Telegram Web Link
إلهَنا.. ما أعدلك!
مليك كلِّ من ملك..
فأجلها منها مقيم الألسنِ
"حصانك ما كبا ويظل خلفي
حصاني سابقٌ مهما كبا بي"

بيتٌ نرجسيّ لكن أحبّه..
وأَظلمُ أهل الظلمِ من باتَ حاسدًا
لمن باتَ في نَعمائه يتقلّبُ

صدق، صدق، صدق المتنبي.
"ألا أيها المقصود في كل حاجة
شكوت إليك الضر فارحم شكايتي"
كتبت الليلةَ على الطويل:

فوا أسفا حتى متى الدهرُ فاجعُ
وهيهات يُرجى من بلاياه دافعُ

"ألا ليت شعري هل أقول قصيدةً
فلا أشتكي فيها ولا" أتجزّعُ¹

وكانت على الأقدارِ نفسي جليدةً
فيا ليت أيامَ التصبّر ترجعُ

خليليّ ما أقسى الذي أنا حاملٌ
من الهمّ في ما بين هذي الأضالعُ

خليليّ إلا تبكيانِ مُجَرَّحا
يكن عنكما في الأرض منأى ومَفْزَعُ

فتؤويهِ في ليلِ الدياجي هتوفةٌ
ترقّ لشكواه وتبكي وتسجعُ

وتؤنسه أبياتُ شعرٍ يقولها
إذا الليل أضواه وسحّت مدامعُ

ويرفع كفّ السؤلِ لله إنه
لطيفٌ جميل البرّ للشّكْوِ سامعُ

فيارب هذا الحزنُ فتت أضلعي
وأورث هذي الكِبْد حَرّى تَقَطَّعُ

فنَحِّي إلهي الضرَّ عني فإنني
عبيدك قد زادت عليه المواجعُ


(1) البيت للمتنبي مع التصرف في القافية.
سبحان الله..

رأيت في الليلة الماضية أنني في مكان رحب فسيح، وكأنني في وقت السحر أكتب أبياتًا في طول الليل والسهر وتقريح الأجفان، ثم أيقظني صوت أمي يناديني للفجر ولا أذكر من الأبيات غير الرابع الذي كأني أختم به:

فما الصباح ببادٍ عند سُدفتِهِ
فالليل ثاوٍ وجفنُ العين في سهر..

ولعلني قصدت سدفة الليل أي آخره، والعجب أنني كنت في سابع نومة كما يقولون وعقلي الباطن مشغول بالشعر..!
كتبتُ:

ديارٌ قد تَغَشّتْ بالخرابِ
ودمعٌ لا يُكَفْكِفُ يا صِحابي

وقفت بها وهذا الدمعُ مني
يفيضُ على مَغَانِيها اليَبَابِ

وقفت بها أُسَائِلها سؤالًا
وما عَقْلًا سأرجِع بالجوابِ

رسومٌ عَيّةٌ لكن أجابتْ
جوابَ الكَيّسِ الفَطِنِ اللُّبَابِ

أراها أخبرت أَنَّا جميعًا
نسيرُ إلى فناءٍ في رِكابِ

فما للعذْلِ والعذالِ عنّي
أَمَا إنّي سئمتُ من العتابِ

وما يُنْبِيكَ عن هذِي الليالي
كفردٍ عاشَ مثكولَ الشّبابِ

عَرَفتُ الدهرَ عيشًا ذا مَرَارٍ
وذَوّقَنِي من الأَرْيِ الرُضَابِ

فكم طافتْ بيَ الأيامُ طوْفًا
وما جرّبتُ خيرًا من إِيابِ

إلى ربّ العُلا، فاركَنْ إليهِ
مُلازمَ آيِهِ الصَّفْوِ العِذابِ

فقوتُ الروحِ قرآنٌ كريمٌ
وما هو بالطعامِ ولا الشرابِ

ولازمْ سنةَ الهادي نبِيْنَا
ففيها خيرُ قولٍ مُسْتَطَابِ

صلاةُ اللهِ يصحبُها سلامٌ
عليكَ كسحّ فيضٍ من سحابِ

ألا وارحمْ إلهي من توَلّى
عن الدنيا وصار إلى التّرابِ

ولطفًا إنّنا عما قريبٍ
نولّي دورَنا دورَ الخرابِ

"أرانا مُوضِعين لأمرِ غيبٍ"
ونرجو أَمْنَنا يومَ الحسابِ
... ولكن الشعراء والكتّاب أشد إحساسًا وأرق عاطفة وأنفذ نظرًا وأكثر عرفانًا بمقادير أنفسهم، من كل من عداهم."
أبكيكم واحدا واحدا بدمع الأمومة الحار..
يارب، لطفك بالصغار يارب.
ويبلغ بي ألم عظمي حدًّا لا أستطيع معه قبضًا على قلم، أو كسرًا لرغيف خبز، والحمد لله.. تقول الدكتورة أنت كيف عايشة؟ والحق أن:
لو قيل عائشةٌ أقول لقد فنى
عيشي وصبري والإله بصير
دعاءكم في هاته الأيام المُفترحة..
هذا رمضان ينفرط انفراطًا، وهكذا باقي الشهور، وهكذا عمرك، فاحرص على ما ينغعك، واربأ عما تذهب نفسك فيه سُدى.
أذكر "الخزعة" الأداة الحادّة الغليظة يومَ اخترقت لحمي وعظمي بلا تخدير لسحب بعض من نخاع العظم، وأذكر وقتها دوّيي المتألم وبكاء أمي وخالتي أمامي، وما خلفته تلك الخزعة حينها من عرج لا أستطيع معه المشي، ثم أذكر تدهور حالي وهزال جسمي وضناه وشحوب وجهي واصفراره، ثم قولهم: "تستأصل الطحال" فكانت أمي تتلقى صدمة تلو أخرى، وأتلقّى أنا تحليلا وراء آخر، وأنتقل من عيادة لأخرى ومن مشفى لمشفى، حتى ألهم الله أمي أن تقرأ على ماء لأغتسل به، لجأت لهذا بعد قولهم: "لا دواءَ ناجعٌ معك، لا سبب لعرضك أصلا" -والحق أن كلام الله هو أول الأدوية وأنجعها وأنفعها- وهكذا شكاياتي دائما، أوجاعٌ بلا أسباب، وأعراض بلا مسببات، كأنها الروح تُصاب وتمرض، فتُتعب معها الجسد الضعيف، فهذه أيام وليالي أذكرها فأقول سبحانك ربي دفعت عن أمتك ضرًّا لم يجد معه الأطباء حلا سوى"نزع الطحال" فكم أن الإنسان ضعيف، ضعيف بلا ربّ يحميه، يدعوه ويلجأ إليه، ويرفع له كفّ السؤل فلا يردها إلا وقد امتلأت بسؤاله، وقد أجبت مرة على سؤال صديقة لي: "ما أسعد أيام دنياك؟" قلت: "يومًا سمع الله تأوّهات أمي المكلومة، وجعل في رقيتها نفعًا وشفاءً، وكفاني نزعَ عضو من جسدي".
فله الحمد ربنا، ما أوسع نعماءه!
"إن الحزينَ يهيجُه
بعد الذُّهولِ بُكَا الحزينِ"
شاهدت مقطع مُبكي من غزة الصامدة، لطفل يجر كرسي قعيد، حمل عليه عبوات مياه كبيرة، ومن ثِقل ما يجر؛ سقطت بعض العبوات فتعثر وسقط على وجهه.. حاول أن يُلملم نفسه الجريحة وابتسم للمصور ابتسامة من أحرجته الكاميرا؛ لكنه لم يتمالك نفسه فانفجر في البكاء وابتعد عن الكرسي!
بكى لا من ثِقل ما حَمل جسده الضعيف، لكن من ثِقل ما حملته نفسه الكبيرة!
لم أتمالك نفسي من البكاء معه، كم الألم الذي في الفيديو فوق الخيال والله، أطفال وجدوا أنفسهم فجأة يحملون همومًا تفوق قدرات الكبار، وقلوبهم تحمل حزن وأسى أُمة بأسرها.. حتى العجز صاروا عاجزين عنه!
اللهم اغفر تقصيرنا.
2024/05/15 01:29:57
Back to Top
HTML Embed Code: