Telegram Web Link
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
574- أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: مَن أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ، فقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ.
الراوي : أبو هريرة.
المحدث : صحيح البخاري..الرقم: 580.
------------------
أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: مَن أَدْرَكَ مِنَ الصُّبْحِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ، ومَن أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ العَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ، فقَدْ أَدْرَكَ العَصْرَ.
الراوي: أبو هريرة.
المحدث: صحيح البخاري..الرقم: 579.
------------------
شرح الحديث:
الصَّلاةُ عِبادةٌ توقيفيَّةٌ، وقدْ حدَّد النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مواقيتَها وبيَّنَ أوَّلَ وقتِها وآخِرَه، وكيف تُدرَكُ.وفي هذا الحَديثِ بيانٌ لجانبٍ مِن تَيسيرِ شريعةِ الإسلامِ في إدراكِ الوَقتِ، حيثُ يُبيِّنُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَن أَدرَكَ مِن صَلاةِ الصُّبْحِ -وهي صَلاةُ الفَجرِ- رَكْعةً قبْلَ أنْ تَطلُعَ الشَّمسُ، وذلك إنْ كان المصَلِّي بدَأ الصلاةَ قبْلَ طُلوعِ الشمسِ وأدْرَك منها رَكعةً ثُمَّ طَلَعتِ الشَّمسُ، فَقَد صلَّى الصلاةَ كلَّها في وَقتِها أداءً، وكذلِك مَن أَدرَكَ رَكعةً مِن صَلاةِ العَصرِ قبْلَ أن تَغرُبَ الشَّمسُ، وذلك إنْ كان المصَلِّي بدَأ الرَّكعةَ قبْلَ الغُروبِ ثُمَّ وهو يُتِمُّ صَلاتَه بالثَّلاثِ الرَّكعاتِ المُتبقِّيةِ غَرَبتْ الشَّمسُ، فقد صلَّاها في وقتِها أداءً، ولم يَخرُجْ به الوقتُ، وعلى هذا فهو مدرِكٌ للفضلِ والأجرِ. والمُرادُ بالرَّكعةِ هنا الرَّكعةُ الكاملةُ، برُكوعِها وسُجودِها، والصَّلاةُ قد تُسَمَّى ركُوعًا كما سُمِّيتْ سجودًا. وقيل: إنَّ المرادَ بالرَّكعةِ في قولِه: «مَن أَدْركَ مِن الصُّبحِ رَكْعةً» حقيقةُ الرُّكوعِ لا الركعةُ الكامِلةُ، والإدراكُ إذا تَعلَّقَ به حُكمٌ في الصَّلاةِ يَستوي فيه الركعةُ وما دُونها فيُجزِئُ الإدراكُ بتكبيرةِ الإحرامِ؛ فهو إدراكُ حُرمةٍ فاستوَى فيه الركعةُ والتكبيرةُ.وهذا في حَقِّ مَن كان مَعذورًا عن إدراكِ وَقتِ الفَريضةِ في أوَّلِه، فله أنْ يُصلِّيَ في آخِرِه ويُدرِكَ أداءَ الصَّلاةِ قبْلَ الشُّروقِ وقبْلَ الغُروبِ، وإلَّا فإنَّ أفْضلَ الأعمالِ الصَّلاةُ على وقتِها.وقيل: إنَّ المُرادَ مِن الحَديثِ: أنَّ مَن كان بصِفةِ المكلَّفِينَ وأدرَكَ مِقدارَ رَكعةٍ مِن الوقتِ قبْلَ أن تَطلُعَ الشَّمسُ فقد أدرَك وُجوبَ الصُّبحِ، وإنَّما ذلك في أهلِ الأعذارِ؛ الحائضِ تَطهُرُ، والمجنونِ يُفيقُ، والنَّصرانيِّ يُسلِمُ، والصبيِّ يَحتلِمُ، وعلى هذا فهو مدرِكٌ لوُجوبِ الصَّلاةِ.وفي الحديثِ: أنَّ مَن صلَّى رَكعةً مِن الفَجرِ ثمَّ طلعَتِ الشمسُ قبْلَ أن يُتِمَّ صَلاتَه فقد أدرَكَ الوقتَ وصحَّتْ صَلاتُه أداءً، وكذلك العَصرُ.
..
574- أنَّها كانَتْ تَغْتَسِلُ هي والنبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في إناءٍ واحِدٍ.
الراوي : ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين.
المحدث : صحيح مسلم..الرقم: 322.
-----------------
قَدِمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن سَفَرٍ، وعَلَّقْتُ دُرْنُوكًا فيه تَمَاثِيلُ، فأمَرَنِي أنْ أنْزِعَهُ، فَنَزَعْتُهُ.
وَكُنْتُ أغْتَسِلُ أنَا والنبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن إنَاءٍ واحِدٍ.
الراوي: عائشة أم المؤمنين.
المحدث: صحيح البخاري..الرقم: 5955.
------------------
شرح الحديث:
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُخوِّفُ أصْحابَه ممَّا يُغضِبُ اللهَ عزَّ وجلَّ، ومن ذلك التصاويرُ التي يُقصَدُ بها مُشابَهةُ خَلقِ اللهِ عزَّ وجَلَّ، واتخاذُ هذه الصُّوَرِ في الأستارِ والملابِسِ ونَحوِها.
وفي هذا الحديثِ تُخبِرُ أمُّ المُؤمِنينَ عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها أنَّه لَمَّا قَدِم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن سَفَرٍ، وَجَدها رضِيَ اللهُ عنها قدْ علَّقَتْ دُرْنُوكًا فيه تَمَاثِيلُ -وهو ما يُصنَعُ ويُصَوَّرُ مُشَبَّهًا بخَلْقِ اللهِ تعالى من ذواتِ الرُّوحِ-، فأمَرَها أنْ تَنْزِعَه، فنَزَعَتْه رضِيَ اللهُ عنها، والدُّرْنُوكُ: ثوبٌ غليظٌ إذا فُرِشَ فهو بِساطٌ، وإذا عُلِّقَ فهو سِترٌ.
فالنَّهيُ عن تصويرِ ما فيه رُوحٌ، وتعليقِه على حائطٍ، أو لُبسِه في ثوبٍ، أو عمامةٍ، أو نحوِ ذلك؛ فكُلُّ هذا منهيٌّ عنه. وأمَّا الوِسادةُ ونَحوُها ممَّا يُمتَهَنُ فلا شَيْءَ فيه، وقد ورد ذلك في حديثٍ آخَرَ في الصَّحيحينِ عن أمِّ المُؤمِنينَ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: «قَدِمَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن سَفَرٍ، وقدْ سَتَرْتُ بقِرَامٍ لي علَى سَهْوَةٍ لي فِيهَا تَمَاثِيلُ، فَلَمَّا رَآهُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هَتَكَهُ، وقالَ: أشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَومَ القِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بخَلْقِ اللَّهِ. قالَتْ: فَجَعَلْنَاهُ وِسَادَةً أوْ وِسَادَتَيْنِ».
وفي الحَديثِ: إنكارُ المُنكَرِ في وَقتِ رُؤيتِه وعَدَمُ التراخي في ذلك.
ثم أخبَرَت أمُّ المُؤمِنينَ عائشةُ رَضِيَ اللهُ عنها أنها كانت تغتَسِلُ مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من الجَنابةِ أو غيرِها مِن إنَاءٍ واحِدٍ، وتشاركُه فيه، فيأخُذانِ منه معًا.
وفي الحَديثِ: حُسْنُ أخْلاقِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مع أهْلِه ولُطفُ مُعاشَرَتِه. وفيه: عدَمُ التَّكلُّفِ في الغُسلِ مِن أكثرَ مِن إناءٍ للرَّجُلِ وزَوجتِه.
وفيه: مشروعيَّةُ اغتِسالِ الرَّجُلِ مع زوجتِه.
..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
575- شَهِدَ عِندِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ وأَرْضَاهُمْ عِندِي عُمَرُ، أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حتَّى تَشْرُقَ الشَّمْسُ، وبَعْدَ العَصْرِ حتَّى تَغْرُبَ.
الراوي : عمر بن الخطاب.
المحدث :صحيح البخاري..الرقم: 581.
-------------------
سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ -وَقَدْ غَزَا مَعَ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً- قَالَ: أَرْبَعٌ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ -أَوْ قَالَ: يُحَدِّثُهُنَّ عَنِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَأَعْجَبْنَنِي وَآنَقْنَنِي-: أَلَّا تُسَافِرَ امْرَأَةٌ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ لَيْسَ مَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ، وَلا صَوْمَ يَوْمَيْنِ: الفِطْرِ وَالأَضْحَى، وَلا صَلاةَ بَعْدَ صَلاتَيْنِ: بَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِي، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى.
الراوي: أبو سعيد الخدري.
المحدث: صحيح البخاري.. الرقم: 1864.
------------------
شرح الحديث:
لقدْ حرَصَ الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم على القُربِ مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ ليَنهَلوا مِن عِلمِه، ولِيَهتَدُوا بهَدْيِه، وقد نَقَلوا لنا ما تَعلَّموه منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ لِنَسيرَ على دَرْبِه، وقد علَّمَهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كلَّ خَيرٍ في كلِّ أُمورِهم.
وفي هذا الحديثِ يَذكُرُ التابعيُّ قَزَعةُ مَولى زِيادٍ أنَّه سَمعَ أبا سعيدٍ الخُدْريَّ رَضيَ اللهُ عنه -وقد غَزا مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ (12) اثْنتَيْ عشْرةَ غَزْوةً- يُحدِّث عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأربعِ كَلماتٍ تَشتمِلُ على قَضايا وأحكامٍ شَرعيَّةٍ، وأنَّ هذه الأربعَ قدْ أَعجَبْنَه وآنَقْنَه، والكَلمتانِ بمعنًى واحدٍ، وهو التَّعجُّبُ، وإنَّما جاز تَكرارُ المعنى لاختلافِ اللَّفظِ، والعربُ تَفعَلُ ذلك كثيرًا للبَيانِ والتَّأكيدِ، أو معْنى «آنَقَه»: أفْرَحَه وسَرَّه.
فأوَّلُ هذه الأَربعةِ: منْعُ المرأةِ مِن السَّفرِ مَسيرةَ يَومينِ بدُونِ زوجِها أو أحدِ مَحارِمِها، والمحرَمُ للنِّساءِ: مَن حُرِّمَتْ عليه تَحريمًا مُؤبَّدًا بسَببٍ مُباحٍ لحُرْمَتِها؛ كالابنِ والأبِ، وابنِ الأخِ وابنِ الأختِ، والعمِّ والخالِ، ونحوِ ذلك، وقد ورَدَ في الصَّحيحَينِ مِن حَديثِ أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه: «مَسيرةَ يَومٍ ولَيلةٍ»، وفي الصَّحيحَينِ مِن حَديثِ ابنِ عمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما: «مَسيرةَ ثَلاثةِ أيَّامٍ»، ولا تَناقُضَ أو خِلافَ؛ لأنَّ الكلامَ اختلَف باختِلافِ السَّائلين والأشخاصِ، وليس في هذا كلِّه تَحديدٌ لأقلِّ ما يقَعُ عليه اسمُ السَّفرِ، ولم يُرِدْ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تحديدَ أقلِّ ما يُسمَّى سفَرًا؛ فالحاصلُ: أنَّ كلَّ ما يُسمَّى سفَرًا تُنهى عنه المرأةُ بغير زوجٍ أو محرَمٍ، سواءٌ كان ثلاثةَ أيَّامٍ، أو يَومينِ، أو يومًا، أو نِصفَ يومٍ، أو غيرَ ذلك. وقُصِرَتْ مُرافقةُ المَرأةِ في سَفرِها على الزُّوجِ وذِي المَحارِمِ فقط؛ لكونِ ذلك أحْفظَ لنفْسِها وعِرْضِها ومالِها؛ لضعْفِها وقِلَّةِ حِيلتِها؛ ولأنَّ المرأةَ فِتنةٌ ومَظِنَّةُ الطَّمعِ فيها ومِظِنَّةُ الشَّهوةِ، إلَّا فيما جَبَلَ اللهُ النُّفوسَ عليه مِن النُّفرةِ عن مَحارمِ النَّسبِ.
ثانيها: النهْيُ عن صَومُ يومِ عيدِ الفِطرِ ويومِ عيدِ الأضحى، ونَهى عن صِيامِ يومِ الفطْرِ؛ ليَحصُلَ الفصْلُ بيْن الصَّومِ والفِطرِ، ويومِ الأضْحى؛ لأنَّ فيه دَعوةَ اللهِ التي دَعا عِبادَه إليها مِن تَضييفِه وإكرامِه لأهْلِ مِنًى وغيرِهم بِما شَرَعَ لهم مِن ذبْحِ النُّسكِ والأكْلِ منها، وسَواءٌ صامَهما المسلِمُ عن نَذرٍ، أو تَطوُّعٍ، أو كفَّارةٍ، ولو نذَر صَومَهما لم يَنعقِدْ نَذرُه؛ لأنَّه نَذْرٌ بمَعصيةٍ.
ثالثُها: النَّهْيُ عن الصَّلاةِ بعد العَصرِ حتَّى تغرُبَ الشَّمسُ، وبعْدَ الصُّبحِ حتَّى تَرتفِعَ الشَّمسُ قَدْرَ رُمحٍ، بما يُقارِبُ رُبُعَ ساعةٍ أو ثُلُثَها، وهذا باستثناءِ الصَّلواتِ ذواتِ الأسبابِ، كقَضاءِ الفوائتِ، أو تَحيَّةِ المسجِدِ، ونحْوِ ذلك. وحِكمةُ النَّهيِ عن هذَين الوقتَينِ؛ لأنَّهما الوَقتُانِ اللَّذانِ كان يُصلِّي فيهما مَن يَعبُدونَ الشَّمسَ، ولأنَّهما الوَقتانِ اللَّذانِ يَقترِبُ فيهما الشَّيطانُ مِنَ الشَّمسِ، فتَكونُ بيْنَ قَرنَيهِ.
رَابعُها: النَّهيُ عن شَدِّ الرِّحالِ -وهو السَّفرُ- إلَّا إلى المساجِدِ الثَّلاثةِ: المسجدِ الحرامِ، والمسجدِ النَّبويِّ، والمسجدِ الأقْصى، وسُمِّي بالأقْصى لبُعْدِه عن المسجدِ الحرامِ في المسافةِ.
وقولُه: «لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ» نفْيٌ، والمرادُ منه النَّهيُ، وهو أبلَغُ مِن صَريحِ النَّهيِ، كأنَّه قال: لا يَستقيمُ أنْ يَقصَدَ بالزِّيارةِ إلَّا هذه البِقاعُ؛ لاختِصاصِها بما اختُصَّتْ به. والرِّحالُ: جمْعُ رَحْلٍ، وهو للبَعيرِ كالسَّرجِ للفرَسِ، وكُنِّيَ بشَدِّ الرِّحالِ عن السَّفَرِ؛ لأنَّه لازِمُه، وخرَجَ ذِكرُها مَخرَجَ الغالبِ في رُكوبِ المسافرِ، وإلَّا فلا فرْقَ بيْن رُكوبِ الرَّواحلِ، والخيلِ، والبِغالِ، والحَميرِ، وغيرِها مِن الوسائلِ المعاصِرةِ، كالطائرةِ والسَّيارةِ ونحْوِ ذلك.
واختِصاصُ هذه الثَّلاثةِ بالأفضليَّةِ؛ لأنَّ الأوَّلَ فيه حَجُّ الناسِ وقِبلتُهم أحياءً وأمواتًا، والثاني أُسِّسَ على التَّقوى وبَناهُ خَيرُ البَريَّةِ، زادَهُ اللهُ شَرَفًا، والثالثُ قِبلةُ الأُمَمِ السالفةِ.
وفي الحَديثِ: بَيانُ ما للمَرأةِ مِن مَكانةٍ عظيمةٍ في الإسلامِ، وأنَّه رفَعَ قدْرَها، وحافظَ عليْها، وأمَرَ برعايتِها في كُلِّ الأحوالِ؛ في الحَضرِ والسَّفرِ.
وفيه: بَيانٌ لأوقاتِ النَّهيِ عنِ الصَّلاةِ.
وفيه: بَيانُ فَضيلةِ المساجِدِ الثَّلاثةِ ومَزيَّتِها على غيرِها.
..
575- أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَغْتَسِلُ بفَضْلِ مَيْمُونَةَ.
الراوي : عبدالله بن عباس.
المحدث :صحيح مسلم..الرقم: 323.
----------------------
شرح الحديث :
كرَّمَ الإسلامُ المرأةَ ولم يَجعَلها شَيئًا مَنبوذًا، كما كانَ العهدُ بها في الجاهليَّةِ، حيثُ كانوا لا يَقرَبونَ المرأةَ حالَ حَيضِها ونِفاسِها ويَستقذِرونها ولا يأكُلون معها وغيرَ ذلك، مُعتقِدين نجاستَها.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَستعمِلُ في غُسلِه منَ الجَنابةِ فَضْلَ زَوجتِه مَيمونةَ رَضيَ اللهُ عنها، أي: ما تَبقَّى منَ الماءِ الذي استعملَته في غُسلِ الجَنابةِ، كما في روايةِ ابنِ ماجَهْ، ومَيمونةُ خالةُ ابنِ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهم.
والمَعنى: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَستعملُ الماءَ المُتبقِّيَ مِن اغتسالِ أزواجِه، سواءٌ كانَ غُسلُهنَّ من حَيضٍ أو جَنابةٍ، وصُورتُه: أنَّهنَّ كُنَّ يَغترِفْنَ من هذا الماءِ، وكَونُ يَدِ مَن هو على جَنابةٍ غُمِسَت فيه من أجلِ الاغتِرافِ لا يؤثِّر فيه شيئًا، بَلِ الماءُ على طُهوريَّتِه، كما في روايةٍ عندَ النَّسائيِّ: «أنَّ بعضَ أزواجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اغتسلَتْ مِنَ الجَنابةِ، فتَوضَّأَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بفَضلِها، فذَكَرتْ ذلك له؟ فقالَ: إنَّ الماءَ لا يُنجِّسُه شيءٌ»، أي: إنَّ الماءَ إذا كان نَظيفًا طاهرًا لم يَتغيَّرْ أحَدُ أوصافِه؛ فلا حَرَجَ مِن استِخدامِه في الغُسلِ.
..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
576- لَا تَحَرَّوْا بصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ ولَا غُرُوبَهَا.
الراوي : عبدالله بن عمر.
المحدث : صحيح البخاري ..الرقم: 582.
-----------------
شرح الحديث :
لِلصَّلواتِ الخَمسِ المفروضةِ أوقاتٌ محددَّةٌ، أمَّا النَّفلُ والتَّطوُّعُ فيَجوزُ في كلِّ وقتٍ غيرَ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهَى عن الصَّلاةِ في أوقاتٍ مُعيَّنةٍ، ومنها ما في هذا الحديثِ؛ وهيَ وقتُ طُلوعِ الشَّمسِ ووقتُ غروبِها، حيثُ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «لا تَحرَّوا بِصَلاتِكم طُلوعَ الشَّمسِ ولا غُروبَها»، يعني: لا تَقصِدُوا هذَينِ الوقتَينِ بِالصَّلاةِ؛ وسببُ ذلك -كما في رِواياتٍ أخرى- أنَّ الشَّمسَ تَطلُعُ بقَرْنَيْ شَيطانٍ، أو تَطلُعُ ومعها قَرْنُ الشَّيطانِ، ولأنَّ بَعضَ الكُفَّارِ كانوا يَسجُدون للشَّمسِ ويُصَلُّون لها في هذَينِ الوقتَينِ؛ فنَهَى عن الصَّلَاةِ فيهما؛ لمُخالَفةِ هؤلاءِ الكفَّارِ. وهذا النَّهيُ مَحمولٌ على صَلاةِ التَّطوُّعِ والنَّافلةِ في هذه الأوقاتِ، أمَّا مَن كان مَعذورًا عن إدراكِ وَقتِ الفَريضةِ في أوَّلِه، فله أنْ يُصلِّيَ في آخِرِه ويُدرِكَ أداءَ الصَّلاةِ قَبْلَ الشُّروقِ وقبْلَ الغُروبِ، كما في حديثِ البُخاريِّ: «مَن أَدرَكَ مِنَ الصُّبحِ رَكعةً قبْلَ أنْ تَطلُعَ الشَّمسُ، فقدْ أَدرَكَ الصُّبحَ...». أو أنَّ النَّهيَ هو عن تحرِّي طُلوعِ الشَّمسِ وغُروبِها بمعنى القَصدِ، أمَّا غيرُ القاصِدِ -كالمُستيقِظِ مِن نَومِه، أو المُتَذَكِّرِ مِن نِسيانِه- فله أن يُصلِّيَ ولا شَيءَ عليه.
..
576- كانَتْ هي ورَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَغْتَسِلانِ في الإناءِ الواحِدِ مِنَ الجَنابَةِ.
الراوي : أم سلمة أم المؤمنين.
المحدث : صحيح مسلم..الرقم: 324.
----------------
قَدِمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن سَفَرٍ، وعَلَّقْتُ دُرْنُوكًا فيه تَمَاثِيلُ، فأمَرَنِي أنْ أنْزِعَهُ، فَنَزَعْتُهُ.
وَكُنْتُ أغْتَسِلُ أنَا والنبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن إنَاءٍ واحِدٍ.
الراوي: عائشة أم المؤمنين.
المحدث:صحيح البخاري..الرقم: 5955.
------------------
شرح الحديث:
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُخوِّفُ أصْحابَه ممَّا يُغضِبُ اللهَ عزَّ وجلَّ، ومن ذلك التصاويرُ التي يُقصَدُ بها مُشابَهةُ خَلقِ اللهِ عزَّ وجَلَّ، واتخاذُ هذه الصُّوَرِ في الأستارِ والملابِسِ ونَحوِها.
وفي هذا الحديثِ تُخبِرُ أمُّ المُؤمِنينَ عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها أنَّه لَمَّا قَدِم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن سَفَرٍ، وَجَدها رضِيَ اللهُ عنها قدْ علَّقَتْ دُرْنُوكًا فيه تَمَاثِيلُ -وهو ما يُصنَعُ ويُصَوَّرُ مُشَبَّهًا بخَلْقِ اللهِ تعالى من ذواتِ الرُّوحِ-، فأمَرَها أنْ تَنْزِعَه، فنَزَعَتْه رضِيَ اللهُ عنها، والدُّرْنُوكُ: ثوبٌ غليظٌ إذا فُرِشَ فهو بِساطٌ، وإذا عُلِّقَ فهو سِترٌ.
فالنَّهيُ عن تصويرِ ما فيه رُوحٌ، وتعليقِه على حائطٍ، أو لُبسِه في ثوبٍ، أو عمامةٍ، أو نحوِ ذلك؛ فكُلُّ هذا منهيٌّ عنه. وأمَّا الوِسادةُ ونَحوُها ممَّا يُمتَهَنُ فلا شَيْءَ فيه، وقد ورد ذلك في حديثٍ آخَرَ في الصَّحيحينِ عن أمِّ المُؤمِنينَ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: «قَدِمَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن سَفَرٍ، وقدْ سَتَرْتُ بقِرَامٍ لي علَى سَهْوَةٍ لي فِيهَا تَمَاثِيلُ، فَلَمَّا رَآهُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هَتَكَهُ، وقالَ: أشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَومَ القِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بخَلْقِ اللَّهِ. قالَتْ: فَجَعَلْنَاهُ وِسَادَةً أوْ وِسَادَتَيْنِ».
وفي الحَديثِ: إنكارُ المُنكَرِ في وَقتِ رُؤيتِه وعَدَمُ التراخي في ذلك.
ثم أخبَرَت أمُّ المُؤمِنينَ عائشةُ رَضِيَ اللهُ عنها أنها كانت تغتَسِلُ مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من الجَنابةِ أو غيرِها مِن إنَاءٍ واحِدٍ، وتشاركُه فيه، فيأخُذانِ منه معًا.
وفي الحَديثِ: حُسْنُ أخْلاقِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مع أهْلِه ولُطفُ مُعاشَرَتِه. وفيه: عدَمُ التَّكلُّفِ في الغُسلِ مِن أكثرَ مِن إناءٍ للرَّجُلِ وزَوجتِه.
وفيه: مشروعيَّةُ اغتِسالِ الرَّجُلِ مع زوجتِه.
..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
577- إِذَا طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فأخِّرُوا الصَّلَاةَ حتَّى تَرْتَفِعَ، وإذَا غَابَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فأخِّرُوا الصَّلَاةَ حتَّى تَغِيبَ.
الراوي : عبدالله بن عمر.
المحدث : صحيح البخاري..الرقم: 583.
---------------------
إِذَا طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَدَعُوا الصَّلَاةَ حتَّى تَبْرُزَ، وإذَا غَابَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَدَعُوا الصَّلَاةَ حتَّى تَغِيبَ، ولَا تَحَيَّنُوا بصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ ولَا غُرُوبَهَا؛ فإنَّهَا تَطْلُعُ بيْنَ قَرْنَيْ شَيطَانٍ. أوِ: الشَّيْطَانِ..
الراوي: عبدالله بن عمر.
المحدث:صحيح البخاري..الرقم: 3272.
------------------
شرح الحديث:
لَمَّا كانت الصَّلاةُ الرُّكنَ الثَّانيَ مِن أركانِ الإسلامِ، كان اهتمامُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بها بَالِغًا، وحِرصُهُ عليها شَديدًا؛ فعلَّمَها صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُمَّتَه، وحدَّد لهم أوقاتَهَا؛ إرشادًا لهم إلى طَريقِ الهُدى.
وفي هذا الحَديثِ يُبيِّنُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأصحابِه الأوقاتَ التي تُكرَهُ الصَّلاةُ فيها، ويَنْهَى عن الصَّلاةِ فيها، فأوَّلُ هذه الأوقاتِ: إذا طَلَعَ حاجبُ الشَّمسِ، وهو طَرَفُها الأَعْلى، وسُمِّيَ بذلك؛ لأنَّه أوَّلُ ما يَظهَرُ منها ويكونُ مُقوَّسَ الشَّكلِ على هَيئةِ حاجبِ العَينِ، فإذا ظَهَر طَرَفُ الشَّمسِ الأعْلى بعْدَ الشُّروقِ فاتْرُكوا الصَّلاةَ قَليلًا حتَّى تَظهَرَ الشَّمسُ، أو يَظهَرَ جُزءٌ كبيرٌ منها، فهذا وقْتٌ لا صَلاةَ فيه، وهو مُقدَّرٌ بحَوالَي ثُلثِ ساعةٍ بعْدَ الشُّروقِ، وثاني الأوقاتِ: عندَ الغُروبِ، فاتْرُكوا الصَّلاةَ عِندَما يَتبقَّى مِن الشَّمسِ طَرَفُها الأدْنى، حتَّى تَغيبَ تَمامًا ويَسقطَ قُرْصُ الشَّمس كاملًا.
ثمَّ بيَّن النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَببَ النَّهيِّ عن الصَّلاةِ في هَذينِ الوقتينِ، فقال: «لا تَحَيَّنُوا»، أي: لا تَتحَرَّوا ولا تَقصِدوا الصَّلاةَ عندَ شُروقِ الشَّمسِ ولا غُروبِها؛ فإنَّها تُشرِقُ وتَغْرُبُ بيْن قَرْنَيْ شَيطانٍ؛ وذلك لأنَّ الشَّيطانَ زيَّن لبَعضِ النَّاسِ عِبادةَ الشَّمسِ في هذَينِ الوقتَينِ، وكان يُقارِنُ طُلوعَ الشَّمسِ ويَقترِبُ منها، ويَجعَلُها بيْن قَرنيهِ اللَّذين في رَأسِه، فتُشرِقُ وتَغرُبُ بيْنهما؛ فكأنَّ الَّذين يَسجُدون للشَّمسِ يَسجُدون له، فيكونُ ذلك مِن البُعدِ عن مُشابَهةِ المشركينِ في وقْتِ صَلاتِهم.
وهذا النَّهيُ يَختَصُّ بصَلاةِ النَّوافلِ التي لا سَببَ لها؛ فلا يَنْبغي للمُسلِمِ أنْ يُصلِّيَها في هَذينِ الوقتينِ، أمَّا صَلاةُ الفوائتِ مِن الفَرائضِ فإنَّها تُؤدَّى في جَميعِ أوقاتِ النَّهيِ، واختَلَفَ أهْلُ العِلمِ في الصَّلواتِ النَّوافلِ ذواتِ السَّببِ، كرَكْعَتَي الطَّوافِ، وصَلاةِ الجِنازةِ.
وفي الحَديثِ: بَيانُ أنَّ أوقاتَ إباحةِ الصَّلاةِ مُتَّسعةٌ، وأنَّ الأوقاتَ المنهيَّ عن الصَّلاةِ فيها مُحدَّدةٌ.
..
577- كانَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَتَوَضَّأُ بالمُدِّ، ويَغْتَسِلُ بالصَّاعِ، إلى خَمْسَةِ أمْدادٍ.
الراوي : أنس بن مالك.
المحدث :صحيح مسلم..الرقم: 325.
------------------
كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَغْسِلُ، أوْ كانَ يَغْتَسِلُ، بالصَّاعِ إلى خَمْسَةِ أمْدَادٍ، ويَتَوَضَّأُ بالمُدِّ.
الراوي: أنس بن مالك.
المحدث:صحيح البخاري..الرقم: 201.
------------------
شرح الحديث:
نَهَتِ الشَّريعةُ الإسلاميةُ المُطهَّرةُ عن الإسرافِ، والإسرافُ يكونُ في كُلِّ ما زاد عن حاجةِ الإنسانِ، ولو كان ذلك في استِعمالِ الماءِ في الغُسلِ أو الوُضوءِ.وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ أنسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَغتسِلُ بالصَّاعِ، أو بخَمْسةِ أمْدَادٍ، ويَتوضَّأُ بالمُدِّ، والصَّاعُ كَيلٌ يَسَعُ أربعةَ أمْدادٍ، أو ثَمانيةَ أرْطالٍ، والرِّطْلُ بالمقاديرِ الحديثةِ؛ قيل: إنَّه حَوالَي 380 جِرامًا، أي: أقلَّ مِن نِصفِ لِترٍ، وقيل: إنَّه يَزِنُ 538 جرامًا، أي: أكثرَ مِن نِصفِ لِترٍ قليلًا، والمُدُّ يَعدِلُ رُبُعَ الصَّاعِ، وقيل: مِقدارُه رِطْل وثُلُثٌ، وقيل: رِطْلَانِ، وهو مِقْدارُ ما يَمْلَأُ الكفَّينِ.وهذا إخبارٌ عن القَدْرِ الذى كان يَكْفِيهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، لا أنَّه لا يَجوزُ ما زادَ على ذلك، وإنَّما يَختلِفُ الناسُ في ذلك؛ فمِن الناسِ مَن لا يَستطيعُ تَحقيقَ الوضوءِ والغُسلِ على وجْهِه إلَّا بأكثرَ مِن ذلك، ولكنْ يَنبغي على كلِّ حالٍ عدَمُ الإسرافِ في الماء. وهذا مِنْ حُسْنِ اسْتِخدامِ المواردِ، وتَعظيمِ الفائدةِ منها بحُسْنِ التَّصرُّفِ فيها بقَدْرِ الحاجةِ.
..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
578- أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهَى عن بَيْعَتَيْنِ، وعَنْ لِبْسَتَيْنِ وعَنْ صَلَاتَيْنِ: نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الفَجْرِ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وبَعْدَ العَصْرِ حتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وعَنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ، وعَنِ الِاحْتِبَاءِ في ثَوْبٍ واحِدٍ، يُفْضِي بفَرْجِهِ إلى السَّمَاءِ، وعَنِ المُنَابَذَةِ، والمُلَامَسَةِ.
الراوي : أبو هريرة.
المحدث : صحيح البخاري..الرقم: 584.
----------------------
شرح الحديث :
التزامُ هديِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الأمْرِ والنَّهيِ والبَيعِ والشِّراءِ وسائرِ العِباداتِ والمُعامَلاتِ هو سبيلُ الخَيرِ والنَّجاةِ في الدُّنيا والآخِرةِ.وفي هذا الحديثِ بيانٌ لبَعضِ المنهيَّاتِ، حيثُ يَرْوي أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهى عن بَيعتَين، وفسَّرَهما في الحَديثِ بأنَّهما «المُنابَذة» مِن النَّبْذِ، وهو الإلقاءُ؛ وهي أنْ يَجعَلَ إلْقاءَ السِّلعةِ إيجابًا للبَيعِ؛ فمتى أَلْقى إليه ثوبًا أو غيرَه التَزَمَ المُشترِي بشِرائِه، وعن «المُلامَسة» مِن اللَّمْسِ؛ وهي أنْ يَبِيعَ البائعُ شيئًا إلى المُشترِي على أنَّه متى لَمَسَه فقد تَمَّ البَيعُ، وكِلاهما مِن العُقُودِ المَنهِيِّ عنها؛ لِمَا فيها مِن الغِشِّ.ونهَى رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَن لِبستَين، وفسَّرَهما في الحديثِ بأنَّهما «اشتِمال الصَّمَّاءِ»، وهو أنْ يَلُفَّ الإنسانُ جميعَ جسَدِه بالثَّوبِ، ولا يَرفَعَ شيئًا مِن جَوانبِه، فلا يُمكِنُه إخراجُ يدِه إلَّا مِن أسفَلِه؛ وسُمِّيَ بذلك؛ لِسَدِّه المَنافِذَ كلَّها كالصَّخْرةِ الصَّمَّاءِ، وفيه تَشبُّهٌ باليهودِ الَّذين كانوا يَفْعَلون ذلك، وقد نَهى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن التَّشبُّهِ بهم. وعن «الاحتِباءِ» وهو أنْ يَقعُدَ الإنسانُ على أَليَتَيْهِ ويَنصِبَ ساقَيْهِ، فيَضُمَّ رِجلَيْهِ إلى بَطنِه بثَوبٍ، ويَجمَعَهما مع ظهْرِه، ويَشُدَّ الثَّوبَ عليه بهذه الهيئةِ، أو يَشُدَّ على ساقَيْهِ بيَدِه؛ وإنَّما نَهَى عنه؛ لأنَّه إذا لم يكُنْ عليه إلَّا ثوبٌ واحدٌ، فرُبَّما تحرَّكَ أو زَالَ، فتنكشف عَوْرتُه كما بيَّنه في قَولِه: «يُفْضي بِفَرجِه إلى السَّماء». قيل: إنَّ الاحتِباءَ المَنْهِيَّ عنه في الجُلوسِ هو احتِباءُ الرَّجُلِ الَّذي لا يملِكُ إلَّا ثوبًا واحدًا بثوبِه، أمَّا الذي يَحتبي وهو ساترٌ لعَورتِه بالثيابِ فلا بأسَ في ذلك.كما نَهَى صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن صَلاتَينِ، وفسَّرَهما في الحديثِ بأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهى عن الصَّلاةِ بعْدَ صَلاةِ الفَجرِ حتَّى تَطلُع الشَّمسُ، بمعنى أنَّه يَنهى عن الصَّلاةِ في هذا الوقتِ الذي يَبدأُ مِن أوَّلِ ظُهورِ حاجِبِ الشَّمسِ عندَ شروقِها إلى أن يَتمَّ اكتمالُ شروقِها بظُهورِ قُرصِها كاملًا في أُفقِ السَّماءِ، «وبَعدَ صَلاةِ العَصرِ حتَّى تَغرُب الشَّمسُ» وهذا هو الوقتُ الثَّاني المنهيُّ عن الصَّلاةِ فيه، وهو مِن بَعدِ أداءِ العصرِ في أوَّلِ وقتِه ويكونُ أكثر تحديدًا عندَ بَدْءِ الشَّمسِ في الغروبِ إلى أن يَتمَّ اختفاءُ قُرصِ الشمسِ كاملًا؛ فالمُرادُ بالنَّهيِ عمومًا وقْتُ الطُّلوعِ ووقْتُ الغُروبِ وما قارَبَهُما؛ لِأنَّه الوَقتُ الَّذي كانَ يُصلِّي فيه مَن يَعبُدونَ الشَّمسَ، ولأنَّه الوقتُ الذي يَقترِبُ فيه الشَّيطانُ مِن الشَّمسِ فتَكونُ بيْنَ قَرنَيْهِ، وهذا النَّهيُ يخُصُّ صلاةَ النافلةِ والتطَوُّعِ، لا الصَّلاةَ الواجبةَ كمَّنْ تأخَّرَ عن صلاةِ العَصرِ إلى هذا الوقتِ؛ فإنَّه يُصلِّي في وقتِ النَّهيِ. وقيل: إنَّ النَّهيَ عن الصلاةِ في هذا الوَقتِ إنَّما أُريدَ به النَّهيُ عن تأخيرِ الفَريضةِ لغَيرِ عُذرٍ حتَّى تقَعَ مُقارِنةً للغُروبِ.وفي الحديثِ: الحثُّ على حُسنِ التعامُلِ في البَيعِ والشِّراءِ والابتعادِ عن كلِّ ما فيه غِشٌّ أو جَهالةٌ تُؤدِّي إلى التنازُعِ.وفيه: الحثُّ على سَترِ العَورةِ، والحِرصُ على حُسنِ الهَيئةِ وجَمالِها.وفيه: بيانٌ لأوقاتِ النَّهيِ عنِ الصَّلاةِ.
..
578- كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَغْتَسِلُ بخَمْسِ مَكاكِيكَ ويَتَوَضَّأُ بمَكُّوكٍ وَقالَ ابنُ المُثَنَّى: بخَمْسِ مَكاكِيَّ،
الراوي : أنس بن مالك.
المحدث :صحيح مسلم..الرقم: 325.
-----------------
شرح الحديث :
نَهَتِ الشَّريعةُ عنِ الإسرافِ، وتَوعَّدَ اللهُ تَعالَى المُبذِّرينَ، والإسرافُ يَكونُ في كلِّ ما زادَ عن حاجةِ الإنسانِ، ولو كانَ ذلك في الماءِ، فعَلى المَرءِ المُسلِمِ أن يَقتصِدَ في استخدامِه للماءِ، حتَّى عندَ الغُسلِ أوِ الوُضوءِ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ أنسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه: أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَغتَسلُ -لرَفعِ جَنابةٍ أو طلبًا للتَّنظُّفِ- بِخَمسِ مَكاكيكَ، جمعُ مَكُّوكٍ، وهو إناءٌ سَعَتُه نَحوُ المُدِّ؛ لأنَّه جاءَ في روايةٍ أُخرى في الصَّحيحَينِ مُفسَّرًا بالمُدِّ: «كانَ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتوضَّأُ بالمُدِّ، ويَغتسِلُ بالصَّاعِ، إلى خَمْسةِ أمْدادٍ»، وأصلُ المكُّوكِ: مِكيالٌ، ويَختلفُ باختلافِ اصطِلاحِ النَّاسِ في البِلادِ، والقَدرُ الَّذي يُجزِئُ منَ الغُسلِ هو ما يَحصُلُ بِه تَعميمُ الجَسدِ، وَكانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتوضَّأُ بِمَكُّوكٍ، وهذا إخبارٌ عنِ القَدرِ الذى كانَ يَكفيه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، لا أنَّه لا يَجوزُ ما زادَ على ذلك، وإنَّما يَختلِفُ النَّاسُ في ذلك؛ فمِنَ النَّاسِ مَن لا يَستطيعُ تَحقيقَ الوُضوءِ والغُسلِ على وجهِه إلَّا بأكثرَ من ذلك، ولكن يَنبغي على كلِّ حالٍ عدَمُ الإسرافِ في الماءِ. وهذا من حُسنِ استخدامِ المَواردِ، وتَعظيمِ الفائدةِ منها بحُسنِ التَّصرُّفِ فيها بقَدرِ الحاجَةِ.
..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
579- أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَالَ: لا يَتَحَرَّى أحَدُكُمْ، فيُصَلِّي عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ولَا عِنْدَ غُرُوبِهَا.
الراوي : عبدالله بن عمر.
المحدث :صحيح البخاري..الرقم: 585.
------------------
لَا تَحَرَّوْا بصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ ولَا غُرُوبَهَا.
الراوي: عبدالله بن عمر.
المحدث:صحيح البخاري..الرقم: 582.
------------------
شرح الحديث:
لِلصَّلواتِ الخَمسِ المفروضةِ أوقاتٌ محددَّةٌ، أمَّا النَّفلُ والتَّطوُّعُ فيَجوزُ في كلِّ وقتٍ غيرَ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهَى عن الصَّلاةِ في أوقاتٍ مُعيَّنةٍ، ومنها ما في هذا الحديثِ؛ وهيَ وقتُ طُلوعِ الشَّمسِ ووقتُ غروبِها، حيثُ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «لا تَحرَّوا بِصَلاتِكم طُلوعَ الشَّمسِ ولا غُروبَها»، يعني: لا تَقصِدُوا هذَينِ الوقتَينِ بِالصَّلاةِ؛ وسببُ ذلك -كما في رِواياتٍ أخرى- أنَّ الشَّمسَ تَطلُعُ بقَرْنَيْ شَيطانٍ، أو تَطلُعُ ومعها قَرْنُ الشَّيطانِ، ولأنَّ بَعضَ الكُفَّارِ كانوا يَسجُدون للشَّمسِ ويُصَلُّون لها في هذَينِ الوقتَينِ؛ فنَهَى عن الصَّلَاةِ فيهما؛ لمُخالَفةِ هؤلاءِ الكفَّارِ. وهذا النَّهيُ مَحمولٌ على صَلاةِ التَّطوُّعِ والنَّافلةِ في هذه الأوقاتِ، أمَّا مَن كان مَعذورًا عن إدراكِ وَقتِ الفَريضةِ في أوَّلِه، فله أنْ يُصلِّيَ في آخِرِه ويُدرِكَ أداءَ الصَّلاةِ قَبْلَ الشُّروقِ وقبْلَ الغُروبِ، كما في حديثِ البُخاريِّ: «مَن أَدرَكَ مِنَ الصُّبحِ رَكعةً قبْلَ أنْ تَطلُعَ الشَّمسُ، فقدْ أَدرَكَ الصُّبحَ...». أو أنَّ النَّهيَ هو عن تحرِّي طُلوعِ الشَّمسِ وغُروبِها بمعنى القَصدِ، أمَّا غيرُ القاصِدِ -كالمُستيقِظِ مِن نَومِه، أو المُتَذَكِّرِ مِن نِسيانِه- فله أن يُصلِّيَ ولا شَيءَ عليه.
..
579- كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُغَسِّلُهُ الصَّاعُ مِنَ المَاءِ مِنَ الجَنَابَةِ، ويُوَضِّئُهُ المُدُّ.
الراوي : سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
المحدث : صحيح مسلم..الرقم: 326.
---------------------
كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَغْتَسِلُ بالصَّاعِ ويَتَطَهَّرُ بالمُدِّ.
وفي حَديثِ ابْنِ حُجْرٍ، أوْ قالَ: ويُطَهِّرُهُ المُدُّ.
الراوي: سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
المحدث : صحيح مسلم..الرقم: 326.
------------------
شرح الحديث:
نَهَتِ الشَّريعةُ عنِ الإسرافِ، وتَوعَّدَ اللهُ تَعالَى المُبذِّرينَ، والإسرافُ يَكونُ في كلِّ ما زادَ عن حاجةِ الإنسانِ، ولو كانَ ذلك في الماءِ، فعَلى المَرءِ المُسلِمِ أن يَقتصِدَ في استخدامِه للماءِ، حتَّى عندَ الغُسلِ أوِ الوُضوءِ.
وفي هذا الحَديثِ يَروي الصَّحابيُّ سَفينةُ مَولى رسُولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَغتسِلُ منَ الجَنابةِ بالصَّاعِ، والصَّاعُ: أربعةُ أمدادٍ، والمُدُّ مِقدارُ ما يَملأُ الكَفَّينِ، والصَّاعُ: يُساوي ثمانيةَ أرطالٍ، والرِّطلُ بالمقاديرِ الحديثةِ يُقدَّرُ بحسَبِ اختلافِ العُلماءِ؛ فقيلَ: إنَّه حَوالَي 380 جرامًا، أي: أقلَّ من نِصفِ لترٍ، وقيلَ: إنَّه يَزِنُ 538 جرامًا، أي: أكثرَ من نِصفِ لترٍ قليلًا، «ويَتطهَّرُ بالمُدِّ»، أي: يَتوَضَّأُ بمِقدارِ ما يَملأُ الكَفَّينِ مِنَ الماءِ، وهذا إخْبارٌ عنِ القَدرِ الذى كانَ يَكفيه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، لا أنَّه لا يَجوزُ ما زادَ على ذلك، وإنَّما يَختلِفُ الناسُ في ذلك؛ فمِنَ النَّاسِ مَن لا يَستطيعُ تَحقيقَ الوُضوءِ والغُسلِ على وَجهِه إلَّا بأكثرَ من ذلك، ولكن يَنبغي على كلِّ حالٍ عدَمُ الإسرافِ في الماءِ. وهذا من حُسنِ استخدامِ المَواردِ، وتَعظيمِ الفائدةِ منها بحُسنِ التَّصرُّفِ فيها بقَدرِ الحاجَةِ.

..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
2025/10/23 16:16:50
Back to Top
HTML Embed Code: