هذه الخاصية تظهر فقط لمن يستخدم النسخة المُحدثة من تيليجرام.
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
••
حين يستلّ القلم من غمد التأمل، ويُغمس في محبرة السير الكبرى، ويُطلّ على قامة كالإمام أبي حامد الغزالي، فإنك تكون على موعد مع رواية ليست من نسق الحكاية العارضة، بل من طراز السرد الذي يُزيل الغبار عن مرآة الروح، ويوقظ المعنى النائم في دهاليز النفس.
حين أمسك الكاتب أحمد فال بخيوط السيرة، وبدأ نسج روايته “دانشمند” – وهي الكلمة التي تعني بالفارسية: العالِم أو الحكيم – تشكّلت تحت قلمه صفحاتٌ تفيض بفلسفة الحياة، وتُسافر بك من طوس إلى بغداد، ومن حيرة القلب إلى طمأنينة المعنى.
في كل فصلٍ من فصول هذه الرواية، يحضر الإمام أبو حامد الغزالي لا كاسمٍ في سطور، بل كإنسانٍ تتقاطع عنده الأزمنة، وتحتدم في صدره صراعات السؤال والبحث والمصير. لغة الرواية مشبعة برحيق الفكرة، متدفّقة بإيقاع النفس الحائرة، ومضيئة بمصابيح التاريخ المشتعل بالفتن والتيارات والتحوّلات.
يمر القارئ بمشهد بغداد وأروقة النظامية، ويسمع خطى الوزير نظام الملك، ويرى محابر العلماء تتقاطر في حلقات العلم، ثم يُدرك كيف كانت تلك المرحلة تمور بأحداث جسام: سلطانٌ سلجوقي يُدير الدولة من وراء الستار، وخلافة عباسية تخوض صراع الهوية، وغزواتٌ صليبية تشتد في الغرب، ومجوسٌ باطنيون يُقلقون مشهد اليقين.
ثم تأخذ الرواية بيد القارئ إلى عوالم الغزالي الداخلية: انطفاء الرغبة، وتبلّد الشعور، وتغيّر طعم الأشياء… تلك الحالة التي أشار إليها علم النفس الحديث بفقدان المعنى، وتوصيف الأطباء لحالة الـ lost of interest. يتتبّع أحمد فال ملامحها في حياة الإمام، فيعبر بك إلى عمق السؤال: كيف يتعامل الصادق مع اضطراب الباطن؟ كيف يحيا المفكر حين يضيق صدره بالمعرفة الجافة؟
تغدو الرواية عند هذه اللحظة بوّابةً لفهم عزلة الغزالي لا كخوف، بل كحكمة. وقراره بترك المناصب لا كضعف، بل كقوة. وانكفاؤه إلى الداخل لا كخسارة، بل كنجاة. يتتبع الكاتب ذلك بحسّ لغوي ساحر، وتحليل ناعم، وسردٍ يفيض بدفء الفكرة وحرارة الوجدان.
لقد مررتُ بالرواية كما يمرّ المسافر بين المنازل العامرة بالمعنى، وكلما تقدّمتُ فيها، تنبّهتُ لشيءٍ في داخلي يستيقظ، هذا ليس سطرًا يُقرأ، بل مرآة تُريك كيف يَمرض القلب إذا فَقَدَ وجهته، ويَصحّ إذا صلحت نيّته.
دانشمند رواية تُشعل قنديل الفكرة، وتُنبت في القلب وَهَج المعنى.
••
حين يستلّ القلم من غمد التأمل، ويُغمس في محبرة السير الكبرى، ويُطلّ على قامة كالإمام أبي حامد الغزالي، فإنك تكون على موعد مع رواية ليست من نسق الحكاية العارضة، بل من طراز السرد الذي يُزيل الغبار عن مرآة الروح، ويوقظ المعنى النائم في دهاليز النفس.
حين أمسك الكاتب أحمد فال بخيوط السيرة، وبدأ نسج روايته “دانشمند” – وهي الكلمة التي تعني بالفارسية: العالِم أو الحكيم – تشكّلت تحت قلمه صفحاتٌ تفيض بفلسفة الحياة، وتُسافر بك من طوس إلى بغداد، ومن حيرة القلب إلى طمأنينة المعنى.
في كل فصلٍ من فصول هذه الرواية، يحضر الإمام أبو حامد الغزالي لا كاسمٍ في سطور، بل كإنسانٍ تتقاطع عنده الأزمنة، وتحتدم في صدره صراعات السؤال والبحث والمصير. لغة الرواية مشبعة برحيق الفكرة، متدفّقة بإيقاع النفس الحائرة، ومضيئة بمصابيح التاريخ المشتعل بالفتن والتيارات والتحوّلات.
يمر القارئ بمشهد بغداد وأروقة النظامية، ويسمع خطى الوزير نظام الملك، ويرى محابر العلماء تتقاطر في حلقات العلم، ثم يُدرك كيف كانت تلك المرحلة تمور بأحداث جسام: سلطانٌ سلجوقي يُدير الدولة من وراء الستار، وخلافة عباسية تخوض صراع الهوية، وغزواتٌ صليبية تشتد في الغرب، ومجوسٌ باطنيون يُقلقون مشهد اليقين.
ثم تأخذ الرواية بيد القارئ إلى عوالم الغزالي الداخلية: انطفاء الرغبة، وتبلّد الشعور، وتغيّر طعم الأشياء… تلك الحالة التي أشار إليها علم النفس الحديث بفقدان المعنى، وتوصيف الأطباء لحالة الـ lost of interest. يتتبّع أحمد فال ملامحها في حياة الإمام، فيعبر بك إلى عمق السؤال: كيف يتعامل الصادق مع اضطراب الباطن؟ كيف يحيا المفكر حين يضيق صدره بالمعرفة الجافة؟
تغدو الرواية عند هذه اللحظة بوّابةً لفهم عزلة الغزالي لا كخوف، بل كحكمة. وقراره بترك المناصب لا كضعف، بل كقوة. وانكفاؤه إلى الداخل لا كخسارة، بل كنجاة. يتتبع الكاتب ذلك بحسّ لغوي ساحر، وتحليل ناعم، وسردٍ يفيض بدفء الفكرة وحرارة الوجدان.
لقد مررتُ بالرواية كما يمرّ المسافر بين المنازل العامرة بالمعنى، وكلما تقدّمتُ فيها، تنبّهتُ لشيءٍ في داخلي يستيقظ، هذا ليس سطرًا يُقرأ، بل مرآة تُريك كيف يَمرض القلب إذا فَقَدَ وجهته، ويَصحّ إذا صلحت نيّته.
دانشمند رواية تُشعل قنديل الفكرة، وتُنبت في القلب وَهَج المعنى.
••
قناة | توّاق
الملف التفاعلي لقائمة المحتوى.pdf
••
مبادرة تربوية تُعنى بتوفير محتوى آمن ونافع وممتع للأطفال، يجمع بين الترفيه والتوجيه، ملتزم بالضوابط الشرعية، وتنهض في وجه سطوة المحتوى الغربي على الشاشات ومنصات التواصل، ساعيةً إلى ترسيخ الهوية العربية والإسلامية في وجدان الناشئة، من خلال مواد متنوعة تشمل الرسوم المتحركة، الأناشيد، البرامج، والفواصل التربوية.
وقد رُتّب المحتوى وفق شرائح عمرية (٣–٥ / ٦–٨ / ٩ فما فوق) لتحقيق التوازن المعرفي والنفسي، ويُيسَّر الوصول إليه عبر ملف تفاعلي يضم روابط مباشرة ونبذات تعريفية، بما يجعلها مبادرة واعية تستهدف تنشئة جيل يُشاهد بعينٍ بصيرة، وينمو على قيمٍ لا تُشترى ولا تُستعار.
••
مبادرة تربوية تُعنى بتوفير محتوى آمن ونافع وممتع للأطفال، يجمع بين الترفيه والتوجيه، ملتزم بالضوابط الشرعية، وتنهض في وجه سطوة المحتوى الغربي على الشاشات ومنصات التواصل، ساعيةً إلى ترسيخ الهوية العربية والإسلامية في وجدان الناشئة، من خلال مواد متنوعة تشمل الرسوم المتحركة، الأناشيد، البرامج، والفواصل التربوية.
وقد رُتّب المحتوى وفق شرائح عمرية (٣–٥ / ٦–٨ / ٩ فما فوق) لتحقيق التوازن المعرفي والنفسي، ويُيسَّر الوصول إليه عبر ملف تفاعلي يضم روابط مباشرة ونبذات تعريفية، بما يجعلها مبادرة واعية تستهدف تنشئة جيل يُشاهد بعينٍ بصيرة، وينمو على قيمٍ لا تُشترى ولا تُستعار.
••
••
|• عجز المشتاق •|
كلما خمد ضجيج العالم، وسكن صوت الهاتف، وأويت إلى ركني أستعدّ لساعات الليل، هبّت على القلب ريحٌ خفيفة، ولكنها تعرف جيدًا من أين تُؤتى السكينة، ريحٌ اسمها: لماذا لا أفعل؟
إنني أشتاق. والله يعلم كم أشتاق! أشتاق لركعةٍ طويلةٍ في جوف الليل، تهمس فيها الروح بما عجز عنه اللسان في ضجيج النهار، أشتاق لصفحةٍ من القرآن تُتلى في خشوعٍ تام، كأنها أول مرة أنزل فيها الوحي، أشتاق للدعاء، للبكاء، لتلك اللحظات التي كان القلب فيها قريبًا كأن بينه وبين السماء خيطًا من نور.
ولكن مع كل هذا الشوق، لا أُقدِم، لا أبدأ، لا أُواصل، يمرّ اليوم بعد اليوم، والأمنية في مكانها، والنية على حالها، والتقصير يزداد اتساعًا، حتى كأنّ بيني وبين طاعتي سورًا من زجاج؛ أراها واضحةً، قريبةً، لكن لا أبلغها، ذلك التناقض المرير بين حرارة الشوق وجمود الإرادة، بين صدق الأمنية وخذلان التنفيذ.
وكلما أويت إلى فراشي، واستعدت شريط يومي، أخذت أتمثّل مشهدًا مكررًا: قلبٌ يتحرّق، وجوارح لا تتحرّك! فهل الشوق يكفي؟ هل إن بكيتَ لذنبك دون أن تتركه، غُفر لك؟ هل إن رغبتَ في الطاعة دون أن تسعى إليها، قُبلت؟ وهل يسعف المشتاقَ شوقُه إن قصّر في المسير؟
نظرتُ حولي، فرأيت كثيرًا من الناس يحملون هذا الهمّ ذاته، يتحدثون عن عظمة القرآن وهم لا يمسّونه، عن شرف القيام وهم لا يقومون، عن حب الله وهم لا يقرّبهم فعلهم إليه، فأدركت أن فينا داءً خفيًا اسمه: الفتور المزخرف بالشوق، فتورٌ مخادع، يُسكّن الضمير، ويعطيك شعورًا زائفًا أنك بخير، لأنك “تتألم”، رغم أنك لا “تعمل”.
ويزيد الألم حين تتلو قوله تعالى: {ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورًا} فمن أراد الآخرة، فليُري الله من نفسه ما يدلّ على صدق الإرادة، لا صدق التمنّي، والله لا يضيع أجر من سعى.
••
|• عجز المشتاق •|
كلما خمد ضجيج العالم، وسكن صوت الهاتف، وأويت إلى ركني أستعدّ لساعات الليل، هبّت على القلب ريحٌ خفيفة، ولكنها تعرف جيدًا من أين تُؤتى السكينة، ريحٌ اسمها: لماذا لا أفعل؟
إنني أشتاق. والله يعلم كم أشتاق! أشتاق لركعةٍ طويلةٍ في جوف الليل، تهمس فيها الروح بما عجز عنه اللسان في ضجيج النهار، أشتاق لصفحةٍ من القرآن تُتلى في خشوعٍ تام، كأنها أول مرة أنزل فيها الوحي، أشتاق للدعاء، للبكاء، لتلك اللحظات التي كان القلب فيها قريبًا كأن بينه وبين السماء خيطًا من نور.
ولكن مع كل هذا الشوق، لا أُقدِم، لا أبدأ، لا أُواصل، يمرّ اليوم بعد اليوم، والأمنية في مكانها، والنية على حالها، والتقصير يزداد اتساعًا، حتى كأنّ بيني وبين طاعتي سورًا من زجاج؛ أراها واضحةً، قريبةً، لكن لا أبلغها، ذلك التناقض المرير بين حرارة الشوق وجمود الإرادة، بين صدق الأمنية وخذلان التنفيذ.
وكلما أويت إلى فراشي، واستعدت شريط يومي، أخذت أتمثّل مشهدًا مكررًا: قلبٌ يتحرّق، وجوارح لا تتحرّك! فهل الشوق يكفي؟ هل إن بكيتَ لذنبك دون أن تتركه، غُفر لك؟ هل إن رغبتَ في الطاعة دون أن تسعى إليها، قُبلت؟ وهل يسعف المشتاقَ شوقُه إن قصّر في المسير؟
نظرتُ حولي، فرأيت كثيرًا من الناس يحملون هذا الهمّ ذاته، يتحدثون عن عظمة القرآن وهم لا يمسّونه، عن شرف القيام وهم لا يقومون، عن حب الله وهم لا يقرّبهم فعلهم إليه، فأدركت أن فينا داءً خفيًا اسمه: الفتور المزخرف بالشوق، فتورٌ مخادع، يُسكّن الضمير، ويعطيك شعورًا زائفًا أنك بخير، لأنك “تتألم”، رغم أنك لا “تعمل”.
ويزيد الألم حين تتلو قوله تعالى: {ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورًا} فمن أراد الآخرة، فليُري الله من نفسه ما يدلّ على صدق الإرادة، لا صدق التمنّي، والله لا يضيع أجر من سعى.
••
••
•| عقيدة العناد |•
العناد الأعمى ليس مجرّد خلل في السلوك، بل هو عارضٌ يدلّ على عطبٍ عميق في البنية الإدراكية للإنسان، وهو تجلٍّ صارخ لتمركز الذات حول “وهم الصواب”، حيث تتحوّل قناعات المرء إلى جدرانٍ صمّاء لا تسمح بعبور الحقيقة، ولو كانت بيّنة كالشمس.
صاحبه يعيش في حالة من الانغلاق المعرفي، يرفض فيها “المرآة النقدية”، ويضيق ذرعًا بأي صوتٍ خارجي يهدّد هندسته النفسية التي ارتاح لها، ولو كانت قائمة على باطل.
والأخطر من ذلك أن العناد إذا استقرّ، تحوّل إلى عقيدة شعورية، يدافع عنها صاحبها بنفس الحماسة التي يُفترض أن تُدافع بها عن الحق، فينقلب ميزان الفهم، وتُختطف بوصلته.
وحين تتأمل هذا النمط، تدرك كيف أن الانتصار للنفس قد يُطفئ مصابيح البصيرة، وكيف أن “الانفعال الوجداني” إذا لم يُضبط بنور الوحي ومكارم العقل، كان سببًا في انطفاء العُمر داخل دائرةٍ من المكابرة المؤذية.
وفي القرآن الكريم: {وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم}، لتفهم أن العناد لا ينفي اليقين، بل يدلّ على أن الجحود قد يكون قرارًا نفسيًا، لا جهلاً علميًا.
••
•| عقيدة العناد |•
العناد الأعمى ليس مجرّد خلل في السلوك، بل هو عارضٌ يدلّ على عطبٍ عميق في البنية الإدراكية للإنسان، وهو تجلٍّ صارخ لتمركز الذات حول “وهم الصواب”، حيث تتحوّل قناعات المرء إلى جدرانٍ صمّاء لا تسمح بعبور الحقيقة، ولو كانت بيّنة كالشمس.
صاحبه يعيش في حالة من الانغلاق المعرفي، يرفض فيها “المرآة النقدية”، ويضيق ذرعًا بأي صوتٍ خارجي يهدّد هندسته النفسية التي ارتاح لها، ولو كانت قائمة على باطل.
والأخطر من ذلك أن العناد إذا استقرّ، تحوّل إلى عقيدة شعورية، يدافع عنها صاحبها بنفس الحماسة التي يُفترض أن تُدافع بها عن الحق، فينقلب ميزان الفهم، وتُختطف بوصلته.
وحين تتأمل هذا النمط، تدرك كيف أن الانتصار للنفس قد يُطفئ مصابيح البصيرة، وكيف أن “الانفعال الوجداني” إذا لم يُضبط بنور الوحي ومكارم العقل، كان سببًا في انطفاء العُمر داخل دائرةٍ من المكابرة المؤذية.
وفي القرآن الكريم: {وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم}، لتفهم أن العناد لا ينفي اليقين، بل يدلّ على أن الجحود قد يكون قرارًا نفسيًا، لا جهلاً علميًا.
••
••
🔆 حلقة فاخرة والدكتور فهد مميز بحق👍🏻😍
____________
منذ بدء البشرية والإنسان مولعٌ بالمعنى ودائم البحث عنه. عن معنى وجوده وعلاقاته والحياة بأكملها. لدي أسئلة كثيرة حول المعنى: ما المعنى الذي يبحث عنه الإنسان؟ كيف يجده؟ وما شكل الحياة من دونه؟
لذلك، استضفت في هذه الحلقة فهد القحطاني، الأستاذ المشارك في قسم السياسات التعليمية بكلية التربية في جامعة أم القرى. يرى فهد القحطاني أننا نعيش اليوم أزمة معنى، إذ طغَى الجانب المادي على حياة الإنسان، ففقد معانٍ عظيمة، عن حياته وعلاقاته بل حتى في نظرته إلى نفسه.
يقول ضيفي إن مَن لا يؤمن بالخالق فليس لحياته معنى، وإن المعاناة في ظل غياب الخالق تفتقد لمعنى. فما العلاقة بين الإيمان والمعنى؟ كيف يجِد الملحد معنًى لحياته وهو لا يؤمن بشيء؟
يدخل المعنى في سلوكنا على مواقع التواصل الاجتماعي، فهي اليوم عمّقت أزمة المعنى، إذ شيَّأت الإنسان وضيّقت معناه، ليصبح معرِّفًا رقميًّا تسهل أذيّته. هذه الأذية، يفسرها ضيفي بأنها ممتدة من غياب التصور الصحيح لمعنى اعتقادك وإيمانك.
حلقة رائعة تمس الإنسان العادي البسيط؛ عن الغاية والإيمان والمعاناة، وغيرها من المفاهيم التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بحاجته إلى المعنى.
أنامل ثمانية
📺https://youtu.be/UjXvq_YyeZ0?si=mTNTWhKLn6mG0WL3
••
____________
منذ بدء البشرية والإنسان مولعٌ بالمعنى ودائم البحث عنه. عن معنى وجوده وعلاقاته والحياة بأكملها. لدي أسئلة كثيرة حول المعنى: ما المعنى الذي يبحث عنه الإنسان؟ كيف يجده؟ وما شكل الحياة من دونه؟
لذلك، استضفت في هذه الحلقة فهد القحطاني، الأستاذ المشارك في قسم السياسات التعليمية بكلية التربية في جامعة أم القرى. يرى فهد القحطاني أننا نعيش اليوم أزمة معنى، إذ طغَى الجانب المادي على حياة الإنسان، ففقد معانٍ عظيمة، عن حياته وعلاقاته بل حتى في نظرته إلى نفسه.
يقول ضيفي إن مَن لا يؤمن بالخالق فليس لحياته معنى، وإن المعاناة في ظل غياب الخالق تفتقد لمعنى. فما العلاقة بين الإيمان والمعنى؟ كيف يجِد الملحد معنًى لحياته وهو لا يؤمن بشيء؟
يدخل المعنى في سلوكنا على مواقع التواصل الاجتماعي، فهي اليوم عمّقت أزمة المعنى، إذ شيَّأت الإنسان وضيّقت معناه، ليصبح معرِّفًا رقميًّا تسهل أذيّته. هذه الأذية، يفسرها ضيفي بأنها ممتدة من غياب التصور الصحيح لمعنى اعتقادك وإيمانك.
حلقة رائعة تمس الإنسان العادي البسيط؛ عن الغاية والإيمان والمعاناة، وغيرها من المفاهيم التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بحاجته إلى المعنى.
أنامل ثمانية
📺https://youtu.be/UjXvq_YyeZ0?si=mTNTWhKLn6mG0WL3
••
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
••
يخوض الشيطان معركته مع المؤمن عبر مسار دقيق يمكن تسميته بـ“تفكيك الرجاء”، فيزرع في القلب بذور الحزن، ويغذّيها بوساوس الهمّ، حتى تترسخ في النفس مشاعر الإنهاك والتوجس، فتضعف قواها، وتخور عزيمتها، ويتضاءل فيها نور التعلّق بالله.
ومع كل خفقة حزنٍ مستديم، يميل ميزان الثقة، ويخبو وهج الإيمان، وتتمكن غيوم القلق من فضاء القلب، وفي هذه اللحظة، يفتح الحزن منفذًا لعدوٍ ماكر، يبني عبره مشروعه الكبير: تحويل المؤمن من ساحة الرجاء إلى دروب القنوط، ومن مقام التسليم إلى أودية سوء الظن، حتى يسكن في النفس شعورٌ مُثقل لا يرى لرحمة الله مخرجًا، ولا لواسع عطائه موطئًا، وقد قال الله تعالى: ﴿إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾.
••
يخوض الشيطان معركته مع المؤمن عبر مسار دقيق يمكن تسميته بـ“تفكيك الرجاء”، فيزرع في القلب بذور الحزن، ويغذّيها بوساوس الهمّ، حتى تترسخ في النفس مشاعر الإنهاك والتوجس، فتضعف قواها، وتخور عزيمتها، ويتضاءل فيها نور التعلّق بالله.
ومع كل خفقة حزنٍ مستديم، يميل ميزان الثقة، ويخبو وهج الإيمان، وتتمكن غيوم القلق من فضاء القلب، وفي هذه اللحظة، يفتح الحزن منفذًا لعدوٍ ماكر، يبني عبره مشروعه الكبير: تحويل المؤمن من ساحة الرجاء إلى دروب القنوط، ومن مقام التسليم إلى أودية سوء الظن، حتى يسكن في النفس شعورٌ مُثقل لا يرى لرحمة الله مخرجًا، ولا لواسع عطائه موطئًا، وقد قال الله تعالى: ﴿إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾.
••
قناة | توّاق
•• يخوض الشيطان معركته مع المؤمن عبر مسار دقيق يمكن تسميته بـ“تفكيك الرجاء”، فيزرع في القلب بذور الحزن، ويغذّيها بوساوس الهمّ، حتى تترسخ في النفس مشاعر الإنهاك والتوجس، فتضعف قواها، وتخور عزيمتها، ويتضاءل فيها نور التعلّق بالله. ومع كل خفقة حزنٍ مستديم،…
••
الرسالة السابقة احتوت على التشخيص، والنفوس وإن أدركت عِلّتها، لا تنهض من كبوتها إلا إذا سُقيت بماء الإرشاد، وجُذبت بنور الهداية إلى مواطن العافية.
فأول أبواب الوقاية من هذا المسار الشعوري المُنهِك، هو ترسيخ اليقين بأن الرجاء ليس حالة وجدانية طارئة، بل هو مقام من مقامات الإيمان، يُبنى كما يُبنى الصرح: بالتدرج، والتكرار، والمجاهدة، والصدق. لذا فإن التزود بالقرآن تلاوةً وتدبّرًا هو الحصن الأول، إذ يُعيد تشكيل التصوّر، ويرفع القلب من ساحة التوجّس إلى أفق الأمان، ويكفي أن تجعل لنفسك وِردًا يوميًا من كلام الله، لا يُقطع في سرّاء ولا ضرّاء، ففيه ترميم داخلي لا يدركه إلا من ذاقه.
وثانيها: أن تُكثر من طرق باب الله بالدعاء، فإنّ الانكسار بين يديه يُسقط أوهام الاستغناء، ويجعل النفس تتقن مجددًا لغة الرجاء، وقد قال الله تعالى: ﴿أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ﴾ [النمل: ٦٢]، والاضطرار هنا ليس اضطرار البدن فقط، بل هو اضطرار القلب حين تعجز الحيل وتخفت الأصوات.
وثالثها: أن تُعيد ضبط علاقتك بالوقت، فإن أوسع نوافذ الحزن هي الفراغ؛ الفراغ الذي يُضخّم الوساوس، ويُعيد تدوير الجراح، ويزرع في النفس وهمًا بأن الطريق مغلق، بينما هو في حقيقته مفتوحٌ، ولكن بالعمل لا بالانتظار. فاملأ وقتك بما ينفع: علمًا، قراءة، عملاً، نفعًا للناس، وسترَ أن القلب إذا اشتغل بمرضاة الله، خفّت عليه تلك الكآبة الغائرة.
ورابعها: أن تُحسن الصحبة، فالنفس تتلوّن بمن تُجالس، فإن كان حولك من يُذكّرك بالله، ويأخذ بيدك إلى نور الذكر، خفت عليك سُبل الظلمة، وإن أحطت نفسك بمَن سقطوا في مستنقعات الشكوى والجزع، جرّوك معهم إلى قيعانها.
وخامسها: أن تستحضر دومًا أن الابتلاء ليس علامة سخط، بل مظروف يُحمَل فيه الخير الكثير، وقد قال الله تعالى: ﴿وَبَشِّرِ ٱلصَّـٰبِرِينَ﴾، ولم يُعلّق البشارة بالنتائج، بل بالصبر ذاته، لأن في عبور الألم معنى تعبّديّ يُزهر ولو بعد حين.
فإذا اجتمعت لك هذه الأبواب: وردُ القرآن، وانكسار الدعاء، وعمارة الوقت، وصحبة الخير، وحسن الفهم للبلاء، فاعلم أنك تمشي على طريق النجاة، وأنك تردّ على الشيطان عمليًا لا جدليًا، وتغلق دونه باب مشروعه الكبير: تفكيك الرجاء.
••
الرسالة السابقة احتوت على التشخيص، والنفوس وإن أدركت عِلّتها، لا تنهض من كبوتها إلا إذا سُقيت بماء الإرشاد، وجُذبت بنور الهداية إلى مواطن العافية.
فأول أبواب الوقاية من هذا المسار الشعوري المُنهِك، هو ترسيخ اليقين بأن الرجاء ليس حالة وجدانية طارئة، بل هو مقام من مقامات الإيمان، يُبنى كما يُبنى الصرح: بالتدرج، والتكرار، والمجاهدة، والصدق. لذا فإن التزود بالقرآن تلاوةً وتدبّرًا هو الحصن الأول، إذ يُعيد تشكيل التصوّر، ويرفع القلب من ساحة التوجّس إلى أفق الأمان، ويكفي أن تجعل لنفسك وِردًا يوميًا من كلام الله، لا يُقطع في سرّاء ولا ضرّاء، ففيه ترميم داخلي لا يدركه إلا من ذاقه.
وثانيها: أن تُكثر من طرق باب الله بالدعاء، فإنّ الانكسار بين يديه يُسقط أوهام الاستغناء، ويجعل النفس تتقن مجددًا لغة الرجاء، وقد قال الله تعالى: ﴿أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ﴾ [النمل: ٦٢]، والاضطرار هنا ليس اضطرار البدن فقط، بل هو اضطرار القلب حين تعجز الحيل وتخفت الأصوات.
وثالثها: أن تُعيد ضبط علاقتك بالوقت، فإن أوسع نوافذ الحزن هي الفراغ؛ الفراغ الذي يُضخّم الوساوس، ويُعيد تدوير الجراح، ويزرع في النفس وهمًا بأن الطريق مغلق، بينما هو في حقيقته مفتوحٌ، ولكن بالعمل لا بالانتظار. فاملأ وقتك بما ينفع: علمًا، قراءة، عملاً، نفعًا للناس، وسترَ أن القلب إذا اشتغل بمرضاة الله، خفّت عليه تلك الكآبة الغائرة.
ورابعها: أن تُحسن الصحبة، فالنفس تتلوّن بمن تُجالس، فإن كان حولك من يُذكّرك بالله، ويأخذ بيدك إلى نور الذكر، خفت عليك سُبل الظلمة، وإن أحطت نفسك بمَن سقطوا في مستنقعات الشكوى والجزع، جرّوك معهم إلى قيعانها.
وخامسها: أن تستحضر دومًا أن الابتلاء ليس علامة سخط، بل مظروف يُحمَل فيه الخير الكثير، وقد قال الله تعالى: ﴿وَبَشِّرِ ٱلصَّـٰبِرِينَ﴾، ولم يُعلّق البشارة بالنتائج، بل بالصبر ذاته، لأن في عبور الألم معنى تعبّديّ يُزهر ولو بعد حين.
فإذا اجتمعت لك هذه الأبواب: وردُ القرآن، وانكسار الدعاء، وعمارة الوقت، وصحبة الخير، وحسن الفهم للبلاء، فاعلم أنك تمشي على طريق النجاة، وأنك تردّ على الشيطان عمليًا لا جدليًا، وتغلق دونه باب مشروعه الكبير: تفكيك الرجاء.
••
••
إذا صدق المرء في طويّته، طاب خُلقه وهدأ، وإذا طاب خلقه، أحبّه الخلق وارتاح، وإذا أحبوه، زانه الله بالمهابة والقبول، فإذا بلغ هذا المقام، علم أن حسن الخلق ثمرة صفاء الباطن، لا تكلّف الظاهر، وغرسُ التقوى لا حذق المداراة.
••
إذا صدق المرء في طويّته، طاب خُلقه وهدأ، وإذا طاب خلقه، أحبّه الخلق وارتاح، وإذا أحبوه، زانه الله بالمهابة والقبول، فإذا بلغ هذا المقام، علم أن حسن الخلق ثمرة صفاء الباطن، لا تكلّف الظاهر، وغرسُ التقوى لا حذق المداراة.
••
••
كلما خطر ببالك ميّت، تذكّر أنك في الحقيقة تقرأ صفحة من مستقبلك، يذكّرك طيفه أنك لا تزال في فسحة العمل، وأن في صدرك أنفاسًا لم ينتهِ رصيدها بعد، كان مثلك يومًا، يخطط، ويأمل، ويؤجّل الإصلاح، حتى باغته الموت قبل أن تنعقد عزيمته على التدارك، وبقي دعاؤك جسرًا من الرحمة يصله بك، فيُخفِّفُ عنه ما بعد الموت، ويُخفِّفُ عنك ما تبقّى من الحياة.
••
كلما خطر ببالك ميّت، تذكّر أنك في الحقيقة تقرأ صفحة من مستقبلك، يذكّرك طيفه أنك لا تزال في فسحة العمل، وأن في صدرك أنفاسًا لم ينتهِ رصيدها بعد، كان مثلك يومًا، يخطط، ويأمل، ويؤجّل الإصلاح، حتى باغته الموت قبل أن تنعقد عزيمته على التدارك، وبقي دعاؤك جسرًا من الرحمة يصله بك، فيُخفِّفُ عنه ما بعد الموت، ويُخفِّفُ عنك ما تبقّى من الحياة.
••
••
#نشرة_تواق_البريدية
العدد الثامن
•| الإنسان المذهول |•
عن الكائن الذي رأى كل شيء، وفَقَد كل شيء.
_____________
ضع بريدك هنا
••
#نشرة_تواق_البريدية
العدد الثامن
•| الإنسان المذهول |•
عن الكائن الذي رأى كل شيء، وفَقَد كل شيء.
_____________
ضع بريدك هنا
••
••
أصدقُ ما يُترجم عن المروءة، فعلٌ لا يسبقه إعلان، ولا يتبعه امتنّ، فإن الكريم لا يُفصح عن نخوته، بل يُسربها في دقائق سلوكه، كما يُخفي السحابُ ماءه حتى يُمطر، وما رفعت المروءةُ صاحبَها إلا لأنه حملها في قلبه قبل أن يحملها على كتفه.
••
أصدقُ ما يُترجم عن المروءة، فعلٌ لا يسبقه إعلان، ولا يتبعه امتنّ، فإن الكريم لا يُفصح عن نخوته، بل يُسربها في دقائق سلوكه، كما يُخفي السحابُ ماءه حتى يُمطر، وما رفعت المروءةُ صاحبَها إلا لأنه حملها في قلبه قبل أن يحملها على كتفه.
••
••
•| نقطة الاتزان الكبرى |•
أحياناً يُعرض عليّ صاحبُ همٍّ أو سائلُ مشورة، يتكلم طويلًا عن الحيرة والضياع وكثرة الطرق، وأول ما يَسبق لساني إليه: كيف حالك مع القرآن؟
لا على وجه التذكير المجرد، بل لأنّي جرّبتُ — مرارًا — ذلك الفارق الخفي بين القرار الذي يُتّخذ في حضرة القرآن، والقرار الذي يُصاغ في غيابه.
ذلك أن القلب إذا تنكّب عن القرآن، اتجهت به الحياة إلى مسارات مضطربة، واستحالت القرارات اليومية إلى اجتهادات بلا وحي، في العمل، في الأسرة، في العلم، في العلاقات… كل قرار يخرج من ذهنٍ بلا وردٍ قرآني، يُثقله الغبش ويأخذه التردد، ويزيده ضعف التوفيق.
القرآن لا يعطيك فِكرة، بل يُعيد ترتيب وعيك، لا يُدلّك على الجواب فحسب، بل يُقيم في القلب مقام السلطان: يُهندس الأولويات، ويضع على طاولة قلبك ما يغيب عنك حين تصخب الحياة.
والإنسان كلما ابتعد عن القرآن، دخل طورًا نفسيًا هشًّا، تُغريه العجلة، ويستعذبه الظن، ويستهويه السقف الواطئ للقرارات السريعة، حتى وإن لبست لباس العقل.
وحين يقترب من القرآن، يعود إلى حال “القيومية”، حيث القرار لا يُصنع من ضجيج الخارج، بل من صفاء الداخل، من النور الذي في الوحي، من الميزان الذي لا يميل، من “هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم”، فكل ما عداه مائل، وإن بدا مستقيمًا.
القرب من القرآن ليس مكاثرة تعبدية، بل هو إجراء وقائي لحراسة القرار، وتحقيق الصواب، وضبط الوجهة، وكل خطوة بعيدةً عنه، ليست حيادًا، بل انزلاقٌ عن جادةٍ أقوم.
••
•| نقطة الاتزان الكبرى |•
أحياناً يُعرض عليّ صاحبُ همٍّ أو سائلُ مشورة، يتكلم طويلًا عن الحيرة والضياع وكثرة الطرق، وأول ما يَسبق لساني إليه: كيف حالك مع القرآن؟
لا على وجه التذكير المجرد، بل لأنّي جرّبتُ — مرارًا — ذلك الفارق الخفي بين القرار الذي يُتّخذ في حضرة القرآن، والقرار الذي يُصاغ في غيابه.
ذلك أن القلب إذا تنكّب عن القرآن، اتجهت به الحياة إلى مسارات مضطربة، واستحالت القرارات اليومية إلى اجتهادات بلا وحي، في العمل، في الأسرة، في العلم، في العلاقات… كل قرار يخرج من ذهنٍ بلا وردٍ قرآني، يُثقله الغبش ويأخذه التردد، ويزيده ضعف التوفيق.
القرآن لا يعطيك فِكرة، بل يُعيد ترتيب وعيك، لا يُدلّك على الجواب فحسب، بل يُقيم في القلب مقام السلطان: يُهندس الأولويات، ويضع على طاولة قلبك ما يغيب عنك حين تصخب الحياة.
والإنسان كلما ابتعد عن القرآن، دخل طورًا نفسيًا هشًّا، تُغريه العجلة، ويستعذبه الظن، ويستهويه السقف الواطئ للقرارات السريعة، حتى وإن لبست لباس العقل.
وحين يقترب من القرآن، يعود إلى حال “القيومية”، حيث القرار لا يُصنع من ضجيج الخارج، بل من صفاء الداخل، من النور الذي في الوحي، من الميزان الذي لا يميل، من “هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم”، فكل ما عداه مائل، وإن بدا مستقيمًا.
القرب من القرآن ليس مكاثرة تعبدية، بل هو إجراء وقائي لحراسة القرار، وتحقيق الصواب، وضبط الوجهة، وكل خطوة بعيدةً عنه، ليست حيادًا، بل انزلاقٌ عن جادةٍ أقوم.
••
••
دائمًا أسأل عملائي المرضى أولًا عن النوم. هل يستيقظون في الصباح تقريبًا في الوقت الذي يستيقظ فيه الشخص العادي، وفي نفس الوقت كل يوم؟ إذا كانت الإجابة بلا، فإن إصلاح هذا الأمر هو أول شيء أوصي به. لا يهم كثيرًا ما إذا كانوا يأوون إلى الفراش في الوقت نفسه كل مساء أم لا، لكن الاستيقاظ في وقت ثابت أمر ضروري. لا يمكن علاج القلق والاكتئاب بسهولة إذا كان للمريض روتين يومي لا يمكن التنبؤ به. ترتبط الأجهزة التي تسبب المشاعر السلبية ارتباطًا وثيقًا بالإيقاعات اليومية الدورية المناسبة.
(المعالج النفسي: جوردن بيترسون)
••
دائمًا أسأل عملائي المرضى أولًا عن النوم. هل يستيقظون في الصباح تقريبًا في الوقت الذي يستيقظ فيه الشخص العادي، وفي نفس الوقت كل يوم؟ إذا كانت الإجابة بلا، فإن إصلاح هذا الأمر هو أول شيء أوصي به. لا يهم كثيرًا ما إذا كانوا يأوون إلى الفراش في الوقت نفسه كل مساء أم لا، لكن الاستيقاظ في وقت ثابت أمر ضروري. لا يمكن علاج القلق والاكتئاب بسهولة إذا كان للمريض روتين يومي لا يمكن التنبؤ به. ترتبط الأجهزة التي تسبب المشاعر السلبية ارتباطًا وثيقًا بالإيقاعات اليومية الدورية المناسبة.
(المعالج النفسي: جوردن بيترسون)
••
••
•| غواية التشخيص |•
في هذا الطوفان المتلاطم من الأخبار المتسارعة، والتعليقات الفورية، والانطباعات التي تتقافز من منصةٍ إلى أخرى، يبرز خللٌ خفي في بنية الوعي المسلم: تناسي تدبير الله، والانجرار إلى مناخ التحليلات الانفعالية التي تُنبت القلق وتُجهد القلب قبل أن تُثمر بصيرة، وفي هذا الازدحام الإدراكي، تتسلل إلى الروح أمراض الخفة: خفة الانفعال، وخفة الرأي، وخفة الموقف، حتى يُخيّل للمرء أن التأنّي بلادة، وأن الصمت بطء، وأن الوقوف على عتبة الانتظار تراجع.
لكن القرآن، وهو النصّ المؤسّس لوعي المؤمن، يُعلّمنا أن التدبير لا يُقرأ من ظاهر الحدث، بل من عمقه القدَري.﴿ وكان أمر الله قدرًا مقدورًا ﴾ فتربية القرآن ليست فقط على تأصيل المواقف، بل على هندسة التلقّي ذاته، وهذه الآية هي قاعدة في إدارة التوتر الجمعي، وترسيخ الإيمان العميق بأن الحوادث الأرضية مهما عَلت، لا تخرق سقف التدبير الإلهي.
التحليل السياسي من حيث هو، أداة معرفية محمودة، لكنه حين يُفتقد ميزان الضبط، ويتحوّل إلى انفعال يومي، واهتزاز عاطفي، وتخندق مسبق؛ فإنه لا يوصلك إلى الحق، بل يُربك عليك البصيرة، ولهذا، لا يدهشنا أن يقول الدكتور دريو ويستن – أستاذ علم النفس السياسي في كتابه- العقل السياسي: دور العاطفة في تقرير مصير الأمة" "في السياسة، عندما يصطدم العقل والعاطفة، تفوز العاطفة حتماً"
وهنا تأتي اللحظة المفصلية التي يتمايز فيها “الواعي” عن “المُترقّب”، و”المستبصر” عن “المُستهلِك” الواعي يزن الأحداث بميزان السنن الربانية، يُدخل المعلومة من باب المصدر الموثوق، ويُبقي قلبه معلقًا بربّ الأسباب، لا بشاشة التحليل. والمُستهلك، يُفتنه الموج، ويغرق في قراءة الوقائع بلا فقه الغايات، ولا استحضار لعظمة المدبّر.
ومن دقائق الموازنة أن تعلم أن الإيمان بالتدبير الإلهي لا يلغي فقه التحليل، لكنه يُهذّبه، ويجعل من “نظافة المصدر” شرطًا، ومن “بطء الانفعال” فضيلة، ومن “السكينة المعرفية”مطلبًا. ومن آيات الله التي تُرسي الطمأنينة في قلب من يخشى التخبّط: ﴿ والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ﴾
فهو الغالب،ولو كثر الطنين.
وهو المدبّر، ولو تضخّم التفسير.
وهو العالم، وإن جهل المحلّلون.
وفي زمن الملاحقة اللاهثة للأخبار، حيث تتسابق التحليلات، وتتقافز التعليقات، ويُستنفر العقل في كل ساعة لحدث جديد؛ فإن حراسة القلب من التسرع، والعقل من التلقف، واللسان من التبني العجول، غدت من فروض الوقت. ولذا، فالمؤمن الموفَّق هو من يحفظ لقلبه اعتداله، ويغلق نوافذ التلقّي العشوائي، ويتعاهد صفاء وعيه بتصفية المدخلات، ويتعامل مع كل مشهد سياسي بعينين اثنتين: عين تبحث عن الحقيقة، وعين ترقب تدبير الله وتثق بوعده.
ثم هذه بعض منازل النجاة من غواية التشخيص:
١-طهارة المعلومة قبل طهارة الانفعال
لا يليق بعقل المؤمن أن يُدخل في قلبه كل ما يُقال، فالمعلومة شأنها شأن الطعام: لا تُؤكل إلا من يدٍ مأمونة.
٢-فسحة الصمت التأملي
السكون عبادة معرفية، لا تسارع في إبداء الرأي، فبعض السكوت بُعد نظر، وبعض التريث صيانة للبصيرة.
٣-اجتناب صخب المتحمسين
اصطفِ رفقة تتسم بالاتزان، يربطون الحدث بالسنن، لا بالعاطفة، ويزنون الموقف بمقاييس التوحيد لا حرارة اللحظة.
٤- الدعاء بالبصيرة
اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه… فإن زوّاد الطريق في زمن الفتن: يقينٌ وبصيرة.
٥-الحدث خطاب قدَري
لا تتعامل مع الوقائع كأرقام، بل كمرايا ربانية تُعيد ترتيب الوعي، وتستفزّ فيك سؤال التوحيد.
وهنا يكمن الإيمان العميق: أن تجعل ثقتك الأولى في الله، لا في التحليلات، وأن تُدرك أن ما وراء الستار قدرٌ لا يُدركه التقدير البشري، لكن يُطمئن عليه يقين قوله: ﴿ إن ربي لطيف لما يشاء ﴾. فالزم باب الله، وخفّف من زحام المعلومة، وتذكّر دائمًا أن الطمأنينة لا تصنعها الكثرة، بل تصوغها سلامة المدخلات، ونقاء الإيمان، ومراعاة المقام الرباني فوق الحدث الأرضي.
••
•| غواية التشخيص |•
في هذا الطوفان المتلاطم من الأخبار المتسارعة، والتعليقات الفورية، والانطباعات التي تتقافز من منصةٍ إلى أخرى، يبرز خللٌ خفي في بنية الوعي المسلم: تناسي تدبير الله، والانجرار إلى مناخ التحليلات الانفعالية التي تُنبت القلق وتُجهد القلب قبل أن تُثمر بصيرة، وفي هذا الازدحام الإدراكي، تتسلل إلى الروح أمراض الخفة: خفة الانفعال، وخفة الرأي، وخفة الموقف، حتى يُخيّل للمرء أن التأنّي بلادة، وأن الصمت بطء، وأن الوقوف على عتبة الانتظار تراجع.
لكن القرآن، وهو النصّ المؤسّس لوعي المؤمن، يُعلّمنا أن التدبير لا يُقرأ من ظاهر الحدث، بل من عمقه القدَري.﴿ وكان أمر الله قدرًا مقدورًا ﴾ فتربية القرآن ليست فقط على تأصيل المواقف، بل على هندسة التلقّي ذاته، وهذه الآية هي قاعدة في إدارة التوتر الجمعي، وترسيخ الإيمان العميق بأن الحوادث الأرضية مهما عَلت، لا تخرق سقف التدبير الإلهي.
التحليل السياسي من حيث هو، أداة معرفية محمودة، لكنه حين يُفتقد ميزان الضبط، ويتحوّل إلى انفعال يومي، واهتزاز عاطفي، وتخندق مسبق؛ فإنه لا يوصلك إلى الحق، بل يُربك عليك البصيرة، ولهذا، لا يدهشنا أن يقول الدكتور دريو ويستن – أستاذ علم النفس السياسي في كتابه- العقل السياسي: دور العاطفة في تقرير مصير الأمة" "في السياسة، عندما يصطدم العقل والعاطفة، تفوز العاطفة حتماً"
وهنا تأتي اللحظة المفصلية التي يتمايز فيها “الواعي” عن “المُترقّب”، و”المستبصر” عن “المُستهلِك” الواعي يزن الأحداث بميزان السنن الربانية، يُدخل المعلومة من باب المصدر الموثوق، ويُبقي قلبه معلقًا بربّ الأسباب، لا بشاشة التحليل. والمُستهلك، يُفتنه الموج، ويغرق في قراءة الوقائع بلا فقه الغايات، ولا استحضار لعظمة المدبّر.
ومن دقائق الموازنة أن تعلم أن الإيمان بالتدبير الإلهي لا يلغي فقه التحليل، لكنه يُهذّبه، ويجعل من “نظافة المصدر” شرطًا، ومن “بطء الانفعال” فضيلة، ومن “السكينة المعرفية”مطلبًا. ومن آيات الله التي تُرسي الطمأنينة في قلب من يخشى التخبّط: ﴿ والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ﴾
فهو الغالب،ولو كثر الطنين.
وهو المدبّر، ولو تضخّم التفسير.
وهو العالم، وإن جهل المحلّلون.
وفي زمن الملاحقة اللاهثة للأخبار، حيث تتسابق التحليلات، وتتقافز التعليقات، ويُستنفر العقل في كل ساعة لحدث جديد؛ فإن حراسة القلب من التسرع، والعقل من التلقف، واللسان من التبني العجول، غدت من فروض الوقت. ولذا، فالمؤمن الموفَّق هو من يحفظ لقلبه اعتداله، ويغلق نوافذ التلقّي العشوائي، ويتعاهد صفاء وعيه بتصفية المدخلات، ويتعامل مع كل مشهد سياسي بعينين اثنتين: عين تبحث عن الحقيقة، وعين ترقب تدبير الله وتثق بوعده.
ثم هذه بعض منازل النجاة من غواية التشخيص:
١-طهارة المعلومة قبل طهارة الانفعال
لا يليق بعقل المؤمن أن يُدخل في قلبه كل ما يُقال، فالمعلومة شأنها شأن الطعام: لا تُؤكل إلا من يدٍ مأمونة.
٢-فسحة الصمت التأملي
السكون عبادة معرفية، لا تسارع في إبداء الرأي، فبعض السكوت بُعد نظر، وبعض التريث صيانة للبصيرة.
٣-اجتناب صخب المتحمسين
اصطفِ رفقة تتسم بالاتزان، يربطون الحدث بالسنن، لا بالعاطفة، ويزنون الموقف بمقاييس التوحيد لا حرارة اللحظة.
٤- الدعاء بالبصيرة
اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه… فإن زوّاد الطريق في زمن الفتن: يقينٌ وبصيرة.
٥-الحدث خطاب قدَري
لا تتعامل مع الوقائع كأرقام، بل كمرايا ربانية تُعيد ترتيب الوعي، وتستفزّ فيك سؤال التوحيد.
وهنا يكمن الإيمان العميق: أن تجعل ثقتك الأولى في الله، لا في التحليلات، وأن تُدرك أن ما وراء الستار قدرٌ لا يُدركه التقدير البشري، لكن يُطمئن عليه يقين قوله: ﴿ إن ربي لطيف لما يشاء ﴾. فالزم باب الله، وخفّف من زحام المعلومة، وتذكّر دائمًا أن الطمأنينة لا تصنعها الكثرة، بل تصوغها سلامة المدخلات، ونقاء الإيمان، ومراعاة المقام الرباني فوق الحدث الأرضي.
••
••
في كتابه الاستثنائية الإسرائيلية، يقتحم محمد شهيد عَلَم منطقةً ظلّ العقل العربي طويلاً يطوف حولها دون أن يلجها: كيف نجحت الصهيونية في إنشاء كيانها وسط سياقات دولية عجزت فيها حركات مشابهة عن تحقيق أهدافها؟ فلا يكتفي بتتبع الوقائع، بل ينفذ إلى عمق السؤال، ويقلب الروايات المعلّبة، ثم يُنزل مشرط النقد على تفسيرين سائدين:
• الأول: التفسير المؤامراتي، الذي يجعل من المشروع الصهيوني شبحًا غامضًا لا يُفسَّر إلا بالخفاء المريب.
• والثاني: التفسير الحتمي الجيني، القائم على تمجيد ذاتي للصهيونية وتبخيس كامل للذات العربية.
وبعد أن يُسقط المؤلف هذين البناءين، يمضي ليُعرّي خرافة الاستثنائية الصهيونية التي تُلبِس المشروع ثوبًا دينيًا وتاريخيًا لا يقبل النقد، وتمنحه حصانة نفسية من المحاكمة الأخلاقية.
لكن المدهش أن الكتاب لا يكتفي بما يقول الصهاينة عن أنفسهم، بل يستعرض – في مراجعة دقيقة للأستاذ عبدالله الوهيبي – وجها آخر للاستثناء: فإسرائيل هي الكيان الوحيد الذي بقي من عصور الاستعمار، الكيان الوحيد الذي تأسس على التطهير العرقي، والكيان الوحيد الذي لا يزال يرفض الاعتراف بحدود جغرافية محدده!
وأمام هذا التفكيك المنهجي، يعود القارئ إلى لبّ القضية: أن المشروع الصهيوني لم ينجح لأنه أذكى، بل لأنه أُحسن بناؤه ضمن سردية مصنوعة، وسياقات استُثمرت، وسكوتٍ عالميّ صُمِّم بعناية.
كتاب لا يضيف إلى رصيد الغضب، بل يضيف إلى رصيد الفهم، ولا يستنهض الحنجرة، بل يوقظ العقل.
📺 https://youtu.be/vQGg38gBC1w?si=xrqmtlLlJ5wDekO_
••
نسخة من الكتاب
https://www.tg-me.com/takween_ebooks/203
••
في كتابه الاستثنائية الإسرائيلية، يقتحم محمد شهيد عَلَم منطقةً ظلّ العقل العربي طويلاً يطوف حولها دون أن يلجها: كيف نجحت الصهيونية في إنشاء كيانها وسط سياقات دولية عجزت فيها حركات مشابهة عن تحقيق أهدافها؟ فلا يكتفي بتتبع الوقائع، بل ينفذ إلى عمق السؤال، ويقلب الروايات المعلّبة، ثم يُنزل مشرط النقد على تفسيرين سائدين:
• الأول: التفسير المؤامراتي، الذي يجعل من المشروع الصهيوني شبحًا غامضًا لا يُفسَّر إلا بالخفاء المريب.
• والثاني: التفسير الحتمي الجيني، القائم على تمجيد ذاتي للصهيونية وتبخيس كامل للذات العربية.
وبعد أن يُسقط المؤلف هذين البناءين، يمضي ليُعرّي خرافة الاستثنائية الصهيونية التي تُلبِس المشروع ثوبًا دينيًا وتاريخيًا لا يقبل النقد، وتمنحه حصانة نفسية من المحاكمة الأخلاقية.
لكن المدهش أن الكتاب لا يكتفي بما يقول الصهاينة عن أنفسهم، بل يستعرض – في مراجعة دقيقة للأستاذ عبدالله الوهيبي – وجها آخر للاستثناء: فإسرائيل هي الكيان الوحيد الذي بقي من عصور الاستعمار، الكيان الوحيد الذي تأسس على التطهير العرقي، والكيان الوحيد الذي لا يزال يرفض الاعتراف بحدود جغرافية محدده!
وأمام هذا التفكيك المنهجي، يعود القارئ إلى لبّ القضية: أن المشروع الصهيوني لم ينجح لأنه أذكى، بل لأنه أُحسن بناؤه ضمن سردية مصنوعة، وسياقات استُثمرت، وسكوتٍ عالميّ صُمِّم بعناية.
كتاب لا يضيف إلى رصيد الغضب، بل يضيف إلى رصيد الفهم، ولا يستنهض الحنجرة، بل يوقظ العقل.
📺 https://youtu.be/vQGg38gBC1w?si=xrqmtlLlJ5wDekO_
••
نسخة من الكتاب
https://www.tg-me.com/takween_ebooks/203
••