بدلا من التعويل على أسئلة الموت الأخروي يريد منّا سيوران أن نعود بالأحرى إلى الدهشة من الحياة نفسها. فالموت يبدو "دقيقا" جدّا، في حين أنّ الحياة لا تملك أيّة حجّة عن نفسها. ولأنّها تراكم قدرا هائلا من اللامعنى، فإنّ "الحياة تُشعرنا بالفزع أكثر من الموت". إنّ الرغبة الحادة في الحياة هي المشكل وليس الموت. لكنّ الموت هو المقياس الحقيقي للتمييز بين قدرات البشر على الحياة، بل إنّ سيوران يقسّم "الأحياء" إلى نوعين بينهما توجد هوّة لا يمكن قطعها أو اختزالها: "أحدهما يجهل موته، والآخر يعرفه؛ أحدهما لا يموت إلاّ برهةً، والآخر ما فتئ يموت في كل حين...أحدهما يعيش كما لو كان أبديّا؛ والآخر يفكّر باستمرار في أبديّته وينكرها عند كل فكرة".
لا تعني الكرامة أكثر من السيطرة على بُعد الموت في حياتنا. ومن يشعر أنّه مائت هو يقبض على معنى الموت بوصفه بُعدا داخليا في حياته أو في طبيعته، "ولا شيء ممّا هو طبيعي يمكن أن يجعل منّا شيئا آخر غير أنفسنا". إنّ الصحّة مثلا تبقي على الجسد في براثن "هوية عقيمة"؛ أمّا المرض، فهو "نشاط، وهو النشاط الأكثر حدّة الذي يمكن لإنسان ما أن يطوّره ..."، لأنّه نوع من الانتظار لإشراقة "لا يمكن تداركها". المرض نوع من الكرامة، يضع الجسد أمام هواجسه دون أن يزيّفها؛ إذ لا يوجد أيّ دواء ناجع ضد "هواجس الموت". ولذلك، يعتبر سيوران أنّ المنهج الوحيد للانتصار على هذه "الشهوة" هو أن "نعيشها إلى النهاية، أن نتحمّل كلّ مفاتنها، وكل فظائعها، ألاّ نفعل شيئا من أجل تجنّبها...فمن كثرة ما يشغل نفسه بلانهاية الموت، ينجح الفكر في إنهاكه".
ما يقترحه سيوران هو عدم تجنّب التفكير في الموت، بل مواجهته حتى يتمّ إنهاكه وإفراغه من المعنى. وهكذا بدلا من الخوف من الموت، علينا أن نفكّر في قدرتنا الداخلية على الانقراض. أن ننخرط كلّية في قلق سحيق من "انقراضنا الخاص" (propre extinction) حتى لا نسمح لأيّ تصوّر ديني عن الموت بأن يزعجنا. على التفكير أن يكون خاصا دائما؛ أي منهمكا في نوع من "أدب الرعب والتأمّل في تعفّنه" الخاص بوصفه يحمل موته من الداخل كقدرة خاصة على احتمال الحياة. على المرء أن يتحوّل من الداخل وبكل إرادة إلى ما يشبه "الرماد" الوجودي، حيث ينجح آخر المطاف في النظر إلى حياته بوصفها "ماضي موته - وهو نفسه لن يكون سوى مبعوث من بين الأموات لم يعد يستطيع الحياة". على المرء أن يعامل قدرته على الموت كما لو كان "أركيولوجيّ القلب والكينونة" الذي لم يعد بإمكان أيّ نوع من "الأسرار" المقدّسة أن تغريه. حسب سيوران لا توجد أيّ أسرار، بل فقط "شعائر ومشاعر" (rites et frissons) استعملها الناس من أجل التغلّب على هاجس الموت بواسطة الحياة. ومن ثمّ لا يستطيع أيّ كشف للحجب أن يجعلنا نبصر بأكثر من "هاويات بلا نتيجة"، ولن يبقى أمامنا غير الإقرار بأنّه "لا يوجد من تدريب روحي إلاّ على العدم - وعلى سخافة أن تكون حيّا".
- فتحي المسكيني
من مقال "من سيرة النبيّ المضاد: #سيوران آخر ملحد توحيدي"
لا تعني الكرامة أكثر من السيطرة على بُعد الموت في حياتنا. ومن يشعر أنّه مائت هو يقبض على معنى الموت بوصفه بُعدا داخليا في حياته أو في طبيعته، "ولا شيء ممّا هو طبيعي يمكن أن يجعل منّا شيئا آخر غير أنفسنا". إنّ الصحّة مثلا تبقي على الجسد في براثن "هوية عقيمة"؛ أمّا المرض، فهو "نشاط، وهو النشاط الأكثر حدّة الذي يمكن لإنسان ما أن يطوّره ..."، لأنّه نوع من الانتظار لإشراقة "لا يمكن تداركها". المرض نوع من الكرامة، يضع الجسد أمام هواجسه دون أن يزيّفها؛ إذ لا يوجد أيّ دواء ناجع ضد "هواجس الموت". ولذلك، يعتبر سيوران أنّ المنهج الوحيد للانتصار على هذه "الشهوة" هو أن "نعيشها إلى النهاية، أن نتحمّل كلّ مفاتنها، وكل فظائعها، ألاّ نفعل شيئا من أجل تجنّبها...فمن كثرة ما يشغل نفسه بلانهاية الموت، ينجح الفكر في إنهاكه".
ما يقترحه سيوران هو عدم تجنّب التفكير في الموت، بل مواجهته حتى يتمّ إنهاكه وإفراغه من المعنى. وهكذا بدلا من الخوف من الموت، علينا أن نفكّر في قدرتنا الداخلية على الانقراض. أن ننخرط كلّية في قلق سحيق من "انقراضنا الخاص" (propre extinction) حتى لا نسمح لأيّ تصوّر ديني عن الموت بأن يزعجنا. على التفكير أن يكون خاصا دائما؛ أي منهمكا في نوع من "أدب الرعب والتأمّل في تعفّنه" الخاص بوصفه يحمل موته من الداخل كقدرة خاصة على احتمال الحياة. على المرء أن يتحوّل من الداخل وبكل إرادة إلى ما يشبه "الرماد" الوجودي، حيث ينجح آخر المطاف في النظر إلى حياته بوصفها "ماضي موته - وهو نفسه لن يكون سوى مبعوث من بين الأموات لم يعد يستطيع الحياة". على المرء أن يعامل قدرته على الموت كما لو كان "أركيولوجيّ القلب والكينونة" الذي لم يعد بإمكان أيّ نوع من "الأسرار" المقدّسة أن تغريه. حسب سيوران لا توجد أيّ أسرار، بل فقط "شعائر ومشاعر" (rites et frissons) استعملها الناس من أجل التغلّب على هاجس الموت بواسطة الحياة. ومن ثمّ لا يستطيع أيّ كشف للحجب أن يجعلنا نبصر بأكثر من "هاويات بلا نتيجة"، ولن يبقى أمامنا غير الإقرار بأنّه "لا يوجد من تدريب روحي إلاّ على العدم - وعلى سخافة أن تكون حيّا".
- فتحي المسكيني
من مقال "من سيرة النبيّ المضاد: #سيوران آخر ملحد توحيدي"
👍2
متىٰ تبدأ الحضارة في الانحطاط ؟
حينما يبدأ الناس في الإدراك
بأنهم لم يعودو يريدون ان يكونوا ضحايا
للمُثل العليا و المعتقدات المجتمعية
حالما يستيقظ الفرد
تفقد الامة مضمونها
و عندما يستيقظ الجميع
تتحلل الأمة
ليس هناك ما هوّ اكثر ضرورة
من الرغبة في عدم الخداع !
إميل #سيوران
حينما يبدأ الناس في الإدراك
بأنهم لم يعودو يريدون ان يكونوا ضحايا
للمُثل العليا و المعتقدات المجتمعية
حالما يستيقظ الفرد
تفقد الامة مضمونها
و عندما يستيقظ الجميع
تتحلل الأمة
ليس هناك ما هوّ اكثر ضرورة
من الرغبة في عدم الخداع !
إميل #سيوران
👍7❤2
“أنا شبيه بالدّمية المتحرّكة المكسورة التي سقطت عيناها إلى الدّاخل”
هذه العبارة التي نطق بها مريض عقلي، أعمق من كل الأعمال التي وُضِعت في الاستقراء الباطني.
إميل #سيوران
ترجمة آدم فتحي
هذه العبارة التي نطق بها مريض عقلي، أعمق من كل الأعمال التي وُضِعت في الاستقراء الباطني.
إميل #سيوران
ترجمة آدم فتحي
👍7❤2
" إلهي، متى موعد الطوفان القادم؟ وبالنسبة إلى الفُلْكِ فبإمكانك أن ترسل ما شئت من سفن، لن أتبع جبن نوح"
إميل #سيوران، غسق الأفكار
إميل #سيوران، غسق الأفكار
👍10👎4❤2
Forwarded from الفيلسوف الجديد
العدميــة بيــن المعــري وشـــوبنهاور فكــرة خــلاص
د. عماد الدين الجبوري
عندما اتخذ مؤسس الفلسفة الحديثة رينيه ديكارت مبدأ الشك لليقين، كان الإمام الفيلسوف أبو حامد الغزالي قد سبقه فى ذلك بعدة قرون، وكذلك كانت أسبقية ابن خلدون على كارل ماركس فى علم الاجتماع. وإذا كان دانتي قد اقتبس فكرة “الكوميديا الإلهية” من كتاب المعري “رسالة الغفران” بعد ترجمتها إلى اللغة اللاتينية، فإن الأخير كان أيضاً سباقاً بطرح “العدمية” قبل شوبنهاور والفلسفة الوجودية عموماً وبزمن بعيد.
ولقد فضلنا المقارنة هنا بين أبي العلاء المعري “973-1057” والفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور “1788-1860”، دون سارتر وغيره، لأن القاسم المشترك فيما بينهما هو التشاؤم من جهة. وتقارب نوع ما للوضع الفردي حياتياً من جهة أخرى. وسوف نعتمد بشكل عام على ديوان “اللزوميات”، وعلى كتاب “العالم كإرادة وفكرة” الترجمة الإنكليزية. وقبل أن نحلل العدمية بين هذين الكبيرين، علينا أن نعلم بأن تشاؤمية المعري كانت أسبابها: أنه فقد بصره بعدما أُصابه الجدري وهو في سن الرابعة من عمره.
وقطع دراسته فى كبرى مكتبات طرابلس الشام بعد وفاة أبيه المفاجئ ، وكذلك ترك دراسته فى بغداد عندما سمع بمرض أمه، ثم خبر وفاتها وهو في طريق العودة إليها. علاوة على الاضطراب السياسي والحزبي بين الحمدانيين والفاطميين، والنزاعات الحربية مع الروم البيزنطيين. أما بالنسبة إلى شوبنهاور فإن أباه قد مات منتحراً عام 1805، وسلوكية أمه معه لم تكن بالموقع الحسن، حيث كانت من أروع من نبغ فى عصرها بكتابة القصة، وترفض أن يعلو شأنها الأدبي أى شخص حتى لو كان وحيدها آرثر.
فكانت تقسو عليه وتجافيه، خصوصاً بعدما أخبرها الشاعر الكبير غوته بعظمة عقلية ابنها في المستقبل. فضلاً على ذلك سلسلة الحروب النابليونية والاضطرابات السياسية التى كانت تسود أوربا على مدى عقدين من الزمن.
وهكذا طغت الصفة التشاؤمية على عقلية وتفكير المعري وشوبنهاور، إذ جمعتهما حالة متقاربة الشبه رغم الفارق بين ظرفي الزمان والمكان والوضع العائلي والتناحر السياسي ورحى الحروب الطاحنة.
لذا أمسيا ينظران إلى العالم والطبيعة والمجتمع والفرد من زاوية كالحة لا تطاق. ما الخير والسعادة عندهما إلا أمور سلبية سرعان ما تأتي سرعان ما تزول، لأن الحياة ملؤها التعب ليس فيها سكينة طوال الامتداد الزمني، والوجود كله شر. وفي هذا يقول المعري:
ألا إنما الدنيا نحوسٍ لأهلها
فما من زمانٍ أنتَ فيه سعيد
أو
نزول كما زال آباؤنا
ويبقى الزمان على ما ترى ...
ويرى شوبنهاور بأن في “كل فرد حوض من الألم لا محيص عنه”، وحتى إذا فرضنا جدلاً بأن هذا الألم له نهاية، فإنه سوف “يحل مكانه على الفور عناء آخراً” وليس لدينا من ذلك لا مفر ولا محيص.
إذن فإن القاعدة الحقيقية للبشرية جمعاء داخل هذا العالم هو الألم المستديم، وإذا تساءلنا علام كل هذا التشاؤم الدامس؟ يأتينا الجواب من المعري:
فى العدمِ كنا وَحُكمُ الله أوجدنا
ثم اتفقنا على ثانٍ من العدمِ
أو
-نمرُ سراعاً بين عدمينِ مالنا
لباثُ كإنا عابرون على جسرِ
1
د. عماد الدين الجبوري
عندما اتخذ مؤسس الفلسفة الحديثة رينيه ديكارت مبدأ الشك لليقين، كان الإمام الفيلسوف أبو حامد الغزالي قد سبقه فى ذلك بعدة قرون، وكذلك كانت أسبقية ابن خلدون على كارل ماركس فى علم الاجتماع. وإذا كان دانتي قد اقتبس فكرة “الكوميديا الإلهية” من كتاب المعري “رسالة الغفران” بعد ترجمتها إلى اللغة اللاتينية، فإن الأخير كان أيضاً سباقاً بطرح “العدمية” قبل شوبنهاور والفلسفة الوجودية عموماً وبزمن بعيد.
ولقد فضلنا المقارنة هنا بين أبي العلاء المعري “973-1057” والفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور “1788-1860”، دون سارتر وغيره، لأن القاسم المشترك فيما بينهما هو التشاؤم من جهة. وتقارب نوع ما للوضع الفردي حياتياً من جهة أخرى. وسوف نعتمد بشكل عام على ديوان “اللزوميات”، وعلى كتاب “العالم كإرادة وفكرة” الترجمة الإنكليزية. وقبل أن نحلل العدمية بين هذين الكبيرين، علينا أن نعلم بأن تشاؤمية المعري كانت أسبابها: أنه فقد بصره بعدما أُصابه الجدري وهو في سن الرابعة من عمره.
وقطع دراسته فى كبرى مكتبات طرابلس الشام بعد وفاة أبيه المفاجئ ، وكذلك ترك دراسته فى بغداد عندما سمع بمرض أمه، ثم خبر وفاتها وهو في طريق العودة إليها. علاوة على الاضطراب السياسي والحزبي بين الحمدانيين والفاطميين، والنزاعات الحربية مع الروم البيزنطيين. أما بالنسبة إلى شوبنهاور فإن أباه قد مات منتحراً عام 1805، وسلوكية أمه معه لم تكن بالموقع الحسن، حيث كانت من أروع من نبغ فى عصرها بكتابة القصة، وترفض أن يعلو شأنها الأدبي أى شخص حتى لو كان وحيدها آرثر.
فكانت تقسو عليه وتجافيه، خصوصاً بعدما أخبرها الشاعر الكبير غوته بعظمة عقلية ابنها في المستقبل. فضلاً على ذلك سلسلة الحروب النابليونية والاضطرابات السياسية التى كانت تسود أوربا على مدى عقدين من الزمن.
وهكذا طغت الصفة التشاؤمية على عقلية وتفكير المعري وشوبنهاور، إذ جمعتهما حالة متقاربة الشبه رغم الفارق بين ظرفي الزمان والمكان والوضع العائلي والتناحر السياسي ورحى الحروب الطاحنة.
لذا أمسيا ينظران إلى العالم والطبيعة والمجتمع والفرد من زاوية كالحة لا تطاق. ما الخير والسعادة عندهما إلا أمور سلبية سرعان ما تأتي سرعان ما تزول، لأن الحياة ملؤها التعب ليس فيها سكينة طوال الامتداد الزمني، والوجود كله شر. وفي هذا يقول المعري:
ألا إنما الدنيا نحوسٍ لأهلها
فما من زمانٍ أنتَ فيه سعيد
أو
نزول كما زال آباؤنا
ويبقى الزمان على ما ترى ...
ويرى شوبنهاور بأن في “كل فرد حوض من الألم لا محيص عنه”، وحتى إذا فرضنا جدلاً بأن هذا الألم له نهاية، فإنه سوف “يحل مكانه على الفور عناء آخراً” وليس لدينا من ذلك لا مفر ولا محيص.
إذن فإن القاعدة الحقيقية للبشرية جمعاء داخل هذا العالم هو الألم المستديم، وإذا تساءلنا علام كل هذا التشاؤم الدامس؟ يأتينا الجواب من المعري:
فى العدمِ كنا وَحُكمُ الله أوجدنا
ثم اتفقنا على ثانٍ من العدمِ
أو
-نمرُ سراعاً بين عدمينِ مالنا
لباثُ كإنا عابرون على جسرِ
1
👍4❤1
Forwarded from الفيلسوف الجديد
وينص شوبنهاور أيضاً على أن “الحياة تتأرجح كالبندول إلى الأمام والخلف بين الألم والسأم”، وفى كلتا الحالتين لا خير فى هذا العالم سوى حياة بائسة عافرة.
العقل
رغم أن المعري وشبونهور يعتبران فيلسوفين مثاليين، إلا أن المعري كونه شاعر أولاَ، لذا فإنه يمتلك ذبذبة غير مستقرة تجاه العقل، عكس شوبنهاور الذى يمتلك فكراً فلسفياً مستقراً، فإذا كان الأخير قد وضع العقل بعد الإرادة منزلة، فإن المعري نراه تارة ينظر إلى العقل على أنه المرشد الصحيح لأصول المعرفة حيث يقول:
إذا تفكرتَ فكراً لا يمازجهُ
فساد عقلٍ صحيحٍ هانَ ما صعبا
أو
ولو صفا العقل ألقى الثقلَ حاملُه
عنه ولم ترَ في الهيجاء معترِكا
وتارة أخرى يمجده أيما تمجيد ويعلو من شأن قدرته حتى يصل به إلى درجة النبوة فى عالم الغيب، وعلينا أن نشاوره وحده:
أيها الغر إن خُصصتَ بعقلٍ
فاسألنهُ فكل عقلٍ نبي
أو
فشاور العقل واترك غيره هدراً
فالعقل خير مشير ضمه النادي ...
ولكن فجأةً يعود ويحط من شأنه وقدرته ويساوي بين منزلة العالِم والجاهل:
وما العلماء والجهال إلا
قريب حين تنظر من قريبِ ...
هي ذي تذبذبات المعري، ولا غرابة فى ذلك لكونه شاعراً وتغلبه روح التوصية. علاوة على أنه صاحب عاهة مستديمة:
فاحذر ولا تدع الأمور مضاعة
وانظر بقلبِ مفكرٍ متبصرِ
أما شوبنهاور فالعقل عنده الأساس في البحث عن الحقيقة ويهاجم الفلسفة المادية متسائلاً: كيف نفسر العقل بأنه مادة ما دمنا لا نعلم المادة إلا بواسطة العقل؟ ..ثم لا يمكن أن نستدل عن كنه الحقيقة بالبحث عن المادة ذاتها وثم ننتقل إلى التفكير والعكس هو الصحيح عنده، حيث “أننا لن نصل إلى طبيعة الأشياء الحقيقية إذا بدأنا السير من الخارج”. لذلك أوجب معرفة طبيعة عقولنا أولاً، ثم ننظر إلى العالم الخارجي ثانياً.
وهنا يفسر لنا شوبنهاور لماذا يعتبر العقل أقل أهمية من الإرادة. وحسب تصوره، أن “أغبى إنسان ينقلب إلى مرهف الذكاء إذا ما كانت المسألة المطروحة عليه للبحث تمس رغباته مساً قريباً.
وإذا حاولنا أن نجعل العقل محل “الإرادة” فهذا خطأ يجب علينا تجنبه. لأن العقل “قد أنتجته الطبيعة ليخدم إرادة الفرد”. كما وأن شخصية الفرد تشكلها إرادته لا عقله، كون أن الإرادة “هي العنصر الوحيد الدائم الثابت”. فالعالم والطبيعة والإنسان عنصرهم الحقيقي هي الإرادة.
إذا أردنا أن نشير إلى الفارق هنا بين المعري وشوبنهاور، فإن الأول لم يتأثر بفكر فلسفي معين، ولم يبن فلسفته على أنقاض من سبقه أو يضعها مقابل من عاصره. أعني أن مبدأه في العقل نابع من إحساسه الفكري الممزوج بالروح الشعرية، بينما الثاني فقد شيد مبدأه فى العقل مقابل فكرة مواطنه عمانوئيل كانت “الشيء فى ذاته”. ومعاصره جورج هيجل في “الفكر وحدة عضوية”.
حكمة الموت
إن المعري وشوبنهاور ينظران إلى الموت بأنه نعيم، حيث يقطع عنا عناء الألم، بل إنه راحة أبدية ورقاد يستريح فيه الإنسان حسب قول المعري:
ضجعة الموت رقدة يستريح -
الجسم فيها والعيش مثل السهادِ
أو
موتٌ يسير معه راحةٌ
خيرٌ من اليسرِ وطول البقاء
ويذهب بعدميته بُعداً تشاؤمياً حاداً عندما يتمنى أن ينقطع النسل ويموت حتى الطفل الرضيع، ويرى العدم نعمة:
فليت وليداً ماتَ ساعة وضعهِ
ولم يرتضع من أمهِ النفساء
أو
وأرحتُ أولادي فهم في نعمة
العدمِ التي فضلت نعيمَ العاجلِ
2
العقل
رغم أن المعري وشبونهور يعتبران فيلسوفين مثاليين، إلا أن المعري كونه شاعر أولاَ، لذا فإنه يمتلك ذبذبة غير مستقرة تجاه العقل، عكس شوبنهاور الذى يمتلك فكراً فلسفياً مستقراً، فإذا كان الأخير قد وضع العقل بعد الإرادة منزلة، فإن المعري نراه تارة ينظر إلى العقل على أنه المرشد الصحيح لأصول المعرفة حيث يقول:
إذا تفكرتَ فكراً لا يمازجهُ
فساد عقلٍ صحيحٍ هانَ ما صعبا
أو
ولو صفا العقل ألقى الثقلَ حاملُه
عنه ولم ترَ في الهيجاء معترِكا
وتارة أخرى يمجده أيما تمجيد ويعلو من شأن قدرته حتى يصل به إلى درجة النبوة فى عالم الغيب، وعلينا أن نشاوره وحده:
أيها الغر إن خُصصتَ بعقلٍ
فاسألنهُ فكل عقلٍ نبي
أو
فشاور العقل واترك غيره هدراً
فالعقل خير مشير ضمه النادي ...
ولكن فجأةً يعود ويحط من شأنه وقدرته ويساوي بين منزلة العالِم والجاهل:
وما العلماء والجهال إلا
قريب حين تنظر من قريبِ ...
هي ذي تذبذبات المعري، ولا غرابة فى ذلك لكونه شاعراً وتغلبه روح التوصية. علاوة على أنه صاحب عاهة مستديمة:
فاحذر ولا تدع الأمور مضاعة
وانظر بقلبِ مفكرٍ متبصرِ
أما شوبنهاور فالعقل عنده الأساس في البحث عن الحقيقة ويهاجم الفلسفة المادية متسائلاً: كيف نفسر العقل بأنه مادة ما دمنا لا نعلم المادة إلا بواسطة العقل؟ ..ثم لا يمكن أن نستدل عن كنه الحقيقة بالبحث عن المادة ذاتها وثم ننتقل إلى التفكير والعكس هو الصحيح عنده، حيث “أننا لن نصل إلى طبيعة الأشياء الحقيقية إذا بدأنا السير من الخارج”. لذلك أوجب معرفة طبيعة عقولنا أولاً، ثم ننظر إلى العالم الخارجي ثانياً.
وهنا يفسر لنا شوبنهاور لماذا يعتبر العقل أقل أهمية من الإرادة. وحسب تصوره، أن “أغبى إنسان ينقلب إلى مرهف الذكاء إذا ما كانت المسألة المطروحة عليه للبحث تمس رغباته مساً قريباً.
وإذا حاولنا أن نجعل العقل محل “الإرادة” فهذا خطأ يجب علينا تجنبه. لأن العقل “قد أنتجته الطبيعة ليخدم إرادة الفرد”. كما وأن شخصية الفرد تشكلها إرادته لا عقله، كون أن الإرادة “هي العنصر الوحيد الدائم الثابت”. فالعالم والطبيعة والإنسان عنصرهم الحقيقي هي الإرادة.
إذا أردنا أن نشير إلى الفارق هنا بين المعري وشوبنهاور، فإن الأول لم يتأثر بفكر فلسفي معين، ولم يبن فلسفته على أنقاض من سبقه أو يضعها مقابل من عاصره. أعني أن مبدأه في العقل نابع من إحساسه الفكري الممزوج بالروح الشعرية، بينما الثاني فقد شيد مبدأه فى العقل مقابل فكرة مواطنه عمانوئيل كانت “الشيء فى ذاته”. ومعاصره جورج هيجل في “الفكر وحدة عضوية”.
حكمة الموت
إن المعري وشوبنهاور ينظران إلى الموت بأنه نعيم، حيث يقطع عنا عناء الألم، بل إنه راحة أبدية ورقاد يستريح فيه الإنسان حسب قول المعري:
ضجعة الموت رقدة يستريح -
الجسم فيها والعيش مثل السهادِ
أو
موتٌ يسير معه راحةٌ
خيرٌ من اليسرِ وطول البقاء
ويذهب بعدميته بُعداً تشاؤمياً حاداً عندما يتمنى أن ينقطع النسل ويموت حتى الطفل الرضيع، ويرى العدم نعمة:
فليت وليداً ماتَ ساعة وضعهِ
ولم يرتضع من أمهِ النفساء
أو
وأرحتُ أولادي فهم في نعمة
العدمِ التي فضلت نعيمَ العاجلِ
2
Forwarded from الفيلسوف الجديد
ورغم أن شوبنهاور يعتبر الموت مروعاً مفزعاً لكنه أعظم النِعم البشرية، حيث أن حب الحياة مسألة باطلة كاذبة ويجب مقاومة إرادة النسل، إذ “أن إشباع الغريزة الجنسية هو الذي يستوجب المنع لأنه أقوى ما يثبت شهوة الحياة”.
إن هذه السوداوية المضنية إنما تعكس الوضع السلبي الذى عاناه المتشائمان المعري وشوبنهاور حياتياً واجتماعياً. فقد بقيا وحيدين دون أهل ولا أصدقاء، أو لنقل رفضا الزواج والخلان وفضلا الانطواء عن المحيط الذى لم يعزلهم.
الخلود
يذهب الفيلسوفان في هذا المجال بالامتداد التشاؤمي عن أمور الدنيا وما يتعلق بأمر الخلود، فالمعري، وكما معروف لنا، يخضع إلى الشحنات النفسية التي تجتاح جوانحه. فإن كانت سلبية كفر الدين والآخرين، وإن كانت إيجابية تعيده إلى ركن الإيمان. ومع ذلك نجده فى كلتا الحالتين ينفي وجود حياة بعد الموت:
حياةٌ ثم موتٌ ثم بعثٌ
حديثُ خرافةٍ يا أم عمرو
أو
-أرى هذيانا طال من كل أمة
يضمنه ايجازها وشروحها
وأوصال جسم للتراب ما لها
ولم يدر دار أين تذهب روحها ؟
ثم يخبرنا بأنه سيرحل عن هذا العالم المادي، ولكن إلى أين؟ لا يعلم! ولذلك يطالبنا بأن لا نرجو منه عودة:
سأرحل عن وشيك ولست بعالم ٍ
على أي أمرٍ لا ابالك أقدم
أو
أترجون أن أعود إليكم
لا ترجوا فإنني لا أعودُ
ولجسمي إلى التراب هبوطُ
ولروحي إلى الهواء صعودُ
إنها فعلاً حيرة مستعصية عند شاعرنا المعري، وليس له منها من محيص حيث لا يوجد من يسأله فيخبره عما سمع ورأى فى مماته:
فهل قامَ من جدثً ٍميتٍ
فيخبر عن مسمعٍ أو رأى؟
ثم:
هل فازَ بالجنةِ عمالها؟
وهل ثوى في النارِ نوبخت؟
أما شوبنهاور فيشير إلى أن “الإنسان بعد أن كون من آلامه وعذابه فكرة الجحيم رأى أن لم يبق لديه شيء يكون منه الجنة إلا الملل”. وحسب تصوره فإن الإنسان منذ نعومة أظافره يحس ويلتمس بمرارة هذا العالم الكريه المملوء شراً.
وبما أن شوبنهاور قد آمن بفكرة “النيرفانا” أو تناسخ الأرواح وفق العقيدة البوذية، والمعري يرفض هذه الفكرة.
لذا فإنه أكثر وضحاً من شوبنهاور في هذا الشأن، حيث يؤمن بقدرة الله المطلقة بإحياء الموتى وحشر الخلق:
وقدرة الله حق ليس يعجزها
حشرٌ خلقٍ ولا بعث لأجسادِ
أو
-ومتى شاء الذى صورنا
أشعر الميت نشوراً فنشر
3
إن هذه السوداوية المضنية إنما تعكس الوضع السلبي الذى عاناه المتشائمان المعري وشوبنهاور حياتياً واجتماعياً. فقد بقيا وحيدين دون أهل ولا أصدقاء، أو لنقل رفضا الزواج والخلان وفضلا الانطواء عن المحيط الذى لم يعزلهم.
الخلود
يذهب الفيلسوفان في هذا المجال بالامتداد التشاؤمي عن أمور الدنيا وما يتعلق بأمر الخلود، فالمعري، وكما معروف لنا، يخضع إلى الشحنات النفسية التي تجتاح جوانحه. فإن كانت سلبية كفر الدين والآخرين، وإن كانت إيجابية تعيده إلى ركن الإيمان. ومع ذلك نجده فى كلتا الحالتين ينفي وجود حياة بعد الموت:
حياةٌ ثم موتٌ ثم بعثٌ
حديثُ خرافةٍ يا أم عمرو
أو
-أرى هذيانا طال من كل أمة
يضمنه ايجازها وشروحها
وأوصال جسم للتراب ما لها
ولم يدر دار أين تذهب روحها ؟
ثم يخبرنا بأنه سيرحل عن هذا العالم المادي، ولكن إلى أين؟ لا يعلم! ولذلك يطالبنا بأن لا نرجو منه عودة:
سأرحل عن وشيك ولست بعالم ٍ
على أي أمرٍ لا ابالك أقدم
أو
أترجون أن أعود إليكم
لا ترجوا فإنني لا أعودُ
ولجسمي إلى التراب هبوطُ
ولروحي إلى الهواء صعودُ
إنها فعلاً حيرة مستعصية عند شاعرنا المعري، وليس له منها من محيص حيث لا يوجد من يسأله فيخبره عما سمع ورأى فى مماته:
فهل قامَ من جدثً ٍميتٍ
فيخبر عن مسمعٍ أو رأى؟
ثم:
هل فازَ بالجنةِ عمالها؟
وهل ثوى في النارِ نوبخت؟
أما شوبنهاور فيشير إلى أن “الإنسان بعد أن كون من آلامه وعذابه فكرة الجحيم رأى أن لم يبق لديه شيء يكون منه الجنة إلا الملل”. وحسب تصوره فإن الإنسان منذ نعومة أظافره يحس ويلتمس بمرارة هذا العالم الكريه المملوء شراً.
وبما أن شوبنهاور قد آمن بفكرة “النيرفانا” أو تناسخ الأرواح وفق العقيدة البوذية، والمعري يرفض هذه الفكرة.
لذا فإنه أكثر وضحاً من شوبنهاور في هذا الشأن، حيث يؤمن بقدرة الله المطلقة بإحياء الموتى وحشر الخلق:
وقدرة الله حق ليس يعجزها
حشرٌ خلقٍ ولا بعث لأجسادِ
أو
-ومتى شاء الذى صورنا
أشعر الميت نشوراً فنشر
3
👍4❤1
إنَّ أكبر مكتبة في العالم إذا لم تكن مرتبة جيداً ، فقد تكون أقل قيمة من مكتبة صغيرة مُحكمة الترتيب ، كذلك هي المعرفة ، فالكميات الهائلة من المعرفة بدون ترتيب وبدون هدف أقل قيمة من كمية معرفة محدودة مرتبة جيداً وذات هدف ومعنى.
- آرثر #شوبنهاور
- آرثر #شوبنهاور
👍9❤5
مجموعة قنوات قد يهمكم محتواها..
كتب في علم النفس
@Psychologybookss
مقالات في علم النفس والشخصية
@psychoanalysis_2021
للكتب والمصادر الفلسفية
@philosophybookss
باروخ سبينوزا
@spinoza_2021
نيتشه
@Nietzsche1
كامو
@Camus_Al
شوبنهاور - سيوران
@Schopenhauer_Cioran
كافكا
@kafka2022
دوستويفسكي
@Dostoyevsky_Kafka
https://www.tg-me.com/Ali_AlWardi
كتب في علم النفس
@Psychologybookss
مقالات في علم النفس والشخصية
@psychoanalysis_2021
للكتب والمصادر الفلسفية
@philosophybookss
باروخ سبينوزا
@spinoza_2021
نيتشه
@Nietzsche1
كامو
@Camus_Al
شوبنهاور - سيوران
@Schopenhauer_Cioran
كافكا
@kafka2022
دوستويفسكي
@Dostoyevsky_Kafka
https://www.tg-me.com/Ali_AlWardi
Telegram
الدكتور علي الوردي
الدكتور علي الوردي أعظم من حلل الشخصية العراقية وفصلها تفصيلاً دقيقاً.
❤2👍2👎1
" من ذا الذي يرى نفسه في المرآة في لحظات شبه معتمة ولم يتهيأ له أنه التقى المنتحر في داخله؟"
إميل #سيوران
إميل #سيوران
❤6
لا أحد يُشفى من مرض الولادة، الجرح الرّئيسيّ بامتياز. إلاّ أنّ أملنا في الشّفاء منه ذات يوم هو الذي يجعلنا نقبل الحياة ونتحمّل محنها. السّنواتُ تمرُّ والجرحُ يبقى.
إميل #سيوران، السّقوط في الزّمن، ترجمة آدم فتحي، منشورات الجمل، 2021، ص. 41.
إميل #سيوران، السّقوط في الزّمن، ترجمة آدم فتحي، منشورات الجمل، 2021، ص. 41.
👍3❤1
▪مدخل لفلسفة شوبنهاور
هشام عبده
في طفولتنا وصبانا المبكر عندما كنا نتأمل مستقبلنا ،كنا مثل أطفال في مسرح قبل أن ترفع الستارة ،نجلس بروح عالية وبلهفة ننتظر بدء المسرحية ،وكأنها رحمة أننا لا نعرف حقيقة ما سيحدث ،يمكننا حدسه ،هناك أوقات يبدو فيها الأطفال كالسجناء الأبرياء ،مدانون ،لا للموت بل للحياة ،ولأن الجميع غير واعي لمعنى جملهم وكلامهم عموما ،على الرغم من كل هذا ،كل شاب يرغب للوصول إلى الشيخوخة ،بكلمات أخرى ،حالة من الحياة التي عنها يمكن أن يقال "هي سيئة اليوم وستكون أسوأ في الغد ،وهكذا حتى أسوأ الجميع" .
إذا حاولت أن تتخيل بأقرب ما تستطيع ،ما كمية البؤس ،العذاب ،والمعاناة لكل نوع تشرق عليه الشمس في دورتها ،وقتها ستعترف بأنها ستكون أفضل إذا ،على الأرض كما على القمر ،مرة أخرى أنت قد تنظر للحياة كحادث غير مريح ،يمتص الهدوء السعيد للعدم ،وعلى كل حال ،حتى لو فكرت أن أشياء قد سارت معك بإحتمال جيد طيلة حياتك ،الواضح أنك ستشعر إجمالا أن الحياة هي إحباط باطل ، احتيال !
إستطاع شوبنهاور أن يرى في الفرد وجهين : "تمثلا وإرادة ، إذ أن التمثل أو التصور يعني إذا نظرنا إليه من الخارج، أما الإرادة إذا نظرنا إليه من الداخل ،وهذه النظرة يمكن أن ينظر بها كل فرد إلى نفسه على حدة، ولا يستطيع أن يشعر بها شعوراً واضحاً إلا في نفسه فحسب .
إذن تسعى فلسفة "شوبنهاور" إلى خلاص الإنسان وذلك بدرجتين : الخلاص بالفن؛ أي تأمل الكون والحياة تأملاً نزيهاً خالياً من الغرض أو شوائب المادة، ثم الخلاص بالزهد الذي يسحق الإرادة مصدر الشرور في هذا العالم.
ويتساءل شوبنهاور عما إذا كان العالم يسير أصلاً على نظام معين مرسوم منذ البدايات في معزل عن تدخله هو - أي الإنسان نفسه - يجيب قائلاً : "إن هذا الإنسان يسير تبعاً لقانون هو - مبدأ العلة الكافية - ، ذلك أن كل امتثالاتنا وتصوراتنا مرتبة في ما بينها وبين بعض على نحو من شأنه أن يجعل الواحد منها مرتبطاً بالآخر، ولاشيء منها يقوم مستقلاً بنفسه أو منفصلاً عن غيره ،وهذا الإرتباط لدى شوبنهاور، إرتباط منتظم تستطيع أن تعينه قبل التجربة بصفته مركزاً في طبيعة الذات، أما بالنسبة إلى الإرادة، التي تشكل أساس القاعدة الثانية لوجود هذا العالم ، فإن شوبنهاور من أجل الوصول إلى ربطها بالامتثال يقوم بقفزة أساسية من الذات بإعتبارها عقلاً يفكر ويتصور تبعاً لمبدأ العلة الكافية إلى الموضوع بإعتباره الإرادة التي هي - في نظره، الجوهر الباطن والسر الأعظم لهذا الوجود، وما الوجود في الواقع إلا التحقق الموضوعي للإرادة .
وبالنسبة إلى شوبنهاور فإن الإرادة تختلف، من حيث إنها شيء في ذاته، عن تجلياتها في الظواهر، ومن طريق المكان والزمان تميز الإرادة نفسها في موضوعات متنوعة في أماكن مختلفة وفي لحظات مختلفة، لكنها كلها ترتبط مع ذلك وفقاً لقوانين العلية.
1
هشام عبده
في طفولتنا وصبانا المبكر عندما كنا نتأمل مستقبلنا ،كنا مثل أطفال في مسرح قبل أن ترفع الستارة ،نجلس بروح عالية وبلهفة ننتظر بدء المسرحية ،وكأنها رحمة أننا لا نعرف حقيقة ما سيحدث ،يمكننا حدسه ،هناك أوقات يبدو فيها الأطفال كالسجناء الأبرياء ،مدانون ،لا للموت بل للحياة ،ولأن الجميع غير واعي لمعنى جملهم وكلامهم عموما ،على الرغم من كل هذا ،كل شاب يرغب للوصول إلى الشيخوخة ،بكلمات أخرى ،حالة من الحياة التي عنها يمكن أن يقال "هي سيئة اليوم وستكون أسوأ في الغد ،وهكذا حتى أسوأ الجميع" .
إذا حاولت أن تتخيل بأقرب ما تستطيع ،ما كمية البؤس ،العذاب ،والمعاناة لكل نوع تشرق عليه الشمس في دورتها ،وقتها ستعترف بأنها ستكون أفضل إذا ،على الأرض كما على القمر ،مرة أخرى أنت قد تنظر للحياة كحادث غير مريح ،يمتص الهدوء السعيد للعدم ،وعلى كل حال ،حتى لو فكرت أن أشياء قد سارت معك بإحتمال جيد طيلة حياتك ،الواضح أنك ستشعر إجمالا أن الحياة هي إحباط باطل ، احتيال !
إستطاع شوبنهاور أن يرى في الفرد وجهين : "تمثلا وإرادة ، إذ أن التمثل أو التصور يعني إذا نظرنا إليه من الخارج، أما الإرادة إذا نظرنا إليه من الداخل ،وهذه النظرة يمكن أن ينظر بها كل فرد إلى نفسه على حدة، ولا يستطيع أن يشعر بها شعوراً واضحاً إلا في نفسه فحسب .
إذن تسعى فلسفة "شوبنهاور" إلى خلاص الإنسان وذلك بدرجتين : الخلاص بالفن؛ أي تأمل الكون والحياة تأملاً نزيهاً خالياً من الغرض أو شوائب المادة، ثم الخلاص بالزهد الذي يسحق الإرادة مصدر الشرور في هذا العالم.
ويتساءل شوبنهاور عما إذا كان العالم يسير أصلاً على نظام معين مرسوم منذ البدايات في معزل عن تدخله هو - أي الإنسان نفسه - يجيب قائلاً : "إن هذا الإنسان يسير تبعاً لقانون هو - مبدأ العلة الكافية - ، ذلك أن كل امتثالاتنا وتصوراتنا مرتبة في ما بينها وبين بعض على نحو من شأنه أن يجعل الواحد منها مرتبطاً بالآخر، ولاشيء منها يقوم مستقلاً بنفسه أو منفصلاً عن غيره ،وهذا الإرتباط لدى شوبنهاور، إرتباط منتظم تستطيع أن تعينه قبل التجربة بصفته مركزاً في طبيعة الذات، أما بالنسبة إلى الإرادة، التي تشكل أساس القاعدة الثانية لوجود هذا العالم ، فإن شوبنهاور من أجل الوصول إلى ربطها بالامتثال يقوم بقفزة أساسية من الذات بإعتبارها عقلاً يفكر ويتصور تبعاً لمبدأ العلة الكافية إلى الموضوع بإعتباره الإرادة التي هي - في نظره، الجوهر الباطن والسر الأعظم لهذا الوجود، وما الوجود في الواقع إلا التحقق الموضوعي للإرادة .
وبالنسبة إلى شوبنهاور فإن الإرادة تختلف، من حيث إنها شيء في ذاته، عن تجلياتها في الظواهر، ومن طريق المكان والزمان تميز الإرادة نفسها في موضوعات متنوعة في أماكن مختلفة وفي لحظات مختلفة، لكنها كلها ترتبط مع ذلك وفقاً لقوانين العلية.
1
👍7❤2
وهنا يرى شوبنهاور أن الإرادة تتجلى، من حيث إنها شيء في ذاته، في الفكرة "التصور أو التمثل" قبل أن تتجلى في كثرة من أشياء مفردة ؛من هنا فإن الإرادة هي جوهر وجود الإنسان ففيها يجد الإنسان، بالتأمل الباطن المباشر، الجوهر الباطن الحقيقي للإنسان، والذي لايمكن أن يفنى، وفي هذا المعنى تكون الإرادة هي، وفق شوبنهاور الشيء في ذاته ؛وهو يؤكد أولوية الإرادة على العقل وفي هذا قلباً للوضع الذي وضعنا فيه الفلاسفة حتى شوبنهاور، الذي يقول عن نفسه إنه أول من قال بالنزعة الإرادية التي تجعل من الإرادة الجوهر الحقيقي، بينما كان كل الفلاسفة ينظرون إلى العقل على أنه هو الجوهر.
والإرادة لا هدف لها ولا غاية تقف عندها، فهي رغبة غامضة ومجهود دائب لا يعرف الكلل أو التعب؛ فإذا اعترض طريق الإرادة معترض تولد عن ذلك "الشقاء"، وإذا تم لها ما تريد في اللحظة الحاضرة كانت السعادة، وهذه السعادة لا يمكن أن تدوم؛ لأن كل رغبة تنشأ عن نقص أو عن حالة لا ترضينا ؛وترتبط الرغبة بالشقاء طالما لم تصل إلى سد هذا النقص أو إشباع تلك الحاجة .
والواقع أن كل إشباع لرغباتنا هو بداية لرغبات أخرى جديدة ،وهكذا فلا وجود لحد تقف عنده الرغبة، ومن ثم لا حد ينتهي عنده الشقاء؛ وهنا يقول "شوبنهاور": "إن الشقاء يزداد حدة وشدة تبعاً للارتفاع في سلم الكائنات حتى يصل إلى أعلى درجاته عند الفرد العبقري ،وكلما نفذ الإنسان إلى أعماق الوجود؛ أدرك أن ماهيته الأصلية هي الشقاء، ورأى أن الوجود ما هو إلا سقوط مستمر في الموت"، ويمضى "شوبنهاور" في تصوير الحياة على هذه الصورة التشاؤمية، مما يؤكد أن خوفه من الحياة هو الذي دفعه إلى نشدان الخلاص في "النرفانا" أو العدم، فالحياة عنده ليست شيئاً إيجابياً؛ وإنما هروب من الموت، ومع ذلك فماذا تكون الحياة سوى الهروب من ذلك الموت نفسه ؟ وهذا الهروب يكون بقتل الوقت كما يقول العامة !
إذن فالشقاء لامهرب منه، وكل ألم يزول ليحتل غيره مكانه، ولكل فرد نصيبه المحدد من الشقاء وفقاً لطبيعته التي تتحدد مرة وإلى الأبد، والشقاء الذي يلاقيه الفرد في حياته لا تفرضه قوة خارجية؛ وإنما فطرته نفسها هي التي تحدد كمية الآلام التي سيتعرض لها طوال حياته، ولما كانت حياة الإنسان سلسلة من الحاجات والآلام التي تنتهي لتبدأ من جديد، إذن ليست السعادة شيئاً إيجابياً بل هي سلبية في ماهيتها، فلا وجود للسعادة في ذاتها؛ وإنما تأتى السعادة من إرضاء حاجة أو لنفي ألم من الآلام، لذلك فالألم شيء أولي وشرط ضروري لوجوب السعادة .
2
والإرادة لا هدف لها ولا غاية تقف عندها، فهي رغبة غامضة ومجهود دائب لا يعرف الكلل أو التعب؛ فإذا اعترض طريق الإرادة معترض تولد عن ذلك "الشقاء"، وإذا تم لها ما تريد في اللحظة الحاضرة كانت السعادة، وهذه السعادة لا يمكن أن تدوم؛ لأن كل رغبة تنشأ عن نقص أو عن حالة لا ترضينا ؛وترتبط الرغبة بالشقاء طالما لم تصل إلى سد هذا النقص أو إشباع تلك الحاجة .
والواقع أن كل إشباع لرغباتنا هو بداية لرغبات أخرى جديدة ،وهكذا فلا وجود لحد تقف عنده الرغبة، ومن ثم لا حد ينتهي عنده الشقاء؛ وهنا يقول "شوبنهاور": "إن الشقاء يزداد حدة وشدة تبعاً للارتفاع في سلم الكائنات حتى يصل إلى أعلى درجاته عند الفرد العبقري ،وكلما نفذ الإنسان إلى أعماق الوجود؛ أدرك أن ماهيته الأصلية هي الشقاء، ورأى أن الوجود ما هو إلا سقوط مستمر في الموت"، ويمضى "شوبنهاور" في تصوير الحياة على هذه الصورة التشاؤمية، مما يؤكد أن خوفه من الحياة هو الذي دفعه إلى نشدان الخلاص في "النرفانا" أو العدم، فالحياة عنده ليست شيئاً إيجابياً؛ وإنما هروب من الموت، ومع ذلك فماذا تكون الحياة سوى الهروب من ذلك الموت نفسه ؟ وهذا الهروب يكون بقتل الوقت كما يقول العامة !
إذن فالشقاء لامهرب منه، وكل ألم يزول ليحتل غيره مكانه، ولكل فرد نصيبه المحدد من الشقاء وفقاً لطبيعته التي تتحدد مرة وإلى الأبد، والشقاء الذي يلاقيه الفرد في حياته لا تفرضه قوة خارجية؛ وإنما فطرته نفسها هي التي تحدد كمية الآلام التي سيتعرض لها طوال حياته، ولما كانت حياة الإنسان سلسلة من الحاجات والآلام التي تنتهي لتبدأ من جديد، إذن ليست السعادة شيئاً إيجابياً بل هي سلبية في ماهيتها، فلا وجود للسعادة في ذاتها؛ وإنما تأتى السعادة من إرضاء حاجة أو لنفي ألم من الآلام، لذلك فالألم شيء أولي وشرط ضروري لوجوب السعادة .
2
👍2
والغريب في أمر الإنسان - كما رأى شوبنهاور - أنه حينما لا يجد الصعاب يخترعها، وعندما يحيا في يسر يحاول أن يدخل في حياته التعقيد، وهذا ما نلاحظه في الشعوب التي سارت حياتها هينة لينة بما وهبتها الطبيعة من مناخ معتدل وأرض خصبة؛ فإن هذه الشعوب تخترع عالماً خيالياً بآلهته وشياطينه وقديسيه؛ لتقدم له الضحايا والقرابين والصلوات والاعترافات...إلخ، وخدمة هذا العالم الخيالي تملأ فراغ الحياة الواقعية وخلوها من الآلام والمتاعب، فتصبح كل حادثة من حوادث العالم نتيجة لعمل من أعمال تلك الكائنات المخترعة اختراعاً، هذه الصورة المظلمة التي يرسمها "شوبنهاور" لحياة الإنسان ليس فيها سوى نتيجة واحدة، وهي - كما يقول - "من الأفضل للإنسان أن يختار العدم، وأن يؤثر الموت على الحياة" ،وهذا هو معنى عبارة "هاملت": "أكون أو لا أكون"، وعبارة "هيرودوت" الخالدة : "ليس هناك إنسان لم يتمن أكثر من مرة ألا يأتي عليه الغد" ،ولو أن الموت -انتحاراً- معناه العدم المطلق لانتحر الناس جميعاً؛ لكن الانتحار لا يصلح ما أفسده الوجود، والعزاء الوحيد عما في الحياة من شر هو قصرها، وهذا أفضل ما فيها" !
ولا معنى للتفاؤل كما رأى "شوبنهاور"، ويكفي أن يتطلع أشد الناس تفاؤلاً على أماكن البؤس والتعاسة والمرض والقتال والجريمة ليروا إلى أي حد كان هذا العالم هو أفضل عالم ممكن، والمذاهب التي تدعو إلى التفاؤل ما هي إلا مذاهب لفظية خالية من المعنى تصدر عن رؤوس خالية من الذكاء، ولا أحد يظن أن الإيمان الدينى يدعو إلى التفاؤل، وإنما - على العكس من ذلك - يجعل الحياة والشر كلمتين مترادفتين !
لكن ما مصدر هذا التعلق بالحياة ؟ يرى "شوبنهاور" أن مصدر التعلق بالحياة ليس مبعثه العقل والتفكير، فقليل من التأمل كاف لإقناعنا بأن الحياة ليست خليقة بشيء من الحب، وليس من المؤكد أن الوجود خير من اللاوجود، والحياة خير من الموت، ولو استطعت أن تسعى إلى قبور الموتى وتقرع أبوابها سائلاً إياهم :
هل تريدون العودة إلى الحياة ؟ إذن لرأيتهم ينفضون إليك رؤوسهم رافضين العودة !
إن هذا التعلق بالحياة - فيما يرى شوبنهاور- حركة عمياء غير عاقلة، ولا تفسير لها إلا أن كياننا كله إرادة للحياة الخالصة، والحياة - تبعاً لذلك- يمكن أن تعد الخير الأسمى، مهما يكن من مرارتها وقصرها واضطرابها، والإرادة في ذاتها وبطبيعتها عمياء خالية من كل عقل ومعرفة، أما المعرفة فعلى العكس من ذلك أبعد ما تكون عن هذا التعلق بالحياة؛ لأنها تكشف لنا عما لهذه الحياة من ضآلة وهشاشة، ولهذا تحارب الخوف من الموت، ويتناول "شوبنهاور" مشكلة الموت، فيقرر أن "الموت" لا يصيب إرادة الحياة؛ وإنما يتعلق بمظاهرها العرضية الزائلة كي يحددها باستمرار؛ أما إرادة الحياة فخالدة أبد الدهر، والطبيعة قد ضمنت لها الخلود بواسطة أداة قوية تلعب الدور الأكبر في الحياة العضوية ،وهذه الإرادة هي "الغريزة الجنسية" ففيها مظهر من أوضح مظاهر تأكيد إرادة الحياة نفسها؛ لأن معناها هو أن الطبيعة مهمومة بحفظ النوع باستمرار، وأن في شدة هذه الغريزة وكونها "أقوى الغرائز" ما يدل بوضوح على أن إرادة الحياة هي سر الأسرار في الطبيعة.
3
شوبنهاور
ولا معنى للتفاؤل كما رأى "شوبنهاور"، ويكفي أن يتطلع أشد الناس تفاؤلاً على أماكن البؤس والتعاسة والمرض والقتال والجريمة ليروا إلى أي حد كان هذا العالم هو أفضل عالم ممكن، والمذاهب التي تدعو إلى التفاؤل ما هي إلا مذاهب لفظية خالية من المعنى تصدر عن رؤوس خالية من الذكاء، ولا أحد يظن أن الإيمان الدينى يدعو إلى التفاؤل، وإنما - على العكس من ذلك - يجعل الحياة والشر كلمتين مترادفتين !
لكن ما مصدر هذا التعلق بالحياة ؟ يرى "شوبنهاور" أن مصدر التعلق بالحياة ليس مبعثه العقل والتفكير، فقليل من التأمل كاف لإقناعنا بأن الحياة ليست خليقة بشيء من الحب، وليس من المؤكد أن الوجود خير من اللاوجود، والحياة خير من الموت، ولو استطعت أن تسعى إلى قبور الموتى وتقرع أبوابها سائلاً إياهم :
هل تريدون العودة إلى الحياة ؟ إذن لرأيتهم ينفضون إليك رؤوسهم رافضين العودة !
إن هذا التعلق بالحياة - فيما يرى شوبنهاور- حركة عمياء غير عاقلة، ولا تفسير لها إلا أن كياننا كله إرادة للحياة الخالصة، والحياة - تبعاً لذلك- يمكن أن تعد الخير الأسمى، مهما يكن من مرارتها وقصرها واضطرابها، والإرادة في ذاتها وبطبيعتها عمياء خالية من كل عقل ومعرفة، أما المعرفة فعلى العكس من ذلك أبعد ما تكون عن هذا التعلق بالحياة؛ لأنها تكشف لنا عما لهذه الحياة من ضآلة وهشاشة، ولهذا تحارب الخوف من الموت، ويتناول "شوبنهاور" مشكلة الموت، فيقرر أن "الموت" لا يصيب إرادة الحياة؛ وإنما يتعلق بمظاهرها العرضية الزائلة كي يحددها باستمرار؛ أما إرادة الحياة فخالدة أبد الدهر، والطبيعة قد ضمنت لها الخلود بواسطة أداة قوية تلعب الدور الأكبر في الحياة العضوية ،وهذه الإرادة هي "الغريزة الجنسية" ففيها مظهر من أوضح مظاهر تأكيد إرادة الحياة نفسها؛ لأن معناها هو أن الطبيعة مهمومة بحفظ النوع باستمرار، وأن في شدة هذه الغريزة وكونها "أقوى الغرائز" ما يدل بوضوح على أن إرادة الحياة هي سر الأسرار في الطبيعة.
3
شوبنهاور
👍6❤1🤯1
❤15👍4🔥3
هناك تجارب لا يمكننا البقاء على قيد الحياة بعد انتهائها . تجارب نشعر إثرها أنه لن يعود هناك معنى لأي شيء بعد بلوغ تخوم الحياة .
فبعد أن نكون قد عشنا كل ممكنات الاقاصي الخطرة بغيظ، تفقد الأفعال والحركات كل سحرها، كل فتنتها. فإذا استمررنا في الحياة وقتها فلن يكون ذلك إلا بمِنِة الكتابة، والتي حين نجعلها موضوعية تخفف هذا التوتر اللامحدود !
إميل #سيوران من كتاب : على مرتفعات اليأس.
فبعد أن نكون قد عشنا كل ممكنات الاقاصي الخطرة بغيظ، تفقد الأفعال والحركات كل سحرها، كل فتنتها. فإذا استمررنا في الحياة وقتها فلن يكون ذلك إلا بمِنِة الكتابة، والتي حين نجعلها موضوعية تخفف هذا التوتر اللامحدود !
إميل #سيوران من كتاب : على مرتفعات اليأس.
👍3❤1
في النهاية، إذا أظهرنا للجميع المعاناة و الآلام الرهيبة التي قد نتعرض لها خلال حياتنا ، سيصابون بالرعب حتماً.
إذا قمنا باصطحاب أقوى وأكثر المتفائلين في هذا العالم الى المستشفيات والمستوصفات ومسارح العمليات و عبر السجون وغرف التعذيب وحفر العبيد، إلى ساحات القتال وأماكن الإعدام ؛ إذا فتحنا لهم كل أماكن البؤس المظلمة و إذا كان علينا السماح لهم بإلقاء نظرة خاطفة على زنزانة "أوجولينو" حيث هناك سجناء يتضورون جوعاً حتى الموت، فسوف يرون في النهاية و بكل تأكيد، أي نوع من العالم هذا .
هل هو أفضل العوالم الممكنة على الإطلاق كما يعتقد المتفائلون ؟
و إلا من أين حصل "دانتي" على المواد اللازمة لصنع جحيمه، إن لم تكن من عالمنا الحقيقي هذا ؟
- آرثر #شوبنهاور/ من كتاب " Le Monde comme volonté et comme représentation"
إذا قمنا باصطحاب أقوى وأكثر المتفائلين في هذا العالم الى المستشفيات والمستوصفات ومسارح العمليات و عبر السجون وغرف التعذيب وحفر العبيد، إلى ساحات القتال وأماكن الإعدام ؛ إذا فتحنا لهم كل أماكن البؤس المظلمة و إذا كان علينا السماح لهم بإلقاء نظرة خاطفة على زنزانة "أوجولينو" حيث هناك سجناء يتضورون جوعاً حتى الموت، فسوف يرون في النهاية و بكل تأكيد، أي نوع من العالم هذا .
هل هو أفضل العوالم الممكنة على الإطلاق كما يعتقد المتفائلون ؟
و إلا من أين حصل "دانتي" على المواد اللازمة لصنع جحيمه، إن لم تكن من عالمنا الحقيقي هذا ؟
- آرثر #شوبنهاور/ من كتاب " Le Monde comme volonté et comme représentation"
👍4❤3
👍4❤2