والثالثة: طبعة مدينة بتافيا (المعروفة الآن ببادوفا) بإيطاليا عام (1698م).

ويلف طبعة البندقية الغموضُ في تحديد تاريخها ومكانها، والجهة المشرفة عليها، ورغم ما يتردد من شك حول اكتشاف نسخة هذه الطبعة، إلّا أن هناك اتفاقاً على أن هذه الطبعة أُتلفت بأمر من البابا.
أما الطبعة الألمانية فقد طبعت بحروف مقطعة، وامتلأت بأخطاء كثيرة.
أما طبعة بتافيا بإيطاليا فقد طبعت بقسمين، قسم يضم نص القرآن الكريم، ثم ترجمته وتعليقات2.
ثم طبع المصحف في "سانت بترسبورغ" في روسيا عام (1787م)، ثم في "قازان" (1848م)، وألحق بهذه الطبعة قائمة فيها بيان الخطأ والصواب3.

وطبع المستشرق الألماني جوستاف فلُوجِل (ت: 1287 / 1870م) طبعة خاصة للمصحف في مدينة "ليبزيغ" في روسيا عام (1834م) بعنوان: "القرآن وهو الهدى والفرقان"، خالف فيه قواعد الرسم العثماني، ولم يعدَّ البسملة والحروف المقطعة في أوائل السور آيات مستقلة، وانتابه أخطاء في الترقيم والطباعة4، ووضع الأرقام الدالة على الآيات في بداية الآية.
ويعد هذا المصحف من المصاحف التي أحدثت تأثيراً في الأوساط الاستشراقية، من حيث الاعتماد عليه في البحوث والترجمات، وتقديمه على غيره.
وهاتان صفحتا الغلاف، وسورة الفاتحة من الصحف المذكور5.

ثم طبع المصحف الشريف في إيران، وفي الهند، وفي تركيا، إلّا أن الملاحظ على تلك الطبعات مخالفتها للرسم العثماني في جملتها.
أما المغرب العربي فقد طبع أول مصحف فيه برواية ورش عن نافع سنة (1296 / 1879م) في المطبعة الحجرية بفاس، المعروفة بمطبعة الحاج الطيب بن محمد الأزرق، بخط مغربي مبسوط مشکول مجدول ووضعت فيه الوقوف على طريقة الـهَبَطي6.
أما في مصر فقد طبع المصحف الشريف بها في عهد محمد علي باشا (ت: 1265) سنة (1249 / 1833م)7، ثم في المطبعة البهية في القاهرة سنة (1308 / 1890م) برواية حفص عن عاصم عن النسخة التي كتب أصول قواعدها الشيخ المقرئ أبو عيد رضوان بن محمد المخلِّلاتي (ت: 1311)، الذي التزم قواعد الرسم العثماني، وصدَّره بمقدمة كاشفة لأهم مقتضيات الرسم والضبط، وعدِّ الآي، والوقف والابتداء.
وبقي هذا المصحف منتشراً في مصر8 إلى أن وضع الشيخ محمد بن علي بن خلف الحُسيني الشهير بالحداد، شيخ المقارئ المصرية في وقته (ت: 1357) أصول كتابة مصحف وَفْق قواعد الرسم العثماني وضبطه برواية حفص عن عاصم، وكتب حروفه الخطاط محمد جعفر بك، واشتهر باسم "مصحف الملك فؤاد" أو "المصحف الأميري".

وظهرت طبعته الأولى سنة (1342/ 1923م)، وتُلقِّيت بالقبول، وكانت أساساً -بعد ذلك- لطبعات المصحف برواية حفص عن عاصم في العالم الإسلامي.

ثم تلا هذه الطبعة عدة طبعات طبعت بمصر، مثل مصحف الأزهر، ومصحف الشَّمَرْلي.
وبعد ذلك توالت طبعات المصاحف في العراق، والشام، والحجاز، والهند، وباكستان، وغيرها من البلدان العربية والإسلامية.
وأول ما طبع المصحف في المملكة العربية السعودية على يد الخطاط المكي محمد طاهر الكردي (ت: 1400)، الذي كتبه بخطه إبَّان الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945م) ، وأحضر لوازم كتابته من مصر، وصدرت طبعته الأولى عام (136، بعد مراجعته واعتماده من لجنة من كبار العلماء في مكة، كان منهم: الشيخ أحمد حامد التيجي الرِّيدي (ت: 1368 شيخ​ القراء في مكة في ذاك الوقت وأحد تلاميذ الشيخ الضباع، والشيخ عبد الظاهر محمد نور الدين أبو السمح (ت: 1370) إمام الحرم المكي، وأشرف على تصحيحه النهائي الشيخ علي محمد الضباع (ت: 1380) شيخ المقارئ المصرية في وقته.
وقد ذكر قصة كتابة هذا المصحف الشريف الأستاذ محمد علي مغربي (ت: 1417)، في كتابه "أعلام الحجاز في القرن الرابع عشر للهجرة"9 ، ووردت كذلك في التعريف بالخطاط الكردي في مقدمة تاريخه عن مكة المكرمة المسمَّى : "التاريخ القويم لمكة وبيت الله الكريم"10.

ومع أن الخطاط الكردي كتب هذا المصحف بالرسم العثماني، ويذهب إلى وجوب اتباعه، وتقليد أئمة القراءات والرسم في هذا السبيل11، إلا أنه كان يرى أن رسم المصحف العثماني غير توقيفي، واستدلَّ على هذا الرأي بخمسة أدلة12.
وبعد ثلاثين عاماً من طباعة "مصحف مكة المكرمة"، طبع مصحف آخر في مدينة جدة عام (1399) بمطابع الروضة، وهذا المصحف انتشر انتشاراً محدوداً13.
وبدأت المصاحف تأتي إلى المملكة العربية السعودية من مصر وغيرها، كتلك المطبوعة في مطبعة الشَّمَرلي في القاهرة، التي طبعت المصحف بأحجام مختلفةِِ وانتشر في الآفاق.
وقبل ما يقارب الثلاثين عاماً، وتحديداً قبل سنة (1406) كنت لا تجد في الحرمين الشريفين وغيرهما من المساجد في المملكة غير طبعة الشمرلي، التي كانت سائدة، ولذلك فإنَّ معظم الحفاظ قبل هذا التاريخ حفظوا على طبعة الشَّمَرلي، والجيل المتأخر -ممن اعتنى بحفظ القرآن الكريم- حفظ على طبعة "مصحف المدينة النبوية" الذي كتبه الخطاط عثمان عبده طه، في نسخته الأولى التي طبعت قبل عام (1422)، والذي كتب أيضاً مخطوطته الثانية التي طبعت منذ العام المذكور.
وقد راعى في كتابة مخطوطتي "مصحف المدينة النبوية" أن تكون كل صفحة موجهة: تبدأ بآية وتنتهي كذلك بنهاية آية مثلما فعل الخطاط محمد طاهر الكردي في "مصحف مكة المكرمة".
وانطلق خطاط مصحف المدينة النبوية في كتابة المخطوطة الثانية من قناعة تعتمد على مبدأ ما يناسب خطّ الكلمة القرآنية، وقام بتطويع ميزات الخط العربي ومرونته؛ ليتناسب مع أشكال الكتابة المتعددة، بحيث يعطي الحرف القرآني قدراً كافياً من الوضوح، فلا يتلاصق مع ما قبله أو ما بعده، مع مراعاة مَساقِط الحركات بأقياسها فوق الحروف؛ ليصوغ بهذه الخبرة والمهارة خطاً مبدِعاً ترتاح له العيون في تلاوة كتاب الله .

والحمد لله رب العالمين​


-----------------
1 -​ انظر: مدخل إلى تاريخ نشر التراث العربي (25).
2 - انظر تاریخ طباعة القرآن الكريم بالعربية في أوروبا (516 - 524). وصور الطبعات الثلاث المذكورة مقتبسة منه.​​
3 - انظر: الطباعة العربية في قازان (510 - 511). وصورة مصحف قازان المثبتة أعلاه مقتبسة منه.​
4 - انظر: القرآن الكريم من المنظور الاستشراقي (205 - 206).​
5 - من نسخة خاصة محفوظة عندي على قرص (cd).
6 - تاريخ المصحف الشريف بالمغرب لمحمد عبد الهادي المنوني (38.
7 - تاريخ مطبعة بولاق لأبي الفتوح رضوان (282)​.
8 - قال الشيخ القاضي رحمه الله: "وكان هذا المصحف هو المتداول بين أهل العلم والقراء، المعول عليه هندهم، المقدم دون سائر المصاحف... ، بيد أنه لم يبرز في صورة حسنة تروق الناظر، وتنشط القارئ؛ لرداءة ورقه، وسوء طبعه، إذ إنه طبع في مطبعة حجرية". تاريخ المصحف الشريف (58.
9 - (316/2 - 322).
10 - (6/1 - 12).
11 - تاريخ القرآن وغرائب رسمه وحكمه (153)، وتاريخ الخط العربي وآدابه (438.
12 - تاريخ القرآن وغرائب رسمه وحكمه (131-136).
13 - كتابة المصحف الشريف وطباعته (65).

من ص 114 إلى ص 121

إذا شئت يوما أن تسود عشيرة ... فبالحلم سد لا بالتسرع والشتم

روضة العقلاء

من ظن بالله خيرا
نـــال مــطــلــبـــه

#سلسلة_الإصدارات_الجديدة

المجموعة الأولى من:

رسائل تراثية

1 - دلائل القبلة في جميع البلدان
للإمام
ابن سراقة العامري (في حدود 410).

2 - فتوى في حكم نكاح نساء اليهود والنصارى وأكل طعامهم
للحافظ
أبي الفضل أحمد بن علي ابن حجر العسقلاني 852

3 - فتاوى حديثية فقهية
للحافظ
أبي الفضل أحمد بن علي ابن حجر العسقلاني 852

4 - فتيا في ثواب الكافر عن عمله في الآخرة
للحافظين
أبي الفضل أحمد بن علي ابن حجر العسقلاني 852
و
أبي التقى صالح بن أحمد البلقيني المصري 868

5 - فتيا في قُضاة النبي صلى الله عليه وسلم في حياته
للحافظ
محمد بن يوسف الصالحي الشامي 942

جميعها وحققها وعلق عليها
حاتم بن محمد فتح الله

طباعة دار الخزانة للنشر والتوزيع

#سلسلة_الإصدارات_الجديدة

قاعدة
في
زيارة بيت النقدس

وفيها

فتيا
في
تسمية العامة المسجد الأقصى وحجرة الخليل حرما

تصنيف
شيخ الإسلام أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية رحمه الله 728

قرأها وعلق عليها
حاتم بن محمد فتح الله

طباعة دار الخزانة للنشر والتوزيع

#سلسلة_الإصدارات_الجديدة

4 رسائل علمية (دكتوراه)

توفيق الله
في الرد
على
حكم ابن عطاء الله

تأليف العلامة
أبي زيد عبد الرحمن النتيفي رحمه الله 1385

تحقيق مجموعة من الباحثين بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية
عز الدين بن عبد القادر الصغير
وليد بن عثمان فلاتي
ربيع بن طاهر الجلوب
لؤي بن غالب الصمادي

طباعة دار الميراث النبوي
عدد المجلدات 05 مجلدات
طبعة فاخرة على ورق أصفر شاموا

يعتبر هذا الكتاب أوسع رد على كتاب الحكم العطائية لأحمد بن محمد بن عبد الكريم المشهور بابن عطاء الله السكندري الصوفي الشاذلي (709) وكذا شرحيه لكل من: ابن عباد النفزي (792) وابنِ عجِيبة (1224)

وتظهر أهمّية الكتاب المحقّق من عدة جهات:
- أنّه ردٌّ عقديٌّ سنّيٌّ، على أحَد أشهَر الكُتُب الصُّوفية والذي يعتبر صاحبه من الصوفية الغلاة، مع أهمِّ شروحه، وشَمِل الرّدُّ: التنبيه على الانحرافات التي وقعُوا فيها، والردّ عليها بالوحي والعقل.
- الرد من خبير حيث أنه خير الطرق الصوفية عن قرب وعرف مشاربهم ومداخلهم، بل قال: أنه خدمها عشرين سنة.
- وقت تأليف الكتاب حيث أنه ألفه قبل 4 سنوات من وفاته رحمه الله = تمكنه نت العقيدة السلفية وبعده عما كان عليه.
- أهميته في أهمية الكتاب المردود عليه فكتاب الحكم مهم عند الصوفية وبالأخص الشاذلية، حتى قيل كادت حكم ابن عطاء الله أن تكون وحيا (عياذا بالله).

وقد كان من أشد أعداء شيخ الإسلام ابن تيمية وكان ممن ادعى عليه عند السلطان وحرض عليه السفهاء.

والله الموفق