السعادة تحصل بسلوك الطرق التي شرعها الله وبين أن فيها الخير والنفع للخلق، وليست السعادة في طرق البشر التي لم يأتي بها شرع، فإنها وإن وضعوا عليها آلاف العنوانين من السعادة فهي ليست حقيقية، وأبناء الدنيا إنما يرغبون في اللذات الفانية، فعجباً لمن صدق كلامهم واتبع أهوائهم رغم علمه بأن هذه ادعاءات ظاهرة، ليس في جوهرها سعادة ولا أمن.

ثم أي سعادة في اتباعك لناس لا تنفع نفسها ولا تملك قلبها؟ وأي سعادة تريد وأنت لا تعرف مراد الله عز وجل ولا تعرف كلام رسوله صلي الله عليه وسلم الذي أنت له خلقت وبه تحيا؟ فالبشر يرون السعادة في التزايد من المال مثلاً، وهل المال يشتري سعادة؟ البشر يرون السعادة في التكالب على الدنيا والتحصيل الكثير فيها، وهي أصلاً دار فناء، ما جمعته فيها سيزول.

والله عز وجل جعل الإيمان والعمل الصالح سبيلاً للحياة الطيبة، وهو سبحانه سيجازى أهل الإيمان والعمل الصالح أكبر الجزاء وأعظم الفوز، والجنة التي أعدها الله لأهل الإيمان والعمل الصالح فيها من تمام النعيم وكمال اللذة ما لا يخطر على قلب بشر، وأقل أهل الجنة له فيها مثل الدنيا وعشرة أمثالها، فما ظنك بالدرجات العالية؟

ويا مسكين! هذه الدنيا التي تقلق بشأنها لا تساوي شيئاً، وأنت مهما كان طلبك لها فلن يزيد على كونه أصغر جزء منها، وهو مع ذلك زائل، فأين عقلك وأين ما تبحث عنه حقاً من السعادة؟
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
إنك غريب الشأن! تلتفت عما أنعم الله به عليك من النعم العظيمة، وتنشغل بشيء يسير أصابك أو فاتك! ولماذا تضيع ما أكرمك الله به من النعم الحسية والمعنوية في أوقات من الحزن والتفاهة بما لا يعود عليك بنفع؟ ألك أزمان أخرى تعوض فيها فوت العبادات المستطاعة الآن؟ أم أنك لا تعرف أن كل شيء إلى زوال! وهل شيء يبقى إلا ما كان زاداً للمآل؟!
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
والحقيقة أن الدنيا دار كدرٍ، رضيت هذا أو رفضت، نسيت أو تذكرت، وحصول الأمن من خديعتها هو المطلب، لأنها تخدع بزينتها، والناس استولى عليهم الظاهر، وأصل السعادة فيها يرجع لأمرين:
أحدهما: العلم النافع.
والآخر: العمل الصالح.
فربحك في اطراحك للدنيا، واستقبالك للآخرة، فمتى اخترت الآخرة سهل عليك المرور بالدنيا، ومتى ما تعلقت بالدنيا ضعفت قواك، وفي النهاية لا بد من مستقر، الدنيا دنيا، والآخرة عليا.
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
ثم اسمع تعال، الذي أنت فيه كله إنعام، تأمل في بلائك، أليس رافعاً لشانك، ثم هو ليس إن نظرت منعاً، بل هو نعمة ظاهراً ومعناً، ثم أنت لا تنفك عن كونك حزيناً أو قلِقاً، وتنسى أن ربك يختار لك ما تكون به ألِقاً، ثم إن فهمت هذا فما فاتك شئ، وإن رضيت بكل حال فرحاً فأنت صاحب الغنيمة والفئ.
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
لا تزال سعيداً ما وفقت للإيمان والعمل الصالح، ولا تزال حراً ما لم تحبس نفسك في أسر الهوى والمعصية، ولا تزال بأمان ما كنت مع الرفقة الصالحة، ولا تزال في حصن منيع ما دمت لله ذاكراً، ولا يزال قلبك نقياً ما لم يتلوث بشائبات الشبهات والشهوات.
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
مالك من العاجزين تصبح وتمسي كسلان! ومالك من البائيسين صرت في خطر وخذلان! ومالك لا تتشبث بحبل الله فهو لك أمان! ومالك يا عبد الله لا ترجو ما يرجوه من قلبه عامر بالإيمان! وما ظنك يا مسكين، أتترك هملاً ونسيان! ألا فاستفق من منام الأوهام، وانطلق لسبيل سعادتك تحصيلاً للجنان، ودعك من العوائق في طريقك وكن شجاعاً غير جبان.
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
لا أنفع للعبد وأقرب لسعادته من إيقاف نفسه على شرع الله.
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
من نظر لرزقه بعينٍ ضيقة أغلق على نفسه أبواب الخير، ومن نظر إلى سعة ما أنعم الله به عليه أصبح أغني الناس وإن كان أعدمهم، وأقسم بالله أنك لن تبيت معدوم الخير، فمهما رأي الناس قليل رزقك فأنت تراه بعينك أكثره، فرزق ربك لعباده ما أوفره.
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
ستسعد النفس بعد حزنها، لو أنك تركت فضول اللذات الفانية من الدنيا، وستتحرر بعد حبسها عن هواها، لو أنك تعصيها فيما تشتهيه، وعكس ذلك أنك ستحزن إذا فرحت بالدنيا، وستُحبَس إذا أطعت هواك، والعاقل يُصبِّر نفسه على هذه المجاهدة، وما أسرع أن تنقضي الأيام، وليس الفاني كالباقي، فاصبر.
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
متى ما تخلص العبد من هواه، وجعله تبعاً لشرع الله، فليستبشر بما يزحزح عنه هم دنياه، بل إن السرور يلحق به هنا وهناك في منتهاه، فلنعم عبد يسعى في طريق العلم ويعرفه، ولنعم من سلك سبيل ربه، ولنعم عبد يسمع النصح ويقبل الهدى ويتهيأ للتغيير.
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
2024/05/15 22:36:36
Back to Top
HTML Embed Code: