Telegram Web Link
ألبير كامو .. مسرحي يحاصره العبث
نشأ على صوت طبول الحرب العالمية الأولى

إن ما تفكر فيه وتسعى إليه بعيد عن الحب السهل، إنه حب من نوع آخر، حبٌّ لا يرحم ولا يجعل صاحبه يهدأ له بال، إنه يعزل صاحبه، لأنه حب العدالة».. وما يجعل هذه المسرحية تحتل مكانتها من مسرح كامو أنها تضع أمام أعيننا شخصيات، تنسى فرديتها في سبيل عمل جماعي كبير.

لماذا لجأ كامو إلى إطار المسرح والتمثيل أربع مرات؟ سيرته تجيب عن هذا السؤال فعندما كان عمره 21 سنة أسس «مسرح العمل» وقام بجولة في الجزائر مع فرقة «راديو الجزائر» ولاقى نجاحاً كبيراً، وكان يؤدي دور الممثل والمخرج والكاتب، وقد أبدى النقاد أسفهم لأنه ضحى بقدرته كمؤلف مسرحي، وعني باقتباس مؤلفات الآخرين.

كاليغولا

يقول كامو: «إن الفنان يعيد صنع العالم وفق هواه»، وقد استعار من التاريخ بعض البيانات والمعلومات عن كاليغولا، ليضع هذا الإمبراطور الشاب وسط مسرحية من مسرحيات الذكاء والتفهم، ويدخل المتفرج إلى عالم لا معقول يسير وفق منطق جنوني.

بعد مرور ست سنوات على ظهور مسرحية «كاليغولا» كتب مسرحية «سوء تفاهم» لكن هذه المرة كانت «مارتا» التي تمارس القتل لتحقق حلماً جائز التحقيق، وتنتهي حياتها بالموت، دون أن تغير موقفها، فالموضوع ليس فيه تعقيد كثير أو حركة، إنه يبدأ في المساء، وينتهي في اليوم التالي عند بزوغ الفجر، إن هذه المسرحية مثلها مثل «كاليغولا» هي مأساة العزلة الدائمة، وفيها يبدو أن هذه العزلة هي عزلة اللغة والحوار.

وفي مسرحية «حالة حصار» نرى عالماً جهنمياً في مدينة إسبانية، اغتالها الطاعون، عالم يحاصره العبث، ولا يقل سوءاً عن عوالم مسرحيات كامو السابقة، ورغم النجاح الذي حققه كامو فإنه يعرض مسرحية مقتبسة من دستويفسكي، أشرف على إخراجها بنفسه، ويبدأ في كتابة جزء من كتابه «الإنسان الأول» آخر كتبه.
المخطط الزمني لحياة ألبير كامو:


٧ نوفمبر ١٩١٣: مَولِد ألبير كامو في موندوفي (الجزائر الفرنسية).
١٩١٤–١٩١٨: الحرب العالمية الأولى.
١٩١٤: موت والِد كامو متأثرًا بإصابته في معركة المارن.
١٩٢٤–١٩٣١: التحاق كامو بمدرسة ثانوية في الجزائر بمنحة دراسية.
١٩٣٠: الاحتفالات بمئوية احتلال فرنسا للجزائر.
النوبة الأولى لمرض السُّل.

١٩٣١: يلتقي كامو بالأستاذ والمُعلِّم جين جرينييه.
١٩٣٢: يواصل دراساته في الجامعة بالجزائر.
١٩٣٤: يتزوج سيمون ييه. انفصلا بعدها بسنتَين؛ وتمَّت إجراءات الطلاق فعليًّا عام ١٩٤٠.
١٩٣٥: الانضمام إلى الحزب الشيوعي.
١٩٣٦–١٩٣٩: الحرب الأهلية الإسبانية.
١٩٣٦: يشارك كامو في المسرح مُخرِجًا وممثِّلًا. يشارك في تأليف مسرحية «تمرد في أستورياس». كامو ينهي رسالة الدكتوراه حول أفلوطين.
١٩٣٧: نَشْرُ مجموعة مقالات «ما بين هذا وذاك» في الجزائر.
تَرْكُ الحزب الشيوعي.

١٩٣٩–١٩٤٥: الحرب العالمية الثانية.
١٩٣٩: ينشر كامو مجموعة مقالاتٍ بعنوان «مأساة القبائل».
١٩٤٠: تمنع السلطات الفرنسية نشر جريدة باسكال بيا وكامو.
عودة كامو إلى فرنسا للعمل بجريدة باريسية.

يتزوج كامو زوجته الثانية فرانسين فور.

١٩٤٢: ينشر رواية «الغريب» وكتاب «أسطورة سيزيف» في باريس المحتلة.
يذهب كامو إلى جبال فرنسا للاستشفاء من مرض السُّل.

يفترقُ عن زوجته فرانسين التي لا تزال في الجزائر.

١٩٤٣: الانضمامُ إلى المقاومة الفرنسية بنهاية العام.
١٩٤٤–١٩٤٧: يعمل محرِّرًا لجريدة «كومبات»، جريدة المقاومة الفرنسية الرئيسية.
١٩٤٤: نَشْرُ مسرحيته «كاليجولا».
يقابل عشيقته والممثِّلة الشهيرة ماريا كاساريس في يوم إنزال نورماندي.

١٩٤٥: مذابح في الجزائر في مدينتَي سطيف وقالمة في يوم النصر.
يدين كامو تفجيرات هيروشيما وناجازاكي.

مَولد توءَمَيه، كاثرين وجين.

١٩٤٧: نَشْرُ «الطاعون».
١٩٤٩: عَرْضُ مسرحيته «القتَلة المنصِفون».
١٩٥١: نَشْرُ كتاب «الإنسان المتمرِّد».
١٩٥٢: الانفصال عن جان بول سارتر.
١٩٥٤–١٩٦٢: حرب الاستقلال الجزائرية.
١٩٥٦: يقترح كامو «هُدْنَة مَدنية»، وهو ما رفضته جميع الأطراف المعنية بالنزاع الجزائري. يتعهَّد بألا يتدخَّل عَلنًا مرة أخرى خلال هذه الحرب.
نَشْرُ رواية «السَّقْطة».

يدين كامو عَلنًا تدخلات الاتحاد السوفييتي في المجر.

١٩٥٧: نَشْرُ «المنفى والملكوت».
ينال كامو جائزة نوبل للآداب.

١٩٥٨: نَشْرُ مقالاته عن الجزائر؛ «الوقائع الجزائرية».
١٩٦٠: يموت في حادث سيارة مع الناشِر ميشيل جاليمار.
١٩٩٤: نَشْرُ رواية «الرجل الأول» بعد موته.
٢٠٠٩: اقتراح بنقل رفات كامو إلى البانثيون.
٢٠١٧: نَشْرُ مراسلاته الخاصة مع ماريا كاساريس
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
في فجر الازمنة الحديثة : كل شيء مستهلك !

- ألبير كامو / لعبة الاوراق و النور
الصفحة 214
لم أنسحب من العالم لأنّ لي فيه أعداءً ، وإنّما أصدقاء ، وليس لأنّهم كانوا يسيئون إليّ ، وإنّما لأنّهم كانوا يظنونني أفضل ممّا أنا عليه ، وتلك كذبة لم أستطيع تحملّها ..

- ألبير كامو
من الضروري أن نقع في الحب، على الأقل يكون لدينا سبب للبؤس الذي يغمرنا في كل الأحوال .

- ألبير كامو
الخطأ هو الاعتقاد بوجوب الاختيار، و بوجوب عمل ما نريد، وبأنّ هناك شروطاً للسعادة ، فالذي يهم هو إرادة السعادة فحسب ، الارادة والانتزاع من هذا الوعي الهائل الحاضر أبداً ، أما الباقي من الاعمال الفنية أو النجاحات الدنيوية فليست سوى ذرائع، إنَّها شبكة تنتظر تطريزاتنا ..!!

- ألبير كامو / كتاب (الموت السعيد)
يسأل ألبير كامو Albert Camus:
"السؤال إن كانت الحياة تستحق أن تُعاش، هو السؤال الأساسي للفلسفة، وباقي الأسئلة تأتي بعد ذلك".

يجيب إميل سيوران Emil Cioran:
"الحياة لا تستحق أن تعاش إلّا من أجل اللَّذات التي تزهر فوق خرابها..
الحقيقة ساطعة لدرجة أن يبهرنا سطوعها فيعمينا، الحقيقة كعماءٍ من فرط الضوء. أما الوهم فهو على النقيض كشعاع الشفق الخافت يلقي بظلاله على الأشياء فيمنحها وضوحًا زائفًا. الضلال كظلالٍ تبدو دومًا أكثر جاذبية.

ألبير كامو
إن للموت يدين نبيلتين أيضاً، إذ أنها بينما تسحقان، فإنهما تهبان الحرية.

- ألبير كامو
على ماذا اندم .. إنني ما أسفت يوماً لشيء حق الأسف ، كنتُ دوماً مأخوذاً بما سوف يحدث ، مأخوذاً بيومي أو غدي !

- ألبير كامو
" إن رغبتنا في الفهم، وحنيننا إلى المطلق، يمكن التعبير عنهما فقط، بالفعل، بمقدار استطاعتنا أن نفهم ونفسر أشياء كثيرة. ولا جدوى في نفي السبب بصورة مطلقة، فله نظامه الذي به يكون مؤثراً، وذلك النظام هو نظام التجربة البشرية. لهذا السبب أردنا أن نجعل كل شيء واضحاً. وإذا لم نستطع أن نفعل ذلك، إذا ولدت اللاجدوى في تلك المناسبة، فإنها تولد بالضبط، في نقطة التقاء العقل المؤثر المحدود مع اللامعقولية المتدفقة باستمرار."

ألبير كامو
أسطورة سيزيف
واحد من أهم فلاسفة ورموز الوجودية الفلسفية، وهو ألبير كامو، الكاتب والروائي الفرنسي المشهور. استطاع أن يقدم الكثير من الأطروحات ولكنها جميعًا ترجع إلى فكرتين أساسيتين وهما العبثية والتمرد، فقدم أسطورة سيزيف بشكل رمزي يوحي بوضع الإنسان في الوجود، وسيزيف، حسب ذكر الأسطورة، هو شاب إغريقي حكمت عليه الآلهة أن يصعد بصرخة إلى قمة الجبل، فتسقط وتتدحرج لأسفل ويعود لإحضارها وهكذا يتكرر الموقف إلى ما لا نهاية، وقدم الكثير من الأطروحات الفلسفية الأخرى التي توحي بالعبثية والتمرد الإنساني.. والكتاب يشتمل على تسعة فصول، تقدم لنا لمحة عن حياة الرجل وأفكاره والعصر الذي عاش فيها، ثم تنتقل لتناقش عددًا من الأفكار مثل: العبث، الحياة، الازدراء، التضامن، التمرد، الواقعية السياسية، المنفى والبعث.
«كان كامو يكتب كي يُقرأ ويُفهم للمساعدة في الوجود والعيش. كان فيلسوفاً متعوياً، وثنياً، براغماتياً، ونيتشوياً. وفوق ذلك، كان ابن فقر ووفياً لأهله. كان يملك كل ما يُنفر صنّاع الشهرة منه، وكل ما يغريني ويغري الكثير من القراء اليوم».

- ميشال أونفري
ترجمة: حميد زناز
في إحدى رسائله إلى ماريا كساريس يقول كامو:

"حتى الآن أحببتِ أفضل ما فيّ، ربما هذا ليس حبًا بعد. وربما لن تحبني بصدق إلا عندما تحبيني بضعفي وعيوبي."

وهذا هو الحب ما يظهر بعد زوال الإعجاب.
كامو، سارتر : قصة صداقة مُمَزَّقة

المؤرخ ميشال وينوك (Michel Winock)

ترجمة يوسف اسحيردة



غداة التحرير، أخذ نجمان يسطعان في سماء الأدب الفرنسي : الأربعيني جون بول سارتر والأصغر منه بثماني سنوات، ألبير كامو. الأول عُرف من خلال رواية "الغثيان"، ومجموعة قصصية بعنوان "الحائط". أما الآخر فقد فرض نفسه سنة 1942، من خلال كتاب "أسطورة سيزيف" ورواية ذات نجاح كبير، "الغريب". تَعَرَّفَا على بعضهما البعض في الثاني من يونيو من عام 1943، بمناسبة العرض الأول لمسرحية جون بول سارتر، "الذباب". لِتَتْبَعَهَا بعد ذلك صداقة معروفة.

ما الذي يجمعهما؟ بالتأكيد شغفهما بالكتابة، وعلى عدة أصعدة: الرواية، المسرح، المقالة الفلسفية، المقالات الصحفية. وهما يتقسمان نظرة للعالم تقوم على موت الإله ويبحثان عن إعطاء معنى للحياة. وقد كانا أيضا كاتبين ملتزمين شاركا في المقاومة، دون بطولية لكن أيضا دون لُبس، من خلال الصحف السرية، في الرابطة الوطنية للكُتَّاب وذراعها الإعلامي، "الرسائل الفرنسية".

ألبير كامو الذي كان مصابا بمرض السل، التحق بفريق صحيفة "كُومبا" (Combat) التي كانت هي الجريدة الرسمية للحركة التي كانت تحمل نفس الاسم؛ وقد أصبح هو رئيس تحريرها حين صارت "كومبا"، بداية من تاريخ 22 غشت 1944، صحفية تَصْدَرُ في وضح النهار. افتتاحياته رسخت في العقول. أما سارتر، فقد أصدر مجلة "الأزمنة الحديثة"، في شهر أكتوبر من سنة 1945. كلاهما حاز شُهرة منقطعة النظير : سارتر من خلال مسرحية "خلف أبواب مغلقة" و "سُبُل الحرية"؛ وكامو من خلال رواية "الطاعون"، سنة 1947. شهرتهما تجاوزت المحيط الأطلسي، حيث تم استقبالهما بمقالات إطرائية تُكَرِّسُهُمَا كناطقين باسم المقاومة الفرنسية.

وعلى كل حال، عاش ألبير كامو رفقة سارتر صُحبة صادقة. سيمون دوبوفوار، صديقة هذا الأخير، تركت لنا من خلال مذكراتها قصة حفلاتهم المشتركة ورغبتهم في إعادة تشكيل العالم على طاولات مقهى "فلور" : " لقد تعاهدنا على البقاء متحدين إلى الأبد ضد الأنظمة والأفكار والناس الذين كُنا نُدينهم؛ لقد أوشكت ساعة هزيمتهم؛ المستقبل الذي كان يفتح ذراعيه آنذاك، ستؤول إلينا نحن مهمة بنائه، ربما سياسيا، وفي جميع الأحول على المستوى الثقافي : كان يجب علينا أن نمنح أيديولوجية لفترة ما بعد الحرب."

في نهاية سنة 1947، أي مع بداية الحرب الباردة، ظل الاتفاق هو السمة البارزة بين الصديقين: ظلا معا يدينان الرأسمالية الأمريكية ولكن مع الامتناع عن الاصطفاف إلى جانب الاتحاد السوفيتي. ساتر أخذ يُنَشِّطُ "التجمع الديمقراطي الثوري" (Le RDR) الذي قام بتأسيسه جورج ألتمان سنة 1948، وهو يُدافع عن خط حيادي. وكامو الذي تعاطف مع الفكرة، لم يكن يختلف في سعيه عن سارتر والبقية : البحث عن "سبيل ثالث"، هو سبيل الاشتراكية الديمقراطية، في مواجهة أمريكا الدولار وروسيا ستالين.

ومع ذلك، فدوام الحال من المحال كما يقولون، إذ سرعان ما أصاب التصدع هذه العلاقة. فكما كان الحال بالنسبة لكل المثقفين آنذاك، اضطر الرجلان لمناقشة مخيمات العمل في الاتحاد السوفيتي بعد قضية كرافشينكو، صاحب كتاب "اخترت الحياة" الذي كشف النقاب عن حجم نظام المعتقلات في الاتحاد السوفيتي. سنة 1950، أوضح جون بول سارتر موقفه بالقول : " مهما كانت طبيعة المجتمع السوفيتي الحالي، فإن الاتحاد السوفيتي يُوجد على العموم، من حيث توازن القوى، في صف تلك التي تُصارع أشكال الاستغلال المعروفة بالنسبة إلينا...لا نَخْلُصُ بهذا إلى ضرورة إبداء التساهل مع الشيوعية، لكن لا يُمكننا بأي حال من الأحوال التحالف مع أعدائها". هذه الموالاة المفرطة للشيوعية بالرغم من كل شيء، لم تلاقِ قبولا لدى ألبير كامو.

--- خلاف حول احترام الشخص البشري ---

بالنسبة لسارتر، يجب التضامن مع البروليتاريا، التي تُصوت لصالح الحزب الشيوعي الفرنسي. كامو، في ما يخصه، يرفض أن تصير البروليتاريا "صُوفية". بوفوار، في مذكراتها، كتبت أن التواصل بينهما أصبح صعبا، واعترفت : " كُنا نشعر بأننا بعيدون جدا عنه ". في سنة 1951-1952 أصبحت القطيعة تامة. المناسبة كانت هي إصدار ألبير كامو لكتابه الجديد "الإنسان المتمرد".

كرد على ذلك، قام سارتر بتكليف فرونسي جونسون بكتابة نقد للكتاب في مجلة "الأزمنة الحديثة" التي نشرته في شهر ماي من سنة 1952 – يتعلق الأمر بمقال من عشرين صفحة شديدة اللهجة كشفت حينها عن عدم التوافق في المواقف بين سارتر وكامو. هذا الأخير الذي تفاجأ من الشتائم المُحتقرة التي كان هو موضوعها، رَدَّ، دون الإشارة إلى جونسون، لكن من خلال توجيه الكلام إلى "السيد المدير". رَدُّ سارتر لم يتأخر، وجاء غادرا : " وماذا لو كان كتابك يشهد بكل بساطة عن افتقادك للكفاءة الفلسفية؟".
2025/06/27 21:27:09
Back to Top
HTML Embed Code: