••
في خلوات الليلِ نُناجيكَ، لا نملِكُ فقه العارفينَ بدقائق الرقاق، ندعوكَ بألسنةٍ غيرِ فصيحةٍ، ونخطو على دروبٍ قد لا تكونُ صحيحةً، نحنُ الذينَ تتعثّرُ ألسنتُنا بكلِّ العباراتِ، إلا في صدق التضرع والنداء: يا ربَّ.
••
في خلوات الليلِ نُناجيكَ، لا نملِكُ فقه العارفينَ بدقائق الرقاق، ندعوكَ بألسنةٍ غيرِ فصيحةٍ، ونخطو على دروبٍ قد لا تكونُ صحيحةً، نحنُ الذينَ تتعثّرُ ألسنتُنا بكلِّ العباراتِ، إلا في صدق التضرع والنداء: يا ربَّ.
••
••
لا يهمني من تكون، فما أراك إلا بمرآة فعلك ومعدنك، أراك بما تخطّه في صفحات اللقاء من صدقٍ وحضور، لا بما أُودِع في مسامعي من ظنون، ولا بما حملته الرياح من أقوال الناس عنك، وما كان للسمع أن يُقيم مقام العين، وما أرى نفسي إلا مستندًا إلى اليقين الذي يظهر منك، لا الظنون التي تلتف حولك.
••
لا يهمني من تكون، فما أراك إلا بمرآة فعلك ومعدنك، أراك بما تخطّه في صفحات اللقاء من صدقٍ وحضور، لا بما أُودِع في مسامعي من ظنون، ولا بما حملته الرياح من أقوال الناس عنك، وما كان للسمع أن يُقيم مقام العين، وما أرى نفسي إلا مستندًا إلى اليقين الذي يظهر منك، لا الظنون التي تلتف حولك.
••
••
لستُ ممن يُزيّنون للناس فضيلة القطيعة أو يزعمون العزّة في الاستغناء عن الخلّان، بل أجد في هذا الزعم جفاءً للنفس، ووأدًا لما بقي من أواصر الرحمة التي تكسو العلاقات بالدفء، وأحسب أن في التساهل بالتخلي عن إخاء الإخوان كسرًا لعهدٍ لم يُكتب، ومفارقةً لأيامٍ حملت من الصفاء ما يهون معه كل كدر.
إنَّ الخير كل الخير في الوفاء للقلوب التي كانت يومًا ظلًا نستظل به، والأرواح التي سعت إلينا بحبٍّ غير مشروط فكيف لمن عرف طيب العِشرة أن يزهد بها؟ وكيف لمن ذاق حلاوة الودّ أن يستبدلها بمرارة الجفاء؟
••
لستُ ممن يُزيّنون للناس فضيلة القطيعة أو يزعمون العزّة في الاستغناء عن الخلّان، بل أجد في هذا الزعم جفاءً للنفس، ووأدًا لما بقي من أواصر الرحمة التي تكسو العلاقات بالدفء، وأحسب أن في التساهل بالتخلي عن إخاء الإخوان كسرًا لعهدٍ لم يُكتب، ومفارقةً لأيامٍ حملت من الصفاء ما يهون معه كل كدر.
إنَّ الخير كل الخير في الوفاء للقلوب التي كانت يومًا ظلًا نستظل به، والأرواح التي سعت إلينا بحبٍّ غير مشروط فكيف لمن عرف طيب العِشرة أن يزهد بها؟ وكيف لمن ذاق حلاوة الودّ أن يستبدلها بمرارة الجفاء؟
••
••
“ .. فقد وقع أجره على الله .. “
تأمل هذا اليقين، أن كل ما تصنعه في الخفاء، وكل ما تبذله من جهد لا يُرى، وكل دعوة خافتة تخرج من قلبك، قد وُضعت في ميزانٍ لا تضل فيه الموازين.
ليس ضرورياً أن ترى العاقبة هنا، فبعض الثمار لا تُقطف في الدنيا، بل هي سنّة الله التي علّمتنا أن الجنة هي الموطن الحقيقي للفرح، وأن ما نصنعه هنا هو مجرّد تذكرة للدار الباقية.
يكفيك أن تعلم أن عملك، مهما بدا صغيراً، قد قُيد في صحائف لا تضيع عند ربٍ كريم، أكرم من أن يتركَ تعبك هباء.
لا تُثقِل قلبك بالسؤال عن الحصاد، وامضِ ولا تُلقِ بالاً للنتائج العابرة، يكفي أنك تزرع في الأرض ما يبقى أثره في السماء.
••
“ .. فقد وقع أجره على الله .. “
تأمل هذا اليقين، أن كل ما تصنعه في الخفاء، وكل ما تبذله من جهد لا يُرى، وكل دعوة خافتة تخرج من قلبك، قد وُضعت في ميزانٍ لا تضل فيه الموازين.
ليس ضرورياً أن ترى العاقبة هنا، فبعض الثمار لا تُقطف في الدنيا، بل هي سنّة الله التي علّمتنا أن الجنة هي الموطن الحقيقي للفرح، وأن ما نصنعه هنا هو مجرّد تذكرة للدار الباقية.
يكفيك أن تعلم أن عملك، مهما بدا صغيراً، قد قُيد في صحائف لا تضيع عند ربٍ كريم، أكرم من أن يتركَ تعبك هباء.
لا تُثقِل قلبك بالسؤال عن الحصاد، وامضِ ولا تُلقِ بالاً للنتائج العابرة، يكفي أنك تزرع في الأرض ما يبقى أثره في السماء.
••
••
من تمام المروءة أن تكون لصديقك قلبًا يحتمل عنه أثقال البوح، وصدرًا يتسع لما يعجز عن حمله وحده، أن تُنصت لحديثه الذي يأتيك محمَّلاً بركام الصمت، وتفتح له من أبواب روحك ما يعينه على عبور عتمة الخوف.
شجاعة البوح، حين تقابلها بأمان الصمت، تصير باباً إلى عمقٍ لا تبلغه الكلمات، و أعظم إحسانٍ في هذا الباب، أن تردّ على السر بالطمأنينة، وعلى الحزن بالسكينة، يكفيه أن يرى في عينيك وعداً لا ينكث؛ أن سره سيبقى حيث وضعه، في قلبٍ كالصخر لا ينفذ منه شيء، وفي روحٍ كالبحر، تحمل ولا تغرق.
أنصت لوجعه دون أن تُفسده بتفسير، ثم احتفظ بحروف أسراره في بئر لا تهتدي إليها قافلة يوسف.
••
من تمام المروءة أن تكون لصديقك قلبًا يحتمل عنه أثقال البوح، وصدرًا يتسع لما يعجز عن حمله وحده، أن تُنصت لحديثه الذي يأتيك محمَّلاً بركام الصمت، وتفتح له من أبواب روحك ما يعينه على عبور عتمة الخوف.
شجاعة البوح، حين تقابلها بأمان الصمت، تصير باباً إلى عمقٍ لا تبلغه الكلمات، و أعظم إحسانٍ في هذا الباب، أن تردّ على السر بالطمأنينة، وعلى الحزن بالسكينة، يكفيه أن يرى في عينيك وعداً لا ينكث؛ أن سره سيبقى حيث وضعه، في قلبٍ كالصخر لا ينفذ منه شيء، وفي روحٍ كالبحر، تحمل ولا تغرق.
أنصت لوجعه دون أن تُفسده بتفسير، ثم احتفظ بحروف أسراره في بئر لا تهتدي إليها قافلة يوسف.
••
••
#توصية
يتجلّى المعلّق الرياضي سوار الذهب، لا كصوت في مدرجات الملاعب فحسب، بل كروح تجوب فضاءات المعاني الإنسانية، في هذه الحلقة ينسج سوار خيوط الحياة من حكايات الأمكنة والأزمنة، يقودك في رحلة تموج بالمآسي والآمال، حيث السودان مهد البداية، وسوريا محطة الألم، ثم القدس وغزة موطنا الصبر والمقاومة، مع وصف للمسجد الأقصى، مروراً برحلته لليمن أرض الحكمة والوجع، تأخذك بعيدًا ثم تعيدك وقد امتلأ صدرك بأنفاس العبرة.
https://youtu.be/sh1o9ygLTV4?si=v6LR5m9G3NdzFR8q
••
#توصية
يتجلّى المعلّق الرياضي سوار الذهب، لا كصوت في مدرجات الملاعب فحسب، بل كروح تجوب فضاءات المعاني الإنسانية، في هذه الحلقة ينسج سوار خيوط الحياة من حكايات الأمكنة والأزمنة، يقودك في رحلة تموج بالمآسي والآمال، حيث السودان مهد البداية، وسوريا محطة الألم، ثم القدس وغزة موطنا الصبر والمقاومة، مع وصف للمسجد الأقصى، مروراً برحلته لليمن أرض الحكمة والوجع، تأخذك بعيدًا ثم تعيدك وقد امتلأ صدرك بأنفاس العبرة.
https://youtu.be/sh1o9ygLTV4?si=v6LR5m9G3NdzFR8q
••
••
الطمأنينة التي تجتاح روحك عند تلاوة القرآن، ليست مرتبطة بفهمك العقلي لمعانيه فحسب، بل هو شعور دفين بأن الله يخاطبك مباشرة، يعلم خلجاتك ويُخبرك أنك معروف بأوجاعك وأسرارك، ومن جلال القرآن - إن آمنت به - أنه يعيد صياغتك من الداخل.
••
الطمأنينة التي تجتاح روحك عند تلاوة القرآن، ليست مرتبطة بفهمك العقلي لمعانيه فحسب، بل هو شعور دفين بأن الله يخاطبك مباشرة، يعلم خلجاتك ويُخبرك أنك معروف بأوجاعك وأسرارك، ومن جلال القرآن - إن آمنت به - أنه يعيد صياغتك من الداخل.
••
••
📖 طبقات المتصلين بالعلوم الشرعيّة من الأدنى للأعلى، ومن الأحقر للأشرف:
✍️ بدر آل مرعي
1. الطبقة العاشرة:
طبقة من يستخدم العلم لأهواء شخصية من مكاسب جماهيرية أو سلطانية، أولئك سفلة الخلق، وسُرّاق الحق.
2. الطبقة التاسعة:
من يوظّف المفاهيم الشرعية لخدمة فكرة سائدة، فيلوي النصوص لتوافق ثقافة معاصرة، فالفأل الشرعي صار فجأة أساس علم الطاقة الخرافي.
3. الطبقة الثامنة:
من يعلّق الناس بالروحانيات من رؤى ورقى دون أن تكتمل أهليته الفقهية اللازمة لمقامه، يتوسع مذمومًا في هذا الجانب، ويجعل الخوارق -وبعضها حق- أصلًا وما عداها تبعًا، ويندرج فيهم من يكرر مصطلحات التصوف والكرامات بجهل ودون تحقق صادق.
4. الطبقة السابعة:
من وظيفته التهوين من رسوم العلم الشرعي وتفاصيله، يستر عجزه عن فهم الفقه بقوله: “يكفي من العلم كذا، وما سواه فضول.”
5. الطبقة السادسة:
المبالغون الذين جعلوا العلم حالة دوبامينية من التحشيد، غابت السكينة، وصار الطلاب يملّون سريعًا، فهم يترقبون جرعة جديدة من الخطابيات، ولا قدرة لهم على الفهم الهادئ.
6. الطبقة الخامسة:
طبقة الملاكم العلمي، الذي أفنى عمره في التعليق الفوري على كل حدث، يصدر آراءه بأنها “الموقف الشرعي” من أخبار الساعة، وكلما هدأت الحلبة أعلن: “الرد على فلان.”
7. الطبقة الرابعة:
الذين اكتفوا بالبينيات، فحظهم من العلم البحث في تاريخ العلوم وعلائقها بالعلوم الأخرى، مسلك حسن ما لم يحصر الإنسان نفسه فيه مع قدرته على غيره، أو يجاوزه للخوض فيما لا يُحسن، هؤلاء المثقفون يحبون الحديث عن “مقاربة معرفية وحفريات إبستمولوجية” خشية أن يُوصموا بالتراثية.
8. الطبقة الثالثة:
القشريون؛ وهم قوم ألهاهم تقويم الطبعات عن صُلب ما في الكتب من العلم، هؤلاء كالنساخ في القديم، لهم نفعهم، ولكن لا يليق بمن له فهم وهمة الاكتفاء بهذا الطريق، يدخل فيهم من يتحدث عن العلم أكثر من حديثه في العلم.
9. الطبقة الثانية:
من استغرق في المفضول مع قدرته على الفاضل، وتعلق بالمرذول بعد عسر شريف العلم، كمن أحرق زهرة شبابه في تتبع اختلافات المناهج المعاصرة وما فيها من غيبة مشرعنة، حتى صار السؤال: “ما رأيكم بفلان؟ والجماعة الفلانية؟” هو شغله الشاغل، ومن خالط هذا الصنف أدرك ما لديهم من أمراض وحب التفاضح والكذب وتتبع العورات.
10. الطبقة الأولى:
من عمر أيامه بعلوم الوحي حفظًا وتفهمًا ومذاكرة ومفاتشة وتحليلًا وبحثًا وتصنيفًا وتدريسًا، استعان على ذلك بأدوات المعرفة من علوم آلية، وحفّ ذلك بأسوار من التأله وتعظيم مقام الله ومكابدة التعبد.
نسأل الله من فضله.
••
✍️ بدر آل مرعي
1. الطبقة العاشرة:
طبقة من يستخدم العلم لأهواء شخصية من مكاسب جماهيرية أو سلطانية، أولئك سفلة الخلق، وسُرّاق الحق.
2. الطبقة التاسعة:
من يوظّف المفاهيم الشرعية لخدمة فكرة سائدة، فيلوي النصوص لتوافق ثقافة معاصرة، فالفأل الشرعي صار فجأة أساس علم الطاقة الخرافي.
3. الطبقة الثامنة:
من يعلّق الناس بالروحانيات من رؤى ورقى دون أن تكتمل أهليته الفقهية اللازمة لمقامه، يتوسع مذمومًا في هذا الجانب، ويجعل الخوارق -وبعضها حق- أصلًا وما عداها تبعًا، ويندرج فيهم من يكرر مصطلحات التصوف والكرامات بجهل ودون تحقق صادق.
4. الطبقة السابعة:
من وظيفته التهوين من رسوم العلم الشرعي وتفاصيله، يستر عجزه عن فهم الفقه بقوله: “يكفي من العلم كذا، وما سواه فضول.”
5. الطبقة السادسة:
المبالغون الذين جعلوا العلم حالة دوبامينية من التحشيد، غابت السكينة، وصار الطلاب يملّون سريعًا، فهم يترقبون جرعة جديدة من الخطابيات، ولا قدرة لهم على الفهم الهادئ.
6. الطبقة الخامسة:
طبقة الملاكم العلمي، الذي أفنى عمره في التعليق الفوري على كل حدث، يصدر آراءه بأنها “الموقف الشرعي” من أخبار الساعة، وكلما هدأت الحلبة أعلن: “الرد على فلان.”
7. الطبقة الرابعة:
الذين اكتفوا بالبينيات، فحظهم من العلم البحث في تاريخ العلوم وعلائقها بالعلوم الأخرى، مسلك حسن ما لم يحصر الإنسان نفسه فيه مع قدرته على غيره، أو يجاوزه للخوض فيما لا يُحسن، هؤلاء المثقفون يحبون الحديث عن “مقاربة معرفية وحفريات إبستمولوجية” خشية أن يُوصموا بالتراثية.
8. الطبقة الثالثة:
القشريون؛ وهم قوم ألهاهم تقويم الطبعات عن صُلب ما في الكتب من العلم، هؤلاء كالنساخ في القديم، لهم نفعهم، ولكن لا يليق بمن له فهم وهمة الاكتفاء بهذا الطريق، يدخل فيهم من يتحدث عن العلم أكثر من حديثه في العلم.
9. الطبقة الثانية:
من استغرق في المفضول مع قدرته على الفاضل، وتعلق بالمرذول بعد عسر شريف العلم، كمن أحرق زهرة شبابه في تتبع اختلافات المناهج المعاصرة وما فيها من غيبة مشرعنة، حتى صار السؤال: “ما رأيكم بفلان؟ والجماعة الفلانية؟” هو شغله الشاغل، ومن خالط هذا الصنف أدرك ما لديهم من أمراض وحب التفاضح والكذب وتتبع العورات.
10. الطبقة الأولى:
من عمر أيامه بعلوم الوحي حفظًا وتفهمًا ومذاكرة ومفاتشة وتحليلًا وبحثًا وتصنيفًا وتدريسًا، استعان على ذلك بأدوات المعرفة من علوم آلية، وحفّ ذلك بأسوار من التأله وتعظيم مقام الله ومكابدة التعبد.
نسأل الله من فضله.
••
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
••
الألم مدرسة خفيّة، يُهذّب صاحبه ويعيد تشكيل روحه في بوتقة الصبر، يفتح له آفاق الصمت الذي لا يُدرَك إلا بالمعاناة، ويكشف له من الأبعاد ما كانت الحواس تغفل عنه في رخاء الأيام، يُعمّق الدعاء في قلبه حتى يصير أنينًا ممتدًا بين الأرض والسماء، ويجعل وحشته من الخلق بابًا لأنسه بالخالق، فإذا به يكتشف في الألم سكينةً لا تُوهَب إلا لمن نفذت بصيرته إلى جوهر الابتلاء.
••
الألم مدرسة خفيّة، يُهذّب صاحبه ويعيد تشكيل روحه في بوتقة الصبر، يفتح له آفاق الصمت الذي لا يُدرَك إلا بالمعاناة، ويكشف له من الأبعاد ما كانت الحواس تغفل عنه في رخاء الأيام، يُعمّق الدعاء في قلبه حتى يصير أنينًا ممتدًا بين الأرض والسماء، ويجعل وحشته من الخلق بابًا لأنسه بالخالق، فإذا به يكتشف في الألم سكينةً لا تُوهَب إلا لمن نفذت بصيرته إلى جوهر الابتلاء.
••
••
يُشرِق المرء حين تُزيّنه خِصال الأدب، وتكتنفه معاني التواضع والسكينة، فتراه هيِّنًا ليِّنًا مع نفسه ومع من حوله، تحفّه مهابة لا تُصنع، ووقار لا يُستعار، يظهر ذلك جليًا في ملامحه ونبرة حديثه، وفي مواقفه وآرائه، وكل شأن من شؤون حياته.
وإنّما يعلو المرء حين تجتمع له زينة الحلم مع بهاء العلم، فيغدو منارًا يُهتدى به، وجسرًا للرفعة والكرامة، وقد صدق عطاء بن أبي رباح، حين قال: “ما أوى شيءٌ إلى شيءٍ أزينَ مِن حلمٍ إلى علم”
وهذا الاقتران، الذي يُبارك فيه الله لصاحبه، ليس فقط رفعةً له، بل هدايةً لمن حوله، إذ يصير عالِمًا رحيمًا، وحليمًا عاقلًا، يُفيض على الناس علمًا يحنو بهم، ورفقًا يخفّف عنهم، ومن كان على هذا المنوال، كان جديرًا أن يُخلَّد ذكره في مراتب الصالحين.
••
يُشرِق المرء حين تُزيّنه خِصال الأدب، وتكتنفه معاني التواضع والسكينة، فتراه هيِّنًا ليِّنًا مع نفسه ومع من حوله، تحفّه مهابة لا تُصنع، ووقار لا يُستعار، يظهر ذلك جليًا في ملامحه ونبرة حديثه، وفي مواقفه وآرائه، وكل شأن من شؤون حياته.
وإنّما يعلو المرء حين تجتمع له زينة الحلم مع بهاء العلم، فيغدو منارًا يُهتدى به، وجسرًا للرفعة والكرامة، وقد صدق عطاء بن أبي رباح، حين قال: “ما أوى شيءٌ إلى شيءٍ أزينَ مِن حلمٍ إلى علم”
وهذا الاقتران، الذي يُبارك فيه الله لصاحبه، ليس فقط رفعةً له، بل هدايةً لمن حوله، إذ يصير عالِمًا رحيمًا، وحليمًا عاقلًا، يُفيض على الناس علمًا يحنو بهم، ورفقًا يخفّف عنهم، ومن كان على هذا المنوال، كان جديرًا أن يُخلَّد ذكره في مراتب الصالحين.
••
الطريق إلى مكة - محمد أسد.pdf
7.8 MB
••
#كتاب_الأسبوع
📕 الطريق إلى مكة
🖊️ محمد أسد
📑 ٥٦٠ صفحة
هذا الكتاب سفرٌ عظيم يحكي تجربةً قلّ أن تجد لها نظيرًا في أدب التحولات الفكرية والروحية، هو ليس مجرّد سيرة شخصية، بل نافذة مفتوحة على الإسلام من عين رجلٍ عاش تناقضات الحضارات ورأى الحقّ بعين الباحث المخلص.
مؤلف الكتاب، محمد أسد، كان فيلسوفًا وصحفيًا نمساويًا عاش حياةً حافلة بين أوروبا والشرق، بدأها يهوديًا صهيونيًا متحمسًا وانتهى إلى الإسلام، الذي أشرق في قلبه فأعاد ترتيب رؤيته للعالم والحياة.
الكتاب يأخذك في رحلةٍ فريدة، تبدأ من شوارع أوروبا المزدحمة إلى صحارى الجزيرة العربية، حيث يتعرّف أسد على الإسلام عن قرب، لا كمجرّد ديانة، بل كنظام حياة ينبض بالمعاني والقيم، بأسلوب أدبي بديع، يجعلك الكتاب تشعر وكأنك تعيش معه لحظة اكتشافه للحقيقة.
هذا الكتاب دعوة للتفكر، وإعادة النظر في قضايا الحداثة، والانبهار بالحضارات، وماذا يعني أن تبحث عن معنى الحياة، لكل قارئ يتطلع إلى رؤية الإسلام بعيون مختلفة، هذا الكتاب هو زادٌ فكري وروحي لا يُفوّت.
••
#كتاب_الأسبوع
📕 الطريق إلى مكة
🖊️ محمد أسد
📑 ٥٦٠ صفحة
هذا الكتاب سفرٌ عظيم يحكي تجربةً قلّ أن تجد لها نظيرًا في أدب التحولات الفكرية والروحية، هو ليس مجرّد سيرة شخصية، بل نافذة مفتوحة على الإسلام من عين رجلٍ عاش تناقضات الحضارات ورأى الحقّ بعين الباحث المخلص.
مؤلف الكتاب، محمد أسد، كان فيلسوفًا وصحفيًا نمساويًا عاش حياةً حافلة بين أوروبا والشرق، بدأها يهوديًا صهيونيًا متحمسًا وانتهى إلى الإسلام، الذي أشرق في قلبه فأعاد ترتيب رؤيته للعالم والحياة.
الكتاب يأخذك في رحلةٍ فريدة، تبدأ من شوارع أوروبا المزدحمة إلى صحارى الجزيرة العربية، حيث يتعرّف أسد على الإسلام عن قرب، لا كمجرّد ديانة، بل كنظام حياة ينبض بالمعاني والقيم، بأسلوب أدبي بديع، يجعلك الكتاب تشعر وكأنك تعيش معه لحظة اكتشافه للحقيقة.
هذا الكتاب دعوة للتفكر، وإعادة النظر في قضايا الحداثة، والانبهار بالحضارات، وماذا يعني أن تبحث عن معنى الحياة، لكل قارئ يتطلع إلى رؤية الإسلام بعيون مختلفة، هذا الكتاب هو زادٌ فكري وروحي لا يُفوّت.
••
قناة | توّاق
الطريق إلى مكة - محمد أسد.pdf
تذكرت صاحباً لي قبل سنوات سألته كيف الكتاب معك قال: هذا الرجل كان يهوديًا، ثم قلب الطاولة على كل شيء، وقرر يسوي أعظم “يو-تيرن” في تاريخ المذكرات الشخصية : إلى الإسلام.
الكتاب يستحق القراءة.
الكتاب يستحق القراءة.
••
ترويض النفس على حقيقة أن هذه الدنيا دار أذى وكبد، يختصر على الإنسان كثيرًا من الآلام غير الضرورية، ويجنب روحه الانزلاق في متاهات الصدمات الاجتماعية ومناكفات المنافسة غير النزيهة، فمن أدرك أن البلاء جزء أصيل من تركيبة هذه الحياة، استطاع أن يتعامل معها بعقلانية، متجاوزًا أهواء التوقعات المثالية التي غالبًا ما تكون هي أصل الشعور بالخيبة والمرارة.
••
ترويض النفس على حقيقة أن هذه الدنيا دار أذى وكبد، يختصر على الإنسان كثيرًا من الآلام غير الضرورية، ويجنب روحه الانزلاق في متاهات الصدمات الاجتماعية ومناكفات المنافسة غير النزيهة، فمن أدرك أن البلاء جزء أصيل من تركيبة هذه الحياة، استطاع أن يتعامل معها بعقلانية، متجاوزًا أهواء التوقعات المثالية التي غالبًا ما تكون هي أصل الشعور بالخيبة والمرارة.
••
••
حياة الإنسان أشبه بدائرة واسعة يرى حدودها فتُخيله أنها تُضيّق عليه، بينما يتطلع إلى دوائر الآخرين من بعيد، فيخالها أرحب وأجمل، لكنه لو خطا نحوها، لاكتشف أنها دائرة أخرى بذات القيود، وربما أقل رحابة من دائرته الأولى.
وهكذا هو الإنسان بطبعه، يطارد سراب المساحات البعيدة، ويزهد في موطنه القريب، فلا هو استقر في دائرته، ولا بلغ تلك التي ظنها أفقًا مفتوحًا، والكل في دائرته يهرب.
••
حياة الإنسان أشبه بدائرة واسعة يرى حدودها فتُخيله أنها تُضيّق عليه، بينما يتطلع إلى دوائر الآخرين من بعيد، فيخالها أرحب وأجمل، لكنه لو خطا نحوها، لاكتشف أنها دائرة أخرى بذات القيود، وربما أقل رحابة من دائرته الأولى.
وهكذا هو الإنسان بطبعه، يطارد سراب المساحات البعيدة، ويزهد في موطنه القريب، فلا هو استقر في دائرته، ولا بلغ تلك التي ظنها أفقًا مفتوحًا، والكل في دائرته يهرب.
••
Forwarded from شِرْعَة | محمد وفيق زين العابدين (محمد وفيق)
آلاف الشهداء وأحياء سويت بالأرض! كيف يُسمى هذا "نصر"؟!
أهم ما فعله الإسلام في الصحابة أنه قوَّض كل الحسابات المادية في أعينهم، من ذلك فكرة "العدد"..
فحين تكلم عن العُدة قال: "كمْ من فئةٍ قليلة غَلبتْ فئةً كثيرة بإذن الله"
وحين تكلم عن الإنفاق قال: "أنفقْ بلالًا ولا تخشَ من ذي العرشِ إقلالآً"
وحين تكلم عن الشهداء قال: "ولا تقولوا لمن يُقتلُ في سبيل الله أمواتٌ"
وحين تكلم عن استنقاذ النفس المؤمنة قال: "ومن أحياها فكأنما أحيا الناسَ جميعًا"
حين تكلم عن كل حسابات الدنيا قال: "متاعٌ قليل ثم مأواهمْ جهنم"
المقاييس في الإسلام مختلفة، لأنه عقيدة وإيمان قبل أن يكون سلوكًا وفعلًا، فالنصر ليس عددًا فقط..
إضعاف العدو نصر، مراغمته نصر، غيظه نصر، كسر هيبته نصر، الثبات نصر، الفتح لدين الله نصر، جعل كلمة عدو الله السُّفلى وكلمة أولياء الله هي العُليا نصر..
كل رزق للمؤمنين نصر من الله، كما قال الشنقيطي!
بل من عجيب ما سماه القرآن نصر؛ صدق وعد الله للمؤمنين "ويَومئذٍ يَفرحُ المؤمنونَ بنصرِ الله" فالنصر لم يكن لهم بل كان لعدوهم على عدو عدوهم، لكنه صَدق وعد الله لهم!
لذلك لاحظ كيف سمى العلماء حديث "لا تَزال طائفة من أُمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم" حديث "الطائفة المنصورة"!
موازين المؤمن مختلفة.. لو كان للعدد قيمة ما بايع الصحابة تحت الشجرة، وما خرج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من مكة للمدينة، ولا خرجوا من المدينة لجزيرة العرب، ولا خرجوا من جزيرة العرب للفرس والروم..
لو كان للعدد قيمة ما وصلك هذا الدين.
أهم ما فعله الإسلام في الصحابة أنه قوَّض كل الحسابات المادية في أعينهم، من ذلك فكرة "العدد"..
فحين تكلم عن العُدة قال: "كمْ من فئةٍ قليلة غَلبتْ فئةً كثيرة بإذن الله"
وحين تكلم عن الإنفاق قال: "أنفقْ بلالًا ولا تخشَ من ذي العرشِ إقلالآً"
وحين تكلم عن الشهداء قال: "ولا تقولوا لمن يُقتلُ في سبيل الله أمواتٌ"
وحين تكلم عن استنقاذ النفس المؤمنة قال: "ومن أحياها فكأنما أحيا الناسَ جميعًا"
حين تكلم عن كل حسابات الدنيا قال: "متاعٌ قليل ثم مأواهمْ جهنم"
المقاييس في الإسلام مختلفة، لأنه عقيدة وإيمان قبل أن يكون سلوكًا وفعلًا، فالنصر ليس عددًا فقط..
إضعاف العدو نصر، مراغمته نصر، غيظه نصر، كسر هيبته نصر، الثبات نصر، الفتح لدين الله نصر، جعل كلمة عدو الله السُّفلى وكلمة أولياء الله هي العُليا نصر..
كل رزق للمؤمنين نصر من الله، كما قال الشنقيطي!
بل من عجيب ما سماه القرآن نصر؛ صدق وعد الله للمؤمنين "ويَومئذٍ يَفرحُ المؤمنونَ بنصرِ الله" فالنصر لم يكن لهم بل كان لعدوهم على عدو عدوهم، لكنه صَدق وعد الله لهم!
لذلك لاحظ كيف سمى العلماء حديث "لا تَزال طائفة من أُمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم" حديث "الطائفة المنصورة"!
موازين المؤمن مختلفة.. لو كان للعدد قيمة ما بايع الصحابة تحت الشجرة، وما خرج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من مكة للمدينة، ولا خرجوا من المدينة لجزيرة العرب، ولا خرجوا من جزيرة العرب للفرس والروم..
لو كان للعدد قيمة ما وصلك هذا الدين.
••
فرحةٌ خلدونية
ثم دخل يوم الأربعاء، الخامس عشر من شهر رجب لعام 1446 من الهجرة النبوية.
فكان يومًا تميز في ديوان الأيام، إذ أُعلن فيه وقف إطلاق النار في غزة بعد بلاء عظيم وكرب مدلهِم، طال على أهلها وأرهق نفوس المسلمين قاطبةً، ولقد كان هذا الحدث من الآيات الجلية على سنة الله في الابتلاء والتمحيص.
ولقد كانت لحظة فاصلة في تاريخ غزة، حيث اجتمعت فيها كرامة الحياة مع عزة المقاومة، وسُطّرت صفحات العز والمجد بدماء الشهداء وصبر أهلها، ولم يكن هذا النصر نصرًا بالمعنى المادي وحده، بل كان نصرًا للثبات والصمود والإيمان، حيث طافت صيحات التكبير فوق أنقاض البيوت، وارتفعت الأرواح على أجنحة الإيمان، و قد وقف السيف عن الحديث، وصمت المدفع عن الكلام، فكان للحق أن يصدح، وللإيمان أن يزهو.
هي غزة، إن شئت قل هي أسطورة الكرامة، حيث لا يُذل قويُّ العزم ولا يُخضع عزيز النفس، كأنها تُعلم الدنيا معنى الحياة حين تكون بعزة، ومعنى الموت حين يكون بشرف.
فيا ليت كلَّ أرضٍ تقرأ من كتابها، وتنهل من عزيمتها، أأرضٌ صغيرةٌ بحجمها، لكنها واسعةٌ بكرامتها، كأنها لم تخلق إلا لتكون سيفًا في وجه الظلم، ورمزًا لا تمحوه الأيام.
وغزة، تلك البقعة المباركة، أثبتت أن العزة لا تُنال إلا بصبرٍ وجهاد، وأن البلاء يصنع الأمم ويرفع مقامات الرجال، فقد كانت محنة أهلها امتحانًا لإرادة الأمة، فصبروا حين نزل البلاء، وثبتوا في وجه العدوان، حتى أذن الله لهم بفرج قريب.
والناس في مشارق الأرض ومغاربها، حين بلغهم خبر النصر، علت فيهم أصوات التهليل والتكبير، إذ رأوا في غزة صورةً من صور الصمود على الحق، التي تُعيد للأمة ذاكرتها المفقودة، وتبعث فيها العزم على مواصلة الطريق.
وأما الفرحة التي عمت المسلمين في بقاع المعمورة، فهي دليلٌ على أن قضايا الأمة، وإن بدت هامدة أحيانًا، فإنها لا تموت في قلوب المؤمنين، بل تبقى جمرةً تحت الرماد، فإذا اشتعلت، أحيَت في النفوس انتماءها وذكَّرت الناس بحقيقة وجودهم في هذه الحياة.
وكانت هذه الواقعة من دلائل ما يطرأ على الأمم حين تقوى شوكة الإيمان وتتماسك العصبية الجامعة، فإن أهل غزة لم تجمعهم مصلحة دنيوية أو سلطة حاكمة، بل وحدتهم عقيدة راسخة وقضية عادلة، فكانوا على ما بهم من قلةٍ في العدد والعدة أعظم بأسًا من أعدائهم الذين اجتمعوا عليهم من أطراف الأرض، وكأنها آية من آيات التاريخ تُجدد في النفوس عزائم الأوائل.
وإن البلاء العظيم لا يمر على الأمم دون أثر، فهو الذي يصقل النفوس، ويُظهر من الناس معدِنهم، ويفرق بين الصادق والمنافق، وبين من يحمل هم الأمة ومن ينصرف عنها في سكرة اللهو والترف.
وهكذا فإن ما شهدته غزة هو من دلائل سنة الله في رفع الأقوام بالابتلاء، إذ جعل من صبرها وثباتها مثالًا خالدًا يُحتذى به في كل زمان ومكان.
“والله غالبٌ على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.”
________
ثم دخل يوم الظفر، الخامس عشر من شهر النصر لعام الفتح وكان به تحرير القدس و فلسطين - عما قريب بإذن الله.
••
فرحةٌ خلدونية
ثم دخل يوم الأربعاء، الخامس عشر من شهر رجب لعام 1446 من الهجرة النبوية.
فكان يومًا تميز في ديوان الأيام، إذ أُعلن فيه وقف إطلاق النار في غزة بعد بلاء عظيم وكرب مدلهِم، طال على أهلها وأرهق نفوس المسلمين قاطبةً، ولقد كان هذا الحدث من الآيات الجلية على سنة الله في الابتلاء والتمحيص.
ولقد كانت لحظة فاصلة في تاريخ غزة، حيث اجتمعت فيها كرامة الحياة مع عزة المقاومة، وسُطّرت صفحات العز والمجد بدماء الشهداء وصبر أهلها، ولم يكن هذا النصر نصرًا بالمعنى المادي وحده، بل كان نصرًا للثبات والصمود والإيمان، حيث طافت صيحات التكبير فوق أنقاض البيوت، وارتفعت الأرواح على أجنحة الإيمان، و قد وقف السيف عن الحديث، وصمت المدفع عن الكلام، فكان للحق أن يصدح، وللإيمان أن يزهو.
هي غزة، إن شئت قل هي أسطورة الكرامة، حيث لا يُذل قويُّ العزم ولا يُخضع عزيز النفس، كأنها تُعلم الدنيا معنى الحياة حين تكون بعزة، ومعنى الموت حين يكون بشرف.
فيا ليت كلَّ أرضٍ تقرأ من كتابها، وتنهل من عزيمتها، أأرضٌ صغيرةٌ بحجمها، لكنها واسعةٌ بكرامتها، كأنها لم تخلق إلا لتكون سيفًا في وجه الظلم، ورمزًا لا تمحوه الأيام.
وغزة، تلك البقعة المباركة، أثبتت أن العزة لا تُنال إلا بصبرٍ وجهاد، وأن البلاء يصنع الأمم ويرفع مقامات الرجال، فقد كانت محنة أهلها امتحانًا لإرادة الأمة، فصبروا حين نزل البلاء، وثبتوا في وجه العدوان، حتى أذن الله لهم بفرج قريب.
والناس في مشارق الأرض ومغاربها، حين بلغهم خبر النصر، علت فيهم أصوات التهليل والتكبير، إذ رأوا في غزة صورةً من صور الصمود على الحق، التي تُعيد للأمة ذاكرتها المفقودة، وتبعث فيها العزم على مواصلة الطريق.
وأما الفرحة التي عمت المسلمين في بقاع المعمورة، فهي دليلٌ على أن قضايا الأمة، وإن بدت هامدة أحيانًا، فإنها لا تموت في قلوب المؤمنين، بل تبقى جمرةً تحت الرماد، فإذا اشتعلت، أحيَت في النفوس انتماءها وذكَّرت الناس بحقيقة وجودهم في هذه الحياة.
وكانت هذه الواقعة من دلائل ما يطرأ على الأمم حين تقوى شوكة الإيمان وتتماسك العصبية الجامعة، فإن أهل غزة لم تجمعهم مصلحة دنيوية أو سلطة حاكمة، بل وحدتهم عقيدة راسخة وقضية عادلة، فكانوا على ما بهم من قلةٍ في العدد والعدة أعظم بأسًا من أعدائهم الذين اجتمعوا عليهم من أطراف الأرض، وكأنها آية من آيات التاريخ تُجدد في النفوس عزائم الأوائل.
وإن البلاء العظيم لا يمر على الأمم دون أثر، فهو الذي يصقل النفوس، ويُظهر من الناس معدِنهم، ويفرق بين الصادق والمنافق، وبين من يحمل هم الأمة ومن ينصرف عنها في سكرة اللهو والترف.
وهكذا فإن ما شهدته غزة هو من دلائل سنة الله في رفع الأقوام بالابتلاء، إذ جعل من صبرها وثباتها مثالًا خالدًا يُحتذى به في كل زمان ومكان.
“والله غالبٌ على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.”
________
ثم دخل يوم الظفر، الخامس عشر من شهر النصر لعام الفتح وكان به تحرير القدس و فلسطين - عما قريب بإذن الله.
••
••
ينكشف في عين روحي ضعف الإنسان حين يتجرّد من زيف القوة، حين تسقط عنه أقنعته في لحظات صمت أو انكسار، حين تواجهه الحقيقة بلا رتوش، ذلك الضعف الذي يعرّي القلب، ويكشف حاجته الدائمة للسند، للرحمة، وللصبر.
حواره مع ذاته أو مع الآخرين يبدي هشاشته، إذ تجد أثقالًا من الشعور تتسلل إليه وتظل حاضرةً فيه، تذكّره بأن قوته لا تُستمد إلا من وعيه بضعفه وقربه من خالقه.
اللهم اجعل ضعفنا مدخلًا لرحمتك، وانكسارنا سبيلًا لقربك، ووعينا بحاجتنا بابًا لمغفرتك، أنت القوي ونحن الفقراء إليك، فمدنا بعونك واغمرنا برضاك.
••
ينكشف في عين روحي ضعف الإنسان حين يتجرّد من زيف القوة، حين تسقط عنه أقنعته في لحظات صمت أو انكسار، حين تواجهه الحقيقة بلا رتوش، ذلك الضعف الذي يعرّي القلب، ويكشف حاجته الدائمة للسند، للرحمة، وللصبر.
حواره مع ذاته أو مع الآخرين يبدي هشاشته، إذ تجد أثقالًا من الشعور تتسلل إليه وتظل حاضرةً فيه، تذكّره بأن قوته لا تُستمد إلا من وعيه بضعفه وقربه من خالقه.
اللهم اجعل ضعفنا مدخلًا لرحمتك، وانكسارنا سبيلًا لقربك، ووعينا بحاجتنا بابًا لمغفرتك، أنت القوي ونحن الفقراء إليك، فمدنا بعونك واغمرنا برضاك.
••
••
الإنسان السويّ لا يطيق حالة التمزق بين أقواله وأفعاله، إذ تشتعل في داخله نار من ألم التناقض، فلا يهدأ له وجدان حتى يعيد الاتساق بين ما ينطق به لسانه وما تصنعه يداه.
••
الإنسان السويّ لا يطيق حالة التمزق بين أقواله وأفعاله، إذ تشتعل في داخله نار من ألم التناقض، فلا يهدأ له وجدان حتى يعيد الاتساق بين ما ينطق به لسانه وما تصنعه يداه.
••