‏تجنّب الإنتباه، نجاتك أحيانًا ترك الأشياء تفوت .
كان وحيداً مع ضجيجه العميق .
ليس هناك ما يمكنني قوله، أنا فقط أستطيع أن أشعر بصمتٍ رهيب، ومن شأن ذلك الشعور تحطيمي بلا توقف، في مشهدٍ يظنه الآخرون لحظة صفاء غامرة واختلاء بالنفس، حاجتي للحديث توقفت عن دفعي لذلك، لقد قلت كل شيء في وقتٍ أقل غضاضة من لحظتي هذه، عندما كان ينبغي ألا أُفرّط بكلمة واحدة، تجاه كل شعورٍ وضيعٍ وزائف .
‏أتعمّد الذهاب للأماكن التي أخاف منها كي أعرف ما إذا كان الأمر يستحق كل هذا الخوف أم لا، وأُطيل التفكير في المواضيع التي تُرعبني، وأخاف صدقاً من البقاء في الركن الآمن أكثر من خوفي من اقتحام المصائب، ولا أعرف إن كانت هذه لعنتي أم فضيلتي .
أعتقد أني أصبحت أتقبّل كل أمر قد يحدث، ولم أعد أُذهل من أي فعل قد أراه، أو أي حديث قد أسمعه مهما كانت بشاعته، يبدو أني وصلت لأقصى مراحل اللامبالاة، أكثر ما شعرت به في الآونة الأخيرة هو أن لا شيء في مكانه الصحيح .
كان الأذى الذي أصاب داخلي بشعًا، لدرجة أنني توقفت عن استشعار الجمال في كل شيءٍ حولي.
كانت لنا ألواننا، متى انسكبنا في السواد ؟
حين تنضج ستبدأ بمراقبة الحياة من خلال الأفكار لا الأشخاص أو الأحداث، سيهمك أكثر أن تعرف نفسك، ستُصادقها وتجادلها وتقسو عليها، وسوف تُصالحها مهما كان سيتطلّب الأمر، ستكون عُزلتك متعة خالصة، عندما تنضج ستفهم أنه ليس على فاتورة الأيام السعيدة أن تكون باهظة، حسبك فقط صحبة طيبة وجو جميل، سيقل عدد الأصدقاء، وستحمي خصوصية حياتك كأغلى ما تملك، ستترك الجدال راضياً وضاحكاً حتى لو كُنت مُحقاً، ستفقد يقينك بالكثير من المُسلمّات ولن يُزعجك ذلك أبداً، ستعترف بإستمرار أنك لم تكوّن رأياً بعد، عندما تنضج لن يعود لحُكم الآخرين عليك سُلطة أو معنى، ستُتقن توقيت الرحيل والغياب للحضور، وإنّ الكثيرين يُتقنون الحضور لكن قلّة فقط هي التي تُتقن الغياب والرحيل في التوقيت المُناسب، حين تنضج ستنتزع ما تريده من الحياة انتزاع الشجعان الذي يعرفون ما لهم وما عليهم، عندما تنضج ستغفر لنفسك، وسوف تتمكن من مسامحة الآخرين لأجلك لا لأجلهم ..
ستُحاول فهم أسباب الأشخاص بدلاً من لعنهم، حين ينضج المرء تسطع الأنوار في غُرفه الداخلية بطريقةٍ لم يعهدها من قبل، تُصبح الرؤية صافية والأهداف جليّة تماماً، ويبدأ في إعتناق التغييرات الدورية التي يحتاجها دون أي حاجة للإعتذار عنها، لأنها جزء طبيعي من إنسانيته وتفاعله مع الحياة، في نهاية الأمر كلنا يعلم أن النُضج للشجعان فقط .
وكيف سللتُ القلم لأنبش قبراً تراكم عليه ثرى الإخفاء ! لقد ضاعت الحياة، والقلم ملاذ الضائع، هذه هي الحقيقة، إن الذين يكتبون هم من لا يحيون، ولا يعني هذا أني كنت أحيا في العادة من قبل، ولكنني كنتُ أرنو لأملٍ بسّام أستضيء بنوره، وقد خمد هذا النور، ولستُ أكتب لإنسان، فليس من شأن المرضى بالخجل أن يُطلعوا إنسانًا على ذوات نفوسهم، ولكنّي أكتب لنفسي، ونفسي فحسب، فلطالما داریت همساتها حتى ضللت حقيقتها، وبتُّ في أشدّ الحاجة إلى جلاء وجهها أن يعقب المطموس في صدق وصراحة وقسوة، عسى ذلك أن يكون شفاءًا غير معلوم، أما محاولة النسيان فلا شفاء يُرجى منها، والحق أن النسيان خرافة بارعة، وحسبي ما کابدتُ من خرافات .
‏لا شيء أبحث عنه، لم أصل بعد، لكنني تجاوزت الكثير، أصبح الألم مسألة وقت، والجرح تتجرأ عليه المسرّات الصغيرة وتُخرسه، والفوضى التي كانت تعوم في عقلي تحلّت بالصمت الجميل، لم أتخلّص من أمور كثيرة، لكنني رُبما وصلت لحدود الطمأنينة، وأرجو ألا يخيب ظني .
كان من المُمكن لحياتي أن تكون كافية وعلى مقاسي، لولا أن خيالي كان يوسّعها دائماً .
مُبهجة، حتى ظِلها كان مُلوناً .
أُترك سؤالاً لا تملك لهُ إجابة :
سورة الكهف .pdf
626.5 KB
لاتنسوا قراءة سورة الكهف فإنها نورٌ ما بين الجمعتين .
2024/05/24 11:07:33
Back to Top
HTML Embed Code: