توفي أبي رحمه اللَّه ورضي عنه والحمد للَّه على قدره كله ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا للَّه وإنا إليه راجعون
رحمة اللَّه عليك حبيبي الحنون
رحمة اللَّه عليك حبيبي الحنون
أهنأُ ساعات الذين آواهم الله تعالى إلى فضله، وكسا قلوبهم الإيمان به، والرضا به ربًّا وبالإسلام دينا، وبسيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه نبيًّا=حينما يصلون ميقات الشوق، وتحين ساعة أجلهم، فيخلعون قميص الجسد وتفارق أرواحهم سجن البدن!
يقول ربنا:" قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المُكرَمين"، وقال تعالى: " فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون"، وقال تعالى:" تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون"
وقد قال ﷺ : "الدنيا سجن المؤمن".
ومن دلائل تلك " السِّجنيَّة": ما يحيطُ الميتَ من سكينةٍ ونورٍ وهدأةٍ بعد مكابدات الدنيا، والخلاص من قسوتها، والنجاة من فتنها، مطمئنا بربه فرحا بلقائه، مسرورا بما أعد الله له من جزاء ومنزلة!
وهذا من كرامة المؤمن على ربه، يكون الموت -وهو أشد شيءٍ على النفس- تُحفة المؤمن؛ لأنه موعد إحرامه بانخلاعه من أثقال الطين وحبس الدنيا، إلى روح وريحان، وجنة نعيم!
يقول ربنا:" قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المُكرَمين"، وقال تعالى: " فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون"، وقال تعالى:" تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون"
وقد قال ﷺ : "الدنيا سجن المؤمن".
ومن دلائل تلك " السِّجنيَّة": ما يحيطُ الميتَ من سكينةٍ ونورٍ وهدأةٍ بعد مكابدات الدنيا، والخلاص من قسوتها، والنجاة من فتنها، مطمئنا بربه فرحا بلقائه، مسرورا بما أعد الله له من جزاء ومنزلة!
وهذا من كرامة المؤمن على ربه، يكون الموت -وهو أشد شيءٍ على النفس- تُحفة المؤمن؛ لأنه موعد إحرامه بانخلاعه من أثقال الطين وحبس الدنيا، إلى روح وريحان، وجنة نعيم!
Forwarded from ||• مدوَّنة (مَحَاسِن) العلميَّة •|| (عبدالرحمن بن محمد الجعلاني)
كتاب خفيف، سهل لطيف، مُترع بلطاف المعاني، ودقاق الاستنباطات، التي تعزّز في قلب العبد مقام (التصديق) بالنبي الأعظم ﷺ، وتبعث فيه مكامن الشوق إليه ﷺ ، ويزداد بها العبد إيمانًا وتعظيمًا لسيدي المُفدَّى أبي القاسم ﷺ!
جزى الله كاتبه خيرًا، ونفع به، وزاده من فضله، وآتاه من علمه!
جزى الله كاتبه خيرًا، ونفع به، وزاده من فضله، وآتاه من علمه!
أنوار هذا الدين العظيم تتجلى في كل شيء، لاسيما في رجفة الحزن، حينما يتكئ القلب على مهادٍ شريفٍ من الرضا بالله، والاطمئنان إلى قدره، والإيمان بالغيب الذي يخترق أسوار اللحظة العابرة، ويُفضي بالروح إلى سعة السكينة!
يقول رب العالمين: " ومن يؤمن بالله يهدِ قلبَه"، فما أصاب العبدَ لم يكن ليُخطئه أبدا!
وما فاته ليس له، وما حُرمَه لم يكن أصلا في صحائف قدره!
وهذا يهب العبدَ زادًا لا يبلى من اليقين، وأن الله تعالى خير وأبقى، وأن ما عند الله خير وأبقى!
فالحمد لله على علمه تعالى الذي اقترن برحمته، وما انفك عن لطفه وحكمته.
يقول رب العالمين: " ومن يؤمن بالله يهدِ قلبَه"، فما أصاب العبدَ لم يكن ليُخطئه أبدا!
وما فاته ليس له، وما حُرمَه لم يكن أصلا في صحائف قدره!
وهذا يهب العبدَ زادًا لا يبلى من اليقين، وأن الله تعالى خير وأبقى، وأن ما عند الله خير وأبقى!
فالحمد لله على علمه تعالى الذي اقترن برحمته، وما انفك عن لطفه وحكمته.
Forwarded from عِرفان
الحُجب كثيرة من المُنسيات والمُلهيات والعوائق والذنوب صغيرها وكبيرها، ولا بد للإنسان من نور يجلو بصيرته، ومن هادٍ يسلك به سبل الخير فيوقظه من غفلته، ويذكره بحقيقته ووجوده وغايته ومصيره، وحقيقة الدنيا وما فيها ومآلات زخرفها وبهرجها وكِذابها الملون البراق!
وليس هذا إلا في كتاب ربنا سبحانه وبحمده، فهو الذِّكر والنور والشفاء والهداية والرحمة..
وتجلي أنوار هذا الكتاب المجيد في شخص سيد الأولين والآخرين وأعلم الخلق بالله تعالى، وهو سيدنا رسول الله ﷺ..فقد كان خُلقه القرآن.
ونعم ..لا بد من غفلة، وعثرة، لكن ما دمت تحفظ مصباحك أن لا يُطْفَأ، وقدمك أن لا تُخطئ الطريق، فأنت في معية النور وعلى صراطه المستقيم:
" وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت " ( تجديد الميثاق).
أعوذ بك من شر ما صنعتُ، ( فزع وانكسار)
أبوء لك بنعمتك عليَّ وأبوء بذنبي ( إقرار وافتقار)
"فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت": ترجمته: لا أطيق الحياة بعيدًا عنك وإن ابتعدتُ يومًا عنك!
وليس هذا إلا في كتاب ربنا سبحانه وبحمده، فهو الذِّكر والنور والشفاء والهداية والرحمة..
وتجلي أنوار هذا الكتاب المجيد في شخص سيد الأولين والآخرين وأعلم الخلق بالله تعالى، وهو سيدنا رسول الله ﷺ..فقد كان خُلقه القرآن.
ونعم ..لا بد من غفلة، وعثرة، لكن ما دمت تحفظ مصباحك أن لا يُطْفَأ، وقدمك أن لا تُخطئ الطريق، فأنت في معية النور وعلى صراطه المستقيم:
" وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت " ( تجديد الميثاق).
أعوذ بك من شر ما صنعتُ، ( فزع وانكسار)
أبوء لك بنعمتك عليَّ وأبوء بذنبي ( إقرار وافتقار)
"فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت": ترجمته: لا أطيق الحياة بعيدًا عنك وإن ابتعدتُ يومًا عنك!
Forwarded from إسلام عفيفي
كان ابن عمر إذا صنع طعاما فمَرَّ به رجلٌ له هيئة لم يَدْعُه، ودعاه بنوه أو بنو أخيه، وإذا مَرَّ إنسانٌ مسكينٌ دَعاه، ولم يدعوه وقال: «يَدْعُونَ مَن لا يشتهيه، وَيَدَعُون من يشتهيه!»
[طبقات ابن سعد، وعنه ابن عساكر في تاريخ دمشق]
Forwarded from إسلام عفيفي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد:
فقد منَّ الله سبحانه وتعالى علي بعقد مجالس: جرد كتاب (الإتقان في علوم القرآن) للسيوطي منذ أشهر أنتهي منه هذا الأسبوع إن شاء الله.
ثم قبل بدء الكتاب التالي له؛ عزمت على بدء:
وتبقى هذه القناة للفوائد المنثورة، المقالات ونحو ذلك.
وأول ما نشرع فيه:
وتبدأ مجالس زاد المسير إن شاء الله: الثلاثاء: 10 ربيع الأول، 1447 هـ / 2 سبتمبر 2025 م
الموعد: بعد صلاة العشاء، الساعة: 9:30 بتوقيت مكة، والقاهرة.
فقد منَّ الله سبحانه وتعالى علي بعقد مجالس: جرد كتاب (الإتقان في علوم القرآن) للسيوطي منذ أشهر أنتهي منه هذا الأسبوع إن شاء الله.
ثم قبل بدء الكتاب التالي له؛ عزمت على بدء:
المجالس الصوتية إن شاء الله في هذه القناة: https://www.tg-me.com/islam_afifi_sawti
وتبقى هذه القناة للفوائد المنثورة، المقالات ونحو ذلك.
وأول ما نشرع فيه:
مجالس قراءة كتاب (زاد المسير في علم التفسير)، لابن الجوزي (ت: 597 هـ)
وتبدأ مجالس زاد المسير إن شاء الله: الثلاثاء: 10 ربيع الأول، 1447 هـ / 2 سبتمبر 2025 م
الموعد: بعد صلاة العشاء، الساعة: 9:30 بتوقيت مكة، والقاهرة.
ويعقبه مجالس أخرى إن شاء الله ننبه عليها قبل بدئها.
والحمد لله رب العالمين، نسأل الله العون والمدد، والتوفيق والسداد.
Telegram
القناة الصوتية🎙️| إسلام عفيفي
تابعة لقناة: @islam_I_afifi
من لم يكن بالله..لا يكون.
وما لم يكن له..لا يدوم!
والعمل لله وحده ثقيل على ابن التراب، ولذلك كان الإخلاص شديدا على النفس، وهو من اسمه دال على أن في النفس من الشوائب والعلائق ما لا فلاح لها إلا بالخلاص منه.
وقد قال شيخ الإسلام سفيان الثوري رضي الله عنه: ما عالجتُ شيئًا أشدَّ عليَّ من نيتي.
فاللهم غوثك وعونك وعافيتك وهدايتك وتوفيقك؛ فإن من نجا فبك وحدك نجاته!
وما لم يكن له..لا يدوم!
والعمل لله وحده ثقيل على ابن التراب، ولذلك كان الإخلاص شديدا على النفس، وهو من اسمه دال على أن في النفس من الشوائب والعلائق ما لا فلاح لها إلا بالخلاص منه.
وقد قال شيخ الإسلام سفيان الثوري رضي الله عنه: ما عالجتُ شيئًا أشدَّ عليَّ من نيتي.
فاللهم غوثك وعونك وعافيتك وهدايتك وتوفيقك؛ فإن من نجا فبك وحدك نجاته!
والوصية بدوام الذكر من آكد ما يجب على السالك الشحيح بعمره الضنين بنفسه، وكان على الضد من ذلك حال المنافق، لا يذكر الله إلا قليلا! أي لا يذكر الله أصلا، أو يذكره تعالى ذكرًا فيه غلبة النفس، واستيلاء التراب، فهو ذكر أسير في قبضة الغفلة، حضرت فيه النفس وحُجب القلب عياذا بالله عن الرب سبحانه وبحمده.
ولذلك كان الرياء من خصال المنافقين؛ لأن المنافق لا يذكر ربه، ومن غفل عن ذكر ربه قحط قلبه، وحضرت الدنيا فأمَّته في كل أفعاله، فهي قبلته وإمامه، متى لاحت له هرول إليها، ومتى نادته أجابها، فارغًا من الذكر، فارغًا من الإخلاص!
فالذكر: شهود المذكور والانشغال به والعمل له واستحضار معيته.
والنفاق صحراء خاوية من الذكر، ملأى بالهوى، والحيرة، وسرابات الضلال !
اللهم أعنا على ذكرك " هذا هو رأس الأمر"
وشكرك: وهذه ثمرته.
وحسن عبادتك: وهذه بركته بدوام الذكر والشكر!
ولذلك كان الرياء من خصال المنافقين؛ لأن المنافق لا يذكر ربه، ومن غفل عن ذكر ربه قحط قلبه، وحضرت الدنيا فأمَّته في كل أفعاله، فهي قبلته وإمامه، متى لاحت له هرول إليها، ومتى نادته أجابها، فارغًا من الذكر، فارغًا من الإخلاص!
فالذكر: شهود المذكور والانشغال به والعمل له واستحضار معيته.
والنفاق صحراء خاوية من الذكر، ملأى بالهوى، والحيرة، وسرابات الضلال !
اللهم أعنا على ذكرك " هذا هو رأس الأمر"
وشكرك: وهذه ثمرته.
وحسن عبادتك: وهذه بركته بدوام الذكر والشكر!
Forwarded from شيخ الإسلام ابن تيمية
رصد لبعض قوالب الغيبة من شيخ الإسلام ابن تيمية.
يقول - رحمه الله -:
«فَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَغْتَابُ مُوَافَقَةً لِجُلَسَائِهِ وَأَصْحَابِهِ وَعَشَائِرِهِ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّ الْمُغْتَابَ بَرِيءٌ مِمَّا يَقُولُونَ أَوْ فِيهِ بَعْضُ مَا يَقُولُونَ؛ لَكِنْ يَرَى أَنَّهُ لَوْ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ قَطَعَ الْمَجْلِسَ وَاسْتَثْقَلَهُ أَهْلُ الْمَجْلِسِ وَنَفَرُوا عَنْهُ فَيَرَى مُوَافَقَتَهُمْ مِنْ حُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ وَطِيبِ الْمُصَاحَبَةِ وَقَدْ يَغْضَبُونَ فَيَغْضَبُ لِغَضَبِهِمْ فَيَخُوضُ مَعَهُمْ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يُخْرِجُ الْغِيبَةَ فِي قَوَالِبَ شَتَّى:
- تَارَةً فِي قَالِبِ دِيَانَةٍ وَصَلَاحٍ فَيَقُولُ: لَيْسَ لِي عَادَةً أَنْ أَذْكُرَ أَحَدًا إلَّا بِخَيْرِ وَلَا أُحِبُّ الْغِيبَةَ وَلَا الْكَذِبَ؛ وَإِنَّمَا أُخْبِرُكُمْ بِأَحْوَالِهِ.
- وَيَقُولُ: وَاَللَّهِ إنَّهُ مِسْكِينٌ أَوْ رَجُلٌ جَيِّدٌ؛ وَلَكِنْ فِيهِ كَيْت وَكَيْت.
- وَرُبَّمَا يَقُولُ: دَعُونَا مِنْهُ اللَّهُ يَغْفِرُ لَنَا وَلَهُ؛ وَإِنَّمَا قَصْدُهُ اسْتِنْقَاصُهُ وَهَضْمٌ لِجَانِبِهِ.
وَيُخْرِجُونَ الْغِيبَةَ فِي قَوَالِبَ صَلَاحٍ وَدِيَانَةٍ يُخَادِعُونَ اللَّهَ بِذَلِكَ كَمَا يُخَادِعُونَ مَخْلُوقًا؛ وَقَدْ رَأَيْنَا مِنْهُمْ أَلْوَانًا كَثِيرَةً مِنْ هَذَا وَأَشْبَاهِهِ.
- وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْفَعُ غَيْرَهُ رِيَاءً فَيَرْفَعُ نَفْسَهُ، فَيَقُولُ: لَوْ دَعَوْت الْبَارِحَةَ فِي صَلَاتِي لِفُلَانِ؛ لَمَا بَلَغَنِي عَنْهُ كَيْت وَكَيْت، لِيَرْفَعَ نَفْسَهُ وَيَضَعَهُ عِنْدَ مَنْ يَعْتَقِدُهُ.
- أَوْ يَقُولُ: فُلَانٌ بَلِيدُ الذِّهْنِ قَلِيلُ الْفَهْمِ؛ وَقَصْدُهُ مَدْحُ نَفْسِهِ وَإِثْبَاتُ مَعْرِفَتِهِ وَأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهُ.
- وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْمِلُهُ الْحَسَدُ عَلَى الْغِيبَةِ فَيَجْمَعُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ قَبِيحَيْنِ: الْغِيبَةِ وَالْحَسَدِ. وَإِذَا أَثْنَى عَلَى شَخْصٍ أَزَالَ ذَلِكَ عَنْهُ بِمَا اسْتَطَاعَ مِنْ تَنَقُّصِهِ فِي قَالِبِ دِينٍ وَصَلَاحٍ أَوْ فِي قَالِبِ حَسَدٍ وَفُجُورٍ وَقَدْحٍ لِيُسْقِطَ ذَلِكَ عَنْهُ.
- وَمِنْهُمْ مَنْ يُخْرِجُ الْغِيبَةَ فِي قَالِبِ تمسخر وَلَعِبٍ لَيُضْحِكَ غَيْرَهُ بِاسْتِهْزَائِهِ وَمُحَاكَاتِهِ وَاسْتِصْغَارِ الْمُسْتَهْزَأِ بِهِ.
- وَمِنْهُمْ مَنْ يُخْرِجُ الْغِيبَةَ فِي قَالِبِ التَّعَجُّبِ فَيَقُولُ تَعَجَّبْت مِنْ فُلَانٍ كَيْفَ لَا يَفْعَلُ كَيْت وَكَيْت وَمِنْ فُلَانٍ كَيْفَ وَقَعَ مِنْهُ كَيْت وَكَيْت وَكَيْفَ فَعَلَ كَيْت وَكَيْت فَيُخْرِجُ اسْمَهُ فِي مَعْرِضِ تَعَجُّبِهِ.
- وَمِنْهُمْ مَنْ يُخْرِجُ الِاغْتِمَام فَيَقُولُ مِسْكِينٌ فُلَانٌ غَمَّنِي مَا جَرَى لَهُ وَمَا تَمَّ لَهُ فَيَظُنُّ مَنْ يَسْمَعُهُ أَنَّهُ يَغْتَمُّ لَهُ وَيَتَأَسَّفُ وَقَلْبُهُ مُنْطَوٍ عَلَى التَّشَفِّي بِهِ، وَلَوْ قَدَرَ لَزَادَ عَلَى مَا بِهِ، وَرُبَّمَا يَذْكُرُهُ عِنْدَ أَعْدَائِهِ لِيَشْتَفُوا بِهِ، وَهَذَا وَغَيْرُهُ مِنْ أَعْظَمِ أَمْرَاضِ الْقُلُوبِ وَالْمُخَادَعَاتِ لِلَّهِ وَلِخَلْقِهِ.
- وَمِنْهُمْ مَنْ يُظْهِرُ الْغِيبَةَ فِي قَالِبِ غَضَبٍ وَإِنْكَارِ مُنْكَرٍ فَيُظْهِرُ فِي هَذَا الْبَابِ أَشْيَاءَ مِنْ زَخَارِفِ الْقَوْلِ وَقَصْدُهُ غَيْرُ مَا أَظْهَرَ. وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ»
📚 مجموع الفتاوى(٢٨/٢٣٨)
يقول - رحمه الله -:
«فَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَغْتَابُ مُوَافَقَةً لِجُلَسَائِهِ وَأَصْحَابِهِ وَعَشَائِرِهِ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّ الْمُغْتَابَ بَرِيءٌ مِمَّا يَقُولُونَ أَوْ فِيهِ بَعْضُ مَا يَقُولُونَ؛ لَكِنْ يَرَى أَنَّهُ لَوْ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ قَطَعَ الْمَجْلِسَ وَاسْتَثْقَلَهُ أَهْلُ الْمَجْلِسِ وَنَفَرُوا عَنْهُ فَيَرَى مُوَافَقَتَهُمْ مِنْ حُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ وَطِيبِ الْمُصَاحَبَةِ وَقَدْ يَغْضَبُونَ فَيَغْضَبُ لِغَضَبِهِمْ فَيَخُوضُ مَعَهُمْ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يُخْرِجُ الْغِيبَةَ فِي قَوَالِبَ شَتَّى:
- تَارَةً فِي قَالِبِ دِيَانَةٍ وَصَلَاحٍ فَيَقُولُ: لَيْسَ لِي عَادَةً أَنْ أَذْكُرَ أَحَدًا إلَّا بِخَيْرِ وَلَا أُحِبُّ الْغِيبَةَ وَلَا الْكَذِبَ؛ وَإِنَّمَا أُخْبِرُكُمْ بِأَحْوَالِهِ.
- وَيَقُولُ: وَاَللَّهِ إنَّهُ مِسْكِينٌ أَوْ رَجُلٌ جَيِّدٌ؛ وَلَكِنْ فِيهِ كَيْت وَكَيْت.
- وَرُبَّمَا يَقُولُ: دَعُونَا مِنْهُ اللَّهُ يَغْفِرُ لَنَا وَلَهُ؛ وَإِنَّمَا قَصْدُهُ اسْتِنْقَاصُهُ وَهَضْمٌ لِجَانِبِهِ.
وَيُخْرِجُونَ الْغِيبَةَ فِي قَوَالِبَ صَلَاحٍ وَدِيَانَةٍ يُخَادِعُونَ اللَّهَ بِذَلِكَ كَمَا يُخَادِعُونَ مَخْلُوقًا؛ وَقَدْ رَأَيْنَا مِنْهُمْ أَلْوَانًا كَثِيرَةً مِنْ هَذَا وَأَشْبَاهِهِ.
- وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْفَعُ غَيْرَهُ رِيَاءً فَيَرْفَعُ نَفْسَهُ، فَيَقُولُ: لَوْ دَعَوْت الْبَارِحَةَ فِي صَلَاتِي لِفُلَانِ؛ لَمَا بَلَغَنِي عَنْهُ كَيْت وَكَيْت، لِيَرْفَعَ نَفْسَهُ وَيَضَعَهُ عِنْدَ مَنْ يَعْتَقِدُهُ.
- أَوْ يَقُولُ: فُلَانٌ بَلِيدُ الذِّهْنِ قَلِيلُ الْفَهْمِ؛ وَقَصْدُهُ مَدْحُ نَفْسِهِ وَإِثْبَاتُ مَعْرِفَتِهِ وَأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهُ.
- وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْمِلُهُ الْحَسَدُ عَلَى الْغِيبَةِ فَيَجْمَعُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ قَبِيحَيْنِ: الْغِيبَةِ وَالْحَسَدِ. وَإِذَا أَثْنَى عَلَى شَخْصٍ أَزَالَ ذَلِكَ عَنْهُ بِمَا اسْتَطَاعَ مِنْ تَنَقُّصِهِ فِي قَالِبِ دِينٍ وَصَلَاحٍ أَوْ فِي قَالِبِ حَسَدٍ وَفُجُورٍ وَقَدْحٍ لِيُسْقِطَ ذَلِكَ عَنْهُ.
- وَمِنْهُمْ مَنْ يُخْرِجُ الْغِيبَةَ فِي قَالِبِ تمسخر وَلَعِبٍ لَيُضْحِكَ غَيْرَهُ بِاسْتِهْزَائِهِ وَمُحَاكَاتِهِ وَاسْتِصْغَارِ الْمُسْتَهْزَأِ بِهِ.
- وَمِنْهُمْ مَنْ يُخْرِجُ الْغِيبَةَ فِي قَالِبِ التَّعَجُّبِ فَيَقُولُ تَعَجَّبْت مِنْ فُلَانٍ كَيْفَ لَا يَفْعَلُ كَيْت وَكَيْت وَمِنْ فُلَانٍ كَيْفَ وَقَعَ مِنْهُ كَيْت وَكَيْت وَكَيْفَ فَعَلَ كَيْت وَكَيْت فَيُخْرِجُ اسْمَهُ فِي مَعْرِضِ تَعَجُّبِهِ.
- وَمِنْهُمْ مَنْ يُخْرِجُ الِاغْتِمَام فَيَقُولُ مِسْكِينٌ فُلَانٌ غَمَّنِي مَا جَرَى لَهُ وَمَا تَمَّ لَهُ فَيَظُنُّ مَنْ يَسْمَعُهُ أَنَّهُ يَغْتَمُّ لَهُ وَيَتَأَسَّفُ وَقَلْبُهُ مُنْطَوٍ عَلَى التَّشَفِّي بِهِ، وَلَوْ قَدَرَ لَزَادَ عَلَى مَا بِهِ، وَرُبَّمَا يَذْكُرُهُ عِنْدَ أَعْدَائِهِ لِيَشْتَفُوا بِهِ، وَهَذَا وَغَيْرُهُ مِنْ أَعْظَمِ أَمْرَاضِ الْقُلُوبِ وَالْمُخَادَعَاتِ لِلَّهِ وَلِخَلْقِهِ.
- وَمِنْهُمْ مَنْ يُظْهِرُ الْغِيبَةَ فِي قَالِبِ غَضَبٍ وَإِنْكَارِ مُنْكَرٍ فَيُظْهِرُ فِي هَذَا الْبَابِ أَشْيَاءَ مِنْ زَخَارِفِ الْقَوْلِ وَقَصْدُهُ غَيْرُ مَا أَظْهَرَ. وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ»
📚 مجموع الفتاوى(٢٨/٢٣٨)
Forwarded from قناة ماجد بن محمد النفيعي (ماجد بن محمد النفيعي)
أخي #طالب_العلم، تعلَّم أن تجُرَّ الناس بخيوط الفضل، ولا تدمن سَحْبَهم بسلاسل وأغلال التأثيم، ما استطعت.
وللتمثيل؛ تأمل الفرق بين رجلين:
طالب علم استوعب ما جاء في فضل صلاة الجماعة في المسجد، وما جاء في ثواب من تطهر في بيته ومشى إلى المسجد ونوى بلُبْثِه في المسجد الاعتكاف ولو مدة صلاته فيه، وما يدعو إليه التبكير من انتظار الصلاة، والدعاء، وقراءة القرآن وغير ذلك، ثم قام يطمِّع الناس في هذا الفضل، ويحذرهم سبيل الحرمان، فأصغت إليه عقول وقلوب، فزاد المواظب ثباتًا، وعزم المفرِّط على ترك التفريط، واستحيا المُصِرُّ، ولم تجد ألسُن المثبطين سبيلًا إليه ولا إلى الخلق؛ لاتفاق الكل على هذا الفضل، وأن الزهد فيه سبيل المخذولين.
وآخر جمع طائفة من أقوال من يوجب شهودها في المساجد، ثم ألقى في الناس جملتها، ونشر نصوصها بينهم، وأنفذ خلالها كلمات الوعيد والتنديد، ولمَّح بين يديها وخلفها إلى التفسيق والتجريح، فقام له المخالف العدل مضطرًّا ليردَّه إلى القول العدل في المسألة، وانتهز المنافق العليم اللسان الفرصة ليضرب أبعاض المسألة ببعضها ويصد الناس عن السبيل، فانطلق الأول يلتمس المزيد من الحجج فلم يقنع بالموجود، وصار ينتزع من القرآن والسنة انتزاع الجاهلين، ويعتضد بكل شاذَّة وفاذَّة. فضاع الفقه، ويطلت الموعظة، وانصرف الناس كلٌّ يعمل بما ألِفه، ولم يسلم المواظب من دبيب الضعف، ولم يعدم المفرِّط من نفخة التأييد.
وأظنك تعرف المحسن من المسيء منهما، وينبغي أن تعرف أن باب (فضائل الأعمال) مما قصَّر في تحصيله كثير من طلبة العلم، وحسبوه بُغية الواعظ والقاص، وأنهم فوقه بما تعاطوه من علم الأحكام ودلائلها وآلاتها، ووالله إن هذا التقصير من آيات ضعف الاشتغال بالعلم، وقرائن ضعف الإخلاص والصدق فيه.
وللتمثيل؛ تأمل الفرق بين رجلين:
طالب علم استوعب ما جاء في فضل صلاة الجماعة في المسجد، وما جاء في ثواب من تطهر في بيته ومشى إلى المسجد ونوى بلُبْثِه في المسجد الاعتكاف ولو مدة صلاته فيه، وما يدعو إليه التبكير من انتظار الصلاة، والدعاء، وقراءة القرآن وغير ذلك، ثم قام يطمِّع الناس في هذا الفضل، ويحذرهم سبيل الحرمان، فأصغت إليه عقول وقلوب، فزاد المواظب ثباتًا، وعزم المفرِّط على ترك التفريط، واستحيا المُصِرُّ، ولم تجد ألسُن المثبطين سبيلًا إليه ولا إلى الخلق؛ لاتفاق الكل على هذا الفضل، وأن الزهد فيه سبيل المخذولين.
وآخر جمع طائفة من أقوال من يوجب شهودها في المساجد، ثم ألقى في الناس جملتها، ونشر نصوصها بينهم، وأنفذ خلالها كلمات الوعيد والتنديد، ولمَّح بين يديها وخلفها إلى التفسيق والتجريح، فقام له المخالف العدل مضطرًّا ليردَّه إلى القول العدل في المسألة، وانتهز المنافق العليم اللسان الفرصة ليضرب أبعاض المسألة ببعضها ويصد الناس عن السبيل، فانطلق الأول يلتمس المزيد من الحجج فلم يقنع بالموجود، وصار ينتزع من القرآن والسنة انتزاع الجاهلين، ويعتضد بكل شاذَّة وفاذَّة. فضاع الفقه، ويطلت الموعظة، وانصرف الناس كلٌّ يعمل بما ألِفه، ولم يسلم المواظب من دبيب الضعف، ولم يعدم المفرِّط من نفخة التأييد.
وأظنك تعرف المحسن من المسيء منهما، وينبغي أن تعرف أن باب (فضائل الأعمال) مما قصَّر في تحصيله كثير من طلبة العلم، وحسبوه بُغية الواعظ والقاص، وأنهم فوقه بما تعاطوه من علم الأحكام ودلائلها وآلاتها، ووالله إن هذا التقصير من آيات ضعف الاشتغال بالعلم، وقرائن ضعف الإخلاص والصدق فيه.
Forwarded from قناة ماجد بن محمد النفيعي (ماجد بن محمد النفيعي)
قاعدة:
"أن للدين علمًا وعملًا إذا صحَّ فلا بدَّ أن يوجب خرقَ العادة إذا احتاج إلى ذلك صاحبه، قال الله تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ▪️ويرزقه من حيث لا يحتسب}، وقال تعالى: {إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا} ...".
(مجموع فتاوى ابن تيمية، ٣٣١/١١)
"أن للدين علمًا وعملًا إذا صحَّ فلا بدَّ أن يوجب خرقَ العادة إذا احتاج إلى ذلك صاحبه، قال الله تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ▪️ويرزقه من حيث لا يحتسب}، وقال تعالى: {إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا} ...".
(مجموع فتاوى ابن تيمية، ٣٣١/١١)
Forwarded from إسلام عفيفي
«والأصل المُهِم في المجاهدة: الوفاء بالعزم، ..
فإنه إن عود نفسَه نكث العزم؛ ألفت ذلك؛ ففسدت!»
[ أبو حامد الغزالي]
فإنه إن عود نفسَه نكث العزم؛ ألفت ذلك؛ ففسدت!»
[ أبو حامد الغزالي]
Forwarded from إسلام عفيفي
وجاء أنه عليه السلام كان يسبح على راحلته حيث كان وجهه يومئ برأسه، أخرجه البخاري ومسلم.
قال مسلم: إلا أنه لا يصلي عليها المكتوبة.
وقال البخاري: إلا الفرائض.
وأما الماشي: فبالقياس على الراكب؛ لأن المشيَ أحدُ السفرين، وأيضًا: فقد استويا في صلاة الخوف؛ فكذا في صلاة النفل.
= والمعنى في جواز ذلك إلى غير القبلة في السفرين- كما قال الخضري - : «أن بالناس حاجةً إلى الأسفار، وهي مظنة المشاق، فلو شرط فيها الاستقبال؛ لترك الناسُ التنفُّلَ فيها، فعفي عنه؛ كما عفي عن القيام».
= وعكس أبو زيد ذلك، فقال: «ولو لم يجز للناس ذلك؛ لترك الناس السفر؛ لاشتغالهم بأورادهم».
قال القفال: «فانظر إلى فضل ما بين الاعتقادين؛ فإن أبا زيد كان رجلًا زاهدًا يقدم أمر الآخرة، والخضري كان مشغولًا بأمر الدنيا؛ فكان يصلي كما يصلي الفقهاء في العادة؛ فلهذا قدم أمر الدنيا، وهذا هو المشهور».
قال مسلم: إلا أنه لا يصلي عليها المكتوبة.
وقال البخاري: إلا الفرائض.
وأما الماشي: فبالقياس على الراكب؛ لأن المشيَ أحدُ السفرين، وأيضًا: فقد استويا في صلاة الخوف؛ فكذا في صلاة النفل.
= والمعنى في جواز ذلك إلى غير القبلة في السفرين- كما قال الخضري - : «أن بالناس حاجةً إلى الأسفار، وهي مظنة المشاق، فلو شرط فيها الاستقبال؛ لترك الناسُ التنفُّلَ فيها، فعفي عنه؛ كما عفي عن القيام».
= وعكس أبو زيد ذلك، فقال: «ولو لم يجز للناس ذلك؛ لترك الناس السفر؛ لاشتغالهم بأورادهم».
قال القفال: «فانظر إلى فضل ما بين الاعتقادين؛ فإن أبا زيد كان رجلًا زاهدًا يقدم أمر الآخرة، والخضري كان مشغولًا بأمر الدنيا؛ فكان يصلي كما يصلي الفقهاء في العادة؛ فلهذا قدم أمر الدنيا، وهذا هو المشهور».
[كفاية النبيه شرح التنبيه لابن الرِّفْعَة (ت: ٧١٠ هـ)]
Forwarded from قناة || عبدالله السليمان
(قد أمللت القارئ، ولم أمل، وحسبي أن يكون ما أثبته نموذجا لما يقاسيه المعنيون بتحقيق الكتب، وإن أحدهم ليتعب نحو هذا التعب في مواضع كثيرة جدا، ولكنه في الغالب ينتهي إلى أحد أمرين:
-إما عدم الظفر بشيء، فيكتفي بالسكوت، أو بأن يقول «كذا» أو نحوها، ولا يرى موجبا لذكر ما عاناه في البحث والتنقيب.
-وإما الظفر بنتيجة حاسمة؛ فيقدمها للقراء لقمة سائغة، ولا يهمه أن يشرح ما قاساه حتى حصل عليها، والله المستعان)
المعلمي في إحدى حواشيه على كتاب الإكمال
———-
(لا شك أن هناك جهدا صامتا للمحقق لا يظهر في التعليقات، فلن يضير المحقق أن تكون تعليقاته قليلة، وهذه حقيقة يعرفها كل من ابتلي بتحقيق النصوص)
الطناحي
———-
(إن محققي النصوص -أيها السادة المنهجيون الموضوعيون- يضعون أمامكم مادة علمية محررة، وفهارس فنية تحليلية للكتب، تعينكم على ما تريدونه من بحث ودرس، فإن بخلتم عليهم بشكر هذا الصنيع، فكفوا أذاكم عنهم، واعلموا أيها السادة أن كبار علماء الأمة -وكذلك كبار علماء الاستشراق- إنما خرجوا من عباءة تحقيق النصوص)
الطناحي
———-
(العناية بأداء النص أقرب ما يكون إلى السلامة هي المهمة الأولى لمحققي الكتب وناشريها، أما التعليق والتفسير فأمر نافلة زائد على طبيعة التحقيق وأمانة الأداء)
عبدالسلام هارون
-إما عدم الظفر بشيء، فيكتفي بالسكوت، أو بأن يقول «كذا» أو نحوها، ولا يرى موجبا لذكر ما عاناه في البحث والتنقيب.
-وإما الظفر بنتيجة حاسمة؛ فيقدمها للقراء لقمة سائغة، ولا يهمه أن يشرح ما قاساه حتى حصل عليها، والله المستعان)
المعلمي في إحدى حواشيه على كتاب الإكمال
———-
(لا شك أن هناك جهدا صامتا للمحقق لا يظهر في التعليقات، فلن يضير المحقق أن تكون تعليقاته قليلة، وهذه حقيقة يعرفها كل من ابتلي بتحقيق النصوص)
الطناحي
———-
(إن محققي النصوص -أيها السادة المنهجيون الموضوعيون- يضعون أمامكم مادة علمية محررة، وفهارس فنية تحليلية للكتب، تعينكم على ما تريدونه من بحث ودرس، فإن بخلتم عليهم بشكر هذا الصنيع، فكفوا أذاكم عنهم، واعلموا أيها السادة أن كبار علماء الأمة -وكذلك كبار علماء الاستشراق- إنما خرجوا من عباءة تحقيق النصوص)
الطناحي
———-
(العناية بأداء النص أقرب ما يكون إلى السلامة هي المهمة الأولى لمحققي الكتب وناشريها، أما التعليق والتفسير فأمر نافلة زائد على طبيعة التحقيق وأمانة الأداء)
عبدالسلام هارون
من شهد مِنَّةَ ربِّ العالمين على العالم باصطفاءِ السَّيِّد المُقَدَّم، والنَّبِيِّ المُعَظَّم؛ سَيِّدِنا محمد صلى الله عليه وسلم= فقصد إلى الإخبار عنه، والإشارة إليه، فليكن حرفه مصبوغا بالنور، محفوفا بالإجلال والتعظيم، فيصطفي أصفى كلمة، وأجَلَّ عِبَارةٍ، وأبْيَنَ الأساليب، وأرفعها منزلةً، فلا يُضْرَبُ له الأمثال، ولا يُجْعَلُ موضعًا للخصومات والجدال، ولا يُدرج كلامه الشريف في مزاح أو هزل.
ولو أوهمَتْ لفظةٌ أو عبارةٌ ما لا يليق به صلى الله عليه وسلم ولو من وراء سبعين ألفَ حجابٍ من حُجُب المجاز=فلتُمحَ فتُطمَس ولا كرامة، تعظيمًا للجناب الشريف، ومَوطنِ الخُلَّةِ والاصطفاء الإلهي المعظم.
ومن تأمل كلام رب العالمين عن عبده وصفيه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم=ارتجفت بوادِرُه من جلال البيان وجلال المقام وجلال المتكلم سبحانه وبحمده، وجلال المشار إليه؛ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإن الرجل ليُعرف دينه ومعدنُ قلبه حين يتكلم عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإن رأيته فارغا من الأدب والإجلال؛ فاعلم أنه محجوب عن النور، محبوس في ردْغة الشقوة والحرمان، عياذًا بالله تعالى. وكلام العلماء سلفًا وخلفا في هذا مستفيض منتشر.
ولقد تذكرت الآن نفرة الأستاذ مصطفى صادق الرافعي رحمه الله من خلو رسائل التعيس أبي رية، من الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له ببصيرة الملهم رحمه الله:
يا أبا رية، إنك تسألني مسائلَ دقيقةً تحتاج إلى الفكر وبسط الجواب..ثم قال:
وقبل هذا الجواب أنبهك إلى أنك كررت في كتابك ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - دون أن تتبع اسمه الشريف بصيغة الصلاة عليه، وهذا سوء أدب لا أقبله أنا من أحد ولا أُقر أحدًا عليه، وأنت حين تقول في كتابك: ((إن الألفاظ ألفاظ محمد)) ؛ لا تكاد تمتاز عن رجل مظلم القلب. نعوذ بالله من هذه الطائفة. فانتبه إلى ذلك، واستغفر الله لنفسك!
***
وقد كان من شأن أبي رية بعد ذلك بعشرين سنةً ما كان ، فخاض في الإفك وتعثر في محاقه!
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه عدد خلقك ورضا نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك.
ولو أوهمَتْ لفظةٌ أو عبارةٌ ما لا يليق به صلى الله عليه وسلم ولو من وراء سبعين ألفَ حجابٍ من حُجُب المجاز=فلتُمحَ فتُطمَس ولا كرامة، تعظيمًا للجناب الشريف، ومَوطنِ الخُلَّةِ والاصطفاء الإلهي المعظم.
ومن تأمل كلام رب العالمين عن عبده وصفيه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم=ارتجفت بوادِرُه من جلال البيان وجلال المقام وجلال المتكلم سبحانه وبحمده، وجلال المشار إليه؛ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإن الرجل ليُعرف دينه ومعدنُ قلبه حين يتكلم عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإن رأيته فارغا من الأدب والإجلال؛ فاعلم أنه محجوب عن النور، محبوس في ردْغة الشقوة والحرمان، عياذًا بالله تعالى. وكلام العلماء سلفًا وخلفا في هذا مستفيض منتشر.
ولقد تذكرت الآن نفرة الأستاذ مصطفى صادق الرافعي رحمه الله من خلو رسائل التعيس أبي رية، من الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له ببصيرة الملهم رحمه الله:
يا أبا رية، إنك تسألني مسائلَ دقيقةً تحتاج إلى الفكر وبسط الجواب..ثم قال:
وقبل هذا الجواب أنبهك إلى أنك كررت في كتابك ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - دون أن تتبع اسمه الشريف بصيغة الصلاة عليه، وهذا سوء أدب لا أقبله أنا من أحد ولا أُقر أحدًا عليه، وأنت حين تقول في كتابك: ((إن الألفاظ ألفاظ محمد)) ؛ لا تكاد تمتاز عن رجل مظلم القلب. نعوذ بالله من هذه الطائفة. فانتبه إلى ذلك، واستغفر الله لنفسك!
***
وقد كان من شأن أبي رية بعد ذلك بعشرين سنةً ما كان ، فخاض في الإفك وتعثر في محاقه!
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه عدد خلقك ورضا نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك.
إن اعتراف العبد بذنبه، حقيقة الاعتراف المتضمن لنسبة السواء والظلم واللوم إليه من كل وجه، ونسبة العدل والحمد والرحمة والكمال المطلق إلى ربه من كل وجه، يستعطف ربه تبارك وتعالى عليه، ويستدعي رحمته له. وإذا أراد أن يرحم عبده، ألقى ذلك في قلبه، والرحمة معه، ولا سيما إذا اقترن بذلك جزم العبد على ترك المعاودة لما يسخط ربه عليه، وعلم الله أن ذلك داخل في قلبه وسويدائه، فإنه لا تتخلف عنه الرحمة مع ذلك.
وفي معجم الطبراني، من حديث يزيد بن سنان الرهاوي، عن سليمان بن عامر، عن أبي أمامة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ:
"إن آخر رجل يدخل الجنة، رجل يتقلب على الصراط ظهرًا لبطن، كالغلام يضربه أبوه وهو يفر منه، يعجز عنه عمله أن يسعى، فيقول: يا رب، بلغ بي الجنة، ونجني من النار.
فيوحي الله تبارك وتعالى إليه: عبدي، إن أنا نجيتك من النار، وأدخلتك الجنة، أتعترف لي بذنوبك وخطاياك؟
فيقول العبد: نعم يا رب، وعزتك وجلالك، إن نجيتني من النار، لأعترفن لك بذنوبي وخطاياي.
فيجوز الجسر، فيقول العبد فيما بينه وبين نفسه: لئن اعترفت له بذنوبي وخطاياي، ليردني إلى النار.
فيوحي الله إليه: عبدي، اعترف لي بذنوبك وخطاياك، أغفرها لك، وأدخلك الجنة.
فيقول العبد: لا، وعزتك وجلالك، ما أذنبت ذنبًا قط، ولا أخطأت خطيئة قط.
فيوحي الله إليه: عبدي، إن لي عليك بينة.
فيلتفت العبد يمينًا وشمالًا، فلا يرى أحدًا، فيقول: أي رب، أرني بينتك.
فينطق الله تعالى جلده بالمحقرات، فإذا رأى ذلك العبد، يقول: يا رب، عندي، وعزتك، العظائم.
فيوحي الله إليه: عبدي، أنا أعرف بها منك، اعترف لي بها، أغفرها لك، وأدخلك الجنة.
فيعترف العبد بذنوبه، فيدخل الجنة."
ثم ضحك رسول الله ﷺ حتى بدت نواجذه، يقول:
*"هذا أدنى أهل الجنة منزلة، فكيف بالذي فوقه."*
[ شيخ الإسلام ابن القيم رضي الله عنه حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح_ ، صفحة ٣٨٢]
وفي معجم الطبراني، من حديث يزيد بن سنان الرهاوي، عن سليمان بن عامر، عن أبي أمامة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ:
"إن آخر رجل يدخل الجنة، رجل يتقلب على الصراط ظهرًا لبطن، كالغلام يضربه أبوه وهو يفر منه، يعجز عنه عمله أن يسعى، فيقول: يا رب، بلغ بي الجنة، ونجني من النار.
فيوحي الله تبارك وتعالى إليه: عبدي، إن أنا نجيتك من النار، وأدخلتك الجنة، أتعترف لي بذنوبك وخطاياك؟
فيقول العبد: نعم يا رب، وعزتك وجلالك، إن نجيتني من النار، لأعترفن لك بذنوبي وخطاياي.
فيجوز الجسر، فيقول العبد فيما بينه وبين نفسه: لئن اعترفت له بذنوبي وخطاياي، ليردني إلى النار.
فيوحي الله إليه: عبدي، اعترف لي بذنوبك وخطاياك، أغفرها لك، وأدخلك الجنة.
فيقول العبد: لا، وعزتك وجلالك، ما أذنبت ذنبًا قط، ولا أخطأت خطيئة قط.
فيوحي الله إليه: عبدي، إن لي عليك بينة.
فيلتفت العبد يمينًا وشمالًا، فلا يرى أحدًا، فيقول: أي رب، أرني بينتك.
فينطق الله تعالى جلده بالمحقرات، فإذا رأى ذلك العبد، يقول: يا رب، عندي، وعزتك، العظائم.
فيوحي الله إليه: عبدي، أنا أعرف بها منك، اعترف لي بها، أغفرها لك، وأدخلك الجنة.
فيعترف العبد بذنوبه، فيدخل الجنة."
ثم ضحك رسول الله ﷺ حتى بدت نواجذه، يقول:
*"هذا أدنى أهل الجنة منزلة، فكيف بالذي فوقه."*
[ شيخ الإسلام ابن القيم رضي الله عنه حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح_ ، صفحة ٣٨٢]
Forwarded from إسلام عفيفي
قال أبو الفضل محمد بن طاهر ابن القيسراني: «وقرأت يوما على أبي إسحاق إبراهيم بن سعيد الحبال الحافظ بمصر جزءا؛ فقلت على العادة: ورضي الله عن الشيخ الحافظ. فقال: لا تقل الحافظ! إنما الحافظ الدارقطني وعبدالغني! [❁]».
• وابن القيسراني: توفي سنة سبع وخمسمئة (ت: ٥٠٧ هـ )
• وأبو إسحاق إبراهيم بن سعيد الحبَّال من أولاد عبيد القاضي الرافضي (ت: ٤٨٢ هـ)
قال أبو علي الصدفي: ولد سنة إحدى وتسعين وثلاثمئة، وسمع من الحافظ عبدالغني بن سعيد في سنة سبع وأربعمئة؛ فكان آخر من سمع منه.
وكانت الدولة الباطنية قد منعوه من التحديث وأخافوه وهددوه؛ فامتنع من الرواية، ولم ينتشر له كبير شيء مع ما قد حصل من الأصول والأجزاء ما لا يوصف كثرة.
قال السِّلَفي: «كان الحبال من أهل المعرفة بالحديث، ومن ختم به هذا الشأن بمصر، لقي بمكة جماعة، ولم يحصل أحد في زمانه من الحديث ما حصله هو»
قال ابن ماكولا: «كان الحبال ثقة ثبتا ورعا»
قال القاضي أبو علي الصدفي: «منعت من الدخول إليه إلا بشرط ألا يسمعني، ولا يكتب إجازة، فأول ما فاتحته الكلام خلط في كلامه، وأجابني على غير سؤالي حذرا من أن أكون مدسوسا عليه؛ حتى بسطته، وأعلمته أني أندلسي أريد الحج؛ فأجاز لي لفظا، وامتنع من غير ذلك».
قال الذهبي: «قبح الله دولةً أماتت السنة ورواية الأثارة النبوية!..»
وقال عبدالله بن حمود الزاهد فيما علقه عنه السلفي: «إنه حضر مجلس الحبال والحديث يقرأ عليه؛ فلم تزل دموعه تجري حتى فرغ القارئ».
• وعبدالغني هو عبدالغني بن سعيد، أبو محمد الأزدي المصري (ت: ٤٠٩ هـ) صاحب (المؤتلف والمختلف)؛ قال: «لما فرغت من تصنيفه، سألني [الدارقطني] أن أقرأه عليه ليسمعه مني؛ فقال عبدالغني: «عنك أخذت أكثره!» قال: «لا تقل هكذا؛ فإنك أخذته عني مفرقا وقد أوردته فيه مجموعا، وفيه أشياء كثيرة أخذتها عن شيوخك». قال: فقرأته عليه.
------------------
[❁] • قرأت لبعضهم أن المقصود في الخبر: عبدالغني المقدسي، وإنما قصد عبدالغني بن سعيد الازدي المصري.
وأين عبدالغني المقدسي وقد توفي سنة ستمئة (ت: ٦٠٠ هـ)!
【أطراف الغرائب والأفراد، لابن القيسراني】
• وابن القيسراني: توفي سنة سبع وخمسمئة (ت: ٥٠٧ هـ )
• وأبو إسحاق إبراهيم بن سعيد الحبَّال من أولاد عبيد القاضي الرافضي (ت: ٤٨٢ هـ)
قال أبو علي الصدفي: ولد سنة إحدى وتسعين وثلاثمئة، وسمع من الحافظ عبدالغني بن سعيد في سنة سبع وأربعمئة؛ فكان آخر من سمع منه.
وكانت الدولة الباطنية قد منعوه من التحديث وأخافوه وهددوه؛ فامتنع من الرواية، ولم ينتشر له كبير شيء مع ما قد حصل من الأصول والأجزاء ما لا يوصف كثرة.
قال السِّلَفي: «كان الحبال من أهل المعرفة بالحديث، ومن ختم به هذا الشأن بمصر، لقي بمكة جماعة، ولم يحصل أحد في زمانه من الحديث ما حصله هو»
قال ابن ماكولا: «كان الحبال ثقة ثبتا ورعا»
قال القاضي أبو علي الصدفي: «منعت من الدخول إليه إلا بشرط ألا يسمعني، ولا يكتب إجازة، فأول ما فاتحته الكلام خلط في كلامه، وأجابني على غير سؤالي حذرا من أن أكون مدسوسا عليه؛ حتى بسطته، وأعلمته أني أندلسي أريد الحج؛ فأجاز لي لفظا، وامتنع من غير ذلك».
قال الذهبي: «قبح الله دولةً أماتت السنة ورواية الأثارة النبوية!..»
وقال عبدالله بن حمود الزاهد فيما علقه عنه السلفي: «إنه حضر مجلس الحبال والحديث يقرأ عليه؛ فلم تزل دموعه تجري حتى فرغ القارئ».
• وعبدالغني هو عبدالغني بن سعيد، أبو محمد الأزدي المصري (ت: ٤٠٩ هـ) صاحب (المؤتلف والمختلف)؛ قال: «لما فرغت من تصنيفه، سألني [الدارقطني] أن أقرأه عليه ليسمعه مني؛ فقال عبدالغني: «عنك أخذت أكثره!» قال: «لا تقل هكذا؛ فإنك أخذته عني مفرقا وقد أوردته فيه مجموعا، وفيه أشياء كثيرة أخذتها عن شيوخك». قال: فقرأته عليه.
------------------
[❁] • قرأت لبعضهم أن المقصود في الخبر: عبدالغني المقدسي، وإنما قصد عبدالغني بن سعيد الازدي المصري.
وأين عبدالغني المقدسي وقد توفي سنة ستمئة (ت: ٦٠٠ هـ)!