أسعد الله أيامكم وتقبل أعمالكم بهذا اليوم العظيم، يوم عيد فطرٍ المبارك.

أسأل الله تعالى أن يجعله يوم خيرٍ وبركةٍ وأمنٍ وأمانٍ وعافية.. لكم ، ولأهلكم، وأصدقائكم، و جيرانكم، وأهل مودتكم، وجميع المؤمنين والمؤمنات.

كما اسأله في هذا اليوم الفضيل، أن يتقبل اعمالنا، ويتجاوز عن سيئاتنا، و أن لا يحرمنا توفيق طاعته، وأن يجعل بلادنا آمنةً مطمئنة، ويرد كيدَ الأعداء الى نحورهم، ويقطع عنا أيدي الظالمين والمجرمين وشياطين الجن والإنس.

وأن يتم فرحة عيدنا بظهور وليِّه وامامنا الحجة المنتظر (عج) وأن يجعل فرجه عاجلاً قريباً كلمحِ البصر أو هو أقرب.

وأسألكم الدعاء
تحديث

لم يجد المترفون، تهمةً الا و ألصقوها بالأنبياء، عميلٌ شرقي، أو غربي، مجنونٌ مختل، شاعِرٌ يعيش الخيال، كاهِنٌ يتنبأ بالأحداث، ذكيٌ يطلب الرئاسة، ضالٌ يفتقد الهداية..
والأنبياء تجاوزوا تلك الاتهامات بأجمعها..
والغريب أنَّ الاتهامات كانت متناقضة مع بعضها البعض، انظروا مثلاً الى ما اتهموا به النبيَّ نوح (ع):

(إن هو إلا بشرٌ مثلكم يُريدُ أن يتسلَّط عليكم)

فاتهموه بأنَّه يتخذ عبادة الله طريقاً الى الرئاسة والحكم، والسلطة والتسلُّط من أجل نيلِ الملذّات.
لكنهم قالوا بعد ذلك:
(إن هو الا رجلٌ به جِنَّة)

والسؤال: كيف يجتمع الجنون، مع طالب الرئاسة؟!
فالثاني يحتاج الى ذكاءٍ وفطنة، وخُطَّةٍ مُحكمة، والقدرة على إخفاء النوايا.. وهو لا يجتمع مع الجنون.
فالمجنون لا يطلب الرئاسة، وطالب الرئاسة ليس بمجنون!
..
فكيف اجتمعت الاتهامات؟
أقول: ربما.. تكون تلك الاتهامات لفترات زمنية متفاوتة..
لأن لكل اتهام تاريخُ نفاد، ينتهي مفعوله بعد ذلك عند المجتمع، فلم يعد يصدِّقه أحد.

فمن الممكن أن يتهم شخصٌ بأنَّه يطلب الرئاسة، ما دامه يفني عمره في الدعوة والتبليغ، وما دام يجتمع حوله بعض الأشخاص، لكنه إذا استمر بالتبليغ عشرات السنين، دون أن يتغيَّر نهجه، ودون أن يطالب أتباعه بمنافع شخصية، فهذا دحضٌ عملي للاتهام، ومن ذا يصدِّق بعد ذلك تلك الاتهامات؟

فلذا كانت الحاجة الى (تحديثٍ) للاتهامات، ما دامت السابقة قد فقدت بريقها، ولم يعد الناس يصدِّقونها.
وسيستمر التحديث إلى أن تنتهي جميعها، فلا يبقى الا كما قالوا نهايةً لنوح (ع): (فاتنا بما تعدنا ان كنتَ من الصادقين)

والدرس للمستفاد من هذه الآية
لكل مؤمن
ولكل رسالي قد حمل رسالةً في تغيير المجتمع واصلاحه

ألا يخشى الاتهام والتسقيط
نعم يدافع عن نفسه ويرد كل تهمة ما امكنه..
لكن لا يخشاه
فلا يكون خوف الاتهام سبباً لترك الخير والعمل الصالح

وليعلم

أن أفضل طريقٍ لردِّ كل تهمةٍ باطلة، وكل تسقيطٍ وضيع هو (الاستقامة)

فافضل جوابٍ لجميع الاتهامات، هو الاستقامة على طريقِ الحق، والاستمرار في العمل الصالح، فذلك كفيلٌ بأن يوضِّح للناس الحقائق، وسيغسل نهرُ الزمانِ بمروره تلك الاتهامات، الواحدة بعد الأخرى..

نعم سيبقى الجهلة جهلة، يصدِّقون كل اتهام
ويرمون كُلَّ نبيِّ بما اوتوا من الحجارة

لكن أصحاب الحجى والعقل
سيعرفون الحقَّ قطعا
وذلك هو المطلوب!
#تدبرات
اللَّهُمَّ وَ كَثِّرْ عِدَّتَهُمْ، وَ اشْحَذْ أَسْلِحَتَهُمْ، وَ احْرُسْ حَوْزَتَهُمْ، وَ أَلِّفْ جَمْعَهُمْ، وَ دَبِّرْ أَمْرَهُمْ، وَ تَوَحَّدْ بِكِفَايَةِ مُؤَنِهِمْ ، وَ اعْضُدْهُمْ بِالنَّصْرِ، وَ أَعِنْهُمْ بِالصَّبْرِ ، وَ الْطُفْ لَهُمْ فِي الْمَكْرِ.
..وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ

التوبة/ ١٢٠
نتائج هذه الضربة، المادية منها غير هامة كثيراً..
فالنتائج من جنس الأرقام
أرقام القتلى الذي سيتم التستُّر عليها قطعاً ما أمكن
ورقم الخسائر المادية
كَبُرتْ – ان شاء الله- أو صغرت، تبقى ارقاماً
لكن:
الأهم من كل ذلك
أن يتحدى أحدٌ إسرائيل، وكل القوى المتكبِّرة الواقفة خلفها
غير آبهٍ بحقدِ الحاقد، ولا هزءِ الهازئ
وتثبيث معادلات ردع جديدة
واستمرار سياسَةِ الانتصار بالنقاط، لا الضربة القاضية!
..

(2)
ستفرح بهذه الضربة اليوم شعوبٌ كافرة، غير مؤمنة بالله، لكنها ستفرح بتأديب الكيان الغاصب وايلامِ المجرمين من ساسته وشعبه
وسيحزن بها أناسٌ يشهدون لله بالواحدانية وللنبي (ص) بالنبوة، لحساباتٍ سياسيةٍ ضيِّقة، أو لحقدٍ طائفي دفين.
حقاً..
إنما يجمع الناس الرضا والسخط!
إذا وجدنا ذلك نفهم ما ورد مضمونه في أحداث الظهور المبارك:
سيخرجُ من هذا الدين من كان يظن انه منه، ويدخل فيه أمثال عبدة الشمسِ والقمر!

#تأملات
سنشتاق لك..

كتب أحدهم وقد وضع صورة القرآن الكريم أمامه مغلقاً، "سنشتاق لك حتى شهر رمضان القادم"!
فقد صرّح هذا الشخص بما يقوم به أكثرنا بعد الشهر الفضيل مع تحذير النبي صلى الله عليه وآله لنا حين قال: "سَيَأْتِي زَمَانٌ عَلَى أُمَّتِي لَا يَعْرِفُونَ الْعُلَمَاءَ إِلَّا بِثَوْبٍ حَسَنٍ، وَلَا يَعْرِفُونَ الْقُرْآنَ إِلَّا بِصَوْتٍ حَسَنٍ، وَلَا يَعْبُدُونَ اللَّهَ إِلَّا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ"!
فالبعض الصوم يحجبهم عن المعاصي حتى الغروب، فبعد الإفطار يعود إلى ما كان عليه، وبعضهم الطاعة محصورة لديه بشهر الله، فصلاة العيد هي آخر برنامج عبادي له، وبعضهم يستمر الأمر معه بعد شهر رمضان لفترة وجيزة، أمّا المؤمن فيحاول أن يأخذ زاده من شهر رمضان للعام كله.
فمن أنا وما حالي بعد شهر رمضان، هذا هو المهم، فإلى شهر رمضان القادم..
هل سأودع الصيام؟
هل سأترك تلاوة القرآن الكريم؟
هل سأصلي صلاة الفجر كل يوم قضاءاً؟
هل سأهجر البرامج العبادية والأدعية والمناجاة؟
هل سيكون المسجد الموقع الذي لا ارتاده الا إضطراراً؟
الإمام زين العابدين يسأل الله تعالى أن يحوّل عامه طاعةً كما كان في شهر رمضان فيقول: "اللَّهُمَّ وَاجْعَلْنَا فِي سَائِرِ الشُّهُورِ وَالْأَيَّامِ كَذَلِكَ مَا عَمَّرْتَنَا".
هكذا سنزداد اشتياقاً لشهر رمضان وطاعته حين نرى كيف أثّر الشهر الفضيل في سائر أيام عامنا وجعله مشحوناً بعبادة الله وطاعته.
الانتماء لا علاقة له بالنسب، ولا بالأرض، ولا بأي عُلقةٍ مادية لا دخل للإنسان فيها.. فالإنسان لا يختار أبويه، ولا عرقه، ولا جنسه، ولا بلده الذي يولد فيه.. فلا تكون علاقة الدم، أو البلد مقدَّسة، ولا تعطيه امتيازاً على غيره.

بل المقياس الأساسي هو (الاتباع).
وبمقدار ما يشابه الانسان في عقيدته، وفي عمله.. في فكره وثقافته، مع عظيمٍ من عظماء، انتمى اليه، وكان أقرب الناس اليه، وأحقُّ به.. والعكس بالعكس

وهذه الفكرة، مع بساطتها، إلا أنَّها فكرة جوهرية في ثقافة الوحي، تزخر بها الآيات القرآنية.

فلقد جعل القرآن النبيَّ الأكرم (ص) أولى الناس بالنبي إبراهيم (ع)، مع بُعدِ الزمان والمكان.. أولى به من اليهود والنصارى المدَّعين، لأنه أقرب اليه فكراً ومنهجاً.. قائلاً:
(إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهيمَ لَلَّذينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذينَ آمَنُوا وَ اللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنين‏)

ولقد باهَل النبي (ص) بأهلَ بيته نصارى نجران، لا لعلقة النَسَبِ، بل لأنهم أقرب الناس اليه اتباعاً، بل صار أمير المؤمنين (ع) نفس رسول الله (ص) في مقياس الاتباع (وأنفسنا وأنفسكم)

ولقد سمّى اللهُ سبحانه أتباعَ النبي نوح (ع) (أهلَهُ) قائلاً: (فاسلك فيها من كُلٍّ زوجين اثنينِ وأهلك)، في الوقت الذي استثنى من أهله زوجته، وابنه، بل نفى صفة الأهل عن ابنه قائلاً (إنَّه ليس من أهلِكْ، إنَّه عملٌ غير صالح)..

ولقد ارتقى سلمان الفارسي المولود على دين الزردشت، البعيد آلاف الفراسخ في بلاد فارِس، ارتقى في درجاتِ القُربِ حتى صار (منّا أهلَ البيت) وصار (سلمانَ المحمدي)، رضي الله عنه.. في حين لُعن أبولَهَبٍ القرشي الهاشمي، وخُلِّد لعنُه في القرآن مع زوجته حمّالةِ الحطب.

وهنا بصيرتان:

الأولى: القرب أو البعد من أي شخصية هامة، نبياً كان، أو مرجعاً، لا يعطي ميزةً للشخص، بل إنَّ الله سبحانه وتعالى أنزل سورةً كاملة، وهي سورة التحريم لبيان هذه الحقيقة.
وفي نفس الوقت، لا يمكن مؤاخذة أيَّ شخصٍ بما فعله المنسوبين اليه نسباً، والا لجاز مؤاخذة النبي (ص) وهو أطهر الخلائق ببعض زوجاته، أو مؤاخذة النبي نوح (ع) بابنه، ولا يطعن ذلك فيهم قيد أنملة، وإلا لجاز الطعن على الأنبياء وهم المعصومون من كل خطا، المنزَّهون من كل رجس.

ثانياً:

من أراد القرب من الأنبياء والأولياء، فعليه باتباع نهجهم، ومنهجهم، وفكرهم.. يكَنْ منهم. وهذا يصدق على العلماء والصلحاء أيضا.
(فمن أبطاً به عَمَلُهْ لم يُسرِع به نَسَبُه) كما قال أمير المؤمنين (ع)
ومن أسرع به علمه، لم يضره بُعدُ نسبه.

فكن مؤمناً، حقَّ الايمان، اتَّبعهم حقَّ الاتباع، تكن معهم (ع).. ولربما تكن يوماً منهم.
ان شاء الله.
#ثقافة_قرآنية
إنَّ بناء البقيع الغرقد يبدأ من مواجهة الفكر التكفيري الذي هدمه، و النظم السياسية التي رعت -و لا تزال- هذا الفكر الضالّ، ويحتاج إلى أن تتبنّى فئة مؤمنة هذا المطلب الحقّ، وترفع هذه الظلامة، وتُذكِّر به، فالحق لا يسقط بتقادم الزمان، و ما ضاعَ حقٌ وراءَه مُطالِب

#بناء_البقيع_مطلبنا
سيد لا عبد - (8,9) رمضان 1445.pdf
690 KB
(والذين هم لفروجهم حافظون) (المؤمنون/5)

.. فلقد راسلتني قبل فترة فتاةٌ تقسم عليَّ بضلع الزهراء (ع) أن أعينها في أمرها، ثم أخبرتني أن مشكلةً وقعت بينها وبين حبيبها – والعياذ بالله- فصار لا يجيب رسائلها إلا بما يجيب الشحيح غريمه المفلس، وقلَّت حرارة حفاوته بها، فانقلب الدفؤ برداً، والنار جليداً، فكانت تطلب طريقاً تكسب به قلبَ صاحبها.

فدهشت من طلبها، وفار الغضب في داخلي كما فار التنور يوم طوفان نوح (ع)، واشتد غضبي عليها لقسمها بضلع الزهراء (ع) عنوان العفة والطهر، لكي أعينها على ما فيه انتهاكٌ لتلك العفة..
فكتبت لها..


▪️ما هي الشهوة؟
▪️هل هي (حاجة) أو (رغبة)؟ أو مزيجٌ منهما؟
▪️ما هي آثار الافراط فيها ولو من حلال؟
▪️لماذا التركيز في الاية على شهوةٍ معينة؟
▪️ما دور ضبط الشهوة في الفلاح الأبدي؟ (قد أفلح المؤمنون..)
▪️هل ضبطها بمنع الفاحشة فقط؟ ماذا عن مقدمات الفاحشة؟
ماذا عن التبرج؟
ماذا عن ثقافة العشق والمعشوق، التي زخرت بها حتى المسلسلات الدينية؟!
ماذا عن الاختلاط؟
▪️ما هو دور ضبط الشهوة في رُشد الانسان وتربيته لذاته؟


تدبرات في الايات (5-7) من سورة المؤمنون
(8-9) رمضان 1445
قَالَ رَسُولُ اللَّه (ص):
أَ لَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْ‏ءٍ يُكَفِّرُ اللهُ بِهِ الْخَطَايَا وَ يَزِيدُ فِي الْحَسَنَاتِ؟
قِيلَ: بَلَى يَا رَسُولَ الله.
قَالَ (ص): إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَ كَثْرَةُ الْخُطَى إِلَى هَذِهِ الْمَسَاجِدِ، وَ انْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاة
.
الخبر:
قمعٌ، واعتقالات.. شرطة، خيّالَةٌ ورجّالة، في جامعة تكساس، وكولومبيا.. ضد اعتصامات الطلبة لوقف الإبادة في غزَّة.

التعليق:
لا يوجد في أي دولةٍ في العالم، ولا أي شريعة، ولا أي مجتمع، "حرية مطلقة".
أي أن تفعل أنت ما تريد متى ما تريد كيفما تريد.

ففكرة الحرية التي يتشدَّق بها الغرب، ما هي إلا حصان طروادة لضرب البنية الثقافية والدينية لمجتمعاتنا، ولتشجيع الخروج عليه، ومنع أي نوع من الردع الاجتماعي والقانوني في التغيير الناعم للمجتمعات..

ولكن أحداث غزّة – كسابقاتها- كشفت عن المستور..
أنَّ تلك الفكرة ما هي الا اكذوبة سخيفة وساذجة

فما من مجتمع، إلا ويحمي بالقانون شيئاً ما، بل يحميه بالأسلاك الشائكة، وقضبان الحديد.. لكن السؤال ما هو هذا الشيء؟ ما هو المقدس؟ ومن يحدد ذلك المقدس؟

ففي مجتمعاتنا، الدين مقدَّس، والأخلاق مقدَّسة، والمبادئ مقدَّسة، بالإضافة الى حرمة المال، والنفس، والمنفعة العامة
فلذا تكون هناك تشريعات للحفاظ عليها ولو بالقوة القهرية لمن سوَّلت له نفسه التجاوز عليها.

اما في تلك المجتمعات.. فالنفس محترمة، والمال محترم.. ولكن لا دين، ولا مبادئ، ولا أخلاق تدخل في اطار المقدسات...
وعلى العكس
فالشذوذ مقدَّس
والفاحشة مقدَّسة
ومصالح الاستكبار والاستعمار مقدَّسة
ولابد أن يحميها القانون، ولا يجوز الخروج عليها ومسِّ مصالحها..

فلذا
يمكنك في بلادهم أن تشتم ألف مليار مسلم، وتهين أقدس مقدَّساتهم، لكن لا يمكن انكار الهولوكوست، ولا انتقاد إسرائيل، ولا مواجهة الشذوذ، والتحوُّل الجنسي، والجندر.
ولا يمكنك أن تتساءَل ما شأن بلادهم في حرب أوكرانيا، أو صراع تايوان، وحرب الإبادة في غزَّة..
ولا أن تُطالِب - مجرد المطالبة- بوقف الابادة، الا وتجد نفسك معرَّضاً لأنواع مختلفة من الضغوطات تصل حتى الاعتقال والقمع..
ولا يمكنك أن تتساءَل مدى ديمقراطية البلاد، وكيف تتحكم بالسياسة والاقتصاد عشرات الشركات الكبرى، التي لم ينتخب أحدٌ من الناس قيادتها..

أما احترام حرية قرارنا، وفكرنا، وثقافتنا.. فتلك حكاية أخرى، تتلخَّص في قولهم: أنت حرٌ في أن تختار ما اخترناه لك!.. فاختر ما نريده منك، وإلا!

مرَّة أخرى لابد من التذكير بما قاله اكاديمي عربي منذ بداية احداث غزة:
الغرب أكبر كذبة عرفها التاريخ
#تأملات
تشريع قانون مكافحة البغاء والشذوذ الجنسي، خطوة موفَّقة لمواجهة المشاريع المنظَّمة في افساد المجتمع، على أنها تبقى خطوة بحاجة الى عضدها بخطواتٍ أخرى للحفاظ على هوية هذا المجتمع الاسلامية، ومن ذلك متابعة تفعيل القانون وألا يبقى حبراً على ورق.

الشكر لكل من ساهم ودعم وعمل جادّا على هذه الخطوة، رغم الضغوط الكثيرة التي مورست بحقِّهم من قوى داخلية وخارجية.

أما بالنسبة الى القوى الخارجية التي أعلنت عن "قلقها" من تشريع هذه القوانين، فنقول: نشعر بالارتياح والاطمئنان، من قلقكم!
العراق و تعدد الطوائف

راجعت عشرات الكلمات، والخطابات، ومثلها من التغريدات الصادرة عن مسؤولي منظماتِ غربية، أو سفراء، أو رؤساء، في نقدهم للوضع الداخلي العراقي سابقاً، وخصوصاً تعليقاً على قانون مكافحة البغاء والشذوذ الجنسي.

وجدتُ تكرر فكرة (أن العراق بلد متعدد الطوائف) أو (العراق كان دائماً ولا يزال فسيفساء غنية من الثقافات) أو إنَّ الإنجازات التاريخية في العراق القديم كانت نتاجاً (للتنوع)!، وما شابهها.

هذه الكلمات، ذكَّرتني بكتابةٍ كتبها يوماً صديقُ عزيز، في الحديث عن التعددية (Pluralism) في اطارها الفكري أو السياسي، حيث ناقش فكرة محاولة فرض رؤية واحدة على المجتمع (monism)، وأنَّ في ذلك ضرب لمقوِّم أساسي من مقومات التقدم..

وفي تشبيه جميل، ذكر (الدولمة) حيث عدّها نتاج تنوُّعٍ في المكوِّنات، لكلِ واحدة منها طعمها الخاص، فمنها الحامض، ومنها الحلو، ومنها المالح، والطباخ الماهر هو الذي يجمعها معاً للحصول على طعامٍ لذيذ، ثم تساءَل: كيف سيكون حال الطعام لو حاول طباخٌ آخر الغاء التعددية، وطبخ الدولمة بطعمٍ واحد، ألا يكون نتاج ذلك وصفةً غير شهية؟!

فكتبت إليه: لا شكَّ أن الجمال والكمال نتاج التنوُّع والتعدُّد، ولو اتحدت الاذواق لبارت السِلَع، ولا يمكن فرض نمط تفكيرٍ واحد على المجتمع، لأنَّ في ذلك الغاء لذلك التنوع الذي أخبر عنه الله سبحانه وتعالى قائلاً (واختلافُ السنتكم وألوانكم)

ولكن هنا لابد من ملاحظتين مهمتين:

الأول: إن الدولمة طعامٌ شهيٌ ميزته تكامل الأطعمة المختلفة، لكن بشرط (انسجامها)..
فماذا لو وضع طباخُّ باحثٌ عن التنوُّع بدل البَصَلِ (البطيخ)، أو بدل الباذنجان (الحشيش)؟.. أليس يفسد ذلك الطعم كُلّه؟!
ماذا لو تم إضافة مكوِّنٍ آخر: القير؟!
فللقير طعمٌ مميَّز لا يشبه غيره، وكذا البانزين والجص، فلماذا يُستثنى ذلك كله من الدولمة، ولا يدخل في اطار قبول (التعدد)؟
..
فالتنوُّع والتكثُّر أمرٌ حسن، لكن ضمن حدودٍ معيَّنة، والدولمة شاهدة على ذلك، فرب تكثُّرٍ غير متجانس يُفسد الطبخة كُلِّها.

ففي داخل المجتمع، هناك مساحة للأفكار المختلفة، وللأذواق المتعددة، ولابد لأي طرف، أن يعترف بالآخر، وهذا بعض معنى قول الله عزوجل (وجعلناكُمْ شعوباً وقبائل لتعارفوا) أي ليعترف كلُّ واحد بالآخر وبحقه بالحياة، وبحقه أن يختار حياته وفق ارادته، بل "ان حكمة الاختلاف هو التكامل بعد التنافس على الخيرات، وليس الصراع والتطاحن"

هذا صحيح، لكن المشكلة هي الافراط أو التفريط.

فالنظم الشمولية تفرِّط وصولاً الى ما قال فرعون (وما أريكم الا ما أرى) فيكون رأي الحاكم هو المقدَّس.. ويشابه تلك النظم في هذه النقطة تحديداً، نموذج الدولة الحديثة في مصادرة الرأي.

والافراط في التعددية دون تعيين المعيار أمر خاطئ ايضاً، فلا يمكن الاعتراف بالانحراف، كالميل الجنسي المنحرف، أو الميل الى الجريمة، أو لنشر الفاحشة والفساد في المجتمع، أو الجهل و.. بحجة (التعددية) أو (التكثُّر).

إذ أنَّ التعدّدية ليست (قيمة) بحدِّ ذاتها، بل هي وسيلة للوصول الى القيم العليا كالحق، والعدل، والأمن، والحياة الطيبة.. فتحدَّد بحدود ذلك، ولا يمكن التضحية بتلك القيم، من أجل بعض المنحرفين عن الفطرة السليمة، مهما كانت الحجج، بل لابد من تجريم الممارسات المنحرفة، ومنعها قهراً.

ثانياً: (العراق، بلدٌ متعدد الطوائف)، عبارةٌ توهم بأنه مكوَّن من المسلم والمسيحي واليهودي بنسب متقاربة.. والأمر ليس كذلك، إذ أن الغالبية العظمى من الشعب العراقي هم مسلمون، ونسبتهم 97%، وغيرهم (أقليات).

فلا شك أن هوية هذا البلد، هوية غالبية أهله، الإسلام، وشريعته الإسلام، وهو دينه الرسمي ومصدر تشريعاته، ومن يحاول القفز على هذه الحقيقة إنما يغالط نفسه، أو أنَّه يريد أن يلغي 97% من أهله ويحكمهم بما يشاء.

فهل يمكن الغاء هوية البلد، والذي يمثِّل المسلمون الأكثرية المطلقة فيه، بحجة وجود 3% مختلف فيه؟

نعم، لا يدعو أحد الى الضغط على 3% واكراههم للدخول في الإسلام والعمل ضمن شريعته، ولكن من جهة أخرى فلا اشكال في مطالبتهم باحترام الأكثرية، والنزول عند تشريعاتهم العامة، والالتزام بذلك ظاهراً.

والغريب في ذلك، أن منع الشذوذ والبغاء، يُحارِبُهُ الأقلية الغربية في العالم، ويدافعون عن تلك الممارسات في بلادنا بحجة (أنَّ العراق بلد متعدد الطوائف)، وهذا أمر مستغرب، فأي طائفة، بل أي مذهَبٍ وعقيدة، لا تحرِّم الشذوذ، أو البغاء، أو التخنُّث، ولا تعاقب عليه بأشد العقوبات؟
فهذه المسيحية، وتلك اليهودية، فضلاً عن الإسلام بكافة مذاهبه، يحرم تلك الممارسات، فعن أيِّ طائفة تتحدثون إذا!؟

فنحن نؤمن بالتعددية، لكن ضمن إطار الإسلام السمح، ذلك الذي يستوعب أتباع سائر الأديان والطوائف أيضا، ويضع اطاراً واسعاً للتعايش السليم دون اكراهٍ أو تهديد، تحت شريعته الغراء، وأي محاولة لهدم ذلك الإطار السمح، سيفشل فشلاً ذريعاً، وسيرتد على أصحابه، ولو بعد حين.
#مقالات
غدا باذن الله ولمدة يومين
أينَ قاصِمُ شَوكَةِ المُعتَدِينَ، أينَ هادِمُ أبنِيَةِ الشِركِ وَالنِّفاقِ، أينَ مُبِيدُ أهلِ الفُسُوقِ وَالعِصيانِ وَالطُّغيانِ،
2024/05/04 01:28:51
Back to Top
HTML Embed Code: