Telegram Web Link
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
تأتي لحظات صادمة للعقل المسلم -مثل أحداث 11 سبتمبر- تجعله يشعر بأهمية فهم الأحداث الواقعية والعالمية من حوله؛ لما يترتب عليها من تغييرات مختلفة وعلى مستويات متعددة.

ثم انتشرت بعد أحداث الربيع العربي أهمية القراءة في الكتب الفكرية والعلوم الإنسانية لمحاولة فهم الواقع الذي كان غامضا وخافيا على كثير من الشباب، وكانت الرؤى الموجودة عند أغلب الإسلاميين جزئية وسطحية، ولكن بعد سقوط الجُدر الفاصلة بين كثير من المجتمعات وانتشار وسائل التواصل= شعر كثير من الشباب بأهمية القراءة في الكتب الفكرية لفهم الواقع والعالم من حولنا، ومحاولة فهم موازين القوى وموقع الإسلام من العالم وقدرة العاملين للدين على التغيير وفرص العمل لنشر الدين وطبيعة المجتمعات وإعادة اختبار المقولات القديمة وتوزيع الخريطة الدينية وتنوعها وغير ذلك.

كانت هذه القراءة تزيد في الوعي وتزيد في الآلام في نفس الوقت؛ لأنها تبصرك بحقيقة الواقع وحجم التحديات وضعف الكوادر والأدوات
.

ولكن بعد كثير من الأزمات السياسية والاقتصادية عاد الأغلب للتفكير الفردي الضيق الذي لا يرى أبعد من انشغالاته أو مجموعة عمله، وحاول أن يتناسى المعارف ويمحو الذاكرة.

ونشأ جيل لم يعاصر كثيرا من الأحداث، نشأ مشتتا مشغولا (مَدْووشا) بعروض الحياة وخلافات وسائل التواصل، ليس لديه مساحة نفسية لفهم الواقع والعالم من حوله، نعم، هو أكثر انغماسا ومعرفة بالجزئيات من الجيل السابق ولكنه أكثر تشتتا وجريا.

جاءت لحظة الطوفان وتوقف الزمان وظهر اللون الأحمر المسلم الطاهر بكثافة على كل الشاشات، وصعدت الأرواح والتكبيرات والدعوات إلى السماء، وأفاق كثير من الشباب من غفوته واستيقظ من نومته، وكنا نظنها أياما فكانت شهورا وربما سنوات.

لم يعد يحتاج الشباب إلى القراءة في الكتب الفكرية ليعلم نجاسة الحداثة، ووحشية الغرب، وتخاذل العرب، وتفرق المسلمين، وطغيان الفردانية، وضعف المصلحين، وخسة المنافقين.

لم تعد بحاجة لقراءة كتاب عن آثار الدولة الحديثة في تغير مفاهيم الولاء والبراء، وعن مظاهر تأخر المسلمين وتفرقهم، وعن أثر توظيف الدين للمصالح الشخصية، وعن غياب الأولويات عند بعض الدعاة وطلبة العلم، وعن تغير المبادئ تبعا لتغير موازين القوى، وغير ذلك.

أصبح الواقع عاريا بدمائه وخزيه وعاره.
ولكن ماذا بعد هذا الوضوح؟

(ومن الناس من يعبد الله على حرف)

من الناس من عاد إلى نومته وغفلته وانشغاله بلقمة عيشه ولم يتحمل رؤية هذه الحقائق، ومنهم من أنكرها وجحدها بعدما استيقنتها نفسه، ومنهم من أصابته الحقيقة بالإحباط واليأس فألقى سلاحه وأخلد إلى الأرض، ومنهم من تعجّل التغيير وناطح السُّنَن وجاء بأفكار ساذجة ومتهورة، ومنهم ومنهم.

فإن سألتني: وما الحل؟
أقول لك: لا أعلم، ولكن الذي أعلمه أننا ينبغي أن نموت على الطريق نرفع إحدى أيدينا بالدعاء، ونسعى بالأخرى لبذل ما نستطيعه من نشر هذا الدين، نسعى لإيقاظ الغافلين وتعليم المسلمين وتحريض المؤمنين، نسعى لرفع الوعي بالفساد المحيط بنا وبالتفاهات التي غزت بيوتنا، نسعى لجمع كلمة المسلمين وعدم التفريق بينهم وتقليل حدة الخلاف وهوة الشقاق، نسعى لبث روح الأمل والبشرى والعزة والتطلع للسماء ونزع لباس الذل والمهانة والركون إلى الأرض، نسعى لأن نزيد من أعداد أولو البقية الذين ينهون عن السوء ويجانبون أهل الظلم والترف.
افعل ما استطعت من ذلك حتى تقضي نحبك أو تعيش منتظرا غير مُبدّل ولا مُغيّر.

لا أقول أن هذا سيغير الواقع ويأتي بالتمكين الذي تحلم به، ولكنه قد ينجيك أمام ربك إذا سألك: فيم كنت؟
اللهم استعملنا فيما يرضيك وبصّرنا بما تحب.
••
المدخل الأول للاستقرار النفسي لا يبدأ بتغيير الخارج، بل بتسوية الداخل، وأول معالم هذه التسوية: الصدق في التوصيف، فإن تسمية الأشياء بأسمائها، وتحديد المقامات بحسب حقائقها، هو من تمام العقل وسداد الرؤية.

فكم من اضطرابٍ منشأه التزييف اللغوي، وكم من توترٍ سببه مجاملة العناوين، وكم من قلقٍ مردّه إلى تحميل الأشخاص أو الوقائع ما لا تحتمله حقائقهم.

وما لم يكن للوعي بوصلة تُعيد الأشياء إلى مواضعها، فلن يهدأ القلب، ولو زُيّن له ظاهر الحال؛ لأن النفوس تتعب من التصنّع، وتذبل في زحام الادّعاء.

فإذا صدقتَ مع نفسك، سكنت، وإذا سكنت، أُعيدت المعاني إلى نصابها، وظهرت لك الأشياء على حقيقتها، فسهل التعامل معها كما هي، لا كما تحب أن تراها.
••
••
•| قتل الوقت |•

عبارة تنزلق من أفواه كثيرين بسلاسة عجيبة، لكنها في حقيقتها تكشف مقدار الانفصال عن أعظم معاني العبودية: شرف الزمان، وحرمة العمر، وقداسة اللحظة، حين يستخف الإنسان بالزمن، فهو في الحقيقة لا يستخف بلحظات تمضي، بل يستهين بالفرص التي كتب الله فيها له أن يعبده، أن يتقرب، أن يتطهّر، أن يزكو، فإذا قيل تلك العبارة، فالذي يُقتل في الحقيقة ليس الوقت، بل معنى الحياة، ومفهوم الاستخلاف، وشرف الامتحان.

وهذه العبارة تنتمي إلى ثقافة فارغة، ترى الزمن مساحة ترف، لا ساحة تكليف، وتتعامل مع اليوم وكأنه فائضٌ عن الحاجة، لا آية من آيات الله، ولا فرصة معلّقة على رقبة العبد، والمؤلم أن هذه العبارة لم تعد تصدر عن غافلٍ يجهل، بل عن شابٍ مسلم، قرأ قوله تعالى:﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا﴾ [الفرقان: 62] ثم مرّ عليه الحديث: «لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع… وعن عمره فيما أفناه»، ثم يقول بعد ذلك: “أقتل الوقت”!

والمفارقة الموجعة، أن من يقتل الوقت اليوم، هو ذاته من يُمسكه في آخره بيده المرتجفة، وهو يرجو ساعةً واحدة ليُصلح ما أفسده، لكنّه لا يُستجاب.
••
..
ولا نقطع الأمل في الله في أن يروي حياتنا إيماناً تتضلع منه، ولا نفقد الأمل في الله في أن يخلق التفاؤل في نفسٍ سقطت عميقًا تحت أنقاض اليأس، ولا نقطع الأمل في الله في أن يكتب الإفاقة على من نسي نفسه ونسي من حوله، ولا نقطع الأمل في الله في أن يجعل الحياة تدب في صدر أطبق عليه الكسل والفتور، ولا نبتر الأمل في الله في أن يحرِّر مَن أحاطت به مصاعب الدنيا بأذرع كأذرع الأخطبوط، ولا نقطع الأمل في الله أن ينصر إخواننا في غزة ولو بعد حين.
..
••
من أخصّ حقوق الأخوّة في الله، أن لا يُترك المؤمن وحده في زمن الكربة، ولا يُنسى عند انقباض الحال، فإن لحظات الضيق ليست موضعًا للعِتاب، ولا لمُساءلة الوفاء، بل هي ميدان صدق المحبّة، وموضع وزن الأخلاق، ومرآة الإيمان الخفيّ.

فحين قال الشافعي – وهو الإمام الذي قعدت له الدنيا بأسرها – لتلميذه يونس بن عبد الأعلى: “لا تغفل عنّي، فإني مكروب”، فإنه لم يكن يستجلب دعاءً فحسب، بل يُرشد الأمة إلى أن المكروب لا يبتغي من أخيه أكثر من الحضور الصادق، والدعاء الخفي، والمواساة الرفيقة.

و المكروب لا يطلب من أخيه أكثر من أن يشعر به، ويدعو له، ويكون عنده حضور القلب قبل حضور الجسد، وهذا ما يغيب كثيرًا في العلاقات التي أُديرت بعقل المصلحة لا بنور الإيمان، ومن لم يُمارس أخوّته في زمن الكرب، فلا تُعَوِّل على حفاوته في زمن الانفراج.
••
Forwarded from منصت
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
من معين أنباء المرسلين

القصص الحق مع الشيخ فهد الجريوي

قريباً 🤩
••
•| نزيف الانشغال بالغير |•

لو أن النفس كُفَّت عن التلهّي بعثرات غيرها، وأقبلت على عيوبها في صدقٍ ومناجاة، تتبصّر مواطن الخلل، وتستخرج ما ران على القلب من غفلة، لما بقي في الصدر متّسعٌ للغمز، ولا في العقل مسارب للظنون، ولصفَت الروح من شوائب الفضول، وانصرف الفكر لما ينفع، وسكنت الجوارح عن محاربة الأشباح المتوهَّمة في الناس.

فإن أعظم ما يُنهك النفس أن تتلبّس بغير شأنها، وأن تهجر ورشة البناء الداخلي لتقيمَ عيادةً في ضمير الآخرين، تُشخّص وتُحلّل وتُعلّق، بينما الأعطاب تزداد في الجوف، والصمت عن الذات يعلو، وأعظم ما يستنزف القلب ليس كثرة الشكايات من الخارج، بل الغفلة الطويلة عن الداخل، تلك الغفلة التي تدفع المرء إلى مراقبة كل شيء إلا نفسه، إلى تفتيش النوايا في الخلق، وهو لم يُمحّص نيّته بين يدي خالقه.

فما أكثر ما يُهدر من العمر تحت ستار “الاهتمام”، وما أكثر ما يُلبَّس من هوى في صورة “حرص” أو “نقد بناء”، بينما هو – في جوهره – تهرّبٌ خفيّ من مسؤولية إصلاح النفس، وتطهير القلب، وحراسة الباطن.

ولو أن القلوب انشغلت بعيوبها كما تنشغل بأخبار غيرها، لارتفع عنها حجاب الغفلة، وسكنت زوابع الهوى، وخفّت وطأة المقارنة، وزكا فيها نور الصدق، ورجعت إلى ربها تائبةً من جناية الانشغال بما لا يعني.

ولو أن الإنسان إذا رأى الزلل، عاد ببصره إلى عجزه، وإذا لمح التقصير، تذكّر تفريطه، وإذا سمع السوء، انشغل بالدعاء لا بالإذاعة، لاندفعت عنه غوائل التكلّف، ولحُجب عنه سمُّ الكِبر المقنّع بثوب الإصلاح.

ولو أن امرأً كفَّ لسانه عن تتبّع زلّات الآخرين، وصرف همّه عن تفتيش النوايا، وعكف على عيوب نفسه يرُمّ ثقوبها، ووجّه بصره إلى فوضاه الداخلية ليهذبها، واشتغل بضعفه ليقوّمه، لانقشع عن روحه غبار الحسد، وانطفأت نيران المقارنة، وسَلم الناس من أذاه، وسَلِم هو من شتات القلب.

فما أكثر ما يُهدر من الأعمار في ملاحقة سراب الفضول، وتفتيت العقل في شؤون لا تعنيه، ثم يشكو صاحبها ضيق الصدر، ووحشة الروح، وثقل الحياة؛ وما هو إلا صدى انشغالٍ بما ليس له، وغفلةٍ عمّا خُلق له.

وما ضرّ أحدٌ نفسه بمثل اشتغاله بغيره، وما نفعها بمثل صدقه معها.
••
••
لو أن المرء في دوائر القرب، في بيته، وبين أصحابه، جعل لجميل الفعل صدى، ولحُسن الخلق موضع إشادة، كما يحرص على تعقّب الزلل والتنبيه على الخطأ، لأثمرت علاقاته ألفةً ثابتة، وبقيت النفوس قريبة من نور الطمأنينة، فكما أن البستان لا يثمر إن غاب عنه ضوء الشمس، كذلك القلوب لا تزهر إن لم تتعرض لدفء الكلمة الطيبة، فإنها كالغيث على تربة عطشى، تُحيي فيها ما كاد أن ييبس، وتُزهر فيها أخلاقًا طمرها الإهمال.

والناس، في جوهرهم، أقرب إلى النخيل: يحتاجون التلقّف بلين، والدعم بلطافة، والاعتراف بثمرهم قبل أن يُطلب منهم مزيد النضج، ولو عقل الناس أن النفوس تُروى بالثناء كما تُهذّب بالنقد، وأن الكلمة الطيبة تسبق في الأثر عشر كلماتٍ من اللوم، لعرفوا أن بناء الإنسان لا يتمّ بإصلاحه فحسب، بل بتثبيت الخير فيه وتكبيره.
••
••
ليست المشكلة في أنك لن تخرج من الحياة حيًّا، فهذه معلومة مشتركة بين البشر جميعًا؛ وإنما المصيبة أن تغادرها خفيفًا من المعنى، خالي الوفاض من الأثر، لم تُخلِّف وراءك شاهدًا يقول: هنا مرّ عبدٌ عرف ربَّه، فترك ما يدلّ عليه.

أن تُدفن وقد كانت أيامك خاليةً من قضية، من كلمة حق، من وجعٍ في وجه الباطل، من عملٍ يتيمٍ خالص، أن تموت ولم تشتبك مع قضاياك، ولم تترك خلفك إلا ضحكاتٍ على مقاطع، وصورًا بأطراف فنجان قهوة، وسيرةً تائهة في أروقة التسلية.

فما أقسى أن يُطوى عمرٌ بكامله، ولا يُرى له في صحف الخلود سطرٌ واحدٌ يثبت أنه عاش لله، وأنه مرّ يومًا في الأرض لا كما يمرّ الغافلون.
••
..
حدّثني عن ذلك الخيط الذهبي الذي احْتَضنتْهُ صفحاتُ كتاب الله !

هل لا زال رهين خواتيم جزء عمّ منذ انتهاءِ شهر رمضان ..
أم هو -في صحبتك- حُرٌّ مُتنقّل بين آيات القرآن مسافرٌ بين سورِهِ وأجزاءه؟

..
••
من دلائل صفاء التوحيد، أن يغدو القلب زاهدًا في التفات الخلق، مشغولًا بنظر الحقّ، فحين يتحرّر العبد من أسر المقابل، وتُعاد هندسة دوافعه على قبلة ﴿وَجْهُ اللَّهِ﴾، يغدو الامتنان طابعًا لصيقًا بشخصيّته، لا لمبالغة وجدانية، بل لأن كل تقدير من الخلق يبدو له زائدًا على استحقاقه، و هؤلاء لا ينشدون المقابل لأنهم اختاروا الأرفع: وجه الله.

فتراه يُنصت بتأثر لرسالة امتنان من زوجته، ويستحي من ثناء زميلٍ على جهدٍ لم يحتسبه، ويخجل من دعوة عابرٍ أُعجب بابتسامته، ويطأطئ رأسه حين يشكره محتاج أعانه خفية، هذه لحظة التخلّي عن شهوة الجزاء، التي عبّر عنها القرآن ببلاغة فائقة: ﴿لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾. وحين تستقر هذه القناعة في النفس، تتحوّل أفعال الطاعة إلى سياحة روحية، لا صكوكَ تبادل، ذاك هو العطاء المعلّق بالسماء، لا الأرض.
••
••
📖#كتاب_الأسبوع
•• خلف أسوار المدرسة ••
👤أ.عمار سليمان
📄٢١٦ صفحة

في زمنٍ تكاثفت فيه الأسئلة حول جدوى النظام التعليمي الرسمي، يأتي هذا الكتاب ليقدّم للقارئ زاوية نظر غير مألوفة، تفتح الذهن لا للنقاش حول مناهج التعليم فحسب، بل حول أصل فكرة المدرسة الحديثة: من أنشأها؟ ولماذا؟ وما الهدف منها؟ وهل كانت مشروعًا معرفيًّا خالصًا، أم آلية للضبط الاجتماعي وتسيير السوق؟

يرجع الكاتب إلى الجذور التاريخية لنظام التعليم الإجباري، وينقّب في خلفياته السياسية والفكرية والاجتماعية، في أوروبا وأمريكا، محللاً البواعث التي دفعت لتقنين هذا النمط من التعليم، ويُظهر كيف تم توظيفه لغايات اقتصادية وسياسية، لا ترجع بالضرورة إلى مقصد العلم والتكوين، فيرصد بذلك انحراف المقاصد، وتحوّل التعليم إلى مؤسسة تُنتج الشهادة لا المعرفة، وتُخرج المؤهل لا المتعلّم.

يتطرّق بعد ذلك إلى النماذج الإسلامية، قبل التأثر بالنموذج الغربي، لافتًا إلى ما تميزت به من مرونة في الوسائل، ووضوح في الغاية، ثم يعرض محاولات لتجاوز الاختلالات البنيوية في التعليم الرسمي، مستعرضًا بدائل تربوية كأكاديمية خان، وتجربة منتسوري، وبعض الممارسات اليابانية والفلبينية.

الكتاب – وإن لم يُشبِع الجوع العلمي من حيث المنهجية والتوثيق – إلا أنه يطرح أسئلة تستحق الوقوف، ويوقظ في القارئ نزعة التأمل في ما بدا له سابقًا من المسلّمات. غير أن مما يؤخذ عليه، هو بُعده عن الترتيب المنهجي المتماسك، واستطراده في غير موضع، ما صرف الذهن عن مركز الفكرة في مواضع عديدة.

ومع ذلك، تبقى القيمة الحقيقية للكتاب في بعثه لنقاش عميق حول التعليم لا من حيث آلياته ومناهجه فحسب، بل من حيث فلسفته ووجهته، وهو ما يجعل هذا الطرح نافعًا لكل مربٍ وولي أمر ومهتم بالحالة المعرفية، يبحث لا عن مخرجات الامتحان، بل عن أثر العلم في بناء النفس وتوجيه المسار.
••
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
••
|• أنوثة تعقل المودة |•

أحيانًا، في لحظات الصفاء النادرة، أسأل نفسي: كيف كانت تُبنى البيوت قبل أن تُنشأ معاهد الاستشارات الأسرية، وقبل أن تُرصّ كتب العلاقات الزوجية في الرفوف اللامعة؟كيف كانت تُغرس المودة؟ كيف كان يُدار الاختلاف؟ من أين كانت المرأة تستمد حكمتها، والرجل بصيرته؟

ثم أجد الجواب لا في ورش العمل ولا شهادات الاعتماد، بل في وصية أمّ مؤمنة، عرفت بفطرتها ما لم يُسجّله كثير من المختصين، وهي لم تحمل لقب "استشارية أسرية"، ولا استظلّت بفضاء رقميّ، بل عاشت في مجتمع قبليّ، ومع ذلك قدّمت لبنتها وصية تربوية تربو على كتب المناهج بأكملها، هي أمامة بنت الحارث، يوم زفّت ابنتها أمّ إياس، لم تكتب لها رسالة وداعيّة، بل ألقت في قلبها حكمةً تقطر فقهًا في النفس البشرية، وبصيرةً في إدارة العلاقة، وصناعة المودّة، وحفظ العشرة.

وهنا، في هذا النصّ النادر، تُعاد هيكلة العلاقة لا على صراع الأدوار، بل على حكمة التفاهم. فمن تأمل هذه الوصية، عَلِم أن تدبير البيوت لا يصنعه الانفعال، بل الحِكمة، وأن دوام الزواج لا يُبنى على الرغبات، بل على الرعاية، والتفهّم، والعقل الرشيد.

"أي بُنيّة: إن الوصية لو تُركت لفضل أدب، تُركت لذلك منك؛ ولكنها تذكرةٌ للغافل، ومعونةٌ للعاقل. ولو أن امرأةً استغنت عن الزوج لغنى أبويها، وشدّة حاجتها إليهما، كنتِ أغنى الناس عنه؛ ولكن النساء للرجال خُلقن، ولهنّ خُلق الرجال.
أي بُنيّة: إنك فارقتِ الجوَّ الذي منه خرجتِ، وخلفتِ العشَّ الذي فيه درجتِ، إلى وكرٍ لم تعرفيه، وقرينٍ لم تألفيه، فأصبح بملكه عليكِ رقيبًا ومليكًا؛ فكوني له أَمَةً، يكن لكِ عبدًا وشيكًا.
يا بُنيّة: احملي عني عشر خصال تكن لك ذخرًا وذِكرًا:
• الصحبة بالقناعة،
• والمعاشرة بحسن السمع والطاعة،
• والتعهد لموقع عينه، والتفقد لموضوع أنفه؛ فلا تقع عينه منكِ على قبيح، ولا يشمّ منكِ إلا أطيب ريح،
• والكحل أحسن الحسن، والماء أطيب الطيب المفقود،
• والتعهد لوقت طعامه، والهدو عنه عند منامه؛ فإن حرارة الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة،
• والاحتفاظ ببيته وماله، والإرعاء على نفسه وحشمه وعياله؛ فإن الاحتفاظ بالمال حسن التقدير، والإرعاء على الحشم جميل التدبير،
• ولا تفشي له سرًّا، ولا تعصي له أمرًا؛ فإنكِ إن أفشيتِ سرَّه، لم تأمني غدره، وإن عصيتِ أمره، أوغرتِ صدره،
• ثم انقي له الفرح إن كان ترحًا، وإلا فكتئاب عنده إن كان فرحًا؛ فإن الأولى من التقصير، والثانية من التكدير،
• وكوني أشد ما تكونين له إعظامًا، يكن أشد ما يكون لكِ إكرامًا،
• وأشد ما تكونين له موافقة، يكن أطول ما تكونين له مرافقة.
واعلمي: أنكِ لا تصلين إلى ما تحبين، حتى تؤثري رضاه على رضاك، وهواه على هواك، فيما أحببتِ وكرهتِ، والله يُخيّر لكِ".

📚 جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة - أحمد زكي صفوت - ١ / ١٤٥.
••
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
••
﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا﴾ [الطلاق: 2]

في هذه الآية يَختزل القرآن سُنن الخروج من الأزمات، لا في وفرة الأسباب، ولا في كثرة التدبيرات، بل في مقامٍ قلبيّ يُسمّى: التقوى، فالتقوى ليست مجرد اجتنابٍ للحرام، بل هي حالة دائمة من اليقظة القلبية مع الله، في السرّ والعلن، في الرضا والغضب، في الحركة والسكون، والعجيب حين تعلم أن مفاتيح الانفراج ليست في يدك، بل في قلبك.
••
••
في رحلة الإنسان عبر الحياة، سيتعثر غير مرة بمطبات التقييم البشري: هذا يمدحه، وذاك يذمه، وثالثٌ يحكم على قلبه من فتور لحظة، و كلما ازداد بصرك بحقيقة الناس، انزاح عن صدرك عبء الترقب الثقيل، ذاك العبء الذي يجعل القلب رهينة تصفيقهم، أو أسير عبوسهم.

والقلوب التي تربّت على مقاييس الخلق، تمشي في الحياة كمن يمشي على قشر زجاج، كل خطوةٍ تُجرّح، وكل التفاتة تُربك، لأنها لم تعرف الثبات بعد، أما من عرف الناس على حقيقتهم، عرف أنهم كأوراق الخريف، تُحرّكهم رياح المزاج، وتُقلبهم نوازع الهوى، فلا يثبت لهم مدح، ولا يستقيم لهم ذم.

وصدق الفضيل بن عياض حينما قال – وهو ممن فتّش في طبائع البشر ثم اختصرها في سطر – " من عرف الناس استراح، فلا يطرب لمدحهم، ولا يجزع من ذمّهم، لأنهم سريعو الرضا، سريعو الغضب، والهوى يُحرّكهم." تشعر أنك أمام مفتاح من مفاتيح النجاة القلبية، يُخرِجك من سجن الانفعالات إلى سعة التعلق بالواحد الأحد.
••
••
من لَطيف سُنن الله في البشر أن في قلوبهم مواضع لا تُفتح بضغوط الأقربين، ولا تُدرك بقوة الملاحظة، بل تبقى مغلقةً كالغرف العُلوية التي لا يُؤذن بدخولها إلا لمن رُزق حظًّا من القبول والطمأنينة، والحقيقة: أن لكل إنسان ساحة داخلية لا تُرى، يضع فيها انكساراته التي لم يجد لها لغة، ودعواتٍ لم يسمعها أحد، وتعبًا طويلًا لا يُحسن شكواه.

فإن قرّبك أحدهم، وأراك صفحة من تلك الذكريات العتيقة، كأنه يقول لك: “دعوتُ اللّه كثيرًا بهذه الأمنية”، أو حدثك عن يأسٍ لم يتجاوزه بعد، أو أخبرك عن عادةٍ يقاومها في خفاء الليل، فإن أذن لك أحدهم بالمرور على هذه الساحة، فاعلم أنه لم يُرِد رأيك، بل أراد قلبًا لا يخونه الفهم ولا يشتدّ عليه الحكم.

وإن أقفل قلبه عنك، فدع الباب في حاله، فما أكثر من طرق الأبواب الخطأ، وظنّ أن المحبة هي في كثرة الإفشاء، ثمة أبواب في الأرواح، جمالها في أن تبقى موصدة، لا لأن وراءها ما يُخاف، بل لأن الله أراد أن يُنعم على صاحبها بالستر، وعلى الزائر بالكفّ.
••
••
ثمّة مواضع خفيّة في النفس، لا تكفي معها المواعظ المُكرّرة، ولا تستجيب لمجرد التحليل العقلي، بل تحتاج ما هو أصدق وأنفذ، آيةٌ من كتاب الله، تُلامس موطن الافتقار، وتُصيب جذر الغفلة، فتُعيد للقلب توازنه، وتستدعي بقايا الإيمان فيه، فالقرآن لا يخاطب ظاهر الإنسان فقط، بل يصل إلى ما لا تبلغه لسان بشر.
••
••
✔️ بشرى لعشّاق العلم.

روى الشيخان عن نبيّ الرحمة صلوات الله وسلامه عليه أنه قال: «مَن يُرِدِ الله به خيرًا يفقِّهْه في الدِّين».
فإذا رأيت الله قد ألهمك حبّ العلم الشرعي، وألان قلبك للعلم، فابسط كفّ الشكر، فإنك على عتبة الخير، وفي مَطلع الهداية.

وها هي “المِرقاة”، في حُلّتها الثالثة، تشعّ كالفجر في دُجى الحيرة، وتستقبل الساعين إلى النور، الطامحين إلى سُلّمٍ يرقى بهم في معارج العلم، دون تكليفٍ أكاديميٍّ أو مشقّةٍ اصطلاحيةٍ تُنَفّر، بل بأسلوبٍ سهلٍ يُشرِعُ أبواب الفهم، ويرسم لغير المختصين خارطةَ ارتقاءٍ منهجية.

✔️ المواد المقررة:
- آداب العلم
- العقيدة
- الفقه
- أصول الفقه
- اللغة العربية
- علوم القرآن
- مصطلح الحديث
- السيرة النبوية

💡مميزات المبادرة:
💯 مجاني
📝 تعليم بلغة علمية عصرية وبطابع غير أكاديمي
📚 ورد يومي ميسر
🌐 منصة إلكترونية للدراسة
📝 تقويمات واختبارات دورية
🌟 لقاءات حصرية في كل علم
🎙 مواد مسموعة ومقروءة
💡 مواد إثرائية متنوعة
👥 مجموعات تفاعلية للجنسين
✉️ شهادة اجتياز

💻 والمبادرة تحتوي على مسارين:

١- المسار الأول | الدراسة الجماعية عن بعد- الدفعة الثالثة- عن طريق قناة التليجرام.
٢- المسار الثاني | الدراسة الفردية عن طريق منصة المرقاة الإلكترونية 👇🏻

🔖 رابط منصة المرقاة:
https://almerqat.msaaq.net/

🗓 بداية الدراسة:
يوم الأحد 1446/10/29 الموافق 2025/4/27

✅️ سارع بالتسجيل عبر الرابط:
https://docs.google.com/forms/d/e/1FAIpQLScWfMZxlxKZOM4tp0q7fOVQkn0WZ7xShnHfxs7hZfzy0rnzrQ/viewform?usp=header

💭 للتواصل عبر بوت المبادرة:
@almerqat1444Bot

✉️ شاركونا في نشر الإعلان 🌹
••
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
2025/07/07 23:21:51
Back to Top
HTML Embed Code: