#مجالس_الأسئلة_العلمية| المجلس السادس والأربعون
🔹موعد المجلس:
الثلاثاء 21 شوال 1445 هـ، من الساعة التاسعة إلى الساعة العاشرة مساء بتوقيت الرياض.
🔹موضوع المجلس: مسائل في التفسير
🔹 أستقبل أسئلتكم في التعليقات، وأسأل الله التوفيق والسداد.
#مسائل_الفقه
هل يوجد دليل على تقديم أهل القرآن عند التزاحم في دفن الموتى ؟
https://www.imufasser.com/QA/q45100759
#مسائل_الحديث
س: هل حديث: (رحم الله امرءًا صلى قبل العصر أربعا) صحيح؟

الجواب: هذا الحديث رواه أحمد وأبو داوود السجستاني والترمذي من طريق أبي داوود الطيالسي قال: حدثنا محمد بن مسلم بن مهران، أنه سمع جدَّه أبا المثنى يحدث عن ابن عمر أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعاً».

فأما أبو المثنى فهو مسلم بن مهران القرشي مولاهم، كان من التابعين من أصحاب ابن عمر، وكان مؤذن المسجد الجامع بالكوفة.
- قال أبو زرعة الرازي: كوفي ثقة.
- وقال ابن حبان في صحيحه: من ثقات أهل الكوفة.
- وقال في مشاهير علماء الأمصار: كان يهم في الشيء بعد الشيء على ابن عمر.

وأما ابن ابنه محمد بن إبراهيم بن مسلم بن مهران؛ فذكر يعقوب بن سفيان والدارقطني أنه بصري، ونقل البخاري عن أبي داوود الطيالسي أنه كوفي، وكان مؤذن مسجد العريان،
وقال ابن حبان في صحيحه: هو إمام مسجد الأنصار بالكوفة.
وقد اختلف فيه:
- فحدّث عنه شعبة ويحيى بن سعيد القطان، وكانا ينتقيان الرجال، ولم يرضه عبد الرحمن بن مهدي.
- وقال فيه يحيى بن معين: ثقة.
- وقال أبو زرعة الرازي لما سئل عن هذا الحديث الذي رواه: (واهي الحديث).
- وقال أبو حفص الفلاس: (روى عنه أبو داود الطيالسي أحاديث منكرة في السواك وغيره).
- وقال أبو حاتم الرازي: يكتب حديثه.
- وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: كان يخطئ.
- وقال الدارقطني فيه وفي جده: ليس بهما بأس
- وقال ابن عدي: (ليس له من الحديث إلا اليسير ومقدار ما له من الحديث لا يتبين صدقه من كذبه).
- وقال الذهبي: صويلح الحديث.
وذكر البخاري في تاريخه طائفة من أحاديثه ليس فيها نكارة.

فالراجح فيهما ما خلص إليه الدارقطني أنه لا بأس بهما.
وهذا الحديث صححه ابن خزيمة، وابن حبان، وعبد الحق الإشبيلي.
وحسنه الترمذي، والألباني.
وأعله أبو الوليد الطيالسي وابن القطان بما لا يقدح فيه.
- قال ابن أبي حاتم الرازي: سمعت أبي يقول: سألتُ أَبا الوليد الطيالسي عن حديث محمد بن مسلم بن المثنى، عن أبيه، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رحم الله من صلى قبل العصر أربعا، فقال: دع ذي، فقلت: إن أبا داود قد رواه، فقال أَبو الوليد: (كان ابن عمر يقول: حفظت عن النبي صلى الله عليه وسلم عشر ركعات في اليوم والليلة، فلو كان هذا لعدّه).
وهذه ليست علة قادحة؛ فالأحاديث الصحيحة يجمع بينها ولا يعلّ بعضها ببعض ما أمكن الجمع.
وابن عمر عدّ في الحديث الذي ذكره أبو الوليد الطيالسي ما حفظه من السنن الرواتب من فعله كما عدّتها أم حبيبة وعائشة على اختلاف بينهم في العدد، وذكر في الحديث الآخر ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تعارض بينها.
وقد روي عن عائشة وأم حبيبة من تطوّع النبي صلى الله عليه وسلم غير ما روتاه في السنن الرواتب، ولم يكن ذلك علة قادحة.
- قال ابن القيم: (وهذا ليس بعلة أصلاً فإنّ ابن عمر إنما أخبر بما حفظه من فعل النبي صلى الله عليه وسلم لم يخبر عن غير ذلك فلا تنافي بين الحديثين البتة).

وقد روي في الصلاة قبل العصر أحاديث منها الصحيح والضعيف.
1: حديث أبي إسحاق السبيعي، عن عاصم بن ضمرة، قال: سألنا علياً عن تطوع النبي صلى الله عليه وسلم بالنهار؛ فقال: إنكم لا تطيقونه.
قال: قلنا: أخبرنا به نأخذ منه ما أطقنا.
قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الفجر أمهل حتى إذا كانت الشمس من هاهنا - يعني من قبل المشرق - مقدارها من صلاة العصر من هاهنا من قبل المغرب، قام فصلى ركعتين، ثم يمهل حتى إذا كانت الشمس من هاهنا، - يعني من قبل المشرق - مقدارها من صلاة الظهر من هاهنا - يعني من قبل المغرب - قام فصلى أربعا، وأربعا قبل الظهر إذا زالت الشمس، وركعتين بعدها، وأربعا قبل العصر، يفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين، والنبيين ومن تبعهم من المؤمنين، والمسلمين).
قال: قال علي: (تلك ست عشرة ركعة، تطوع النبي صلى الله عليه وسلم بالنهار، وقلَّ من يداوم عليها). رواه أحمد في مسنده بهذا اللفظ، ورواه عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، والترمذي، والنسائي من هذا الطريق بألفاظ متقاربة.
وقد رواه أبو داوود السجستاني مختصراً من طريق حفص بن عمر النمري قال: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل العصر ركعتين.
وهذه الرواية فيها مخالفة لما رواه أكثر الرواة الذين رووا هذا الحديث عن أبي إسحاق السبيعي؛ فقد رووه أربع ركعات.
ورواه محمد بن جعفر ووهب بن جرير ويزيد بن زريع وخالد بن الحارث البصري كلهم عن شعبة، عن أبي إسحاق به، بذكر أربع ركعات.
وعاصم بن ضمرة السلولي ثقة، وثقه عليّ ابن المديني وابن سعد والعجلي.
وقال أحمد: عاصم عندي حجة.
وقال النسائي: لا بأس به.
وقال البزار: صالح الحديث.
وقال ابن حبان: كان رديء الحفظ فاحش الخطأ.
وقال الذهبي: حسن الحديث.
- وقال يحيى بن آدم: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق. قال: جاورنا عاصم بن ضمرة ثلاثين سنة، فما سَمِعتُهُ يحدث حديثاً إلا عن علي). رواه أحمد في العلل.
وحديثه هذا صححه إسحاق بن راهويه، وابن خزيمة واحتجا به، وحسنه الترمذي، وصححه النووي في المجموع، وأحمد شاكر، والألباني.
- قال الترمذي: (وروي عن عبد الله بن المبارك أنه كان يضعّف هذا الحديث، وإنما ضعفه عندنا - والله أعلم - لأنه لا يروى مثل هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه عن عاصم بن ضمرة عن علي، وهو ثقة عند بعض أهل العلم).
وأنكره أبو إسحاق الجوزجاني، وابن تيمية.
ومستند إنكارهم هو تفرد عاصم بن أبي ضمرة به عن عليّ، وتفرّد الثقة ليس بعلّة قادحة فكم من حديث صحيح يحتجّ به، وهو إنما يروى من وجه واحد.

- قال أبو إسحاق الجوزجاني: (فيا لَعباد الله أما كان ينبغي لأحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه يحكي هذه الركعات إذ هم معه في دهرهم، والحكاية عن عائشة رضي الله عنها في الاثنتي عشرة ركعة من السنة، وابن عمر عشر ركعات، والعامة من الأمة أو من شاء الله قد عرفوا ركعات السنة الاثنتي عشرة منها بالليل ومنها بالنهار).
وهذا الاعتراض من أبي إسحاق الجوزجاني أجاب عنه الحافظ ابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب فقال: (تعصّب الجوزجاني على أصحاب عليّ معروف، ولا إنكار على عاصم فيما روى، هذه عائشة أخصّ أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تقول لسائلها عن شيء من أحوال النبي صلى الله عليه وسلم: سل عليا؛ فليس بعجب أن يروي الصحابي شيئاً يرويه غيره من الصحابة بخلافه، ولا سيما في التطوع)ا.هـ
ويضاف إلى ما ذكره ابن حجر أنّ عليّ بن أبي طالب كان من أخصّ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم به، وأعلمهم وأفقههم، وكان بيته بين بيوت النبي صلى الله عليه وسلم، وزوجته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا ينكر أن يعرف من أحوال النبي صلى الله عليه وسلم ما يخفى على كثير من أصحابه.


- وأما اعتراض المعترض بقول ابن القيم رحمه الله: (سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية ينكر هذا الحديث ويدفعه جدا، ويقول: إنه موضوع، ويذكر عن أبي إسحاق الجوزجاني إنكاره).
فالجواب عنه من وجوه:
الوجه الأول: أن الحديث رجاله ثقات ليس فيهم متّهم، قد رواه أبو إسحاق السبيعي، عن عاصم بن ضمرة السلولي، وهو من أصحاب عليّ بن أبي طالب عن عليّ جواباً على سؤال سألوه إيّاه.
وقد رواه عن أبي إسحاق جماعة من الأئمة منهم: الأعمش، وشعبة بن الحجاج، وسفيان الثوري، ومعمر بن راشد، وإسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، والجراح بن مليح والد وكيع، وأبو بكر بن عياش، وعبد الملك بن أبي سليمان العرزمي، وأبو الأحوص سلام بن سليم الكوفي، وأبو خيثمة زهير بن معاوية الكوفي، وغيرهم، وروايات هؤلاء مبثوثة في دواوين السنة.
فلا ريب أنّ أبا إسحاق السبيعي قد حدّث بهذا الحديث، وهو إمام موثق غير متّهم، وعاصم بن ضمرة ثقة غير متهم، وليس في المتن ما ينكر؛ فالقول بالوضع شديد، ولا يقبل إلا بحجة يسلَّم لها، والخطأ والاشتباه على فرد من أهل العلم جائز، وتخطئته مع حفظ مقامه في العلم والفضل أولى من تخطئة جماعة من الأئمة والنقاد.
الوجه الثاني: أنّ هذا الحديث قد صححه جماعة من الأئمة منهم إسحاق بن راهويه، وابن خزيمة، واحتجا به، وصححه النووي في المجموع.
بل نقل الترمذي عن إسحاق بن راهويه أنه قال: (أحسن شيء روي في تطوع النبي صلى الله عليه وسلم في النهار هذا).
- وقال أحمد بن حنبل: حدثنا وكيع، عن أبيه، قال: وقال حبيب بن أبي ثابت لأبي إسحاق حين حدثه: (يا أبا إسحاق! يسوى حديثك هذا ملء مسجدك ذهباً).
الوجه الثالث: أنه لا يقبل الحكم بالوضع إلا أن يكون أحد الرواة متّهماً بالكذب، أو يكون الإسناد ظاهره الصحة وله إسناد آخر يتبيّن به وجود متّهم بالكذب عليه المحمل وأسقطه بعض الرواة في الأسانيد الأخر، وهذا مما لا يتصوّر وقوعه هنا.
فأبو إسحاق السبيعي قد ثبت تحديثه لجماعة بهذا الحديث، وهو غير متّهم على عاصم، وليس بينه وبينه عاصم في هذا الحديث أحد من الرواة، وعاصم قد صرّح بالسماع من عليّ؛ فالإسناد متصل، ولم يعثر على طريق فيه زيادة راوٍ بين إسحاق وعاصم، ولا بين عاصم وعليّ حتى تعصب به تهمة الوضع.

الوجه الرابع: أن الموضوع حديث آخر يروى عن عليّ في هذا الباب، رواه الطبراني في الأوسط من طريق عبد الملك بن هارون بن عنترة، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزال أمتي يصلون هذه الأربع ركعات قبل العصر حتى تمشي على الأرض مغفورا لها مغفرة حتماً»
وعبد الملك بن هارون متهم بوضع الحديث.
والاشتباه والخطأ وانتقال الذهن مما يقع لبعض أهل العلم.
الوجه الخامس: أنّ ابن تيمية وإن كان يضعّف هذا الحديث فهو لا ينكر مشروعية التطوع قبل العصر، بل يرى أنه مستحب، لكنه لا يعدّ ذلك من السنن الرواتب، وهذا موافق لقول أكثر أهل العلم أنهم لا يعدون الركعات الأربع قبل العصر من السنن الرواتب.
- قال ابن تيمية: (وثبت في الصحيح أن أصحابه كانوا يصلون بين أذان المغرب وإقامتها ركعتين وهو يراهم ولا ينهاهم؛ فإذا كان التطوع بين أذاني المغرب مشروعا فلأن يكون مشروعا بين أذاني العصر والعشاء بطريق الأولى؛ لأن السنة تعجيل المغرب باتفاق الأئمة؛ فدل ذلك على أنَّ الصلاة قبل العصر وقبل المغرب وقبل العشاء من التطوع المشروع، وليس هو من السنن الراتبة التي قدَّرها بقوله، ولا داوم عليها بفعله).
- وقول ابن تيمية رحمه الله في موضع آخر: (وأما قبل العصر فلم يقل أحد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل العصر إلا وفيه ضعف، بل خطأ كحديث يروى عن علي أنه كان يصلي نحو ستة عشر ركعة منها قبل العصر وهو مطعون فيه ؛فإنَّ الذين اعتنوا بنقل تطوعاته كعائشة وابن عمر بينوا ما كان يصليه، وكذلك الصلاة قبل المغرب وقبل العشاء لم يكن يصليها).
فهذا النقل فيه أمران:
أحدهما: الحكم بتضعيف كلّ ما يُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من التطوّع قبل العصر.
والآخر: إعلال ذلك بالتفرد.
فأما الإعلال بالتفرد فقد سبق الجواب عليه.
وأما الحكم بتضعيف كل ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من التطوع قبل العصر ففيه نظر.
نعم روي في ذلك أحاديث ضعيفة، وبعضها واهية جداً، وسأذكر طائفة منها، لكن صحّ فيه حديثان:
أحدهما: حديث عاصم بن ضمرة عن علي المتقدم.
والآخر: ما أخرجه ابن خزيمة من طريق إسحاق بن يوسف الأزرق قال: حدثنا الجريري، عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي أربعا قبل الظهر، وركعتين قبل العصر، لا يدعهما قالت: وكان يقول: «نعمت السورتان يقرأ بهما في ركعتين قبل الفجر قل هو الله أحد، وقل يا أيها الكافرون». وإسناده صحيح.
ومن أهل العلم من حمل الركعتين اللتين قبل العصر على أنهما الركعتان اللتان بعد صلاة الظهر، لكن ظاهر السياق يدل على أنها أرادت قبل صلاة العصر وليس قبل دخول وقت العصر، وهو نظير قولها: (قبل الظهر) و(قبل الفجر).

وحديث ابن عمر المتقدم في أول الجواب من قوله لا من فعله.
فهذان حديثان يحتجّ بمثلهما عن ابن عمر، وعن عائشة ، وفيهما التطوع قبل صلاة العصر، وهما ممن ينقل تطوّع النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثهما كالشاهد لحديث عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه في التطوع قبل العصر؛ فهما موافقان له في هذا الجانب لا مخالفين له.


وأما الأحاديث الضعيفة المروية في التطوع قبل العصر فمنها:
1: وحديث يحيى بن سليم الطائفي قال: سمعت محمد بن سعيد المؤذن عن عبد الله بن عنبسة قال: سمعت أم حبيبة بنت أبي سفيان تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من حافظ على أربع ركعات ‌قبل ‌العصر؛ بنى الله عز وجل له بيتاً في الجنة)). رواه أبو يعلى في مسنده.
2: وحديث حجاج بن نصير الفساطيطي قال: حدثنا اليمان بن المغيرة العبدي، عن عبد الكريم أبي أمية، أن مجاهدا أخبره، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: جئت ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في أناس من أصحابه، فيهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فأدركت آخر الحديث، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من صلى أربع ركعات قبل العصر لم تمسه النار». رواه الطبراني، وحجاج بن نصير، وأبو حذيفة منكرا الحديث، وعبد الكريم ضعيف.
3: وحديث علي بن حمزة العتكي قال: حدثنا يزيد بن عبد الله الرازي، عن نافع بن مهران، عن عطاء بن أبي رباح، عن أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صلى أربع ركعات قبل العصر حرم الله بدنه على النار» ، قلت: يا رسول الله قد رأيتك تصلي وتدع، قال: «لست كأحدهم». رواه الطبراني، ونافع بن مهران مجهول.
4: حديث عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب، وقد تقدم ذكره، وهو موضوع.
فهذه الأحاديث ضعيفة لا يحتجّ بها، لكنها لا تدفع حجية الأحاديث الصحيحة المروية في هذا الباب.

وقد اختلف أهل العلم في هذه الركعات الأربع قبل العصر فأكثر أهل العلم على عدم عدّها منها لأن أكثر الأحاديث المروية في السنن الرواتب لم تذكر فيها الركعات الأربع التي قبل العصر، ومن أشهر تلك الأحاديث حديث أم حبيبة، وحديث عائشة، وحديث ابن عمر، إلا رواية في حديث أبي هريرة في صحيح مسلم ورد فيها ذكر ركعتين قبل العصر لكنها على الظن من الراوي.
والخلاصة أنّ صلاة أربع ركعات قبل العصر سنة مستحبة لكنّها غير داخلة في الاثنتي عشرة ركعة المذكورة في أحاديث السنن الرواتب.
- قال ابن قدامة في المغني: (وقوله: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا» ترغيب فيها، ولم يجعلها من السنن الرواتب).
- وقال الحافظ ابن رجب في فتح الباري: (وقد ورد في الأربع ‌قبل ‌العصر أحاديث متعددة، وفي الركعتين أيضاً، واختلفوا: هل يلتحق بالسنن الرواتب؟ والجمهور على انها لا تلتحق بها).
#مجالس_الأسئلة_العلمية| المجلس السابع والأربعون
🔹موعد المجلس:
الثلاثاء 6 من ذي القعدة 1445 هـ، من الساعة التاسعة إلى الساعة العاشرة مساء بتوقيت الرياض.
🔹موضوع المجلس: مسائل علوم القرآن.
🔹 أستقبل أسئلتكم في التعليقات، وأسأل الله التوفيق والسداد.
#مجالس_الأسئلة_العلمية| المجلس الثامن والأربعون
🔹موعد المجلس:
الثلاثاء 13 من ذي القعدة 1445 هـ، من الساعة التاسعة إلى الساعة العاشرة مساء بتوقيت الرياض.
🔹موضوع المجلس: مسائل في التفسير.
🔹 أستقبل أسئلتكم في التعليقات، وأسأل الله التوفيق والسداد.
#مسائل_علوم_القرآن | #مسائل_الرقى
س: مما ينتشر بين الناس وخصوصا بين النساء قراءة سورة البقرة لنيل مطلب دنيوي كالزواج والإنجاب وتفريج الهموم إلى آخره، وبعضهم يحدد تكرارها بعدد معين كأربعين مرة، أو مدة شهر في كل يوم، ويستدلون بحديث فضل سورة البقرة عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (اقرءوا سورة البقرة فإنَّ أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة) رواه مسلم.
سؤالي ما حكم ذلك؟
وهل هي من البدع المحدثة؟ حيث إن الشارع لم يقيد قراءتها بعدد وكذلك قراءتها لأغراض دنيوية.

الجواب:
صحّ الترغيب في قراءة سورة البقرة وتعلّمها وأخذها كما أخذها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
وصحّ في فضلها أحاديث منها الحديث المذكور في السؤال، وهو حديث أبي أمامة صُديّ بن عجلان الباهلي رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه، اقرءوا الزهراوين البقرة، وسورة آل عمران، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو كأنهما غيايتان، أو كأنهما فرقان من طير صواف، تحاجان عن أصحابهما، اقرءوا سورة البقرة؛ فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة». رواه أحمد ومسلم من طريق عن أبي سلام ممطور الحبشي عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه.
وحديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه قال: كنت جالساً عند النبي صلى الله عليه وسلم، فسمعته، يقول: «تعلموا سورة البقرة، فإنَّ أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة» الحديث، رواه أحمد وابن أبي شيبة والدارمي وغيرهم.
فهذه ثلاثة ألفاظ وردت في الحديثين: القراءة، والتعلّم، والأخذ.
فالقراءة سبيل إلى التعلّم، والتعلّم سبيل إلى الأخذ.
واتفق الحديثان على تعليق البركة بالأخذ، لا بالقراءة المجرّدة، ولا بالتعلّم المجرد.
فدلّ الحديثان على أنّ للأخذ معنى أعظم منهما يدخلان فيه، ولا يستقصيانه، وبالأخذ تحصل البركة الموعودة في الحديث.
وإنما يُعرف المراد بالأخذ في الحديثين بمعرفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في أخذ القرآن عامة، وأخذهم سورة البقرة خاصة.
- قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (كان الرجل منَّا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن، والعمل بهن). رواه ابن أبي شيبة وابن جرير من طريق الأعمش، عن أبي وائل، عن ابن مسعود.
- وقال جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: «كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن فتيان حزاورة، فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيمانا» رواه البخاري في التاريخ الكبير وابن ماجة في سننه من طريق حماد بن نجيح، عن أبي عمران الجوني، عن جندب.
- وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنه: «لقد عشنا برهة من دهرنا وإن أحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم فيتعلم حلالها وحرامها، وما ينبغي أن يوقف عنده فيها كما تعلمون أنتم القرآن، ثم لقد رأيت رجالا يؤتى أحدهم القرآن؛ فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما آمره ولا زاجره، ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه، ينثره نثر الدقل». رواه الطحاوي والحاكم، والبيهقي من طريق زيد بن أبي أنيسة، عن القاسم بن عوف الشيباني، عن ابن عمر.
- وقال أبو عبد الرحمن السلمي رحمه الله: «حدثنا من كان يقرئنا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يقترئون من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر آياتٍ فلا يأخذون في العشر الأخرى حتى يعلموا ما في هذه من العلم والعمل قالوا فعلمنا العلم والعمل». رواه الإمام أحمد، وابن سعد في الطبقات، وابن جرير في تفسيره من طرق عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي.
- وقال سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال قال: كان أبو رفاعة العدوي يقول: (ما عزبت عني سورة البقرة منذ علَّمنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذت معها ما أخذت من القرآن، وما وجعت ظهري من قيام الليل قط). رواه ابن سعد في الطبقات، وابن أبي شيبة في مصنفه.

فهذه النصوص ونظائرها تدلّ على أنّ أخذ سورة من القرآن يشمل:
1: تلقيها بالإيمان والتسليم، وذلك يستلزم تصديق ما فيها من خبر، وامتثال أحكامها وهداياتها.
2: وتعلّم ألفاظها ومعانيها وهداياتها.
3: واتباع ما فيها من الهدى.
4: وتلاوتها والقيام بها.
وهذه الأمور يقع فيها التفاضل في الأخذ؛ فمنهم محسن، ومنهم مقصّر.
فمن أحسن أخذ هذه السورة كان حصول الأثر المترتب عليه أعظم، ومن قصّر في الأخذ لم يكن مستحقاً ثواب المحسنين في أخذها، ولم يحرم من بركة أخذها مطلقاً ما دام معه أصل الإيمان بها؛ بل له نصيب من البركة بقدر نصيبه من الأخذ الصحيح؛ فمستقلّ ومستكثر.
وكلَّ ما ينافي الأخذ الشرعي لسورة البقرة لا يتحقق به المطلوب، والنبي ﷺ قد أوتي جوامع الكلم فكان قليل لفظه يدلّ على كثير من المعاني.
- فمن لم يؤمن بهذه السورة، ولم يقبل ما فيها من الهدى لم يكن آخذاً لها.
- ومن هجر تلاوتها والقيام بها لم يكن آخذاً لها.
- ومن أعرض عن تدبرها والتفقه فيها لم يكن آخذاً لها.
- ومن عرف ما فيها من الهدى ولم يتبعه لم يكن آخذاً لها.

وقد جعل الله الإيمان شرطاً للانتفاع بالقرآن؛ فقال تعالى: {قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى}
وإذا كان أصل الإيمان قائماً وأصل اتباع الهدى قائماً فللعبد نصيب من الانتفاع بالقرآن، لكن ينبغي أن نفرّق بين الأخذ الناقص والأخذ الصحيح الذي رغّب فيه النبي صلى الله عليه وسلم.
ولا ينبغي أن يُفهم اشتراط الأخذ التام الكامل فهذا القدر لا يكاد يبلغه إلا نبي أو صديق.

وسورة البقرة عظيمة القدر كثيرة الهدايات، قد تضمنت كثيراً من أحكام الدين في الاعتقاد، والعبادات والمعاملات والمواعظ والقصص والأمثال والآداب؛ فمن تفقه فيها، وعرف ما فيها من الهدى واتبعه فلا ريب أنه قد حصّل علماً غزيراً مباركاً، وارتقى مرتقى عالياً في التفقه في الدين.

- قال يزيد بن هارون الواسطي: أخبرنا حُميد، عن أنس قال: (كان الرجل إذا قرأ: البقرة وآل عمران جدَّ فينا). رواه أحمد، وأصله في الصحيحين.
و(جدّ فينا) أي: عظم شأنه، وارتفع قدره.
وذكر الإمام مالك في الموطّأ أنه بلغه أن عبد الله بن عمر رضي الله عنه مكث على سورة البقرة ثماني سنين يتعلَّمها.

وقد كان لمن أخذ سورة البقرة شأن عظيم عند النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه؛ لأنهم كانوا يعلمون ما فيها من العلم والهدى، ولذلك لمّا كان يوم حنين وتولّى من تولّى خصّ النبي صلى الله عليه وسلم أصحاب سورة البقرة بالدعوة فعادوا عوداً سريعاً لعِظَم الأمانة التي تحمَّلوها بهذه السورة، ولأنهم أوثق أصحابه عنده.
ولذلك جعل الصحابة رضي الله عنهم شعارهم يوم اليمامة: "يا أصحاب سورة البقرة".

ومن الناس من يخطئ في فهم هذا الحديث الوارد في فضل سورة البقرة ويظنّ أنّ القراءة المجرّدة يتحقق بها حصول الجزاء الموعود، بل منهم من يتجاوز ذلك إلى قراءتها لأغراض دنيوية معيّنة كالزواج والوظيفة، ويظنّ أن المداومة على قراءتها بتلك النيّة المعيّنة موجب لتحققها.
بل بعضهم يغلب عليه تخصيص ذلك المقصد لقراءتها، وهذا فيه غفلة كبيرة عن مقصد الحديث، بل يخشى أن يدخل في باب من أبواب البدع؛ فإنّ هذا العمل لم يكن معروفاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من أصحابه رضي الله عنهم.

والأصل أن تكون قراءتها امتثالاً لأمر الله تعالى ورسوله، ورغبة في اتباع ما فيها من الهدى، ثمّ ما يحصل من ثواب دنيوي بعد ذلك فهو تبع، وثمرة من ثمرات اتّباع ما فيها من الهدى.

وما يحكى من قصص وعجائب في الرزق وتيسير الأمور لمن داوموا على قراءة سورة البقرة فبعضه قد يكون صحيحاً لأحد سببين:
الأول: حصول شفاء من مانعٍ كسحرٍ أو عين كان فيه تعويق للقارئ عن كثير من مصالحه.
والثاني: توفيقه لهدى عرفه بقراءة سورة البقرة فاتّبعه وكان له بركة عظيمة عليه في حياته.

والمداومة على قراءة سورة البقرة جائز مشروع، وقد صحّ فعله عن أبي رفاعة العدوي رضي الله عنه كما تقدّم، لكن تعيين أعداد معيّنة لقراءتها لا أصل له، وكذلك اشتراط قراءتها كاملة لا أصل له، بل يكفي قراءة ما تيسّر منها، وكلما كانت القراءة أحسن كانت أحبَّ إلى الله وأعظم أثراً، وذلك يتحقق بتعظيم النية والإخلاص، وإحسان اتّباع الهدى.
2024/05/23 17:48:29
Back to Top
HTML Embed Code: