Telegram Web Link
#الفائدة :(705)

(فَوَائدُ مِنْ مَجَالسِ شَيْخِنَا أَبِي عَبْدِاللهِ فَتْحِي المَوْصِلْيّ حَفِظَهُ اللهُ).

نازلة غزة
بين الاجتهاد المشكور والتنازع المذموم( المقدمات … والنتائج )

مما يخشى منه على أهل الإيمان والدين المستقيم أن تتحول قضية الغلو في التجريح وبذرة المبالغة في التعديل إلى ظاهرة غالبة وممارسة سائدة يبتلى بها كثير من الدعاة حتى ممن اجتهدوا في محاربتها والتحذير منها ؛ تارة بدافع الانتصار للحق، وتارةً اخرى بدافع الدفاع عن الخلق، وتارة ثالثة بسبب الاكتفاء بأسلوب الردّ عند تقرير الحق … من غير تفريق بين الاختلاف السائغ والاختلاف غير السائغ ، ولا بين حال العالم وحال الجاهل ، ولا بين مقام المناصحة ومقام المجادلة ، وطائف الشيطان يطوف بينهم بالتحريش والتخريب في ساعة غفلة حتى بغى بعضهم على بعض وانتقصت كل طائفة أختها في وقت ظهرت فيه ظلمات البدعة وخفيت فيه آثار النبوة وعمت في ديار الإسلام البلوى واستبيحت غزة !! ولم يبق إلا الجدل والمجادلة … من غير كلمة جامعة ولا نصيحة شاملة ولا تأصيلات واضحة ولا حلول نافعة ؛ وقد كان ماكان أن للجهل صولة عند تنازع أهل الدين والفتوى .
وحتى لا يبق الكلام في دائرة التأصيل والتوصيف ؛ فلابد من التوضيح والتنزيل ؛ فأقول - مستعيناً بالله - :
إن نازلة غزة نازلة أمة وقضية ملة ؛ تزاحمت فيها أحكام المصالح والمفاسد وتباينت فيها المواقف ؛ حتى صار رفعها أصعب من دفعها ، ويخشى أن يكون ضررها أكبر من نفعها … لكن المصيبة والفتنة الأخرى أن يختلف المنتسبون إلى العلم في أحكامها وفي التعامل معها اختلافا مذموما من غير تحرير لموارد النزاع ولا تصور لأسباب الخلاف ومن غير فهم للواقع ولا تحديد للواجب ، ومن غير تأمل في المقدمات ولا مراعاة للمآلات ، ومن غير تفصيل في الأسباب ولا فهم في التزاحم بين الأحكام ، ومن غير تشاور مع شيوخ بدر ولا مراجعة لأهل الإفتاء .

وقبل الكلام في جنس الاختلاف في نازلة غزة لابد من التذكير بثلاث مقدمات ضرورية في الباب :

المقدمة الأولى : أن الانتساب إلى منهج السلف يكون في باب الاعتقاد والاتباع والأعمال وفي طريقة السلف في باب الانتقاد .

المقدمة الثانية : أن أهل السنة يعرفون في موارد النزاع .

والمقدمة الثالثة : وجوب التفريق بين اختلاف أهل الدين والإيمان و بين تنازع أهل البدع والأهواء .

وعلى هذه المقدمات تظهر نتائج الاختلاف هل هو اختلاف محمود سائغ أم اختلاف مذموم غير سائغ ؟

وهنا فائدة مهمة ، وهي أن كل من تكلم في نازلة غزة من أهل العلم والفهم بأصول شرعية صحيحة ؛ لكن لم يتمكن من تنزيل تلك الأصول على الواقع ، أو لم يوفق في تقدير المصالح والمفاسد ، أو نظر في الحال دون المآل ، أو غلّب النظر في الأسباب والمقدمات ولم يوفق الى النظر في المآلات ، وغرضه تحري الحق والصواب ؛ فهو من أهل الاجتهاد وقوله داخل في موارد الاجتهاد التي لا لوم فيها ولا إنكار ولا عتاب إلا بقدر النصح والبيان وبشرط أن ينطلق من مقدمات صحيحة في الاجتهاد وسأتكلم على بعضها في موضعها إن شاء الله.

لهذا انقسم المنتسبون إلى العلم في تنازعهم في نازلة غزة إلى مجتهد بين الأجر والأجرين ، و الى محسن ومسيء .

لكن الذم كل الذم على من خالف طريقة السلف في الانتقاد وخرج عن طريقة الأكابر في النزاع ؛ وصور الخلاف المذموم في نازلة غزة ثلاث صور :

الصورة الأولى : الإلزام بالأمور الاجتهادية ، ومعاقبة المخالفين لها بالتحذير والإنكار الشديد … وهذا في واقعنا كثير .

الصورة الثانية : التحزب على الأقوال والأشخاص والطعن بالأكابر من العلماء والتشكيك بالقدوات ، وبناء المواقف على ردود الأفعال وتصفية الحسابات وتعليق الأحكام بالولاءات لا بالمناطات .

الصورة الثالثة من الخلاف المذموم : وهو كل خلاف يفوت واجب الوقت ، أو يفرق الجمع بلا مصلحة راجحة مرجوة ، ويدخل في الخلاف المذموم أيضاً الخلاف الذي لا يترتب عليه عمل ولا تظهر منه ثمرة علمية ولا عملية .

هذه هي صور الخلاف المذموم في نازلة غزة ..

وحتى يكون الكلام في نازلة غزة كلاما علميا لابد من التذكير ببعض المقدمات والمنطلقات والضوابط العلمية والتي لا تغيب عن أذهان أهل الفتوى ، وأذكرها إيجازاً ، وهي :

- حال الاختيار غير حال الاضطرار .
- أن استباحة الدماء لا تكون إلا لحفظ ضروري من الضرورات مقدم على ضرورة حفظ النفس .
- وجوب نصرة أهل غزة على كل مستطيع بالأسباب الحسية والمعنوية .
- ⁠عدم إعانة الكفار عليهم لا بالقول ولا بالفعل .
- الاستعانة بأهل الاهواء لا تأتي بالخير على أهل الإسلام إلا عند الاضطرار وبالشروط التي وضعها الفقهاء .
- ⁠يغتفر في الوقوع ما لا يغتفر في الشروع .
- ⁠ويغتفر في الوسائل ما لا يغتفر في المقاصد .
- ⁠الدفع أسهل من الرفع .
- ⁠الفتوى لا تتم الا بالنظر في المقدمات والاسباب واعتبار العواقب والمآلات.
- ⁠إنزال المتوقع منزلة الواقع في تقدير المفاسد والأضرار .
- ⁠الاستطاعة الشرعية مطلوبة على دوام في جميع صور القتال .
- ⁠التعامل مع الكفار تارة بالمقاتلة وتارة بالممانعة وتارة بالمهادنة ؛ ويفعل معهم في كل وقت ما هو الأصلح في ذلك الوقت .
- ⁠استنقاذ الأنفس والمال والأعراص داخل في حفظ الضرورات .
- ⁠يجوز تأخير البيان أو السكوت عندما يكثر الشر بالكلام .
- ⁠ليس واجباً أن يتكلم العالم في كل نازلة ومقام .
- ⁠التنكيل بالأعداء من مقاصد القتال بشرط أن لا يفضي الى الإخلال بالضروريات .
- ⁠الدخول في المساكن والحذر من الأعداء
من سنن التدافع والانتصار .
- الأصل في القتال الاستعداد والأخذ بالأسباب .
- لا عبرة بالفتوى ما لم تستند إلى النظر في الحال والمآل بتقدير أهل الفقه والخبرة .
- إذا كان المقصود لا يتحصل منه شيء فلا حاجة للكلام في الوسائل .
- إلحاق النازلة بنظائرها في التاريخ ومعرفة كيفية وقوعها شرط في فهم أحكامها .
- ⁠الحفاظ على الموجود مقدم على تحصيل المفقود .
- ⁠أحكام النازلة تبنى على التبعض والتجزئة ؛ فالشيء قد يجوز باعتبار ولا يجوز باعتبار آخر ، ويعطى لوجود سبب ويمنع لقيام مانع أو تخلف شرط ، ويمدح من وجه ويذم من وجه آخر .
- ⁠مصلحة الكافر لا تقوم إلا بما أيدي المؤمنين من الدنيا ؛ لهذا ينبغي اعتبار النظر المصلحي في مقاطعتهم أو في معاملتهم ؛ فتارة تكون المصلحة في منعهم وتارة في معاملتهم بحسب الزمان والمكان والحال .
- ⁠قد لا يكون وقت التسديد والمقاربة وتقليل الخسائر ⁠هو وقت المعاتبة أو المناصحة ؛ فلكل وقت واجب ، ولكل واجب شرط وانتفاء مانع ، وهذه هي ( الحكمة العملية ) .

⁠و أخيرا :

- من كان مبغضاً للصحابة والأجداد لا يكون رحيماً بالثكالى والأحفاد .

فهذه هي المنطلقات التي يجب أن تكون حاضرة الذهن عند تقرير الأحكام وبناء المواقف وتكوين الآراء بعيداً عن التعصب والتحزب للأسماء والشعارات والذوات.
والله وحده الهادي إلى سبيل الرشاد .



*👈 للإشتراك بالقناة👇👇*

https://www.tg-me.com/Sheikhfathialmousli
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
https://www.tg-me.com/Libraries123/531

دليـل القنـوات على التلجرام التي تهتم بتأمين وتوفير طلبات الكتب بصيغة PDF لطلبة العلم والباحثين ..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#الفائدة :(706)

(فَوَائدُ مِنْ مَجَالسِ شَيْخِنَا أَبِي عَبْدِاللهِ فَتْحِي المَوْصِلْيّ حَفِظَهُ اللهُ).

تأملات قرآنية ووقفات مقاصدية
:

قال تعالى في سورة الأنفال : { وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60) } .

وهذه المعاني التي سأذكرها في غربة عن الواقع وتغييب عن الواجب ؛ فما ينبغي محاسبة الواقع بها ، ولكن تهيئة الواقع للاتصاف بها ؛ وفرق كبير بين أسلوب المعاتبة والمحاسبة وبين أسلوب المناصحة والمعالجة ؛ فأقول مستعينا بالله بذكر المقاصد والفوائد :

الأولى
: لقد اشتملت الآية على معاني بليغة ومقاصد دقيقة تنتهي بالتاء المربوطة على الترتيب ، وهي عشرة :
العُدّة ، الأمة ، المصلحة ، الاستطاعة ، القوّة ، الأسلحة ، الرهبة ، العداوة ، النفقة … ثم تكون الغلبة والعزة .
وكلها جاء ذكرها في الآية لفظا أو معنًى .

الثانية
: الأمر بالإعداد أمر بالوجوب تارة على الكفاية وتارة على الأعيان ؛ والإعداد هو اتخاذ الشيء لوقت الحاجة إليه ؛ فطلبه في الحاضر وحصىوله في المستقبل ؛ فلا يجوز لقاء العدو من غير عُدّة ولا سلاح .

الثالثة
: والامر بالإعداد هو بالإعداد التام ، وهو الأصل في التكليف والخطاب ، وهو المراد في الآية ، وقد يحصل النصر من غير استعداد تام ، فهذا على خلاف المعهود من الأسباب ؛ فلا يقاس عليه لأنه على خلاف الأصل ؛ فإن الله ينصر المؤمنين بأسباب ظاهرة وأخرى خفية .
وقد يكون الإعداد ولا يتحقق النصر لمانع أو لتاخر شرط أو لحكمة قدرية .
فالخطاب بالإعداد إيجاب وتكليف … والنصر والغلبة نتيجة وتقدير .

الرابعة
: والتكليف بالإعداد يكون بحسب الاستطاعة ؛ فلا تكليف بما لا يطاق … وهذا رحمة من الله بعباده أن تراعى القدرة في التكليف والخطاب ؛ فالاستعداد للقتال يكون على قدر الطاقة ؛ لأن الإعداد داخل في باب الأخذ بالأسباب .

الخامسة
: والقوة جاءت في الآية نكرة في سياق الطلب ؛ فتفيد العموم ، فكل ما يكون قوة يجب السعي إليه سواء كان حسيا أو معنويا ؛ والمقصود ( ما يكون سببا لحصول القوة ) ؛ أي : ما يوجب القوة ؛ فاللفظ ينصرف الى الوسائل والأسباب والموجبات .
ويدخل في القوة : القوة في الحرب والسياسة والاقتصاد والإعلام فضلا عن قوة الوعي والالتزام الديني والشرعي .

السادسة
: وهنا فائدة في الآية وهي أن القوة غير رباط الخيل ، القوة أعمّ من رباط الخيل ؛ لهذا كل رباط هو قوة ، وليس كل قوة هي رباط الخيل .
فالآية ذكرت كل ما يكون قوة على العموم ، وذكرت من الأسلحة رباط الخيل لأنها أفضلها .
لهذا الإعداد يكون في ثلاث صور :
الأولى : كل ما يكون قوة .
والثانية : الرمي ، وهو بيان لأهم أنواع القوة كما في الحديث ( القوة الرمي ) .
والصورة الثالثة : رباط الخيل .
( *لهذا الإعداد التام في الآية يكون بتهيئة أسباب القوة ووسائلها النوعية والعددية ، والقوة الحسية والمعنوية وأفضل أنوع الأسلحة* )
إذن هي عُدّة قوة وعُدّة سلاح .

السابعة
: لهذا أول ما يدخل في القوة *دخولا أوليا* اجتماع الكلمة ؛ لأن القوة لا تجتمع مع الفرقة ؛ ولا قوة مع الخلاف والنزاع .
وعليه فالقوة لا تقوم إلا بالاجتماع ، ولا تتحقق إلا بالإعداد ، ولا تدوم إلا بالسلاح ، ولا تظهر إلا بالمال والإنفاق ، ولا تكون إلا بالتقوى والإيمان … وهذه حقيقة عرفها من عرفها وجهلها من جهلها .

الثامنة :
وهنا فائدة مهمة تحتاج أن تكتب بماء العينين ، وهي ما هو مقدار الإعداد الواجب حتى نستطيع أن نجزم بحصوله على أرض الواقع ؛ أي كما في لغة العصر : ما هي معايير الاستعداد التام ؟!

الجواب :
أن يدخل هذا الإعداد الرهبة والخوف في قلوب الأعداء؛ فإذا لم يصل إلى هذا المعيار والمقدار ؛ فالإعداد ضعيف أو معدوم …. أما المعيار الرقمي لهذا الإعداد ؛ فيظهر في جواب تتداخله المشاعر بين الألم والأمل ، وهو في الحديث : ( نصرتُ بالرعب مسيرة شهر ) .

التاسعة :
وتظهر العزة والرحمة والمصلحة من تشريع القتال ؛ فهو قتال رحمة بالأعداء لإزالة عداوتهم لربهم ، وقتال عزة للمؤمنين لاستنقاذهم من عداوة الكافرين ، وقتال مصلحة لحفظ الإسلام والدين .
الفائدة العاشرة
: لا يقوم القتال إلا على ساق المال والنفقة .
فهذه الفوائد العشر للآية ، وهي توضح المنهج القرآني في الإعداد والاستعداد .
والله المستعان .



*👈 للإشتراك بالقناة👇👇*

https://www.tg-me.com/Sheikhfathialmousli
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#الفائدة :(707)

(فَوَائدُ مِنْ مَجَالسِ شَيْخِنَا أَبِي عَبْدِاللهِ فَتْحِي المَوْصِلْيّ حَفِظَهُ اللهُ).

لماذا ضَعُفتْ بصيرتُنا في هذه الأحداث؟!

من يتتبع موارد نزول الآيات القرآنية يلحظ أن البصيرة في جميع ألفاظها ودلالاتها غالباً ما تأتي في سياق الآيات المكية ؛ لارتباطها ببناء الاعتقاد و أصل الانقياد؛ فلا بصيرة مع الشرك أو الإعراض والاعتراض …

وحيث تضعف البصيرة في جيل من الأجيال فلضعف الاعتقاد والانقياد في هذا الجيل؛ لهذا قال تعالى : { وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى ٱلْهُدَىٰ لَا يَسْمَعُواْ ۖ وَتَرَىٰهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ } .

ومن ثمار البصيرة : الغَيرة على الدين ، وبذل النصيحة للجميع ، والصبر على المقدور والمأمور … كما قال تعالى : { وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُواْ ۖ وَكَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يُوقِنُونَ } ؛ ينصحون … ويصبرون … ويوقنون ؛ بهمة عالية وغَيرة دائمة .

وقد ضعفت في زماننا البصيرة أو تأخرت عن كثير من المنتسبين إلى العلم والدعوة لاسيما في هذه الأحداث والنوازل العظيمة ؛ فضعفت معها الغَيرة على الدين وظهرت الغفلة وسادة الفُرقة حتى صارت الإنابة الى الحق عزيزة ؛ لأن الإنابة هي ثمرة البصيرة ونتيجتها ؛ كما قال تعالى : { تَبْصِرَةً وَذِكْرَىٰ لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ } .
وتأسيساً على المقدمة الآنفة الذكر في ارتباط تحصيل البصيرة بالعقيدة الصحيحة ؛ فإن السبب الرئيسي في ضعف البصيرة في هذه الأحداث عند بعض طلبة العلم والدعاة يرجع إلى أن ( العقيدة الإسلامية التوقيفية الجامعة الصحيحة ) لم تكن هي الحاكمة في هذه الأحداث ؛ بل كانت محكومةً بالتصورات السياسية والتجارب البشرية والخبرات العقلية أو ربما بالولاءات الفئوية أو الحزبية … فلما قصروا في ربط المواقف بالاعتقاد ضعفت البصيرة في قلوب العباد .
والخلل في باب الاعتقاد والاتباع في هذه الأحداث ، - والذي سبب نقص البصيرة عند الدعاة - ، له جهتان :

جهة ترتبط بطغيان العدو الكافر .
وجهة ترتبط بالاستعانة بأجندة المبتدع الصائل .

وبين الجهتين تزاحم وتعارض يَقضي فيهما أهل الفقه بالأحكام … وقد يكون الكلام فيهما من موارد الاجتهاد .

ومقامات الكلام في هذه الأحداث ثلاثة :

المقام الأول
: مقام المعاتبة أو المحاسبة ؛ أي معاتبة من استعان بأهل الأهواء أو من قصر في نصرة أهل الإسلام .
وهذا المقام لابد له من اختيار الأصلحيّة للكلام في الزمان والمكان ، وإلا تحولت المعاتبة إلى تنازع ومخاصمة .

والمقام الثاني
: مقام التذكير والمناصحة …. وهذا مشروط بوجود الآذان الصاغية وعدم المغسدة الراجحة …
والحقيقة أن الأمة - كل الأمة - هي بحاجة إلى النصيحة في هذه النازلة!.

والمقام الثالث
: وهو واجب الوقت ، وفرض الكفاية ، وهو عنوان السداد والهداية ، وهو مقام المناصرة لأهل فلسطين عموما ولأهل غزة خصوصاً بالتسديد والمقاربة من غير عتب ولا معاتبة ، ومن غير جدل ولا مجادلة ، ومن غير نزاع ولا منازعة .

**لهذا أزمة بعض الدعاة في غزة هي : ( أزمة بصيرة ، وأزمة غَيرة ، وأزمة اجتماع الكلمة ) .
والله المستعان .**



👈 للإشتراك بالقناة👇👇

https://www.tg-me.com/Sheikhfathialmousli
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#الفائدة :(708)

(فَوَائدُ مِنْ مَجَالسِ شَيْخِنَا أَبِي عَبْدِاللهِ فَتْحِي المَوْصِلْيّ حَفِظَهُ اللهُ).

إيقاظ

كل نازلة حاضرة تحتاج إلى قراءة تاريخية شاملة وواعية ؛ فإلحاق النازلة بنظائرها في التاريخ شرط في العلم بأحكامها .

والقراءة التاريخية الشاملة الواعية تشمل على قراءة التاريخ :

- قراءة أحداث .
- ⁠قراءة صراع بين المصالح .
- ⁠قراءة مواقف [ أفكار أو عقائد ] .
- ⁠قراءة أسباب .
- ⁠قراءة سقوط وزوال .

فقراءة التاريخ الواعية مهمة في فهم الصراعات الواقعة والمتوقعة .


👈 للإشتراك بالقناة👇👇

https://www.tg-me.com/Sheikhfathialmousli
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#الفائدة :(709)

(فَوَائدُ مِنْ مَجَالسِ شَيْخِنَا أَبِي عَبْدِاللهِ فَتْحِي المَوْصِلْيّ حَفِظَهُ اللهُ).

إيقاظ لمن يريد الصدع بالحق

إذا ظهر الحق ظهوراً جلياً بأدلته القطعية ؛ فالواجب الصدع به إذا أُمنت المفسدة الراجحة .
لكن إذا دخل الحق في حيز الإشكال أو الاشتباه ، ووقع الاختلاف فيه بين أهل الدين الحق ؛ فالصدع به في جميع الأحوال وفي الابتداء فتنة ظاهرة ومفسدة راجحة ؛ وإنما يحتاج هذا الحق الذي دخله الاشتباه أو الاحتمال قبل الصدع به إلى مقامات ثلاثة :

الأول :
التعريف بالحق على وجه التفصيل وتبيين حججه ورفع المعارض له .

والثاني
: ترغيب الناس بهذا الحق وإعانتهم على العمل به وإزالة النُفرة عنه .

والمقام الثالث
: أن يعرض هذا الحق للناس بالطريقة التي تجتمع عليه الكلمة .

فالمقام الأول : مقام التعليم والتفهيم ، والمقام الثاني : مقام الترغيب والتقريب ، والمقام الثالث مقام الفقه والتأويل ( مقام الربانية ) .

لهذا الصدع بالحق الذي دخله الاشتباه من غير المرور بهذه المقامات ذريعة إلى تضييع الحق نفسه ، وتمكين الباطل من الظهور ، ودوام الجدل والنزاع بين المؤمنين .

وهنا تمثيل وتنزيل لهذا التأصيل
:
غالب من تكلم من أهل العلم والسنة في أحداث غزة يعتقد أن تقريره هو الحق ؛ مع أن اعتقاده مبنيٌّ على غلبة الظن مع ما فيه من الاشتباه والاحتمال لاسيما في القضايا الجزئية أو الدقيقة من هذه النازلة التي تزاحمت أحكامها وتعددت أسبابها وتباين النظر في مآلاتها ؛ لهذا ما ينبغي اه الصدع بالرأي فيها والجزم به دون المرور بالمقامات الثلاثة ، وإلا صار بيان الحق طريقا إلى الجدل والنزاع والاختلاف .

وما نراه اليوم - في هذه الواقعة العظيمة - من تقديم كل متكلم الحقَ الذي عنده على أنه الحق الثابت القطعي مع أن الأمر يحتمل الاجتهاد وربما القول لا يخلو من اشتباه أو إجمال ، أو قد يكون القول صحيحاً باعتبار وباطلاً باعتبار آخر - أمر يخالف قواعد الشرع في التعامل مع المذاهب والأقوال .

فليست العبرة في بيان ما نعتقده أنه حق ؛ ولكن العبرة أن نبيّن الحق ونعين الناس على فهمه والعمل به ، ثم نعينهم على الاجتماع عليه
؛ وهذه هي الربانيّة في الخطاب ، وهذه هي الحكمة العلمية والعملية في البيان ، وهذه هي المقاصد الشرعية في بصيرة الدعاة والعلماء .

والمقصود أن عرض الآراء عند الاختلاف بين أهل الإيمان يحتاج إلى :
- بيان الحق على وجه التفصيل .
- ⁠عرض الحق بحكمة والترغيب فيه .
- ⁠الإعانة على العمل بالحق .
- ⁠اجتماع الخلق على الحق .
وقد تكون هذه المهمة - لأول وهلة - صعبةً وشاقةً ؛ لكن لن تكون أكثر مشقةً وحرجاً ومفسدةً من عرض الأقوال مع وقوع التنازع والتخاصم وربما التقاطع ….
وهذه المهمة العظيمة تنقل طالب العلم من مرتبة الداعية المبلِّغ إلى مرتبة الداعية الربانيّ المُصلح ؛ قال تعالى : { وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ } .

ففرق بين تعليم الكتاب وبين تمسيك الكتاب .

👈 للإشتراك بالقناة👇👇

https://www.tg-me.com/Sheikhfathialmousli
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#الفائدة :(710)

(فَوَائدُ مِنْ مَجَالسِ شَيْخِنَا أَبِي عَبْدِاللهِ فَتْحِي المَوْصِلْيّ حَفِظَهُ اللهُ).

ثلاثية علمية لا جدلية في نازلة ( غـزة )

من علامات التوفيق وقرائن التسديد ملازمة العبد لثغور العلم على كل حال وفي كل مكان وزمان : مسلكاً ومنهجاً ، تأصيلاً وتنزيلاً ، متبصراً بالواقع ومتمسكاً بالواجب ، مراعياً للأوقات ومتصفاً بآداب الخلاف …ناظراً في المآلات وعالما بالوسائل ومعظماً للمقاصد والغايات .

وهذه المرابطة على ثغور العلم بهذه الهمة العالية والنية الصادقة والعُدّة الكافية هي من الجهاد في سبيل الله ؛ بل هي أصلٌ ، وجهاد المقاتلة فرعٌ لها ؛ لأنه لا تستقيم المرابطة على الثغور بالسيف ما لم تستقم المرابطة على الثغور بالعلم والفقه ؛ إذ السيف تابع والعلم متبوع ؛ قال تعالى : { وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً ۚ فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍۢ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِى ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوٓاْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ } .

وقد طاف طائف الشيطان بين أهل العلم من المرابطين على ثغور حفظ الدين والملة حتى تنازعوا في نازلة عظيمة ومصيبة كبيرة ونائبة شديدة تناست عندها الثوابت وتقاطعت على أبوابها المصالح وفقدت في دروبها الرحمة بالمخالف وانتشرت في مجالسها التعصب للموافق من غير بحوث علمية ولا تأصيلات شرعية ولا مشاورات فقهية ولا مراسلات علمية ؛ ففقدنا - نتيجة هذا النزاع - سببا عظيما وحبلا متينا من أسباب النصر والتمكين أو من أسباب دفع العدو الصائل على الإسلام والدين .

وحتى لا نطيل ونبدأ بالحل والتوجيه أقول هاهنا ثلاثية علمية في هذه الباب ، وهي :

الأولى
: أن العالم يجب أن لا يواجه بالنقد في النازلة ولا بالاعتراض عليه في الواقعة ما دام أنه يتحرى الحق والصواب بحسب الإمكان ، وهو في ذلك من أهل الاجتهاد ؛ فإن الانتهاض لمجرد الاعتراض من جملة الأمراض ؛ وإنما المراجعة العلمية والمحاورة الأدبية وعدم التعجل في حصول الفائدة العلمية ؛ كما قال تعالى : { قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا } .

وفي هذا المقام ، قال الإمام الشاطبي رحمه الله في هذا الباب موضحاً وشارحاً : ( فالذي تلخص من هذا أن العالم المعلوم بالأمانة والصدق والجري على سنن أهل الفضل والدين والورع إذا سئل عن نازلة فأجاب ، أو عرضت له حالةٌ يبعدُ العهد بمثلها ، أو لا تقعُ من فهم السامع موقعها أن لا يُواجَه بالاعتراض والنقد ؛ فإن عرضَ إشكالٌ ؛ فالتوقف أولى بالنجاح وأحرى بإدراك البغية إن شاء الله ) الموافقات ( ٥/ ٤٠٠ ) .

رحم الله بعض طلبة العلم في زماننا : غلب عليهم في النوازل أسلوب الاعتراض وعدم الصبر .

والثانية
: أن الحزن الممدوح الذي يثاب عليه العبد في النازلة هو الحزن على مصاب الإسلام والمسلمين ، وليس الحزن الذي يضعف المصابرة ويمنع من المجاهدة ويضعف روح المقاتلة ويفتحا بابا إلى المجادلة ؛ فالاختلاف واقع ورفعه واجب ؛ والمطلوب هو الحزن على مصائب الإسلام حزنا لا يمنع واجبا ولا يوقع في محظور ؛ ولهذا الحزن الممدوح ينظر فيه إلى سبب الحزن ومآلاته ؛ كما قال تعالى : { لا تحزن إن الله معنا } .

والمشترك بين عقلاء أهل الإسلام اليوم : الحزن على البلاد المنكوبة والديار المهدومة والنفوس المقتولة
؛ يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله مؤصلا قضية الحزن في النوازل : ( وقد يقترن بالحزن ما يثاب صاحبه عليه ؛ فيكون محموداً من تلك الجهة لا من جهة الحزن ، كالحزين على مصيبة في دينه ، وعلى مصائب الإسلام عموما ؛ فهذا يثاب على ما في قلبه من حب الخير وبغض الشر وتوابع ذلك ، ولكن الحزن على ذلك إذا أفضى إلى ترك مأمور من الصبر والجهاد وجلب منفعة ودفع مضرة نهي عنه ) . مجموع الفتاوى ( ١٠/ ١٧).

فلينظر كل واحد منا في قلبه في سبب أحزانه في نازلة غزة : هل سبب الحزن مصاب المسلمين أم نزاع المتنازعين .

والثالثة من الثلاثية:
لا يوفق من تكلم في نازلة غزة وغيرها من الفقهاء والمتفقهين إلا إذا بنى كلامه على أمرين :

الأولى : مقاصد القتال وأغراضه.
والأمر الثاني : مآلات المقاتلة وعواقبها القريبة والبعيدة .
ويعذر المتكلم في كلامه بحسب هذين الأمرين .

وفي نازلة غزة:
ينبغي ضبط المناط ؛ فما هو غرض اليهود من مقاتلة المسلمين في غزة وغيرها ، وما هو غرض أهل الأهواء في إعانتهم لأهل غزة ؛ فاليهود يطمعون في دين الناس وأرضهم ولا يطمعون في أموالهم …. وغرض أهل الأهواء في دعم المقاتلين هو لترويح اعتقادهم ونشر دعوتهم وإكمال مخططاتهم وليس لاستنقاذ الضعفاء من الظلم الواقع عليهم ؛ لهذا في نازلة عزة تعارصت المفاسد ، ويترك الامر بالترجيح لأهل الاجتهاد .
والمقصود من هذه الفائدة هو التذكير على اعتبار جانب ( الأغراض والمقاصد من القتال والدفع في تقرير أحكام النوازل والفتن ) وعلى ضوء استظهار تلك المقاصد يكون الكلام فيها بعلم وعدل .

وقد بين الفقيه المقاصدي المجتهد شيخ الإسلام ابن تيمية هذه الفهم الدقيق في التعامل مع النوازل ؛ فقال في كلامه على أغراض التتار ومقاصدهم في المجموع ( ٢٨/ ٥٥١ ) : ( فإن هؤلاء التتار لا يقاتلون على دين الإسلام ؛ بل يقاتلون الناس حتى يدخلوا في طاعتهم ، فمن دخل في طاعتهم كفوا عنه وإن كان مشركاً أو نصرانيا أو يهوديا ، ومن لم يدخل كان عدوا لهم وإن كان من الأنبياء الصالحين ).

وقال شيخ الإسلام أيضاً في بيان مقاصد مقاتلة بعض المسلمين للتتار في المجموع ( ٢٨/ ٤٣٥ : ( وبعضهم إنما ينفرون عن التتار لفساد سيرتهم في الدنيا ، واستيلائهم على الأموال واجترائهم على الدماء والسبي ؛ لا لأجل الدين ).

ومن هذا التأصيل يظهر لنا أهمية الحكم في النازلة بالنظر إلى الأغراض والمقاصد :
-فبعضهم يقاتل أو يعاون لأجل نشر مذهبه الباطني!
-والآخر من الكفار يقاتل من أجل الدين والارض فهو يستبيح الدماء دينا لا دنيا !
-وقد يقاتل الكافر المسلمين من أجل دنياهم لا من أجل دينهم .

فأحكام الدفع والمدافعة تتبعض بحسب ذلك ؛ والفتوى التي لا تبنى على المقاصد والأغراض من القتال ناقصة … والسيف الذي لا يتبع المقاصد لا تقوم به مصلحة السنة والإسلام .

والله من وراء القصد

وكتبه ناصحاً ومشفقاً:

فتحي بن عبدالله الموصلي
19-جمادى الثاني 1445هـ
2024-1-1م

👈 للإشتراك بالقناة👇👇

https://www.tg-me.com/Sheikhfathialmousli
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#الفائدة :(711)

(فَوَائدُ مِنْ مَجَالسِ شَيْخِنَا أَبِي عَبْدِاللهِ فَتْحِي المَوْصِلْيّ حَفِظَهُ اللهُ).

كيف يمكن للعبد أن يتحرى الحق ويرحم الخلق تطبيقاً لا تنظيراً:

من اعتقد أن قضية ما هي الحق ؛ فالواجب عليه أولاً أن يحيط علماً بأدلة هذا الحق ومعانيه ، ثم الإيمان به والعمل بمقتضاه ، ثم يجتهد في الاستقامة عليه ؛
ثم تأتي النتيجة وهي التواضع والخشوع والانقياد لهذا الحق .
وصاحب هذه المنزلة
يتواضع في حمل الحق ، وينقاد لهذا الحق ، ويرحم الخلق في تبليغ هذا الحق ، لا يعلو بهذا الحق على الخلق ولا يمتحن الناس بهذا الحق ولا يتفاخر على الخلق بوصوله إلى الحق … وقد بيّن القرآن طريقة أهل الإيمان في التعامل مع الحق علماً وإيمانا واستقامةً وتواضعاً ؛ فقال تعالى : { وَلِيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُواْ بِهِۦ فَتُخْبِتَ لَهُۥ قُلُوبُهُمْ ۗ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهَادِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِلَىٰ صِرَٰطٍۢ مُّسْتَقِيمٍۢ }.

لهذا من علامات اتباع المنهج الصحيح في حمل الحق هو إخبات القلوب وخشوعها وتواضعها وانقيادها لا مجرد الانتساب الى الأسماء والطرائق ؛ من هنا انقسمت القلوب في التعامل مع الحق إلى ثلاثة أقسام :
-القلوب القاسية الجامدة.
-والقلوب المريضة اللينة.
-والقلوب المرحومة المخبتة.
وصاحب القلب الأخير -الذي يكون صاحبه هادياً إلى الحق - يجمع بين العلم والرحمة في قلبه ، ويجمع بين التواضع والخشوع في تعليمه ، ويجمع بين الحرص على هداية الخلق وإرادة الخير لهم في دعوته وخطابه وهو في ذلك يطمع في إخراج أهل الضلال من ضلالهم لا إخراج أهل الحق من دينهم …
وصاحب هذا الوصف هو المؤهل لتطبيق القاعدة العلمية الشرعية الربانية : (يتحرون الحق ويرحمن الخلق) .
إذن هذه القاعدة تطبق بـ( التواضع في حمل الحق وعدم الاستطالة على الخلق ) .

👈 للإشتراك بالقناة👇👇

https://www.tg-me.com/Sheikhfathialmousli
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#الفائدة :(712)

(فَوَائدُ مِنْ مَجَالسِ شَيْخِنَا أَبِي عَبْدِاللهِ فَتْحِي المَوْصِلْيّ حَفِظَهُ اللهُ).
*إيقاظ لمن كانت همته عالية وبصيرته نافذة* :

إذا تعيّن الواجب في أي باب من أبواب الشريعة وكانت مصلحة هذا الواجب تتعلق بمصالح المسلمين العامة أو كانت تأييداً لدين الله ونصرةً لشرع الله أو مُنع بهذا الواجب فساد كبير أو ضرر عظيم ؛ فلا يُلتفت إلى :
- نية صاحب هذا الواجب .
- ⁠ولا إلى توجهاته وميوله .
- ⁠ولا إلى انتسابه وأسمائه .
- ⁠ولا إلى زمانه ومكانه .
- ⁠ولا إلى وظيفته ومنصبه .
لأن مصلحة الواجب تارة تقوم بأهل الدين الكامل وتارةً تقوم بأهل الدين الناقص ، ولأن الواجب مطلوب الوقوع بالنوع من غير التفاتٍ إلى فاعله ؛ وتعليق فعل الواجب بصفات الفاعل تفويتٌ وتأخيرٌ وتعطيلٌ للواجب .
ولسبب ثالث وهو : أن سنن التدافع تقتضي أحياناً التقابل بين أهل الباطل فينصر الله الدين بظهور بعضهم على بعض ، أو بدفع بعضهم ببعض ، أو بردّ بعضهم على بعض … وهذا كثير .
*وهنا تنبيهان ضروريان في فهم هذا التأصيل* :
الأول : أن اشتراط أن لا يقبل العمل ، أو النصرة ، أو الإعانة ، أو القيام بالمصلحة ، أو دفع المظلمة إلا من أهل الاعتقاد الصحيح والمنهج السديد يعدّ تحجيراً للمصالح وتضييقاً للمطالب وتحزيباً
للمواقف .
التنبيه الثاني : -وهو المهم - أن حصول الواجب من أهل الدين الناقص أو الباطل لا يمنع من الردّ عليهم ودفع باطلهم *بشرط أن لا يكون هذا الردّ أو الدفع عائقاً من أدائهم الواجب وقيامهم بالمصالح* ؛ فالمؤمن مع هؤلاء وغيرهم يعين على الحق ويدفع الباطل ، ولا يكون دفعه للباطل مانعا من تحصيل الحق ؛ كما لا يكون طلبه للحق وحبه له مسوغا للسكوت على الباطل ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديبية : ( والَّذي نفسي بيدِهِ ، لا يَسأَلوني اليومَ خُطَّةً يُعظِّمونَ بِها حَرَماتِ اللَّهِ إلَّا أعطيتُهُم إيَّاها ) .

وهذه هي الموازنة الشرعية ، وهي عين الحكمة العلمية والبصيرة الشرعية التي ينبغي على الدعاة وطلبة العلم الاتصاف بها .
وقد ضاع الحق وانتشر الباطل بسبب تغييب هذه الحكمة ومعاداة هذه البصيرة .
والله المستعان .

👈 للإشتراك بالقناة👇👇

https://www.tg-me.com/Sheikhfathialmousli
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
2025/06/27 10:45:24
Back to Top
HTML Embed Code: