Telegram Web Link
من النصوص المؤثرة التي كتبها نيتشه في كتاب (هكذا تكلم زرادشت) حين قال :
أيها الناس الراقون .. من كان عليهِ أن يلد فهو مريض ، أما من أنجب فهو نجس !!
مولود جديد !! كم من قذارة جديدة ترافق مجيء كل مولود جديد الى الحياة ! .. تنحوا جانباً ، من انجب ولداً عليهِ أن يغسل روحه و يطهرها !

النص ربما يخلق صدمة كبيرة و استهجان ، لكنه ضروري لتحفيز التأمل والنقاش حول معاني الحياة الحقيقية واعادة النظر بموضوع الانجاب ..

من ينجب طفل في وضع سيء و دون وعي، ثم يتخلى أو يُهمل هذا الكائن الصغير ، فهو نجس بمعنى الوجودي لا الأخلاقي فقط ، أي أنه ملوث في روحه، متدني في نظرته للوجود، مسهم في سلسلة القبح لا الجمال ..

و أصبح من الواضح أن الكثير من الناس يتخذون قرار الإنجاب بشكل تلقائي دون أن يختبروا الفحص الدقيق لجدوى هذا القرار ، وبالتالي فإن الإنجاب أصبح من تبعات ممارسة الجنس بدلاً من كونه قراراً مدروساً ، وحتى عندما يتم اتخاذ القرار بوعي فإن غالباً ما يكون الدافع وراءه مرتبطاً بالاحتياجات والرغبات الشخصية للوالدين، وليس بالاعتبار الفعلي لمصلحة الطفل.

الفكرة هنا تدعو للتفكير في معنى الحياة والوجود ، و حول مدى مسؤولية الآباء في إنجاب أطفال في عالم مليء بالتحديات والمصاعب ، فهي دعوة إلى ان التفكير في مصلحة الطفل والاعتبار لظروفه المستقبلية يجب أن يكون جزءاً من أي قرار يتعلق بالإنجاب، بدلاً من أن يكون مجرد نتيجة للاندفاعات البشرية أو التوقعات الاجتماعية.

- النص اعلاه من كتاب (هكذا تكلم زرادشت ) الصفحة 539 بترجمة علي مصباح
ما يقوله المرء في حالة الانفعال و يعد بهِ و يقرره ، يكون عليه الالتزام بهِ في حالة الهدوء و الوضوح فيما بعد ، هذا الإلزام هو من أثقل الأعباء التي تثقل كاهل الانسان ، أن يظل ملتزماً الى الأبد بتبعات الغيظ و رغبة الانتقام المتوقدة و التفاني الحماسي و الوفاء ، فإن ذلك قد يثير في النفس سخطاً على هذه الاحاسيس ..
هل يعني أن المرء عندما يكون قد أقسم أيمان الوفاء ربما لكائن من محض التوهم ( أو أن الواحد منا قد منح قلبه لأمير أو حزب أو امرأة أو نظام كهنوتي أو لفنان أو مفكر في حالة من الجنون الأعمى الذي يغمرنا بالفتنة ويظهر لنا ذلك الكائن جديراً بكل التضحيات) هل يعني ذلك أنه قد أصبح مقيّداً بقيد لا ينفصم أبداً ؟ ألا نكون قد خدعنا أنفسنا بذلك في تلك اللحظة الماضية؟ ألم يكن ذلك وعداً افتراضياً ، تحت شرط غير صريح في الحقيقة، بأن تكون لكيانات التي منحناها تكريسنا هي فعلاً تلك الكائنات نفسها التي تراءت لتصورنا؟ هل نحن ملزمون بالوفاء لأخطائنا، حتى ونحن ندرك أننا نلحق أضراراً بذاتنا العميقة من خلال هذا الوفاء؟ -كلا، ليس هناك من قانون ولا أي التزام من هذا النوع، بل علينا أن نصبح خونة، وأن نمارس عدم الوفاء، وأن نظل نتخلى باستمرار عن مُثلنا العليا ، وإننا لا نمضي من مرحلة من حياتنا إلى أخرى دون أن نثير أوجاع خيانة وأن نتألم منها بدورنا ، وهل سيكون ضرورياً أن نتفادى اندفاعات أحاسيسنا كي نحمي أنفسنا من هذه الأوجاع؟ ألن يصبح لعالم عندها قاحلا، موحشا بالنسبة لنا؟
بل إننا نريد فوق ذلك أن نسأل أنفسنا أيضاً ، إذا ما كانت هذه الآلام التي ترافق تغيير القناعات ضرورية، أم هي مرتبطة براي وتقدير خاطئين؟ لماذا يبدي الناس إذن إعجابهم بمن يظل وفيا لقناعاته، ويحتقرون ذلك الذي يغيرها؟ أخشى أن يكون الجواب هو التالي: لأن الجميع يفترضون أن دوافع تتعلق بمنافع رديئة، أو الخوف الشخصي، هي وحدها التي تدفع إلى هذا التغيير. بما يعني: نعتقد في الحقيقة أن لا أحد يغير قناعاته طالما ظلت تعود عليه بالفائدة، أو على الأقل طالما ظلت لا تجلب له المضرة. وإذا كان الأمر كذلك، فإن هذا ينطوي على شهادة سيئة عن القيمة العقلية لكل القناعات. لنراجع إذن الكيفية التي تنشأ بها القناعات، ولنر إن لم نكن مبالغين شديد المبالغة في تقديرها؛ وسيتبين لنا من ذلك أيضا أن تغيير القناعات يقاس في كل الحالات مقياس خاطئ ، وأننا وإلى حد الآن ما زلنا نبالغ في التألم من جراء هذا التغيير .

- فريدريك نيتشه / من كتاب (انسان مفرط في انسانيته)
الصفحة 387
ترجمة : علي مصباح
كيف لنا أن نشاهد هذا الحشد من الجماهير المبتهجة دون أن تذرف عيوننا وتصفق أيدينا !
كنا في ما مضى نستخف بما يجعلهم فرحين ، فقط لأننا لم نختبر نفس الفرح ، وعندما اختبرناه ، تغير موقفنا !
إلى أين قد تقودنا الاحداث إذن ! ما هي آراؤنا !
هل نؤمن فعلاً بمبادئنا، أم أننا نبدّلها حسب التجربة !
لكي لا نضل أو نُجن يجب أن نتهرب من التجارب ..
هكذا تهرب أفلاطون من الواقع و التجارب ولم يشأ أن يرى من الأشياء إلا تلك الصور المثالية الشاحبة؛ كان شديد الحساسية وكان يعرف مدى السهولة التي تتدفق بها امواج الحساسية على عقله ، كان على الحكيم بالتالي أن يقول: أريد أن أبجّل الواقع، ولكنني سأدير له ظهري لأنني أعرفه وأخشاه؟
كان عليه أن يفعل كما تفعل بعض القبائل الإفريقية أمام ملكها : لا تقترب منه إلا وهي تسير نحوه إلى الخلف، معبّرة بذلك عن تبجيلها وخشيتها بنفس الوقت !

- فريدريك نيتشه / من كتاب (الفجر)
الصفحة 232
ترجمة محمد الناجي

أن مشهد النزاعات والتعرية العنيفة لضعف العقائد الدينية .. لن يدع بالنهاية من مخرج لكل ذي عقل أرقى وتفوق في النبوغ .. سوى أن يجعل من عدم التدين مسألته الشخصية !

- فريدريك نيتشه / كتاب ( انسان مفرط في انسانيته)
الصفحة 330
ترجمة علي مصباح


نيتشه .. الإنسان السوبرمان
داود السلمان



أوصى شقيقته، قبل أن يموت، ويصبح جثة هامدة، بأن لا يقفوا على جنازته (ممن كانوا خصومه، بل اشد اعداءه، وهم رجال الكنيسة)، وأن لا يقرأون عليه ما اسماه بـ "الترهات". وقال: إنّه ساعتها لم يستطع الرد عليهم. وبعد أن أصيب بالمرض الذي شلَّ حركته، وفقد على اثرها لبه تماما، بحيث ظل على فراش الموت فترة ليست بالقصيرة، حتى لفض انفاسه الاخيرة، ونام نومته الابدية. وكان من الاخلاق بمكان أن تنفذ شقيقته الوصية التي القاها على عاتقها، لكن بكل اسف، لم يحصل ذلك، وحضر جنازته خصومه، وقرأوا على الجنازة ما كان قد حذر منه، مثلما توقع. وتوفي في وايمر في 25 آب/ أغسطس عام 1900.
وما يزال السبب وراء جنون فردريك نيتشة غير معروف، على الرغم من أن من الكتاب قد عزوه لأسبابٍ مختلفة كالسفلس ومرض عقلي موروث و ورم والإفراط في تناول العقاقير المهدئة. لكن لم نعرف - على وجه الدقة واليقين - السبب الحقيقي وراء ذلك. فلسفة نيتشة أثارت الجدل خصوصًا بالنسبة للأديان؛ حيث طرح القوة أو "إرادة القوة" على حساب إرادة الإله والأديان والأخلاق والقيم، القوة في مختلف جوانبها سواء كانت عسكرية أو اقتصادية أو جسدية أو سياسية، ولكنه ركز بالأساس على القوة التي يرتكز عليها الإنسان لكي يؤسس القيم التي يتبعها في حياته. القوة لدى الإنسان يجب إن تظهر في الإبداع والاستقلال والتحكم في النفس ومغالبة الظروف وقهر الصعاب كي یبقى الإنسان سید نفسه لا تتحكم به التأثيرات الخارجية.
نيتشة هو فيلسوف وشاعر وكاتب وناقد ثقافي فلسفي، يعتبر من أبرز فلاسفة الغرب، والذي كانت لأفكاره وكتاباته الأثر العميق في الفكر الحديث. وعلاوة على الفلسفة وحبه العميق لها، إلا أنه كان يعشق الموسيقى، وتولعه بموسيقى فاغنر، حتى صار صديقه، ثم بالأخير وقعت الخصومة بينهما.
وعاش نيتشة في عصر تشارلز دارون- نهاية القرن التاسع عشر- صاحب نظرية التطور في كتابه "أصل الأنواع" حيث أثبت أن الإنسان ما هو إلا حيوان تطور من أجل البقاء حتى وجد نفسه واعيا عاقلا. تلك النظرية التي لا تزال الى يومنها هذا محل جدال. وكانت الجرأة التي يمتلكها نيتشة لم يمتلكها غيره، حتى أنه اعلن عن موت الاله، ويقصد اضمحلال القيم الحقيقية والاخلاق النبيلة، أو أنه قصد به - وهو ما نرجحه - موت اله رجل الكنيسة، اولئك الذين كانوا متنفذين وبيدهم زمان كل شيء، وكانوا كذلك يتحكمون بمصير الناس وبمستقبلهم، ويحصلون على الاتاوات بدون حق، فعدهم نيتشة أنهم لا يمتلكون اخلاقا صحيحة، لأنه الههم الذي يفترض أن يوجههم ويعطيهم الاوامر الصحيحة غير المزيفة قد مات. وبالمقابل طالب نيتشة بانبثاق الانسان الاعلى، ولا يتحقق ذلك الإنسان الا هو بتخلصه من الأفكار الدينية القديمة، فلا يوجد إله حينذاك، بل يصبح الإنسان الأعلى هو الإله وهو ممثل القيم العُليا، التي القيم التي ترتقي به نحو السمو.
أراد نيتشة للإنسان أن يعتمد على نفسه، ومن هنا أتت دعوته صريحة لتحطيم الأخلاق المسيحية التي أطلق عليها "أخلاق العبيد". في المقابل كان يدعو ﻟ «أخلاق السادة» المعتمدة على مبدأ القوة، والمستمدة من الحضارة الرومانية. فنيتشة هو أحد رواد الفلسفة الوجودية وما بعد الحداثة، معظم أعماله عن الإنسان الحديث، في عالم غاب فيه الإله، اختلف في تفسير أعماله النقاد.
ويرى احد الكتاب "إنّ هنالك كثيراً من الالتباس وسوء الفهم يحيط بأعمال هذا الفيلسوف، الذي تورط بمواقف وأفكار تمثل خلاصة فكر النخبة الأوروبية الأرستقراطية خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي تعكس نزعاتها الموغلة بالترفع والاستعلاء والتمييز العنصري والجندري والديني. فهو كان شديد العداء لما يمكن أن نسميه اليوم الديمقراطية الليبرالية، بل وأي نظام يساوي بين فئات المجتمع بوصفه خطراً داهماً على الثقافة الرفيعة فيه، واعتبر دائماً أن أفكار التنوير التي تفشت في الفكر الأوروبي بداية من أعمال الفرنسي جان جاك روسو لم تتسبب فحسب في قيام الثورة الفرنسية - التي أقصت الأرستقراطية الرفيعة لمصلحة البرجوازيين محدثي النعمة، بل وأطلقت سموم الأفكار إنسانية الطابع في الفضاء الأوروبي، وهي الأفكار التي كان يراها تليق بمجتمعات العبيد المهادنة". الانسان الذي اراده هو الانسان السوبرمان.
ولد فريدريك نيتشة في ١٥ أكتوبر ١٨٤٤م ببلدة "روكن" الألمانية، لوالدة "بولونية" الأصل، وكان والده قسيسًا بإحدى الكنائس البروتستانتية، وكان أيضًا مربيًا للعديد من أبناء الأسرة المالكة في "بروسيا". وقد سماه "فريدريك" لأنه وُلد في نفس يوم ميلاد ملك بروسيا "فريدريك الكبير". وقد توفى والده حين كان عمر فريدريك اربع أعوام. تخرجه عام 1864، والتحق بجامعة بون لفصلين. ثم انتقل إلى جامعة ليبزينغ، حيث درس علم فقه اللغة، ومجموعة من الآداب، واللسانيات والتاريخ.
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
" حين يتم الشفاء من تجربة مؤلمة، نتذكر ونحن نبتسم في حزن، أن لدينا الآن أفكارا جديدة بشأن الناس والطبيعة ومختلفة عن التي كانت لدينا فيما سبق، وكأن ستارا قد وقع. ولكننا نشعر بالسلوان برؤيتنا مجددا للأنوار المعتدلة أنوار الحياة، وخروجنا من ذلك اليوم القاسي...."

فريدريك نيتشه
من أين تأتي الثقة بالنفس ؟
تناول نيتشه موضوع الثقة بالنفس من زاوية نفسية معقدة لكنها صادمة ..
لم يربطها بالنجاح، ولا بالتربية، ولا بالتحفيز ولا القوة كما يفعل الكثيرون…
بل اختار أن يشق جدار النفس ويفضح ما خلفه،
مُقدّماً الثقة لا كفضيلة، بل كظاهرة نفسية غامضة ..

يقول نيتشه في كتاب العلم المرح (ص 218 - ترجمة علي مصباح ) :
( قلّة هم الواثقون من أنفسهم ، ومن بين هذه القلة هناك أقلية ممن يمتلكونها عن فطرة، كعماء نافع أو عتمة جزئية تغمر عقلهم ! - ويا للأشياء التي سيبصرونها لو أنهم كانوا قادرين على النظر في أعماق أنفسهم ! ، أما الآخرون فهم أولئك الذين كان عليهم أن يكتسبوا ذلك الوثوق بالجهد ، كل ماهو حسن وصالح وعظيم مما يفعلون يكون حجة ضد الريبي الذي يسكنهم ، لابد من إقناع ذلك الريبي أو حمله على ذلك ، وهو أمر يتطلب براعة اقرب الى العبقرية ، هؤلاء هم كبار الذين لا يعرفون رضى عن أنفسهم ).

في النص يصنّف نيتشه الواثقين من أنفسهم إلى صنفين :

الصنف الاول : الأشخاص الواثقون من أنفسهم بالفطرة ، هؤلاء ثقتهم لا تنبع من عمق، بل من عتمة داخلية تحجب عنهم هشاشتهم .. لذلك لا يرتابون .. هم يعيشون في عتمة و عمى داخلي .. يسمي نيتشه هذا العمى بمصطلح : العمى النافع .. لانه يحميهم من مواجهة ما في داخلهم من ضعف و عيوب (التي لا يُخلى منها احد) .. ولو أُتيح لهم أن ينظروا جيداً إلى دواخلهم، لرأوا أشياء ربما تهز ثقتهم من الأساس ..
هؤلاء يعيشون في حالة إنكار لا واعٍ للذات، تمنحهم ثقة فعالة ظاهرياً .

الصنف الثاني : أشخاص لم يُولدوا بهذه الثقة، بل يصنعونها بصعوبة وجهد، لأنهم في الحقيقة يسكنهم الشك والريبة ، لكنهم لا يستسلمون لهذا الشك، بل يحاولون إقناعه بأعمال عظيمة، كل إنجاز لهم ليس للتفاخر… بل رشوة يقدمونها لشكوكهم كي تصمت للحضة ، وهذا يتطلب منهم عبقرية وبراعة نفسية كبيرة .

بهذا التصنيف، يجعل نيتشه الثقة بالنفس مرآة مزدوجة: فهي إما أن تولد من عتمة داخلية تعفي الإنسان من رؤية ذاته، أو تُنتزع من صراع مؤلم مع الشك !

نيتشه يعظّم الصنف الثاني ، أولئك الذين يسكنهم الشك ويصارعون أنفسهم ليصنعوا ثقتهم عبر الإنجاز والكدّ والمعاناة..
حيث يرى أن الواثقون الكبار هم في الأصل مرتابون عظماء… وثقتهم ليست هبة، بل معركة داخلية لا تنتهي..

- المصدر : كتاب (العلم المرح )/ الصفحة 218 -ترجمة علي مصباح
- الفيلسوف القرصان
يوسف اسحيردة



في كتابه "الصراع مع الشيطان" يصف ستيفان سفايغ رغبة المعرفة عند نيتشه بأنها رغبة جامحة، مدمرة، "شيطانية" لا تكل ولا تمل، لا تهدف إلى تشييد قصور أو بناء صروح معرفية عكس باقي الفلاسفة الألمان من قبيل كانط وفيخته...فعكس كانط لا يسعى نيتشه الى الزواج بالحقيقة والبقاء وفيا لها. فلا أنساق في فلسفة نيتشه، ولامذاهب، ولا قيم خالدة ولا أفكار ميتافيزيقية متعالية...لا يركب نيتشه البحر من أجل اكتشاف أراضي جديدة واستيطانها، وإنما فقط من أجل متعة الإبحار والاستكشاف. كما أنه لا ينتمي إلى أرض ينطلق منها ويعود إليها...

ولهذا السبب بالضبط يجد المرء صعوبة في قراءة نصوص نتيتشه وفهمها، فهي تستهلك القارئ وتُتعبه، تأخذ منه أضعاف المجهود التي تأخذه قراءات أخرى، لا لسبب إلا لأنها "قلب للأفلاطونية" كما يقول عنها هو نفسه. وما الافلاطونية في نهاية المطاف إن لم تكن الثقافة والطريقة التي اعتاد البشر أن يعيشوا بها منذ زمن بعيد؟ لذلك أيضا تحتاج قراءة نصوص نيتشه إلى براءة الطفل، لأنها تقتضي التخلي عن الكثير من الأحكام المعرفية المسبقة التي أصبحت تُشكل نمط تفكيرنا ووجودنا.

وكمثال على ما قلناه، لنتأمل هذه الفقرة المرعبة و"الغريبة" من الشذرة الرابعة لكتاب "فيما وراء الخير والشر" :

" أن يكون حكم ما خاطئا، فذلك لا يُشكل في نظرنا اعتراضا على ذلك الحكم، ربما كان هذا واحدا من أغرب أشيائنا المؤكدة في لغتنا الجديدة. تنحصر المسألة في معرفة مدى صلاحية هذا الحكم في ترقية الحياة ورعايتها، وحفظ النوع، بل وتحسينه...فالاقرار بأن اللاحقيقي هو شرط الحياة يعني بالتاكيد ان نقاوم بشكل خطير الاحساس الذي اعتدناه إزاء القيم؛ وفلسفة تسمح لنفسها بهذه الجرأة تضع نفسها مُسبقا وانطلاقا من هذا "فيما وراء الخير والشر"".
تحسباً لنكران الجميل :
من يقدم هدية كبرى لا يستطيع أن يُقابل باعتراف بالجميل كما يتصور ، ذلك أن المتناول قد غدا يرزح تحت عبء ثقيل لمجرد أنه تسلّم !

- فريدريك نيتشه / انسان مفرط في انسانيته
الصفحة 262
ترجمة علي مصباح


ويا ليت حب الرجل للمرأة وحب المرأة للرجل كانا إشفاقاً يتبادله إلهان يتألمان , ولكن هذا الحب لا يتجلى في الغالب إلا تفاهماً بين إحساس حيوانين !

- فريدريك نيتشه / من كتاب ( هكذا تكلم زرادشت )
الصفحة 57
ترجمة : فليكس فارس


تحت قناع الشكوى :
كل الكائنات البائسة تجد متعة في التشكي , إن ذلك يمنح إحساساً صغيراً بنشوة السلطة ، فمجرد الشكوى، والتفجع على الذات يمكنها أن تدخل على الحياة شيئاً من الجاذبية التي تجعلها محتملة .. في كل شكوى هناك مقدار دقيق من الانتقام؛ يلقي المرء بمسؤولية حاله السيء وبسوئه أيضاً في بعض الأحيان على الآخرين المغايرين، كمظلمة، وكامتياز لا شرعي لهم على حسابه : إن كنتُ حثالة، فإنه ينبغي عليك أن تكون كذلك أنت أيضاً ! وفقاً لهذا المنطق يقوم المرء بثورة.
التشكي عديمُ القيمة في كل الأحوال ، إنه يأتي من الضعف .. أن يعزي المرء حاله السيء إلى الآخرين أو إلى نفسه في الحالة الأولى !

- فريدريك نيتشه / من كتاب (غسق الاوثان)
الصفحة 134
ترجمة :علي مصباح


"يرى نيتشه أن الجدل بحد ذاته دليل على الضعف، لأنه اعتراف ضمني بالحاجة إلى إقناع الآخرين بدلاً من القدرة على فرض الرؤية أو القيمة بشكل طبيعي من خلال القوة والفعل، فالأقوياء في نظره لا يحتاجون إلى الجدال لأن قيمتهم تتجلى في وجودهم وأفعالهم دون حاجة إلى إثبات لغوي."

"الضعفاء يحبون الجدل لأنهم يخشون أن يُهزموا في الصمت."

"حيثما وجدت الضعفاء، وجدت الرغبة في الحقد. إنهم يحولون ضعفهم إلى فضيلة، وجدالهم إلى 'عدل'!"

"أخلاق العبيد تبدأ بالقول: 'نحن ضعفاء، لذا يجب أن تكون أفعالكم شريرة"

"كلما زاد الجدال، قلَّ الفعل. والذين لا يستطيعون الفعل يملؤون العالم بكلامهم"
“لقد جئت إليكم لأقول: لا تخافوا من أن تكونوا أعظم من أن تكونوا متواضعين! فالأعظم هو من يتفوق على نفسه، ويصير ما لم يكن، ولا يرتضي إلا أن يكون ما هو “

فريدريك نيتشه
هكذا تكلم زرادشت
كل هذه الطيور التي تطير نحو فضاءات بعيدة ، سياتي عليها ولا شك يوم لن تستطيع فيه الذهاب أبعد من تلك الفضاءات، وستحط على صاري سفينة او على رصيف صخري قاحل - سعيده بالعثور على ذلك المنفى البئيس ! ولكن من سيكون له الحق في الاستنتاج أنه لم يعد هناك أمامهم طريق سالك لا نهاية و بإنهم قد حلقوا الى أبعد نقطة يمكن الطيران إليها ؟ ومع ذلك فكل الطليعيين والرواد الذين سبقونا توقفوا في نهاية المطاف، وحين يتوقف التعب فإن وقفاته لا تكون نبيلة وظريفة : هذا ما سيحدث لي ولك ! ولكن ما اهميتنا انا وانت ! ستحلق عصافير اخرى أبعد من ذلك !
هذا الفكر، هذا الامان الذي يحركنا، ياخذ انطلاقته، ينافسهم، ويطير دائما ابعد منهم، و أعلى منهم، ينطلق مستقيماً في الهواء، فوق رأسنا وفوق عجز هذه الرأس ، و من عليائه في السماء يبصر ما في الفضاءات البعيدة، يبصر جماعات من الطيور أقوى منا ستنطلق في نفس الاتجاه الذي ننطلق فيه ، حيث لا يوجد إلا البحر، البحر، ولا شيء غير البحر ! إلى أين نريد الذهاب؟ هل نريد عبور البحر؟ الى أين ياخذنا هذا العشق الذي لا يضاهيه لدينا اي عشق؟ لماذا هذا التحليق المتيم في هذا الاتجاه، نحو النقطة التي افلتت عندها كل الشموس انطفأت؟ هل سيقال عنا يوماً نحن كذلك، إننا كنا نتمنى بإبحارنا نحو الغرب ان نبلغ بلاد هند مجهولة ، وان مصيرنا كان هو الفشل امام المطلق؟ أه يا إخواني أه !

- فريديرك نيتشه / من كتاب ( الفجر )
الصفحة 284
ترجمة : محمد الناجي
إن أعظم ما ارتُكب في العالم من أخطاء هو قول القائل: «ويل للضاحكين في هذه الدنيا.» فإن من جاء بهذا الإنذار قد قصَّر في التفتيش فما وجد على الأرض شيئًا يستحق الضحك في حين أن الأطفال يجدون ما يضحكهم.

لقد كان حب هذا النذير قصير المدى فما اتصل إلينا منه شيء نحن الضاحكين، بل إنه أبغضنا ووجه إلينا لعنته وهو يتهددنا بالبكاء وصريف الأسنان.

أفليس من فساد الذوق أن يندفع الإنسان إلى اللعن إذا هو لم يحب؟ هذا ما فعله ذلك النذير لأنه ابن العامة المتعصب، ولو أنه عرف الحب لما كان احتدم غضبًا لأنه لم يحب، فكلُّ محبةٍ تتناهى لا تطلب محبةً … بل تطلب أكثر من المحبة.

ابتعدوا عن جميع هؤلاء المتعصبين فهم نوع من الإنسانية مريض فقير، هم من العامة التي تزوغ نظراتها من الحياة وتصيب الأرض بسمِّ أعينها.

ابتعدوا عمن لا يعرفون التساهل فإن خطواتهم ثقيلة على التراب، وقلوبهم مثقلة في الصدور، إنهم لا يعرفون الرقص فكيف لا يثقل عليهم التراب.


هكذا تكلم زرادشت
فريدريك نيتشه
إن نفسي تنفر من أولئك الناس الذين يتحوّل كل ميل طبيعي لديهم إلى مرض ، إلى شيء مشوّه أو مخجل ، لقد جرّنا هؤلاء إلى الفكرة التي ترى أن كل الميولات والغرائز البشرية شيء سيء ، و هم المتسببون في ظلمنا الكبير لطبيعتنا ولكل طبيعة ، هناك عدد غير قليل من الناس الذين يحق لهم أن يستسلموا بأناقة وبكل اطمئنان إلى ميولهم وغرائزهم ، غير أنهم يمتنعون عن ذلك خوفاً من الشر الجوهري الموهوم للطبيعة ، هنا يكمن السبب في كوننا لا نجد سوى قلة نادرة من النبالة بين البشر ..
علامتنا المميزة ستكون دوماً أن لا نخاف من أنفسنا ، أن لا نتوقع شيئاً مخجلاً من أنفسنا، وأن نطير دون وجل إلى حيث يأخذنا الطيران ، نحن الطيور الذين ولدنا أحراراً وحيثما سينتهي بنا الطيران سيكون دوماً فضاء حر من حولنا وضياء.

- فريدريك نيتشه / من كتاب ( العلم المرح)
الصفحة 227
ترجمة علي مصباح


فما أنا إلا قيثارة تفيض عذوبة وسحراً ..
أنا قيثارة نصف الليل، أنا جرس لا يفهم أحد بيانه ، وعليه أن ينطق أمام الصم، وأنتم أيها الراقون لا تفهمون ما أقول..
لقد قُضي الأمر وتوارى الشباب مع الظهيرة والعصر، فحان وقت المساء وأقبل الليل ونصف الليل، وهذا الكلب وهذه الريح كلاهما يعوي..
وهل الريح إلا كلب يئنُّ ويعوي، فيا لصوت الريح من زفير وضحك وحشرجة عند انتصاف الليل.
إنها لشاعرة سكرى تجاوزت حدود النشوة وطال سهدها، هذه الساعة القديمة تداعب أوجاعها عند نصف الليل وتداعب أيضاً مسراتها، والمسرة عند اشتداد الألم تفوق الألم شدةً و عمقاً !

- فريدريك نيتشه / من كتاب ( هكذا تكلم زرادشت )
صفحة 266
ترجمة : فليكس فارس
" إن إبداء المرء للوقاحة حين يكون برفقة الآخرين تكون دليلاً على إحتقاره لنفسه حين يكون وحيداً.."

— فريدريك نيتشه
من كتاب : إنساني مفرط في إنسانيته
المرأة التي يميل إليها قلبك .. عليك أن تغزوها ! هكذا يفكر الرجل ، أما المرأة فلا تغزو .. المرأة تسرق !

- فريدريك نيتشه / من كتاب ( العلم المرح )
الصفحة 24
ترجمة : علي مصباح


2025/06/27 01:57:26
Back to Top
HTML Embed Code: