Telegram Web Link
580- سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: لا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ، ولَا صَلَاةَ بَعْدَ العَصْرِ حتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ.
الراوي : أبو سعيد الخدري.
المحدث : صحيح البخاري..الرقم: 586.
---------------
سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ -وَقَدْ غَزَا مَعَ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً- قَالَ: أَرْبَعٌ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ -أَوْ قَالَ: يُحَدِّثُهُنَّ عَنِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَأَعْجَبْنَنِي وَآنَقْنَنِي-: أَلَّا تُسَافِرَ امْرَأَةٌ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ لَيْسَ مَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ، وَلا صَوْمَ يَوْمَيْنِ: الفِطْرِ وَالأَضْحَى، وَلا صَلاةَ بَعْدَ صَلاتَيْنِ: بَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِي، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى.
الراوي: أبو سعيد الخدري.
المحدث:صحيح البخاري..الرقم: 1864.
------------------
شرح الحديث:
لقدْ حرَصَ الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم على القُربِ مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ ليَنهَلوا مِن عِلمِه، ولِيَهتَدُوا بهَدْيِه، وقد نَقَلوا لنا ما تَعلَّموه منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ لِنَسيرَ على دَرْبِه، وقد علَّمَهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كلَّ خَيرٍ في كلِّ أُمورِهم.
وفي هذا الحديثِ يَذكُرُ التابعيُّ قَزَعةُ مَولى زِيادٍ أنَّه سَمعَ أبا سعيدٍ الخُدْريَّ رَضيَ اللهُ عنه -وقد غَزا مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ (12) اثْنتَيْ عشْرةَ غَزْوةً- يُحدِّث عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأربعِ كَلماتٍ تَشتمِلُ على قَضايا وأحكامٍ شَرعيَّةٍ، وأنَّ هذه الأربعَ قدْ أَعجَبْنَه وآنَقْنَه، والكَلمتانِ بمعنًى واحدٍ، وهو التَّعجُّبُ، وإنَّما جاز تَكرارُ المعنى لاختلافِ اللَّفظِ، والعربُ تَفعَلُ ذلك كثيرًا للبَيانِ والتَّأكيدِ، أو معْنى «آنَقَه»: أفْرَحَه وسَرَّه.
فأوَّلُ هذه الأَربعةِ: منْعُ المرأةِ مِن السَّفرِ مَسيرةَ يَومينِ بدُونِ زوجِها أو أحدِ مَحارِمِها، والمحرَمُ للنِّساءِ: مَن حُرِّمَتْ عليه تَحريمًا مُؤبَّدًا بسَببٍ مُباحٍ لحُرْمَتِها؛ كالابنِ والأبِ، وابنِ الأخِ وابنِ الأختِ، والعمِّ والخالِ، ونحوِ ذلك، وقد ورَدَ في الصَّحيحَينِ مِن حَديثِ أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه: «مَسيرةَ يَومٍ ولَيلةٍ»، وفي الصَّحيحَينِ مِن حَديثِ ابنِ عمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما: «مَسيرةَ ثَلاثةِ أيَّامٍ»، ولا تَناقُضَ أو خِلافَ؛ لأنَّ الكلامَ اختلَف باختِلافِ السَّائلين والأشخاصِ، وليس في هذا كلِّه تَحديدٌ لأقلِّ ما يقَعُ عليه اسمُ السَّفرِ، ولم يُرِدْ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تحديدَ أقلِّ ما يُسمَّى سفَرًا؛ فالحاصلُ: أنَّ كلَّ ما يُسمَّى سفَرًا تُنهى عنه المرأةُ بغير زوجٍ أو محرَمٍ، سواءٌ كان ثلاثةَ أيَّامٍ، أو يَومينِ، أو يومًا، أو نِصفَ يومٍ، أو غيرَ ذلك. وقُصِرَتْ مُرافقةُ المَرأةِ في سَفرِها على الزُّوجِ وذِي المَحارِمِ فقط؛ لكونِ ذلك أحْفظَ لنفْسِها وعِرْضِها ومالِها؛ لضعْفِها وقِلَّةِ حِيلتِها؛ ولأنَّ المرأةَ فِتنةٌ ومَظِنَّةُ الطَّمعِ فيها ومِظِنَّةُ الشَّهوةِ، إلَّا فيما جَبَلَ اللهُ النُّفوسَ عليه مِن النُّفرةِ عن مَحارمِ النَّسبِ.
ثانيها: النهْيُ عن صَومُ يومِ عيدِ الفِطرِ ويومِ عيدِ الأضحى، ونَهى عن صِيامِ يومِ الفطْرِ؛ ليَحصُلَ الفصْلُ بيْن الصَّومِ والفِطرِ، ويومِ الأضْحى؛ لأنَّ فيه دَعوةَ اللهِ التي دَعا عِبادَه إليها مِن تَضييفِه وإكرامِه لأهْلِ مِنًى وغيرِهم بِما شَرَعَ لهم مِن ذبْحِ النُّسكِ والأكْلِ منها، وسَواءٌ صامَهما المسلِمُ عن نَذرٍ، أو تَطوُّعٍ، أو كفَّارةٍ، ولو نذَر صَومَهما لم يَنعقِدْ نَذرُه؛ لأنَّه نَذْرٌ بمَعصيةٍ.
ثالثُها: النَّهْيُ عن الصَّلاةِ بعد العَصرِ حتَّى تغرُبَ الشَّمسُ، وبعْدَ الصُّبحِ حتَّى تَرتفِعَ الشَّمسُ قَدْرَ رُمحٍ، بما يُقارِبُ رُبُعَ ساعةٍ أو ثُلُثَها، وهذا باستثناءِ الصَّلواتِ ذواتِ الأسبابِ، كقَضاءِ الفوائتِ، أو تَحيَّةِ المسجِدِ، ونحْوِ ذلك. وحِكمةُ النَّهيِ عن هذَين الوقتَينِ؛ لأنَّهما الوَقتُانِ اللَّذانِ كان يُصلِّي فيهما مَن يَعبُدونَ الشَّمسَ، ولأنَّهما الوَقتانِ اللَّذانِ يَقترِبُ فيهما الشَّيطانُ مِنَ الشَّمسِ، فتَكونُ بيْنَ قَرنَيهِ.
رَابعُها: النَّهيُ عن شَدِّ الرِّحالِ -وهو السَّفرُ- إلَّا إلى المساجِدِ الثَّلاثةِ: المسجدِ الحرامِ، والمسجدِ النَّبويِّ، والمسجدِ الأقْصى، وسُمِّي بالأقْصى لبُعْدِه عن المسجدِ الحرامِ في المسافةِ.
وقولُه: «لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ» نفْيٌ، والمرادُ منه النَّهيُ، وهو أبلَغُ مِن صَريحِ النَّهيِ، كأنَّه قال: لا يَستقيمُ أنْ يَقصَدَ بالزِّيارةِ إلَّا هذه البِقاعُ؛ لاختِصاصِها بما اختُصَّتْ به. والرِّحالُ: جمْعُ رَحْلٍ، وهو للبَعيرِ كالسَّرجِ للفرَسِ، وكُنِّيَ بشَدِّ الرِّحالِ عن السَّفَرِ؛ لأنَّه لازِمُه، وخرَجَ ذِكرُها مَخرَجَ الغالبِ في رُكوبِ المسافرِ، وإلَّا فلا فرْقَ بيْن رُكوبِ الرَّواحلِ، والخيلِ، والبِغالِ، والحَميرِ، وغيرِها مِن الوسائلِ المعاصِرةِ، كالطائرةِ والسَّيارةِ ونحْوِ ذلك.
واختِصاصُ هذه الثَّلاثةِ بالأفضليَّةِ؛ لأنَّ الأوَّلَ فيه حَجُّ الناسِ وقِبلتُهم أحياءً وأمواتًا، والثاني أُسِّسَ على التَّقوى وبَناهُ خَيرُ البَريَّةِ، زادَهُ اللهُ شَرَفًا، والثالثُ قِبلةُ الأُمَمِ السالفةِ.
وفي الحَديثِ: بَيانُ ما للمَرأةِ مِن مَكانةٍ عظيمةٍ في الإسلامِ، وأنَّه رفَعَ قدْرَها، وحافظَ عليْها، وأمَرَ برعايتِها في كُلِّ الأحوالِ؛ في الحَضرِ والسَّفرِ.
وفيه: بَيانٌ لأوقاتِ النَّهيِ عنِ الصَّلاةِ.
وفيه: بَيانُ فَضيلةِ المساجِدِ الثَّلاثةِ ومَزيَّتِها على غيرِها.

..
580- كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَغْتَسِلُ بالصَّاعِ ويَتَطَهَّرُ بالمُدِّ .
وفي حَديثِ ابْنِ حُجْرٍ، أوْ قالَ: ويُطَهِّرُهُ المُدُّ.
الراوي : سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
المحدث : صحيح مسلم..الرقم: 326.
---------------------
شرح الحديث :
نَهَتِ الشَّريعةُ عنِ الإسرافِ، وتَوعَّدَ اللهُ تَعالَى المُبذِّرينَ، والإسرافُ يَكونُ في كلِّ ما زادَ عن حاجةِ الإنسانِ، ولو كانَ ذلك في الماءِ، فعَلى المَرءِ المُسلِمِ أن يَقتصِدَ في استخدامِه للماءِ، حتَّى عندَ الغُسلِ أوِ الوُضوءِ.
وفي هذا الحَديثِ يَروي الصَّحابيُّ سَفينةُ مَولى رسُولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَغتسِلُ منَ الجَنابةِ بالصَّاعِ، والصَّاعُ: أربعةُ أمدادٍ، والمُدُّ مِقدارُ ما يَملأُ الكَفَّينِ، والصَّاعُ: يُساوي ثمانيةَ أرطالٍ، والرِّطلُ بالمقاديرِ الحديثةِ يُقدَّرُ بحسَبِ اختلافِ العُلماءِ؛ فقيلَ: إنَّه حَوالَي 380 جرامًا، أي: أقلَّ من نِصفِ لترٍ، وقيلَ: إنَّه يَزِنُ 538 جرامًا، أي: أكثرَ من نِصفِ لترٍ قليلًا، «ويَتطهَّرُ بالمُدِّ»، أي: يَتوَضَّأُ بمِقدارِ ما يَملأُ الكَفَّينِ مِنَ الماءِ، وهذا إخْبارٌ عنِ القَدرِ الذى كانَ يَكفيه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، لا أنَّه لا يَجوزُ ما زادَ على ذلك، وإنَّما يَختلِفُ الناسُ في ذلك؛ فمِنَ النَّاسِ مَن لا يَستطيعُ تَحقيقَ الوُضوءِ والغُسلِ على وَجهِه إلَّا بأكثرَ من ذلك، ولكن يَنبغي على كلِّ حالٍ عدَمُ الإسرافِ في الماءِ. وهذا من حُسنِ استخدامِ المَواردِ، وتَعظيمِ الفائدةِ منها بحُسنِ التَّصرُّفِ فيها بقَدرِ الحاجَةِ.

..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
581- إنَّكُمْ لَتُصَلُّونَ صَلَاةً لقَدْ صَحِبْنَا رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَما رَأَيْنَاهُ يُصَلِّيهَا، ولقَدْ نَهَى عنْهمَا، يَعْنِي: الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ.
الراوي : معاوية بن أبي سفيان.
المحدث : صحيح البخاري.. الرقم: 587.
------------------
شرح الحديث :
كان الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم حَريصِينَ على تَعليمِ مَن بَعْدَهم أُمورَ العباداتِ كما تَعلَّموها مِن رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.وفي هذا الحديثِ يُنكِرُ مُعاويةُ بنُ أبي سُفْيانَ رَضيَ اللهُ عنهما على بعضِ النَّاسِ الَّذين كانوا يُصَلُّون رَكْعتَينِ بعْدَ العَصْرِ، ويُبيِّنُ أنَّها صلاةٌ مُخالِفةٌ لهَدْيِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في صَلاتِه، حيثُ أخبَرَهم مُعاويةُ أنَّه والصَّحابةَ صَحِبوا النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وصَلَّوْا معه صلواتٍ كثيرةً، فما رأَوْهُ يُصلِّي ركعَتينِ نافِلةً كما يُصَلِّي هولاءِ بعْدَ العَصرِ، «ولقَدْ نَهَى عَنْهما»، أيْ: نَهى عنْ صلاةِ النافِلةِ بعدَ العَصرِ. وهذا تأكيدٌ لَفْظيٌ وفِعْليٌّ لِنَهْيِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن تلك الرَّكعتَينِ، أو عن صَلاةِ نَوافِلَ بعْدَ العصرِ عُمومًا.وفي صحيحِ البُخاريِّ عن عائِشةَ رَضيَ اللهُ عنها، قالتْ في صَلاةِ رَكْعتَينِ بعْدَ العَصرِ: «وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصلِّيهما، ولا يُصلِّيهما في المسجِدِ؛ مخافةً أنْ يُثَقِّلَ على أُمَّتِه، وكان يُحِبُّ ما يُخفِّفُ عنهم»؛ فقيل: إنَّ هاتَينِ الركعتَينِ صَلَّاهما النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قضاءً لنافِلةِ الظُّهرِ لَمَّا فاتَتْه، ثمَّ استمرَّ عليهما؛ لأنَّه كان إذا عمِلَ عمَلًا أثْبَتَه وداوَمَ عليه، ولم تكُنْ تلك الرَّكْعتانِ مِن السُّننِ الرَّاتبةِ، والفَرقُ بيْن الرَّاتبةِ وغَيرِ الرَّاتبةِ، أنَّ الرَّاتبةَ: هي السُّننُ المؤكَّدةُ التي تَرتبِطُ بالصَّلَواتِ المفروضةِ، سواءٌ كانتْ قَبْليَّةً أم بَعْديَّةً، وأمَّا غيرُ الرَّاتبةِ فهي التي لم يأمُرْ بها يَحُثَّ عليها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، لكنَّ الصَّحابةَ رَضيَ اللهُ عنهم أَثَرُوها عنه قَولًا أو فِعلًا، كما في ركعتَيْ ما بعْدَ العَصرِ.وفي الحديثِ: فضْلُ معاويةَ رَضيَ اللهُ عنه، وحِرصُه على اتِّباعِ هدْيِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.

..
581- تَمَارَوْا في الغُسْلِ عِنْدَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ. فَقالَ بَعْضُ القَوْمِ: أمَّا أنَا فإنِّي أغْسِلُ رَأْسِي كَذَا وكَذَا. فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: أمَّا أنَا فإنِّي أُفِيضُ علَى رَأْسِي ثَلَاثَ أكُفٍّ.
الراوي : جبير بن مطعم.
المحدث :صحيح مسلم..الرقم: 327.
---------------
أَمَّا أنا فَأُفِيضُ علَى رَأْسِي ثَلاثًا، وأَشارَ بيَدَيْهِ كِلْتَيْهِما.
الراوي: جبير بن مطعم.
المحدث: صحيح البخاري..الرقم: 254.
------------------
شرح الحديث:
بيَّنَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأُمَّتِه بقولِه وفِعلِه كَيفيَّةَ الطَّهارةِ مِن الحدَثِ، ومِن ذلك الغُسلُ مِن الجَنابةِ، وفي هذا الحَديثِ يَروي جُبَيرُ بنُ مُطْعِمٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يُفِيضُ على رَأسِه الماءَ ثَلاثَ مرَّاتٍ، وقد كان بعضُ الصَّحابةِ اختَلفَ في طَريقةِ غَسْلِ الرَّأسِ عندَ الغُسلِ مِن الجَنابةِ، وكان ذلك في حَضرتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، كما في رِوايةِ مُسلمٍ، فعرَضَ كلُّ واحدٍ طَريقةَ غُسلِه؛ «فقالَ بَعضُ القومِ: أمَّا أنا فإنِّي أغسِلُ رَأْسي كذا وكذا»، يُبيِّنُ مِقدارَ الماءِ وعدَدَ المرَّاتِ التي يَصُبُّ فيها الماءَ على رَأسِه؛ مُبالَغةً في التَّنظُّفِ، فقال لهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أمَّا أنا فأُفِيضُ على رَأسي ثلاثًا، وأشار بيَدَيه كِلتَيهما، ومعناهُ: أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَأخُذُ الماءَ بكفَّيْهِ الاثنتينِ ثمَّ يَصُبُّه على رَأسِه، وكان يَفعَلُ ذلك ثَلاثَ مرَّاتٍ، يُشيرُ بذلك إلى أقلِّ قدْرٍ مِن الماءِ يُمكِنُ أنْ يُستخدَمَ في غَسلِ الرأسِ ويُجزِئُ فيه.

..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
582- نَهَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن صَلَاتَيْنِ: بَعْدَ الفَجْرِ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وبَعْدَ العَصْرِ حتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ.
الراوي : أبو هريرة.
المحدث :صحيح البخاري..الرقم: 588.
-------------------
أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهَى عن بَيْعَتَيْنِ، وعَنْ لِبْسَتَيْنِ وعَنْ صَلَاتَيْنِ: نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الفَجْرِ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وبَعْدَ العَصْرِ حتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وعَنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ، وعَنِ الِاحْتِبَاءِ في ثَوْبٍ واحِدٍ، يُفْضِي بفَرْجِهِ إلى السَّمَاءِ، وعَنِ المُنَابَذَةِ، والمُلَامَسَةِ.
الراوي: أبو هريرة.
المحدث: صحيح البخاري..الرقم: 584.
------------------
شرح الحديث:
التزامُ هديِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الأمْرِ والنَّهيِ والبَيعِ والشِّراءِ وسائرِ العِباداتِ والمُعامَلاتِ هو سبيلُ الخَيرِ والنَّجاةِ في الدُّنيا والآخِرةِ.وفي هذا الحديثِ بيانٌ لبَعضِ المنهيَّاتِ، حيثُ يَرْوي أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهى عن بَيعتَين، وفسَّرَهما في الحَديثِ بأنَّهما «المُنابَذة» مِن النَّبْذِ، وهو الإلقاءُ؛ وهي أنْ يَجعَلَ إلْقاءَ السِّلعةِ إيجابًا للبَيعِ؛ فمتى أَلْقى إليه ثوبًا أو غيرَه التَزَمَ المُشترِي بشِرائِه، وعن «المُلامَسة» مِن اللَّمْسِ؛ وهي أنْ يَبِيعَ البائعُ شيئًا إلى المُشترِي على أنَّه متى لَمَسَه فقد تَمَّ البَيعُ، وكِلاهما مِن العُقُودِ المَنهِيِّ عنها؛ لِمَا فيها مِن الغِشِّ.ونهَى رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَن لِبستَين، وفسَّرَهما في الحديثِ بأنَّهما «اشتِمال الصَّمَّاءِ»، وهو أنْ يَلُفَّ الإنسانُ جميعَ جسَدِه بالثَّوبِ، ولا يَرفَعَ شيئًا مِن جَوانبِه، فلا يُمكِنُه إخراجُ يدِه إلَّا مِن أسفَلِه؛ وسُمِّيَ بذلك؛ لِسَدِّه المَنافِذَ كلَّها كالصَّخْرةِ الصَّمَّاءِ، وفيه تَشبُّهٌ باليهودِ الَّذين كانوا يَفْعَلون ذلك، وقد نَهى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن التَّشبُّهِ بهم. وعن «الاحتِباءِ» وهو أنْ يَقعُدَ الإنسانُ على أَليَتَيْهِ ويَنصِبَ ساقَيْهِ، فيَضُمَّ رِجلَيْهِ إلى بَطنِه بثَوبٍ، ويَجمَعَهما مع ظهْرِه، ويَشُدَّ الثَّوبَ عليه بهذه الهيئةِ، أو يَشُدَّ على ساقَيْهِ بيَدِه؛ وإنَّما نَهَى عنه؛ لأنَّه إذا لم يكُنْ عليه إلَّا ثوبٌ واحدٌ، فرُبَّما تحرَّكَ أو زَالَ، فتنكشف عَوْرتُه كما بيَّنه في قَولِه: «يُفْضي بِفَرجِه إلى السَّماء». قيل: إنَّ الاحتِباءَ المَنْهِيَّ عنه في الجُلوسِ هو احتِباءُ الرَّجُلِ الَّذي لا يملِكُ إلَّا ثوبًا واحدًا بثوبِه، أمَّا الذي يَحتبي وهو ساترٌ لعَورتِه بالثيابِ فلا بأسَ في ذلك.كما نَهَى صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن صَلاتَينِ، وفسَّرَهما في الحديثِ بأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهى عن الصَّلاةِ بعْدَ صَلاةِ الفَجرِ حتَّى تَطلُع الشَّمسُ، بمعنى أنَّه يَنهى عن الصَّلاةِ في هذا الوقتِ الذي يَبدأُ مِن أوَّلِ ظُهورِ حاجِبِ الشَّمسِ عندَ شروقِها إلى أن يَتمَّ اكتمالُ شروقِها بظُهورِ قُرصِها كاملًا في أُفقِ السَّماءِ، «وبَعدَ صَلاةِ العَصرِ حتَّى تَغرُب الشَّمسُ» وهذا هو الوقتُ الثَّاني المنهيُّ عن الصَّلاةِ فيه، وهو مِن بَعدِ أداءِ العصرِ في أوَّلِ وقتِه ويكونُ أكثر تحديدًا عندَ بَدْءِ الشَّمسِ في الغروبِ إلى أن يَتمَّ اختفاءُ قُرصِ الشمسِ كاملًا؛ فالمُرادُ بالنَّهيِ عمومًا وقْتُ الطُّلوعِ ووقْتُ الغُروبِ وما قارَبَهُما؛ لِأنَّه الوَقتُ الَّذي كانَ يُصلِّي فيه مَن يَعبُدونَ الشَّمسَ، ولأنَّه الوقتُ الذي يَقترِبُ فيه الشَّيطانُ مِن الشَّمسِ فتَكونُ بيْنَ قَرنَيْهِ، وهذا النَّهيُ يخُصُّ صلاةَ النافلةِ والتطَوُّعِ، لا الصَّلاةَ الواجبةَ كمَّنْ تأخَّرَ عن صلاةِ العَصرِ إلى هذا الوقتِ؛ فإنَّه يُصلِّي في وقتِ النَّهيِ. وقيل: إنَّ النَّهيَ عن الصلاةِ في هذا الوَقتِ إنَّما أُريدَ به النَّهيُ عن تأخيرِ الفَريضةِ لغَيرِ عُذرٍ حتَّى تقَعَ مُقارِنةً للغُروبِ.وفي الحديثِ: الحثُّ على حُسنِ التعامُلِ في البَيعِ والشِّراءِ والابتعادِ عن كلِّ ما فيه غِشٌّ أو جَهالةٌ تُؤدِّي إلى التنازُعِ.وفيه: الحثُّ على سَترِ العَورةِ، والحِرصُ على حُسنِ الهَيئةِ وجَمالِها.وفيه: بيانٌ لأوقاتِ النَّهيِ عنِ الصَّلاةِ.

..
582- عَنِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أنَّه ذُكِرَ عِنْدَهُ الغُسْلُ مِنَ الجَنَابَةِ فَقالَ: أمَّا أنَا فَأُفْرِغُ علَى رَأْسِي ثَلَاثًا.
الراوي : جبير بن مطعم.
المحدث : صحيح مسلم..الرقم: 327.
--------------------
أَمَّا أنا فَأُفِيضُ علَى رَأْسِي ثَلاثًا، وأَشارَ بيَدَيْهِ كِلْتَيْهِما.
الراوي: جبير بن مطعم.
المحدث: صحيح البخاري..الرقم: 254.
------------------
شرح الحديث:
بيَّنَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأُمَّتِه بقولِه وفِعلِه كَيفيَّةَ الطَّهارةِ مِن الحدَثِ، ومِن ذلك الغُسلُ مِن الجَنابةِ، وفي هذا الحَديثِ يَروي جُبَيرُ بنُ مُطْعِمٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يُفِيضُ على رَأسِه الماءَ ثَلاثَ مرَّاتٍ، وقد كان بعضُ الصَّحابةِ اختَلفَ في طَريقةِ غَسْلِ الرَّأسِ عندَ الغُسلِ مِن الجَنابةِ، وكان ذلك في حَضرتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، كما في رِوايةِ مُسلمٍ، فعرَضَ كلُّ واحدٍ طَريقةَ غُسلِه؛ «فقالَ بَعضُ القومِ: أمَّا أنا فإنِّي أغسِلُ رَأْسي كذا وكذا»، يُبيِّنُ مِقدارَ الماءِ وعدَدَ المرَّاتِ التي يَصُبُّ فيها الماءَ على رَأسِه؛ مُبالَغةً في التَّنظُّفِ، فقال لهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أمَّا أنا فأُفِيضُ على رَأسي ثلاثًا، وأشار بيَدَيه كِلتَيهما، ومعناهُ: أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَأخُذُ الماءَ بكفَّيْهِ الاثنتينِ ثمَّ يَصُبُّه على رَأسِه، وكان يَفعَلُ ذلك ثَلاثَ مرَّاتٍ، يُشيرُ بذلك إلى أقلِّ قدْرٍ مِن الماءِ يُمكِنُ أنْ يُستخدَمَ في غَسلِ الرأسِ ويُجزِئُ فيه.

..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
583- عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: أُصَلِّي كما رَأَيْتُ أصْحَابِي يُصَلُّونَ: لا أنْهَى أحَدًا يُصَلِّي بلَيْلٍ ولَا نَهَارٍ ما شَاءَ، غيرَ أنْ لا تَحَرَّوْا طُلُوعَ الشَّمْسِ ولَا غُرُوبَهَا .
الراوي : نافع.
المحدث : صحيح البخاري..الرقم: 589.
---------------

 أنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما كانَ لا يُصَلِّي مِنَ الضُّحَى إلَّا في يَومَيْنِ: يَومَ يَقْدَمُ بمَكَّةَ؛ فإنَّه كانَ يَقْدَمُها ضُحًى فَيَطُوفُ بالبَيْتِ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعتَيْنِ خَلْفَ المَقامِ، ويَومَ يَأْتي مَسْجِدَ قُباءٍ؛ فإنَّه كانَ يأْتِيهِ كُلَّ سَبْتٍ، فإذا دَخَلَ المَسْجِدَ كَرِهَ أنْ يَخْرُجَ منه حتَّى يُصَلِّيَ فيه، قالَ: وكانَ يُحَدِّثُ: أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَزُورُهُ راكِبًا وماشِيًا، قالَ: وكانَ يقولُ: إنَّما أصْنَعُ كما رَأَيْتُ أصْحابِي يَصْنَعُونَ، ولا أمْنَعُ أحَدًا أنْ يُصَلِّيَ في أيِّ ساعةٍ شاءَ مِن لَيْلٍ أوْ نَهارٍ، غيرَ أنْ لا تَتَحَرَّوْا طُلُوعَ الشَّمْسِ ولا غُرُوبَها.
الراوي: عبدالله بن عمر.
المحدث: صحيح البخاري..الرقم: 1191.
------------------
شرح الحديث:
لِلمُسلِمِ أنْ يُصلِّيَ مِنَ النَّوافلِ ما شاءَ في أيِّ وَقتٍ أرادَ، إلَّا في الأوقاتِ الَّتي نَهَى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن التَّنفُّلِ فيها.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ نافعٌ مَولى عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ أنَّ عبدَ اللهِ بنَ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما كان يُصلِّي في وقْتِ الضُّحى في يوْمَينِ فقطْ: الأوَّلُ عندَما يَأْتي مكَّةَ؛ فإنُّه كان يُصلِّي رَكعتينِ خلْفَ مَقامِ إبراهيمَ عليه السَّلامُ بعْدَ أنْ يَطوفَ بِالبيتِ، سُنَّةَ الطَّوافِ. واليومُ الثَّاني عندَما يَأْتي مَسجِدَ قُباءٍ؛ فإنَّه كان يَأْتِيه كلَّ سَبْتٍ، ويَكرَهُ أنْ يَخرُجَ منه حتَّى يُصلِّيَ رَكعتينِ؛ ابتِغاءَ الأجْرِ مِن اللهِ عزَّ وجلَّ؛ فقدْ روى التِّرمذيُّ مِن حَديثِ أُسَيدِ بنِ ظُهَيرٍ الأنصاريِّ رَضيَ اللهُ عنه، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «الصَّلاةُ في مَسجدِ قُباءٍ كعُمرةٍ». ومَسجدُ قُباءٍ يُعرَفُ أيضًا بمَسجِدِ بني عَمرِو بنِ عَوْفٍ، صلَّى فيه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عندَ دُخولِ المَدينةِ النَّبويَّةِ، وهو المرادُ -على أحدِ الأقوالِ في الآيةِ- مِن قَولِ اللهِ تعالَى: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108]، وكانت قُباءُ قَريةً على بُعْدِ مِيلَينِ أو ثَلاثةٍ مِن المدينةِ.
وكان عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما يُخبِرُ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَزورُ مَسجدَ قُباءٍ راكبًا وماشيًا، وكان ابنُ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما يقولُ: إنَّما أصْنَعُ كما رَأَيتُ أصحابي يَصْنَعون؛ مِنَ الصَّلاةِ في هذه الأوقاتِ، ولا أَمْنعُ أحدًا أنْ يُصلِّيَ في أيِّ ساعةٍ شاءَ مِن لَيلٍ أو نَهارٍ، غيرَ ألَّا تَتحَرَّوْا طُلوعَ الشَّمسِ ولا غُروبَها، بمعْنى: لا تَقْصِدوا الصَّلاةَ في هَذَينِ الوقتينِ، وهما الوقتانِ اللَّذانِ نَهَى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن الصَّلاةِ فيهما.
وهذا الحديثُ يُفيدُ أنَّ عبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما ما كان يُصلِّي الضُّحى إلَّا في هاتَينِ الحالتَينِ، وهنا لم يُخبِرِ ابنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يُصَلِّها، وقد وَرَدَ في أحاديثَ أُخرَى ثابتةٍ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صلَّى الضُّحى ووَجَّهَ لصَلاتِها؛ كما في حَديثِ مُسلِمٍ عن أمِّ المؤمِنينَ عائشةَ رَضيَ اللهُ عنها، قالت: «كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصلِّي الضُّحى أربعًا، ويَزيدُ ما شاءَ اللهُ».
ووقْتُ صَلاةِ الضُّحى بعْدَ شُروقِ الشَّمسِ قدْرَ رُمْحٍ، ويُقدَّرُ في المواقيتِ الحديثةِ بمِقدارِ رُبعِ ساعةٍ بعْدَ الشُّروقِ، ويَمتدُّ وَقتُها إلى ما قبْلَ الظُّهرِ برُبعِ ساعةٍ أيضًا، وأقَلُّها رَكعتانِ، واختُلِفَ في أكثَرِها؛ فقِيل: ثَماني رَكَعاتٍ، وقيل: لا حَدَّ لأكثَرِها.
وفي الحديث: فضلُ مَسجِدِ قُباءٍ والصَّلاةِ فيه.

..
583- أنَّ وفْدَ ثَقِيفٍ سَأَلُوا النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَقالوا: إنَّ أرْضَنَا أرْضٌ بَارِدَةٌ فَكيفَ بالغُسْلِ؟ فَقالَ: أمَّا أنَا فَأُفْرِغُ علَى رَأْسِي ثَلَاثًا. وفي رواية: إنَّ وفْدَ ثَقِيفٍ قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ...
الراوي : جابر بن عبدالله.
المحدث :صحيح مسلم.. الرقم: 328.
----------------
أَمَّا أنا فَأُفِيضُ علَى رَأْسِي ثَلاثًا، وأَشارَ بيَدَيْهِ كِلْتَيْهِما.
الراوي: جبير بن مطعم.
المحدث: صحيح البخاري..الرقم: 254.
------------------
شرح الحديث:
بيَّنَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأُمَّتِه بقولِه وفِعلِه كَيفيَّةَ الطَّهارةِ مِن الحدَثِ، ومِن ذلك الغُسلُ مِن الجَنابةِ، وفي هذا الحَديثِ يَروي جُبَيرُ بنُ مُطْعِمٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يُفِيضُ على رَأسِه الماءَ ثَلاثَ مرَّاتٍ، وقد كان بعضُ الصَّحابةِ اختَلفَ في طَريقةِ غَسْلِ الرَّأسِ عندَ الغُسلِ مِن الجَنابةِ، وكان ذلك في حَضرتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، كما في رِوايةِ مُسلمٍ، فعرَضَ كلُّ واحدٍ طَريقةَ غُسلِه؛ «فقالَ بَعضُ القومِ: أمَّا أنا فإنِّي أغسِلُ رَأْسي كذا وكذا»، يُبيِّنُ مِقدارَ الماءِ وعدَدَ المرَّاتِ التي يَصُبُّ فيها الماءَ على رَأسِه؛ مُبالَغةً في التَّنظُّفِ، فقال لهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أمَّا أنا فأُفِيضُ على رَأسي ثلاثًا، وأشار بيَدَيه كِلتَيهما، ومعناهُ: أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَأخُذُ الماءَ بكفَّيْهِ الاثنتينِ ثمَّ يَصُبُّه على رَأسِه، وكان يَفعَلُ ذلك ثَلاثَ مرَّاتٍ، يُشيرُ بذلك إلى أقلِّ قدْرٍ مِن الماءِ يُمكِنُ أنْ يُستخدَمَ في غَسلِ الرأسِ ويُجزِئُ فيه.

..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
584- وَالَّذِي ذَهَبَ به، ما تَرَكَهُما حتَّى لَقِيَ اللَّهَ، وما لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى حتَّى ثَقُلَ عَنِ الصَّلَاةِ، وكانَ يُصَلِّي كَثِيرًا مِن صَلَاتِهِ قَاعِدًا - تَعْنِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ - وكانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّيهِمَا، ولَا يُصَلِّيهِما في المَسْجِدِ، مَخَافَةَ أنْ يُثَقِّلَ علَى أُمَّتِهِ، وكانَ يُحِبُّ ما يُخَفِّفُ عنْهمْ.
الراوي : عائشة أم المؤمنين.
المحدث : صحيح البخاري..الرقم: 590.
----------------------
رَكْعَتَانِ لَمْ يَكُنْ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدَعُهُما سِرًّا ولَا عَلَانِيَةً: رَكْعَتَانِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، ورَكْعَتَانِ بَعْدَ العَصْرِ.
الراوي: عائشة أم المؤمنين.
المحدث:صحيح البخاري..الرقم: 592.
------------------
شرح الحديث:
كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَريصًا على النَّوافِلِ، مُواظِبًا عليها، ومِن ذلك المحافظةُ على السُّننِ الرَّواتبِ وغيرِ الرَّواتبِ قبْلَ وبعْدَ الصَّلَواتِ المكتوبةِ.وفي هذا الحديثِ تَروي عائِشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يُواظِبُ على صَلاةِ نافِلَتَيْنِ، لم يكُنِ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتركُهما «سِرًّا ولا علانيَّة»، وهذا تأكيدٌ على مواظبتِه عليهما، والمرادُ بالَّتي في السِّرِّ أنَّها التي كان يُصَلِّيها في بَيتِه فلا يَطَّلِعُ عليها إلَّا إحْدى زَوجاتِه، والمرادُ بالَّتي في العَلانيةِ ما كان يُصلِّيه في المَسجدِ، ثمَّ بيَّنَتْ رَضيَ اللهُ عنه هاتَينِ الركعتَينِ، أي: الصَّلاتَينِ؛ الأولى: رَكْعَتا سُنَّةِ الفَجرِ قبْلَ الفَريضةِ، بيْنَ الأذانِ والإقامةِ، وسُنَّةُ الفَجرِ القَبْليَّةُ مِن السُّننِ الرَّاتبةِ، وقد كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَحُثُّ عليهما؛ لِمَا فيهما مِنَ الفَضلِ والأجْرِ، وهُما خَيرٌ مِنَ الدُّنيا وما فيها، وكان يُسارِعُ ويُبادِرُ إلى صَلاتِهما إسْراعًا لا مَثيلَ له، وكان مِن سَمْتِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه يُخَفِّفُهما، كما في الصَّحيحَينِ.والنافلةُ الثانيةُ: رَكعَتانِ بعْدَ صَلاةِ العَصرِ، وقد بيَّنَتْ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها كيفيَّةَ أدائِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لتلك الرَّكعتَينِ؛ كما في صحيحِ البُخاريِّ: «وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصلِّيهما، وكان لا يُصَلِّيهما في المَسجِدِ؛ مَخافةَ أنْ يُثَقِّلَ على أُمَّتِه».وقد وردَ في صحيحِ البُخاريِّ عن مُعاويةَ بنِ أبي سُفْيانَ رضيَ اللهُ عنهما، أنَّه قال: «إنَّكُم لَتُصلُّونَ صَلاةً لقَدْ صَحِبْنَا رسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فما رَأيْناهُ يُصَلِّيهَا، ولقدْ نَهَى عنْهما، يعني: الرَّكْعَتَيْنِ بعْدَ العَصرِ»؛ فقيل: إنَّ هاتَينِ الَّركعتَينِ صَلَّاهما النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَضاءً لنافِلةِ الظُّهرِ لَمَّا فاتَتْه، ثمَّ استمرَّ عليهما؛ لأنَّه كان إذا عمِلَ عمَلًا أثْبَتَه وداوَمَ عليه، ولم تكُنْ تلك الرَّكْعتانِ مِن السُّننِ الرَّاتبةِ، والفَرقُ بيْن الرَّاتبةِ وغَيرِ الرَّاتبةِ، أنَّ الرَّاتبةَ: هي السُّننُ المؤكَّدةُ التي تَرتبِطُ بالصَّلَواتِ المفروضةِ، سواءٌ كانتْ قَبْليَّةً أم بَعْديَّةً، وأمَّا غيرُ الرَّاتبةِ فهي التي لم يأمُرْ بها أو يَحُثَّ عليها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، لكنَّ الصَّحابةَ رَضيَ اللهُ عنهم أَثَرُوها عنه قَولًا أو فِعلًا، كما في الرَّكعتَينِ اللَّتَينِ بعْدَ العَصرِ.

..
584- كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذَا اغْتَسَلَ مِن جَنَابَةٍ صَبَّ علَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ مِن مَاءٍ.\r\nفَقالَ له: الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ إنَّ شَعْرِي كَثِيرٌ. قالَ جَابِرٌ: فَقُلتُ له: يا ابْنَ أخِي، كانَ شَعْرُ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أكْثَرَ مِن شَعْرِكَ وأَطْيَبَ.
الراوي : جابر بن عبدالله.
المحدث : صحيح مسلم..الرقم: 329.
---------------------
أَمَّا أنا فَأُفِيضُ علَى رَأْسِي ثَلاثًا، وأَشارَ بيَدَيْهِ كِلْتَيْهِما.
الراوي: جبير بن مطعم.
المحدث: صحيح البخاري..الرقم: 254.
------------------
شرح الحديث:
بيَّنَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأُمَّتِه بقولِه وفِعلِه كَيفيَّةَ الطَّهارةِ مِن الحدَثِ، ومِن ذلك الغُسلُ مِن الجَنابةِ، وفي هذا الحَديثِ يَروي جُبَيرُ بنُ مُطْعِمٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يُفِيضُ على رَأسِه الماءَ ثَلاثَ مرَّاتٍ، وقد كان بعضُ الصَّحابةِ اختَلفَ في طَريقةِ غَسْلِ الرَّأسِ عندَ الغُسلِ مِن الجَنابةِ، وكان ذلك في حَضرتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، كما في رِوايةِ مُسلمٍ، فعرَضَ كلُّ واحدٍ طَريقةَ غُسلِه؛ «فقالَ بَعضُ القومِ: أمَّا أنا فإنِّي أغسِلُ رَأْسي كذا وكذا»، يُبيِّنُ مِقدارَ الماءِ وعدَدَ المرَّاتِ التي يَصُبُّ فيها الماءَ على رَأسِه؛ مُبالَغةً في التَّنظُّفِ، فقال لهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أمَّا أنا فأُفِيضُ على رَأسي ثلاثًا، وأشار بيَدَيه كِلتَيهما، ومعناهُ: أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَأخُذُ الماءَ بكفَّيْهِ الاثنتينِ ثمَّ يَصُبُّه على رَأسِه، وكان يَفعَلُ ذلك ثَلاثَ مرَّاتٍ، يُشيرُ بذلك إلى أقلِّ قدْرٍ مِن الماءِ يُمكِنُ أنْ يُستخدَمَ في غَسلِ الرأسِ ويُجزِئُ فيه.

..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
585- ابْنَ أُخْتي ما تَرَكَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ السَّجْدَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ عِندِي قَطُّ.
الراوي : عائشة أم المؤمنين.
المحدث : صحيح البخاري..الرقم: 591.
---------------------
رَكْعَتَانِ لَمْ يَكُنْ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدَعُهُما سِرًّا ولَا عَلَانِيَةً: رَكْعَتَانِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، ورَكْعَتَانِ بَعْدَ العَصْرِ.
الراوي: عائشة أم المؤمنين.
المحدث: صحيح البخاري..الرقم: 592.
------------------
شرح الحديث:
كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَريصًا على النَّوافِلِ، مُواظِبًا عليها، ومِن ذلك المحافظةُ على السُّننِ الرَّواتبِ وغيرِ الرَّواتبِ قبْلَ وبعْدَ الصَّلَواتِ المكتوبةِ.وفي هذا الحديثِ تَروي عائِشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يُواظِبُ على صَلاةِ نافِلَتَيْنِ، لم يكُنِ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتركُهما «سِرًّا ولا علانيَّة»، وهذا تأكيدٌ على مواظبتِه عليهما، والمرادُ بالَّتي في السِّرِّ أنَّها التي كان يُصَلِّيها في بَيتِه فلا يَطَّلِعُ عليها إلَّا إحْدى زَوجاتِه، والمرادُ بالَّتي في العَلانيةِ ما كان يُصلِّيه في المَسجدِ، ثمَّ بيَّنَتْ رَضيَ اللهُ عنه هاتَينِ الركعتَينِ، أي: الصَّلاتَينِ؛ الأولى: رَكْعَتا سُنَّةِ الفَجرِ قبْلَ الفَريضةِ، بيْنَ الأذانِ والإقامةِ، وسُنَّةُ الفَجرِ القَبْليَّةُ مِن السُّننِ الرَّاتبةِ، وقد كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَحُثُّ عليهما؛ لِمَا فيهما مِنَ الفَضلِ والأجْرِ، وهُما خَيرٌ مِنَ الدُّنيا وما فيها، وكان يُسارِعُ ويُبادِرُ إلى صَلاتِهما إسْراعًا لا مَثيلَ له، وكان مِن سَمْتِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه يُخَفِّفُهما، كما في الصَّحيحَينِ.والنافلةُ الثانيةُ: رَكعَتانِ بعْدَ صَلاةِ العَصرِ، وقد بيَّنَتْ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها كيفيَّةَ أدائِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لتلك الرَّكعتَينِ؛ كما في صحيحِ البُخاريِّ: «وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصلِّيهما، وكان لا يُصَلِّيهما في المَسجِدِ؛ مَخافةَ أنْ يُثَقِّلَ على أُمَّتِه».وقد وردَ في صحيحِ البُخاريِّ عن مُعاويةَ بنِ أبي سُفْيانَ رضيَ اللهُ عنهما، أنَّه قال: «إنَّكُم لَتُصلُّونَ صَلاةً لقَدْ صَحِبْنَا رسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فما رَأيْناهُ يُصَلِّيهَا، ولقدْ نَهَى عنْهما، يعني: الرَّكْعَتَيْنِ بعْدَ العَصرِ»؛ فقيل: إنَّ هاتَينِ الَّركعتَينِ صَلَّاهما النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَضاءً لنافِلةِ الظُّهرِ لَمَّا فاتَتْه، ثمَّ استمرَّ عليهما؛ لأنَّه كان إذا عمِلَ عمَلًا أثْبَتَه وداوَمَ عليه، ولم تكُنْ تلك الرَّكْعتانِ مِن السُّننِ الرَّاتبةِ، والفَرقُ بيْن الرَّاتبةِ وغَيرِ الرَّاتبةِ، أنَّ الرَّاتبةَ: هي السُّننُ المؤكَّدةُ التي تَرتبِطُ بالصَّلَواتِ المفروضةِ، سواءٌ كانتْ قَبْليَّةً أم بَعْديَّةً، وأمَّا غيرُ الرَّاتبةِ فهي التي لم يأمُرْ بها أو يَحُثَّ عليها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، لكنَّ الصَّحابةَ رَضيَ اللهُ عنهم أَثَرُوها عنه قَولًا أو فِعلًا، كما في الرَّكعتَينِ اللَّتَينِ بعْدَ العَصرِ.
..
585- قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي امْرَأَةٌ أشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي فأنْقُضُهُ لِغُسْلِ الجَنَابَةِ؟ قالَ: لَا. إنَّما يَكْفِيكِ أنْ تَحْثِي علَى رَأْسِكِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ ثُمَّ تُفِيضِينَ عَلَيْكِ المَاءَ فَتَطْهُرِينَ. وفي رواية: فأنْقُضُهُ لِلْحَيْضَةِ والْجَنَابَةِ، فَقالَ: لَا. وفي رواية: وقالَ: أفَأَحُلُّهُ فأغْسِلُهُ مِنَ الجَنَابَةِ ولَمْ يَذْكُرِ الحَيْضَةَ.
الراوي : أم سلمة أم المؤمنين.
المحدث : صحيح مسلم..الرقم: 330.
------------------
شرح الحديث :
الغُسلُ هو تَعميمُ سائرِ الجسدِ بالماءِ، فإن فَعَل المكلَّفُ ذلك فقد حقَّق المفروضَ عليه مِنَ الغُسلِ، وقد بيَّنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كيفيَّةَ الغُسلِ وما يُجزِئُ فيه.
وفي هذا الحديثِ تَروي أمُّ المؤمِنينَ أمُّ سَلمةَ رَضيَ اللهُ عنها أنَّها سألَتِ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أنَّها تَجعَلُ شَعرَها ضَفائرَ، فهل تَحُلُّ وتَفُكُّ هذه الضَّفائرَ إذا أرادت أن تَغتسِلَ مِنَ الجَنابةِ؟ -وتَكونُ بخُروجِ المَنيِّ- فأجابَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لا، ولكن يَكفيكِ أن تَجعَلي على رأسِكِ ثَلاثَ حَثَيَاتٍ -والحَثْيَةُ: مِلءُ الكفِّينِ- منَ الماءِ، فتَغسِليه حتَّى يَصِلَ الماءُ إلى جَميعِ الشَّعرِ، ثُمَّ تَصُبِّي الماءَ على سائرِ جَسدِكِ، فإذا فعَلتِ ذلكِ فقد طَهُرتِ.
وفي رِوايةٍ أنَّها قالت: «فأَنقُضُه للحيْضةِ والجَنابةِ؟»، فتُفيدُ التَّسويةَ بينَ غُسلِ الجَنابةِ والحيضِ، وأنَّه لا يَجِبُ نََقضُ الشَّعرِ في واحدٍ منهما، وقيلَ: إنَّ زيادةَ لفظةِ (الحَيضةِ) شاذَّةٌ غيرُ مَحفوظةٍ؛ وعليه فيُنقَضُ الشَّعرُ في غُسلِ الحيضِ، ولا يُنقَضُ في غُسلِ الجَنابةِ.
وفي الحديثِ: أنَّه يَنبغي للإنسانِ أن يَسألَ عن حُكمِ ما يَجهَلُه من أمرِ دينِه.
وفيه: بيانُ ما كانَ عليه الصَّحابيَّاتُ من شِدَّةِ حِرصِهنَّ على تَعلُّمِ أحكامِ الدِّينِ، ولا سيَّما ما يَخُصُّهنَّ ممَّا يَتعلَّقُ بغُسلِ الحَيضِ.
وفيه: بيانُ صفةِ غُسلِ المرأةِ منَ الجَنابةِ والحيضِ.

..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
586- رَكْعَتَانِ لَمْ يَكُنْ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدَعُهُما سِرًّا ولَا عَلَانِيَةً: رَكْعَتَانِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، ورَكْعَتَانِ بَعْدَ العَصْرِ.
الراوي : عائشة أم المؤمنين.
المحدث : صحيح البخاري..الرقم: 592.
-----------------------
شرح الحديث :
كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَريصًا على النَّوافِلِ، مُواظِبًا عليها، ومِن ذلك المحافظةُ على السُّننِ الرَّواتبِ وغيرِ الرَّواتبِ قبْلَ وبعْدَ الصَّلَواتِ المكتوبةِ.وفي هذا الحديثِ تَروي عائِشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يُواظِبُ على صَلاةِ نافِلَتَيْنِ، لم يكُنِ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتركُهما «سِرًّا ولا علانيَّة»، وهذا تأكيدٌ على مواظبتِه عليهما، والمرادُ بالَّتي في السِّرِّ أنَّها التي كان يُصَلِّيها في بَيتِه فلا يَطَّلِعُ عليها إلَّا إحْدى زَوجاتِه، والمرادُ بالَّتي في العَلانيةِ ما كان يُصلِّيه في المَسجدِ، ثمَّ بيَّنَتْ رَضيَ اللهُ عنه هاتَينِ الركعتَينِ، أي: الصَّلاتَينِ؛ الأولى: رَكْعَتا سُنَّةِ الفَجرِ قبْلَ الفَريضةِ، بيْنَ الأذانِ والإقامةِ، وسُنَّةُ الفَجرِ القَبْليَّةُ مِن السُّننِ الرَّاتبةِ، وقد كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَحُثُّ عليهما؛ لِمَا فيهما مِنَ الفَضلِ والأجْرِ، وهُما خَيرٌ مِنَ الدُّنيا وما فيها، وكان يُسارِعُ ويُبادِرُ إلى صَلاتِهما إسْراعًا لا مَثيلَ له، وكان مِن سَمْتِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه يُخَفِّفُهما، كما في الصَّحيحَينِ.والنافلةُ الثانيةُ: رَكعَتانِ بعْدَ صَلاةِ العَصرِ، وقد بيَّنَتْ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها كيفيَّةَ أدائِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لتلك الرَّكعتَينِ؛ كما في صحيحِ البُخاريِّ: «وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصلِّيهما، وكان لا يُصَلِّيهما في المَسجِدِ؛ مَخافةَ أنْ يُثَقِّلَ على أُمَّتِه».وقد وردَ في صحيحِ البُخاريِّ عن مُعاويةَ بنِ أبي سُفْيانَ رضيَ اللهُ عنهما، أنَّه قال: «إنَّكُم لَتُصلُّونَ صَلاةً لقَدْ صَحِبْنَا رسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فما رَأيْناهُ يُصَلِّيهَا، ولقدْ نَهَى عنْهما، يعني: الرَّكْعَتَيْنِ بعْدَ العَصرِ»؛ فقيل: إنَّ هاتَينِ الَّركعتَينِ صَلَّاهما النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَضاءً لنافِلةِ الظُّهرِ لَمَّا فاتَتْه، ثمَّ استمرَّ عليهما؛ لأنَّه كان إذا عمِلَ عمَلًا أثْبَتَه وداوَمَ عليه، ولم تكُنْ تلك الرَّكْعتانِ مِن السُّننِ الرَّاتبةِ، والفَرقُ بيْن الرَّاتبةِ وغَيرِ الرَّاتبةِ، أنَّ الرَّاتبةَ: هي السُّننُ المؤكَّدةُ التي تَرتبِطُ بالصَّلَواتِ المفروضةِ، سواءٌ كانتْ قَبْليَّةً أم بَعْديَّةً، وأمَّا غيرُ الرَّاتبةِ فهي التي لم يأمُرْ بها أو يَحُثَّ عليها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، لكنَّ الصَّحابةَ رَضيَ اللهُ عنهم أَثَرُوها عنه قَولًا أو فِعلًا، كما في الرَّكعتَينِ اللَّتَينِ بعْدَ العَصرِ.
..
2025/10/23 05:59:20
Back to Top
HTML Embed Code: