Telegram Web Link
ليلة مملة، ستنتهي بلا صوتٍ أُحبّه ..

#كايتو
"أنا حزينٌ عزيزتي ولازلت أشتاق إليكِ وإلى كل شيء وكأن الليالي تمر على الناس فتُنسيهم إلا أنا لم تمر ببابي يوماً ولا أدري إن كانت تضل طريقي أم أنا من يختبأ منها عن عمد. أنا حزينٌ عزيزتي ولكن أردتك فقط أن تعلمي أن كل سيء ظننتي أنني رأيته فيكِ فأنا لم أرهُ، بل رأيت فيكِ كل جمالٍ في العالم أنتِ لم تريه في ذاتك."
#كايتو
مساءُ الخير..
لقد أنهيتُ اليومَ علاقةً كانت سببًا في أن أسكُنَ داخلي قلبي، أن لا أكترثَ لأي حربِ طالما هي ليست فيها.. أن لا أقطُفَ وردةً ليست بجمالها.. أخبرنا العالمَ بأننا سنظُل معًا إلى الأبد، و جاء الأبدُ أيها القلبُ الفارغُ من بعدها و كأنني أتنفسُ بغيرك.. لقد أحببتُ كأنني ما تعلمتُ في المدرسةِ غيرَ الحب، غيرَ اسمها.. لقد علمتُ اليومَ أن هناكَ حقًا علاقاتٍ لابد لها أن تنتهي، مرارةٌ الوداعِ أهونُ من أن أُحبّ و لا أظفرُ بها.. أن تكونَ هناكَ و فرقُ الكافِ يحطمُ قلبي لأني هنا.. أن ترسلَ لي صورًا معَ أشخاص تمنيتُ أن أكونَ مارًا فقط كي أنظُرُ لها.. أن أُضحكها كي أقسمَ بأن القلبَ يمكنهُ الرقص، بأن عيناها وترٌ يعزف، كنتُ معها كاتبٌ يتعلمُ مني الناسُ العشقَ، أخبرهم أن الحبَ أعظمُ إنجازٍ للمرءِ أن يفعله، بأن تتخلى عن كلّ شيءٍ من أجل قلبِك، و فعلت.. و الآن أضربُ أخماسًا في أسداسٍ لا أعلمُ كيفَ تخلى عنا ذلكَ الحب.. ثم كانَ طعنُ سكينٍ أخفُ بكثيرِ من طعنِ الروح.. ما يوجعُ حقًا بأنني أخبرتها بأن كلّ الأمرِ، أنها الأمرُ كُله.. و الآنَ لا كلّ بعدَها ولا أمرٌ يهمُّ.. سيمرُ اليومُ طويلاً حقًا بهِ فراغٌ كأن لا أحدَ غيري في هذا العالم، لقد كانت كلّ البشرِ.. و كنتُ سعيدًا حقًا.. أتملّ الوردةُ من الأرضُ و هي تحييها ؟ ذلكَ أنا لم أضجرَ منها مطلقًا، و كأنّ حديثنا مهما بدا عاديًا كانت قلوبنا تتشوقُ لهُ.. ولكن كما تعلمتُ منها تعلمتُ قبلها.. بأن لا جرحَ يدومُ طالما لم يكن صاحبهُ السبب.. بأن لا ذنبَ للمرءِ و نجمتهِ طالما تقفُ سحابةٌ في الليلِ بينهم.. لذلكَ لا ضغينةً في الأمرِ، ولا تقصيرٌ في الفعل.. كل الأمرِ أن لا حياةَ لنجمةِ على الأرضِ، ولا مكانَ لي بينَ النجوم .
أشعر كلما رأيتُكِ أنني أحتضنُ الكون كله.. بل أشعر بأن قلبي من يحتضنني.. إنّكِ أجمل من أن ينظر المرء لك نظرةً عابرة.. كيفَ يرى أي أمرٍ بعدك جميل ؟
إنما أنتِ لي، أقول إني قد جعلتُكِ لي وهاهُنا مكانُكِ، وما أظنُّ وإنْ في قصص الخيال والخرافاتِ امرأةً قد حارب وكافح أحدٌ من أجلها فوقَ ما حاربتُ وكافحتُ من أجلكِ في داخلي، كفاحًا منذ البَدء، ولم يزل يتجدّد، وما أرى له منتهىً.
‏'لم أنسَ رغم كل ما فعلت كي أنسى. لم أنسَ رغم كل الوقت الذي مر بي كي أنسى. لم أنسَ وكأن روحي تخاف الغربة بعد الوطن إن أنسى. لم أنسَ وكأنني أخشى ما أخشاه أن أنسى.'
"وبينما أنا كذلك إذ بصوتها يلاحقني هامساً إلى أين؟، فأشعر وكأن الزمن توقف بي ولا أقوى على الحراك وأجيب بحسرة؛ لا أدري، لا أدري عزيزتي إن كنت أهرب من الذكريات أم أنا من يطاردها."
إنّكِ صاحبة الفضلِ في اكتشافي أنَّ لي قلبًا وروحًا.. إنَّ قلبي يقصُدُكِ.. أنتِ المقصد والقصد.. يا أروعَ أمرٍ يحدثُ لأكثرِ امرء عادي.. أنا معكِ مغلوبٌ على قلبي منتصرٌ على الدنيا.
"‏كُنتِ جميلة كما تكونين دائماً تأسرين القلب والعقل والإدراك بنظرة عيناكي. كنت أراقبك من بعيد لم نتكلم ولم تلاحظيني حتى ولكن لا أدري لماذا أحسست بدفء قربك ولا أدري لماذا أكتب عن تلك المرة بالذات فأحلامي تمتليء بكِ."
كذب من قال أن الحُبَ للحبيبِ الأولِ، بل إن القلبَ ينسى حُبهُ الأول ما اطمأن إلى جوارٍ حبيبٍ جعلهُ يطمئن، ويأنس ويسعد، وينسى بهِ ما شقي في دُنياهُ وما فقد.
أُحبُّ سعي لكِ..
بل يصلُ الأمرُ أني أصبحتُ تواقًا أنتظرُ إفتعالَ حديثٍ معكِ عن أي شيء.. أو لعلي أُحادثُكِ عن الشعر وبفطنةٍ مني أحسبها أقولُ لكِ من بينها أمرًا في كنانةِ روحي لكِ.. إنّكِ ناضرةُ الوجه، فاتنةُ الحضور، بديعةِ الخلق.. بل أكثر من ذلك.. أنتِ لا تعلمينَ أي قوةٍ أحدثتيها وقت ظهورك هكذا.. كأنّكِ من أوقفتي الحروب جميعها.. كأنّكِ من زرعت الوردَ في غير مكانه.. كأنّكِ من وجدتيني وأنا التائه الذي يعرفني الجميع.
آنَسُ بك كأننا خُلِقنا من ضلعٍ واحدٍ، وما الأنسُ إلا صلاة للمُتعَبين!
القلبُ بلا سيِّدةٍ كالبيتِ بدُونها، خَرِبٌ، ومَهْجُورٌ، ومُبعْثَرٌ، وسَاكِنٌ، وخَامِلٌ، جُدرَانهُ بلا نوافذٍ وإن كثُرت النَّوافذ فيها، ومنافِذه بلا رُوحٍ وإن تَدافعت النَّسائم إليها، ومطبخه بلا رَائحةٍ وإن تعدَّدت الأصنافُ فيه، وأسِرَّته بلا دفءٍ وإنِ اجتمعَت الأَلْحِفَةُ عليهِ، هُجْرَانُهُ مَرْغُوبٌ فيهِ، وإِتيانُهُ مَرْهُوبُ الجَانبِ، فبَيتٌ فيهِ سيِّدة؛ تجري في شَرَايينهِ الحياةُ، وقلبٌ فيهِ سيدةٌ كذلِك!
لا خيرَ في حبيبٍ يقتُلك حبه، يقطفُ زهور بُستانك ويتركها علی الأرض للأقدام، يُداهِمُكَ بغيابهِ في أكثر أوقاتك خوفًا، ويأتيك بعتابهِ في أكثر أوقاتك فرحًا، وتشعرُ حال وجوده كأنَّ هناك مساحات من السَّوادِ بينكما، لا شيء سوی هذا الصدی المُثقل بالخُطی السّاقطة.
عليك مني السلام إن شئت وإن أبيت، ولك مني الحب إن ذهبت وإن أتيت.
إنما يكون الرجلُ محظوظًا إذا كان أولَ حبٍّ للمرأة، وإنما تكون المرأةُ محظوظةً إذا كانت آخرَ حبٍّ له.
إنني أريدُكِ أن تكوني هُنا دائمًا، بالقدرِ الذي يُطمئنني لا يُخيفُني، وبالقدرِ الذي لا أشعرُ معهُ بوحده، ولا أحسُ فيه بضعف، ولا أحذرُ مغيبكِ فيه ولا أترقبُ أن يُسحب العمرُ فجأةً فأفقدكِ!

أنني أريدُ كتفكِ أستندُ عليه، ويداكِ تربتُ على كتفي، وعُمرًا فوقَ عمري أسيرُ بهِ إلى جواركِ، ودروبًا طويلةٌ نقضيها سويًا، وحيواتٍ أراكِ فيها فلا أمل، وساعات لا تنتهي إلى جواركِ فأطمئن.

إنني أريدُكِ أن تعودي، لأني سئمت الفِراق.
كيفَ لي أن أحيدَ نظري عنكِ .. وأنا الذي جئتُ قبلكِ وجلست على مكتبي منتظرًا إياكِ كي يهدأ قلبي من تخبطه ؟ لقد علمُت بأن هناكَ معاييرٌّ أخرى للودِّ غيرَ التي يعرفها الإنسان.. وكانت نور جميعها.. بأن عُمرَ المرء حقًا لا يقاسَ بالأعوام.. بل بمعرفتهِ أن لقلبهِ عملاً آخر غير نبضه في جسده..
إن ما فعلتهُ بي يُفتتُّ جبالاً عظيمة.. بربك ماذا حدثَ لقلبي أنا ؟ بل لروحي التي عرفتُ لها لغةً لم أعلمها من قبل.
لقد أصبحتُ أنساقُ بكلِّ إرادتي نحو إختياراتها.. تسلكُ يمينًا أنا معها، تُخطىءُ و ترجعُ أنا معها.. تخبرني أن الأزرقَ يليقُ بي، لا أبيتُ يومي حتى والله أن أجعلَ كل ما حولي و بي أزرقٌ.. تسألني عن ما تكرهُ في الطعامِ، أُعطها قائمةً طويلةٍ مقسمًا أن الموتَ أقربُ لي من تذوقهم.. تصنعهم لي و تقدمهم بيداها قائلةً.. لقد صنعتهم لكَ خذ قضمةً لأجلي ؟ و ماذا عن قلبي حينَ أخذتهِ كُلّهُ لأجلكِ ؟ ثمّ يصبحُ أحبّ الطعام لي.. كُلّ الأخطاءِ معها أشعرُ بأنها صحيحةٌ تمامًا.. جميعُ ما تمليهِ عليّ أسمعهُ و أفعلهُ، ليسَ طاعةَ بلا انتباه.. إنما كيفَ لي أن أعطي أحدهم مفاتيحَ قلبي و روحي و اسألهُ عن الوجهة ؟
كل عينٍ تراكَ على قدر حُبها لك.

- جلال الدين الرومي
2025/07/04 20:33:46
Back to Top
HTML Embed Code: