الهلاك والدمار.


ـــــــــــــــــــــــــــــ
منة المنان في الدفاع عن القرآن، ج‏2، ص: 276
#السيد_الشهيد_محمد_الصدر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
#فريق_محبوا_حفيد_الإمام_الحسين_ع_
#تابع.. 👇🏻
منة المنان في الدفاع عن القرآن، ج‏2، ص: 276
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ولو جعلنا السوط بمعنى الخلط- أي: خلط العذاب بعضه ببعض- جعله المشهور بمعنى: العذابات الكثيرة المختلطة في جهنّم. ولكن لنا أيضاً أن نقول: إنَّ ذلك ممكنٌ في الدنيا، كما لو كان العذاب ريحاً شديداً، فتهلك الناس والحيوانات والنباتات وتهدم الدور، وهذه عذاباتٌ متعدّدةٌ بتسبيبٍ واحدٍ، فعذاب الدنيا أيضاً مختلطٌ.

ويمكن أن نفهم من الخلط معنىً آخر كأُطروحةٍ، وهو الجمع بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، أي: كما أنَّهم عذّبوا في الدنيا كذلك عذّبوا في الآخرة، وقد فعل بهم ذلك فعلًا.

لكن هذا قابلٌ للمناقشة من وجهين:
الوجه الأوّل‏- ولعلّه الأهمّ-: أنَّ قوله: سَوْطَ عَذَابٍ‏ أي: دفعةٌ واحدةٌ من العذاب، فهي إمّا في الدنيا وإمّا في الآخرة، فلو كانا معاً لوجب أن يقول: (سوطا عذاب). وأمّا أن نركّب السوط الواحد من العذاب الدنيوي والأُخروي فهذا خلاف العرف جدّاً وخلاف فهم المتشرّعة، وإنَّما هما عذابان منفصلان متباينان، فيكون هذا الطرح بمنزلة الغلط، ونحن ننزّه القرآن عن الغلط، فيتعيّن أنَّ قوله: سَوْطَ عَذَابٍ‏ يعني: أحدهما، ونحن رجّحنا كونه في الدنيا.

الوجه الثاني: أنَّ هناك رواياتٍ مفادها أنَّ الله سبحانه وتعالى لا يجمع عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، وفضيحة الدنيا مع فضيحة الآخرة؛ فالله تعالى أرحم من ذلك‏. وهذه النقطة لابدّ من التفكير فيها، أي: إذا عذّب الإنسان‏


ـــــــــــــــــــــــــــــ
منة المنان في الدفاع عن القرآن، ج‏2، ص: 277
#السيد_الشهيد_محمد_الصدر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
#فريق_محبوا_حفيد_الإمام_الحسين_ع_
#تابع.. 👇🏻
حملة المليون ( #لا_إله_الا_الله )

أهداء و نيابة عن
١- (النبي محمد و آل بيته الأطهار عليهم السلام)
٢- (آل الصدر الكرام)
٣- (المؤمنين و المؤمنات)

العدد المنجز :/(459,644)
#لحفظ_وتعجيل_قائم_ال_محمد (عج)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لمشاركة ،ارسال عدد التهليل عبر: @hs1998
#فريق_محبو_حفيد_الأمام_الحسين_ع_
منة المنان/ السيد محمد الصدر
منة المنان في الدفاع عن القرآن، ج‏2، ص: 276 ـــــــــــــــــــــــــــــ ولو جعلنا السوط بمعنى الخلط- أي: خلط العذاب بعضه ببعض- جعله المشهور بمعنى: العذابات الكثيرة المختلطة في جهنّم. ولكن لنا أيضاً أن نقول: إنَّ ذلك ممكنٌ في الدنيا، كما لو كان العذاب ريحاً…
منة المنان في الدفاع عن القرآن، ج‏2، ص: 277
ـــــــــــــــــــــــــــــ

في الدنيا وابتلى بلاءً شديداً سوف يغفر الله له، فلا يحتاج إلى عذاب الآخرة.

ولعلّه يؤيّده مضمون ما ورد من أنَّ الإنسان إذا مات مذنباً فإنَّ الله تعالى يصعّب عليه الموت حتّى يغفر له ولا يدخله نار جهنّم‏، أي: يوم القيامة لا يقف هذا الموقف الطويل، بل يذهب إلى الجنّة مباشرةً، وهذا نحوٌ من الرحمة.

وأمّا أنَّه يذهب إلى الجنّة فهذا مستحيلٌ، بل ينبغي أن يتطهّر، فيطهّره الله قبل جهنّم، وعليه فلا يجمع عليه عذاب الدنيا وعذاب الآخرة.

وأمّا المستحقّون والمعاندون كهذه النماذج الحضاريّة الدنيويّة والذين أكثروا في الدنيا الفساد، فيجمع الله عليهم عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، وهم ليسوا بمؤمنين طبعاً، فهم خارجون تخصّصاً عمّا قلناه أو يكون الكلام عنهم بنحو السالبة بانتفاء الموضوع بالنسبة إلى الدليل الدالّ على أنَّ الله لا يجمع على المؤمن عذابين في الدنيا والآخرة، فالمعاندون يجمع الله عليهم العذابين؛ لأنَّهم بمستوىً من الذنب بحيث ليس في الحكمة والعدل تأجيل عذابهم إلى الآخرة، بل ينبغي التعجيل لهم في الدنيا.

وهذا لا يعني أنَّهم لا يعذّبون في الآخرة؛ لأنَّ عذابهم في الدنيا فيه مصلحةٌ أُخرى غير الانتقام الإلهي، وهو أنَّهم يمحون من الأرض حتّى يكونوا عبرةً للآخرين، وأن لا يؤذوا الآخرين بعد ذلك، فعذابهم في الدنيا فيه حكمةٌ ورحمةٌ، في حين أنَّ عذاب الآخرة لا يستفيد منه أحدٌ في الدنيا؛ لأنَّ الدنيا حينئذٍ غير موجودةٍ.


ـــــــــــــــــــــــــــــ
منة المنان في الدفاع عن القرآن، ج‏2، ص: 278
#السيد_الشهيد_محمد_الصدر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
#فريق_محبوا_حفيد_الإمام_الحسين_ع_
#تابع.. 👇🏻
منة المنان في الدفاع عن القرآن، ج‏2، ص: 278
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وهناك فرقٌ آخر بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، وهو أنَّ عذاب الدنيا يكون مشتركاً، فيعذبون كلّهم دفعةً واحدةً مهما كانت مستوياتهم من الذنوب، فاليابس يحرق الأخضر كما يعبّرون، لكن في الآخرة ليس كذلك؛ فإنَّ الله يوقف كلّ شخصٍ بذاته، ويحاسبه على ذنوبه بالدقّة المتناهية، وهذا غير موجودٍ في الدنيا.

تلخّص ممّا سبق: أنَّ الله سبحانه وتعالى لم يذكر طعناً على عادٍ وثمود أو إشكالًا عليهما، ولم يذكر عذاباً لهما، وفي ذلك تبرئةٌ لهما، مع العلم أنَّه في الآيات الأُخرى أو السور الأُخرى طَعنَ فيهما وبيّن استحقاقهما للعذاب، فلماذا كان ذلك؟
وهذا له أكثر من جوابٍ واحدٍ:
الجواب الأوّل: ما كنت أقصده إلى الآن من أنَّ هذه الآيات بالتعيين ليس فيها إشارةٌ إلى ذنوب عادٍ وثمود ولا إلى عذابهم، بمعنى: أنَّ سورة الفجر بالرغم من أنَّها ذكرت عاداً وثمود، لكنّها لم تتعرّض إلى ذلك. نعم، أشارت إلى فرعون ورهطه، وذكرت ذنوبهم وعذابهم.

مضافاً إلى ما ذكرته في الدروس السابقة كأُطروحةٍ من أنَّ قوله تعالى: فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ‏ يعود إلى الجميع، أي: عادٍ وثمود وفوعون.

إذن الأُطروحة القائلة بأنَّ الآية لم تذكر عذاباً لعاد وثمود ليست جزميّةً.

الجواب الثاني‏- وهو أهمّ من الأوّل-: أن يُقال: إنَّ هناك علاقةً بين أوّل هذه الفقرة وبين نهايتها، والفقرة هي أنَّ هذه الآيات تعرّضت للأُمم السابقة التي سادت ثُمَّ بادت، من قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إلى قوله: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــ
منة المنان في الدفاع عن القرآن، ج‏2، ص: 279
#السيد_الشهيد_محمد_الصدر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
#فريق_محبوا_حفيد_الإمام_الحسين_ع_
#تابع.. 👇🏻
السنة الثانية على التوالي نقوم بحملة مليون #صلاة_على_محمد_وآل_محمد
بذكرى أستشهاد( السيد الشهيد ونجليه)
لحفظ وتعجيل فرج #المهدي_المنتظر( ع)
#نيابة عن #السيد_الشهيد_ونجليه
(قدسة ارواحهم الطاهرة)
العدد المنجز / 49,801
للمشاركة ارسال عدد الصلوات (@hs1998 )
ـــــــــــــــــــــــــــــ
#فريق_محبو_حفيد_الأمام_الحسين_ع_

.
منة المنان/ السيد محمد الصدر
منة المنان في الدفاع عن القرآن، ج‏2، ص: 278 ـــــــــــــــــــــــــــــ وهناك فرقٌ آخر بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، وهو أنَّ عذاب الدنيا يكون مشتركاً، فيعذبون كلّهم دفعةً واحدةً مهما كانت مستوياتهم من الذنوب، فاليابس يحرق الأخضر كما يعبّرون، لكن في الآخرة…
منة المنان في الدفاع عن القرآن، ج‏2، ص: 279
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فهناك علاقةٌ بين أوّل هذه الآيات وبين آخرها، ونحن قلنا سابقاً: إنَّه لا نعلم ماذا فعل: خيراً أم شراً؟ لكن حينما نجعل هذا السياق واحداً أو موحّداً ومجموعيّاً يكون بعضه قرينةً على البعض، فنستطيع بذلك أن ندعم فهم المشهور مع شي‏ءٍ من الإضافات؛ لأنَّ قوله: فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ‏ تعبيرٌ آخر عن فعله الوارد في قوله: كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ.

فنفهم أنَّ هذه الآية مفادها أنَّه عذّبهم، وثمود أيضاً بتقدير تكرار العامل، وكذلك فرعون، فكلّهم معذّبون.

وفيها أيضاً شي‏ءٌ من العبرة؛ فقوله: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ يعني: اعتبر بما فعل ربّك بعادٍ وثمود وفرعون.

وهنا نضيف شيئاً آخر، وهو أنَّ عذاب هؤلاء لم يكن جزافاً بطبيعة الحال، بل كان لحكمةٍ وعدلٍ، إذن فمن المناسب أن يذكر في كلّ واحدٍ منهم سبب العذاب الذي استحقّه.

ويبدو من السياق حينما نفهمه ككلٍّ أنَّ هذه الصفات التي وُصفوا بها هي سبب العذاب، وليس شيئاً آخر، كما نقول مثلًا للتشبيه: الحمد للّه الذي رزقني على الكبر ولداً، أي: أحمده بصفته رزقني على الكبر، أي: من هذه الجهة، وكذلك هؤلاء عُذّبوا بسببٍ أو من جهة الأوصاف التي ذكرت لهم في السورة.

ففرعون طغى في البلاد وأكثر فيها الفساد، وأمّا عادٌ وثمود فيمكن أن يفسّر ذنبهم بالأوصاف التي ذكرت لهم على فهم المشهور، فإرم ذات العماد كما ذكر التاريخ مدينةٌ كبيرةٌ بنيت تحدّياً للجنّة وللّه سبحانه وتعالى، وهذا ذنبٌ عظيمٌ لم يصدر في سابقيه ولا من لاحقيه، فلحقهم العذاب من هذه الناحية، فإرم من مسبّبات عادٍ ومن معلولاته من الناحية المنطقيّة، وهذا التحدّي للّه جرمٌ كبيرٌ جدّاً بحيث استحقّ عليه العذاب المعجّل.
هذا إذا فهمنا من (عادٍ) المدينة.
أمّا إذا فهمنا القوم أو

ـــــــــــــــــــــــــــــ
منة المنان في الدفاع عن القرآن، ج‏2، ص: 280
#السيد_الشهيد_محمد_الصدر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
#فريق_محبوا_حفيد_الإمام_الحسين_ع_
#تابع.. 👇🏻
سلام عليكم محتاجين ادمنية نشر يومي في هذه القنوات

١- @Alsadr1990

٢- @Alsadr2003


للتواصل على اليوزر : @hs1998

.
( #بسم_الله_الرحمن_الرحيم )
۞ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۞ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ۞ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ۞ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ۞ اهدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ۞ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ۞ …

( #صدق_الله_العلي_العظيم)
ـــــــــــــــــــــــــــــ

#فريق_محبوا_حفيد_الإمام_الحسين_ع_
منة المنان/ السيد محمد الصدر
منة المنان في الدفاع عن القرآن، ج‏2، ص: 279 ـــــــــــــــــــــــــــــ فهناك علاقةٌ بين أوّل هذه الآيات وبين آخرها، ونحن قلنا سابقاً: إنَّه لا نعلم ماذا فعل: خيراً أم شراً؟ لكن حينما نجعل هذا السياق واحداً أو موحّداً ومجموعيّاً يكون بعضه قرينةً على البعض،…
منة المنان في الدفاع عن القرآن، ج‏2، ص: 280
ـــــــــــــــــــــــــــــ

القبيلة فلا يكون سبب العذاب مبيّناً في الآية؛ لأنَّ إرم تكون قبيلةً حينئذٍ لم يُخلق مثلها في البلاد، أي: لم يُخلق مثل صفاتهم من الشجاعة أو القوّة أو الطول أو أيّ شي‏ءٍ آخر، وينبغي أن نفهم هذا التسلسل من زاوية فهم المشهور، أي: إرم المدينة لا القبيلة.

وأمّا ثمود فهم جابوا الصخر بالواد، وهذا يقتضي بحسب القرائن السابقة أنَّها هي جريمتهم أو ذنبهم الذي نزل عليهم العذاب بسببه، فجابوا الصخر بالواد، ولم يتوبوا من ذلك.

أمّا لماذا أصبحت هذه جريمتهم؟ هل لظلم الناس أو قتلهم؟ فهذا مسكوتٌ عنه في الآية؛ لأنَّه ذُكر مجملًا جدّاً، ونستطيع القول: إنَّ السياق يدلّ فقط على الجريمة.

وأمّا فرعون فجريمته مصرّحٌ بها في الآية، وهي قوله تعالى: الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ* فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ وبهذا نفهم ما قلناه سابقاً من أنَّه لا حاجة إلى التماثل بين ضميري الجمع في قوله: أَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ أي: فرعون وفي قوله: فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ‏ الذي يعود على الجميع، أي: عادٍ وثمود وفرعون. ثُمَّ قال: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ أي: إنَّ قوّة الحضارة وجبروتها وترسّخها في الأذهان وبقائها جيلًا بعد جيلٍ مدّةً طويلةً من الزمن لا يعني أنَّها لا تبيد ولا تفنى، وإنَّما كلّ حضارةٍ هي كعمر إنسانٍ يولد ثُمَّ يكبر ثُمَّ يشيب ثُمَّ يهرم ثُمَّ يموت، وكذلك البشريّة عموماً تمرّ بهذه المراحل أيضاً.

فتكون قوّة هذه الحضارات مهما بلغت كالقشّة أمام قوّة الله سبحانه وتعالى.

فإن قلت: إنَّ عاداً وثمود وفرعون وخاصّته بعد أن فهمنا أنَّهم قبائل وأُسر وأجيال لم ينزل العذاب عليهم جميعاً، وإنَّما نزل مرّةً واحدةً، فعادٌ نزل عليهم العذاب مرّةً واحدةً، وكذلك ثمود وفرعون، فمن هذه الناحية تكون‏

ـــــــــــــــــــــــــــــ
منة المنان في الدفاع عن القرآن، ج‏2، ص: 281
#السيد_الشهيد_محمد_الصدر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
#فريق_محبوا_حفيد_الإمام_الحسين_ع_
#تابع.. 👇🏻
منة المنان في الدفاع عن القرآن، ج‏2، ص: 281
ـــــــــــــــــــــــــــــ
نسبة وجود العذاب إلى نسبة هذه الأجيال الطويلة نسبةً ضئيلةً جدّاً، وكأنَّها أقلّ من أن تلحظ أو تكون لها أهمّيّةٌ، فلماذا ركزّ عليها القرآن؟
قلت: هذا له عدّة أجوبةٍ نذكر منها:
أوّلًا: أنَّنا إذا أخذنا بالفهم المشهور القائل بأنَّ هذا العذاب أوجب استئصالهم عن الأرض، فلم يبق منهم شخص أصلًا، كان ذلك حادثاً معتدّاً به بالنسبة إليهم، ويعدل كلّ أجيالهم؛ لأنَّ أجيالهم إنَّما تبقى محفوظةً إذا لم يستأصلهم الله سبحانه وتعالى.

أمّا إذا أبادهم واستأصلهم فقد انتهت عادٌ وثمود وفرعون، وهذا الحادث وإن حصل في جيلٍ واحدٍ، إلّا أنَّه حادثٌ مهمٌّ جدّاً يستحقّ الذكر والتركيز.

ثانياً: أنَّ ذلك العذاب حصل لمجرّد العبرة.

نعم، حصل في جيلٍ واحدٍ أو عدّة أجيالٍ، لكن العبّرة موجودةٌ، وإن قلّت النسبة بين الأجيال وبين العذاب، وهي أنَّ قوّة البشر وجبروتهم وسلطانهم لا يمنع من نزول العذاب؛ لأنَّ قدرة الله تعالى أضعاف قدرتهم بما لا يتناهى.

ثالثاً: قلنا في بعض المناسبات: إنَّ القبيلة يمكن لحاظها لحاظاً واحداً، ولذا مثّلنا سابقاً ببني إسرائيل في قوله تعالى: وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى‏؛ فإنَّ المنّ والسلوى لم تنزل على بني إسرائيل الموجودين في زمن رسول الله (ص)، وإنَّما نزل على أجدادهم قبل آلاف السنين، ولكن لوحظ بنو إسرائيل كمجموعةٍ واحدةٍ، وقد أُنزل عليهم ولو في الجملة، وهذا يكفي أن يصدق عليهم أنَّه نزل على بني إسرائيل؛ لأنَّهم لوحظوا كمجموعةٍ واحدةٍ ودائرةٍ واحدةٍ، كما أنَّ عاداً وثمود وفرعون لوحظوا كمجموعةٍ واحدةٍ نزل‏

ـــــــــــــــــــــــــــــ
منة المنان في الدفاع عن القرآن، ج‏2، ص: 282
#السيد_الشهيد_محمد_الصدر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
#فريق_محبوا_حفيد_الإمام_الحسين_ع_
#تابع.. 👇🏻
2025/10/19 01:46:30
Back to Top
HTML Embed Code: